وضع داكن
18-04-2024
Logo
ستر العورة - الدرس : 2 - عورة الرجل بالنسبة للرجل .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

التستر من صفات المؤمن الأساسية :

أيها الأخوة المؤمنون... بدأنا في الدرس الماضي في موضوعٍ، أظن أننا في حاجةٍ ماسةٍ إليه، ولا أنطلق في اختيار الموضوعات إلا من الواقع، حينما أرى عدم انضباط في موضوعٍ جاء به حكمٌ شرعيٌ واحد أجد نفسي مضطراً أن أبين الحكم الشرع في هذا الموضوع.
بادئ ذي بدء يمكن أن نقول: إن من لوازم المؤمن، المؤمن له صفات كثيرة لكن هناك صفات أساسية، قلت لكم في درس سابق: إن من صفات المؤمن الأساسية أن حياته مبنية على العطاء بينما حياة غير المؤمن مبنية على الأخذ، وهناك مشعرٌ دقيق ما الذي يسعدك أن تعطي أم أن تأخذ ؟ إن كان الذي يسعدك أن تعطي فأنت من أهل الآخرة، وإن كان يسعدك أن تأخذ فأنت من أهل الدنيا، لذلك أهل الإيمان، أهل الله، الذين ينتظرهم عطاءٌ كبير في الآخرة يسعدهم العطاء، بنوا حياتهم على العطاء، لا على الأخذ، لذلك كان الأنبياء في هذا الموضوع قمماً، كانوا قمماً، أعطوا ولم يأخذوا، أعطوا كل شيء، حياتهم كلها عطاء بعطاء.
من لوازم المؤمن، من سماته الأساسية، التستُر، بينما غير المؤمن التعري سمة أساسية، في بيته، في عمله، في لهوه، في مناسباته ، في نزهاته، حياة المؤمن حتى في بيته، حتى في شرفاته، غير المؤمن متبذِّل، لا يبالي ما ظهر من أعضائه، لذلك كان موضوع العورة موضوعاً دقيقاً جداً، إذاً يجب أن يبقى في ذهنكم أن من صفات المؤمن الأساسية التستُر.
لكن قد يسأل سائل: ما حكمة ذلك؟ قبل أن أخوض في الحكمة لي تعليقٌ دقيقٌ جداً، أنت كلما أردت أن تقدم على تنفيذ أمر لله عزَّ وجل، إن سألت عن الحكمة ما الذي يحصل؟ أن المؤمن يستوي مع غير المؤمن؟! المؤمن الصادق إذا ثبت له أن هذا أمر الله عزَّ وجل، وأن هذا أمر نبيه، بادر إلى التطبيق، من دون أن يسأل عن الحكمة لكن الله جلَّ جلاله يكرمه بعد التطبيق، وبعد الانصياع للأمر بكشف الحكمة.

تعليق التطبيق على الحكمة ليس من حق المؤمن إن جاءه أمرٌ من خالقه :

نحن في حياتنا دائماً يوجد شخص أعلم منا، وشخص في مستوانا، وشخص أدنى منا، لا يسأل عن الحكمة إلا المساوي، فإذا أمرت من هو أدنى منك بأمر، أنت لست مطالباً أن تبيِّن له الحكمة، وإذا أمرت بأمر، أنت لا تستطيع أن تسأله عن الحكمة، لكن إذا قال لك زميلك، الذي من سنك، وفي مستواك، وفي مرتبتك، أو شريكك في العمل: افعل. تقول له: لماذا؟ كلمة لماذا من يقولها؟ المساوي، أما الأدنى فليس من حقه أن يسأل هذا السؤال، عليك أن تنفِّذ فقط، ومع ذلك فالله جلَّ جلاله في آيات كثيرة تحبباً إلينا وتكريماً لنا، ورفعاً لشأننا أعطانا الأمر مع حكمته، أعطى الأمر مع حكمته، إذاً أنا كمؤمن مهمتي أن أتحقق من أمر الله عزَّ وجل، فإن ثبت لي أن هذا أمر الله بنص الكتاب، وبنص السنة، ما عليّ إلا أن أبادر إلى التطبيق، أما إن سألت عن الحكمة فهذا من قبيل أنني إذا عرفت الحكمة ربما نقلت هذا الأمر للناس، فاستطعت أن أقنعهم بتطبيق هذا الشرع، لا من باب أنني لا أطبِّق حتى أعرف الحكمة، هذا ليس وارداً إطلاقاً.
لكن أحياناً وهذا من باب التمثيل، أحياناً الأب في ذهنه أشياء كثيرة، عندما ينتظر ابنه في المستقبل، يقول له: يا بني ادرس، ابنه صغير في الصف الابتدائي، في الصف الخامس، كيف سيقنعه أن الحياة سوف تكون معقدة جداً؟ ولا مكان إلا للمتعلم، والمتعلم يملك رأس مال ثابت، هناك تعليلات كثيرة، قد لا يملك فهمها هذا الطفل، لذلك قد يعطيه حكمةً في مستوى سنه، يقول له يا بني ادرس، فإن درست فلك مني جائزة، الأب في ذهنه أهداف كبيرة جداً وبعيدة جداً، يريد من ابنه أن يكون إنساناً متميزاً، متفوقاً، متكيفاً مع الحياة في مستقبلها.
فنحن قبل أن نبحث عن الحكمة، الحكمة إن سألتها تأدباً من أجل أن تعلم الآخرين لا مانع، لكن ليس من حقك كمؤمن جاءك أمرٌ من خالقك أن تعلِّق التطبيق على الحكمة، هذا ليس من صفات المؤمن، وأن فعلت هذا استوى المؤمن وغير المؤمن.

أوامر الشرع ليست حداً لحرية الإنسان ولكنها ضمان لسلامته :

الشيء الثاني، هذا الشيء قادني إلى مثل، ضربته من فترة طويلة، إذا أنت عندك محطة وقود، ويوجد فيها مكان للإعلان، كم إعلان ممكن أن تعلق بهذا المكان؟ ويوجد عندك فراغ أبيض في مدخل المحطة، يصلح لإعلان، أو لتنبيه، أو لتحذير، ممكن أن تقول: يرجى أن تقف بالدور، ممكن، ممكن أن تقول: حافظ على نظافة المحطة، لكن يجب أن تنتقي أخطر شيء في هذه المحطة، أطفئ المحرِّك، إذا كان هناك بخار بنزين، أو ممنوع التدخين مثلاً، تختار إعلاناً مصيرياً، ممكن أن تكتب مئة إعلان، لا يقدِّم ولا يؤخر، فأنت يجب أن تؤمن أن الشيء إذا ذكره الله في القرآن فهو خطيرٌ جداً، القرآن سكت عن مليون قضية، القرآن سكت عن مئة مليون قضية، الموضوعات التي عالجها، التي بيَّن فيها حُكماً، التي أمر فيها أو نهى فيها، يجب أن تؤمن أن هذه موضوعات خطيرة بل هي موضوعاتٌ مصيرية، بل ممكن أن يهلك الإنسان إذا خالفها، كما أنه من الممكن أن أكتب في هذا المكان ألف إعلان وإعلان، وألف تنبيه وتنبيه، وألف تحذير وتحذير، لكن أخطر تحذير أن هذه المحطة لو جاءتها شرارة لالتهبت كلها، إذاً ممنوع التدخين أطفئ المحرك، هذا إعلان مصيري.
إذاً أنت أمام شرع، فيه أمر، و نهي، و سنة، و شيء سكت عنه الشرع، الذي أمر به تتوقف عليه سعادتك، والذي نهى عنه أساسه الهلاك، هذا الإيمان الذي أمر به تتوقف عليه سعادتك، والذي نهى عنه طريق الهلاك في الدنيا والآخرة، والذي جاء به النبي من سنةٍ عليه الصلاة والسلام هذا من قبيل تكميل الفرض، والذي نهى عنه النبي بمستوى الكراهية هذا من قبيل الابتعاد عن المحرَّم، أما الذي سكت عنه الشرع، ففي الذي سكت عنه الشرع حكمة بالغة بالغة لا تقل عن حكمة الذي أمر به أو نهى عنه.
النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث صحيحة نهانا عن كشف العورة، والقرآن الكريم فيه آيات كثيرة جداً.
إذاً ربما كان كشف العورة طريقاً إلى الزنا، وربما كان الزنا طريقا للبعد عن الله عزَّ وجل، وربما كان البعد عن الله عزَّ وجل هلاكاً محققاً للإنسان.
إذاً عندما يشير القرآن الكريم بآيات كثيرة ذكرتها في الدرس الماضي إلى وجوب ستر العورة، فهذا شيء مهلك، كشف العورة مهلك، وإذا أردت على هذا برهاناً الذي يجري في مجتمعات أهل الدنيا، في المسابح، في سواحل البحر، في المتنزهات، في الفنادق، في الحفلات، في المناسبات التي يخرج بها الإنسان عن حدود الانضباط، ماذا يجري هناك ؟
أنا أعرف أخاً كريماً ذكر لي أسرتين ذهبتا إلى الساحل، نزهة في الصيف، يبدو من تكشُّف النساء أمام الرجال، عادت الأسرتان إلى الشام، أحد الأزواج طلَّق زوجته، وتزوج التي كانت معه في النزهة، وعندها سبعة أولاد، هذا كشف العورة، فليست قضية سهلة، الدين كله عورات، ووضوء، وحيض، ونفاس يا أخي، هذا الدين، الدين يعالج أخطر قضية، يجب أن تؤمن أيها الأخ الكريم أن أوامر الشرع ليست حداً لحريتك، ولكنها ضماناتٌ لسلامتك، تماماً كما لو كنت في حقل، ورأيت لوحةً بلونٍ صارخ: ممنوع الاقتراب، حقل ألغام، هل تشعر بحقد على من وضع هذه اللوحة ؟ لا والله، أشعر بامتنان هل هذه اللوحة تحد من حريتي؟ لا والله، تضمن لي سلامتي ، إن فهمت النواهي في الدين كهذه اللوحة فأنت مؤمن، أنت صرت فقيهاً، أما إن رأيت أوامر الدين ونواهيه عبئاً، يا أخي الدين ثقيل، الإنسان من دون تدين يقول لك: أريح، يتحرَّك حركة طبيعية، هذه حرام، وهذه حرام، وهنا غض بصرك، وهنا ممنوع أن تمشي، طبعاً هذا ضيق الأفق.
أما حينما نرى أن كلام الله عزَّ وجل، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، تشير إلى موضوع، يجب أن تؤمن بادئ ذي بدء أن هذا الموضوع خطير، أن هذا الموضوع يمكن أن ينتهي إلى هلاك.

حالات الانحراف والزنا أساسها كشف العورات :

لا أريد أن أذكر لكم قصصاً تناهت إلى سمعي بحكم عملي في الدعوة إلى الله لا تصدق، مثل بسيط أذكره لكم، إنسان ساكن في الشام، بحكم عمله له أخوان من خارج دمشق، فسكنا معه ليدرسا في دمشق، طبعاً في البيت زوجة أخيهما يقول أحد هذين الأخين الزائرين لأستاذٍ له هو زميلٌ لي، قال له: يا أستاذ لأخي ثلاثة أولاد، منه ولد، ومني ولد، ومن أخي الثاني ولد، إذا إنسان يريد أن يقول: لا تعقدوها، لا تدققوا، هذا الشرع، أنا عندي مثل هذه القصة مئات، كل شيء حرمه الله، كل شيء نهى الله عنه، معنى هذا هناك أخطار كبيرة جداً ولا أريد أن أدخل في تفاصيل، لا يليق بهذا المجلس أن تذكر، لكن الشيء الذي حرَّمه الله يجب أن تعلم أن الذي حرم هو الخالق، أن الذي حرم هو الصانع، أن الذي حرم هو الخبير، قال تعالى:

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 19 ]

فيجب أن تؤمن أن أكثر حالات الانحراف، والزنا، وما شاكل الزنا من انحرافاتٍ خلقية أساسها كشف العورات، أساسها التبذل، أساسها عدم التقيُّد بالشرع.
عظمة هذا الذين أنه إحاطة من أول الطريق، الصخرة وضعها في مكانٍ أمين لكن بعد أن تنطلق في المنحدر، ليبقى هذا المثل في ذهنك، بعد أن تنطلق في المنحدر، لا بد من أن تصل إلى قاع الوادي، إذا تساهلنا في البدايات، نصل إلى النهايات.
إذاً أول فكرة: المؤمن من سماته الأساسية التستر في بيته، في شرفات بيته، في ثيابه في البيت، في ثيابه في النزهات، حتى إذا أراد أن يسبح له ثياب خاصة، هذا مؤمن، من نوع ثياب السباحة هذا مؤمن، هذا مؤمن يسبح يستر عورته، فالتكشف من صفات غير المؤمن، الحقيقة أن التكشف عودة للجاهلية، عودة إلى مستوى البهائم، وإن من البهائم أشدّ حياءً من الإنسان، معروف إلا الخنزير طبعاً، يقول لك: فلان مخنزر، أي يشبه في أخلاقه أخلاق الخنزير.

عورة الرجل بالنسبة إلى الرجل :

الآن درسنا اليوم.. عورة الرجل بالنسبة إلى الرجل، أولاً: تأكد أنك إذا طبقت السنّة في البدايات ما وصلّت إلى مناطق خطرة أبداً، كل منطقة خطرة لها بداية، الإسلام أغلق عليك الطريق منذ البداية، الإنسان غير الدين، البدايات مفتوحة يجد الباب مفتوحاً يدخل فيه، بعد هذا يجد الطريق زلقاً، لا يتمكن أن يقف، إلى أن يصل إلى آخر الطريق، إذاً الإسلام أغلق الأخطار من بداياتها التي تبدو كأنها طبيعية، من هنا أغلقها.
عورة الرجل بالنسبة إلى الرجل، قال: إما أن يكون الرجل قريباً كالأب، والابن، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم، والخال، وغيرهم، هذه قرابات، وإما أن يكون أجنبياً، ليس بقريب، على كل موضوع العورة في هذا يستوي فيه القريب وغير القريب، ينظر الرجل من الرجل سواء أكان قريباً أو أجنبياً، ومن غلامٍ بلغ حدَّ الشهوة بأن صار مراهقاً، سوى ما بين سرته إلى ما تحت الركبة، إن تيقَّن عدم الشهوة وإلا فلا، هذا الحكم الأول، أي رجل لرجل، أب لابن، ابن لأب، أخ لأخ، أخ لأبن أخ، أخ لابن أخت، ابن أخت لعم، لخال، هذه هي القرابة، أو شخص غريب، غريب أو قريب لا يحلُّ لك أن تنظر إلى رجلٍ مثلك في ما دون السرة وما فوق الركبة. إذاً السباحة مع أناس يرتدون القصير، لو أنك ترتدي الطويل، هناك مخالفة شرعية، أنت ناظر، لو نظر إليك أحدٌ لا يرى منك شيئاً، أنت لابس سروالاً طويلاً، لكن الذي يرتدي القصير ما تفعل به ؟
النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:

(( ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل من السرتين من العورة ))

[ ورد في الأثر]

ادخل فرك لي ظهري، لو كان ابن لأبيه أو أب لابنه، أو أخ لأخيه، لا يجوز أن يرى الرجل من الرجل، ولو كان غلاماً بلغ حدّ الشهوة، معنى بلغ بالمناسبة يوجد عندنا حالتان، إما سناً، أو علامةً، السن خمس عشرة، لو أنه بلغ أي خرج منه ماء الرجال في الثانية عشرة، أيهما أقل؟ إما على أساس السن، أو على أساس العلامة، إذاً من السرة إلى ما تحت الركبة، من العورة، فالإنسان ينتبه.
حديث آخر، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( إن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة ))

[ ورد في الأثر]

حديث ثالث:

(( ما بين السرة والركبة عورة ))

[أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده]

الفخذ من العورة، لذلك قال عليه الصلاة السلام:

(( عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تُبْرِزْ فَخِذَكَ وَلا تَنْظُرَنَّ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ ))

[أبو داود عن علي ]

هذا توجيه.

(( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ ))

[أحمد عن محمد بن جحش]

مرّ عليه الصلاة والسلام برجل وفخذه مكشوفة، قال:

(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذُهُ خَارِجَةٌ فَقَالَ غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ ))

[أحمد عن ابن عباس]

ثلاثة أحاديث ما بين السرة إلى الركبة عورة.
حديثٌ رابع:

(( أَخْبَرَنِي ابْنُ جَرْهَدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَنْ فَخِذِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّهَا مِنَ الْعَوْرَةِ ))

[الترمذي عن ابن جرهد]

حديث خامس:

((الركبة من العورة ))

[ ورد في الأثر]

كاشف الركبة ينكر عليه برفق وكاشف الفخذ يعنَّف وكاشف السوأة يؤدَّب :

اليوم درسنا الرجل للرجل فقط، هذا الموضوع يمس الحمام، مسبح، خلع الثياب، أثناء ارتداء الثياب، الاغتسال في البيت، خارج البيت، في الرياضة، في الركض، في السباحة، لا تنظر ولا تدع أحداً ينظر إليك، ولا تُطع أحداً في معصية ربك، هذا الطريق من أوله.
لكن الطبيب وحده له أن ينظر إلى مكانٍ محرمٍ إظهاره، والطبيب المسلم ينظر بالقدر الذي يُسْمَح.
طبعاً الركبة حرمة إظهارها أخف من حرمة إظهار الفخذ، وحرمة الفخذ أقل من إظهار السوأتين، أيضاً يوجد تدرُّج، لكن العورة من السرة وحتى الركبة.
العلماء قالوا: كاشف الركبة ينكر عليه برفق، وكاشف الفخذ يعنَّف، وكاشف السوأة يؤدَّب، أحدهم يلفت نظره برفق، والثاني يُعَنَّف، والثالث يؤدَّب، أي قد يضرب. وما يباح النظر إليه يباح مسه، إذا إنسان رجل أمسكته من يده، المكان الذي يباح النظر إليه يباح مسه، والمكان الذي لا يباح النظر إليه لا يباح مسه، لا فوق الثياب ولا تحت الثياب، يكره تحريماً للرجل أن يُمَكِّن رجلاً من تنظيفه بالكيس والليفة ما بين سرته وركبته، يكره تحريماً، هذه أحكام الشرع في هذا الموضوع.
هناك قول للإمام مالك يغني أحياناً، يحدث تعلُّقاً بحكم دون أن يفقه الناس حقيقة الحكم، يعتقد بعضهم أن الإمام مالك أجاز النظر إلى الفخذ، حقيقة الأمر أن الإمام مالك من بين العلماء قسَّم العورة إلى عورة مغلَّظة، وعورة مخففة، ويرى الإمام مالك أن من كشف عورته المغلَّظة عليه أن يعيد الصلاة والتي قبلها، أي أية صلاةٍ صلاَّها وعورته المغلَّظة مكشوفة عليه أن يعيدها، أما إذا كشف عورته المخففة وهي الركبة وجزء من الفخذ، فهذا يعيد الصلاة الوقتية فقط.
إذاً الإمام مالك ما خرج عن إجماع العلماء، العلماء بأكملهم وجميعهم قالوا: إن الفخذ عورة، لكن الإمام مالك فصَّل بين عورةٍ مغلظةٍ وعورةٍ مخففة، العورة المغلظة لو كشفت عليه أن يعيد كل صلاةٍ صلاَّها وقد كشف عورته المغلظة، بالمناسبة كاشف العورة المغلظة يستوي في كشفها إن كان عامداً، أو جاهلاً، أو ناسياً، عليه أن يعيد الصلاة كلَّها، إن كان جاهلاً، أو ناسياً، أو عامداً، في أحكام الفقه سواء.
فالإنسان عندما تكون حياته بهذه الانضباط، يعيش في برّ الأمان، يعيش في راحة نفسية، أما إذا فتح على نفسه هذه الأبواب فربما ساقته إلى ما لا تحمد عقباه.

حكم النظر :

حكم النظر، يوجد عندنا نقطة دقيقة إنه إذا كان هناك فتنة، أيُّ شيءٍ يجب ستره، أي نأخذ مئة شخص، التسعون شخصاً من المئة أسوياء، طبيعيون، أما إذا كان بالمئة عشرة شاذين، فلا ينبغي أن يرى من الرجل لا ما بين السرة إلى الركبة، ولا فوق ولا تحت، إذا كان هناك إنسان مريض، شاذ، منحرف الأخلاق، تخشى معه الفتنة، كلُّ شيءٍ يصبح عورةً، هناك حالات، أشخاص غير طبيعين مثلُّ هؤلاء هذه الأحكام ليست لهم، هذه الأحكام للأسوياء.
إذاً موضوعنا للأسوياء، لعامة المؤمنين، أما أحياناً تكون بعصر من العصور هذه النواحي آخذة حيِّزاً كبيراً بحياة الناس، طبيعة الحياة الحديثة، طبيعة الإعلانات، طبيعة الطرقات، تعمل مشاعر استثنائية، أي أهل الدنيا، أهل الكفر، والفجور، استخدموا المرأة في كلِّ شيء حتى في الإعلان عن أتفه البضاعات، علبة بويا عليها صورة امرأة هكذا، الإعلان عن كل شيء أساسه المرأة وكأنها سلعة، لذلك في هذا العصر عصر تيقُّظ الشهوات، عصر الفتن، هذا العصر من لوازمه أن هذه النواحي تبرز في حياة الإنسان، لذلك الفتنة الآن قائمة، كل شيء سمح به العلماء في الأيام الطبيعية مع الأشخاص الأسوياء، الآن هناك حرج، فلذلك موضوع الفتنة موضوعٌ يلغي كلَّ هذه الأحكام ويجعلك تنظر نظرةٌ أخرى للأمور. ما هي الفتنة بعد الضبط؟ لو أن إنساناً عنده ابن صبيح الوجه، كيف الأب ينظر لابنه؟ نظرة كلُّها براءة، كلُّها اطمئنان، أي إذا نظرت إلى وجهٍ صبيحٍ كنظرة الأب لابنه هذا حال طبيعي، إلى وجه صبيٍ مثلاً، أو غلامٍ، أما إذا تمنَّى الإنسان أن يلمسه، معنى ذلك هناك قضية شهوة، ففي هذه الحالة ينبغي أن يأخذ الأمر أحكاماً أُخرى، إذاً لو تحرَّك القلب، وتحرَّكت الشهوة، وصار هناك رغبة، عندئذٍ هذه هي الفتنة، عندئذٍ لا يجوز لا أن تنظر، ولا أن تستمع، ولا أن تمسك، ولا أن تلمس إطلاقاً.
أحياناً تنظر إلى وردة، أحياناً تنظر إلى لوحة فنية، منظر طبيعي، تستمتع بجماله هذا الحد الطبيعي، لكن جمال الإنسان له مشكلة أخرى، ليس كجمال وردة، ولا كجمال شجرة، ولا كجمال غزال مثلاً، الأشياء التي خلقها الله هو الجميل، وخلق الجمال، لكن الشهوة التي أودعها الله في الإنسان، لا يكتفي الإنسان بالنظر إلى الجمال، بل يتحرك التحرك هو الفتنة، هو الفساد، هذا الذي قاله العلماء: عند أمن الفتنة.
لو فرضنا.. الآن نتكلم عن الرجل للرجل فقط، وجه صبيح إذا نظرت إليه وكأنه ابنك وضع طبيعي، أما إذا كان هناك مشكلة، هذا الذي نهى عنه الفقهاء فالحكم معروف.
وعدم الشهوة، كما جاء في التعريف الفقهي ألا يتحرك قلبه إلى شيء من ذلك بمنزلة، من نظر إلى ابنه الصبيح الوجه بالضبط، هذا هو المقياس. أمْنُ ميل النفس إلى القرب منه، أو المس له، إذا هناك أمن، عدم الرغبة بالقرب، أو المس، الوضع طبيعي، كما لو أنه ابنك، هذا حكم النظر إلى وجه الرجل إذا كان شاباً.
يقول عليه الصلاة والسلام:

(( الإثم حوَّاز القلوب، وما من نظرةٍ إلا وللشيطان فيها مطمع ))

[ شعب الإيمان عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه ]

عورة الصغير :

أنا أسأل أحياناً كثيرة عن عورة الصغير، العلماء قالوا: دون أربع سنوات عورته هي السوأة فقط، لكن بعد الأربع سنوات تزداد العورة فيما حول السوأتين، بعد العشر سنوات تصبح له عورة، يجب غض البصر عنها، أما إذا بلغ، دخل في حكم الرجال، كما بينا قبل قليل.
هناك موضوع أن الغلام ينبغي أن يمنع من الدخول على النساء، متى؟ الآية تقول:

﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾

[ سورة النور: 31 ]

أي الطفل إذا دخل على النساء، ولا يفرِّق أبداً بين الحسناء والدميمة، لا يعرف ما عندهن من فتنة، إذا كان في هذا المستوى فهو دون سن البلوغ، أما إذا بدأ يفرِّق فلا ينبغي أن يسمح له بالدخول على النساء.
المشكلة أن مع تقدم الحضارة المادية التي جاءتنا من الغرب، ومع هذه الأجهزة التي لا ترضي الله عزَّ وجل، والتي تعرض فيها النساء كاسيات عاريات، هذه تنمِّي عند الصغار الميل الجنسي، تنميه في وقت مبكر، لذلك ما يصح قبل مئة عام لا يصح الآن، هذا الطفل الصغير الصغير تظنه بريئاً، وهو ليس ببريء، وهو يفهم كالكبار، إذاً الحكم الآن: يجب أن يأخذ منحىً آخر، أن الأحكام تدور مع الأزمان، ومع تغير البيئات والحالات، والعياذ بالله الآن الوضع، البرامج الفنية، وأجهزة اللهو في البيوت، هذا يسبب فتناً كبيرة جداً، حتى أن الصغير أصبح في إدراكه لهذه الموضوعات كالكبير، فلذلك الإنسان كلما ابتعد عن هذه الملهيات، وكلما أزالها من بيته، كان في بحبوحةٍ، وفي طمأنينةٍ كبيرة، لأنه شيء فيه فساد ثابت.

 

حكم الدخول على النساء :

النّبي عليه الصلاة والسلام في حديثٍ صحيح يقول:

((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ ))

[البخاري عن عقبة بن عامر ]

أخطر شيء القريبات، بحكم الاعتياد، والعلاقات الاجتماعية، هذه امرأة أخي، وهذه كنة عمي، هذه الكلمات هي ينظر إليها، ويتحادث معها، ويتملىَّ من محاسنها، وقد يمازحها، وقد يقع الشيء الخطير بحكم القرابة، والدخول، والخروج، والزيارات، والطُمأنينة الساذجة من الأهل، هذا كلُّه ينبغي أن يكون في حساب المؤمنين.
أقول لكم كلاماً: إذا اكتشف الرجل في بيته مشكلة خطيرة، بين ابنته وبين شاب، أو بين ابنه وبين شابة، أي شيء لا يحتمل، لا تحتمل أعصابه هذا الخبر، والمفرط أولى بالخسارة، وإذا كان لا يعلم فالمصيبة أكبر بكثير، مصيبة كبيرة جداً، فلذلك أخذ الاحتياط هو الأحزم، الحزم سوء الظن، سوء الظن عصمة، احترس من الناس بسوء الظن، الشرع أقوى، والتقوى أقوى، أي قضية مخالفة للسنة ابتعد عنها، ولو بدوت أمام الناس الجهلاء متعصباً، ومتزمتاً، لماذا قال عليه الصلاة والسلام:

((مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلا يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ ))

[أحمد عن عمرو بن شعيب]

لكي لا يقع الفساد، فرقوا بينهم في المضاجع، وماذا قال الله عزَّ وجل؟

﴿ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾

[ سورة النور: 58 ]

لماذا الإذن؟ قال:

(( إنها أمي يا رسول الله !! قال: أتحب أن تراها عُريانة ))

[ ورد في الأثر]

الموضوع فيه حرج قليلاً، والتفاصيل فيه محرجة، إلا أن الحق هكذا، أيهما أشد عاراً أن نخوض في هذه الموضوعات أو أن نجهلها؟ أن نخوض فيها، هذا دين شرع، منهج، أما أن نجهلها فهذا أشد عاراً بالإنسان، أن يجهل حقيقيةً مصيريةً خطيرةً في حياته، فلذلك الكلمة الشهيرة: التقوى أقوى، أقوى لعلاقاتك، أقوى لمستقبلك، أقوى لطهارتك، أقوى لنزاهاتك، أقوى لعفتك، الله عزَّ وجل قال:

﴿ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾

[ سورة الأحزاب: 53]

غض البصر أطهر، غض البصر، الخلوة، مثلاً، التبذل، الآن أكثر الناس عندهم وهم أن هذه أختي، هذه أمي، هذه بنت أخي، هذه بنت أختي، هذه عمتي، هذه خالتي، هذه من المحارم، لا يجوز، أن تراهُنَّ إلا بملابس الخدمة، وثياب الخدمة كما نصَّ عليها الفقهاء ثيابٌ تستر الصدر، والعضُد، وتحت الركبة، هذه هي ثياب الخدمة، أما إذا كان هناك ثياب فيها تبذل، ولو كان أختك، لو كان ابنتك، ولو كان عمتك، ولو كان خالتك، ولو كان والدتك، ثياب التبذل هذه لا يجوز أن يراها المحارم، لكن نحن عندنا كله يجوز، هذا لا يجوز، الزوجة لها حكم، والمحارم لهن حكم، أما زوجة الابن فلا يجوز الخلوة بها، وزوجة الأب لا يجوز الخلوة بها، هذا في الفقه الحنفي، وفي حاشية ابن عابدين، لا يجوز الخلوة بالصهرة الشابة. وسمعت قصصاً كثيرة عن حالاتٍ يُندى لها الجبين، بين الابن وزوجة الأب، وبين الأب وزوجة الابن.

 

الابتعاد عن الخلوة بالنساء :

الصنف الثالث، لا يجوز الخلوة بهن، أول صنف: حكم خاص، الزوجة، و المحارم، لا يجوز أن تنظر إليهن إلا بثياب الخدمة، الثياب المتبذلة لا تجوز، الصنف الثالث: لا يجوز أن تخلو بهن، هذا حكم الفقهاء، والسفر قالوا: خلوة، السفر خلوة، وأي شيءٍ نهى الله عنه، هناك حالاتٌ كثيرةٌ جداً، والله سمعتها، وصلتني، وما زادتني إلا إيماناً بعظمة هذا الشرع، إن كل مشكلة أساسها مخالفة، وأجمل شيء بالحياة أن الإنسان يعيش عمراً مديداً، لا يوجد عنده ببيته مشكلة أبداً، لا يوجد انحراف، لا يوجد قصة يستحي أن يسمعها، لا يوجد قصة يُصْعق لو سمعها، شيء صعب جداً أن الإنسان يكتشف بوقت متأخر أن هناك خللاً ببيته، فيما بين أولاده، فيما بين أقاربه، هذا الشيء أساسه التقصير في تطبيق الشرع، كلُّ هذه المشكلات الخطيرة التي تهُدُّ الإنسان هداً أساسها تقصيرٌ في تطبيق الشرع، لأن النظرة، النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، طبعاً عندك الناظر والمنظور، أحياناً الخطأ من الناظر، وأحياناً الخطأ من المنظور، لو أن المنظور كان متستراً، لو أنه كان ملتزماً، لو أنه طبَّق السنة، لما حدث شيء، مخالفة المنظور وضعف الناظر سببت هذه الفتنة الكبيرة.
إذاً الموضوع بشكل مجمل، عورة الرجل بالنسبة إلى الرجل، ومن الرجال من كان شاباً بلغ الحلم، ما بين السرة إلى الركبة، والركبة من العورة، أما إذا كان هناك فتنة فلا يجوز، ما أبيح من قِبَل الفقهاء، كلّ أحكام الفقهاء عند أمن الفتنة، فإن لم تؤمن فلا ينبغي أن نسمح. أحياناً، يقول لك: أخ وأخته، لكن لو شعر الأب أن هذا الابن له نظرات غير طبيعية، ودخل على أخته في غرفتها مرَّات عديدة، إذا شعر الأب أو الأم شعرت فهذا صار حكماً آخر، هناك حكم آخر، هذه الأحكام عند أمن الفتنة، عند الأشخاص الأسوياء، عند الأشخاص العاديين. طبعاً الله عزَّ وجل منح الأشخاص جمالاً، أما إذا رأيت شاباً وجهه صبوح وكأنه ابنك، وهذا شيء تعرفه أنت، عادي، وضع طبيعي، معنى ذلك أنت مع الأسوياء، مع الطبيعين، مع من تنطبق عليهم أحكام الشرع، أما إذا كان مع النظرة تحريك للقلب، أو رغبة بالمس، فهذه فتنة خطيرة جداً، عندئذٍ حتى لو كان شاباً، هو عورةٌ من فرقه إلى قدمه، كما قال العلماء، الشاب الوسيم إن لم تؤمن الفتنة عورةٌ من فرقه إلى قدمه، أصبح عورة كالمرأة تماماً، أما إذا كان الإنسان سوياً والوضع طبيعياً وما شعر بشيء، فهذا وضع أيضاً طبيعي.
والإنسان كلَّما طبق هذه الأحكام شعر بما يسمى بالطُهر، شعر بالعفة، وضمن أن حدثاً خطيراً لم يقع في بيته، وضمن أن هذا البيت نظيف بكلِّ ما في الكلمة من معنى فأرجو الله جلَّ جلاله أن ننتفع بهذه الأحكام.

غض البصر عن النساء :

وردتني أوراق: يقول أحد الأخوة الأكارم: أعمل في محل لبيع المرطبات، والمحل يعجُّ بالنساء ولكنني أبيعهن، ولا أنظر إليهن، ومعلمي ينبهني، ويطلب إلي أن أنظر إليهن، فهل في وضعي هذا خطأ؟ هذا هو عين الصواب:

﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾

[ سورة العلق :19]

هكذا قال الله عزَّ وجل، طبعاً غض البصر عن النساء أثناء العمل هذا عمل عظيم، وهذا فيه جهد كبير، وهذا الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام:

(( القابض على دينه كالقابض على الجمر أجره كأجر سبعين ))

[الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه]

لكن ما من غض بصرٍ عن امرأةٍ أجنبيةٍ إلا عوَّضك الله سعادةً ولذةً تجد حلاوتها في قلبك إلى يوم تلقاه..

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ﴾

[ سورة المعارج: 29-31 ]

أي شيءٍ خلاف الذي ذكر دخل في وراء ذلك:

﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾

[ سورة المعارج: 31 ]

فالذي سألني هذا السؤال، جاءه الجواب:

﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾

[ سورة المعارج: 31 ]

تطبيق عملي: الرياضة، لا بدَّ لها من ثياب طويلة، وطبعاً مسموح، إنسان عنده ابن، لا يأخذ له بنطالاً قصيراً، يأخذ له بدلة رياضة، بالمدرسة هذه هي السنة، السباحة، تحتاج إلى بنطال طويل، بالحمام لا ينبغي أن نجمع الأولاد بالحمام دفعةً واحدة، هذا خلاف السنة، أنتم خذوا تطبيقات لأنفسكم رأساً، أثناء خلع الثياب، كل إنسان بمفرده يخلع ثيابه، يخلع الابن أمام أبيه، والأب أمام ابنه لا يجوز، علِّم الأولاد أن هذا الشيء ممنوع، خلع الثياب، الحمام، السباحة، الرياضة، هذه كلُّها يجب أن تطبق، أنت ومن حولك، ومن يلوذ بك، ومن تليه، ومن تتولى أمره. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور