وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0521 - من نفس عن مؤمن كربة1 - الجزاء من جنس العمل - الوصية الواجبة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر . وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخبر . اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين . اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الحديث التالي أصل في التعامل بين المؤمنين :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 وزاد أصحاب الأعمش في متن هذا الحديث :

(( . . ومن أقال لله مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة ))

 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الحديث أصل في التعامل بين المؤمنين .

 

الحقائق المستنبطة من الحديث السابق :

 يُستنبط من الحديث السابق عدة حقائق ؛ أولى هذه الحقائق : أن الجزاء من جنس العمل ، هكذا عند الله عز وجل.

(( إنما يرحم الله من عباده الرحماء ))

[ البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ]

 في الحديث القدسي :

((إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي))

[ الديلمي وابن عساكر عن أبي بكر]

(( إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ))

[ مسلم وأحمد وأبو داود]

 الحقيقة الأولى : أن الجزاء من جنس العمل .

(( . . مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . . ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 الجزاء من جنس العمل .
 حقيقة أخرى : وهي أن الكربة هي الشدة العظيمة ، التي توقع صاحبها في الكرب . قد يُصاب الإنسان بمرض عضال ، ولا يملك أجر العملية خارج البلاد ، فهذا كرب عظيم :

((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ))

 قد يُخلى الإنسان من بيته ، فيجد نفسه فجأة في الطريق هو وأولاده وعياله .

(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ))

 هناك مصائب طاحنة ، هناك مصائب قد لا يحتملها الإنسان ، هذه هي الكربة في الدنيا ، ولكن الشيء الثابت أيها الأخوة أن كرب يوم القيامة أعظم بكثير من كرب الدنيا . مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً في الدنيا ، ساهم في حلّ مشكلته ، أزاح عنه هذا الكابوس ، أزاح عنه هذا الضغط الذي لا يُحتمل .

((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ))

 أيها الأخوة الكرام ؛ ما معنى تنفيس الكربة ؟ قال العلماء : أن يخفف عنه من وقعها ، فقد أُخذت هذه الكلمة من تنفس الخناق ، فالإنسان إذا خُنق ، ثم أرخي له الخناق - الحبل الذي خُنق به- حينما يُرخى له يتنفس ، يستريح ، فكأن الشدة خناق أحاط بعنق الإنسان حتى خنقه ، فإذا أُرخي هذا الخناق تنفس نفساً استراح قليلاً . فهنا تنفيس الكرب ليس معنى ذلك أن تحل المشكلة وحدك ، لكن ربما تُسهم في حلها . هذا الذي أصبح بلا مأوى قد تساهم في حلّ مشكلته ، هذا الذي يحتاج إلى عملية جراحية ، تكلفه ثمن بيته ، إذا ساهمت أنت ، هذه المساهمة تنفيس من كربته في الدنيا ، فالتنفيس أن تتحمل جزءاً من تكاليف هذا العمل العظيم ، التنفيس أن تتحمل جزءاً من هذه المهمة الكبيرة .

 

العلاقات الاجتماعية بين المؤمنين يجب أن تكون إيجابية :

 أيها الأخوة الكرام ؛ لكن العلماء يقولون : إن التفريج إزالة الكربة من أصلها .
 هناك رواية أيضاً لمسلم عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

[مسلم عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ]

 فالتنفيس أن تسهم في حلّها ، والتفريج أن تحلها أنت وحدك . فلو ضربنا مثلاً دين على فلان دين كبير ، فإذا ساهمت أنت بجزء من هذا الدين فقد نفست كربته ، أما إذا تحملته عنه فقد فرجت كربته . على كل :

((وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

 أيها الأخوة الكرام ، روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال :

(( يُحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط ، وأجوع ما كانوا قط ، وأظمأ ما كانوا قط ، وأنصب ما كانوا قط ، فمن كسا لله كساه الله ، ومن أطعم لله أطعمه الله ، ومن سقى لله سقاه الله ، ومن عفا لله عفا الله عنه . فكما تدين تدان ))

[ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود]

 لا يستطيع الوصف أن يصف كرب يوم القيامة ، إن كرب الدنيا كلها ليست بشيء أمام كربة من كرب يوم القيامة ، ألم يقل الإمام علي كرم الله وجهه : " يا بني ، ما خير بعده النار بخير ، وما شر بعده الجنة بشر ، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية " . يجب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن كل مخلوق أمامك هو مخلوق لله عز وجل ، وأن الإنسان بنيان الله ، وملعون من هدم بنيان الله . ساهم في حلّ مشكلته ، ساهم في تيسير الأمر عليه ، ساهم في تخفيف مصيبته ، لا تكن عوناً للشيطان عليه ، بل كن عوناً له على الشيطان. هذا الحديث الصحيح أيها الأخوة أصل في العلاقات الاجتماعية مع المؤمنين ، يجب أن يكون المؤمن في علاقاته الاجتماعية إيجابياً ، يجب أن تكون أعماله ثمرةً يانعةً في المجتمع .

التيسير على المعسر :

 أيها الأخوة الكرام ؛ والفقرة الثانية من الحديث :

((وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ))

 الإعسار يحصل في الآخرة أيضاً ، ألم يقل الله عز وجل في وصف يوم القيامة بأنه:

﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾

[سورة المدثر: 8-10]

 ألم يقل الله عز وجل :

﴿وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً ﴾

[سورة الفرقان: 26]

 قال العلماء : التيسير على المعسر من جهة المال ؛ إما بانتظاره إلى ميسرة وذلك واجب ، لقول الله عز وجل :

﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾

[سورة البقرة : 280]

 وإما بالوضع عنه إن كان غارماً - أن تضع له بعض الدين - وإما بإعطائه ما يزول به إعساره :

((وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ))

.
 أيها الأخوة الكرام ؛ في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ : تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 وفي حديث آخر :

(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ))

[ مسلم وأحمد والدرامي عن أبي قتادة]

 ومن أراد أن تُستجاب دعوته ، أو تكشف كربته فليفرج عن معسر، المعسر هو المدين الذي لا يجد ما يفي به دينه ، وكلمة معسر كما قلت قبل قليل لها مناح كثيرة ، أحد هذه المناحي منحى المال . من يسر على طالب زواج ، هذا معسر ، وهو طالب زواج ، ألم يقل سيدنا شعيب لسيدنا موسى :

﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾

[سورة القصص : 27]

 هذا الذي يزوج ابنته لشاب مؤمن ، ثم ييسر عليه الطلبات التي لا يقوى على تحملها ، هذا يسر على معسر . أحياناً قد يحتاج الإنسان ليوم أو يومين ليقضي بها حاجة أساسية ، فإذا كنت أنت رب العمل ، ويسرت على هذا الموظف إعساره ، فهذا إعسار من جهة الوظيفة ، هناك إعسار من جهة الأجرة ، أجريت عملية وهذا أجرها ، والمريض فقير ، لابد من أن يقترض ، يسر على هذا المعسر ، فالتيسير على المعسر إما من جهة الأجرة ، وإما من جهة الوقت ، وإما من جهة تخفيف الأعباء عن طريق وضع جزء من الدين عنه .
 أيها الأخوة الكرام ؛ يجب أن يتراحم الناس حتى نستحق رحمة الله عز وجل :

((إن كنتم تحبون رحمتي فارحموا خلقي))

[ الديلمي وابن عساكر عن أبي بكر]

ستر المسلمين و عدم تتبع عوراتهم :

 والفقرة الثالثة من الحديث :

(( وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . . ))

 ورد في الحديث أنه :

((مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ ))

[أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس]

 تتبع عورات المسلمين ليس من أخلاق المسلم ، المسلم ستير ، والمرأة الصالحة ستيرة . . قالت : يا أبا أمية إنني امرأة غريبة لا أعرف ما تحب ، ولا ما تكره فقل لي ما تحب حتى آتيه ، و ما تكره حتى أجتنبه . قال : لقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً. أحب كذا وكذا ، وأكره كذا وكذا ، وما وجدت من حسنة فانشريها ، وما وجدت من سيئة فاستريها . المؤمن ستير ، والمنافق فضاح ، المؤمن يبرز النواحي الإيجابية في الإنسان ، والمنافق والكافر يبرز السلبيات ، دائماً يغتاب الناس ، يتتبع عوراتهم ، يطعن فيهم .
 أيها الأخوة الكرام ؛

(( مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

 هل معنى ذلك أن المؤمن معصوم ؟ لا والله ، ولكن حينما تزل قدمه في شيء محدود طفيف ، وحينما تستره ولا تنقل هذا بين الناس فقد كنت في موضع يرضى الله عنك ، أما حينما تتبع عورات الناس ، وتفضحهم في أدق تفاصيل حياتهم ، فهذه الأخلاق هي أخلاق المنافقين .
 أيها الأخوة الكرام ؛ قال بعض السلف : أدركت قوماً لم يكن لهم عيوب ، فذكروا عيوب الناس ، فذكر الناس لهم عيوباً . وأدركت قوماً كانت لهم عيوب ، فكفوا عن عيوب الناس، فنسي الناس عيوبهم . إذاً مَنْ سَتَرَ مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة .
 ومن حديث أبي بردة :

(( يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ ))

[ أبو داود وأحمد عن أبي بردة]

النّاس رجلان :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الناس رجلان رجل كان مستوراً لا يُعرف بشيء من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة لا يجوز هتكها ، ولا كشفها ، ولا التحدث بها ؛ لأن في ذلك غيبةً محرمة . قال تعالى :

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة النور: 19]

 ما إشاعة الفاحشة ؟ إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ، أو فيما اتهم به وهو منه بريء . قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد في أن تستر العصاة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ لو أن رجلاً وقع في معصية ، وجاء نادماً وأقرّ بذنبه ، الحكم الشرعي يقتضي أن تأمره أن يرجع ، وأن يتوب فيما بينه وبين الله ، وأن يستر نفسه . أما الذي هو مشتهر بالمعاصي ، يعلنها ، لا يبالي ما ارتكب منها ، ولا بما قيل عنه ، فذلك الفاجر الذي ليست له غيبة ، أي إنسان عرف بالصلاح والحياء والتستر ، لو وقعت منه هفوة ، أو زلت قدمه، لا ينبغي أن تذكرها لأحد ، ينبغي أن تكون ستيراً ، ينبغي أن تتخلق بأخلاق الله ، ينبغي أن تكف عليه هذه الزلة لا أن تفضحها للناس .
 الإمام مالك يقول : " من لم يُعرف منه أذى للناس ، وإنما كانت منه زلة فلا بأس في أن تشفع له ما لم يبلغ الإمام ". أي إذا سعيت في أن تشفع لإنسان معروف بالصلاح ، لكن وقعت منه هفوة ، وفي الغالب أنه لا يقترفها ثانية ، واجبك أن تشفع له من أجل أن تستره ، وأن تعينه على نفسه ، وأن تعينه على الشيطان ، لا أن تعين الشيطان عليه . قد يزل الإنسان زلة فإذا كشفناها ، وبالغنا في كشفها ، وسلطنا عليها الأضواء ، ربما نقلته أنت بهذا العمل إلى معصية أكبر . لذلك فلنكن عوناً لإخوتنا الكرام على الشيطان ، ولا نكن عوناً للشيطان على إخوتنا .

 

الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ والفقرة التالية من الحديث :

((وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 وفي حديث آخر :

(( . . وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ . . ))

[مسلم عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ]

 وفي حديث ثالث :

(( أفضل الأعمال عند الله بعد الفرائض إدخال السرور على المؤمن ))

[البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنكدر مرسلاً ، والطبراني في الأوسط عن ابن عباس]

 أن تستر عورته ، وأن تشبع جوعته ، وأن تقضي له حاجته . الإمام الحسن البصري بعث قوماً من أصحابه في قضاء حاجة رجل وقال لهم : مرُّوا بثابت البناني فخذوه معكم ، ليقضي هذه الحاجة ، فأتوا ثابتاً فقال : إنني مُعتكف ، فرجعوا إلى الحسن فأخبروه ، فقال : قولوا له : أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة .

((وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

(( لأن أعين أخي المؤمن على حاجته أحب إليّ من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام ))

[ أبو الغنائم النرسي في قضاء الحوائج عن ابن عمر]

 قال مجاهد : صحبت ابن عمر رضي الله عنه في سفر لأخدمه فكان يخدمني .
 وسيدنا الصديق كما تعلمون رضي الله عنه كان يحلب شياه جيرانه الأرامل ، فلما صار خليفة المسلمين دخل عليهم بعض الحزن ، لأن هذه الخدمة لا يمكن أن تستمر بعد توليه الخلافة ، في صبيحة اليوم الذي تولى فيه الخلافة ، طرق باب أحد الجيران ، فقالت الأم لابنتها : افتحي يا بنية ، فلما سألتها من الطارق ؟ قالت : يا أماه جاء حالب الشاة ليحلب لنا الشياه .

((وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ :

(( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ : فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ أَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ ، قَالَ : فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الْأَبْنِيَةِ وَسَقَوُا الرِّكَابَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ ))

[متفق عليه عن أنس]

((وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 أيها الأخوة الكرام ؛ يروى عن رجل من أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بطعام في بعض أسفاره ، فأكل منه ، وأكل أصحابه ، وقبض الأسلمي يده ، فقال عليه الصلاة والسلام : مالك ؟ فقال : إني صائم ، قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : كان معي ابنان يرتحلان لي ويخدماني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مازال لهم الفضل عليك . ما داما يخدمانك مازال لهم الفضل عليك . . وإن أناساً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أثنوا على صاحب لهم أثنوا عليه خيراً ، فقالوا : يا رسول الله ما رأينا مثل فلان قط ، ما كان في مسيره إلا وكان في قراءة ، ولا نزلنا منزلاً إلا وكان في صلاة ، فقال عليه الصلاة والسلام : فمن كان يكفيه ضيعته – شؤونه أي من يقضي له حاجاته -؟ حتى ذكر من كان يعلف له جمله ، من كان يعلف له دابته ، فقالوا : نحن يا رسول الله نعلفها له ، فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: كلكم خير منه .

((وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 أيها الأخوة الكرام ؛

(( لأن أعين أخي المؤمن على حاجته أحبّ إليّ من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام ))

[ أبو الغنائم النرسي في قضاء الحوائج عن ابن عمر]

من أقال عثرة مؤمن أقال الله عثرته يوم القيامة :

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . .))

 هذا الحديث أيها الأخوة في صحيح مسلم له زيادة .

(( من أقال لله مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 أي اشترى منك بضاعة ولم يستعملها ، وأنت لا تتضرر من إرجاعها ، ورجاك أن ترجعها له ، دون أن يكون هناك ضرر عليك ، ودون أن يؤذي هذه البضاعة . تعنت ولم تقبل . . أما إذا أقلته بيعته أقال الله عثرتك يوم القيامة .

(( من أقال لله مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة ))

[مسلم عن أبي هريرة]

تطبيق سنة النبي في حياتنا اليومية :

 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الحديث الصحيح أصل في التعامل بين الناس ، وينبغي أن نطبق سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وبشرى لمن يطبق سنة النبي ، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم . قال بعض العلماء : وأنت فيهم أي أن سنتك مطبقة في حياتهم اليومية .
 يجب أن نتراحم ، يجب أن يعفو بعضنا عن بعض ، يجب أن ننفس كرب بعضنا بعضاً ، يجب أن نستر بعضنا بعضاً ، يجب أن يعين بعضنا بعضاً .
 أيها الأخوة الكرام ؛ أما تتمة الحديث :

((... وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ))

 هذا القسم الثاني من الحديث الشريف نرجئه إلى خطبة أخرى ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الوصية الواجبة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ وعدتكم أن أعالج بعض الموضوعات الفقهية من حين إلى آخر، فالخطبة الثانية إما في موضوع علمي ، أو موضوع في السيرة ، أو في موضوع فقهي . حينما يُتوفى الابن في حياة أبيه ، ولهذا الابن أولاد وذرية من بعده ، ثم إنه حينما يُتوفى الجد بعد ذلك ، ما الذي يحصل ؟ . يرث الأعمام والعمات تركة الأب وأبناء الابن لا شيء لهم . الميراث أيها الأخوة قائم على قواعد دقيقة ، وهي أن الأقرب درجة يحجب الأبعد . مات الأب وله أبناء ، وأبناء أبناء ، يرث الأبناء ولا يرث أبناء الأبناء . مات الإنسان وله أخوة أشقاء و أخوة غير أشقاء ، لأب أو لأم ، الأشقاء يرثون وغير الأشقاء لا يرثون ، الأقرب يحجب الأبعد هذه قاعدة أساسية في المواريث . لذلك الأحفاد لا يرثون شيئاً عن جدهم مادام أعمامهم يحجبونهم . قانون الأحوال الشخصية أيها الأخوة في بلدنا وفي بعض البلاد الإسلامية ، أوجب على الورثة أن يُعطوا أولاد أخيهم المتوفى حصته كما لو كان حياً ، فمن أين جاؤوا بهذه القاعدة واسمها الوصية الواجبة ؟ قبل أن يموت أن يوصي لهؤلاء الأحفاد بشيء ، وهذه الوصية واجبة ومفروضة ولازمة عند بعض فقهاء السلف ، لماذا ؟ لقوله تعالى :

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾

[سورة البقرة: 180]

 كيف أن قوله تعالى :

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾

[ سورة البقرة : 183]

 كلمة كُتب تعني الفرضية والوجوب . وحينما قال عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ))

[ ابن ماجة عن أنس]

 إذاً هذا الذي حُرم من الميراث وهو قريب ويتيم وفقير ، من حقه أن نوصي له .
 أيها الأخوة الكرام ؛ يجب على الجد أن يوصي لهؤلاء الأولاد ؛ لأنهم أبناء ابنه قرابة قريبة ، ولأنهم فقراء ، ولأنهم أيتام ، فقد جُمع لهم اليتم والفقر والحرمان ، لذلك اتُّخذت هذه الآية دليلاً على أن على الورثة أن يعطوا أولاد أخيهم المتوفى نصيبه كما لو كان حياً .
 شيء آخر : لو أن الجد لم يوص ، الأعمام تسعهم هذه الآية الكريمة :

﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾

[سورة النساء: 8]

 وفي باب الإنفاق النفقة الواجبة ، يجب على العم الموسر أن ينفق على ابن أخيه الفقير ، فإما من النفقة الواجبة ، أو من أن الأعمام مُلزمون أن يعطوا المحرومين إن حضروا القسمة .

﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾

[سورة النساء: 8]

 وإما على الجد أن يوصي لمن لا يرث وقد حرم من الميراث بشيء يقيم أود حياته .
 أيها الأخوة الكرام ؛ جواب أي سؤال يأتي عن الوصية الواجبة . الوصية الواجبة لها أصل في الدين ، وهي مشروعة من جهات ثلاث .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور