وضع داكن
28-03-2024
Logo
الإيمان هو الخلق - الندوة : 85 - أسباب الشقاق الزوجي - سوء الظن
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة:

 

الأستاذ علاء:
أيها السادة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق يسعدنا، أن نكون بمعية فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، أهلاً وسهلاً سيدي الأستاذ.
الدكتور راتب:
بكم أستاذ علاء جزاك الله خيراً.

أسباب الشقاق الزوجي:


الأستاذ علاء:
تحدثنا في حلقات ماضية عن أسباب الشقاق الزوجي، هذه الأسباب التي تتسرب إلى علاقاتنا الزوجية، إلى أسرنا، وربما لا نتنبه إليها، وربما لا نصغي إلى من ينبهنا إلى خطورتها، فبالتالي تدخل وتكبر ككرة الثلج ثم تفعل فعلها في هذه الأسرة التي هي لبنة أساسية من لبنات المجتمع، ومن تكرارها يتشكل جدار المجتمع، تحدثنا عن مسائل كثيرة منها الجهل، ضعف الإيمان، سوء التصرف، عدم الكفاءة، التعالي، في الحلقة الماضية تحدثنا عن الطمع المالي، وتحدثنا عن غياب الزوج الطويل، يعني آثر عمله على أسرته فالتغى وجوده كزوج، وألغى شخصه ورسالته بكل معنى الكلمة، وراح يلهث وراء عمل، هذا العمل استهلك كل وقته، بالتالي هذه المسائل، أي جنوح أي عدم اعتدال في أي جانب يدفع ثمنها الإنسان في الجانب الآخر.
الآن نكمل في أسباب الشقاء الزوجي، وهذه رسالة لكل من يشاهد لكي يحرص ولكي يتنبه ولكي يسد تلك الثغرات التي تأتي منها رياح سموم.

 

سوء الظن سبب من أسباب الشقاء الزوجي:

الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أستاذ علاء جزاك الله خيراً من هذه الأسباب سوء الظن، لا بد من مقدمة، المقدمة أن الإنسان خصائصه حيادية، وحظوظه حيادية، معنى خصائصه الإنسان يغار هذه خصيصة، ما معنى حيادية ؟ يمكن أن توظف في الخير أو في الشر، يمكن أن توظف للتنافس بين طلاب العلم، وبين البطولات، وبين إحقاق الحق، يمكن أن توظف هذه الخصيصة الغيرة لها مصطلح آخر الغبطة في الدنيا الحسد، هي خصيصة ثابتة لكن حيادية تُقيّم في ضوء استخدامها، فالذي عنده غيرة هذه صفة حيادية صماء، إن غرت من إنسان متفوق في الانحراف، أو في كسب المال الحرام، أو في الإيقاع بين الناس، أو في بناء قوته على أنقاض الآخرين، فهو الحسد المذموم، أما إذا غرت من إنسان صالح متفوق له خدمات لمجتمعه، متألق، عالم، فهذا الغيرة المحمودة، الآن الغيرة لها وضع سليم وضع صحي وضع سوي، فإذا زادت عن حدّها المعقول انقلبت إلى سوء ظن، في حد أدنى لا بد منه للغيرة على الزوج، الله يغار على عبده المؤمن أن يلتفت إلى غيره، إني لأشد غيرة من سعد وإن الله لأشد غيرة مني، فالغيرة صفة حيادية توظف في الخير أو في الشر، من نتائج الغيرة المرضية سوء الظن لكن متى يكون سوء الظن عصمة ؟ متى يكون القول الصحيح احترس من الناس بسوء الظن ؟ متى نقول سوء الظن له وظائف إيجابية ؟

  

الظن عصمة تعصمك من أن تتورط مع الناس:


شخص لا تعرفه إطلاقاً يجب أن تعامله لا بسذاجة ولا بجهل بيقظة، أدنته مبلغاً خذ منه إيصالاً، هناك إنسان يهمل الوثائق يسكن في المحاكم، قيل لعمرو بن العاص: " ما بلغ من دهائك ؟ قال: والله ما دخلت مدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، قال له: يا عمرو، لست بداهية، أما أنا والله فما دخلت مدخلاً أحتاج أن أخرج منه.
الغيرة حالة سوية، وحالة أساسية، وسمة عميقة بالإنسان، لكنها حيادية صماء بحسب توظيفها تُقيّم، إن وظفت غيرة في الخير والعمل الصالح وطلب العلم كانت الغبطة وإن وظفت لغير ما ينبغي كانت الحسد.
الآن الغيرة لها وضع صحي معتدل فإذا زادت عن حدّه انقلبت إلى سوء الظن، وسوء الظن له جانب إيجابي وجانب سلبي، الإيجابي سوء الظن عصمة، اعمل عقداً، دخلت مع إنسان بشراكة والمقر باسمه، اطلب أن يكون باسمك، لو نجح المشروع نجاحاً مذهلاً قد يدخل إلى نفسية الطرف الآخر أن يستأثر به، يقول لك المبلغ أخذته منك قرضاً لا شراكة، وقعت آلاف المرات لأنه تكاسل يعمل عقداً، وتكاسل أن يسجله في محكمة البداية، التوقيع ماله قيمة، في دعاوى التوقيع تبقى عشر سنوات، مادام مسجلاً في المحكمة خلاص، فلذلك احترس من الناس بسوء الظن، اطلب عقداً، اطلب إيصالاً، اطلب وثيقة، أما أن تبقى الأمور سبهللة بلا تسجيل هذا شيء مزعج جداً، نحن وسعنا قليلاً المفهوم، احترس من الناس بسوء الظن، سوء الظن عصمة تعصمك من أن تتورط.عرت سيارتك، مرة كنت في الحج إنسان ما وجد معي حاجات إطلاقاً محفظة صغيرة، قال لي: هل لك أن تأخذ من بعض حاجاتي ما في معك وزن، قلت له ما في مانع لكن افتح لي الحقيبة، لو فيها مادة ممنوعة أو مهربة أنا مسؤول، فتشت وجدتها كلها ملابس وافقت، سوء الظن عصمة.

سوء الظن بلا دليل يعد ذنباً من الذنوب:


احترس من الناس بسوء الظن، الحزم سوء الظن، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر الناس ويحترس منهم من دون أن يطوي بشره عن أحد، سوء الظن من الداخل، من الخارج في مودة وفي لطف وفي جواب لطيف وفي اعتذار لبق وفي كلام معقول وفقط، ليس معنى أنه لا سمح الله إذا شخص أساء الظن بإنسان يجرحه، يهينه، أبداً.
كان يحذر الناس، ويحترس منهم، من دون أن يطوي بشره عن أحد، بشره للجميع، أما سوء الظن الذي هو رذيلة، وهو خلق ذميم أن تسيء الظن بلا دليل، دخلت إلى البيت تتكلم بالهاتف لما لمحتك أقفلت الهاتف، في مشكلة، لذلك:

﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ (34) ﴾

(سورة النساء)

بطولة الرجل لا أن يحل المشكلة بعد أن تقع، بعد أن تظهر بوادر خفيفة جداً منها،

﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾

ما وقع النشوز لكن في ظاهرة، في تصرف صعب تفسيره، النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي مع زوجته قال، هذه زوجتي لصحابيين لماذا ؟ لئلا يقعا بسوء الظن، علمنا منهجاً، أنت كنت في مكان نزلت في فندق مؤتمر شخص له زوجة مقيمة عند ابنتها وهو داخل إلى غرفته سبعة أيام لوحده، مرة جاءت زوجته إلى عنده للفندق وهناك شخص قاعد يراقب قل له هذه زوجتي، هو يظن أنه سبعة أيام لوحده في الغرفة هذه المرة لماذا معه واحدة ؟
سوء الظن الذي نهانا الله عنه هو سوء الظن بلا دليل، ما في ولا دليل، تأخر الزوج أين كنت ؟ أين أكون، معروف باتجاهه الديني واستقامته وعفته وكان في سهرة عمل أو مع رفقائه، لا مع من كنت ؟ لذلك حينما يكون سوء الظن بلا دليل يعد ذنباً من الذنوب، الله عز وجل قال: 

﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (12) ﴾ 

(سورة الحجرات)

دقق ما كل الظن إثم إن بعض الظن إثم.

أحد أكبر أسباب انهيار البيوت سوء الظن بلا دليل:


سوء الظن عصمة وذكاء وحرص واحتراز، سوء الظن عصمة، احترس من الناس بسوء الظن، الحزم سوء الظن، لكن النبي الكريم كان يحذر الناس ويحترس منهم من دون أن يطوي بشره عن أحد، فلما الزوج يجد ظواهر لا ينبغي أن تفسر تفسيراً واضحاً من زوجته يجب أن يسيء الظن، أن يراقب، أما ما في أي أثر، ما في أي غلط، ما في أي مظهر يثير الشك لماذا سوء الظن من دخل البيت إلى عندك ؟ أنت عندك زوجة شريفة راقية، صاحبة دين، تربيتها جيدة، ما هذا من دخل ؟ لذلك أحد أكبر أسباب انهيار البيوت سوء الظن بلا دليل. الأستاذ علاء:
هذه حالة اتهام.

البيان يطرد الشيطان:

الدكتور راتب:
لا يحتمل زوج يسيء الظن بلا دليل، ولا تحتمل زوجة تسيء الظن بلا دليل، اسمها حالة سوء ظن مرضية، تجاوزت الحد المعقول، كل إنسان يغار على زوجته وكل زوجة تغار على زوجها، ولو لم تغر الزوجة على زوجها لا تحب، حريصة عليه والعكس صحيح، أما حينما ترتفع نسبة الغيرة إلى درجة أنها اتهام مستمر، الإنسان ما في حوله ولا شبهة هذا سوء ظن يفسد العلاقة الزوجية.
في زوجة كل يوم في تحقيق مع زوجها، تفتش جيبه، يكون زوجاً ابن مسجد، ابن اتجاه ديني راقٍ جداً، يغض بصره عن محارم الله، يتهم بشيء بعده عنه بعد الأرض عن السماء، مثل بسيط لو فرضنا جامع فارغ ما في أحد إطلاقاً جالس شخصاً وفي معطف معلق وباب المسجد مفتوح، هذا الإنسان في آلة تصوير خفية نظر إلى الباب لم يجد أحداً، ثم قام إلى المعطف، وسحب منه ألف ليرة، صورناه، يمكن أن تفسَّر الصورة أنه سارق، أمّا إذا علمت أن هذا الإنسان هو الذي بنى هذا المسجد، دفع خمسين مليون وهذا معطفه، ولمح فقيراً فقام إلى المعطف، الصورة واحدة

شخص يجد ليرة ذهب في الأرض انحنى وأخذها وضعها في جيبه صورناه، إذا نوى أن يبحث عن صاحبها ويضع أخباراً، في بعض المحلات فهي مؤاثرة وفضيلة، وإذا نوى أن يأخذها دون أن يبحث عن صاحبها فهي رذيلة.
الصورة وحدها لا تكفي، تعليل، لذلك قال هذه زوجتي، ويقاس عليها الحساب انتهى حسابك، أنا أعطيتك مبلغاً ضخماً، قدم لي فاتورة، أنت بريء ومستقيم وورع، لكن أنت ما بينت له، البيان يطرد الشيطان، قدم حساباً، قل له هذه مدفوعاتك وهذه المصاريف طلع الرصيد صفر، هذا بيان، هذه تابعة لسوء الظن عصمة، أو البيان يطرد الشيطان تنسحب على ملايين الحالات.
شخص فرضاً سافر ووصى أخو زوجته تفقد أخته وما بلغ أحداً من الجيران، هم رأوه مسافراً ورأوا رجلاً يدخل إلى البيت في غيابه، أوقعهم في مشكلة من غيرتهم على جارهم يبلغ أنا أودع الجيران قبل أن أسافر، وأقول: أنا وكلت أخو زوجتي بتفقد زوجتي، إذا شاهدوا رجاًل دخل إلى البيت واضح تمام، في إنسان لا يتكلم ينشأ من عدم الكلام شر كبير جداً.

الكتابة تلغي سوء الظن:


سوء الظن عصمة، والحزم سوء الظن، واحترس من الناس بسوء الظن، والله في غباء وفي سذاجة بعلاقات الناس تدمر، دفعت مبلغاً ضخماً ما في إيصال، ما في سند، ما في عقد ؟ المشكلة ليست مع الطرفين مع أولاد الطرفين، شخص وضع عنده أمانة مبلغاً ضخماً ما كتب أمانة توفي بحادث، الأولاد لا يقبلوا أن يكون المبلغ أمانة وجدوه في الصندوق الحديد، إذا ما كتب أمانة في مشكلة كبيرة أطعم أولاده المال الحرام، وكل ابن إذا صدق أي دعوى شفهية هذه مالها حل، أنا أريد مع والدك خمسة ملايين ؟ الأستاذ علاء:
سيدي ربنا قال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾

( سورة البقرة الآية: 282 )

الدكتور راتب:
الكتابة تلغي سوء الظن، تلغي احتمال.
الأستاذ علاء:
سيدي والخطاب لمن ؟ للذين آمنوا.

ضرورة الوعي عند الإنسان:

الدكتور راتب:
شخص دفع مبلغ لشخص ستمئة ألف، قصة قديمة بالسبعينات كان الدولار بثلاث ليرات، وقال له اعمل لي وصلاً، قال ما في داعي مساءً سأعطيك، العصر مات بحادث، جاؤوا أهله قالوا مالك معنا شيء، في مشكلة ما في وثيقة، أحياناً الوعي القانوني أنا رأيي الشخصي المحامي ليس مهمته أن يدافع عنك أن يمنعك أن تقع، المحاماة الوقائية قبل أن تعمل العقد اسأل محامياً.
الأستاذ علاء:
المنع والاحتراز قبل القمع كما يقولون، أسباب المشكلة أن تمنعها.

الثقة جزء أساسي في حياة كل إنسان:

الدكتور راتب:
للأزواج إذا في بوادر نشوز ابحث وسيء الظن، أما ما في ولا بادرة أحسن الظن، لا بد من التسليم، لأن يوجد جزء أساسي في حياتنا هو الثقة، إذا ما في ثقة تقف الحياة كلياً، في أرضية أما إذا في بوادر، في مشكلة، ما أعطاك الحساب، وضعت مالاً مع شخص ما أعطاك الحساب، أنا ما عندي حسابات، لماذا ما عندك حسابات ؟ أريد ميزانية، كل إنسان امتنع من تقديم ميزانية عنده إشكال، معنى منحك رغبة أن تبحث، هذا سوء الظن، سوء الظن عصمة، لا يوجد ولا بادرة قدم لك حساباً واضحاً جداً قانونياً وفنده لك، لا تعرف الله يعلم، هذا كلام، أحياناً يذكر اسم امرأة يعمل هكذا فقط، ورد في بعض الآثار قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة، أنت عملت هكذا عرفت ماذا فعلت ؟

((وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ))

[ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وأحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

السيدة عائشة وصفت السيدة صفية رضوان الله عليهما بأنها قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( يا عائِشَة لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْه ))

[ رواه أبو داود والترمذي، عن عائشة رضي اللّه عنها ]

أحياناً كلمة يرقى بها على أعلى عليين، وبكلمة يهوي بها إلى أسفل سافلين.
الأستاذ علاء:
سيدي هنالك من الأسر أو من الزوجات من يعانين من شح الزوج، ترى الزوج لديه مدخول، الزوج لديه مكنة مادية، الزوج يستطيع أن يصرف على هذا البيت على زوجته وأولاده وأن يعيشوا بدون عوز بل ببحبوحة، تراه ضنيناً، ولما يسأل عن الموضوع أنا من أجلكم، هذا الأمر أنا لا أقول للذي ليس لديه مكنة أو قسرت يده عن العمل، أنا لا أقول عن الفقير أنا أقول عن المتمكن، هو له بواعث داخلية هذه القضية تجعل في لوحة الأسرة خدشاً ماذا عن شح وبخل الزوج ؟

الشحّ مرض خبيث يصيب النفس:


الدكتور راتب:
أستاذ علاء جزاك الله خيراً على هذا السؤال، أولاً هناك أمراض خبيثة السرطان يصيب الجسم أقسم لك بالله إن الشحّ مرض خبيث يصيب النفس، الدليل لولا الدليل لقال من شاء ما شاء:

 

﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)﴾ 

( سورة الحشر)

لذلك الشحيح يتمنى أولاده موته أول شيء وهذه أكبر مصيبة، أن يتمنى الذين حول الإنسان أن يموت، الشحيح يعيش فقيراً ليموت غنياً، الشحيح ربما دخل بماله النار ودخل أولاده بماله الجنة، الشحيح مريض مرضاً عضالاً.
لذلك الكرم يغطي كل سلبيات الإنسان، الكرم يغطي ألف عيب، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر على عياله ))

[ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم بسند فيه ضعف ]

(( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عُمَر]

بين أن الإنسان يعيش مع أولاده، ويتمنون حياته، يفدونه بأرواحهم، وبين أن يتمنوا موته، لو أنه أصابه مرض وجاء الطبيب وقال عرضية ينزعجون كثيراً ليست عرضية نريدها قاضية، ننتظرها بفارغ الصبر، الشح مرض خبيث، الكريم إنسان مؤمن بالله:

(( أنفق بلال، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا ))

[ الطبراني في المعجم الكبير والأوسط بسند حسن عن أبي هريرة ]

(( يا عبدي، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ))

[ الترغيب والترهيب بسند صحيح ]

وما نقص مال من صدقة:

﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) ﴾

( سورة الحشر)

أكبر مصيبة أن يتمنى الذين حول الإنسان أن يموت من شدة بخله:


والله كما تفضلت أستاذ علاء أنا لا أتكلم من فراغ، والله هناك أزواج يحصون حبات الفواكه في البراد، وهناك أزواج لا يسخون على زوجاتهم بما لا يحتاجونه من الأمور الأساسية، البخل مرض خطير، أنا أنصح كل أولياء الفتيات ألا يزوجوا بناتهم لشحيح لأن حياته جحيم لا يطاق.
ورد في بعض الآثار: أحب ثلاثاً، وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين وحبي للشاب الطائع أشد، أحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد، أحب الكرماء وحبي للفقير الكريم أشد، وأبغض ثلاثاً، وبغضي لثلاث أشد، أبغض العصاة وبغضي للشيخ العاصي أشد، أبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد، أبغض البخلاء وبغضي للغني البخيل أشد.
لذلك قالوا الورع حسن لكن في العلماء أحسن، والعدل حسن لكن في الأمراء أحسن، والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن، والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن، والحياء حسن لكن في النساء أحسن. الأستاذ علاء:
سيدي البخل مرض خطير.

الزكاة تطهر الغني من الشح، وتطهر الفقير من الحقد:


الدكتور راتب:
لكن احتياطاً في ثلاثة أحاديث هي مقاييس دقيقة:
برأ من الشح من أدى زكاة ماله، وبرأ من الكبر من حمل حاجته بيده، وبرأ من النفاق من أكثر من ذكر الله.
الذي يؤدي زكاة ماله قد يكون دخله محدوداً، وينبغي أن يتدبر هذا المبلغ في هذا الشهر، فأنت ليس لك حق أن تتكلم كلمة، هذا مقتصد ليس بخيلاً، أما البخيل من كان غنياً وهو يضن بماله كما قلت قبل قليل. 

(( ليس منا )) 

[ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم بسند فيه ضعف ]

هذا شيء خطير، أخرجه النبي عليه الصلاة والسلام من الإسلام:
هناك باب في الجنة لمن يدخل الفرح على قلوب الصغار

(( ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر على عياله ))

[ الجامع الصغير عن جبير بن مطعم بسند فيه ضعف ]

لذلك يوجد باب في الجنة لمن يُدخل الفرح على قلوب الصغار، فلذلك الإنسان إذا أنفق يسعد، ما معنى قوله تعالى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (103) ﴾

( سورة التوبة)

قال علماء التفسير: إن هذه الزكاة تطهر الغني من الشح، وتطهر الفقير من الحقد، وتطهر المجتمع من هذا التفاوت الطبقي الكبير الذي وراءه انحرافات وسرقات واحتيالات، حتى الدعارة، أمراض لا يعلمها إلا الله تتلاشى إذا في كرم وفي كفاية، بل وتطهر المال من تعلق حق الغير به.

بيت المؤمن جنة من جنان الأرض لكن يحتاج إلى علم و صلة بالله و ق رحيم:

أربع حالات، تطهر الغني من الشح، وتطهر الفقير من الحقد، وتطهر المجتمع من هذا التفاوت الطبقي الذي وراءه كل انحرافات المجتمع. ألم يقل سيدنا علي: كاد الفقر أن يكون كفراً.

أنا أقول كاد الفقر أن يكون إرهاباً أو قتلاً أو جريمة أو اختلاساً أو سرقة، أنا لي تعليق لطيف، رجل دخل إلى بستان أنصاري، وأكل من دون إذنٍ، فشكاه الأنصاري إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وسيق إليه على أنه سارق، ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال له:

(( هلاّ علمته إذا كان جاهلاً، وهلا أطعمته إذا كان جائعاً ))

[ ورد في الأثر ]

أنت يجب أن تعالج القضية من بداياتها لا من نتائجها، أحياناً يكون الشح مرضاً وبيلاً يفسد العلاقة بين الزوجين وتكره المرأة زوجها، أكبر صفة الكرم، والله أعرف أزواجاً أنا أعدها فضيلة فيهم لو دعي إلى طعام نفيس لا يمكن إلا أن يأتي بمثله لزوجته، والمؤمن يأكل بشهوة أهله، هي تؤثره فيما يحب من طعام، وهو يؤثرها فيما تحب من طعام، هذا هو المؤمن لذلك البيت جنة، البيت جنة من جنات الأرض لكن يحتاج إلى علم، وإلى فهم، وإلى حكمة، وإلى تدين، وإلى صلة بالله عز وجل، وإلى قلب رحيم.

الالتفاف والانفضاض:

أنا أقول دائماً في قانون اسمه قانون الالتفاف والانفضاض، الأب بحاجة إلى من يلتف حوله أولاده وزوجته، يحبونه، يخدمونه، ينصاعون له، يتلقون توجيهاته باحترام بالغ والأم بحاجة كذلك، ما قانون الالتفاف دقق:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 159 )

أي بسبب رحمة استقرت بقلبك يا محمد هذه الرحمة انعكست ليناً، التف الناس حولك، ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة، فانفضوا من حولك، هذا القانون يحتاجه الأب والأم والداعية، والخطيب والمدرس وأستاذ الجامعة وأي منصب قيادي، قانون الالتفاف والانفضاض.

خاتمة وتوديع:

الأستاذ علاء:
شكراً لكل هذا الشرح، وشكراً لهذه الوسعة الكبيرة من العلم، والتنبه إلى أسباب الشقاق الزوجي، نكملها في حلقات قادمة، لا يسعني في نهاية هذه الحلقة إلا أن أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة على كل ما قدم وشرحت، وإن شاء الله نتمم موضوعنا في حلقات قادمة. 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور