وضع داكن
16-04-2024
Logo
سنريهم آياتنا - الندوة : 08 - خطوط معرفة الحق ـ التمويه في عالم الحيوان والحشرات
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشاهدينا الكرام أهلاً بكم إلى لقاءٍ جديد من برنامج :"سنريهم آياتنا"، الذي يتناول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة، يصحبنا من خلاله فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، مرحباً بكم.

 

الدكتور راتب :

بكم أستاذ معتز جزاك الله خيراً.

 

 

الأستاذ معتز :

 أستاذ راتب يقول الله عز و جل :

 

 

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾

 

(سورة فصلت الآية :53 )

 ما أريد الوصول إليه كلمة الحق، الحق هو صفةٌ من صفات الله عز و جل، ولكن على مستوى البشر كثيرون يستعملونها وكثيرون يقولون : إنهم يعرفون الحق ويعرّفونه، نحن نستخدمها كثيراً وكل إنسانٌ كما قلت يعرّفها بطريقته، ولكن ما تعريفك للحق؟

 

تعريف الحق :

 

الدكتور راتب :

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.
أستاذ معتز ما من كلمةٍ متداولةٍ على الألسنة في كل أنحاء العالم ككلمة الحق.

 

الأستاذ معتز :

 كيف ذلك ؟

 

 

الدكتور راتب :

 الحق هو الله، لكن التعريف الدقيق للحق إذا تداولناه كبشر أنه الشيء الثابت والهادف.

 

 

الأستاذ معتز :

 قلت إنها أكثر كلمةً متداولة كيف ذلك هي متداولة ؟

 

 

الحق هو الشيء الثابت والهادف و الباطل هو الشيء الزائف و الزائل :

 

الدكتور راتب :

 كل إنسان يدعي وصلاً بليلى، كل إنسان يدعي أنه على حق، أو يتوهم أنه على حق، أو يكذب ويقول : أنا على حق، كلها إلى مؤدى واحد، ولكن الحق بالتحليل الدقيق الشيء الثابت والهادف، أنا حينما أنشئ جامعة قد تستمر مئات السنين، وهذه الجامعة لها هدفٌ نبيل، تقدم للأمة قادة علماء، أطباء، خبراء، رجال دين، رجال علم، رجال اقتصاد، رجال سياسة، الجامعة من أجل أن تقدم للأمة أعلاماً وقادةً، فشيء بنيَ ليبقى ولها أهداف نبيلة، أما السيرك يقام سيركٌ لأسبوعين أو ثلاثة، وقد ينشأ على شكل خيمة، لأن هذا السيرك وجد ليزول وللتسلية، ليس له هدفٌ متعلقٌ بأهداف الأمة، فالحق الشيء الثابت والهادف، وقد نعرفه من نقيضه وهو الباطل الشيء الزائف و الزائل :

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) ﴾

(سورة الإسراء )

 و زهوق صيغة مبالغة، ومعنى المبالغة بالكم أو بالنوع أي أكبر باطل رفع شعار لا إله تهاون وانتهى وتداعى من الداخل.

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) ﴾

(سورة الإسراء )

 ومليون باطل لا يقوم على أساسٍ صحيح مع الأيام يزول.

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) ﴾

(سورة الإسراء )

 نعرف الحق من تعريف الباطل، الباطل زهوق والباطل زائف، فالحق الشيء الثابت والشيء الهادف، والله هو الحق أي أزليٌ أبديٌ، والله عز و جل بيده الخير يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، يعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير، إذاً الحق الشيء الثابت الذي وجد ليبقى، والشيء الهادف ينطوي على أهدافٍ نبيلة جداً، الحق جاء به الأنبياء، جاءت به الكتب المنزلة، جاء به الصالحون الدعاة، هذا الحق له خصائص وهذا اجتهادٌ.

 

الأستاذ معتز :

 ما هي هذه الخصائص ؟

 

خصائص الحق :

الدكتور راتب :

 واضحة لدى أخوتي المشاهدين، الحق تتقاطع فيه خطوطٌ أربعة، خط النقل الصحيح، نحن ننقل عن الله، القرآن وحي والسنة النبوية الصحيحة شرحٌ لهذا الوحي، لتبين للناس ما نزل إليهم، فنحن مع نقلٍ صحيح وأقول صحيح لأن هناك نقلاً غير صحيح كحديث موضوع، قصة مفتراة، فكرة مزورة، ضلالة، شُبهة، هناك نقل صحيح القرآن قطعيُ الثبوت، فكل آية في القرآن تعد نقلاً صحيحاً، والحديث النبوي الشريف قطعي الثبوت، لو اكتفينا بقطعي الثبوت بالأحاديث الصحاح، فالقرآن والسنة نقلٌ صحيح، وقلت صحيح لأن هناك نقلاً غير صحيح أو لأن هناك نقلاً يؤول تأويلاً غير صحيح، إما أن يكون نصاً ليس له من وجود موضوع أصلاً، أو أن التأويل له غير صحيح، على كلٍّ أنا لا أستطيع أن أقول هذا حق إلا إذا اعتمد على نقلٍ صحيح من الكتاب والسنة الصحيحة، لأن هذا الكتاب من عند الله، الله عز و جل لا يمكن إلا أن يكون كلامه محكماً لا ريب فيه، يهدي للتي هي أقوم، بل أقول لك : أنا بإمكاني أن أعطل عقلي مع النص الصحيح، لو تصورنا أن العقل لأسباب أو لأخرى، أو لبيئة معينة، أو لمعطيات معينة، لم يقنع بهذا الحق الذي جاء عن طريق النقل الصحيح، أقول لك : عطل عقلك واقبل هذا النقل الصحيح لأنه من عند الخبير، طبيب يقول لك : لابد أن تمشي والمريض معه أزمة قلبية، هذا دارس في أرقى جامعة ويبدو أن الحركة تعين القلب على أداء وظائفه، ولو بدا لك أن المشي يضر بالقلب.

 

الأستاذ معتز :

 أستوضح مثلاً من آيات الله الكريم.

 

 

الحق دائرة يتقاطع فيها :

 

1 ـ خط النقل الصحيح :

الدكتور راتب :

 نحن الآن نقول : الحق دائرة يتقاطع فيها خط النقل الصحيح.

﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾

( سورة البقرة الآية :2 )

 أصل النقل الصحيح القرآن.

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾

( سورة الإسراء الآية : 9 )

 فيهديهم سبُل السلام.

 

2 ـ الفطرة السليمة :

 الآن الخط الآخر الفطرة السليمة مقياس لكن أقول سليمة لئلا يظن أن كل فطرةٍ منطمسة هي حق، الإنسان لو عاد لفطرتهِ لعرفَ الحق، الدليل :

 

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾

(سورة الشمس)

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)﴾

(سورة القيامة)

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

(سورة الروم الآية:30)

3 ـ العقل الصريح :

 خط النقل الصحيح، و الفطرة السليمة، بقيَ العقل الصريح، هناك عقل تبريري ساقط عند الله و عند الناس، الإنسان يبرِرُ جرائمهُ أو أخطاءه بكلامٍ معسول كمن لا علاقةَ له بالواقعِ إطلاقاً، كالذي تسمعه من هؤلاء الذين أتوا إلى بلادِ المسلمين من أجل نشر الحرية و الديمقراطية،هذا كلامٌ غيرُ صحيح، فالعقل أحياناً إما أن يكونَ قائداًً للإنسان، أو أن يكونَ العقلُ في خدمةِ انحرافات الإنسان، فإذا كانَ في خدمة انحرافات الإنسان يسمى عقلاً تبريرياً، أما إذا كانَ هو القائد يسمى عقلاً قيادياً، أو اسم آخر، العقل الصريح الذي لا شائبة فيه، ولا هوىً يغير مساره، ولا نجوى طارئة، ولا مصلحة، النقل الصحيح، القرآن وما صحّ من السنة، والعقل الصريح وذكرت كلمة صريح لئلا يفهم منه العقل التبريري، والفطرة السليمة لئلا يفهم منها فطرة انطمست.

﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) ﴾

( سورة المطففين )

 الإنسان إذا أغرق في ارتكاب المعاصي والآثام عندئذٍ يكون الران، أي تصبح فطرته منطمسة.

 

4 ـ الواقع الموضوعي :

بقي الواقع الموضوعي، الواقع خلق الله عز و جل يجب أن يكون موضوعياً، لأن هناك واقعاً مزوراً، لو قلت : إن كل عمل إرهابي في الأرض يصنعه المسلمون، هذا واقع مزور، هناك دراسة طويلة جداً تمت في أمريكا مجموع الأعمال العنيفة التي قام بها المسلمون ثلاثة بالمئة فقط هذا الواقع الموضوعي، فإذا كنت عدواً للمسلمين تعزو كل عملٍ إرهابي بتصورك إلى المسلمين هذا واقع غير موضوعي، ما هو الحق ؟ ما جاء به النقل الصريح الصحيح، وارتاحت له الفطرة السليمة، وأكده العقل الصريح، وأيده الواقع الموضوعي، فما دام هذا الكلام، أو هذا الطرح، أو هذه الفكرة، أو هذه المقولة، ورد بها نقل صحيح وقبلها عقلٌ صريح وارتاحت لها فطرةٌ سليمة وأكدها واقعٌ موضوعي فهي حق، أي ثابتة وهادفة، هذا كلام دقيق جداً لأن الناس يبحثون عن الحق وكلٌ يدعي أنه على حق.
ما مقاييس الحق ؟

 

 

الأستاذ معتز :

 هذا ما أريد الوصول إليه، قاسم مشترك أكبر بين هذا التعريف وبين ما تقوله الناس أو تعرّفه الناس.

 

مقاييس الحق :

الدكتور راتب :

 الإنسان ينحاز إلى ذاته، آراؤه التي يبتغي منها مصالحه يدّعي أنها حق، وأنها صواب، لأن الناس لا يرضون بأرزاقهم لكنهم قانعون بعقولهم، وهذا مرضٌ في الإنسان أن يتوهم أنه على حق وهو ليس على ذلك :

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) ﴾

( سورة الكهف )

 هذا مرض خطير بالإنسان، من الناس من يدري ويدري أنه يدري فهذا عالمٌ فاتبعوه، ومنهم من لا يدري ويدري أنه لا يدري فهذا جاهلٌ فعلموه، ومنهم من لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فهذا شيطانٌ فاحذروه، فإدعاء الحق سهل جداً، لكنك أن تكون على حق، أن تكون وفق مقياس السماء، وفق الكتاب والسنة، من دون محاباة، هذا شيء قد يفشو بين الناس، ولكن بنسبٍ قليلة جداً.

 

الأستاذ معتز :

 هل أسقط وصف الحق على كتاب الله العزيز؟

 

إسقاط وصف الحق على كتاب الله العزيز

الدكتور راتب :

 طبعاً، الله هو الحق، وكتابه حق، والموت حق، والجنة حق، والنار حق، والحساب حق، والعذاب حق، والصلاة حق، والصيام حق، وتحريم الربا حق، وتحريم الريبة حق، كل ما جاء به القران والسنة أمراً أو نهيا هو حق لأنه يسهم في سلامة الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة، لأنه يتعلق بالهدف الذي خلق الإنسان من أجله.

 

الأستاذ معتز :

 أحياناً فيما يتعلق بالفطرة السليمة لا تساعد الإنسان على تبين هذا الحق، ما دليله حتى يعرف أن ما جاء في موضعٍ معين هو الحق ؟

 

الله عز وجل فطر النفس على فطرة إذا أخطأت تكتشف أنها أخطأت :

الدكتور راتب :

 أن نقول فكرة سليمة أي الإنسان حينما يرتكب خطأً يعرف قبل غيره أنه أخفق، الدليل:

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) ﴾

( سورة الشمس )

 كيف سوى الله هذه النفس ؟ كيف برمجها ؟ كيف ولفها ؟ كيف فطرها على فطرةٍ تعني أنها إذا أخطأت تكتشف أنها أخطأت ؟ لو أردت مزيداً من ذلك، قطة أطعمها قطعة لحمٍ تأكلها أمامك، أما إذا خطفتها تبتعد عنك كثيراً تأكلها في مكان ٍ بعيد، لأنها أدركت بفطرتها أنها اقترفت عملاً لا ينبغي، فالإنسان حينما يكتشف الخطأ بفطرته، لكن أقول لك هناك حالات مرضية إنسان مارس الخطأ لعقودٍ كثيرة، وأصبح جزءاً من كيانه، فهذا إنسان فطرته منطمسة.

 

الأستاذ معتز :

 ولكن بحاجة إلى شرح العلاقة بين الحق والعقل، ما هي العلاقة بينهما ؟

 

العلاقة بين الحق و العقل :

الدكتور راتب :

 الحقيقة الله أودع لنا عقلاً، وأنزل قرآناً، نسمي القرآن هو النقل، ونسمي هذا الجهاز هو العقل، يا ترى هل يعقل أن يكون بينهما تناقض ؟ الجواب : لا، إذ أن العقل مقياسٌ من خلق الله أودعه فينا، ولأن القرآن كلامه، ولأن الأفعال أفعاله، ولأن الفطرة من خلقه، ولأن الواقع من خلقه، كلها فروع لأصل واحد، لذلك بعض العلماء يؤكد حتمية تلازم أو توافق العقل مع النقل، النقل هو الوحي، الوحي وشرح الوحي من قبل النبي هذا النقل، العقل المقياس أي لو أعطينا الإنسان جهازاً الكترونياً لكشف العملات المزيفة، هناك بالعملات الصحيحة معادن بنسب خفيفة جداً، إن وضعت الدولار في هذا الجهاز له لون، اللون مأخوذ من لون المعدن في بنية الورقة، وعنده قائمة بأرقام العملات المزورة، هناك توافق مئة بالمئة، لو أخذت عملة مزورة و وضعتها على الجهاز لأعطاك إشارة، فلذلك كل شيء جاء به القرآن والسنة لو عرضته على العقل لوافقه، لأن العقل مقياسٌ أودعه الله فينا.

 

الأستاذ معتز :

 ما أردته في سؤالي الأخير هو أن نمهد لنقاشٍ أكبر عن العقل في قادمة إن شاء الله، أعتقد أنه حان الوقت لدليلٍ علمي جديد، ماذا لدينا لهذا اليوم ؟

 

 

التمويه في عالم الحيوان :

 

الدكتور راتب :

 الحقيقة الآن أمامنا موضوع من أدق الموضوعات "التمويه في عالم الحيوان"، وسوف نري أخوتي المشاهدين مشاهد من التمويه قد لا يصدقها الإنسان، نتابع في هذه المشاهد الخصائص الخالقة للكائنات الحية، ونرى نماذج من خلق الله في الطبيعة، التمويه أيها الأخوة واحدٌ من عناصر الفن العسكري الذي لا يمكن الاستغناء عنه، فالقدرة على التخفي عن أعين العدو، والقدرة على الإخفاء أثناء هجوم العدو، مهمان جداً إلى أقصى الدرجات، والعجيب في هذا الأسلوب المسمى بالتمويه والذي يستلزم تحضيراً مفصلاً أنه ليس محصوراً لدى الناس العقلاء، بل هو مستخدمٌ أيضاً من قبل الحيوانات، والحيوانات المموهة خُلقت متناسقةً تماماً مع البيئة التي وجدت فيها، و وضعت تحت حمايةٍ خاصة بألوانها، ونقوشها، وبنية أجسامها، حتى إن أجسام بعض الكائنات متناسقةٌٌُُ مع بيئتها إلى حدٌ يصعب تمييزها عن النباتات المحيطة بها، عنكبوتٌ بنفس لون الزهرة التي تعيش عليها حيةٌ تثبت دون حركة كأنها غصنٌ من أغصان الشجرة، حشرةٌ لها جناحٌ بنفس لون الأوراق اليابسة، ضفدعةٌ تأخذ شكل محيطها ولونه، كل هذه نماذج صارخة للتمويه، في الطبيعة تظهر أن التمويه وجد بطريقةٍ خاصة، بعض الكائنات لها ألوانٌ ونقوشٌ تتناسب مع الغطاء النباتي المنتشر في الوسط الذي تعيش فيه، على سبيل المثال ليس من السهل تمييز نمرٍ يختفي بين الأعشاب المصفرة، الأسود خلقت من لون المراعي التي تعيش فيها، وتختبئ بسهولةٍ بين هذه الأعشاب، تتسلل إلى فريستها شيئاً فشيئاً كجنديٍ مموه، والفهد كذلك بفضل تمويهي يتربص بفريسته دون أن تشعر، وعندما تشعر به يكون قد فات الأوان، تعيش قريباً من القطب في أبرد مناطق العالم كائناتٌ ماهرة في فن التمويه، بعد قليل نبحث عن قابلية الطائر الخارقة للتمويه الذي كان سبباً في بقائه في هذا الإقليم.

 

التمويه عند الحيوانات شيءٌ لا يصدق و هو من آيات الله الدالة على عظمته :

 الحقيقة التمويه شيءٌ لا يصدق، حتى في المناطق الثلجية، تعيش قريباً من القطب في أبرد مناطق العالم كائناتٌ ماهرة في فن التمويه، وهي تبحث عن قابلية الطائر الخارقة للتمويه الذي كان سبباً في بقائه في هذا الإقليم، الموسم خريف مكان صخري تساقطت عليه الثلوج، وطائران قطبيان مختفيان هنا، هل بالإمكان أن نراهما ؟ إنهما هنا، بل يكاد من المستحيل تمييزهما في الطبيعة التي يعيشان فيها، لوجود تمويهٍ تامٍ في ريشهما تقلدان به الأرضية الطبيعية، والآن لندقق أكثر، طبقات الثلج هذه نسخةٌ مطابقةٌ لريش الطائر كما ترون، نسخةٌ مطابقةٌ لريش الطائر الأبيض، والأرضية الترابية الظاهرة بين الثلوج أيضاً رسمت بعناية على ريش الطائر الأرضية ومظهر الطائر يكاد تمييزهما أن يكون مستحيلاً كما نرى، الموسم شتاء، الثلج يغطي كل مكان، يحصل تغيير معجز في جسم الطائر القطبي، يزول لون ريشه الداكن كلياً يكاد يستحيل تمييز الطائر من الثلوج، والطائر لا علم له بهذا التغيير، ولكن جسمه مموهٌ بشكلٍ تام، وأما الريش الأسود المحيط بالعين فيحفظها من الإشعاعات المعاكسة من الثلج، والتي قد تسبب العمى، الآن الموسم ربيع بدأت الثلوج بالذوبان بين الثلوج الذائبة تخضر النباتات، وأما بين ريش الطائر القطبي فيظهر ريشٌ جديدٌ بلون النبات المخضر هو نفس الطائر يظهر له ريشٌ بلون النبات المخضر، الآن الموسم صيف ذابت الثلوج تماماً، واخضر الغطاء النباتي، وأظهر الطائر القطبي تمويهاً فائقاً أيضاً، إذا لاحظنا تحقق في جسم الطائر تغييرٌ مدروسٌ، غُطي جسمه بريشٍ من لون الغطاء النباتي مما يجعل تمييزه بين الأعشاب يكاد يكون مستحيلاً كما نرى، كل مظاهر التمويه الخارقة تحتاج إلى تفسيرٍ طبعاً، وبالتأكيد يستحيل على الطائر القطبي تعيين لون ريشه بحسب وسطه الذي يعيش فيه، فهو لا يملك ذلك العقل الذي به يعرف فائدة هذا التمويه، هذه من آيات الله الدالة على عظمته، إذاً فمن أعطى الطائر قابلية التمويه الفائقة ؟ من يعرف احتياج الطائر إلى تمويهٍ خاص بكل موسم ؟ من هذا الرسام الذي رسم على ريشه نقش البيئة ولونها ؟ هذه الأسئلة توصلنا إلى حقيقة واحدة هي أن الله هو الذي خلق هذا الطائر و زوده بهذه الميزات، فتبارك الله أحسن الخالقين.

 

 

خاتمة و توديع :

 

الأستاذ معتز :

 جزاكم الله عنا وعن المؤمنين خيراً، نحن بدورنا وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج "سنريهم آياتنا"، في النهاية أشكرك فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين. مشاهدينا على أمل اللقاء بكم في حلقاتٍ قادمة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور