وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : سورة النبأ - تفسير السورة بكاملها
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، في سورة النبأ سورة عمَّ يقول الله عز وجل:

﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)﴾

[ سورة النبأ ]

 أي عن ماذا ؟ الميم أساسها اسْتِفهامِيَّة، فإذا اتَّصل حرْف الجرّ بِما الاسْتِفهامِيَّة حُذِفَت ألفها، تقول: عمَّ وفيمَ ولِمَ، وإلامَ، وهذا للتَّفْريق بينها وبين ما المَصْدَرِيّة، أسْأل طالباً تَفَوَّق في النَّجاح قائِلاً: بِمَ نِلْتَ هذا المجموع ؟ يقول لك بِما بَذَلْتُ من جُهْدٍ، فالأولى اسْتِفهامِيَّة والثانِيَة مَصْدَرِيَّة، وهنا عَمَّ، ويمكن لِكُلِّ واحِدٍ منَّل بِحياته له آلاف الأنباء، فهو يأكل يسْمع الأخبار أنَّ طائرة سَقَطَت فيها أربع مائة وخمسين راكِباً ولم ينجو منهم أحد! وأنت تأكل سلَطَة وشاي ومُرْتاح فهذا نبأ لا علاقة لك فيه، أما لو كان أحد رُكاب الطائرة وبَلَّغوه أنَّها على وَشَك السُّقوط، ذكر لي أحد إخواننا وكان مُظيفاً بالطائرة أنَّهم أحد المرات دخلوا في سحابة مُكَهْرَبَة، مما أدى إلى انقطاع رأس الطائرة فقال لي: والله لو رأيْت حال الركاب لما صَدَّقْت ؛ أحدهم يبكي والآخر يندب شعْره، وذاك مُنْبطِح، شيء عجيب ! فما استطَعنا أن نُهَدِّأهم إلا واحِداً وجَدْناه ساكِتاً فقلنا لعلَّه يمكن أن يُسْكِتَهم بحُكم أنَّه مُسافر مثلهم فلما ذهبنا إليه وجَدْناه مُغْمىً عليه !! فيخْتلف الحال بين أن تسْمع نبأ طائرة وأنت تأكل مع أهْلك، وبين أن تكون أحد رُكاب الطائرة، هناك أنباء خطيرة، وأذْكر مَرَّةً أنَّنا كُنَّا مَدْعُوِّين لِطعام غذاء في بسْتان بالغوطة والداعي أخ من إخواننا، والبستان لِعَمِّه، ونحن جالسين جاء عَمُّه وكنَّا ثلاثين واحد، فما سَلَّم علينا ‍‍! فَسَألْتُه عن هذا، فقال ك دَعْهُ يا أستاذ فلقد جاء من غسيل الكِلْيَة ! وهو الآن مُهْتَمّ بحاله ولا يرى أحداً، إذاً هناك نبأ عظيم أيها الإخوة، هذا النبأ أوَّلُه عند الموت حينما يوقِن الإنسان بالمُغادرة، ويُصبح بِحالة أخْرى، فَكَيْف يوم الحِساب بِكُلِّ نظْرة، وبِكُلِّ حِساب وقِرْش وموْقف، هذا هو النبأ العظيم قال تعالى:

 

﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 كلا سَيَعلمون الأولى على فِراش الموت، وكلا سَيَعْلمون الثانِيَة هي يوم القِيامة أنَّهم كانوا عُصاةً أغْبِياء، والعاصي أيها الإخوة غَبِيّ والتقيّ هو العاقِل لأنَّ الحِساب دقيق، قال تعالى

 

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93)﴾

 

[ سورة الحجر ]

﴿ إنَّ لِكُلِّ سيِّئة عِقاباً، ولِكُلِّ حَسَنَة ثواباً، قال تعالى:فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه(8)﴾

[ سورة الزلزلة ]

 قال تعالى:

 

﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 نحن مختلفون فيما بيننا، في الكلام والحِساب ودِقَّتِه، وبين موقِن أنَّ القَضِيّة سَهْلة جداً، وإنسان مؤمن بالشفاعة الآخر غير مؤمن بها، وذاك يقول لا تُدَقِّقوا علينا، ذاك يُسَهِّل.
فقوله تعالى

 

﴿ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 هذا تهْديد، وبالتعبير العامي: غداً ترى ! وغداً سَتَعْلم !
الآن عندنا علاقة، قال تعالى:

 

﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 ما يعني هذا الكلام ؟ قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 أي الذي خلق الأرض مِهاداً سَيُحاسِبُكم، والذي خلق الجبال أوتاداً سَيُحاسِبُكم والذي خلقكم أزواجاً من ذكر وأنثى سَيُحاسِبُكم، والذي جعل نومكم سباتاً سَيُحاسِبُكم، والذي جعل النهار معاشاً سَيُحاسِبُكم والذي بنى فوقكم سبْعاً شِداداً سَيُحاسِبُكم، والذي جعل الشمْس والقمر سِراجاً وهاجاً سَيُحاسِبُكم والذي أنزل الأمطار وأحيى الأرض بعد موتِها سَيُحاسِبُكم، والذي أخْرج الحبّ والنبات سَيُحاسِبُكم، والذي جعل من هذه الأنهار جناتٍ وألفافاً سَيُحاسِبُكم، كُلُّ هذا في يوم الفصْل، والذي خلق الكون لا يُعْقل أن يخلق الإنسان سُدىً ! بِرَبِّكم، أنتم الآن تعيشون حياة مَدَنِيَّة، هل هناك دوْلة في العالم تنشأ جامعة تُكَلِّفها ألف مليون، ومساحات وأبْنِيَة ومُدَرَّجات وقاعات ومُحاضَرات وأبْنِيَة للطلاب، وحدائِق وملاعب ومطاعِم، ومخابر وأجْهزة تقْنِيَّة، ثمَّ بعد هذا لا توجد امْتِحانات ! هل يُعقل هذا على الإنسان العادي ؟ لا، فكيف بالذي خلق هذا الكون ؟!! فالذي خلق الكون سَيُحاسِبُكم، وهو الذي يعلم السِرَّ وأخْفى ولا تخْفى عليه خافِيَة، قال تعالى:

 

﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ(18)﴾

 

[ سورة الحاقة ]

 ومهما كنت ذَكِيًّا فالله تعالى ليس معه ذكاء، ولو أقْنَعْتني أنّ هذا المعدن ذهب وكنت طليق اللِّسان وأوْهَمْتني، فَمَن الخسْران ؟ ومن الرابِح ؟ فأنت علاقتك مع الله، وكُلُّ إنسان يُحاوِل أن يوهِم الناس فهو أحْمَق ولو قَنِعوا ما ينفعوك، ولو اتَّهموك لن يُخْسِروك، تجد أحدهم يقول لك: أنا معي فتْوة بِرَبِّكم أي المفتين أعْظم ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وكُلُّ علماء الأرض لا يُساوي شيئاً منه عليه الصلاة والسلام، فلو أنَّك اسْتَطَعْت أن تأخذ فتْوى من فَمِ النبي عليه الصلاة والسلام لِصَالِحِك ولم تكن مُحِقَّا لا تنجو من عذاب الله، ولم تسْتَفِد شيئاً، قال تعالى:

 

﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ(19)﴾

 

[ سورة الزمر ]

 فما عليك إلا أن تُدَقِّق باثين هذه العلاقة، قال تعالى:

 

﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 الذي خلق هذا الكون سَيُحاسِبُكم قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 قال تعالى:

 

﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً (21)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 لا توجد دُول قَوِيَّة تُسَخِّر العالم لِمَصْلَحَتها، يعيش شعْبها في رفاه مُنقَطِع النَّظير والشُّعوب الأخرى تموت من الجوع، فهل يُعْقل أن لا تكون آخرة العالم كُلُّه يئِنُّ من الجوع، وهو وَحْده يعيش حياة تفوق حدَّ الخيال، ثمَّ نموت ولا شيء بعد هذا !! قال تعالى:

 

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(42)﴾

 

[ سورة إبراهيم ]

 خمس مائة طفل يموتون بالعِراق أليس لهم ربّ ؟ الألف قتيل بين العراق والإيران ماتوا بِلُعْبة أجْنَبِيَّة، أليس لهم ربّ، وهذه الشُّعوب الجائِعَة بإفريقيا والصومال من أجل كيْد أجنبي، أليس هناك إله يُحاسِب ؟ قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 الذَكّي هو المُسْتقيم، والعاصي هو الغَبِيّ لأنَّه سَيَدْفع الثَّمن بعد حين.
قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً (21) لِلطَّاغِينَ مَآباً (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً (24) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (25) جَزَاءً وِفَاقاً (26)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 هناك عَدْل إلهي، وعدله رائِع، وأسْماؤُه كُلُّها مُحَقَّقة في الدنيا إلا اسم العَدْل قال تعالى:

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(27)﴾

 

[ سورة الروم ]

 اِعْمَل ما شئْت فَكُلُّ شيء مُسَجَّل سوف ترى أعْمالك كُلَّها في أزْمانها وصُوَرِها، قال تعالى:

 

﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا(49)﴾

 

[ سورة الكهف ]

(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ * ))

[رواه مسلم ]

 فمن وجد خيراً فلْيَحْمد اله، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفْسَه.
قال تعالى:

 

﴿ لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً (24) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (25) جَزَاءً وِفَاقاً (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً (27)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 السبب أنَّهم كانوا لا يرْجون حِساباً، يقول لك: من مات ورجع وقال لك أنَّه توجد آخرة ؟
قال تعالى:

 

﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً (30) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً (33) وَكَأْساً دِهَاقاً (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 اِلْحقوا بالركْب، مادام هناك قلب ينْبض، وتمْشي عليك أن تُسارِع.
قال تعالى:

 

﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً (40)﴾

 

[ سورة النبأ ]

 أيها الإخوة، هذا الكلام كلام ربِّ العالمين، وهو جوابٌ على كُلِّ من شَكَّ بالآخرة، فالذي خلق الكون هو الذي سَيُحاسِب، وأنت إذا آمنْتَ أنَّ الله يعلم وسَيُحاسِب، لا بدّ من أن تسْتقيم على أمْره.

 

تحميل النص

إخفاء الصور