وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0600 - الإسلام والفقر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته، ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الإسلام و الفقر :

 أيها الأخوة الكرام، موضوع الخطبة اليوم الإسلام والفقر.
 الفقر أيها الأخوة من أقدم المشكلات الإنسانية، والإسلام ينكر أشدّ الإنكار النظرة التقديسية للفقر، بل يجعل الغنى نعمة يمتن الله بها على عباده، ويطالب بشكرها، ويجعل الفقر مشكلة يُستعاذ بالله منها، وهو الذي يقول في القرآن الكريم:

﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾

[سورة الضحى: 6-8]

 ولعل الغنى الذي تعنيه كلمة الغنى في القرآن الكريم أن يكون مستغنياً عن الناس، أن يجد حاجته، أما المفهوم الآخر الذي يُستنبط من الممارسات الخاطئة- وهي الإسراف، والتبذير، والترف، والاستعلاء- فهذه المعاني كلها ليست لها علاقة بموضوع خطبتنا، الغنى أن تكون مستغنياً عن الناس: "اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً".
 الفقر المدقع خطر على العقيدة، ولاسيما إذا كان هذا الفقر المدقع بجانبه ثراء فاحش، وبخاصة إذا كان الفقير هو الساعي والكادح، والمترف هو المتبطل القاعد.
 ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يقولون: إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر: خذني معك.
 وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه:

((كاد الفقر أن يكون كفراً))

[ابن أبي شيبة والبيهقي عن أنس رضي الله عنه]

 لعل هذا الفقر المدقع مع ذلك الثراء الفاحش يسبب خللاً واضطراباً في عقيدة المسلم.

 

خطر الفقر على الأخلاق و السلوك و الفكر و الأسرة :

 شيء آخر: الفقر أيها الأخوة خطر على الأخلاق والسلوك، فعنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ:

((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ))

[متفق عليه عن عائشة ]

 والفقر خطر على الفكر الإنساني، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

((لا يقض القاضي بين اثنين وهو غضبان ))

[متفق عليه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه]

 وقد حمل الفقهاء على هذا الحديث ثلاثاً وثلاثين حالة، أحدها الجوع الشديد، الجوع الشديد يجعل الفكر يضطرب. وقد ورد عن بعض الأئمة الكبار قوله : لا تستشر من ليس في بيته دقيق. والفقر خطر على الأسرة نفسها، قال تعالى:

﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 151]

 من إملاق: من فقر واقع.. وفي آية أخرى:

﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ﴾

[سورة الإسراء: 31]

 فالفقر والواقع، أو الفقر المتوقع خطر على الأسرة، الفقر خطر على العقيدة:

((كاد الفقر أن يكون كفراً))

[أحمد عن أنس بن مالك أو الحسن البصري ]

 الفقر خطر على الأخلاق والسلوك، والفقر خطر على الفكر الإنساني، والفقر خطر على الأسرة.
 مرة ثانية: الفقر المدقع، الذي إلى جانبه ثراء فاحش، والفقير الذي يعمل ويكدح والغني هو المتبطل القاعد.. والإسلام فضلاً عن أنه ينكر أشدّ الإنكار النظرة التقديسية للفقر ينكر أشدّ الإنكار النظرة الجبرية للفقر، وإليكم القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾

[سورة يس: 47]

 هؤلاء الذين كفروا، يتوهمون أن الفقر لابد منه، لا محالة، وينبغي أن يكون الفقير فقيراً، أو أن يبقى الفقير فقيراً، هذه النظرة الجبرية للفقر ينكرها الإسلام أشدّ الإنكار.

 

أنواع الفقر :

 هناك فقر الكسل، ذكرت هذا في خطبة سابقة، وهناك فقر القدر، وهناك فقر الإنفاق، ثلاثة أنواع للفقر، فقر القدر ؛ قد يُصاب الإنسان بعاهة، أو بمرض عضال، أو بمشكلة تحول بينه وبين الكسب، هذا فقر القدر، هذا قدر من الله عز وجل، وفيه حكمة بالغة، لو كُشفت لشكر الفقير ربه على هذا الفقر، ليس هذا هو موضوع خطبتنا، فقر القدر هو قضاء وقدر، والمجتمع متكافل متضامن، أما فقر الكسل، فقر الإهمال، فقر التبطل، فقر القعود، فقر الراحة، فهذه كلها تؤدي إلى الفقر، هذا الفقر مذموم، والإنسان محاسب عليه، وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، فرأى شاباً يصلي في غير أوقات الصلاة، قال: يا هذا من يطعمك؟ قال: أخي، قال: أخوك أعبد منك، الذي يطعمك أعبد منك. وقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيد ابن مسعود وكانت خشنةً من العمل فقال عليه الصلاة والسلام:

((إن هذه اليد يحبها الله ورسوله))

[ ورد في الأثر ]

 وكان عمر يقول - رضي الله عن عمر:- " إني أرى الرجل ليس له عمل يسقط من عيني".
 والذي أقوله دائماً، وأعيده مراراً وتكراراً: إن عملك الذي ترتزق منه إذا كان في الأصل مشروعاً، وسلكت فيه الطرق المشروعة، لم تكذب، ولم تدلس، ولم تغش، ولم تحتكر، ولم تستغيب، ونويت من هذا العمل كفاية نفسك وأهلك، ونويت به خدمة المسلمين، ولم يصرفك عن طاعة، ولا عن عبادة، ولا عن أداء واجب، ولا عن طلب علم انقلبت حرفتك التي تمضي فيها وقتاً طويلاً، انقلبت إلى عبادة، وطلب الحلال فريضة بعد الفريضة. هذا فقر الكسل المذموم الذي يُحاسب الإسلام عليه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ]

 أما فقر الإنفاق فهذا فقر آخر، نقف عنده وقفة سريعة، جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال:

((يا رسول الله والله إني أحبك، قال: انظر ما تقول، قال: والله إني أحبك، قال: انظر ما تقول، قال: والله إني أحبك، فقال عليه الصلاة والسلام: إذا كنت صادقاً فيما تقول، للفقر أقرب إليك من شرك نعليك))

[ ورد في الأثر ]

 إن أحببتني حقيقة لابد من أن تنفق مالك في سبيل الله، لابد من أن تعطي من مالك الذي أعطاك الله، فهذا فقر الإنفاق وسام شرف للمؤمنين، من شدة إنفاقه، أنفق ماله.
 حديثنا لا عن فقر القدر، هو قدر من الله، والمؤمن يجل قدر الله عز وجل، وحديثنا لا عن فقر الإنفاق، حديثنا عن فقر الكسل، وفقر الكسل الإنسان ملوم عليه أشدّ اللوم. يقول عليه الصلاة والسلام:

((إني لا أعلم شيئاً يبعدكم من الجنة، ويقربكم من النار إلا نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب))

[ابن أبي الدنيا في القناعة، والحاكم من حديث ابن مسعود وذكره شاهد الحديث أبي حميد وجابر وصححهما على شرط الشيخين، وهما مختصران ورواه البيهقي في شعب الإيمان وقال: إنه منقطع]

العمل عبادة :

 الرزق مضمون، لكنه يحتاج إلى حركة، إلى سعي، أرأيت إلى الطير، تغدو خماصاً، وتعود بطاناً، كأن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر الطير ليضرب المثل الأعلى في ضمان الرزق، ومع ذلك تغدو من أعشاشها خماصاً، وتعود بطاناً، تتحرك..

((إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا))

[ الطبراني عن ابن عباس ]

 إذا سعيت في طلب الرزق، أديت الذي عليك، بقي الذي لك من الله عز وجل، أما هذا الذي يقعد - أنا لا أتكلم من فراغ - قصص كثيرة جداً تنتهي إلي، أن هذا الشاب لا يجد ما ينفق، وهو يقبع في البيت، لا يتحرك، ولا يعمل، يؤثر الراحة، يؤثر أن تكون يده هي السفلى، شيء مريح جداً، العمل عبادة، بل هو من أدق العبادات.. كيف عالج الإسلام مشكلة الفقر؟ عالجها بالعمل، وعالجها بكفالة الموسرين من الأقارب، وعالجها بالزكاة، وعالجها بإيجاد حقوق غير الزكاة، نقف في هذه الخطبة عند البند الثاني، كفالة الموسرين من الأقارب.

 

وجوب الإنفاق على الأقارب المحتاجين :

 أيها الأخوة الكرام، الأصل الأصيل في شريعة الإسلام أن يحارب كل مسلم الفقر بسلاحه هو وهو السعي والعمل، ولكن ما ذنب العاجزين الذين لا يستطيعون أن يعملوا ؟ وما ذنب الأرامل اللواتي مات أزواجهم ولا مال لهم؟ وما ذنب الصبيان الصغار والشيوخ الهرمين؟ وما ذنب المرضى والمقعدين؟ هؤلاء فقرهم فقر القدر، لا فقر الكسل.
 أيها الأخوة الكرام، الإسلام حلَّ هذه المشكلة عن طريق تضامن أعضاء الأسرة الواحدة، فجعل الإسلام ذوي القربى متضامنين، متكافلين، يشد بعضهم أزر بعض، يحمل قويهم ضعيفهم، يكفل غنيهم فقيرهم، ينهض قادرهم بعاجزهم، لأن العلائق بينهم أشد قوةً، ولأن بواعث التعاطف والتراحم أوثق عروة، قال تعالى:

﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ﴾

[سورة الأحزاب: 6]

 هذه الآية التي يتلوها الخطباء في كل خطبة من دون استثناء من أكثر من ألف وأربعمئة عام:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾

[سورة النحل: 90]

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

[سورة النساء: 1]

 اتقوا الأرحام أن تقطعوها..

﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ﴾

[سورة الإسراء: 26]

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))

[متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ))

[متفق عليه عَنْ عائشة]

 وقد سئل عليه الصلاة والسلام:

((مَنْ أَبَرُّ ؟ قَالَ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ))

[انفرد به أبو داود عن كليب بن منفعة]

 آيات كثيرة، وأحاديث كثيرة صحيحة، تؤكد وجوب الإنفاق على الأقارب المحتاجين.

 

التكافل الاجتماعي :

 من الأشياء المضحكة أن يتوهم بعض الناس أن صلة الرحم تعني الزيارة، قريب غني موسر، يزور قريبه الفقير المدقع، يزوره ويطيب خاطره، ثم يودعه ويذهب، ويظن أنه أسقط عنه واجب صلة الرحم. قال بعض العلماء: إذا كان القريب يرث قريبه بعد موته فيغنم فمن العدل أن ينفق عليه عند العجز فيغرم، والغرم بالغنم..
 قال عليه الصلاة والسلام في الحديث عن صلة الرحم : حق واجب، بعض الناس فهم هذا الحق الواجب ترك قطيعته، قال ابن القيم: أي قطيعة أعظم من أن يراه يتلظى جوعاً وعطشاً، ويتأذى غاية التأذي بالحرِّ والبرد، ولا يطعمه لقمة، ولا يسقيه جرعة، ولا يكسوه ما يستر عورته ويقيه الحرَّ والبرد، ويسكنه تحت سقف يظله؟ إن لم تكن هذه قطيعة فمَا القطيعة المحرمة؟ وما الصلة التي أمر الله بها؟ هذه الزيارات لا تعني شيئاً، ينبغي أن تزور رحمك، أن تتفقد حالهم المعاشي، هل عليهم دين؟ أيشكون حاجة؟ وأن تنفق عليهم، هذه صلة الرحم التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله أراد من هذه الصلة الحقيقية شيئاً أكبر، هو أن تأخذ بيدهم إلى الله. تزورهم أولاً، تتفقد أحوالهم ثانياً، تأخذ بيدهم إلى الله ثالثاً.. هذه عبادة من أجلِّ العبادات؛ أن يتكافل أعضاء الأسرة الواحدة، وأن يكونوا متكافلين متضامنين، وهذا من أرقى ما يُسمى اليوم بالتكافل الاجتماعي.
 أجمع الفقهاء على أن الزوج يُجبر على الإنفاق على زوجته، وأن الوالد يجبر على الإنفاق على ولده الصغير والأنثى، والابن يُجبر على الإنفاق على أبويه، واختلف الفقهاء بعد ذلك في بقية الفروع، والشيء الثابت أن سلطة القاضي المسلم في إجبار القريب على أن يُنفق على قريبه ثابتة بالإجماع.
هناك فرق بين الفتوى والقضاء، تستفتي مفتياً، يقول لك: افعل أو لا تفعل، هذه فتوى، لكن القاضي لا يعطيك رأيه، ويدعك تفعل ما تشاء، يلزمك إلزاماً، وأنت مكره، على أن تنفق على أقربائك. وعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ:

((قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ مُخْتَصَرٌ))

[ النسائي عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ]

 وعن معاوية بن حيدة قَالَ: قُلْتُ:

((يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ قَالَ أُمَّكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمَّكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمَّكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبَاكَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ قَالَ))

[الترمذي عن معاوية بن حيدة ]

 ومن الأحاديث الدقيقة حديثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ))

[ النسائي عن عائشة ]

 أطيب طعام تأكله عند الله، الطيب هنا الحلال.. كلوه هنيئاً مريئاً، أي إذا أنفق الابن على أبيه فابنه جزء منه، وهو من كسبه وكأنه من كسبه، ألم يربه صغيراً؟ ألم ينشئه يافعاً؟ ألم يعلمه؟ ألم يأخذ بيده؟.. له عليه حق كبير..
 وفي موضوع الإنفاق على الأقرباء والأهل حديثُ جَابِرٍ قَالَ:

((أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ))

[متفق عليه عَنْ جابر]

حقّ القرابة في القرآن الكريم بعد حق الوالدين :

 والشيء الذي يلفت النظر أن حق القرابة في القرآن الكريم يلي حق الوالدين، العم والد كما قال النبي، والعمة والدة كما قال النبي، والأخ الأكبر والد. سيدنا عمر حبس عصبة صبي، أي أقرباؤه من طرف أبيه، حبس عصبة صبي على أن ينفقوا عليه.
 وجاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب، فقال: أنفق عليه؟ وقال بعد ذلك: لو لم أجد إلا أقصى عشيرته لفرضت عليهم الإنفاق عليه.
 وقد استنبط الفقهاء - جزاهم الله خيراً - أن واجب الإنفاق على الصغير، أو الفقير، أو العاجز يتناسب مع حقوقهم من ميراثهم، فإذا كان أمٌّ وعمٌّ فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العمِّ بقدر ميراثه.. استُنبط هذا من قوله تعالى:

﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾

[سورة البقرة : 233]

شروط النفقة على الأقارب:

 شروط النفقة على الأقارب أن يكون القريب فقيراً، لكن في أيام رمضان، إن أكثر سؤال يُطرح على الدعاة إلى الله هل يجوز أن أعطي زكاة مالي لأختي أو لأخي أو لابني المستقل عني في النفقة؟..
 الحقيقة يرغب الناس أن تبقى أموالهم فيما بينهم، يتوهمون أن هذا الأخ بحاجة إلى أن يوسع بيته، بحاجة إلى بعض الأثاث، يعدونه فقيراً فيؤثرونه على الفقير الذي لا يجد ما يأكل، فلذلك الله جل جلاله أوجب على الإنسان أن يؤدي زكاة ماله، وأوجب عليه أن ينفق المال على حبه، فأدِّ زكاة مالك للفقراء، وأعط جزءاً من مالك لذوي القربى، واجعلها من باب الصدقات، هؤلاء الناس يتوهمون أن كل حاجة تجعل الفقير فقيراً.. برَّاده صغير لا يتسع للطعام، لابد من أن يكبِّر براده، إذاً نعطيه من زكاة أموالنا، وندع الذي لا يجد قوتاً يأكله ندعه هملاً، هذا مخالفٌ لروح التشريع، ولحكمة أداء الزكاة.
 لذلك يجب الإنفاق على الأقارب بشرط أن يكون القريب فقيراً، فإن استغنى بمال أو كسب لم تجز له النفقة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ))

[الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

 وأن يكون للمنفق فضل مال زائد عن نفقة نفسه وزوجته، لقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول))

[ الشيخان عن أبي هريرة]

 أما أصحاب النبي رضوان الله عليه، فلهم شأن آخر، وصفهم الله عز وجل فقال:

﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[سورة الحشر: 9]

اختلاف حاجات الناس باختلاف المكان والزمان والحال والعرف :

 أضع بين أيديكم بنود الإنفاق: تختلف حاجات الناس باختلاف المكان والزمان والحال والعرف، أي هل تستطيع أن تقول لإنسان يسكن في المدينة: اجمع حطباً وأوقده في بيتك؟ غير مقبول الآن، لا يوجد وسائل لإشعال الحطب في البيوت، لابد من أن تعطيه ثمن الوقود السائل، تختلف حاجات الناس باختلاف المكان والزمان والحال والعرف، والمنفقون تختلف قدراتهم من بين موسر، ومن بين متوسط الحال، الإسلام راعى قدرة المنفق وحاجة المنفق عليه.
 وأن تُسد هذه الحاجة بالمعروف، وهو ما تقره الفطرة السليمة، والعقول الرشيدة، وعرف الفضلاء من الناس.. هل يُعقل أن تؤمن لإنسان تدفئة منزله بتدفئة مركزية؟..لا. العرف يرفضه، والعقل السديد يرفضه، والفطرة تأباها. ليس محرماً أن تنشئ في بيتك تدفئةً مركزية، أما أن تنفق مال الزكاة لهذا الشيء، فهذا لا يجوز، يستعمل التدفئة البسيطة، العرف والعقول الرشيدة والفطرة السليمة، هذه تدرك ما معنى أن تُسدّ حاجة هذا الفقير، قال تعالى:

﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾

[سورة الطلاق: 7]

﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾

[سورة البقرة: 236]

﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾

[سورة البقرة : 233]

 أعلى درجات الإنفاق من أجل الغذاء والماء، ثم الكسوة في الشتاء، والكسوة في الصيف بما يناسب كلاً منهم. وخيف عليه العنت، هذا من مال الزكاة، تزويج من يخشى العنت من عدم زواجه. وإنفاق الزوج على زوجته وأولاده، تطعمه وحده وأولاده جياع!! تطعمه وحده وزوجته جائعة!! يأتون بالفقراء ليطعموهم أطيب الطعام في مناسبات الوفاة، وأهل هؤلاء؟.. وزوجاتهم؟ وأولادهم؟ والعلاج؟ وثمن الدواء؟ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ:

((قَالَتِ الْأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاء))

[الترمذي عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ]

 الغذاء والماء والكسوة في الصيف والشتاء، والمسكن وما يتبعه من أثاث وفراش، والخادم لمن يعجز عن خدمة نفسه، وتزويج من يتوق للزواج، ونفقة الزوجة والعيال، والعلاج وثمن الدواء.

 

الإنفاق على الأقارب من خصائص الإسلام :

 الإنفاق على الأقارب من خصائص الإسلام، لا يُعرف تشريع في الأرض فيه وجوب الإنفاق على الأقارب إلا في الإسلام.
 زار رجل بلداً غربيا، ففي البيت خادمة يبدو عليها مخايل الأصالة، من أسرة عريقة، إنها تعمل في خدمة البيت، فسأل صاحبة البيت لماذا تعمل هذه عندكم؟ قالت: إنها من أسرة طيبة لكنها فقيرة، ولها عمٌّ غني، فقال بسذاجة: لترفع دعوى على عمها كي ينفق عليها، فتعجبت أشدّ العجب، قالت: هذا ليس وارد عندنا إطلاقاً.. أما عند المسلمين فمن حق الفقير في الشرع الإسلامي أن يرفع دعوى النفقة على أقربائه الأغنياء، ومعه الشرع الإسلامي، ومعه القضاء الإسلامي.
 أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رمضان شهر الإنفاق :

 أيها الأخوة الكرام، نحن في شهر رمضان، و رمضان شهر الإنفاق، وكان عليه الصلاة والسلام جواداً، وكان أجود ما يكون في رمضان، وهذه الخطبة من أجل أن ترعى أقاربك، ورمضان مناسبة سنوية، كي تزور كل أقربائك، وكي تتفقد أحوالهم، وكي تنفق عليهم، لأن الأقربين أولى بالمعروف هكذا يقول بعض الفقهاء، لكن بعضهم قال: الأقربون إلى الفقر أولى بالمعروف، والأقربون نسباً أولى بالمعروف، والأقربون إلى الإيمان أولى بالمعروف.
 فكلما أردت أن ترجح بين شخصين استخدم هذه المقاييس الثلاثة، فقيران في درجة واحدة، رجِّح عامل النسب، إن تساويا في النسب رجح عامل الدين، تساويا في الدين رجح عامل النسب، تساويا في الدين والنسب، رجح عامل الفقر.. قال تعالى:

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

[سورة التوبة: 103]

 الصدقة ومنها الزكاة تطهر نفس الفقير من الحقد، ونفس الغني من الشح، وتطهر المال من تعلق حق الغير به. تزكي نفس الفقير فيرى أنه ليس مهاناً، وهو ليس هيناً على مجتمعه، هناك من يهتم به، ويُعنى بشؤونه وأحواله. تزكي نفس الغني؛ يرى عمله الطيب أمامه فيقبل على الله. تزكي المال نفسه بطريقتين، بطريقة علمية، وبطريقة العناية الإلهية، فالذي ينفق ماله يضاعف الله له ماله المُنفق أضعافاً كثيرة.
 ينبغي أن يظهر إيمان الإنسان في إنفاقه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

((.. والصدقة برهان...))

[ مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد والدارمي عن أبي مالك الأشعري]

 إنك حينما تُنفق مالك، تبرهن لنفسك ولربك ولمن حولك أن الله عز وجل أغلى عليك من المال، تنفقه في سبيله هيناً.

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين. اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور