وضع داكن
18-04-2024
Logo
الخطبة : 0477 - وسائل تقوية الإيمان - لسان المزمار.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

زيادة الإيمان حق لأن المغبون من تساوى يوماه :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في الخطبة السابقة تحدثت عن وسائل الثبات على الإيمان ، وقد سئلت في بحر هذا الأسبوع : هل من وسائل لتقوية الإيمان ؟ ولا سيما ونحن في عصر كثرت فيه الضلالات ، فقلت : أجعل هذا الموضوع إن شاء الله تعالى موضوع الخطبة القادمة ، فالموضوع اليوم ليس وسائل الثبات على الإيمان ، ولكن وسائل تقوية الإيمان ، فكما أن البث يحتاج إلى تقوية كلما بعدت المسافة - أما إذا كثرت المشوشات فلا بد من تقوية قوية - وكذلك الإيمان يحتاج إلى تقوية ، أما إذا كثرت الضلالات ، والشبهات ، والانحرافات ، والفتن ، فما أحوجنا اليوم إلى أن نقوي الإيمان وأن نزيده ، وقد يسأل سائل : هل يزداد الإيمان أم ينقص ؟ الجواب عن هذا السؤال قوله تعالى ، يقول الله عز وجل :

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِم﴾

[سورة الفتح : 4 ]

 فزيادة الإيمان حق ، ولا بد للمرء من أن يزيد إيمانه ، لأن المغبون من تساوى يوماه ، ومن لم يكن في زيادة فهو في نقصان ، إذاً ما أحوجنا ولا سيما في عصر كثرت فيه الضلالات الفكرية والاعتقادية ، وكثرت فيه المذاهب الوضعية ، ما أحوجنا في عصر كثرت فيه الفتن ، والمنزلقات ، والانحرافات ، إذا كنا بحاجة ونحن في العصور القديمة إلى أن نزيد إيماننا، وأن نقويه ، فحاجتنا إلى أن نزيد إيماننا وأن نقويه في هذا العصر أشدّ ، والإيمان أيها الأخوة يزيد بنص قوله تعالى :

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِم﴾

[سورة الفتح : 4 ]

 ويقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الطبراني والحاكم من صحيح الجامع الصغير :

((إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم ))

[الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]

 وأكبر دليل على ذلك أن حالة المؤمن عقب صلاة الجمعة ، وسماع الخطبة ، ودخوله بيت الله ، وأنسه بالله ، وسماعه الحق ، وبين يوم الخميس ، وقد بعد العهد بصلاة الجمعة ، فالإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام :

((إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم ))

[الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص ]

 أيها الأخوة الكرام ؛ روى الإمام مسلم في صحيحه عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال :

(( كنت أبيت مع رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيته مرة بوضوئه وحاجته ، فقال لي : يا ربيعة سلني حاجتك ؟ فقلت يا رسول الله : أسألك مرافقتك في الجنة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أو غير ذلك - أي من حاجات الدنيا – فقلت : هو ذاك ، وليس لي حاجة غير ذلك ، فقال : إذاً أعني على نفسك بكثرة السجود ))

[مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي]

 يتضح من هذا الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أنه ما لم تبذل جهداً خاصاً فلن يزداد إيمانك ، إذا اكتفيت بالسماع ، إذا اكتفيت بأداء العبادات على نحو أو آخر ، ولم تبذل جهداً خاصاً ، إن في طلب العلم ، وإن في إتقان العبادة ، فلن يزداد الإيمان، سأل النبي عليه الصلاة والسلام وهو في خدمته ، قال :

((أعني على نفسك بكثرة السجود ))

 كما أن الطالب ولو أنه حضر المحاضرات ، ولم يفتح الكتاب في البيت ، ولم يحل المسائل ، ولم يراجع ، ولم يذاكر ، ولم يسأل ، ولم يلخص ، ولم يكتب ، كيف يحصل العلم ؟ قال له : أعني على نفسك بكثرة السجود ، هذه مقدمة .

 

وسائل تقوية الإيمان :

1 ـ طلب العلم :

 لكن صلب الخطبة فيه عدة فقرات ، أولها : إن من أهم الوسائل في تقوية الإيمان ، فرق بين خطبة الأسبوع الماضي وخطبة هذا الأسبوع ، خطبة الأسبوع الماضي كيف نثبت على الإيمان ، أي كيف نتلافى التدهور ؟ كيف نتلافى الانزلاق ؟ لكن اليوم الموضوع آخر ، كيف نزيد الإيمان ؟ كيف نرفع وتيرته ؟ كيف نقوي الإيمان في النفوس ؟
 يا أيها الأخوة الكرام ؛ العنصر الأول : هو طلب العلم . ما من شيءٍ يقربك إلى الله عز وجل كالعلم ، والدليل قوله تعالى :

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

[ سورة فاطر : 28 ]

 وقد تقرؤون هذه الآية كثيراً ، ولكن لو وقفتم عند دقائقها ، وعند الأداة إنما ، إنما أداة قصرٍ ، ولو سألت كل علماء النحو في الأرض علماء النحو العربي ، لقالوا لك : إنما تفيد القصر والحصر ، أي أن العلماء وحدهم ، وليس أحد سواهم يخشى الله ، لا بد من أن تخشى الله ، من أن تكون عالماً ، بمستوى أو بآخر ، لقول الله عز وجل :

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾

[ سورة فاطر : 28 ]

 فإذا أردت أن تقوي إيمانك فعليك بطلب العلم ، قد يقول قائل : أنا أحضر خطب الجمعة كلها . والجواب أيها الأخوة : إن الدرجة الجامعية الأولى التي تسمى إجازةً تحتاج إلى محاضرات أسبوعية تزيد عن عشرين محاضرة ، ويحتاج الطالب إلى دراسة أكثر من ثلاثين ساعة في الأسبوع كي ينال الدرجة الجامعية الأولى التي لا قيمة لها كثيراً في المجتمعات المتعلمة حتى أن بعض الخبثاء عرف الجامعة تعريفاً لاذعاً قال : هي مدرسة يدخلها الطالب جاهلاً متواضعاً ، يخرج منها جاهلاً متكبراً ، عشرون محاضرة في الأسبوع ، وثلاثون ساعة دراسة على أربع سنوات متوالية كي تأخذ أقل درجة جامعية هي الإجازة .
 تريد إيماناً ؟ تريد حنة عرضها السموات والأرض ؟ تريد حياة أبدية في مقعد صدق عند مليك مقتدر ؟ تريد خيري الدنيا والآخرة ؟ تريد أن يرضى عنك خالق السموات والأرض ، وتكتفي بنصف ساعة في الأسبوع تحضر فيها هذه الخطبة !! وقد تأتي متأخراً ، وقد تأتي بعد أن تبدأ ، وقد تأتي بعد أن تنتصف ، وقد تأتي قبيل أن تنتهي ، وقد تأتي بعد أن تنتهي ، أهكذا ثمن الجنة ؟ لذلك إذا أردت تقوية الإيمان فعليك بطلب العلم ، وما خطبة الجمعة أيها الأخوة إلا كمن يقنع الناس بدخول الجامعة ، ولكن إقناع الناس بدخول الجامعة شيء ، ودخول الجامعة ، والتزام المحاضرات ، ودراسة المقررات ، ومتابعة الدراسة ، وقراءة الكتب ، ومراجعة الكتب شيء آخر ، فإذا أردت أن تقوي إيمانك فعليك بطلب العلم .
 ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا .
 ما عقيدتك ؟ هل في عقيدتك عقائد زائغة تسربت إليك وأنت لا تدري ؟ هل في عقائدك سوء ظن بالله عز وجل ؟ هل تظن بالله ظن الجاهلية ؟ هل تسيء الظن بالله ؟ متى تصحح عقيدتك ؟ متى تتلقى العقيدة الصحيحة التي تعينك على العمل الصالح ؟ لا بد من طلب العلم ، ولا بد من طلب العلم بوقت يتسع لطلب العلم ، يقول الإمام الغزالي : " العلم لا يعطيك بعضه ، إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك ، لم يعطك شيئا ، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم " فطلب العلم هو العنصر الأول في تقوية الإيمان .

 

طلب العلم الشرعي الحقيقي ينتهي بالإنسان إلى الجنة :

 دققوا في قول النبي عليه الصلاة والسلام :

((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ))

[ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه]

 طلب العلم الشرعي الحقيقي ينتهي بك إلى الجنة ، إلى خلود في جنة الله عز وجل ، فلا بد من معرفة العقيدة الصحيحة ، لا بد من فهم كلام الله الفهم الصحيح ، ألم يقل الله عز وجل :

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[سورة الحشر : 7 ]

 من لوازم هذه الآية أن تعرف سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فهل خصصت وقتاً لمعرفة سنة النبي القولية ؟ ألم يقل الله عز وجل :

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾

[سورة الأحزاب : 21 ]

 كيف يكون النبي أسوة حسنةً لك وأنت لم تدرس سيرته ؟ ولم تعرف ماذا فعل في بيته ؟ ومع أصحابه ؟ في سلمه وحربه ؟ في رخائه وشدته ؟ في إقبال الدنيا عليه وفي إدبارها عنه ؟ من لوازم أن النبي عليه الصلاة والسلام قدوةٌ لك أن تتعلم سيرته ، بل إن العلماء يقولون: إن معرفة سنة النبي القولية فرض عين ، ومعرفة سنة النبي العملية أي سيرته فرض عين .

 

2 ـ الإقبال على القرآن تدبراً و تطبيقاً :

 أيها الأخوة الكرام ؛ العنصر الثاني في تقوية الإيمان : في الأسبوع الماضي في الثبات على الإيمان ، القرآن الكريم قراءةً وحفظاً ، لكن إذا أردت أن تقوي إيمانك لا بد من تدبر القرآن الكريم ، ولا بد من تطبيق القرآن الكريم ، من أجل أن يكون القرآن الكريم مقوياً لك ولإيمانك لا بد من تدبره ، طالبني بالدليل ؟ وهو قوله تعالى :

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

[سورة محمد : 24 ]

 أما هذا الذي يتلو كتاب الله ولا يقيمه في بيته ، ولا في عمله ، ولا في حياته ، فينطبق عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام :

((ربما تال للقرآن والقرآن يلعنه ))

[ ورد في الأثر]

 لأنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ، والذي يتلو كلام الله عز وجل ولا يطبقه، فهو لا يعرف قدر الله عز وجل ، ولا قدر كلامه .
 أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله عز وجل :

﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا﴾

[سورة الشورى : 52 ]

 هذا القرآن الكريم روح لروحك ، لذلك سماه بعض العلماء : روح الروح ، روح لروحك ، روح لنفسك ، يحيا قلبك به ، تسعد به ، تزداد إيماناً به ، روى الإمام البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( اقرأ عليّ القرآن ، فقال : أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل ؟! قال: إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأ من سورة النساء حتى بلغ قول الله: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا

[النساء :41]

 فقال رسول الله : حسبك ، فإذا عيناه تذرفان))

 

[البخاري عن عبد الله بن مسعود]

 ألم أقل لكم أن القرآن روح الروح ؟ يحيا به قلبك ، تطمئن به نفسك ، ترتاح إليه طبيعتك ، العنصر الثاني الإقبال على القرآن أضفت هذا اليوم تدبراً وتطبيقاً ، تكلمت في الأسبوع الماضي تلاوة وحفظاً الآن تدبراً وتطبيقاً .

 

3 ـ إشغال النفس بالأعمال الصالحة :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ من أجل أن يزداد الإيمان في قلبك ، يجب أن تعمل الأعمال الصالحة ، الاستقامة تبعدك عن الانقطاع عن الله عز وجل ، لكن إذا أردت أن يزداد إيمانك فعليك بالعمل الصالح ، لأن الاستقامة كأنك تذلل العقبات في الطريق إلى الله ، لكن العمل الصالح هو الذي يرفعك إلى الله عز وجل ، لذلك قالوا : ملء الوقت بالأعمال الصالحة ، فنفسك إن لم تشغلها بالخير ، شغلتك بالشر .
 روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه :

((من أصبح منكم صائماً ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : أنا يا رسول الله ، ثم سأل النبي عليه الصلاة والسلام من تبع منكم جنازة ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : من أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا يا رسول الله ، قال : فمن عادى منكم مريضاً ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : هذه ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 وقتك إن لم يملأ بالأعمال الصالحة ، ملأته وأنت لا تدري بالأعمال المنحرفة ، طبيعة النفس حركية ، لا بد من أن تشغلها بالأعمال الصالحة ، الاستقامة تقيك الزلل ، لكن الأعمال الصالحة ترفعك إلى الله ، الاستقامة تعينك على الثبات على الإيمان ، لكن الأعمال الصالحة تقوي الإيمان في نفسك ، فإذا أردت أن يقوى إيمانك فعليك بالعمل الصالح .
 أيها الأخوة الكرام ؛ من لوازم الأعمال الصالحة المداومة عليها ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام :

((أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل ))

[متفق عليه عن عائشة ]

 إن كانت لك صدقة فداوم عليها ، إن كان لك حضور مجلس علم فداوم عليه ، إن كانت لك صلة رحم فداوم عليها ، إن كان لك درس توجيه لأقربائك فداوم عليه ، أي عمل صالح لا يتنامى ، ولا يحقق أهدافه إلا بالمداومة عليه ، فمن خصائص العمل الصالح الذي يقوي إيمانك المداومة عليه .
شيء آخر : ومن خصائص العمل الصالح الذي يقوي إيمانك المسارعة إليه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام في صحيح الجامع الصغير من رواية أبي داود والحاكم :

((التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة))

[صحيح الجامع الصغير من رواية أبي داود والحاكم عن مصعب بن سعد عن أبيه ]

 سارع ، بادر ، سابق ، انطلق ، أكثر ، أسرف ، التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة ، المداومة على العمل الصالح أولاً ، والمسارعة إليه ثانياً ، واستدراك ما فاتك منه ثالثاً ، فكان عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن السيدة عائشة كان إذا غلبه نوم ، أو وجع عن قيام الليل ، صلى في النهار اثتني عشرة ركعة كتعويض ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

((من نام عن حزبه أو عن شيء منه - أي عن قراءة القرآن - فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه في الليل ))

[مسلم عن عائشة ]

 رواه مسلم في صحيحه ، فالشيء الثالث في العمل الصالح بعد المداومة ، وبعد المسارعة ، الاستدراك ، أن تعوض ما فاتك منه .
 وهناك شيء آخر : لا أن ترى عملك وتتيه به على الخلق ، عندئذٍ يكون عملك حاجباً بينك وبين الحق ، يجب أن ترى فضل الله عليك ، يجب أن ترى أن إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك .
 لذلك ابن أبي مليكة ، أحد التابعين قال : " أدركت أربعين من أصحاب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كلهم يخاف النفاق على نفسه " داوم عليه ، وسارع إليه ، واستدرك ما فاتك منه ، ولا تنظر إلى عملك ، بل انظر إلى فضل الله إليك .
 أيها الأخوة الكرام ؛ العنصر الثالث : هو أن تشغل نفسك بالأعمال الصالحة .

 

4 ـ الإكثار من ذكر الله :

 العنصر الرابع : أن تكثر من ذكر الله ، فذكر الله عز وجل يطرد الشيطان ويقمعه ، ويرضي الرحمن ويقرب إليه ، ويزيل الهم والغم والحزن ، ويجلب للقلب الفرح والسرور، ويقوي القلب والبدن ، وينور الوجه والقلب معاً ، ذكر الله عز وجل مثل الماء للسمك ، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ؟ وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام الترمذي :

(( ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، و أرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم ، فتضربوا أعناقهم ، ويضربون أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ذكر الله ))

[ الترمذي عن أبي الدرداء ]

 أيها الأخوة الكرام ؛ هناك أذكار أثرت عن رسول الله ، تذكر في أول النهار ، وفي آخر النهار ، وعند النوم ، وعند الاستيقاظ ، وعقب الصلوات ، وعند الأكل ، وعند الشرب، وعند اللباس ، وعند دخول المنزل ، وعند الخروج منه ، وعند دخول المسجد ، وعند الخروج منه، وعند الخلاء ، وعند المطر ، وعند الرعد ، وهناك التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ، وقد ورد أن الذكر يجلو صدأ القلوب ، ويذهب ما ران عليها من آثار المخالفات ، ويزيد القرب ، قرب العبد من ربه ، وكل هذا يؤكده قول الله عز وجل :

﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾

[سورة الحديد : 16 ]

 أيها الأخوة الكرام ؛ بالاستقامة تقي نفسك الزلل ، وبالعمل الصالح وذكر الله تقوي إيمانك في قلبك .

 

5 ـ أن تكون مع المؤمنين و أن تبتعد عن الفسقة و الفجّار :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من عناصر تقوية الإيمان ، أن تكون مع المؤمنين ، وأن تبتعد عن الفسقة والفجار ، وعن أعداء الدين .

﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ﴾

[سورة الحشر : 22 ]

 ومن تشبه بقوم فهو منهم ، فكيف إذا خالطهم ؟ لذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي ورد في الجامع الصغير :

((من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ))

[ أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

 يجب أن تكون مع المؤمنين ، أن تخالط المؤمنين ، أن توالي المؤمنين ، أن تجلس معهم ، أن تكون معهم على أمر جامع ، لا أن تنعزل عنهم ، لا أن تقترب من أهل الدنيا، من أعداء الدين ، من العصاة الفاسقين .

 

6 ـ الزهد في الدنيا و زخارفها :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ومن وسائل تقوية الإيمان في النفس ، الزهد في الدنيا وزخارفها ، فلو كانت الدنيا ، كما قال عليه الصلاة والسلام :

((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء ))

[مسلم عن جابر بن عبد الله ]

 فهذه التي لا تعدل عند الله جناح بعوضة لا ينبغي أن تشغلك ، أن تشغل قلبك ، أن تشغل فكرك ، أن تجعل كل طاقاتك من أجلها فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو نعيم في صحيح الجامع الصغير :

((الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها - أي تسبب البعد عن الله - إلا ذكر الله ، وما والاه ، أوعالماً أومتعلماً ))

[أبو نعيم في صحيح الجامع الصغير عن عبد الله]

 إن كنت داعية أو مدعواً بارك الله بك وبه ، وإن ذكرت الله فبارك في الدنيا التي هي مكان لذكر الله ، مكان لطلب العلم ، مكان للاستقامة ، مكان للعمل الصالح .

﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ﴾

[سورة الزمر : 74 ]

 لو لم يكن في الأرض مجال لطاعة الله ، ومجال للعمل الصالح ، ولمعرفته ، لما دخلنا الجنة ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

((البذاذة من الإيمان ))

[أحمد عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه ]

 تعريف البذاذة قال : ترك الترف ، وترك التنعم في البدن ، وفي الملبس ، كثرة التنعم في البدن والملبس والمطعم والمشرب والمسكن والمركب ، كثرة التنعم والمبالغة هذه تبعدك عن الله ، وتقربك من الدنيا ، وتجعل مفارقة الدنيا أمراً صعباً جداً .

 

7 ـ الإكثار من ذكر الموت :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ومن وسائل تقوية الإيمان الإكثار من ذكر الموت قال عليه الصلاة والسلام :

(( أكثروا ذكر هاذم اللذات - أي الموت - فإنه ما كان في كثير إلا قلله ، ولا قليل إلا جزأه ))

[الطبراني عن عبد الله بن عمر]

 لأن كل المشكلات التي يعاني منها الإنسان في الدنيا تنتهي عند الموت ، ولا ذكر في سعة من العيش إلا ضيقها عليه ، هذا المال الوفير ، وهذا المنزل الفخم ، وهذه المكانة العلية ، وتلك المركبة الفارهة ، وهذا البيت في المصيف ، هذه سعة في العيش ، إذا ذكرت الموت ضيق الله عليك هذه السعة ، انظر أيها العبد لا بد من لقاء مع الله ، لا بد من ترك الدنيا كلها دفعة واحدة .
 إن ذكرت الموت وأنت في سعة من العيش نظرت إلى الآخرة ، وانصرفت عن الدنيا ، فذكر الموت عنصر أساسي من عناصر تقوية الإيمان ، هذا الذي اشترى قبراً ، واضطجع فيه كل خميس ، وكان يتلو قوله تعالى :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون: 99-100]

 فيقول لنفسه : قومي قد أرجعناك .
 أيها الأخ الكريم : ندخل جميعاً إلى المسجد لنصلي ، ولا بد من مرة ندخله ليصلى علينا ، نقرأ جميعاً عشرات النعوات كل يوم ، ولا بد من يوم يقرأ الناس فيه نعوتنا ، نخرج من البيت كل يوم ، ونعود إليه ، ولا بد من خروج دون عودة ، نخرج من البيت على أقدامنا ، ولا بد من خروج ونحن بشكل أفقي ، هذه حقيقة ، كل أسبوع نغسل أبداننا ولا بد من مرة نغسل ، هذه حقائق ، ما من شيء أكثر واقعية من الموت ، كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت .

الليل مهما طال فلا بد مـن طلوع الفجر  والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبـر
***

8 ـ مخالطة المتفوقين من المؤمنين :

 العنصر الثامن والأخير : مخالطة المتفوقين من المؤمنين ، صاحب إنساناً يأخذ بيدك ، ينهض بحالك ، ينهض بعلمك ، ينهض بأخلاقك ، لا تصاحب من لم ينهض بك إلى الله حاله ، ويدلك على الله مقاله ، صاحب من تستفيد منه ، صاحب من يعلمك الخلق الكريم ، صاحب من يعلمك العلم الغزير ، صاحب من يدلك على الخير ، ويعينك عليه ، فصحبة المؤمنين المتفوقين ، والإكثار من ذكر الموت ، والزهد في الدنيا وزخارفها ، وموالاة المؤمنين ، والبعد عن أعداء الدين ، والإكثار من ذكر الله ، والإكثار من العمل الصالح ، وطلب العلم ، والإقبال على القرآن هذه عناصر هذه الخطبة ، وسائل تقوية الإيمان ، إن كانت الخطبة السابقة في الثبات على الإيمان فهذه الخطبة في وسائل تقوية الإيمان .
 اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

آيات الله في النّفس :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ذكرت لكم مراراً أن التفكر في خلق السموات والأرض ، أو أن التفكر في ذات الإنسان في نفسه ، التي هي أقرب شيء إليه ، يعد أوسع باب للدخول على الله ، وأقرب طريق إليه ، فمن آيات الله في النفس ، قال تعالى :

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

[ سورة فصلت: 53 ]

 من آيات الله في النفس ، أن هذا الفك المتحرك فيه ست عضلات تحركه نحو الأسفل ، وست عضلات تحركه نحو الأعلى ، وعضلتان تحركه يمنة ويسرة ، وأربع عضلات تحركه أماماً وخلفاً ، فالحركة أعلى أسفل ، يمين يسار ، أمام خلف ، والإنسان حينما يمضغ الطعام يبتلع في اليوم اللقم في حدود ألفين وأربعمئة مرة ، هناك جهاز للبلع بالغ الدقة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ قبل أن ندخل في وصف هذا الجهاز ، خلايا الفم تتجدد مئة ألف خلية في كل دقيقة ، وفي اللسان أيها الأخوة سبع عشرة عضلة ، تمكنه من الحركة في كل الاتجاهات لتحريك الطعام ، انظر إلى العجانة كيف أنها تدور ، وكيف أن فيها خلاطاً يخلط العجين ، كذلك الفم ، الفك السفلي يتحرك يميناً ويساراً ، أعلى وأسفل ، أماماً وخلفاً ، واللسان بمثابة الخلاط الذي يتحرك في كل الاتجاهات ، ليخلط مقومات اللقمة .
 أيها الأخوة الكرام ؛ موضوع البلع موضوع دقيق جداً ، هناك اللهاة ، وهناك لسان المزمار ، فالإنسان حينما يبلع اللقمة تأتي اللهاة وتغلق طريق الأنف ، فتحتي الأنف ، ويأتي لسان المزمار ويغلق الحنجرة ، ولكن وأنت نائم بالليل يجتمع اللعاب في فمك ، وأنت نائم مستغرق تجري عملية بالغة الدقة أن هناك تنبيهات عصبية من الفم إلى البصلة السيسائية ، تجمع اللعاب كثيراً فيأتي الأمر بأن لسان المزمار واللهاة تغلقان طريق الأنف وطريق الحنجرة ، وينتقل اللعاب إلى المريء ، وأنت نائم ، وأنت لا تدري .
 أيها الأخوة الكرام ؛ اللهاة ولسان المزمار يتحركان بأمر العصب الوجهي التاسع والعاشر ، وهذان العصبان يأتمران بمركز بالبصلة السيسائية ، فلو أصيب هذا المركز بالعطب لسبب أو لآخر ، دققوا لارتد الطعام إلى الأنف ، لخرج الطعام من أنفك ، ولارتد الطعام إلى الحنجرة ، وفي هذه الحالة يكون الموت المحقق بالاختناق ، لو أن لسان المزمار واللهاة تعطلا بسبب حدث أصاب البصلة السيسائية ، لرأيت الطعام يخرج من الأنف ، ويدخل في الحنجرة إلى الرئتين وعندها يختنق الإنسان .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا المريء طوله يقدر بخمسين سنتيمتراً ، مزود بعضلات حلقية تتقلص بالتدريج ، فلو أن الإنسان كان مضطجعاً في مستشفى ، وأعطيناه الطعام يسيراً ، من أول المريء إلى المعدة ، ولو أننا علقنا إنساناً من رجليه وأطعمناه لقمة لذهبت نحو الأعلى على خلاف الجاذبية ، لأن هذا المريء فيه عضلات دائرية تتقلص تباعاً فتنقل اللقمة إلى المعدة ولو كنت في أي اتجاه .
 أيها الأخوة الكرام ؛ المعدة لها فؤاد وهو محكم الإغلاق لئلا تخرج السوائل الحامضية فتزعجك ، الإنسان حينما يتقيأ يشعر بحرقة لا تحتمل ، إنها حمض كلور الماء الذي في المعدة ، فلئلا يخرج هذا الحمض إلى المريء فيزعج الإنسان كان الفؤاد محكم الإغلاق ، فمن أجل أن تدخله اللقمة لا بد من رفع الضغط ، ضغط دفع اللقمة في الفؤاد أربعة أمثال الضغط في مكان ثان في المريء ، كل هذا من أجل أن تأكل ، وأن تشرب ، وأن تتنفس ، وأن تنام ، وأن ينتقل الطعام إلى المعدة ، وألا تشعر بحرقة كلور الماء، من رتب هذا ؟ من صمم هذا ؟ من أتقن هذا ؟

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴾

[ سورة الطارق : 5-7]

﴿خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[سورة التين : 4 ]

 ألا يستحق هذا الخالق العظيم أن تتعرف إليه ؟ ألا يستحق أن تطيعه ؟ ألا يستحق أن تصلي له ؟ ألا يستحق أن تأتمر بأمره وأن تنتهي عما عنه نهى ؟ إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم ، ولا تكفيك الخطبة ، لأن الخطبة إقناع لك بدخول الجامعة ، إقناع فقط ، فإذا دخلت الجامعة ففيها مواد ، ومقررات ، ومحاضرات ، ودراسات ، وأنك إذا طلبت العلم انتهى بك هذا العلم إلى الجنة .

 

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور