وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0607 - الأخلاق والدين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الإنسان هو المخلوق الأول المركب من جزء أرضي و جزء سماوي :

 أيها الأخوة الكرام، موضوع الخطبة اليوم الأخلاق والدّين.. ما موقع الدّين من الأخلاق؟ وما موقع الأخلاق من الدين؟ في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا ))

[ الترمذي وأحمد والدارمي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 الحيوان كما تعلمون له غريزة بالغة الدقّة، تكفيه لتنظيم شؤون حياته، وتدبير أمره، ولا يحتاج لأكثر من الغريزة، فالنّمل والنّحل مثل واضح جداً على حشرات، فيها نظام، وفيها تعاون، وفي مجتمعها تنسيق، وفيها قيادة، وفيها طاعة، فيها كل شيء يلفت النظر. إلا أن غرائز الإنسان أيها الأخوة متعددة، ومتنوعة، ومعقّدة غير سهلة، مركبة غير بسيطة، منها الفردي الذي يدفع إلى الأنانية والأثرة، ومنها الاجتماعي الذي يغري بالتعاون والإيثار، ومنها ما يهبط بالإنسان إلى القاع، ومنها ما يرفع الإنسان إلى مراتب السمو.
 المخلوق الأول الذي هو الإنسان مركب من جزء أرضي، ومن جزء سماوي، يقول الإمام علي كرم الله وجهه: " رُكب الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكب الإنسان من كليهما- من جزء أرضي، ومن جزء سماوي- فإن سما عقله على شهوته، أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله، أصبح دون الحيوان" .
 الإنسان جسد ونفس، شهوة وعقل، ملاك وشيطان، قال بعض الفلاسفة: إنه مواطن في عالمين؛ عالم الأرض، وعالم السماء..

 

الشهوات حيادية :

 هذه الشهوات قوى تدفعه إلى حركة هوجاء، لابد من عقل يضبطها، لابد من دين ينظّم هذه الشهوة، لابد من هدف يتحرك نحوه، لابد من مقود يضبط عمل هذا المحرك، وإلا كانت الكارثة. الشهوات حيادية كما أقول كثيراً؛ درجات نرقى بها إلى أعلى عليين، أو درجات نهوي بها إلى أسفل سافلين، وقود سائل متفجر، إذا وُضع في مستودعاته المحكمة، وسال في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، ولّد حركة نافعة، أما إذا خرج عن مساره، وأصابت المركبة شرارة، أحرقت المركبة ومن فيها. ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا ولها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمان إطلاقاً، في الإسلام تنظيم، هذه الشهوة هذه قناتها، أردت المرأة تزوج، أردت المال اكسب الحلال، من أين يأتي الحرام ؟ ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله، ممن تحرك بدافع من غرائزه وشهواته، من دون منهج، من دون قانون، من دون نظام.

 

كيفية ضبط الشهوات :

 كيف نضبط هذه الشهوات وقد أودعت في كل إنسان؟ قال تعالى:

﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾

[سورة آل عمران: 14]

 التشريعات الأرضية لا تكفي لضبط السلوك الإنساني، هذه القوى المحركة كيف نضبطها ؟.. التشريعات الأرضية لا يمكن أن تضبطها، التشريعات الأرضية مهما كانت دقيقة لا يمكن أن تضبطها، لأن هذه التشريعات الأرضية سلطانها على الظاهر لا على الباطن، تتناول العلاقات العامة، ولا تتناول العلاقات الخاصة، تعاقب المسيء ولا تكافئ المحسن، ممكن التحايل عليها، وهو أمر ميسور، يمكن أن تُطوع للأهواء والشهوات، وهو أمر مستطاع، يمكن أن نهرب من عقوباتها، وهو أمر ميسور. إذا كانت هذه التشريعات الوضعية عاجزةً عن أن تزجر الإنسان عن الشر والفساد، فهي أشدُّ عجزاً من أن تدفعه إلى الخير والإصلاح.
 لو أننا وضعنا روادع لمن يخالف هذه التشريعات الأرضية، قد تكون المكاسب من مخالفتها أكبر بكثير من الروادع التي وضعت لها، لذلك التشريعات الأرضية لا تنجح في ضبط غرائز الإنسان، ليس فيها قوة ذاتية، قوتها فيمن يطبقها، فإذا تساهل من يطبقها، فقدت قيمتها إطلاقاً، وأي تشريع أرضي، من دون متابعة، من دون ردع، من دون عمل دؤوب، لا قيمة له، يصبح حبراً على ورق.
 قال بعض المستغلين في التربية والتعليم: كل ما نملك من سلطة على المعلم، أن نجعله يدخل الصّف السّاعة الثّامنة، إذا دخل إلى صفه السّاعة الثّامنة، من يراقبه في أداء واجبه؟ أيعلم بإخلاص أم لا يعلم؟ أيتابع تقدم الطّلاب أم لا يتابعهم؟ أيصطفي منهم قلةً يعتني بهم أم تكون عنايته للكل؟.. هذا شيء لا يمكن أن يُضبط، ملايين الأشياء التي يعجز التّشريع الوضعي عن ضبطها. الطبيب نضع له تسعيرة، هل نستطيع أن نضبط ما إذا طلب من المريض تحليلاً هو بحاجة لهذا التحليل أم ليس بحاجة إليه؟ هذا متروك لمراقبة الله له، هذا لا يمكن أن يُضبط. امرأة انكشفت أمام الطبيب، من يراقبه في إطلاق بصره أم غض بصره؟ لا يمكن لتشريع أرضي أن يضبط حركات النّفس من داخلها. هذه المهن التي يسميها الناس راقية، من يستطيع أن يضبط قول المحامي: هذه الدعوى رابحة أم خاسرة؟ قد تكون خاسرة، لكنْ يغري الموكل بأنها رابحة، ويؤخر إبلاغه النبأ بعد حين، هذا لا يُضبط بقانون ولا بتشريع، أي الحياة من دون دين لا تُعاش، لا تنضبط، لا تنتظم.
 أضرب لكم بعض الأمثلة، وقد ضربتها كثيراً: إذا أردنا أن نردع السَّائقين عن السّرعات الزّائدة، ماذا نعمل؟ بتشريع أرضي نخترع أجهزة تراقب السرعات الزائدة، هذا الذي يُطبق عليه هذا التشريع ليس أقل ذكاءً من واضع هذا التشريع، قد يخترع جهازاً يكشف عمل هذا الجهاز، ماذا يفعل إذاً؟ لابد من أن نخترع جهازاً ثالثاً يكشف عمل الجهاز في السيارات التي تتّقي عمل جهاز الرادار.. إذاً معركة لا تنتهي بين عقلين.. سيدنا عمر رضي الله عنه سأل راعياً، قال: بعني هذه الشّاة وخذ ثمنها؟ قال ليست لي، قال: قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذّئب قال: ليست لي، أغراه بثمنها، قال: والله إنني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذّئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين ولكن أين الله ؟..
 عظمة هذا الدين أن الله معك، معك في خلوتك، وفي جلوتك، معك في خواطرك، وفي رغباتك، وفي نواياك، لا يمكن لتشريع أرضي أن يضبط سلوك الإنسان، إلا أن يكون ديناً سماوياً، لا يمكن لجهة أرضية مهما قويت أن تضبط الناس، إلا أن يكون ربّ الناس، هو الذي يضبطهم، ربّنا عزّ وجل يقول:

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾

[سورة الطلاق: 12]

من يعلم أن الله يعلم وسيحاسب ويعاقب لابد من أن يستقيم على أمره :

 حينما يعتقد الإنسان أن علم الله يطوله، وحينما يعتقد الإنسان أن قدرة الله تطوله، وحينما يعتقد الإنسان أن الله يعلم، وسيحاسب، وسيعاقب لابد من أن يستقيم على أمره. سيدنا عمر منع امرأة أن تطوف بالبيت، كانت مريضة، فلما توفي رضي الله عنه قيل لها: إن الذي منعك من الطواف قد مات، قالت: والله ما كنت لأطيعه حياً وأعصيه ميتاً. هذا مع بشر، فكيف مع خالق البشر؟ في التاريخ الإسلامي قصص لا تُصدق تبين أن الإنسان إذا عرف الله وعرف أنه يراقبه:

﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

[سورة الفجر: 14]

﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

[سورة النساء: 1]

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

[سورة الحديد: 4]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

[سورة الأنفال: 24]

 إذا علمت أن الله معك، يعلم سرَّك وجهرك، وأنت في قبضته، ومصيرك إليه، ولابد من أن تعود إليه، لتحاسب عن أعمالك كلها، عندئذ تستقيم على أمر الله، وعندئذ تستقيم الحياة، وعندئذ نعيش في مجتمع متعاون، متناصح، متكاتف، متضامن.

 

التشريع الإلهي تشريع شمولي :

 شيء آخر: أن الذي يضع التشريع الأرضي هو إنسان، يدّعي أنه يعلم في جانب، وغابت عنه أشياء، ليس عنده علم شمولي، عنده علم في جانب واحد، قد يلاحظ هذا الجانب، وتغيب عنه جوانب، قد ينظر من هذه الزاوية، وتغيب عنه زواية، إذا تفوق في أحد العلوم غابت عنه بقية العلوم، إذا تناول الشيء من هذه الزاوية، تغيب عنه بقية الزوايا، إنه بشر:

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[سورة الإسراء:85]

 أما حينما يضع التشريع خالق البشر، قال تعالى:

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[سورة فاطر: 14]

 هو الخالق، هو الصّانع، وهو الخبير، هو العليم، وهو الحكيم، هو القدير، هو الذي يعلم السرَّ وأخفى. الفلسفات الأخلاقية لا تغني عن الدين، ماذا يحل محل التشريعات الأرضية و الفلسفات الأخلاقية؟ الفلسفات الأخلاقية لا تستطيع أن توجه إلا أفراداً معدودين، وبتأثير محدود لا ينفذ إلى الأعماق، وليس لها ذلك الشمول، ولا ذلك الاستمرار، والفلسفات فضلاً عن ذلك متعددة، ومتناقضة، هناك فلسفة المنفعة نادى بها بعض الفلاسفة، هناك فلسفة اللذّة نادى بها فلاسفة آخرون، هناك فلسفة الواجب... وبعد ذلك ما الجزاء الذي يناله المستمسك بهذه الفلسفات؟ إنه سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، لكن ربّنا جل جلاله يقول:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[ سورة الزلزلة:7-8 ]

 جاء رجل إلى النّبي عليه الصلاة والسلام، قال: يا رسول الله عظني وأوجز، فتلا عليه هذه الآية، قال: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره، فقال: يا رسول الله قد كُفيت .
 كفته آية في سورة قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام: فَقُه الرجل ، قد يقرأ الناس ستّمئة صفحة من كتاب الله، يقول لك: ختمته في رمضان ثلاث مرات، جميل جداً !.. ولكن كيف تخالف أحكامه ؟

 

((ما آمن بالقرآن من استحل محارمه))

 

[الترمذي عن صهيب ]

(( رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه))

[ ورد في الأثر]

 قال: كفيت، فقال عليه الصلاة والسلام فقه الرجل.. هذا القرآن منهج لحياتنا، ورد عن سيدنا عمر كلمة مفيدة، قال: "إنّما أنزل هذا القرآن ليعمل به" هو منهج لحياتنا، منهج لشتى مناحي حياتنا، أما إذا اكتفينا بقراءته ولم نعمل به فلن نستفيد منه.
 هذا الذي يقرأ بلاغاً بمنع التّجول، تحت طائل إطلاق الرصاص، لو أنه تفنن في فهم الخط، ونوع الحبر، ونوع الورق، ولون خط التوقيع، وشكل الختم الذي خُتم به، وغفل عن مضمون البلاغ، أين هو من هذا البلاغ ؟.. مضمون البلاغ تحت طائلة إطلاق الرصاص، غاب عنه مضمون البلاغ، وفكر في حرفه، وفي شكله، وفي توقيع الموقع، وفي ختم الذي ختم، وفي نوع الورق، وفي نوع الحبر، ينبغي أن تنظر أول شيء إلى مضمون البلاغ، وأن تعمل به، وإذا بحثت بعد ذلك عن هذه التفصيلات لا مانع، أما أن تغفل عن مضمونه، أن تغفل عن أحكامه، أن تغفل عن منهجه. الأخلاق ملاك الفرد الفاضل، وقوام المجتمع الراقي، يبقى ويستقر ما بقيت، ويذهب ويتلاشى إن ذهبت..

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم  فأقم عليهم مأتماً وعويلاً
***

الأخلاق و الدين :

 القيم الأخلاقية والدينية لا الفلسفات الأخلاقية تحتل من الدين محلاً رفيعاً، ومكاناً فسيحاً، القرآن وهو كلام الله لم يثن على خير الرسل بأكثر من أن قال:

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[سورة القلم: 4]

 ألم يكن النّبي قائداً ؟ ألم يكن مجتهداً ؟ ألم يكن عالماً ؟.. في كل صفة يتصف بها البشر كان قمّةً عليه الصلاة والسلام، وحينما أثنى الله عليه أثنى على خلقه، قال:

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[سورة القلم: 4]

 يقول عليه الصلاة السلام ـ كما قلت في أول الخطبة:

((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا))

[أخرجه البزار عن أنس بن مالك ]

 عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ))

[الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ]

 قد يتفوّق الإنسان في علمه، وهذا التفوق لا يحتاج إلى جهد نفسي، يحتاج إلى جهد عقلي، يحتاج إلى إعمال الفكر، وقد يستمتع بهذا التفوق لكن التفوق الأخلاقي يحتاج إلى ضبط للشهوات، يحتاج إلى جهد جهيد، لذلك قال بعض العلماء: جاهد تشاهد.. معرفة أمر الله يقتضي المدارسة، ومعرفة خلق الله تقتضي المدارسة، لكنَّ معرفة الله تقتضي المجاهدة، الأخلاق في الدّين ركن ركين، وفي المجتمع أساس مكين. لا أخلاق بلا دين، الدين لن يقف عند حدود الدعوة إلى مكارم الأخلاق، وتوجيهها، وتمجيدها، إنه يرسي قواعدها، ويحدد معالمها، ويضبط مقاييسها، ويضع الأمثلة للكثير من جزئياتها، ثم يغري بالاستقامة، ويحذر من الانحراف، ويضع الجزاء عقوبةً ومثوبةً.
 قال بعضهم: الأخلاق من غير دين عبث.
 وقال بعضهم الآخر: الدين والأخلاق شيء واحد، لا يقبلان الانفصال.
 وقال بعضهم: الدّين يغذّي الأخلاق وينميها. إياك أن تتصور خلقاً حقيقياً أصيلاً من غير دين، هناك خلق نفعي، خلق أساسه الذكاء، خلق أساسه المنفعة، هذا ليس بخلق، هذا يُصنف تحت باب السلوك الذكي، قد تصل إلى أهدافك بيسر، بأقل جهد، وبأكبر مردود، هذا ذكاء في الإنسان. أما الخلق الأصيل الذي أراده الله من الإنسان المؤمن فلا يكون إلا بالدين، العلم سياجه الأخلاق، والأخلاق مبعثها الدين، ولا أخلاق من دون دين. الدّين هو المصدر الفذُّ المعصوم الذي يُعرف منه حسن الخلق من قبيحه، والدّين هو الذي يربط الإنسان بمثل أعلى يرنو إليه، ويعمل له، والدّين هو الذي يجد من أنانية الفرد، ومن طغيان الغريزة، ومن سيطرة العادات، ويخضعها لأهدافه ومثله.

 

الدّين أساس الخلق و ركنه المتين :

 الدّين أساس الخلق، لأن الدّين يُبنى على الوازع الداخلي، بينما التشريعات الأرضية تُبنى على الوازع الخارجي. من الأحاديث الشّريفة التي هي من أركان السلوك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:

((يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ))

[أحمد عن أبي هريرة]

 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إِذْ هِيَ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ]

 هل من فهم أعمق وأدق من فهم كبار أصحاب رسول الله لهذا الدين؟ ماذا قال سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سأله النَّجاشي حدثني عن الإسلام؟ قال: كنا قوماً أهل جاهلية، دقّقوا من أي زاوية تناول هذا الموضوع، أي تعريف عرف به الإسلام ؟

 

((كنا قوماً أهل جاهلية، نأتي الفواحش، ونأكل الميتة، ونعبد الأصنام، ونقطع الرحم، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منّا الضّعيف...))

 

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 هذه مساوئ الأخلاق، هذا هو الانهيار الخلقي، هذا هو السُّقوط الأخلاقي، هذا معنى قول الشاعر:

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم  فأقم عليهم مأتماً وعويلاً
***

 حتى بعث الله فينا رجلاً- كيف عرفناه أنه نبي؟- نعرف صدقه وأمانته وعفافه..
 بماذا وصف النبي؟ بشكله، بخرقه للقواعد ؟.. لا..

 

(( ...نعرف أمانته، وصدقه، وعفافه، ونسبه، فدعانا إلى الله لنعبده، ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، وحقن الدماء، والكف عن المحارم ))

 

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 هذا هو الدّين، يؤكّد هذا قول النّبي عليه الصلاة والسلام:

((بني الإسلام على خمس))

[البخاري عن عبد الله بن عمر ]

 الخمس هي العبادات، هي العبادات، والإسلام شيء آخر:

((بني الإسلام على خمس))

[البخاري عن عبد الله بن عمر ]

 هي دعائم، وليست هي البناء، البناء أخلاقي.. أحد كبار العلماء له كلمة رائعة، يقول: " الدّين هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين". هذه حقيقة، فإياك أن تتوهم أنك ديِّن إن لم تكن أخلاقياً، أنك ديِّن إن لم تكن صادقاً، أنك ديِّن إن لم تكن أميناً، أنك ديِّن إن لم تكن كريماً.
الدّين هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدّين.
 وعود على بدئ، يقول عليه الصّلاة والسّلام:

((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا))

[أخرجه البزار عن أنس بن مالك ]

 أيها الأخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفرق بين التشريع الأرضي والتشريع الإلهي :

 أيها الأخوة الكرام، أسوق لكم شاهداً تاريخياً يؤكد موضوع هذه الخطبة:
 في أمريكا انتشرت عادة السكر، وشرب الخمور، انتشاراً كبيراً، الأمر الذي أقنع الحكومة وقتها بضرر ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع، فأصدرت قانوناً يمنع الخمر، ومما يلفت النَّظر أن هذا الحظر أو منع الخمر لم يكن أمراً ملكياً، أو أمراً من إمبراطور، بل إنه تشريع جاء عن طريق برلمان في بلد ديمقراطي، من شأنه أن يشرِّع لنفسه ما يجلب له النَّفع، ويدرأ عنه الفساد والضَّرر. وبعد أن اقتنع الرأي العام، وتحقق له من الوجوه العلمية والعملية أن الخمرة ضارّة بالصّحة، مفسدة للعقل، محطّمة للحضارة، صدر قانون بتحريم الخمر في عام ألف وتسعمئة وثمانية عشر. ماذا فعلت الحكومة وقتها من أجل تنفيذ هذا القانون؟
 جُند الأسطول كله لمراقبة الشواطئ منعاً للتهريب. جُند الطيران كله لمراقبة الأجواء منعاً للتهريب عن طريق الطائرات الخاصة. شُغلت أجهزة الحكومة، واستخدمت كل وسائل الدِّعاية لمحاربة الخمر. أنفقت الدولة في محاربة الخمر على المنشورات التي تُحذر من تناوله وتبين أضراره ستين مليون دولار. وطبعت عشرة بلايين صفحة في أربعة عشر عاماً، ووزعت.
 وأنفقت على متابعة هذا القانون مئتين وخمسين مليون دولار. وأعدم ثلاثمئة إنسان اتجروا بالخمر. وسجن خمسمئة ألف مواطن. وبلغت الغرامات التي دفعها الذين خالفوا هذا القانون ستة عشر مليون دولار. وصُودرت من الأملاك أماكن تصنيع الخمر تهريباً ما قيمته أربعمئة مليون دولار.
 وكل هذه الإجراءات، وهذه النفقات، وهذه المطبوعات، وهذه النشرات، وهذا الاستنفار، لم يزد الشَّعب إلا غراماً في الخمر، وعناداً في تعاطيه. ففي عام ألف وتسعمئة وثلاثة وثلاثين اضطرَّت هذه الدولة إلى إلغاء القانون وإباحة الخمر. في القرآن الكريم آية واحدة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾

[سورة المائدة: 90-92]

 ما الذي حصل؟ أن الإنسان أحياناً يضحي بتجارته، ولا يجلس على مائدة فيها خمر، يضحي بمركزه أحياناً، هذا الذي حصل.
 هذه الحقيقة تبين الفرق بين التشريع الأرضي والتشريع الإلهي، لذلك الحياة لا تنتظم من دون تشريع إلهي. الحياة من دون قيم لا تُعاش، والقيم من دون دين لا تكون.

 

تطبيق منهج الله سبيل صلاح الإنسان و الأسرة و المجتمع :

 أيها الأخوة الكرام، لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. لابد من الصلح مع الله، لابد من التوبة إليه، لابد من الرجوع إليه الله جل جلاله يفرح بتوبة عبده كما يفرح الضال إذا وجد، والعقيم إذا ولد:

((لله أشد فرحاً بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد))

[ ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة ]

 ولا تنسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطانا صورة رائعة بلاغية ذلك الذي ركب ناقته وعليها زاده، وشرابه، ليقطع بها الصحراء، جلس ليستريح، فاستيقظ فلم يجد الناقة، فأيقن بالهلاك، فجلس يبكي ثم يبكي حتى أخذته سنة من النوم، فاستيقظ فرأى الناقة أمامه، من شدة فرحه اختل توازنه، فقال: يا رب أنا ربّك وأنت عبدي، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:

((...لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته وزاده))

[ متفق عليه واللفظ لمسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ]

 ما دام القلب يبنض باب التوبة مفتوح ، لو جئتني بملء السموات والأرض خطايا غفرتها لك ولا أبالي.

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53]

 لا يصلح إنسان، ولا تصلح أسرة، ولا يصلح مجتمع إلا بتطبيق منهج الله.

 

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك. اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، وآمنا في أوطاننا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً، وسائر بلاد المسلمين. اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء. اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب، اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء.
 اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين.
 اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

تحميل النص

إخفاء الصور