وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 202 - مركز التذوق والشم في الدماغ.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ما وظيفة النتوءات الموجودة في خلايا اللسان ؟

أيها الأخوة الأكارم, تحدثت في الأسبوع الماضي عن الشم، وكيف أن في الأنف عشرين مليون خلية عصبية شمية, وأن كل خليةٍ لها سبعة أهداب، عليها مادةٌ دهنيةٌ مذيبةً تتفاعل مع الروائح تفاعلاً كيماوياً, فينشأ من هذا التفاعل شكلٌ هندسي، يرسل إلى مركز الشم في المخ على شكل إشارةٍ، ويستعرض مركز الشم في المخ هذه الرائحة فيدركها أولاً، ثم يتعرف عليها ثانياً؟ .

من لوازم هذا الموضوع: أن الله جلَّ وعلا جعل على اللسان خلايا خاصة، تنتشر على شكل نتوءات, يمكن للإنسان من خلالها أن يتذوَّق الحلو والطيب من الطعام، وأن يلفظ المر والحامض منه، وأن يتجرَّع الماء العذب الفرات، وأن يلفظ الملح الأجاج, فمَنْ وضع على اللسان هذه الخلايا الذوقية؟ بعضها يتذوق الحلو، وبعضها المر، بعضها المالح، بعضها الحامض, هذه الخلايا المتوضعة على اللسان موزعةٌ في أنحاء اللسان, بعضها في مقدمة اللسان لتذوق الطعم الحلو، بعضها في مؤخَّرة اللسان لتذوق الطعم المر، بعضها على جوانب اللسان لتذوق الطعم الحامض والمالح .

إليكم ما يتضمنه هذا السؤال من إجابة :


أيها الأخوة الأكارم, بحثٌ طويل، ولكن الشيء الذي يلفت النظر أن حساسية الخلايا الذوقية المتخصصة للطعم المر تبلغ عشرة آلاف ضعف عن حساسية الخلايا التي تتذوَّق الطعم الحلو، لماذا؟ لأن الله جلّت حكمته جعل كل طعامٍ سامٍ مؤذٍ مرَّ الطعم, هذا التوافق توافق حكيم, الطعام الذي ينفعك حلو المذاق، والطعام الذي يؤذيك مر المذاق، لذلك كل أنواع السموم لها طعمٌ مر، فلئلا يتسمم الإنسان، حساسية الخلايا المتخصصة لتذوق الطعم المر، تعادل عشرة آلاف ضعفٍ عن حساسية الخلايا المتخصصة لتذوق الطعم الحلو، هذه واحدة .
شيء ثاني: توافق الطعم المستساغ مع الفائدة، وتوافق الطعم المر مع الضرر، هذا التوافق من حكمة الله جل وعلا .
شيءٌ آخر: يسهم اللعاب الذي في الفم بشكلٍ فعَّالٍ جداً في إذابة الطعوم، تمهيداً لتذوِّقها من قبل الحُليمات الذوقية المتوضعة على اللسان .
شيءٌ ثالث: هو أن الأنف يتلقَّف البخار، أو الغاز المنتشر من هذا الطعام ليشمه, فطعم الطعام أساسه شمٌ وذوقٌ, فكل طعامٍ نأكله ونستطيبه ونحمد الله عليه ساهم في إحساسنا بطعمه خلايا الشم مع خلايا الذوق, وحينما يصاب الإنسان برشحٍ شديد، يشعر أن طعم الطعام قد اختلف في فمه، هذا من فضل الله جلَّ وعلا .

أما في الدماغ: هناك مركزٌ آخر للذوق، كما أن هناك مركزاً للشم، هناك مركزٌ للذوق و يستطيع هذا المركز أن يفرِّق بين عشرة آلاف طعم، وكما يحدث في الشم، يصل هذا الطعم إلى الدماغ فيشعر به، ثم يتعرَّف عليه, والتعرُّف عليه بأن يجري هذا الطعم على عشرة ألاف طعمٍ في الذاكرة الذوقية, فإذا توافق هذا الطعم مع طعمٍ مسجل في الذاكرة, قال: هذا الطعام كذا ، وهذا الطعام فيه المادة الفلانية . 

الخاتمة :

أيها الأخوة الأكارم, ألحُّ على هذا الموضوع، بأن بين جوانحنا جسماً, فيه إعجازٌ في الخلق، فيمكن أن تعرف الله معرفةً دقيقةً جداً، من خلال جسمك، وهو أقرب شيءٍ إليك, قال تعالى:

﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾

[سورة الذاريات الآية: 21]

تحميل النص

إخفاء الصور