وضع داكن
16-04-2024
Logo
سؤال وجواب - الحلقة : 2 - مناسبة ذكرى المولد
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

ذكرى المولد:

المذيع:
  أعزائي المستمعين، ونحن نحتفل بذكرى مولد النبوي الشريف يطيب لنا أن نستضيف وعلى الهاتف الأستاذ محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق، لنتحدث معه حول المعاني السامية لهذه المناسبة العظيمة فضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي، تحياتي وكل عام وأنتم بخير.
الأستاذ راتب:
 وأنتم بخير يا أخي.

ما هي المعاني السامية لهذه الذكرى؟.

المذيع:
 أستاذ راتب، نحن نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة ذكرى مولد النبوي الشريف، ولهذا الاحتفال، ولهذه المناسبة معانيها ودلالتها الخلقية، والإنسانية العميقة، والتي علينا جميعاً أن نتمثلها لنتوقف قليلاً أستاذ راتب عند هذه المعاني السامية لو تكرمت.

تمهيد للذكرى:

الأستاذ راتب:
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
 لا يسلم الإنسان، ولا يسعد سواء في الدنيا أم في الآخرة، إلا إذا اتبع منهج ربه، وشرعة خالقه، ومنهج الله هو القرآن الكريم الذي أنزله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.
 وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم دقائقه من خلال سنته القولية، وجسد أحكامه من خلال سنته العملية، وحينما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان خلقه القرآن.

صفاته صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن:

 والنبي صلى الله عليه وسلم ونحن نحتفل اليوم بذكرى مولده الشريف هو سيد الخلق، وحبيب الحق، وقد ذكى الله عقله فقال:

﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)﴾

[ سورة النجم الآية: 2 ]

 وزكى لسانه فقال:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)﴾

[ سورة النجم الآية: 3 ]

 وزكى شرعه فقال:

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾

[ سورة النجم الآية: 4 ]

 وزكى جليسه فقال:

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)﴾

[ سورة النجم الآية: 5 ]

 وزكى فؤاده فقال:

﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)﴾

[ سورة النجم الآية: 11 ]

 وزكى بصره فقال:

﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)﴾

[ سورة النجم الآية: 17 ]

 وزكاه كله فقال:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾

[ سورة القلم الآية: 4 ]

كيفية محبته صلى الله عليه وسلم:

 وقد بين الباري جل جلاله أن علامة حب الله إتباع النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾

[ سورة آل عمران الآية: 31 ]

 وهنا تجدر الإشارة إلى أن حقيقة الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم هو معرفة شمائله، وفضائله، ثم إتباعه من خلالها، فقد بين النبي عليه الصلاة والسلام:

((إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً))

[أخرجه أبو يعلى والطبراني عن جابر بن سمرة]

(( إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المؤمنينَ إِيمَانا : أَحسَنُهُمْ خُلُقا))

[أخرجه الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 وأن من أحب العباد إلى خلق الله أحسنهم خلقاً، وأن أقرب المؤمنين مجلساً منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أحسنهم خلقاً.
 فيوم كان صلى الله عليه وسلم طفلاً، عزف عن لهو الأطفال وعن ملاعبهم، وكان يقول لأترابه، إذا دعوه إلى اللهو، أنا لم أخلق لهذا.
 فهل عرفنا نحن الكبار لماذا خلقنا؟
 ولماذا جاء الله بنا إلى الدنيا وما حقيقة الدنيا؟
 وماذا بعد الموت؟
 ومن هو الفائز؟
 ومن هو الخاسر؟
 وحينما جاءت النبي صلى الله عليه وسلم رسالة الهدى وحمل أمانة التبليغ دعته زوجته السيدة خديجة إلى أخذ قسط من الراحة فقال صلى الله عليه وسلم قال لها: انقض عهد النوم يا خديجة.
 فهل عرفنا نحن من خلال القرآن الذي أنزل عليه، ومن خلال بيانه له عظم الرسالة التي حملها الإنسان؟ وما حقيقة مهمته في الدنيا.

تواضعه ورحمته:

 ويوم دانت الجزيرة العربية له من أقصاها إلى أقصاها، وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجا، صعد عليه الصلاة والسلام المنبر، واستقبل الناس باكياً، وقال لهم: من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت أخذت له مالاً، فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخشى الشحناء فإنها ليست من شأنه، ولا من طبيعته، فهل نستطيع نحن إذا بلغنا قمة النجاح، أن نحافظ على تواضعنا، ونزاهتنا وعدالتنا، وعبوديتنا لله عز وجل.
 ويوم كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي بأصحابه وهو في قمة الغبطة والنشوة أنهى صلاته على عجل، وعلى غير عادته لأنه سمع بكاء طفل صغير ينادي أمه ببكائه، إن أمه كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهى صلاته على عجل، على غير عادته رحمةً بهذا الرضيع.
 وكان صلى الله عليه وسلم، يرتجف إذا رأى دابةً تحمل على ظهرها أكثر مما تطيق، فهل في قلوبنا رحمة بالخلق، كهذه الرحمة؟
 ورد في الحديث القدسي: أن إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي.
 ويوم كان مع أصحابه في سفرٍ، وأرادوا أن يعالجوا شاة ليأكلوها، قال أحدهم عليّ ذبح الشاة، وقال آخر.. عليّ سلخها، وقال الثالث.. وعليّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: وعليّ جمع الحطب، فقالوا: نكفيك ذلك يا رسول الله قال: أعلم ذلك لكن الله يكره أن يكون عبده متميزاً على أقرانه.
 فهل نتعامل مع بعضنا بعضاً بهذه الطريقة؟ وهذا الأسلوب؟

حقيقة الاحتفال بذكرى مولده:

 مرةً ثانية أيها الأخوة الكرام؛ إن حقيقة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هي أن نتعرف إلى هذا النبي الكريم، قال تعالى:

﴿ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾

[ سورة المؤمنين الآية: 69 ]

 أن نتعرف إلى مبادئه، إلى شمائله، إلى أخلاقه الرضية، ثم نقتدي بها ونعيشها، لا أن نردد حلو الكلام، ونأكل أطايب الطعام.

يا سيدي يا رســول الله:
يا من له الأخلاق ما تهوى العُلا
منها وما يتعشق الكـبراء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
وفعلت مالا تفعل الأنـواء
وإذا عفوت فقادراً ومقدراً
لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أبٌ
هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة
في الحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا خطبت فللمنابر هـزة
تعرو الندي وللقلوب بكاء
يا أيها الأمي حسبك رتبة
في العلم أن دانت لك العلماء

 هذه أيها الأخوة؛ حقيقة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، نرجو من الله أن نكون كذلك.

والحمد لله رب العالمين
***

الخاتمة:

المذيع:
 هنا تظل هذه المناسبة أستاذ محمد راتب، تظل هذه المناسبة في الواقع مصدر إلهام لنا جميعاً، وينبوعاً نكتشف منه كل المعاني الخلقية، الإنسانية، السامية، الصدق، والأمانة، والمحبة، وبكلمة مختصرة نتعلم من هذه المناسبة مكارم الأخلاق.
الأستاذ:
 بارك الله بكم.
المذيع:
 الشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي، الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق، وأستاذ راتب كل عام وأنتم بخير.

تحميل النص

إخفاء الصور