وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة الأعلى - تفسير الآيات 14 - 17 مقياس الفلاح.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، في سورة الأعلى ؛ الآيات الأخيرة وهي قوله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)﴾

[ سورة الأعلى ]

 أقِفُ عند قوله أفْلَحَ، فَكُلّ إنسانٍ عنده مِقْياس للفَلاح، فأحدُهم يتَوَهَّم أنّ حِيازة المال هو الفلاح، وآخر أن يَتَزَوَّج امْرأةً تروق له ؛ هي الفَلاح وإنسان آخر يَتَوَهَّم أنَّه إن كان في منصبٍ رفيعٍ هو الفلاح، وذاك يَتَوَهَّم أنَّه إن امْتَلَك البيوت والحوانيت هو الفلاح، وذلك يتَوَهَّم أنَّهُ إن انْغَمَسَ في الشَّهوات إلى قِمَّة رأسِه هو الفلاَح ؛ لذا قُلْ لي ما مِقْياس الفَلاح عندك أقول لك: مَن أنت ؟! ما مِقْياس الفَلاح في القرآن ؟ قد أفْلَحَ من تَزَكَّى، وكلمة: قد أفلَحَ وَرَدَت في القرآن الكريم في بضْع آيات، وهي في قوله تعالى:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 وفي قوله تعالى:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10)﴾

 

[ سورة الشمس ]

 وفي قوله تعالى:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8)﴾

 فقط، فالفَلاَح كُلُّ الفلاح، والنَّجاح كُلّ النَّجاح، والفوز كلّ الفَوْز، والتَّفَوّق كلّ التَّفَوّق في أن تُزَكِّيَ نَفْسَك لأنَّها أمانَةٌ بين يدَيْك، قال تعالى:

 

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(72)﴾

 

[ سورة الأحزاب ]

 فما معنى الأمانة ؟ بالمَفْهوم الضَّيِّق ؛ مَبْلغٌ أودِعَ عندك، وعليك أن تُؤَدِّيَه بالتَّمام والكمال في الوقت المناسب أما الأمانة بِمَفْهومها الواسِع أيّ شيء وُضِعَ تحت تَصَرّفك وأطلقت يَدُكَ فيه فإمَّا أن تَحْفَظَها وإما أن تُضَيِّعَها، وإما أن تُتْقِن وإما أن تُهْمِل، وإما أن تُنْصِف وإما أن تَعْدِل، وإما أن تُؤَدِّي الحُقوق وإما أن تُقَصِّر فلذلك أخطر أنواع الأمانات أمانة التّكليف، فهناك أمانة التَّبليغ وهي للأنبياء، وهناك أمانة التَّبيِين للعلماء،و هناك أمانة الوِلاية للأُمراء وهناك أمانة التَّوْلِيَة، فإذا كان المُعَلِّم في صفٍّ فيه أربعون طالبًا، وعَيَّن من التلاميذ من هو ليس كُفْؤًا، وكان من هو أتقى منه وأعلم وأذكى فقد خان الله ورسوله والمؤمنون، قال له: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بِسَارِقٍ أو ناهِب ؟ قال: أقْطَعُ يَدَهُ، قال: إذاً إذا جاءَني من رَعِيَّتِك وهو جائِعٌ أو عاطل فسَأقْطَعُ يدَك، إنّ اله قد اسْتَخْلَفَنا عن خلقِهِ لِنَسُدَّ جَوْعَتَهم ونسْتُرَ عوْرَتهم، ونُوَفِّرَ لهم حِرْفَتَهم، فإنْ وَفَّيْناهم ذلك تقَاضْينا شكرها فإنّ هذه الأيْدي خُلِقَت لِتَعْمَل، فإذا لم تَجِد في الطاعة عَمَلاً الْتَمَسَت في المَعْصِيَة أعْمالاً، أمانة الوِلاية ؛ فهذا سيِّدُنا عمر كان يطوف في المدينة فرأى قافِلَةً فقال: لِعَبد الرحمن ابن عَوْف تعال لِنَحْرسها ‍‌! بكى طِفْل فقام عمر إلى أُمِّه فقال لها عمر: أرْضِعيه، وبكى ثانِيَةً فقال: أرْضِعيه، فَبَكى ثالثَةً فقال: يا أمَةَ السوء أرْضِعيه، فقالتْ: وما شأنك بنا ؟! إنَّني أفْطِمُه، فقال: ولِمَ ؟ فقالتْ: لأنّ عمر ابن الخطاب لا يُعْطينا العَطاء إلا بعد الفِطام ! فَضَرَب جَبْهَتَهُ وقال: وَيْلَك يا ابن الخَطَّاب كم قَتَلْتَ من أطفال المسلمين ؟ وصلى صلاة الفَجْر في أصْحابه فَلَم يسمع أصحابه صَوْته مِن شِدَّة بُكائه، وهو يقول: ربِّي هل قَبِلْتَ تَوْبَتي فأهَنِّأها، أم رَدَدْتها فأُعَزِّيَها ؟‍!
 وهذا سيّدنا عمر ابن عبد العزيز رأَتْهُ زوْجَته فاطمة بنت عبد المَلِك يبكي في مُصَلاَّه فقالت: ما يُبكيك ؟ فقال: دعيني وشأني، فلمَّا ألحَّتْ عليه، قال: نظرْتُ في الفقير والبائس والأرملة الضائعة وابن السبيل وفي ذا حب القوت القليل والعيال الكثير، وفي المريض والأسير، وذكَرَ أربعين أو خمسين صنف، فَعَلِمْتُ أنّ الله سَيَسْألني عنهم جميعًا وأنَّ حجيجي دونهم رسول الله، فلِهذا أبْكي ! فهناك أمانة التَّبليغ وهي للأنبياء، وهناك أمانة التَّبيِين للعلماء،و هناك أمانة الوِلاية للأُمراء وهناك أمانة التَّوْلِيَة التَّعْيين، وكذا أمانة الزَّوْجِيَّة، وأمانة الواجب فهذا المواطن الذي أمامك أمانَةٌ في عُنقك، فإمَّا أن تنصحه وإما أن تغشَّه وإمَّا أن تُيَسِّر أموره وإما تُعَقِّدَها عليه لِتَبْتَزَّ ماله، فأنت إذا كنت طبيبًا فالمريض أمانة في عُنقك، وإذا كنت مُحامِيًا فالمُوَكِّل أمانة في عنقِك إما أن تُلْهِمَه أنَّ الدَّعْوة رابِحَة فتَأخُذَ أمواله وإما أن تنْصَح له فيتصالح مع الخَصْم، وكذا إن كنت مُهَنْدِسًا كان هذا البناء أمانة في عُنقك فإذا انْهار وقتل بعض الأشْخاص فأنت المُتَسَبِّب ؛ لذا عليك أن تضَعَ الإسْمَنْت الكافي والحديد الكافي، أشرف على الأمور بِنَفْسِك، وإن كنت مُعَلِّمًا فَهَذا الطالب أمانةٌ في عُنقك، أو كنت ربَّ بيْت فالزَّوْجة أمانة في عُنقك، وكذا أمانة الأولاد، فأصْبَح لدينا أمانة التَّبليغ وأمانة التَّعْيين وأمانة التَّبْيين، وأمانة الوِلاية والتَّوْلِيَة، وأمانة الواجب، وأمانة المجالس، أما أعظم أمانةٍ فَهِيَ أمانة التَّكْليف، قال تعالى:

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(72)﴾

 

[ سورة الأحزاب ]

 إن صَحَّتْ أمانة التَّبليغ صَحَّت كلّ الأمانات، وإن لم تَصِحّ أمانة التَّبْليغ والتَّكْليف لم تَصِحّ كلّ الأمانات، فالذي لم يُؤَدِّي أمانة نفسه التي هي بين جَنْبَيْه لم يُؤَدِّيَ أمانة الآخرين، يا موسى خَفْ ثلاثًا: خَفْني وخَفْ نَفْسَك وخَفْ مَن لا يخافُني، فالذي لم يُؤَدِّي أمانة التَّكْليف لم يُؤَدِّ أيَّة أمانة أخرى، لذلك قال تعالى:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 ومن هو الذي تزَكَّى ؟ هو الذي أدَّى أمانة التَّكْليف ؛ نَفْسُك بين جَنْبَيْك ووُضِعَت أمانةً في عُنقك، وأطلقَت يدك في نفسك فإمَّا أن تُزَكِّيَها وإما أن تُدُيِّسَها، ولن تفلح إلا إذا زَكَّيْتَها، كيف تُزَكِّيها ؟ ينبغي أن تُعَرِّفَها بالله، وأن تُعَرِّفَها بِمَنْهَجِه، فصار بِذلك طلب العِلْم فرْض أن تحْمِلَها على طاعة الله ؛ وهي الإرادة كي تتقَرَّب إلى الله تعالى بِخِدْمة عِباده ؛ وذلك بالأعمال الصالحة، قال تعالى:

 

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)﴾

 

[ سورة الكهف ]

 إذاً قال تعالى:

 

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)/

 

[ سورة الأعلى ]

 كيف يتَزَكَّى ؟ يذكر اسم الله، ويُفَكِّر في خلقه، وفي آياته وأفْعاله، ففي خلقه كما قال تعالى

﴿: إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ(6)/

[ سورة يونس ]

 في قرآنِهِ قال تعالى:

 

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)﴾

 

[ سورة محمد ]

 في أفعاله، قال تعالى:

 

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ(42)﴾

 

[ سورة الروم ]

 فأنت إذا فَكَّرْتَ في أفعاله وفي قرآنه وفي آياته عَرَفْتَهُ وإذا عرَفْتَهُ اتَّصَلْتَ به فإذا اتَّصَلْتَ به زَكَتْ نفسُك، وإذا زَكَتْ تكون قد أدَّيْتَ أمانة التَّكْليف، وتكون بهذا قد حَقَّقْتَ الهَدَف الذي من أجله خُلِقْتَ، لذا يا ربِّي كما أقْرَرْتَ أعْيُنَ أهل الدنيا بِدُنْياهم أقْرِرْ أعْيُنَنَا بِرِضْوانِك، والناس إذا سأل بعضهم بعْضًا فاسْأل الله أنت ! وإن لَجَأوا إلى الأقْوِياء اِلْجَأ إلى الله أنت، وإن اغْتَنَوا واكْتَفَوا فاغْتَنِ بالله أنت، لكن أكبر عَقَبَة كما قال تعالى:

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 حُبُّكَ الشيء يُعْمي ويُصِمَ وحُبُّكَ الدنيا رأسُ كلّ خطيئة والدنيا دار من لا دار له، ولها يسْعى من لا عَقْل له، ودار الدنيا الذي تُجَمِّعُه في خمسين عاماً تُفْقده في ثانِيَة واحِدة، فَكُلّ شيء تمْلِكُه وكلّ مكانةٍ حَصَّلْتَها، وكلّ حجْمِك الاجْتِماعي والاقْتِصادي والمالي، والبورد والدكتوراه، والمنْصِب الرفيع والقوَّة كلّ هذا الحجم مُتَعَلِّق بميلمتر قطر شريانك التاجي فإذا ضاق كانت الطامَّة الكبرى، وتدْخل بِمَتاهة ثانِيَة، تحتاج إلى قسطرة وتوسيعه بالبالون، ووَضْع نابض، وتجريفات ؛ كنت بِوَادٍ وأصْبَحْتَ بلِوَادٍ آخر، فَقُطْر الشريان التاجي، والأمر الثاني نُمُوّ الخلايا، والأمر الثالث مادام الدم سائِلاً فأنت مرْتاح، أما إذا تَجَمَّد انتَهَت الحياة ؛ ثلاثة عوامل بسيطة ؛ سُيولة الدَّم، وعلى تَوَسُّع الشريان التاجي، وعلى نموّ الخلايا وكلّ هذه ليْسَت لك، قال تعالى:

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 بِرَبِّكم إذا خُيِّر الواحد بين أن يرْكب سيَّارة ربْع ساعة فقط، وبين أن يرْكب درَّاجة ويمتلِكَها، طبِّيب إذا خَيَّروه بين أن يركب سيَّارة وبين أن يتملَّكها ! هل يترَدَّد ثانية ؟ طيِّب إذا خيَّروه بين أن يركب سيَّارة فَخْمة ثمنها غالٍ جدًا ويمتلكها، وبين أن يركب درَّاجة ! هل يترَدَّد ؟! لذا قال تعالى:

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 فيها ما لا عينٌ رأَت ولا أذن سَمِعت ولا خطر على قلب بشر، وإلى أبد الآبدين أما الدنيا ففيها هرم، والْتِهاب مفاصِل، وفيها ارْتِفاع كوليسترول، وهذه الأكلة لا آكلها لأنَّها ممنوعة عليَّ، وهذا اللَّحم ممنوع، ولا بدّ أن أمْشي والمَشْيُ ممنوع لأنَّ المفاصل هشَّة، فقد كان بالبؤرة وأصبح بالهامش، دنيا فيها قلق ؛ قد تموت زوجتك، وقد يفقِد أحبابه وأصدِقاءه، وقد تخسر مالك، هموم ؛ الحياة كلّها مشاكل، خُذ من الدنيا ما شئت، وخذ بِقَدَرِها هَمًّا، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حَتْفه دون أن يشعر، قال تعالى

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)﴾

 

[ سورة الأعلى ]

 أخذ بيتان مَكْسِيَّان بالميسات اثنا عشر طابقًا ولم يكن هناك مصعد، فَنَزَع البلاط والسيراميك، رَجَّع البيت وكأنَّه الآن بُنِي، واشْتَغَل بالكِسوة أكثر من سَنَتَيْن ونصف، وعَمَّر البيت بأفضل أنواع الكسوة، وبعدما انتهى من التَّعمير وافَتْهُ المَنِيَّة ! هذه هي الدنيا، وهذا عاش طوال حياته بِبَيْتٍ قَبْو، ورطوبة، وجَمَّع من الدراهم قِرْشًا فوق أخيه إلى أن اشْترى وأمَّن بيْتًا بالمُهاجرين، وله إطْلالة على الشام، حينها قال لِزَوْجته الآن أمَنَّا مُستقْبَلَنا ! وبعد جمعة توَفَّى ؛ هذه هي الدنيا وهذا ترك ألف مليون، وأحد الورَثَة نصيبهُ كان تسعين مليون وخِلال سِتَّة أشهر وهو في مالِيَة طالِع ونازل، وقبل أن يأخذ نصيبه من المال، دخل إلى الحمام وأثناء قضاء حاجته وافَتْهُ المَنِيَّة ! قال تعالى

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)﴾

 

[سورة الأعلى ]

 كل شيء مُتَوَقِّف على نبْض القلب فإذا تَوَقَّف عَظَّمَ الله أجركم، كُلُّنا على هذا الطريق شِئْنا أم أبَيْنا، ومن هو العاقِل ؟ الذي يعمل للآخرة، قال تعالى:

 

﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)﴾

 

[سورة الأعلى ]

تحميل النص

إخفاء الصور