وضع داكن
28-03-2024
Logo
علم القلوب - الدرس : 48 - أقوال في المحبة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أقوال في المحبة :

 أقوال في المحبة؛ محبة العوام, ومحبة الخواص, ومحبة خواص الخواص.
 محبة العوام: محو القلب عن حب المعصية وترك الكبائر.
 محبة الخواص: محو القلب عن حب الدنيا, وتكون بالتوبة من الكبائر والصغائر.
 محبة خواص الخواص: هي سرّ الأسرار مع حقائق الإتقان, وتكون في التوبة من الخواطر.
 هناك توبة من الكبائر, توبة من الكبائر والصغائر, وتوبة من الخواطر, هذه ثلاثة مستويات في المحبة, وعلامتها: أن تحب حبيب حبيبك, وأن تبغض عدوه, كما قال الله عز وجل:

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية:31]

 الله عز وجل لم يقبل دعوى محبته إلا بالدليل, والدليل أن تحب حبيبه, وأن تتبع سنة حبيبه, وأن تعادي عدوه.

 

الولاء والبراء من لوازم الإيمان :

 لذلك: الولاء والبراء من صفات المؤمنين؛ يجب أن توالي المؤمنين, ولو كانوا فقراء أو ضعفاء, ويجب أن تعادي المنحرفين, العصاة، المذنبين, ولو كانوا أقوياء وأغنياء.
 الولاء والبراء من لوازم الإيمان, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
 وقالوا: قيمة كل إنسان همته، فمن كانت همته الدنيا فلا قيمة له.

(( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة ))

[ الترمذي عن أنس]

 ومن كانت همته رضى الله عز وجل, فلا يمكن لأحد أن يستدرك غاية قيمته.
 لا يمكن لأحد أن يعرف حجم قيمة هذا الإنسان, إذا كانت همته الله عز وجل, كل شيء فان.
 الإنسان حينما ينشأ في الدنيا, يحلم بالدنيا, بعد حين يصل إلى الدنيا؛ كان يشتهي المال فأصبح معه المال, يشتهي المنصب أصبح بمنصب, يشتهي الأسرة أصبح له أسرة. الدنيا حينما تصل إليها تنتهي, يُحس بالفراغ, يحس بالسأم والملل, فإذا لم يختر الله عز وجل سوف يصاب بنكسة خطيرة, أما إذا أردت الله عز وجل فأنت شاب.
 دائماً: انظر إلى أهل الدنيا بعد أن حصّلوا الدنيا, وضع لا يحسدون عليه؛ سأم, وملل, وضجر.

 

من سكن إلى غير الله فهو من قلة معرفته بالله :

 سئل الحسن بن عبد الله -رضي الله عنه- عن أصول الدين فقال: "إثبات صدق الافتقار إلى الله, وحسن الاقتداء برسول الله".
 وقال بعض العارفين: "من أراد أن يذكر الواحد, فلينسَ ما دون الواحد, حتى تصل إلى محبة الواحد, وتوحيد الله بالرجوع إليه في كل ما لك, وما عليك؛ فلا تسأل أحداً غيره, ولا تشك لأحد سواه, ولا تحب إلا إياه, وأن تعلم أن أوصاف الحق مباينة لأوصاف الخلق؛ باينهم بصفاته قديماً, كما باينوه بصفاتهم حديثاً".
 فهذا هو التوحيد؛ ألا تعرف مع الله أحداً, وأن ترجع إليه وحده, وألا تسال أحداً سواه, وألا تشكوه إلى خلقه.
 وقال بعض العلماء: "المعرفة أولها هو, وأوسطها هو, وآخرها هو".
 وقالوا: "من سكن إلى غير الله فهو من قلة معرفته بالله".
 وقيل: "العارف يُقبل عليك بوجهه, كأنه لم يعرف غيرك, ويقوم عنك, كأنه لم يعرفك قط".
 المؤمن الصادق تعلقه بالله عز وجل, يحسن لإنسان, لكن لا ينشىء علاقة أساسها الشرك.
 ممكن أن تخدم إنساناً؛ أما إنسان مخطىء, منحرف, توده مودة بالغة, فأصبح هناك شرك بالموضوع.
 فالعارف يُقبل عليك بوجهه, كأنه لا يعرف أحداً غيرك, ويقوم عنك كأنه لم يعرفك قط.
 وجاء في الأثر:

((من قال في سواد الليل: لا إله إلا الله, محمد رسول الله, خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))

أحوال المحبين لله عز وجل :

 طبعاً المقصود أنه استيقظ ليصلي, فهذا دليل محبة:

﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾

[سورة السجدة الآية:16]

 أقلقه محبوبه.
 وقال بعضهم: "من أراد الله بعمله من المؤمنين, علمه الإخلاص في العمل, وصفاء القلب, والهمة في المعاملة".
 يقول سيدنا علي: "ما كان ظاهره أرجح من باطنه خفت موازينه يوم القيامة, ومن كان باطنه أرجح من ظاهره ثقلت موازينه يوم القيامة".
 السيدة عائشة تقول: "يكون معنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكأنه واحد منا, فإذا سمع الأذان, فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه" من شدة اهتمامه بالصلاة.
 سئل الشبلي: "من هو المحب؟ قال: لسانه بذكر الله ناطق, وقلبه بمحبة الله صادق, وسره بوعود الله واثق, وهو أبداً عند الله مقرب".
 وقال بعضهم أيضاً في وصف العارف بالله: "قلبه سليم, وفؤاده سقيم, ونَفَسُه كظيم, وبلاؤه عظيم, لأن معاملته مع رب العالمين".
 وقال بعض السلف: "من أراد أن يصل إلى روح التوحيد, فعليه بثلاث خصال: ترك الكلام, وتلقي الأحكام, وقلة الطعام, فحرام على قلب أن يُلحَّ في الملكوت وهو يجد لذة في الطعام والشراب".
 وأوحى الله إلى داود: "أن أخبر أهل الأرض عني؛ إني حبيب لمن أحبني, وجليس لمن جالسني, ومؤنس لمن أنس بذكري, وصاحب لمن صحبني, ومطيع لمن أطاعني, ومختار لمن اختارني, فارفضوا يا أهل الدنيا ما أنتم فيه من غرورها, هلموا إلى كرامتي, واجعلوا أُنسكم بي حتى آنس بكم".
 وقال بعض العلماء: "يا معشر طلاب العلم من أراد منكم الطريق إلى الله فليلق العلماء بالجهل, والزهاد بالرغبة, وأهل المعرفة بالصمت".

 

أصل الدين أن نحب الله عز وجل :

 أيها الأخوة, هذه بعض أحوال المحبين؛ والمحبة أصل الدين, والمحبة روح الدين, ودين بلا محبة جسد بلا روح, وأصل الدين أن تحب الله.
 قال: "والله -يا رسول الله!- لأنت أحب إليّ من أهلي, وولدي, ومالي, والناس أجمعين, إلا نفسي التي بين جنبي, فقال رسول الله لسيدنا عمر: لمَّا يكمل إيمانك يا عمر, إلى أن قال: والله -يا رسول الله!- لأنت أحبّ إليّ من أهلي, وولدي, ومالي, حتى نفسي التي بين جنبي, قال: الآن يا عمر".
 الإنسان لا يستهين بالمحبة؛ المحبة أكبر وقود, أكبر محرك, من دون محبة تجد الإنسان في سأم؛ كأنه يألف سماع الكلمات, ويألف العبادات, ويفرغ من الاتصال بالله عز وجل, أما بالمحبة فيبقى في شوق دائم, وفي حركة عجيبة, والصحابة الكرام ظهر منهم بطولات لا تصدق, لأن أساسها المحبة.
 ونحن الآن في أمس الحاجة إلى أن نحب الله عز وجل, ومحبتنا لله تُترجم إلى أعمال جليلة, وإلى تضحيات بليغة, وإلى قرب من الله عز وجل.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور