وضع داكن
16-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 210 - زلزال القاهرة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

إليكم هذه الموعظة :

أيها الأخوة الأكارم, قد يركب الإنسان طائرةً، فيشعر بالقلق، ولا يطمئن قلبه إلا إذا درجت عجلاتها على أرض المطار
يقول لزميله: حمداً لله على السلامة, قد يركب الإنسان البحر، ويهوج الموج فتضطرب نفسه، لا يطمئن الإنسان إلا إذا كان على الأرض, لكن المؤمن لا يطمئن إلا إذا أراد الله له السلامة, فهذه الأرض الثابتة، المستقرة، الساكنة, قد تتحرك من تحت أقدامنا، قال تعالى:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾

[سورة الملك الآية: 16]

قال بعض علماء الزلازل: لو استمر زلزال القاهرة عشر ثوانٍ فقط، لدمَّر نصف بيوت القاهرة، ولمات أكثر من خمسـة ملايين إنسان، لكن الله لطف بهم لطفاً شديداً, ماذا يمنعنا من عذاب الله؟ بيتٌ إسمنتي، عميق الأُسس، شامخ البنيان، ليس هناك ضمانةٌ من أي خطر، إلا أن يشاء الله لك السلامة، فإن لم يشأ زلزل الأرض من تحت الأقدام .
عمارةٌ تزيد عن أربعة عشر طابقاً، أصبحت ركاماً، وكأنها إسمنتٌ مطحون، بأساسها وبأشخاصها، وبآلاتها الكهربائية، وبتزيناتها، وبفروشها، إنها موعظةٌ بليغة .

علاقة الترابط والتكامل للتفسير العلمي والديني للزلزال :

أيها الأخوة, آياتٌ كثيرة يجب أن نقف عندها, يمكن أن يفسر الزلزال تفسيراً علمياً، يقول علماء الزلازل: تتحرك القشـرة الأرضية، تتصادم، تنضغط، وفي بعض حالات الضغط الشديد تنزاح القشـرة عن مثيلتها, فيحدث الزلزال هل يلغي هذا التفسير العلمي للزلزال التفسير الديني؟ لا والله، إنهما يتكاملان، من هو مسبب الأسباب؟ هو الله عزَّ وجل، هذا الذي يرفض التفسير الديني للزلزال، تنطبق عليه الآية الكريمة:

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾

[سورة الصافات الآية: 35]

الزلزال له تفسير علمي، جغرافي، لا مجال لتفصيله هنا، حركةٌ في باطن الأرض، تموجاتٌ في القشرة الأرضية، انضغاطٌ شديد، تصدعٌ في السطوح، زلزالٌ أفقي، زلزال عمودي، زلزال له موجاتٌ واسعة، تقاس بمقياس ريختر كما تسمعون، لا مجال هنا لهذه التفصيلات، ولكن التفسير العلمي للزلزال لا ينفي التفسير الديني لها، دققوا في هذه الآية:

﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾

[سورة الأنعام الآية: 65]

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾

[سورة النحل الآية: 112]

لطفٌ شديد من الله عزَّ وجل لطف بأهل مصر .

 

إليكم سبب حدوث الزلزال في بلاد الصين والهند :

وقع زلزال في الصين في عام ألفٍ وخمسمئةٍ وستةٍ وخمسين، أودى بحياة ثمانمئة وثلاثين ألف قتيل، وذهب ضحيته زلزال في الهند ثلاثمئة ألف قتيل، أعدادٌ كبيرةٌ جداً، لكن الله سبحانه وتعالى لطف ونبَّهنا، ولوَّح لنا العصا, لأن الله عزَّ وجل يقول:

﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾

[سورة الإسراء الآية: 58]

كل قريةٍ فسدت، وخرجت نساؤها كاسـياتٍ عارياتٍ، وانتشرت فيها أكل الربا، وضُيِّعت فيها الحقوق, وفسد زمانها، إذا كان أُمراؤكم خياركم، وأمركم شورى بينكم، وأغنياؤكم سمحاءكم، فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كان أُمراؤكم شراركم، وأمركم إلى نسائكم، وأغنياؤكم بخلاءكم، فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها، لذلك يقول ربنا عزَّ وجل:

﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾

[سورة هود الآية: 117]

أي ليس هذا من شأنه، هذا مستحيلٌ عليه, قال تعالى:

﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً﴾

[سورة الكهف الآية: 59]

أين موطن السلامة ؟

أيها الأخوة الأكارم, إذن لن يسلم الإنسان إلا في حالةٍ واحدة، أن يشاء الله له السلامة, ولن يطمئن الإنسان إلا في حالةٍ واحدة، أن يشاء الله له الأمن والسلامة، لذلك لنلذ بالله عزَّ وجل، لنعد إليه، السعيد من اتعظ بغيره، هذا الذي وقع ليس من خسائر تُذكر أمام الزلازل الكبيرة، بل هو كما قلت قبل قليل تلويحٌ بالعصا, قال تعالى:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾

[سورة الزمر الآية: 53-54]

هل يتنبأ الإنسان بالزلزال قبل وقوعه, وما الدليل ؟


أيها الأخوة, سألوا عالم زلزال كبير: هل يمكن بما أُوتينا من علمٍ، أعلى درجات العلم في الأرض, هل بإمكان الإنسان في هذا العصر أن يتنبَّأ بالزلزال قبل وقوعه، ولو بساعة؟ قال: لا, قال تعالى:

﴿فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾

[سورة الشعراء الآية: 202]

أيها الأخوة الأكارم, قال تعالى:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾

[سورة الزمر الآية: 53-54]

يأتي العذاب بغتةً، لذلك لو قرأ الإنسان عن تاريخ الزلازل في العالم، أمر وقع كثيراً, ولكن علينا أن نتعظ، وأن نعود إلى الله، وأن نضبط أُمورنا، وأن نقيم بيوتنا على منهج الله عزَّ وجل، فلعل الله سبحانه وتعالى يحفظنا .

إليكم هذا الخطأ :

أيها الأخوة, ما من بلدةٍ إلا ويمكن أن تتعرض لزلزال، وقد وقع في هذه البلدة زلزال قبل خمسين عاماً, هذا شيءٌ يقع في أي مكان، أما القول: إنا منطقتنا ليست منطقة زلازل، هذا كلام مغلوط، حيث لا يذكر أحد قديماً أن زلزالاً وقع في القاهرة, ومع ذلك جاء فجأةً، ولو أنه اسـتمر عشر ثوانٍ أخرى، لانهدمت نصف أبنية القاهرة، ولمات أكثر من خمسة ملايين إنسان، ولكن الله لطف، وأكرم، وعطف علينا .

تحميل النص

إخفاء الصور