وضع داكن
24-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 418 - فشل الإستنساخ .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

تمهيد لموضوع الدرس:

 

أيها الأخوة الكرام, حينما حفظ الله كتابه, فقال:

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾

[سورة الحجر الآية: 9]

هل معنى حفظ كتابه ألا تجري محاولة لتغيره؟ لا جرت محاولات كثيرة لتغيره، ولكنها لم تنجح, بل إن سماح الله لهذه المحاولات أن تبدأ وتستمر قليلاً, ثم تخفق, هذا دليل حفظ الله عز وجل لكتابه، محاولات كثيرة جرت لتغير كتاب الله فلم تفلح، وعندي شواهد كثيرة لا مجال لذكرها الآن، قدمت هذه الفكرة تمهيداً إلا أن الله سبحانه وتعالى كماله مطلق, وتصميمه مطلق, فإذا تنطّح الإنسان للبحث عن طريقة أخرى غير الطريقة التي صممها الله عز وجل في الإنجاب ينبغي أن لا يختل توازننا، وأن لا نفقد ثقتنا بقرآننا وبديننا، ينبغي أن نبقى متوازنين، لأن الله حينما يسمح لمحاولات أن تخط طريقاً غير الطريق الذي رسمها الله لإنجاب النسل البشري, ينبغي أن نعلم علم اليقين أن هذه المحاولات, وتلك التجارب ربما زادتنا إيماناً بكمال الله عز وجل.

إليكم هذا الفشل الذريع الذي توصل إليه الغرب:

أيها الأخوة, يقول الله عز وجل:

﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾

[سورة الإنسان الآية: 2]

هذا الحوين حينما يلتقي مع البويضة, ويتحدان في البويضة مورثات، وفي الحوين مورثات, وكل مورث فيه مئات الصفات, وقد تزيد عن ألف صفة في كلا الحوين والبويضة، أما الصفتان المتشابهتان في تلقيح الذي رسمه الله عز وجل من الذكر والأنثى, قال تعالى:

﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾

 

[سورة النجم الآية: 45-46]

حينما يكون النسل وفق منهج الله عز وجل وفق تصميمه الكامل المطلق الصفة الأقوى تغلب الصفة الأضعف، فيأتي النسل قوياً، وقد ورد عن سيدنا عمر, أنه قال: ((اغتربوا لا تضووا)) أما حينما نأخذ خلية من ثدي المرأة, وننميها في رحمها حتى تغدو جنيناً، فالجنين ليس بنت المرأة بل هو أختها، وأن صفات الضعف تزداد, وأن هناك أخطاراً لا يعلمها إلا الله، لقد ظهرت علائم الشيخوخة المبكرة بعد خمس سنين من هذه النعجة التي استنسخوها.
أيها الأخوة, الإيمان القوي لا يتزلزل أمام تقدم علمي، أمام قفزة هدفها الأول التحدي, وليس الحصول على شيء لم يكن موجوداً.
أيها الأخوة الكرام, فضلاً عن أن كلفة الاستنساخ بملايين الدولارات, فهل نحن بحاجة إلى ملايين الملايين كي نأتي بطفل؟ على كل هذه من فتن آخر الزمان, عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ:

((أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلُهَا آخِرَهَا))

[أخرجه الإمام أحمد في المسند]

مستقبل الاستنساخ:

هناك دعوة للتأله من قبل البشر في الغرب، هذا نوع من التأله والتحدي، ليست هناك حاجة أبداً وإطلاقاً، وحينما يمتد الزمان تكتشفون من خلال ما تسمعون أو تشاهدون أي خلل نتج من هذا الاستنساخ، لكن التصميم الإلهي هو الكمال المطلق، وأي عدول عنه نحو الأسوأ يقيناً, وقد ورد في القرآن الكريم أنهم يغيرون خلق الله، هذه الفتنة العلمية ينبغي أن لا تهز المركبة العملاقة، السفن العملاقة لا تهزها موجة صغيرة، بينما القوارب الصغيرة ضعيفة الإيمان تقلبها أصغر موجة، فنحن أمام فتن يتبع أولها آخرها، نحن أمام فتن في القول, وفتن في العمل, وفتن في الاعتقاد والسلوك, وفي تطوير الدين وتجديده، نحن أمام فتن لا تنتهي، لذلك ينبغي أن يسعى المؤمن لتقوية إيمانه، لئلا يكون قارباً تتلاعب به الأمواج, ليكون سفينة راسخة في عباب الماء، هذا الكون كله يشهد بعظمة الله عز وجل، وحينما يسمح الله لمتأله من بني البشر أن يخط طريقاً وأسلوباً في النسل غير الأسلوب الذي رسمه الله عز وجل فليتأكد كمال الله، وإن عشنا إن شاء الله سوف ترون وتسمعون كم هي الأخطار التي نتجت عن هذا الاستنساخ؟ أنا لا أريد أن أحكم مسبقاً، وأتمنى على كل الدعاة إلى الله أن يتمهلوا في الحكم ولا يتسرعوا، فالباطل باطل من دون أن تحطمه, قال تعالى:

﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾

[سورة الإسراء الآية: 81]

الباطل وحده ينهار، دعه ولا تعجل عليه, ولا تتسرع بالأحكام، انظر لما سيكون، التصميم الإلهي هو الكمال المطلق, وأي تغير لهذا التصميم هو نحو الأسوأ، وكلما تقدم بكم العمر رأيتم الأخطار والانحرافات التي تنتظر هذا الأسلوب الذي يدعى بالاستنساخ، أما إذا كان من أجل المعالجة والطب فلا شيء عليه، بل نحن مأمورون به لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

((لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

تحميل النص

إخفاء الصور