وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0631 - الضرورات تبيح المحظورات 1 - الشريعة مصلحة ورحمة وعدل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
وأشهد أن لا إله إلا اله وحده ولا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر .
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا ، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

مفهوم الضرورة الشرعية :

أيها الإخوة الكرام :
ما من موضوع في دنيا المسلمين ساح وماع ، وتجاذبته الأهواء كموضوع الضرورة الشرعية .
فما أكثر الذين لا يؤدون الفرائض في أوقاتها بسبب وجودهم في حفل عام ، أو اجتماع خاص ، ويزعمون أنها ضرورة شرعية .
وما أكثر من يقدمون المشروبات المحرمة لضيوفهم التجاريين ، بدعوى أن الضرورات تبيح المحظورات .
وهناك من يستبيح المعاصي والآثام بسبب وجودهم في بلاد غربية ، أو بعدهم عن زوجاتهم .
هناك من يروجون بضاعتهم بإعلانات محرمة ، ويقولون الضرورات تبيح المحظورات .


قد يبادر بعض التجار إلى التعامل الربوي ، ويقولون الضرورات تبيح المحظورات .
وقد يلجأ بعض الناس إلى اقتراض بفائدة ربوية ، ويقولون الضرورات تبيح المحظورات .
ما من قاعدة دارت على ألسنة الناس ، وتقاذفتها الأهواء ، ولعبت بها المصالح كهذه القاعدة .
يا أيها الإخوة الكرام ؛ إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم !

(( ابن عمر دينك دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا ))

[ ورد بالأثر ]

كلمة حق ؟!
الضرورات تبيح المحظورات .
ولكن ما حدود هذه الضرورات ؟.
ما ضوابط هذه الضرورات ؟.
ما ضوابط المصالح التي من أجلها تباح المحظورات ؟.

الضرورات تبيح المحظورات :

هذا أيها الإخوة موضوع سلسلة من الخطب أبدأها بهذه الخطبة إن شاء الله تعالى .

تمهيد :


أيها الإخوة الكرام ؛ من المسلمات في دين الإسلام أن الله وحده هو المشرع ، هو وحده مصدر الشرائع والأحكام ، سواء أكانت طريقة معرفة الحكم هو النص الصريح المباشر في القرآن والسنة أم اجتهاد المجتهدين ، وما غير المجتهد من كبار الفقهاء إلا إبراز حكم الله والكشف عنها بطريق الاستنباط ضمن مقاصد الشريعة وبحسب روح النص .
أيها الإخوة الكرام ؛ الله جل جلاله كتب على نفسه الرحمة ، فلا يشرع لنا إلا ما يكون متفقاً مع الحكمة ، ومحققاً للمصلحة ، فما أباحه فهو نافع طيب ، وما حرمه فهو ضار خبيث .
قال بعض العلماء : الشريعة مصلحة كلها ، رحمة كلها ، عدل كلها .

فأية قضية خرجت من المصلحة إلى المفسدة ، ومن الرحمة إلى ضدها ، ومن العدل إلى الجور ، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .
أيها الإخوة الكرام ؛ قال تعالى :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء الآية : 107]

النبي رحمة ، والقرآن رحمة ، وشريعة النبي عليه الصلاة والسلام رحمة ، وقال تعالى :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 157]

يُستنبط من هذه النصوص القرآنية :
أن العلاقة بين الأمر ونتائجه ، وبين النهي ونتائجه علاقة علمية .
أي علاقة سبب بنتيجة ، لأن المشرع هو الله ، والله هو الخبير ، وهو وحده يعلم ما ينفعنا وما يضرنا ، وما يصلحنا وما يفسدنا .

أيها الإخوة الكرام ؛ لو أنشأنا مدرسةً ، وهناك مربون كبار واختصاصيون في التربية والمناهج ، فهل نَكِلُ أمرَ وضع النظام الداخلي للطلاب أنفسهم أم لهؤلاء الخبراء الكبار في التربية والتعليم .
لو أوكلنا إلى الطلاب وضع النظام الداخلي لألغوا الامتحان ، ولجعلوا معظم العام الدراسي عطلاً ، ولجعلوا المواد الترفيهية هي الأصل ، أم يجب أن نوكل أمر وضع البرامج والمناهج وقواعد النجاح والرسوب بيد الخبراء المربين .
أيها الإخوة الكرام ؛ لا يمكن أن يقدر النفع والضر إلا الخالق ، لا يمكن أن يقدر المصلحة والمفسدة إلا خالق الإنسان ، لا يمكن أن يقدر الحسن والقبيح إلا خالق الإنسان لذلك المصلحة والمفسدة ، والحسن والقبيح ، وما هو جائز وما هو غير جائز ، وما ينبغي وما لا ينبغي ، والخير الشر ، وهذا كله موكول إلى خالق البشر ، ذلك أن الله سبحانه وتعالى بعلمه المطلق وخبرته المطلقة ، ورحمته المطلقة يشرِّع لهذا الإنسان ما يصلحه ، ويحرم عليه ما يفسده ، قال تعالى :

﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 157]

أيها الإخوة الكرام ؛ إذا اعتقدنا اعتقاداً جازماً أن الله وحده هو المشرع ، نرى أن شرعه ثابت وخالد ، وفيه ضمان أكيد لمصلحة الفرد والجماعة ، وتهيئة كاملة للإنسان لسلامته في الدنيا والآخرة ، وسعادته في الدنيا والآخرة ، أما إذا ارتبط تقدير النفع والضرر والخير والشر ، والمصلحة والمفسدة ، والحسن والقبح إلى الإنسان ، عندئذ تكون التشريعات عرضةً للعبث والتلاعب والإخلال بالمصلحة العامة ، لأن الإنسان يتخيل ويتوهم أن هذا نافع وهذا ضار ، وهو كثيراً ما يتأثر بأهوائه ، ومصالحه الخاصة وكثيراً ما يكون محصوراً في دائرة ضيقة ، أو ناظراً من زاوية معينة ، أو نظره قاصر غير شامل ، مما يجعل تشريع الإنسان مطعوناً فيه بالنقص والانحراف ، وهو معرض للتغيير والتبديل ، والتعديل والإلغاء ، وقد يرى الإنسان ما هو ضار يراه نافعاً كالسرقة والخمر والزنا ، وقد يرى ما هو نافع يراه ضاراً ، كدفع الزكاة وأداء العبادات .
أيها الإخوة الكرام ؛ بشكل مختصر الإنسان ليس مؤهلاً أن يشرع ، لأن إدراكه ناقص وأهواءه فعالة في نوع قراره ، لذلك ينبغي أن نستسلم إلى الله عز وجل فيما أمر وفيما عنه نهى وزجر ، وينبغي أن نستسلم لرسوله صلى الله عليه وسلم المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، والذي أمرنا أن نأخذ منه وأن ندع ما نهانا عنه ، وأن نجعله قدوةً وأسوةً لنا .

نتائج التشريعات الأرضية :

أيها الإخوة الكرام :
التشريعات الأرضية أحياناً في بعض البلاد تقر الشيء المحرم إذا ارتضاه المجتمع ، وهذا ما حدث في بريطانيا ، حيث أُقر في مجلس العموم البريطاني قانون يبيح اللواط .
إذا جعلنا المجتمع مصدراً للتشريع فهي طامة كبرى ، فالمجتمع قد يقر الوحل الذي يتخبط فيه .
والتشريعات الوضعية في بعض البلدان تحمي الغاصب إذا استمر وضع يده على ما اغتصب مدةً معينة ، يصبح هذا الشيء المغتصب مشروعاً له .
والتشريعات الوضعية في بعض البلدان تسقط الحق إذا سها صاحبه عن المطالبة به ، وهذا ما يُسمى بالتقادم المسقط .
أيها الإخوة الكرام ؛ أحياناً التشريعات الوضعية يهمها الدخل الكبير ، ففي بعض البلاد الإسلامية شمالاً ، مُنح أرفع وسام لامرأة تدير أكبر شبكة دعارة في بلادها ، وعدوا هذه المرأة قد خدمت الدولة ، فقدمت أكبر دخل في ميزانيتها ، هذه التشريعات الوضعية .
في بعض البلدان ؛ حينما يطلق الرجل زوجته يجب أن يعطيها نصف ما يملك ! .. بارت سوق الزواج ، وراجت سوق السفاح .
حدثني بعض الأصدقاء ، ممن زوج ابنته لتلك البلاد في شمال إفريقيا أن والد الفتاة يقدم لخاطب ابنته سند أمانة بالملايين ، من أجل أن يقبل أن يخطب ابنته ، فإن تذرعت الزوجة بنصف ما تملك ، تذرع أنت بسند الأمانة !.. توقف سوق الزواج .
وفي بعض البلدان ألزمت الأسرة أن تُنجب ولداً واحداً ، وهم في تلك البلاد يحبون الذكور ، فإذا أنجبت زوجاتهم بنتاً خنقوها ، فإذا أنجبت ذكراً سجلوه كطفل وحيد ، في عام ألفين هناك خمسين مليون نقص من الفتيات شُكلت الآن عصابات لخطف الفتيات في سن الزواج .
الإنسان حينما يشرع هو :
أولاً : يجهل خبايا النفس البشرية .
ثانياً : يعيش في أفق ضيق .
ثالثاً : ينظر من زاوية محددة .
رابعاً : تتلاعب أهواؤه ومصالحه .
يأتي تشريعه ناقصاً ، يأتي تشريعه مضحكاً أحياناً ، يأتي متناقضاً ، هذا التشريع يحتاج إلى تعديل وإلى تعديل وإلى تعديل ثم إلى إلغاء ! .
أما حينما يشرع خالق الإنسان العليم الخبير ، تشريعاً أصيلاً دائماً مستمراً لأنه متوافق مع خبيئة النفس .

التشريع الإلهي :

أيها الإخوة الكرام ؛ شيء آخر من المسلمات في ديننا أن المباح هو ما أذن الشارع في فعله ، أو خير بين فعله وتركه ، دون أن يتعلق بفعله ولا بتركه مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب .
والأصل في الأشياء الإباحة :
ما لم يأت نص يحرم بعضها .
والأصل في العبادات الحظر :
ما لم يأت نص يثبت هذه العبادة .
هذه أيضاً من الحقائق المسلم بها .
أيها الإخوة الكرام ؛ الحرام هو ما طلب الشرع الحنيف تركه حتماً ، بحيث يذم فاعله ويعاقب على ارتكابه في الآخرة ، وقد ينضم إليها عقاب في الدنيا ، مثل أكل أموال الناس بالباطل ، وقتل النفس بغير حق ، وإيذاء الناس بالقول أو العمل .
والحرام ـ أيها الإخوة ـ يتناول كل ما يضر الجسم والعقل ، كاقتراف الفواحش ، وانتهاك الأعراض ، فالحرام يتناول الأقوال كالغيبة والنميمة ويتناول الأعمال القلبية كالحقد والحسد ، والفرح بشيوع الفاحشة بين المؤمنين ، ويتناول أفعال الجوارح ، كالسرقة وشرب الخمر والزنا .

﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الأعراف الآية : 33]

وأشد شيء حرمه الله :

﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

أن تقول الضرورات تبيح المحظورات ، وتستعمل هذه القاعدة الأصولية في غير ما أراد الله عز وجل ، تستعملها لأكل المال الحرام ، تستعملها لترك الفرائض العبادية ، تستعملها لانتهاك المحرمات ، تستعملها لزيادة الثروات ، وتقول دائماً :
الضرورات تبيح المحظورات ! .
ما من قاعدة أصولية راجت بين الناس ، وساخت وسالت وماعت وساحت حتى دخلت في كل قالب كهذه القاعدة ، يقولها الإنسان عشرات المرات في اليوم الواحد ، وكأن هذه القاعدة أحلت له كل شيء ، تحلل من كل شيء ، وهو يقول الضرورات تبيح المحظورات ، وما أروع سيدنا علي حينما قال هذه كلمة حق (ليست هذه طبعاً) هذه كلمة حق أُريد بها باطل .
أيها الإخوة الكرام ؛ الحرام نوعان :
1- حرام لذاته .
2- وحرام لغيره .

فالحرام لذاته : كأكل لحم الخنزير ، وشرب الخمر والزنا .
والحرام لغيره : أن تصليَ بثوب مغصوب ، أو أن تأكل طعاماً حلالاً دون أن تدفع الثمن .
هناك أمثلة وشواهد كثيرة جداً لا مجال إلى ذكرها كلها .
أيها الإخوة الكرام ؛ الحرام له وسائل ، وسائله محرمة أيضاً ، فمن المبادئ المقررة في الشريعة الإسلامية ، أن وسيلة المحرم حرام ، وأن وسيلة الواجب واجبة بناءً على القاعدة الأصولية : ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
الزنا حرام ـ شيء بديهي ـ الخلوة قد تفضي إلى الزنا فهي حرام إطلاق البصر في المحرمات ، العين بريد الزنا ، إطلاق البصر حرام أن تصحب الأراذل حرام ، أن تخلو بامرأة أجنبية حرام ، أن ترتاد الأماكن التي لا ترضي الله حرام ، أن تفعل بعض المنكرات التي توصل إلى الفاحشة حرام ، فالحرام حرام ، والوسيلة إليه حرام ، هذا شيء بديهي في قواعد الحرام والحلال .
القاضي حينما يقضي بعلمه يُحاسب عند الله ، لأنه إذا قضى بعلمه قد يظهر المتقاضيين في حكمه ، لا يقضي القاضي بعلمه ، أن يقضي بعلمه وسيلة هذا الحكم الظالم حرام أيضاً .
بيع السلاح في الفتنة حرام ، لأنه يؤدي إلى مزيد من الشرور ، تحريم كل التسهيلات المؤدية إلى المعاصي ، فالخمرة حرام ، وبيعها حرام ونقلها حرام ، وعصرها حرام ، والإعلان عنها حرام ، وأي شيء يتصل بها حرام ، وسيلة الحرام محرمة .
العز بن عبد السلام من العلماء الأجلاء ، قال : من وسائل أحكام المقاصد والوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل ، والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل .
فالذي يساهم في بناء ملهى ، يساهم في تمديداته ، في مرافقه ، في تزيينه ، ماذا يجري في هذا الملهى ، يجري الفعل الحرام ، فكل من ساعد على إنشائه تناله الحرمة .
هذه الحقيقة الثانية ..

الحقيقة الأولى :

الحرام ما ألزمك الشرع بتركه على وجه قطعي .

الحقيقة الثانية :

أن وسيلة الحرام محرمة .

والحقيقة الثالثة :

عموم الحرام .
فالحرام يتصف بصفة الاطراد والشمول والتعميم ـ دققوا في هذا الكلام ـ لا فرق بين شخص وشخص ، ولا فئة و فئة ، ولا مكان ومكان ولا قوي وضعيف ، ولا ما كان في بلاد المسلمين ، أو في غير بلاد المسلمين الحرام يتصف بالاطراد والشمول والعموم ، قال الإمام الشافعي : الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر ، والحرام في دار الإسلام حرام في دار الكفر ، فمن أصاب حراماً حده الله على ما شاء منه ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئاً .
أي ـ أيها الإخوة ـ ليس في الإسلام سوى ذات خاصة ، وقف النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وحبيب الحق وقف وقد دانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها ، وقف وهو في أعلى درجات القوة قال : من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه ، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه ، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليقتد منه ولا يخشى الشحناء فإنها ليست من شأني ولا من طبيعتي .
أيها الإخوة الكرام ؛ المرأة التي سرقت من بني مخزوم .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأحمد والدارمي]

هذا هو الدين ، هذا هو الحرام ، الحرام على كل الناس ، وفي كل مكان وزمان ، وفي كل ظرف وملابسة ، ليس هناك امتيازات خاصة .

سيدنا سعد بن أبي وقاص ، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :

(( هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ ))

[انفرد به الترمذي وقال حديث حسن غريب]

والذي فداه بأمه وأبيه .
قال علي رضي الله عنه مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ :

(( ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد]

سعد بن أبي وقاص نفسه ، خاطبه عمر رضي الله عنه ، قال له يا سعد ، لا يغرنك أنك خال رسول الله ، فالخلق كلهم عند الله سواسية ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له ، الخلق جميعاً في ذات الله سواء .
الحرام حرام في كل ظرف وفي كل مناسبة .
أيها الإخوة الكرام : الاحتياط في الحرام
على المسلم أن يحتاط في أمر الحرام ، فيجنب نفسه الوقوع فيه أو الانزلاق في مدارجه ، وإذا التبس عليه الأمر اعتبره حراماً ، أخذاً بمدأ سد الذرائع ، النعمان ابن البشير رضي الله عنه ، قال ـ وهذا الحديث الشريف أصل في هذا الموضوع ، يقول عليه الصلاة والسلام :
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ :

(( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود وأحمد والدارمي]

أيها الإخوة الكرام ؛ الضابط ـ هذا مصطلح فقهي ، المعيار يعني المقياس ـ الضابط فيما يخفى من المصالح والمفاسد من غير تعبد ، أنه مهما ظهرت المصلحة الخالية عن المفسدة تسعى في تحصيلها ، ومهما ظهرت المفاسد الخالية عن المصالح ، تسعى في درئها ، وإن التبس علينا الأمر احتطنا للمصالح في تقدير وجودها ، وفعلناها ، واحتطنا للمفاسد بتقدير وجودها وتركناها.
يعني لو أردت أن تعلم بنتاً درساً خصوصياً في خلوة مع رجل احتمل المفسدة ودعها ، ما دامت الخلوة المحرمة فلا مجال إلى فعلها إطلاقاً .
أيها الإخوة الكرام ؛ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ))

[أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد والدارمي]

إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء لكم غير نسيان رحمة بكم فلا تبحثوا عنها .

أيها الإخوة الكرام ؛ الحكمة من الأشياء التي أمرنا الله بها جلية واضحة ، والحكمة من الأشياء التي نهانا الله عنها جلية واضحة ، والحكمة من الأشياء التي تركها الشرع الحنيف ، تركها بلا تحريم ولا تحليل ، الحكمة من هذه الأشياء لا تقل عن الحكمة التي أمرنا الله بها ونهانا عنها ، فلا تبحثوا عنها ، ما أمرتكم فأطيعوه وما نهيتكم عنه فانتهوا والذي سكت عنه الشرع فلا تبحثوا عنه .
وفي حديث آخر :
عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد]

المنهيات لا يمكن أن تساوي عليها ، أما أمرك أن تدفع الصدقة ادفع ما تستطيع ، أمرك أن تفعل الخير ، افعل منه ما تستطيع ، أما الذي نهاك عنه لا يمكن أن تقول أنا أنتهي عنه ما أستطيع ، لأن المستودع موضوع إحكامه له حالة واحدة ، إما أنه محكم أو غير محكم .
أما إذا كان غير محكم ، عدم الإحكام نسبي ، أما الإحكام حدي لذلك الذي نهى عنه النبي لا يقبل الاختلاف أبداً ، والذي أمر به النبي تطوعاً افعل منه ما تستطيع ، هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ..))

أيها الإخوة الكرام ؛ لهذا الموضوع تتمة إن شاء الله تعالى تكون في خطب قادمة فهو من اخطر الموضوعات المتعلقة بالحلال والحرام ، الإنسان يظل في خير ما دام مستقيماً على أمر الله ، يكون مستجاب الدعوة ما كان ماله حلالاً ويكون بعيداً عن أن يكون الله راضياً عنه ما دام عمله حراماً أو دخله حراماً ، أما هذه القاعدة التي ساحت وماعت وسالت وجرت على كل لسان أن الضرورات تبيح المحظورات لها شروط دقيقة جداً ، ولها ضوابط نبحث فيها إن شاء الله في الخطبة القادمة .
أيها الإخوة الكرام حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم.

الصلاة والمرض:

أيها الإخوة الكرام ؛ أخ كريم قد م لي قصاصة من جريدة صدرت في الواحد والعشرين من الشهر الثاني في عام ألف وتسعمائة وسبعة وتسعين ، عنوان هذه القصاصة الأطباء يتخلون عن الفصل بين العلم والدين والصلاة جزء من العلاج في أمريكا .
في غرفة معاينة في المركز الطبي التابع لإحدى الجامعات الكبرى استمعت الطبيبة إلى مريضتها وهي في الرابعة والخمسين من العمر تعرضت مؤخراً لأزمة قلبية ، وتشكو من ضيق دائم في التنفس ، ولكن بعد المعاينة بدا واضحاً للطبيبة أن مريضتها لا تحتاج إلى دواء إطلاقاً وبدلاً من ذلك اقترحت الطبيبة علاجاً أثبت أن له قوة شفاء كبيرة في كثير من الدراسات ، ما هو هذا الدواء ، اقترحت الطبيبة على مريضتها أن تصلي لله عز وجل ، وعلى هذا تصافحت المرأتان وأحنتا رأسيهما وتمتمتا بالصلاة .

قال كان هذا اللقاء وهذا العلاج دليلاً على تغير بطيء وهادئ تشهده مهنة الطب ، أن تصف لمريض أن يصلي ، أن يتصل بالله ، أن يتوب إلى الله ، أن يصطلح مع الله ، وهذا جزء من العلاج ، هذا اكتشف لا من باب التعبد ، ولا من باب تطبيق منهج الله ، اكتشف من التجارب .
قال ولا أحد يعلم كم من الأطباء يأمرون مرضاهم بالصلاة ، لكن عددا متزايدا من الأطباء في كل أنحاء الولايات المتحدة يتخلون عن الفصل التقليدي بين الدين والعلم ، ويكتشفون الفوائد الشفائية بالصلاة .
وأظهر استطلاع أجري في تشرين الأول في اجتماع سنوي ضم أكثر من مائتي وخمسين طبيب ، هذا الاستطلاع انتهى إلى أن تسعة وتسعين بالمائة من الأطباء وجدوا أن هناك فائدة ملموسة واضحة عند مرضاهم حينما يدعونهم إلى الصلاة .
أيها الإخوة الكرام : وفي جامعة أخرى حضر مؤتمراً أكثر من ألف شخص يعملون في مجال الصحة ، هؤلاء أكدوا أيضاً العلاقة بين الشفاء وبين الصلاة .
وقال بعض الأطباء إن الرأي الغالب كان أن العلم لا يتناسب مع الدين أضاف قائلاً إن الشجاعة ما زالت غير كافية للاعتراف بقوة تأثير الصلاة وأن هناك فراغ فيما يتعلق بالعناية الكاملة لمرضانا .

هذا المريض حينما يصطلح مع الله ، حينما يتصل بالله يقوى جهاز مناعته ، وهذه حقيقة علمية .
جهاز المناعة هو الجهاز الرائع المدهش ، الذي خلقه الله في الإنسان ليكافح المرض ، ليكافح السرطان ، ليكافح كل خلل في جسم الإنسان هذا الجهاز الخطير المبدع ، هذا الجهاز يقوى في الاتصال بالله ، يقوى بالحب ، يقوى بحالة الأمن ، يقوى بالطمأنينة ، يقوى بالثقة .
وهذا الجهاز يضعف بالقلق ، فالإيمان صحة ، بالمعنى الدقيق للكلمة بالمعنى الاصطلاحي ، الإيمان صحة .
أيها الإخوة الكرام ؛ وقال طبيب آخر وهو مدير معهد وطني للأبحاث العلمية ، قال نشعر أن إثارة موضوع الدين مع مرضانا هو ضد آداب المهنة ، سابقاً ! . ضد آداب المهنة أن توجه المريض إلى طاعة الله ، أن توجه المريض إلى الاصطلاح مع الله ، قال هذا ضد آداب المهنة سابقاً ، أما الآن أصبح ضرورة تمليها طبيعة المهنة ، وحاجة النفس .
أيها الإخوة الكرام ؛ الدافع لاهتمام الأطباء بالدين هو أن المرضى يريدون من أطبائهم أخذ توجيهات روحية في المعالجة ، ذلك أن بعض الإحصاءات الأخيرة تبين أن ألف إنسان سئلوا عن علاقة الشفاء بالصلاة ، أربعة وستون بالمائة من المشهورين في هذا الاستطلاع أكدوا أن هناك علاقةً قوية بين الشفاء وبين التدين الصحيح أو الاتصال بالله عز وجل.
تقول بعض المريضات ، تقول أنا أشعر بثقة لا حدود لها حينما أشعر أن الطبيب موصول بقوة عليا ، وأنه يعطيني توجيهات من عند الخالق تطمئن له وترتاح له ، وقد تعين هذه الفكرة جسمها على الشفاء.
وتظهر بعض الدلائل العلمية بشكل متزايد أن الصلاة يمكن أن تساعد في تخفيف كثير من الأمراض ، حتى الأمراض التي تبدو أنها عضالة لا شفاء لها ، وأظهرت الدراسات الأخيرة وهي في الإجمال على أكثر من مائتين أن المتدينين يكون ضغط الدم عندهم أخف ، وقلوبهم أكثر صحة .
لأن ضغط الدم أساسه ضغط الهم ، وهم المؤمن هو الله ، اجعل الهموم هماً واحداً يكفك الهموم كلها ، اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها.
وأظهرت الدراسات أيضاً أن الصحة العقلية تتحسن بشكل أكبر لدى المرضى الذين يصلون ، فهم أقل عرضة للإحباط ، وأقل من أن يصبحوا مزمنين ، أو أن يبادروا إلى الانتحار .

الإنسان الدين ضغطه جيد طبيعي ، وقلبه قوي ، السبب مطمئن لله عز وجل ، مستسلم لأمره :

﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة التوبة الآية : 51]

يقيم منهجه ويستسلم له :
يا معاذ ـ دققوا في هذا الحديث الصحيح ـ عَنْ مُعَاذٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ :

(( يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا ))

[أخرجه البخاري ومسلم]

الله عز وجل أنشأ لنا حقاً عليه ، أن لا يعذبنا ، فالمؤمن حينما يتصل بالله ويطيعه في كل شؤون حياته يشعر بالأمن ، قال تعالى :

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 

[سورة الأنعام الآيات : 81-82]

هؤلاء من باب الدراسات والتجارب والبحوث وصلوا إلى أن المريض المتدين ، المريض الموصول بالله عز وجل ، المريض الذي يأوي إلى ركن شديد ، هذا المريض أسرع شفاءً وأكثر صحة من الذي قُطع عن الله عز وجل بقواطع الذنوب ، هؤلاء الأجانب يبحثون عن الحقيقة وقد وصلوا إلى طرفها مؤخراً ، ولكن بعد فوات الأوان .

 

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين .
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين .
اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء .
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور