- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى :
الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً بمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، واقبل توبتنا ، وفك أسرنا ، وأحسن خلاصنا ، وبلغنا مما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا .
الصديق :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ في حياة كل منا صديق ، قد يكون قريباً ، وقد يكون جاراً ، وقد يكون زميلاً ، هذا الصديق ، قد يكون أثره إيجابياً ، وقد يكون أثره سلبياً .
موضوع الصديق ، وعلاقة الصديق بصديقه موضوعٌ خطير ، يتعلق بأمر الدين ، فإذا كان الصاحب صادقاً وصالحاً قادك إلى الحق والخير ، وإذا كان هذا الصاحب ، وذاك الصديق سيئاً ومنحرفاً قادك إلى الشر ، لذلك تعد علاقات الصداقة علاقات ذات أثرٍ خطير في علاقة الإنسان بربه ، فإما أن تمتن هذه العلاقة ، وإما أن تضعفها ، إما أن ترسخ قيم الدين ، وإما أن تقوضها ، إما أن يعينك على طاعة الله ، وإما أن يحملك على معصيته ، إما أن يزين لك الآخرة فتسعى إليها ، وإما أن يزين لك الدنيا فتنغمس فيها شأن الصديق شأنٌ خطير ، ربنا سبحانه وتعالى يقول :
﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾
إذا كانت هذه الخلة بنيت على محبة الله عز وجل ، وعلى النصح له ، كانت هذه الخلة سبباً لفوز الأخلاء يوم القيامة .
﴿ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾
المؤمنون كما قيل : بعضهم لبعض نصحة متوادون ولو ابتعدت منازلهم ، والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ولو اقتربت منازلهم .
الصداقة :
موضوع الصداقة ؛ هذه العلاقات الحميمة ، مع من تجلس ، من تصاحب ، مع من تسمر ، مع من تتنزه ، مع من تسهر ، من تدعو إلى طعامك ، من يدعوك إلى طعامه ، هذه العلاقات الحميمة ، هذه العلاقات المبنية على أساس الصلة الاجتماعية ، علاقات إما أن تكون سبباً إلى الجنة ونعيمها ، إما أن تكون سبباً إلى النار وجحيمها .
﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾
أيها الإخوة المؤمنون ؛ الإسلام يدعو إلى الألفة ، يدعو إلى الاجتماع ، يدعو إلى التعاون ، الإسلام ذو طابع اجتماعي ، لا خير بالذي ينعزل عن الناس ، هذا الذي يتعبد ربه في صومعة ، هارباً من المجتمع لا يرقى منزلة عليا عند الله عز وجل ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ))
أن تكون مع الناس ، في أفراحهم ، وفي أتراحهم ، ومعهم في مشكلاتهم ، ترشدهم إلى الخير ، تأمرهم بالمعروف ، تنهاهم عن المنكر تنصحهم ، أنت أرقى من الذي هرب من المجتمع ، وتقوقع في بيته ، وانسحب من الحياة ، وعاش على هامش الحياة ، الإسلام دين ألفة ، ودين اجتماع ، ودين تضحية ، ودين مآثره ، إلا أنك إذا رأيت ، وتيقنت ، وغلب على ظنك أن هذا اللقاء قد يفسد دينك ، أن هذه العلاقة قد تطيح بك إلى النار ، أن هذا الاجتماع قد يتسبب عنه معصية ، عندئذٍ يأتي البعد عن الناس كفرض يفرضه الدين ، إذا استطعت أن تصلحهم يجب أن تكون معهم ، فإذا كنت لا تملك إصلاحهم لا بالقول ، ولا بالعمل ، بل ربما كان الخطر من اللقاء خطراً مدمراً فالأولى أن تبتعد عنهم سلامة لدينك وأخرتك .
أيها الإخوة ؛ سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما ، عن العباس وابنه ، اخبر عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ، ولكنه لا يحضر الجمعة ، ولا الجماعات فقال : خبره أنه في النار ، من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم .
أيها الإخوة ؛ من حكم الإسلام الرفيعة ، أن أكثر عباداته تؤدى جماعة ، فالصلاة الأولى أن تؤدى في المسجد ، في جماعة ، وفضل صلاة الجماعة على صلاة المفرد بسبعٍ وعشرين درجة .
الصيام يؤدى في شهر واحد ، الحج عبادة روحية مكانية زمانية تؤدى في وقت واحد ومكان واحد ، لعلا حكمة الإسلام الرفيعة أن هذا اللقاء يجعل من المسلم أخاً للمسلم ، لعلا هذا اللقاء يعين على أداء هذه الفريضة ، أو لعلا هذا اللقاء يوحي بالصفاء ، يوحي بالمحبة ، يوحي بالألفة ، يوحي بشعور الجماعة ، يوحي بأنك واحد من مجموع ، يجب أن يعنيك ما يعنيهم يجب أن يؤلمك ما يؤلمهم ، يجب أن يفرحك ما يفرحهم ، يجب أن تتفقد إخوانك ، لا ينبغي أن تنتظر الناس كي يسألوك ، ليس هذا من أخلاق المؤمن يجب أن تبادر أنت للبحث عن أحوالهم ، لعلا هذا اللقاء في المسجد لعلا اللقاء في الحج ، لعلا اللقاء في صلاة الجمعة ، لعلا اللقاء في الصلوات الخمس ، يعين المسلمين على أداء فرائضهم ، لعله يشيع فيهم المحبة ، الألفة ، من هنا كانت حكمة العبادات في الإسلام أن معظمها يؤدى جماعة ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته لوحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وكلما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ))
في حديث آخر :
عن قباث بن أشيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة أربعة تترى ـ فرادى يعني ـ وصلاة أربعة يؤم أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى ـ صلاة أربعة مجتمعين أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترا ـ وصلاة ثمانية يؤم أحدهم أزكى عند الله من مائة تترى ))
الإسلام يدعو إلى الألفة ، يدعو إلى التعاون ، يدعو إلى المحبة .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ كل اعتزال عن المجتمع يفوت الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، أو يضعف جانب الدفاع عن الدين ، إنما يقترف صاحبه إثماً كبيرا البعد عن المجتمع ، بحيث يفوت الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر والدفاع عن الدين ، إنما هو بعد يكسب صاحبه إثماً كبيرا ، ومع ذلك فطبائع الناس متباينة ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الكذب والخيانة ))
قد تجد المؤمن اجتماعياً بطبعه ، وقد تجد مؤمناً آخر أميل إلى العزلة ، قد تجد مؤمناً منفتحاً على الآخرين ، وقد تجد مؤمناً منطوياً على نفسه ، النبي عليه الصلاة والسلام يأمر هذا المنفتح يقول له :
(( خالط الناس ، ودينك لا تَكْلِمَنَّهُ ))
إياك أن تكون هذه المخالطة على حساب دينك إياك أن تكون على حساب مبادئك ، إياك أن تكون على حساب قيمك ، ويقول لهذا المؤمن المنطوي على نفسه :
(( المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ))
يجب أن نوجه المنطوي على نفسه ، إلى أن من صفات ، من كمال الإيمان أن تكون تألف وتؤلف ، وأن هذا المنفتح على الناس يجب أن نهمس في أذنه إياك أن يكون انفتاحك سبباً لضياع دينك ، سبباً لتقصيرك في أمر دينك .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ يجب أن تعلم بالضبط متى يجب أن تخالف الناس ، ومتى يجب أن تعتزلهم ، قال بعض العلماء : إذا ملكت وسائل تقويمهم وإصلاحهم ، إذا كنت ممكناً من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإصلاح ذات البين فعليك أن تجتمع بهم ، وأن تختلط معهم ، لأن في هذا صلاحاً لك ولهم على حد سواء ، أما إذا كنت لا تملك وسيلة للأمر بالمعروف ، ولا النهي عن المنكر ، ولا يسمع لقولك ، ولا تلقى أذن لنصيحة ، بل ربما كان هذا اللقاء سبب في الهزء بدينك ، وضياع كرامتك ، لا ينبغي أن تخالط هؤلاء ، البعد عن هؤلاء غنيمة كما يقال .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ سئل النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل اللَّه ، قال : ثم من ؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد اللَّه ويدع الناس من شره ))
إما أن تجاهد بنفسك ومالك وإما أن تعتزل المجتمع الذي لا يقبل النصيحة .
إذا رأيت شحاً مطاعاً ، وهوى متبع ، وإعجاباً كل ذي رأيٍ برأيه فأمسك لسانك ، والزم بيتك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بخاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ أساس أية صداقة ، أساس أية علاقة حميمة ، أساس أية مودة أحد أمرين ، إما أن تكون الدنيا ، أو المصلحة ، أو المكاسب ، وإما أن تكون المبادئ والقيم ، جميع أنواع الصداقات التي تبنى على المصالح وعلى المنافع ، وعلى المكاسب ، وعلى الأطماع ، إنما هي صداقات زائلة لا قيمة لها عند الله ، مؤقتة بالمصلحة ، فإذا تلاشت المصلحة تلاشت الصداقة .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ قد تنشأ علاقة بين رجلين ، لمصلحة بينهما ، أو لطمع أحدهما بالآخر ، أو لخوف بينهما ، إن هذه العلاقة علاقة طارئة لا تدوم ، ولا تسعد ، ولا يباركها الله عز وجل ، ولكن العلاقة بين المؤمنين القائمة على المحبة في الله ، وعلى النصح لله ، هذه العلاقة بين المؤمنين علاقة مقدسة بل هي أسمى علاقة على وجه الأرض .
يقول عليه الصلاة والسلام :
(( إنَّ من عباد اللّه لأناساً ما هم بأنبياء ، ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من اللّه تعالى ، قالوا : يا رسول اللّه خبرنا من هم ؟ قال: هم قومٌ تحابوا بروح اللّه ، على غير أرحامٍ بينهم ، ولا أموالٍ يتعاطونها ـ لا في قرابة ولا في مصالح ـ فو اللّه إن وجوههم لنورٌ ، وإنهم على نورٍ ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية : " ألا إنَّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ))
عليكم بعلاقة من هذا النوع ، علاقة خالصة ، لا تشوبها مصلحة ، وليست بدافع من قرابة ، علاقة لا يبتغي صاحبها إلا وجه الله عز وجل .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ العلماء وضعوا مقياساً دقيقاً لهذه العلاقة ، قد تدعى ، قد يزعم واحد من الناس ، أنه يحب فلان في الله ، لا يحبه إلا لله ، الزعم كثير ، ما مقياس هذا الزعم ، قالوا يجب أن يكون الذي يدعي ذلك ، يجب أن يكون صالحاً ، مؤمناً ، مستقيماً ، معروفاً بالصالح بين الناس ، معروفاً بإيمانه لا علاقة على أساس المعرفة بالله ، قبل معرفة الله .
أيها الإخوة الأكارم ؛ يقول عليه الصلاة والسلام :
(( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه : أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب في الله وأن يبغض في الله ، وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا ))
أن يلقى في النار أحب إليه من أن يشرك ، هذه علامة الإيمان يقول عليه الصلاة والسلام :
(( ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه ))
علاقة رياضية الذي يحب صاحبه أكثر هو الأحب عند الله ، هو الأقرب لله ، هو الأعلى درجة عند الله عز وجل ، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :
(( وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتزاورين في والمتباذلين في ))
وقال تعالى أيضاً :
(( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ))
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع أن هذه المحبة ، ومع أن هذه الصداقة مقدسة عند الله ، لأنها بنيت على طاعة الله ، وكان الدافع لها حب الله عز وجل ، قد تفسد هذه العلاقة بسبب أن أحد الطرفين وقع في المعصية ، ما موقف الطرف الآخر إليكم هذه القصة التي رويت عن سيدنا عمر رضي الله عنه :
كان رجل من أهل الشام ذو بأس ومكان ، يفد إلى عمر رضي الله عنه ، فتفقده عمر ذات يوم فقال ما فعل فلان ابن فلان فقالوا يا أمير المؤمنين تتابع في الشراب ، أبتلي بشرب الخمر ، فدعا عمر كتابه ، فقال أكتب من عمر بن الخطاب ، إلى فلان ابن فلان ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله عز وجل ، الذي لا إله إلا هو ، غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول ، لا إله إلا هو إليه المصير ، ثم قال لأصحابه ادعوا لأخيكم ، أن يقبل بقلبه ، ويتوب الله عليه ، فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرأه ، ويردده ويقول غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب قد حذرني عقوبته ، ووعدني أن يغفر لي ، فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى ، ثم نزع وتاب إلى الله ، فلما بلغ عمر خبره قال : هكذا تصنعوا هكذا ، إذا رأيتم أخ لكم زل زلةً ، فسددوه ، ووثقوه ، وادعوا الله أن يتوب عليه ، ولا تكون عوناً للشيطان عليه ، كونوا عوناً له على الشيطان ، ولا تكونوا عوناً للشيطان عليه .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
والحمد لله رب العالمين
***
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحابه أجمعين .
حساسية الجلد :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ يقول الله عز وجل :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾
دققوا في هذه العلاقة :
﴿ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾
كأن هذه الآية تشير إلى أن مواقع الإحساس بالألم ، وألم الحريق بالذات موجودة في الجلد ، فمن أجل أن يذوقوا العذاب .
﴿ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا ﴾
العلماء قالوا : الجلد مؤلف من طبقتين ، طبقة أسمها البشرة ، وهذه البشرة تزداد سمك أو رقة بحسب موقعها في الجسم ، وبحسب الاحتكاك وبحسب البيئة ، وهذه الطبقة نفسها مؤلفة من ثلاث طبقات ، طبقة علية خارجية ، ووسطى ، وسفلى ، وفي الجلد طبقة ثانية ، أسمها الأدمة هذه الطبقة فيها العجب العجاب ، هي مؤلفة من نسيج ضان ، فيها شعريات دموية ، ونهايات عصبية ، وغدد تفرز الدهون ، وغدد عرقية ، ومنطقة دهنية تحت هذه الأدمة ، الأدمة هي الطبقة الفعالة في الجلد .
فالغدة الدرقية : تزيد نشاطها الخلوي ، وبازدياد نشاطها الخلوي تزيد من الحرارة الناتجة عن هذا النشاط فيفقد الإنسان بعض هذه الحرارة عن طريق الإشعاع الحراري ، وبهذا يتكيف الجسم مع الجو الحار ، إذا كان الإنسان في جو حار فإن الغدة الدرقية تبعث بهرمونات إلى الخلايا فتزيد من نشاطها ، ومن ازدياد نشاطها ، تزيد كمية الحرارة التي تشعها هذه الخلايا ، وبهذا يتكيف الجسم مع الجو الحار .
شيء أغرب من الخيال ، الإنسان إذا وجد في جو درجته أربعين مئوية ، ما الذي يحصل في جسده قال بعض العلماء : إن هناك مئتين ألف جسيم منتشر في أنحاء الجلد ، فإذا ارتفعت الحرارة في الجو المحيط عن الحد المعقول أرسلت هذه الجسيمات إشارات عصبية تنقلها الألياف العصبية إلى المخ ، والمخ يصدر أمراً بتوسيع الشريانات الدقيقة في كل أنحاء الجسم ، فإذا ارتفعت حرارة الجو يتورد الإنسان ، يميل لونه إلى الحمرة يصبح أزهر اللون .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .
اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، واصرف عنا شر الأعمال لا يصرفها عنا إلا أنت .