وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة الإخلاص - الإسلام دين الله لا تقلق.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أيها الأخوة المؤمنون: لا زلنا في سورة الإخلاص، التي تتحدث عن الله عز وجل، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام، أن هذه السورة تعدل ثلث القرآن، لأن فيها وصفاً جامعاً مانعاً لذات الله عز وجل تحدثت في الدرس الماضي " الله الصمد " أن وجوده ذاتي لا يحتاج إلى شيءٍ خارج عنه، بعكس مخلوقاته، وجودهم مفتقر إلى إمداد خارجي، واستمرار حياتهم مفتقرة إلى إمداد خارجي، ومصيرهم إلى الفناء، أي مخلوق ما سوى الله، يسبقه عدم، وينتهي إلى عدم إذاً هو حادث، الله وحده واجب الوجود، ما سواه ممكن الوجود، يعني سبقه عدم، وسيعقبه عدم، له بداية وله نهاية، مادام ممكن الوجود لابد له من موجد، وما دام ممكن الوجود لابد له من نهاية لوجوده شأن مخلوقات الله هكذا، المخلوق حادث يسبقه عدم إذاً لا بد له من موجد، وينتهي إلى عدم، إذاً لا بد له من خالق لهذا العدم.

﴿ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ﴾

( سورة الملك: 2 )

أما:

﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)﴾

 الإنسان من طبيعته أنه زمن، والزمن له تأثير واضح فيه، فكل منا قبل أربعين عاماً غير وضعه الآن، لونه، تجاعيد وجهه، لون شعره، انحناء قامته، ضعف قوته، هذه من تأثيرات الزمن، وكما قال سيدنا عمر بن عبد العزيز: الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما فالإنسان يحتاج إلى ولد، هذا الولد يعد استمراراً لوجوده، لأنه ضعيف ولأن صحته خطها البياني هابط، ولأنه يكبر سنه، ويضعف بصره ويشيب شعره، وينحني ظهره، إذاً هو يميل نحو الضعف، يميل نحو التلاشي، في بالإنسان في أعماقه رغبة أن يبقى مستمراً، كيف يبقى الإنسان مستمراً من خلال أولاده، ينجب أولاد، ينشئهم كما يتمنى أولاً يتمنى أن يعنونوه حينما يكبر، ويبتغي أن يكونوا استمراراً لوجوده كل هذه المعاني لا تليق بذات الله جل جلاله " لم يلد " الإنسان يلد ليكون ابنه خليفة له، يلد ليكون ابنه معيناً له، يلد ليحقق في ابنه ما فقده في ذاته، هذا شيء معروف، الإنسان إذا فاته العلم، يتمناه في ولده والأب الذي فاته الغنى يتمناه في ولده، فالإنسان أحياناً، الإنسان حينما يتزوج يهدف إلى إنجاب ولدٍ يعينه حينما تضعف سنه، ويهدف إلى إنجاب ولدٍ يكون استمراراً لوجوده، ويهدف إلى إنجاب ولدٍ يكون تحقيقاً لما عجز عن تحقيقه، هذه علة رغبة الناس من إنجاب الأولاد، لكن هذه الأهداف الثلاثة لا تليق بالله عز وجل، لذلك " لم يلد " الله عز وجل هو هو، لا يضعف، لا يطرأ على أسمائه الحسنى وصفاته أي تعديل هو هو، لأن الزمن من خلقه، نحن خاضعون للزمن، نحن تحت سيطرة الزمن، نحن أشخاص نتحرك لهدف ثابت، البعد الزمني أساسي عندنا، أما الزمن عند الله عز وجل من خلقه، أحد مخلوقاته هو الزمن، لذلك نحن نخضع للزمن في تطوير أجسامناً، وتغيرها من حالة إلى حالة، لكن الله جل جلاله حي باقي على الدوام، نحن ننام من شدة التعب، نتعب في النهار فننام في الليل، ربنا عز وجل:

 

﴿ الله لا إلـه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾

 

( سورة البقرة: 255 )

 نحن ننسى.

 

﴿ قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ﴾

 

( سورة طه: 52 )

 نحن نخطئ ربنا عز وجل يقول:

 

﴿إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ﴾

 

( سورة هود: 56 )

 الله عز وجل ألزم نفسه بالاستقامة إلزام ذاتي، فكل ما خطر في بالك بالله بخلاف ذلك، ليس كمثله شيء، واحد لا شريك له، يقول الناس واحد أحد، فرد صمد، من الكلمات التي يصفون بها ذات الله عز وجل واحد أحد، فرد صمد، يعني تعليق لطيف، واحد ليس له شريك، وأحد ليس له مثيل، واحد غير أحد، واحد ليس له شريك يعني في بهذه القرية طبيب واحد، قد يكون من الدرجة العاشرة، لكن ما في طبيب آخر، نقول طبيب واحد، لكن في بالقرية مائة طبيب إلا أن هذا الطبيب متفوق باختصاصه نقول هذا أحد، من بين الأطباء، أول معنى واحد لا شريك له، أما الثاني، واحد لا مثيل له، واحد أحد طبعاً واحد تعطي المعنى العددي الكمي، أما أحد تعطي العدد النوعي نقول هذا الطالب كان الأول، يعني في مائتين وخمسين طالب هو الأول في نجاحه، أو الرابع، ما معناه هو أربع أشخاص هو واحد، أما مرتبته الرابع، وزن فاعل في الأعداد، تعطي معنى النوع، أما العدد الأساسي يعطي معنى الكم، هؤلاء أربعة، العدد أربعة، أما هذا فلان هو الرابع في صفه، مرتبته الرابعة، فلذلك ربنا عز وجل قال:

 

﴿ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ﴾

 

( سورة الزخرف: 81 )

 الأول هنا بمعنى أول من عبد الله عز وجل ، نال الدرجة الأولى في العبادة، فالأول هنا تعني، النوع " لم يلد " لا يحتاج إلى ولد وهذا رد على من قال إن لله ولد " لم يلد " لا يحتاج إلى ولد، ليستمر به وجوده، ولا يحتاج إلى ولد ليعينه، ولا يحتاج إلى ولد ليكمل نقصه به، أما كل واحد منا، يتزوج ليكمل نقصه بزوجته، هو في عنده أفق واسع لكن عنده فقر بالعاطفة، المرأة تكمل زوجها بعاطفتها، والزوج يكمل زوجته بأفقه، وفكره، وقراره، وإرادته، وجلده، فكل منا يتكامل مع الآخر، يكمل نقصه في، والآباء دائماً يبحثون عن أولاد ليكملوا نقصهم بهم، يلي فاته يحققه في ابنه، قال ربنا عز وجل " لم يلد ".
 أما: " ولم يولد " ما في جهة كانت سبب في وجوده، لكن الإنسان الله سبب وجوده، الإنسان له مسبب، له مسبب مباشر أبوه وأمه، وله مسبب غير مباشر وهو الله عز وجل، فالأب والأم سبب وجود الإنسان، تزوجا فأنجبا، لكن الله عز وجل لولا أنه خلق هذه النطفة في رحم الأم، ونقلها من حال إلى حال، لما كنت إنساناً والدليل يقول الله عز وجل:

 

﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا﴾

 

( سورة الإنسان: 1 )

 ما كان لك وجود أنت، لكن أبوك وأمك كانا سببي وجودك، و الله عز وجل هو مسبب الأسباب.
الشيء الثاني: " لم يلد ولم يولد " ما في جهة أكبر منه، ما في أعظم منه " لم يلد ولم يولد " لا يحتاج إلى ولد، وليس بسبب أب أكبر منه.

 

﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)﴾

 يعني، شو معنى الله أكبر ؟ مهما عرفت من كماله، فهو أكبر مهما عرفت من قوته هو أقوى، مهما عرفت من رحمته فهو أرحم مهما عرفت من علمه فهو أعلم، أيام تقرأ مقالة لإنسان علمية تشعر بوجع في رأسك، من شدة تعقيدها، وهي كشف لقانون كوني، فكيف مقنن القانون، كيف ؟ كيف وما تسقط من ورقة إلا وهو يعلمها، في أيام الخريف كم ورقة تسقط، بالعالم كله ؟.

 

 

﴿ ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ﴾

 

( سورة لقمان: 27 )

 الواحد منا إذا اشترى ليتر حبر، أنا أعتقد يكفيه من صف الأول لخمسين سنة قادمة، ليتر حبر واحد، إذا في عنده متر مكعب حبر إذا في عنده خمس أمتار مكعبة حبر، إذا في عنده بحيرة كبحيرة بردى نبع بردى حبر، إذا في عنده بحر المتوسط كله حبر، المحيط الهادي الخمس محيطات، ضرب سبعة

﴿ سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ﴾

﴿ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ﴾

( سورة طه: 109 )

 تصور إنسان واقف بالطريق توجه نحو الشمس وتحمس لينفخ عليها كي تنطفئ، تصور، كلام دقيق أقوله، وقف بالشمس توجه نحو قرصها وسحب نفس طويل وأراد أن ينفخ عليها كي تنطفئ الشمس، كم هو أحمق، دقق في قوله تعالى:

 

﴿ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ".﴾

 

( سورة الصف: 8 )

 نور الله أبلغ من نور الشمس، الشمس لا تستطيع أن تحرك ساكناً فيها، لسان لهبها طوله مليون كيلومتر، لسان لهبها، في أيام الكسوف هناك تصوير للشمس، طبعاً يغيب عنا قرص الشمس تماماً تبق الألسنة، ألسنة اللهب قاسوها عن طريق الطيف، وجد طولها مليون كيلومتر لسان لهب الشمس، فهل تستطيع أن تطفئها بنفخة ؟‍‍ وهذا الذي يتوهم أنه يستطيع أن ينهي الإسلام، إنسان يحتاج إلى مشفى مجانين يعني زرت تركيا، وزرت هذا قصر بهجت دولاما، يلي كان ساكنه كمال أتترك، وهذا الرجل أراد أن يلغي الإسلام، إلغاء كلي، يغير اللغة ويغير، ومنع الأذان، ومنع التدين، ومنع اقتناء المصحف، ومنع خطر ببالي وأنا في قصره خاطر، أنه ولا ألف طاغية يلغوا الإسلام يفطسوا والإسلام باقي، ولا ألف طاغية كأن تترك، يلغون الإسلام يفطسون والإسلام باق شامخاً.

 

﴿يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ﴾

 

( سورة التوبة: 32 )

 لا تقلق على الإسلام إنه دين الله، أقلق هل سمح الله لك أن تنصره أو لم يسمح ؟ هل منحك هذا الشرف ؟ هل منحك أن تكون جندي لهذا الدين ؟ هل منحك شرف أن يجري الله الخير على يديك ؟ على هذا أقلق، وما سوى ذلك لا تقلق، فإن الله سبحانه وتعالى ناصر نبيه والدليل:
الآن صدق أو لا تصدق، إنسان ملاحق وضعت مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، أثناء الهجرة تبعه سراقة، غاصت قدما فرسه في الرمل، ثم تبعه ثانية، فغاصت ثانية، فطلب الأمان، طيب واحد ملاحق، وضعت مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول له يا سراقة، دقق، ما قالها وهو في المدينة، ما قالها وهو في أعلى مراتب قوته، قالها وهو في أضعف حالة وهو ملاحق مهدور دمه، قال له كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى تصور هيك إذا واحد باليمن بقرية من قرى صنعاء تقول له كيف بك إذا جلست محل كلينتون، تصور، كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى، دهش، في عهد سيدنا عمر جيء بتاج كسرى، وحلي كسرى وكل مقتنيات كسرى، وقال عمر أين سراقة، فجاء سراقة ألبسه سواري وتاجه، وقال بخ بخ أعرابياً من بني مدلج يلبس تاج كسرى لقد صدق رسول الله، النبي ما كان قلق على الدين، وهو في طريق الهجرة، مهدور دمه، مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، ما كان قلق على الدين، لما ذهب إلى الطائف وكذبوه وآذوه، قال له سيدنا أسامة والده زيد، قال له كيف تعود إلى مكة وقد أخرجتك، قال إن الله ناصر نبيه، شايف الثقة، أنا أقول لكم، لا تقلقوا على الإسلام، إن الله سينصره، لكن لنقلق ما إذا سمح الله لنا أن نصره أو لم يسمح، بقوله تعالى:

 

﴿ وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ﴾

 

( سورة محمد: 38 )

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمن ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

 

تحميل النص

إخفاء الصور