وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0621 - إعدلوا بين أولادكم - ما ورد في السنة عن العدل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر. وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

العدل بين الأولاد :

 أيها الأخوة الكرام: في هذا الأسبوع الذي سبق هذا اليوم استمعت إلى عدة قصص عن آباء لم يعدلوا بين أولادهم، فكانت النتيجة سيئة جداً؛ عداوة بين الأبناء وهضم للحقوق، وحقد على الأب. أردت في هذه الخطبة أن أضع بين أيديكم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، عن قيمة العدل بشكل مطلق، وعن العدل بين الأولاد بشكل خاص. ورد في صحيح مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:

(( انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ - نحلت أي أعطيت بلا مقابل- النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لَا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي فإني لا أشهد على جور ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا ))

[مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ]

 أي فلا تفعل إذاً..
 هذا الحديث ورد في روايات كثيرة، ورد: فأرجعه، أي أرجع هذا المال إليك، وفي رواية :فاردده، وفي رواية: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ وفي رواية: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وفي رواية: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور، وفي رواية: لا تشهدني على جور، وفي رواية: فاشهد على هذا غيري، وفي وراية: فإني لا أشهد، وفي رواية: فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق..

 

العدل قيمةٌ أساسيةٌ من قيم الدين :

 أيها الأخوة الكرام: هذا حديث يُعدُّ أصلاً في هذا الباب، عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمُ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ قالها ثلاث ))

[متفق عليه عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ]

 النبي عليه الصلاة والسلام فيما ورد في صحيح مسلم يقول:

(( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ))

[ مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 قد يفهم بعض الأخوة الكرام أن العدل يحتاجه القضاة فقط، والأمراء فقط، ولكنَّ كل واحد من المسلمين يحتاج إلى أن يعدل، يحتاج إلى هذه الأحاديث، لأنك تكون قاضياً شئت أم أبيت بين أولادك، أو بين أولادك وبناتك، أو بين زوجة ابنتك وابنتك، فالأب دائماً مرجع في بعض القضايا الخلافية، فالأحاديث التي تتعلق بالعدل كل مسلم في أمسِّ الحاجة إليها، لأنك إن لم تعدل بين أولادك، على دعوى أن هذا بارٌّ وهذا عاقٌّ، زدت العاقَّ عقوقاً، والبارُّ حين رآك لم تعدل صغرت في نظره، أما إذا عدلت بين أولادك فهم في البرِّ لك سواء، ولا يسع الأولاد إلا العدل..

(( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ))

 يمين الرحمن، نفوض تفسير هذا إلى الله عز وجل، أو نفسره بما يليق بجلاله، أي في مكان عليِّ عند الله عز وجل:

((وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا في حكمهم ))

 إنسان تولى أمر عشرةٍ، يبغي أن يعدل بينهم، إنسان تسلم إدارة مدرسة، إدارة مستشفى، إدارة معمل، إنسان في مركزه التجاري، عنده موظفون، ينبغي أن يعدل بينهم، والعدل قيمةٌ أساسيةٌ من قيم الدين..

 

ما ينطبق على القضاء ينطبق على آحاد المسلمين :

 أيها الأخوة الكرام: ورد أيضاً في سنن النسائي:

((عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: اسْتَعَارَتِ امْرَأَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ يُعْرَفُونَ وَهِيَ لَا تُعْرَفُ حُلِيًّا فَبَاعَتْهُ وَأَخَذَتْ ثَمَنَهُ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَعَى أَهْلُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْفَعُ إِلَيَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّتَئِذٍ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ فِيهِمْ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ثُمَّ قَطَعَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ ))

[متفق عليه عن عائشة ]

 الحدّ هو العقاب المقدر في الشرع على بعض المعاصي. وفي سنن أبي داود عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ ))

[ أبو داود عن أبي هريرة]

 أن تكون قاضياً، وألاّ تحكم بالعدل، فالنَّار مصير هذا الإنسان، أن تكون قاضياً، وتحكم بالعدل، فلهذا الإنسان الجنّة، وما ينطبق على القضاء ينطبق على آحاد المسلمين، فلا بد من أن تكون في موقف ما قاضياً..

 

المسلمون والمؤمنون دماؤهم متكافئة :

 وفي سنن أبي داود عن قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ:

((انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ: لَا إِلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا، قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَ فَأَخْرَجَ كِتَابًا وَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ - أي تتساوى في القصاص- وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ - مجتمعون على عدوهم وليسوا متفرقين- وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ -يسعى بوفاء عهدهم- وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ - أي يعطي عهداً بالمنع والحماية- وَيَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ - قويهم من يملك الرواحل- وَمُتَسَرِّيهِمْ -أي مقاتلهم-عَلَى قَاعِدِهِمْ.))

[ أبو داود عن قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ]

 موطن الشاهد في هذا الحديث :" تتكافأ دماؤهم" أي تتساوى في القصاص، في الدماء المسلمون والمؤمنون دماؤهم متكافئة، أي من قتل منهم فجزاء قاتله القتل:

﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 179]

كلمة الحق لا تقطع رزقاً ولا تقرِّب أجلاً :

 وفي سنن ابن ماجة عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا ))

[ مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

 وأن ترجح الوزن من أجل أن تبرئ ذمتك، فقد يكون هناك عوامل تؤدي إلى ألا تعطي الإنسان حقه، فإذا أرجحت الميزان أخذت جانب الأمان. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ ))

[أبو داود عن أبي سعيد الخدري]

 أي أن تنطق بالحق..قال تعالى:

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾

[سورة الأحزاب: 39]

 وكلمة الحق كما قال العلماء لا تقطع رزقاً، ولا تقرِّب أجلاً..

 

قيمة العدل في حياة المسلم :

 أيها الأخوة الكرام: لازلنا في الأحاديث التي تؤكد قيمة العدل في حياة المسلم.. هذا الحديث من ألصق الأحاديث بواقعنا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:

((أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمِ - هذه الأمراض التي تظهر حديثاً، والتي تُعجز العالم بأسره عن أن يجدوا لها مصلاً شافياً، هذه الأمراض التي أقلقت مضاجع العالم كله، هذه الأمراض التي تحدت الهيئات العلمية، والجامعات، والإمكانات كلها، هذه الأمراض هي عقاب وليست ابتلاء- يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا - أي صار من المألوف أن يقول الواحد أمام الناس: أنا أمارس هذا الانحراف هذا نسمعه أحياناً من أشخاص لهم مكانة في مجتمعاتهم- الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))

[ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

الأعمال التالية التي ذكرها النبي نوع من الصدقات :

 أيها الأخوة الكرام: النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، إلا أن يُعلمه الله، وهذا الحديث من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام:

(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))

[ ابن ماجه عن ابن عمر]

 إذا ظهر السبب بطل العجب، والإنسان مادام قلبه ينبض فهو في بحبوحة التوبة، وإذا تاب العبد توبةً نصوحاً أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه.
 عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 السلامى: العظمة الصغيرة.. كل عظمة من عظام بني آدم عليها صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس.. فهذه الأعمال التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام نوع من الصدقات تؤديها على ما أنعم الله به عليك من صحة، ومن حركة، ومن سلامة أجهزة وأعضاء.

 

من أراد أن يعدل فالله يلهمه أسباب العدل :

 عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((قَارِبُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ يَعْنِي سَوُّوا بَيْنَهُمْ ))

[متفق عليه عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ]

 وهذا أمر نبوي، وكل أمر يقتضي الوجوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((يَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاضِي حِينَ يَقْضِي وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاسِمِ حِينَ يَقْسِمُ ))

[أحمد عَنْ أَبِي أَيُّوبَ]

 أي إذا أراد القاضي الحقَ فالله يعينه، وإذا أراد الذي يقسم الحقَ فالله يعينه، هو معك إذا أردت العدل، يلهمك الصواب، والإنسان قد يصل بإلهامات الله له إلى أشياء قد لا يحصِّلها بخبرته، فحينما يريد القاضي أن يعدل، فاللّه سبحانه وتعالى يلهمه ذلك، ويلهمه الأسباب أسباب العدل.

((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يُكَذِّبُونَنِي وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي وَأَشْتُمُهُمْ وَأَضْرِبُهُمْ فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَّبُوكَ وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ كَانَ فَضْلًا لَكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمُ اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ، قَالَ: فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَهْتِفُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلِهَؤُلَاءِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ))

[ الترمذي عن عائشة ]

 خرج من المشكلة، يُستفاد من هذا الحديث أنك إذا عاقبت عقاباً أكبر من الذنب كنت مؤاخذاً عند الله عزّ وَجل، إن عاقبت أقلّ من الذنب كان فضلاً لك عليهم، وإن عاقبت عقاباً يكافئ الذنب لا لك ولا عليك، أمّا إذا عاقبت عقاباً يزيد على حجم الذّنب فكنت ظالماً.. ولا تتوهم ألا تعاقب، فالله سبحانه وتعالى أمرك أن تعاقب، ولكن قال:

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾

[سورة النحل: 126]

﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة الشورى: 40]

 وهناك أناس كثيرون يواجهون الأخطاء بعقوبات لا تُحتمل ولا تُقبل، هذا نوع من الظّلم، فإذا كان عندك من يعمل في محلك، وأخطأ خطيئة، لا يبغي أن تكيل له الصاع عشرة أصوع، كلْ له الصاع صاعاً، لا لك ولا عليك، إن عفوت عنه، وكان عفوك عنه يقرّبه إلى الله عزّ وجل ينبغي أن تعفو عنه، لأن الله عزّ وجل يقول:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾

[ سورة الشورى: 39]

﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة الشورى: 40]

 إذا غلب على يقينك أن عفوك عنه يقرّبه إلى الله، ينبغي أن تعفوَ عنه، والله سبحانه وتعالى يتولى مجازاته.

((عَنِ الْحَسَنِ بن يسار أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ ابْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ بِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ))

[متفق عليه عن الحسن بن يسار]

 وهذا الحديث ينطبق على كلّ واحدٍ منكم، كيف؟.. الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، والموظف الذي تحت يديه عشرة أشخاص راعٍ عليهم، وهو مسؤول عن هؤلاء الرعية، وكل من ولاه أمر عشرة فهو راعٍ ومسؤول عن رعيته.

 

قيمة العدل من أكبر القيم الدنيويّة

:
 أيها الأخوة الكرام: هذه بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت في الكتب الصحيحة عن قيمة العدل، التي هي من أكبر القيم الدنيوية التي على المسلم أن يتمسك بها، لأنه ورد: أن العدل حسن ولكن في الأمراء أحسن، وأن السخاء حسن ولكن في الأغنياء أحسن، وأن الصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، وأن الحياء حسن لكن في النساء أحسن، وأن التوبة حسن لكن في الشباب أحسن، وأن الورع حسن لكن في العلماء أحسن.
 أيها الأخوة الكرام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

آيات صارخة دالة على عظمة الله عزّ وجل :

 أيها الأخوة الكرام: مرةً ثانية: هذه النصوص الصحيحة التي سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تدفعنا إلى موقف عملي، فكل واحد منَّا يراجع حساباته، ماذا أعطى أبناءه؟ هل فضّل بعضهم على بعض؟ هل خصَّ أحدهم بشيء لم يخصَّ الباقين به؟
 أيها الأخوة الكرام: حينما تلقى الله عزّ وجل وقد ونفذت وصية رسول الله: " اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أولادكم" تكون قد نجوت من حساب يسير، وعقاب أليم، فإن الرجل يعبد الله ستين عاماً ثم يظلم في الوصية، يلقى الله تجب له النار، كما ورد في بعض الأحاديث.
 قضية العدل قضية مهمة جداً، وعدل ساعة - كما ورد في بعض الآثار - أفضل من أن تعبد الله ثمانين عاماً، عدل ساعة.. هناك في حياة كلٍ منا آيات صارخة دالة على عظمة الله عزّ وجل جمعت بعضها.
 جسمنا الذي هو أقرب شيء إلينا معجزة، في رأس كلٍ منا ثلاثمئة ألف شعرة، لكل شعرة بصلة، ووريد، وشريان، وعضلة، وعصب، وغدة دهنية، وغدة صبغية. وفي شبكية العين عشر طبقات، في آخرها مئة وأربعون مليون مستقبل للضوء، ما بين مخروط وعصية، ويخرج من العين إلى الدماغ عصب بصري، يحوي خمسمئة ألف ليف عصبي. وفي الأذن ما يشبه شبكة العين، فيها ثلاثون ألف خلية سمعية؛ لنقل أدق الأصوات، وفي الدماغ جهاز يقيس التفاضل الزمني لوصول الصوت إلى كل من الأذنين، وهذا التفاضل يقل عن جزء من ألف وستمئة جزء من الثانية، وهو يكشف للإنسان جهة الصوت. وعلى سطح اللسان تسعة آلاف نتوء ذوقي، لمعرفة الطعم الحلو والحامض والمر والمالح، وإن كل حرف ينطقه اللسان يسهم في تكوينه سبع عشرة عضلة، فكم حركة؟ وفي دماغ الإنسان أربعة عشر مليار خلية قشرية، ومئة مليار خلية استنادية لم تُعرف وظيفتها بعد، بل إن دماغ الإنسان هو أعقد ما في الإنسان وهو عاجز عن فهم ذاته. وفي جدار المعدة مليار خلية تفرز من حمض كلور الماء ما يزيد عن عدة ألتار في اليوم الواحد، وقد جهد العلماء في حل هذا اللغز، لمَ لا تهضم المعدة نفسها؟ أليست المعدة معجزة؟ وفي الأمعاء ثلاثة آلاف وستمئة زغابة معوية للامتصاص في كل سنتمتر مربع، وهذه الزغابات تتجدد كلياً كل ثمانٍ وأربعين ساعة. وتحت سطح الجلد يوجد ستة عشر مليون مكيف لحرارة البدن، هي الغدد العرقية، وفي الكبد ثلاثمئة مليار خلية، يمكن أن تُجَدد كلياً خلال أربعة أشهر، ووظائف الكبد كثيرة، وخطيرة ومدهشة، بحيث لا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا كبد أكثر من ثلاث ساعات. وفي الكليتين مليونا وحدة تصفية، طولها مجتمعة مئة كيلو متر يمر فيها الدم في اليوم خمس مرات.
 هذا جسمنا الذي نحن نعيش معه، هذا جسمنا أقرب شيء إلينا، هذه حقائق مسلم بها، عرفها الأطباء من عشرات السنين، وليست خاضعةً للمناقشة إطلاقاً، قال تعالى:

﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات: 21]

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك. اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين. اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، وآمنا في أوطاننا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً، وسائر بلاد المسلمين. اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء. اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب. اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء. اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين. اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

 

تحميل النص

إخفاء الصور