وضع داكن
23-04-2024
Logo
هدي النبي صلى الله عليه وسلم - الدرس : 14 - هديه في أدب السلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أدب السلام عند النبي صلى الله عليه وسلم :

 ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه:

((مرّ بصبيان فسلم عليهم))

[مسلم عن أنس]

 على عظم قدر النبي مر بصبيان فسلم عليهم, قال: السلام عليكم يا صبيان.
 وثبت في صحيح البخاري:

((ليسلم الصغير على الكبير, والمارِّ على القاعد, والراكب على الماشي, والقليل على الكثير))

[ البخاري عن أبي هريرة]

 هذا من أدب السلام عند النبي صلى الله عليه وسلم.
 وفي جامع الترمذي:

((يسلم الماشي على القائم))

[ الترمذي عن فضالة بن عبيد]

 وفي مسند البزار:

((يسلم الراكب على الماشي, والماشي على القاعد, والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل))

[ البزار عن جابر بن عبد الله ]

 وفي حديث شريف:

((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي أمامة]

 وكان من هديه صلى الله عليه وسلم السلام عند المجيء إلى القوم, - خلت على جماعة-, والسلام عند الانصراف عنهم في الدخول والخروج .
 وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه:

((إذا قعد أحدكم فليسلم, وإذا قام فليسلم, فليست الأولى بأحق من الآخرة))

[أبو داود و الترمذي عن أبي هريرة]

 أي السلام في الخروج كالسلام في الدخول تماماً.
 وعنه صلى الله عليه وسلم:

((إذا لقيَ أحدُكم أخاه فليسلَّم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ، أو جدار ، أو حجر ، ثم لقيه : فليسلم عليه أيضاً))

[ أبو داود عن أبي هريرة]

 هذه أيضاً ذكرتها البارحة.
 اثنان يمشيان في الطريق, فرّق بينهما حائط, أو شجرة, أو عامود, فلما التقيا ثانية, يسلم أحدهما على الآخر, اثنان يمشيان, ركبا سيارة السلام عليكم.
 وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون, فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة, تفرقوا يميناً وشمالاً, فإذا التقوا من ورائها سلّم بعضهم على بعض.

 

سلام المسجد :

 ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدىء بركعتي تحية المسجد.
 الآن: سلام المسجد, تحيته: ركعتان, ثم يجيء فيسلم على القوم, فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله, يصلي, ثم يسلم, هذا إذا لم يكن هناك درس علم, أما إذا كان هناك درس علم فلا سلام مع درس العلم, لأنه يصبح هناك تشويش.
 قال:

((فإن تلك - أي الركعتان- حق الله تعالى, والسلام على الخلق هو حق لهم, وحق الله تعالى في مثل هذا أحق من التقديم بخلاف الحقوق المالية, فإن فيها نزاعاً معروفاً, والفرق بينهما حاجة الآدمي, وعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين))


 أي حقوق العباد مبنية على المشاححة, وحقوق الله مبنية على المسامحة؛ حق العباد في أمر المال مقدم على حق الله عز وجل, أما في السلام فحق الله مقدم على حق العباد, تصلي ركعتين ثم تسلم.
 بينما كان النبي عليه الصلاة والسلام جالساً في المسجد يوماً, - قال رفاعة: ونحن معه-, إذ جاء رجل – كالبدوي- فصلى, فأخفَّ صلاته, ثم انصرف, فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

((وعليك, فارجع فصلِّ فإنك لم تصل وذكر الحديث))

[ الترمذي عن رفاعة بن رافع]

 أنكر عليه صلاته, ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه إلى ما بعد صلاته.
 وكان إذا دخل على أهله بالليل يسلم تسليماً لا يُوقظ النائم ويُسمع اليقظان.
 انظر اللطف.
 وكان إذا دخل على أهله لف ثوبه.

 

السلام قبل الكلام :

 ومن هديه صلى الله عليه وسلم لا تدع أحداً إلى طعام حتى يسلم.
 دخل شخص, تفضل, يجب أن يسلم أولاً.
 وعنه صلى الله عليه وسلم السلام قبل السؤال:

((فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام, فلا تجيبوه))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن عبد الله بن عمر]

 وكان عليه الصلاة والسلام لا يأذن لمن لم يبدأ بالسلام.
 وعنه أيضاً:

((لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام))

[أخرجه أبو يعلى عن جابر بن عبد الله]

 يسلم بعد ذلك يستأذن, يسلم يطلب, يسلم يسأل.
 صفوان بن أمية بعث بلبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي, فقال:

((فدخلت عليه ولم أسلم, ولم أستأذن, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ارجع, فقل: السلام عليكم أأدخل؟))

[ الترمذي عن كلدة بن حنبل]

 تسلم وتستأذن, تسلم وتسأل, تسلم وتطلب.
 وكان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه, - ما طرق الباب و وجهه أمام الباب, قد تفتح امرأة, فكان إذا طرق باب أحد أعطى ظهره للباب, أدار ظهره, وقال: فلان هنا-.
 كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه؛ ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر, فيقول: السلام عليكم.

 

أمانة تحمّل السلام وتبليغه :

 وكان عليه الصلاة والسلام يسلم بنفسه على من يواجهه, ويحمل السلام لمن يريد السلام من الغائبين عنه, ويتحمَّل السلام لمن يبلغه إليه, وكان قد تحمل السلام من الله عز وجل على صدِّيقة النساء السيدة خديجة, جاءه جبريل, فقال له:

((هذه خديجة قد أتت ، ومعها إناء فيه إدَام - أو طعام أو شراب - فإذا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام من ربِّها ، [ ومنِّي ]وبَشِّرها ببيت في الجنة))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 من دون مبالغة الزوجة الصالحة تتحمل مع زوجها كل الأعباء, شريكته حتى في الأجر, لأنها صابرة معه, والسيدة خديجة تحملت, عاشت مع النبي الكريم في أول الدعوة, تحملت كل أنواع الأذى, وكانت خير معوان له, وتوفيت-, فلما فتح مكة المكرمة ركز لواء النصر أمام قبرها إشعاراً بأن لها فضلاً في هذا النصر".
لولا تحملها, وصبرها, ومعاونتها للنبي عليه الصلاة والسلام لما كان هذا النصر.
 وتحمل السلام أيضاً للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة:

((يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام ' . فقلت : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته))

[ الطبراني عن عائشة]

 أيضاً حمل السلام للسيدة عائشة, هذه قد نستنبط منها شيئاً: كل إنسان يعاون على الحق؛ هناك شخص عقبة, هناك شخص عبء, تجده مشكلة؛ دائماً يعترض, دائماً يشتت الشمل, دائماً ينتقد, دائماً يفرق الناس عن الاجتماع, فهناك شخص معاون, المعاون له أجر, وله نصيب؛ شخص يريحك, و شخص يزعجك, تجده عبئاً, تريد أن تحل مشكلتك مع جهة ومعه أيضاً, محسوب عليك أيضاً, محسوب عليك, وعبء عليك. فالذي يعاون له أجر, هذا الحق مثل مسيرة, كل إنسان ساهم بدفع المسيرة –المركبة- له أجر.
 وكان الرجل يمر على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:

((السلام عليك يا رسول الله! فيقول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام, ورحمة الله, وبركاته, ومغفرته, ورضوانه, فقيل: يا رسول الله! تسلم على هذا سلاماً ما تسلمه على أحد من أصحابك! قال: وما يمنعني من ذلك؟))

[ابن السني عن أنس]

السلام ثلاثاً :

 من هديه صلى الله عليه وسلم أن يسلم ثلاثاً, فكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً, وكان إذا سلم سلم ثلاثاً.
 لم يكن هناك تكبير صوت, فيسلم أول سلام, هناك أناس لم يسمعوه, السلام الثاني, السلام الثالث.

ردّ السلام :

 كان عليه الصلاة والسلام يبدأ من لقيه بالسلام, وإذا سلم عليه أحد ردّ عليه مثل تحيته, أو أفضل منها على الفور, من دون تأخير إلا لعذر, كما لو أنه يصلي.
 أحياناً شخص يسلم, وأنت تصلي,عندما ينتهي من الصلاة يسلم عليك.
 وكان يُسمع, -الآن هناك أشخاص كثر, تسلم عليهم, فقط يهز رأسه, لا يتنازل أن يتكلم-, وكان يُسمع المسلم رده عليه, ولم يكن يرد بيده, ولا برأسه, ولا إصبعيه, فكان يرد على من سلم عليه بقوله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
 فقال مرة:

((من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته))

[ أبو داود عن أبي هريرة]

 أي هو مع الناس, ليس مع الله, ما دام شخص سلم أثناء الصلاة, هز رأسه, معنى هذا أنت لم تصلِّ, أنت مع الناس.

((من أشار في صلاته, إشارة تُفهم عنه, فليعد صلاته))

 في بعض المحافظات عندهم سلام, يقول لك: وعليك السلام, يبدأ وعليك السلام.
 شخص يبدو أنه سلم على النبي هكذا, قال له: عليك السلام, فقال عليه الصلاة والسلام, قال له:

((عليك السلام يا رسولَ الله، قال: لا تقل: عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الموتى ، إِذا سلَّمت قل : سلام عليك))

[ صحيح عن جابر بن سليم الهجيمي]

 إنسان ملحد سلم عليك, ترد عليه السلام, تقول له: والسلام على من اتبع الهدى.
 ويجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور