وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 2 - سورة المدثر - تفسير الآيات 38-46 ، وصف حال أهل النار
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، الآية الكريمة في سورة المُدَّثِّر وهي قوله تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38)إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ(39)فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ(40)عَنْ الْمُجْرِمِينَ(41)مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾

[المدثر: الآية 38-47]

 لو أنَّ تاجِراً ذهب إلى سِجْن عدرا، وسأل مسْجوناً هناك، ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ يقول مثلاً: بضاعة غير نِظامِيَّة، وأنت ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ قال: تحْويل العملة خِلاف القانون، هذا الجواب من هذين السجينَيْن ألَيْساَ درساً بليغاً لِهذا التاجر الطليق، الآن ربنا عز وجل ينقلنا إلى مشهد من مشاهد يوم القِيامة ؛ جَهَنَّم ممتلئة بمن فيها، وقد سُئِلَ بعض من فيها: ما الذي أوْصَلَكم إليها ؟ هذا كلامٌ دقيق جداً، فالله عز وجل أعاننا على أنْفسنا، وأعْطانا أحد أكبر أسباب دُخول النار، قال:

 

﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)﴾

 

[المدثر: الآية 42-43]

 الدينُ هو الصلاة ولا خير في دينٍ لا صلاة فيه، والصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدِّين ومن هَدَمها فقد هدَم الدِّين، الصلاة هي الفرْض الذي لا يسْقط بِحالٍ، فالصيام يسقط عن المريض والمُسافر، ويسقط الحجّ عن المريض والفقير، والشهادة تُؤَدى مرَّةً واحدة، وكذا الزكاة على الفقير إلا الصلاة فهي الفرض المُتَكَرِّر الذي لا يسقط بِحال، وهي عماد الدِّين، فلو تَصَوَّرْتَ خَيْمة لها عمود بالوَسَط، لو ألْغَيْتَ هذا العمود لم تبْقَ خَيْمة وأصْبَحتْ قِماشاً على الأرض، هذه الخَيْمة بِهذا العَمود، فالصلاة عمود الدِّين أو عماد الدِّين، الشيء الذي يوصِل إلى النار قولهم: لم نكنُ من المُصَلين ! والدِّين اِتِّصال بالخالق وإحْسانٌ إلى المَخْلوق، فَهُناك حرَكَة نحو الله، وحركة نحو عِباد الله، نحوَ الله اتِّصالاً ونحو عباد الله إحْساناً قال تعالى:

 

﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً (31)﴾

 

[مريم: الآية 31]

الدِّينُ كُلِّه في كلمتين: اِتِّصال بالخالق وإحْسانٌ إلى المَخْلوق.
 الآن هناك ألف مُشْكلة مع الخَلْق، وهذه المُشْكِلات مع الخَلْق هي أعْراض انْقِطاعُ الإنسان عن الله، فإذا صَحَّت صِلَتُهُ بالله حُلَّتْ مُشْكِلاته مع الخَلْق والطبيب الناجح إذا رأى اِرْتِفاع الحرارة يَعُدّ هذا الارْتفاع عارِضاً وليس مَرَضاً، فَهُوَ عرَضٌ لِمَرَضٍ، فهُوَ يُعالِجُ المَرَض وليس يُعالِجُ العَرَض أما الطبيب غير الناجح يُعْطي خافِض للحرارة أما السبب موْجود والمرض موجود فأنت بين أن تُعالِجَ العَرَض بِمُسَكِّن، وبين أنْ تُعالِجَ أصْل المَرَض بِدَواءٍ مُضادٍّ للالْتِهاب، إذاً المُشْكِلات مع الخَلْق هي أعْراض انْقِطاعُ الإنسان عن الله عز وجل، فالانْقِطاع عنه تعالى يُورث أنانِيَّة وكِبْر وعُدْوان وأن تأخذ ما ليس لك، وأن تخْدع وتكْذب وتُنافِق، هذه كُلُّها أعْراض الإعْراض، ولو أنَّك اِتَّصَلْتَ بالله عز وجل لَكُنْتَ إنْساناً آخر فلذلك الآية الكريمة:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38)﴾

[المدثر: الآية 38]

 يعْني اكْتَسَبَت عملُها والعمل مُطْلق حركة الإنسان، فأنت لك حركة إذْ تخرج من البيتْ وتلْتقي مع صديق، دَخَلْتَ إلى بَيْتك، وعامَلْتَ زَوْجَتَك وأوْلادك حركتُك في الحياة ما بين بيْتِك وعمَلِك، وطريقِكَ وحِلِّكَ وتِرْحالِكَ وسَفَرِك وإقامَتِكَ ومَرَضِكَ وصِحَتِك وغناك وفَقْرِك، فالحَرَكَة هي الكَسْب وهي من اخْتِيارك وأنت منوطٌ بِهذا الكَسْب، وهذا الكَسْب والحركة والعمل إن كان كريماً أكْرَمَكَ، وإن كان لئيماً أسْلَمَك، وفي النِّهاية إنْسانٌ مُحْسن في بيْتِه وفي عَمَلِه، وصادق ومُستقيم، فهذا إذاً عمله صالح، وما دام عملهُ صالح فالثَّمَن الجَنَّة، قال تعالى:

 

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38)﴾

 

[المدثر: الآية 38]

 والدين كُلُّهُ قُيود، بل حُدود وضمانات لِسَلامَتِك، وهذه الأخيرة سبيل إلى الحُرِيَّة والرُّقَي، وتَرْكُ الدِّين كُلِّه هي حُرِيَّة البهائِم، وحُرِيَّة التَفَلُّت وتنْتهي إلى القَيْد ؛ إما قَيْدٍ نفْسي كالكآبة، وإما قيْدٍ حقيقيٍّ كَالسِّجْن، فإذا تَفَلَّتَ الإنسان من منْهج الله سَيَنْتهي بِمَرَضٍ نفْسي أو مهْجَعٍ من مهاجِع السِّجْن، أم إذا تَقَيَّد بِأمْر الله رَفَعَهُ الله عز وجل، فالنَّفْسُ رهينَةُ عَمَلِها ومَحْبوسَةٌ بِعَمَلِها، وبالحياة العَمَلِيَّة نفْس الشيء ؛ المُواطن المُنضَبط بالقوانين طليق، ومعه تأشيرة خُروج دائِماً، ويُسافر إلى أيِّ بلَدٍ أراده ولا أحد يمْنَعُهُ من ذلك، أما المُتَلَبِّسْ بِجَريمة قابِعٌ بالسِّجْن، وحُجِزَتْ نَفْسِيَّتُه قال تعالى:

 

﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38)إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ(39)﴾

 

[المدثر: الآية 38-39]

 قال تعالى:

 

﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ(40)عَنْ الْمُجْرِمِينَ(41)مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)﴾

 

[المدثر: الآية 40-42]

 ما الذي أوْصَلَكم إلى النار قال تعالى:

 

﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)﴾

 

[المدثر: الآية 43]

 التِّصال بالله منعدِم قال تعالى:

 

﴿ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)﴾

 

[المدثر: الآية 44]

 الإحْسان إلى الخلق منعدِم قال تعالى:

 

﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)﴾

 

[المدثر: الآية 45]

 مُصَمِّم أزْياء بِفِرَنْسا، يُحَدِّد للمُسلِمات في العالم الإسْلامي ثِيابَهُم، إذا أراد أنْ يُقَصِّر فله ذلك، وإن أراد التضْييق ضَيَّق، لو دَخلوا جُحْر ضَبٍّ لَدخَلْتُموه، يقولون لك: هكذا المُودا، رَكَّبوا صُحوناً فَرَكَّبْناها فأنت مع التيار العام والانْحِراف، ومع صَرْعات الأزْياء، والمُسْتَجَدات السَّخيفة ومع السُّلوط الرخيص، هكذا الناس، وهي حُجَّةُ الناس جميعاً ؛ هكذا الناس ! هل الكُلُّ على الغلط ؟! نعم كُلُّهم على الخطأ والغلط قال تعالى:

 

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116﴾

 

[الأنعام: الآية 116]

 وقال تعالى:

 

﴿ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (28)﴾

 

[النجم: الآية 28]

 وعندك بيْتاً ومُسْتأجر بيت وتوَدُّ النِّصْف الآخر لماذا ؟ كُلُّ الناس هكذا !! أصْبح هذا عُرْف، فإذا كان الإنسان ليس له بيت، وكان مُضْطر وسَيُصْبحُ بالطريق، يقول لك: سَنُعْطيه له بِنِصْف ثَمَنِهِ مع أنّه هذا الأخير له بيْت ! فالذي يُحَكِّم العادات والتقاليد غير الصحيحة ويَلْهَث وراء صَرْعات الأزْياء ؛ هذا هو معنى قوله تعالى:

 

﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)﴾

 

[المدثر: الآية 45]

 والناس تقول: ضع رأسك بين الرؤوس وقل يا قُطاع الرؤوس.
قال تعالى:

 

﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)﴾

 

[المدثر:الآية 46]

 لا يوجد تَكْذيب قولي في العالم الإسلامي، لا يجْرأ مُسلم أنْ يقول ليس هناك آخرة، أما إذا تَفَحَّصْتَ عملَهُ تجِدُهُ قطْعاً، لا يؤمن بالآخرة، فالذي يأخذ ما ليس له هل هذا يؤمن بالحِساب الدقيق، وهل يؤمن بِقَوْله تعالى

 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾

 

[الزلزلة: الآية 7-8]

 لو ذَهَبْتَ إلى بَيْروت هناك أشْياءٌ جميلة جداً، لكن هناك أمور ليْسَت من أهْلك، كُلَّما اشْتَرَيْتَ شيئاً تُفَكِّر بالطريق عن الجُمْرك هل تُؤخذُ منِّي ؟! وهل يُدَقِّقون فيها ؟ معقول أن تجد في بَيْروت سيارة رخيصة ولا تُدْخِلُها للشام ! لن يُسْمح لك بإدْخالها، وكذا المؤمن كلما وَقَف بِمَوْقف فَكَّر بِمَوْقِفِه أمام الله عز وجل، وهل يُسامِحُني فيها الله تعالى ؟ هذا هو مَوْقف المؤمن إذاً التَّكْذيب عَمَلي وليس قَوْلي، الآن تجد ستة آلاف دَعْوة كُلُّها كَيْدِيَّة بِقَصْر العَدْل، وكُلٌّ يأكل الآخر، مع أنَّهُم مُصلون !! نقول بِصَوْتٍ كبير هذا الذي يأخذ ما ليس له عُدْواناً: هذا يُكَذِّبُ بالآخرة ولكن تَكْذيباً عمَلِياً وليس قوْلِياً إذْ لو كَذَّبْتَ قَوْلِياً لناقَشْناك، أما أنت تُلَبِّس في الكَلام وهذا أخْطر، يقول: لا سبحان الله نؤمن بالله واليوم الآخر، أم لو تَفَحَّصْنا عَمَلَك لَوَجَدْناهُ خالِياً من الإيمان، فَحَرَكَتُك خِلاف منهج الله تعالى فهذه أربع خصائص:
 لم نك من المُصَلين ولم نَكُ نُطعمُ المسكين وحركتنا بالحياة أننا كنا نخوض مع الخائِضين، وسبب اِنْكِبابنا على المعاصي: التكذيب العَملي كنا نُكَذِّب بِيَوم الدِّين، بِصَراحة بالتعْبير العامي: لا أحد قابِض جهنَّم، أما لو وضَع كبريت على يده وَلْوَلَ، إذا كان زبون غشيم تُلْبِسُه أسْوء بِضاعة بِأغبى سِعْر، وتشْعر أنَّك شاطر، وإذا الأخ الكبير يأخذ كُلَّ الثَّرْوة ويسْتغِلّ ضَعْف إخْوته ويأخذ وكالة عامَّة ويتْركهم لا شيء، لذلك من آمن بقوله تعالى:

 

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾

 

[الزلزلة: الآية 7-8]

 وقفَ عند حُدود الله، فهؤلاء الذين في النار سبب دُخولهم فيها هذه الأشياء الأربع، ونحن في الدنيا أعْطانا مَشْهد من مشاهد يوم القيامة قال تعالى:

 

﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾

 

[المدثر: الآية 43- 46]

 الحقائق التي جاء بها الأنبياء يعرفها الناس جميعاً يومَ القِيامة، وهذه المعْرِفَة لا قيمة لها إطْلاقاً ولا تُقَدِّم ولا تُؤَخِّر تماماً كالذي يدخل للامتحان والورقة بيْضاء يأخذ صِفْر، ثمَّ إذا رجع إلى البيتْ يفْتح الكتاب فإذا به يفْهم السؤال، فَفَهْمُ السؤال بعد أداء الامتحان لا قيمة له إطْلاقاً، فلو قدَّم للوزير أنَّني عُدْتُ إلى المنزل وفَهِمْتُ الجواب على السؤال، كي يُدْرج اسمي مع الناجِحين ! لذلك قال تعالى:

 

﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)﴾

 

[الأنعام: الآية 158]

 الإيمان قيمتُه في الوقْت المُناسب، وأنت حيٌّ تُرْزق وأنت صحيح قَوِيٌّ غَنيّ، أما على فِراش الموت كُلُّهم يؤمن حتى فرعون، من الذي أنكر وُجود الله، الذين قالوا: لا إله هذا نفسُه تؤمن وسيقول كما قال تعالى:

 

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)﴾

 

[يونس: الآية90]

 فرعَون وآمن، والإنسان قبل فوات الأوان يجب أنْ يعرف الواحد الدّيان.
ثمَّ قال تعالى:

 

﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ(48)﴾

 

[المدثر: الآية 48]

 يا فاطمة بيت محمد ويا عباس عمَّ رسول الله أنقِضا نفْسَيْكما من النار فأنا لا أُغْني عنكما من الله شيئاً لا يأتيني الناس بِأعْمالهم وتأتوني بِأنْسابكم من يبطئ به عمله لم يسْرِع به أجله، قال تعالى:

 

﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)﴾

 

[الزمر: الآية 19]

 يعني يا محمّد هل تُنْقذ من في النار؟ مُسْتحيل، أما مفهوم من مات مُوَحِّدا غير مُشْرك بالله فهذا درس الشفاعة له مفهومه الصحيح لا بد أن لا يخرج عليه الإنسان في فهْمه، أما أن يتفلَّت الإنسان ثمّ يقال شفاعة، فهذا مفْهوم ما أراده النبي عليه الصلاة والسلام، مثاله من قدَّم لامتحان اثنى عشرة مادّة فَنَجح إلا في واحدة تنقصُه بعض النقاط فهذا يُمكن أنْ يُشْفع له، أما كُلُّ المواد صِفْر ثمَّ الشفاعة !! هذا كلامٌ مَرْفوض.قال تعالى:

 

﴿ فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ(49)كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ(50)فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ(51)﴾

 

[المدثر: الآية 49-51]

 خلقْتُ لك السماوات والأرض ولم أعْيَ بِخَلْقِهِنّ أفَيُعْييني رغيفٌ أسوقُهُ لك كُلَّ حين، لي عليك فريضة ولك عليَّ رِزْق، فإذا خالَفْتني في فريضتي لم أُخالِفْكَ في رِزْقِك، وعِزَّتي وجلالي: إن لم ترضَ بما قَسَمْتُهُ لك فلأُسَلِّطَنَّ عليك الدنيا، ترْقُد فيها رقْد الوَحْش في البريَّة ثمَّ لا ينالك منها إلا ما قَسَمْتُه لك ولا أُبالي، أنت تريد وأنا أريد فإذا سلَّمْت لي فيما أريد كَفَيْتُكَ ما تريد وإنْ لم تُسلِّم لي فيما أريد أتْعَبْتُك فيما تريد ثمَّ لا يكون إلا ما أريد.

تحميل النص

إخفاء الصور