وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 281 - وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم... - الغشاء البيروتوني والاحساس بالألم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

ما هي وظيفة غشاء البيروتوني الموجود في الأمعاء الدقيقة ؟

 

أيها الأخوة الكرام, في الأمعاء الدقيقة غشاء يحملها أو يثبِّتها، يدعى هذا الغشاء: الغشاء البيروتوني أو المساريقا, لهذا الغشاء وظيفةٌ لا تصدق.
لو أن الإنسان شرب ماءً يغلي، لا تشعر الأمعاء بالحر، لأن حكمةً بالغةً لله عزَّ وجل، شاءت أن الأمعاء الدقيقة والغليظة ليس فيها أعصاب حس إطلاقاً, الأمعاء محاطة بغشاء له وظائف كثيرة، من وظائفه: أنه يحملها ويحملها بشكلٍ مرن، أي يسمح لها بالحركة وهو يحملها، وهذا من أدق الأعمال، لأن هناك حركة للأمعاء، فأساس الهضم هو حركة ميكانيكية، هذا الغشاء يحملها مع حركتها المرنة، وفيه نهايات عصبية، وهذا الغشاء فيه مراكز ليمفاوية، هي بمثابة أجهزة دفاع في الجسم البشري.

فلو أن التهاب حاد بالأمعاء، وانثقبت الأمعاء، يتحرك الغشاء البيروتوني ليصنع مصلاً يلتهم هذه الجراثيم، ويشعر الإنسان بالألم, فالآلام التي يحسُّها الإنسان في بطنه ليس مصدرها الأمعاء، بل الغشاء البيروتوني، الذي هو جهاز الإنذار الأول, وتستخبر مراكز الدفاع الموجودة في الغشاء البيروتوني عن طبيعة الجرثوم، وتصنع مصلاً مضاداً, وتلتهم الجرثوم وتحاصره، وتطوِّق هذه المشكلة.
تجد هذا الجهاز عند القصاب بين الأمعاء, وفيه عقد بلغمية صغيرة، ككتل شحمية، هذه العقد البلغمية أجهزة دفاع من أرقى الأجهزة, تحوي جنوداً تكتشف طبيعة العدو، وفيها معمل للمصول، وفيها جنود مقاتلة, وفي هذا الغشاء نهاياتٌ عصبية, تعدُّ كل آلام البطن جهاز الإنذار المبكِّر، وتعُدُّ هذه الغدد أجهزة دفاع عن هذه الأمعاء التي هي أساسيةٌ في حياة الإنسان، لكنه لحكمةٍ بالغة ليس في الأمعاء أعصاب حس، لذلك جاءت الآية الكريمة, متى تنقل أعصاب الغشاء البيروتوني الألم لصاحبه؟ إذا حدث انثقاب في الأمعاء، تصبح الآلام لا تطاق، قال تعالى:

﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾

[سورة محمد الآية: 15]

إن قطِّعت الأمعاء تُشْعِر النهايات العصبية الموجودة في الغشاء البيروتوني الإنسان بالألم, قال تعالى:

﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾

[سورة محمد الآية: 15]

تتوافق هذه الآية مع أحدث معطيات العلم، ولولا أن القرآن كلام الله لما أمكن للنبي عليه الصلاة والسلام أن يكشف هذه الحقيقة, طبيعة العصر الذي نزل فيه القرآن في كل معطياته العلمية لا تسمح بهذه الحقيقة.

العبرة من وراء هذا الدرس:

 

أيها الأخوة, هذا الغشاء الذي يتمتع بنهايات عصبية حساسة جداً، لا يمكن أن تشعر بالألم إلا في حالة انثقاب الأمعاء، وأما الإحساس بالألم في الأمعاء فغير موجود، لو أعطينا أمعاء الإنسان ماءً يغلي لا يشعر بشيء، وسقوا ماءً حميماً، متى يؤلمهم؟ حينما يقطِّع أمعاءهم, قال تعالى:

﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾

[سورة محمد الآية: 15]

أيها الأخوة الكرام, كلما كشف الإنسان حقيقةً في جسمه، ازداد تعظيماً لله عزَّ وجل, هذا كتاب الله، هذا كتاب خالق البشر، هو الكتاب المقرر، هو المنهج الحكيم، هو الصراط المستقيم، هو النور المبين، هو الحبل المتين.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور