وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة القيامة - تفسير الآيات 13-19 ، نفوس البشر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، النفوس أيها الإخوة في القرآن ثلاثة ؛ نفْسٌ أمَّارةٌ بالسوء، ونفْسٌ لوَّامة ونفْسٌ مطمئنَّة قال تعالى:

﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29)وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)﴾

[سورة الفجر]

 فالنفسُ اللوَّامة قوله تعالى:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾

 

[سورة القيامة ]

 والنفس الأمَّارة بالسوء كما ورد في قِصَّة سيِّدنا يوسف قوله تعالى:

 

﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(53)﴾

 

[سورة يوسف]

 وأصْل هذا التَّقْسيم هو أنَّ الإنسان المخلوق الأوَّل أوْدَعَ الله تعالى فيه شَهَوات، قال تعالى

 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(14)﴾

 

[سورة آل عمران]

 هذه لشَّهوات عَمْياء، والله عز وجل أعْطاه عقْلاً وفِطْرةً وشَرْعاً فالعَقْل ميزان والفِطْرة ميزان والشرْع ميزانٌ على ميزتانَي العقل والفِطْرة العلماء قالوا: الحَسَنُ ما حَسَّنَهُ الشَّرْع والقبيح ما قَبَّحَهُ الشَّرْع فالأصْل هو الشَّرْع لأنَّه كلام الخبير جلَّ وعلا، والغَرْب اسْتَحْسنوا تبادل الزَّوْجات، واسْتَحْسنوا زِنا المحارِم والشُّذوذ من ذُكورٍ مع الذُّكور والإناث مع الإناث، فالحَسَن مِقْياسُه الشَّرْع وليس عَقْلنا، أما العَقْل إذا اسْتنار بالوحْي توافق مع الشرْع فالعَقْل يحْتاج إلى وَحْيٍ ونورٍ، فَكُلُّ إنْسانٍ أوْدَعَ الله فيه الشَّهوات وهي حِيادِيَّة، فإذا قلتَ شَهْوَةً يعْني أنَّها حِيادِيَّة، يُمْكن أن تكون طريقاً لك إلى الله وسبيلاً إلى الجَنَّة، فالإنسان يشْتهي المرأة ويتزَوَّج ويُنْجِب أوْلاد، وطاهِرين طيِّبين ومؤمنين وهم في صحيفته إذا رَبَّاهم تَرْبِيَةً صحيحة فهم صَدَقَةٌ جارِيَة إلى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ *))

 

[ رواه الترمذي ]

فالمرأة تُشْتهي، وهذه الشَّهْوة تُلَبَّى عن طريق الزَّواج فَتَرْقى، وتُلَبَّى عن طريق الزِّنا فَتَسْقُط، فالشَّهْوة هي سُلَّم نرْقى بها أو نهْوي بها.
 كُلُّ إنسان له شَهَوات فإذا لم يرْجِع إلى عقْلِه ولم يصْغَ إلى فِطْرتِه ولم يطْلب العِلْم فَحَتْماً نفْسه أمَّارة بالسوء وهو طبيعِيٌّ جداً، فلو أنَّ مُحَرِّكا يندَفِع بِقُوَّة بِسُرْعة مائة وليس هناك مِقْواد، فالنُّزول بالوِدْيان حَتْمي لأنَّ الطرقات مُتَعَرِّجة والمحرِّك قَوِيّ إذاً الحادث حَتْمي، فالله عز وجل ما خلَقَ مفْساً أمَّارة بالسوء، لا ! بل جعَلَ فيها شَهَوات حِيادِيَّة، وهذه الشَّهوات ترْقى بها إلى الله، أو تهْوي بها إلى النار.
 فأنت تحْتاج إلى شرْعٍ ومنْهَجٍ إلهي ؛ اِفْعل ولا تفْعَل، وتحتاج مع الشَّرْع إلى عَقْل، ومع العَقْل إلى فِطْرة، فالأصْل هو الشَّرْع، الحَسَنُ ما حَسَّنَهُ الشَّرْع والقبيح ما قَبَّحَهُ الشَّرْع، إلا أنَّ العقْل والفِطْرة يُعيناك على ذلك فإذا لم يصْغَ الإنسان إلى فِطْرته ولم يسْتَجِب إلى عَقْلِه ولم يطْلب العِلْم الشَّرْعي فَنَفْسُهُ حَتْماً أمَّارةٌ بالسُّوء، هذه الأولى، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول

(( وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ...* ))

[ رواه أبوداود ]

 مَثَلٌ بسيط جداً ؛ كيلو سُكَّر ثَمَنُهُ ثلاثون لَيْرة، إذا وَضَعْتَهُ بِمُحَرِّك سيارة يُكَلِّفُك المُحَرِّك ثلاثين ألف !! فهل السُّكَر شرّ ؟ لا، وهل المُحَرِّك شرّ ؟ لا، إلا أنَّ وَضْعَ السُّكَر بالمُحَرِّك شرّ، فالشَرّ جاء من سوء الاسْتِعْمال، وليس بِأصْل الشيء وكذا لو وَضَعْتَ أوقَيَّة سكَّر داخل الطعام لا تسْتطيع أكْلها ! فالشَّر أساسه سوء الاسْتِخْدام والمنْهَج يُبَيِّن لك طريقة الاسْتِعْمال، فَكُلّ إنسانٍ خرج عن منهَج الله تعالى سَقَط، وأصْل الأشْياء كُلُّها خَيِّرَة، فالله تعالى خلَق الزَّوْجَيْن الذَّكَر والأُنْثى ولِقاؤهم وِفْقَ الشَّرْع ووِفْق الزَّواج وأسْرة، فلو أنَّ صَوْتهم علا في الجِماع لما كان هذا خَطأً لأنَّهُ حلال، دون أن ينْحَرِجوا، ولكن لو كان في الحرام تجدهم في خوْف واِرْباك، فالعَلاقة إذا كانت مَشْروعة لا حياء فيها، أما غير المَشْروعَة تخاف منها فالشَّهوات إذاً حِيادِيَّة والمنْهَج هو الشَّرْع، والعَقْل يُعينُك ولكن لا يكْفي وَحْده، والفِطْرة كذا لا تُعينك بِمُفْرَدِها، إذْ هناك فِطْرة مُنْطَمِسة وعَقْل مُنْحَرِف، أما العَقل المطلق يتوافق مع الشَّرْع، والفِطْرة السَّليمة تتوافق مع الشَّرْع، والحق دائرة يمُرّ بها خط النَّقْل وهو القرآن والسنَّة وخطّ الفِطْرة والواقِع، فالواقِع المَوْضوعي يتوافق مع الفِطْرة السَّليمة ومع العقل الصريح والنَّقل الصحيح، أما العقل المُنْحرِف والتَّبْريري لا يتوافق مع الشَّرْع.
الفِطْرة المُنْطَمِسَة تتناقض مع الشَّرْع، من هو الحَكَم ؟ هو الشَّرْع فالحَسَن ما حَسَّنه الشَّرْع والقبيح ما قَبَّحَهُ الشَّرْع، فهذه هي النَّفْس الأمارة بالسوء، أما نفْسُ المؤمن، المؤمن بين إقْبال وتألُّق وبين فُتور أحْياناً تَغْلِبُهُ نفْسُهُ فَيَتَكَلَّم كَلِمَة غير مُناسِبَة، وتكون منه نظْرة غير مناسِبَة ماذا يفْعل ؟ لا يوجد إلا الله الذي يقْبل التوبة عن عِبادِه فَعَلامة المؤمن أنَّهُ يلوم نفْسَهُ دائِماً، والمؤمن إنسانٌ غير مَعْصوم فلا هو نَبِيٌّ ولا هو كافِر، إذْ الكافِر نفْسه أمَّارة بالسوء، والمؤمن نفْسُه لوَّامة أما الأنْبِياء نُفوسهم مُطْمَئِنَّة ؛ اِطْمَأنَّت إلى طاعَتِه وإقْباله وإلى صِلَتِه وإلى إخْلاصِه وأعْماله الصالحة، فَنَحن إذا أكْرَمَنا الله عز وجل مع النَّفْس اللَّوامَة.
 لو صَدَر من الإنسان عَمَلٌ ولم يشْعُر بِشَيْء، فهذا نَفْسُهُ مَيِّتَة وهو الصِّنْف الرابِع، قال تعالى:

 

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ(22)﴾

 

[سورة فاطر]

 قال عليه الصلاة والسلام

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ *))

[ رواه مسلم ]

 فَمَعنى لو لم تُذْنِبوا أيْ لم تشْعُروا بِذُنوبِكم، سَهْرو كُلُّها غيبة وبعدها يقول لك: ماذا فَعَلْنا ! وهذا باع بِثَمَن مُغْرٍ جداً وبعدها يقول لك: هكذا البيْع شطارة، وذاك ظَلَم زَوْجته ثمَّ يقول لك: هذه مقطوعين لا أحد لها ! وأنا حُرّ فَكُلُّ إنسانٍ يرْتَكِبُ المعاصي ولا يتَحَرَّكُ له قَلْب ولا يتألَّم ولا يُحاسِب نفْسَهُ فهذا إنسانٌ مَيِّت ومعنى كلِمة يُذْنبون في هذا الحديث أيْ أنَّهم شَعَروا بِذُنوبِهِم، فلو كان هناك مثَلاً إنسان مُسْتلقي على الأرض، ثمَّ جئت بمرآة ووضَعْها قرب أنفه ولم تجد أثر البخار، ووضَعت له الإنارة الشَّديدة على عَيْنِه فلم تَصْغر، حينها تقول: هذا مَيِّت، ولا حياة فيه، وكذا حال الإنسان المُرلاْتكب للمعاصي والآثام ويأكل المال الحرام ولا يشْعر بشَيء فهذا مَيِّت وهو صِنْفٌ رابِع، لذلك قوله تعالى:

 

﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(53)﴾

 

[سورة يوسف]

 هذا الكافر والمؤمن نفْسه لوَّامة، والذي وَصَل إلى مرْتَبَةٍ عالِيَةٍ في الإيمان أو كان نَبِيًّا فهذا نفْسُهُ مُطمئِنَّة، قال تعالى:

 

﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29)وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)﴾

 

[سورة الفجر]

 علامة إيمانك أنَّك تُحاسِبُ نفْسك حِساباً عَسيراً، وهذا سيِّدُنا عمر عِمْلاق الإسلام والذي قال النبي عليه الصلاة والسلام: لو كان نَبِيٌّ بعدي لكان عمر..." هذا الأخير جاء إلى حُذَيْفة ابن اليَمان وهو أمين سِرُّ رسول الله، وأمْلى عليه أسْماء المنافقين، وهذا سِرٌّ بين النبي وبين حُذَيْفَة فجاءه عمَر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وقال له: يا حُذَيْفة بِرَبِّك هل اسْمي مع المنافقين ؟! فالاطْمِئنان الساذج هو الحمق يقول أحد التابِعين: الْتَقَيْت بأربعين صَحابياً ما من أحدِ إلا ويخْشى النِّفاق على نفْسِه، وهذا كلّه من شِدَّة الخزف من الله والحرْص على طاعَتِه، فإذا الواحِد ارْتَكَب ما يُغْضِبُ ربَّه كأن ينظر نظْرة فيها سُخْرِيَة أو تَكَلَّمْتُ كلاماً غير صحيح أو شَهدْت شهادة فيها باطل، أو كنت تاجِراً فَبِعْتُ قِطْعة قُماش مثلاً منْكَمِشَة لِزَبون وبِسِعْر عالٍ ولم تُحاسِب نفْسَك فهذا يعني أنَّك مَيِّت وعَظَّم الله أجْركم.
فيا أيها الإخوة، ربنا عز وجل يقول:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾

 

[سورة القيامة ]

 وإذا قال تعالى لا أُقْسِم فهذا شيء عظيمٌ جداً، فلو قال لك إنسان الشَّمْس ساطِعة لَوافَقْتَهُ لأنَّها كذلك، ويكفي أن ينظر إليها ويراها، فهل يحْتاج الأمر إذاً أن تقول: والله والله والله هي ساطِعَة !!! فهذا رأي بعض المُفَسِّرين في قوله تعالى:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)﴾

 

[سورة القيامة]

 وهذه النَّفْس اللَّوامَة نفْسٌ عَرَفَتْ ربَّها وحاسَبَتْ نفْسَها حِساباً عسيراً، فإذا حاسَبَتْ نفْسَها حِساباً عسيراً كان حِسابها يسيراً يوم القِيامة، قال تعالى:

 

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)﴾

 

[سورة القيامة ]

 ويا أيها الإخوة هناك نقطة دقيقة جداً أرْجو أن تكون واضِحةً عندكم يقول الله عز وجل:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾

[سورة الأنفال]

 الأوَّل معناه واضِح ؛ إنسانٌ على منْهج رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فَلِمَ العذاب والعِقاب والشِّدَّة والضِّيق ؟ ولمَ المرض الشديد والخوف المُرعِب ؟ لا داعي لهذا لأنَّ الله عز وجل يقول:

 

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا(147)﴾

 

[سورة النساء]

 أما أنت في بَحبوحة الاسْتِقامة على منهج رسول الله قال علماء التَّفْسير: ما دامَتْ يا محمَّد سُنَّتُك في حياتِهم فَهُم في بَحْبوحَة من عذاب الله تعالى قال الله عز وجل:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾

 

[سورة الأنفال]

 ليس شَخْصُكَ فيهم، ولكن سُنَّتُك فيهم، فإذا كانت بُيوتنا إسْلامِيَّة وتِجارتنا إسْلامِيَّة ونزهاتنا إسْلامِيَّة واحْتِفالاتنا إسْلامِيَّة وأعْراسنا إسْلامِيَّة وتَوْزيع الثَّرْوة إسْلامي وميراثنا إسْلامي فَنَحْنُ في بَحْبوحَةٍ من عذاب الله تعالى الله عز وجل:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾

 

[سورة الأنفال]

 ولك بَحْبوحَةٌ ثانِيَة قال تعالى:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾

 

[سورة الأنفال]

 إنسان غلط، فَطَلب المغْفرة من الله واسْتَغْفَر الله، وراجع نفْسَهُ وخاف من الله فمادام هو في حالة الخوف والاسْتِغفار واعْتِذار وطلب المُسامَحَة من الله تعالى ودفع صَدَقة أو صام فَهُوَ يسْتَرْضي الله تعالى، فالله عز وجل لما يجد عبْدَهُ تاب إليه واسْتغفر وندم وصام يغفر له إن شاء الله ومثل هذا المذْنِب في بَحْبوحَة من عذاب الله، وهذا معنى قَوْل الله تعالى:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33)﴾

 

[سورة الأنفال]

 فنحن في بحْبوحَتَين ؛ بحْبوحَة تطبيق السنَّة وبَحْبوحَة الاسْتِغفار والتوبة والله عز وجل يُسْتَرْضى، أما الإنسان القَوِيّ لا يُسْترْضى، واسْتِرْضاء الله تعالى بالصَّدقة فَصَدَقَةُ السرّ تطفئ غضب الربّ، باكِروا بالصَّدقة فإنَّ البلاء لا يتخطاها، وهي تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير ! فالله تعالى يُسْترضى بالتوبة الصَّدقة والصوم والاسْتِغفار، والذِّكْر والتَّسْبيح، فهذا يونس عليه وعلى نَبِيِّنا أفضل الصلاة والتَّسْليم قال وهو في بطْن الحوت في قوله تعالى:

 

﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ(87)﴾

 

[سورة الأنبياء]

 فهذه هي النفوس الثلاث أمارة بالسوء ولوامة ومطمئِنَّة والرابِعَة كما قلنا مَيِّتَة.

تحميل النص

إخفاء الصور