وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0243 - خطاب الله عز وجل للمؤمنين - التدخين أخطر وباءٍ عالمي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر . وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر . اللهمَّ صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

مخاطبة الله عز وجل المؤمنون و أمرهم بالتقوى :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في سورة الحشر ، التي هي في الجزء الثامن والعشرين مِن القرآن الكريم ، وفي الآيات قبل الأخيرة من هذه السورة ، يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾

[سورة الحشر: 18-20]

 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الله سبحانه وتعالى يخاطبكم ، أنتم مَعْنِيّون بالخطاب ، المؤمن الحق كلَّما قرأ قوله تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾

 عرف أنه المَعْنيُّ بالخطاب ، وأن الله سبحانه وتعالى جلَّ في عُلاه يخاطبه ناصحاً ، يخاطبه محذِّراً ، يخاطبه مُنْذِراً ، يخاطبه موضِّحاً ، يخاطبه مبيِّناً ، فـ . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

  العلماء قالوا : أن تطيع الله فلا تعصيه ، وأن تشكره فلا تكفره ، وأن تعبده ولا تعبد أحداً سواه .
 وفي آيةٍ أخرى يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾

[ سورة الأنفال : 29 ]

 فمن معاني التقوى أن يقذف الله في قلبك النور ، لأن الله نور السموات والأرض ، ترى بهذا النور الحق حقاً والباطل باطلاً ، ترى حقائق الأشياء ، ترى ما خلف الأشياء ، ترى مصير أي طريق . .

﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾

[ سورة الأنفال : 29 ]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد : 28 ]

﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً ﴾

[ سورة الأنعام : 122]

 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ آياتٌ كثيرة في القرآن الكريم تخاطب المؤمنين ، وتأمرهم أن يتقوا الله . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 أن تطيعه فلا تعصيه ، أن تجتنب ما نهى الله عنه ، أن تشكره فلا تكفره ، أن تعبده ولا تعبد أحداً سواه ، إذا أطعته فيما أمر ، وانتهيت عما عنه نهى وزجر ، وشكرت ، ربما بلغت في هذا كمال العبودية ، ولا كمال فوق العبودية ، إن أعلى مرتبةٍ ينالها إنسانٌ في الكون أن يكون عبداً لله عزَّ وجل . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 وبعض العلماء قال : التقوى هي الوَرَع ، وخير دينكم الورع ، وركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلِّط . و . . " من لم يكن له ورعٌ يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله " . فالتقوى أن تطيعه فلا تعصيه ، وأن تشكره فلا تكفره ، وأن تعبده ولا تعبد أحداً سواه ، والتقوى هي الورع ، و . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 والتقوى أيضاً تشبه نظر العامل إلى صنعته ؛ هل في صنعته خلل ؟ هل في صنعته نَقْص ؟ هل في صنعته عَيْب ؟ يسارع عندها إلى إصلاح الخلل ، وإلى إكمال النَقْص ، وإلى تحسين الصنعة حتى تغدو مقبولةً ثمينة . فـ . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله بالتوبة عما سَلَف ، والإقلاع عن كل معصية .

 

التوبة علم و حال و عمل :

 والتوبة أيها الأخوة لابدَّ لها من علمٍ ، وحالٍ ، وعمل ؛ لابدَّ لها من علم ، فلابد من أن تحضر مجالس العلم حتى تعرف الحلال مِن الحرام ، والخير مِن الشر ، وما يجوز وما لا يجوز ، وحتى تعرف أحكام الله في كل قضيَّة ، لا تتوب مِن الذنب إلا إذا عرفت أنه ذنب ، كيف تتوب من عملٍ تظنه حسناً ؟ هذه الطريقة في القبض يدخلها نوعٌ من الربا ، كيف تعرف ذلك؟ هذه العلاقات المالية فيها شُبهة ، هذا البيع محرمٌ في نَصّ الشرع ، هذا الشراء لا يرضي الله عزّ وجل ، التعامل بهذه البضاعة يغضب الخالق جلَّ وعلا ، إذاً كيف تُقْلِع عن الذنب إن لم تعلم أنه ذنب ؟ وكيف تعلم أنه ذنب ؟ لابدَّ من تخصيص وقتٍ لمعرفة الحلال من الحرام ، لمعرفة ما ينطوي عليه هذا القرآن الكريم ، الذي يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام :

(( لا يحزن قارئ القرآن ))

[ الجامع الصغير عن أنس بسند فيه مقال ]

 حينما يمتلئ القلب حزناً ، ويمتلئ غيظاً ، ويمتلئ حقداً ، ويمتلئ يأساً ، ويمتلئ مشقَّةً ، معنى ذلك أن صاحبه لا يقرأ القرآن ، لو قرأ القرآن لعرف الواحد الديّان ، عرف أن بيده كل شيء ، وعرف أن إليه الأمر كله ، وعرف أنه ما مِن شيء ٍإلا والله قبله ، كما قال سيدنا أبو بكرٍ رضي الله عنه ، وعرف أن يد الله فوق أيدي الناس ، وأنه ما من عطاءٍ إلا بإذن الله ، ولا سَلْبٍ إلا بإذن الله . .

(( لا يحزن قارئ القرآن ))

[ الجامع الصغير عن أنس بسند فيه مقال ]

 و . .

(( من قرأ القرآن متعه الله بعقله حتى يموت ))

[ الجامع الصغير عن أنس]

((لا يخرف قارئ القرآن ))

[ الجامع الصغير عن أنس]

العاقل من يعد العدة ليوم القيامة :

 فـ . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

(( ولتنظر))

 هذه اللام لام الأمر ، و" تنظر " فعل مضارع سبقته لام الأمر ، فهو بمثابة فعل الأمر بالضبط ، فمن مِنّا نظر إلى ما قدَّم لغدٍ ؟ وما هو الغد ؟ الغد هو يوم القيامة، ولِمَ سمَّاه الله غداً ؟ لأنه قريبٌ قريب ، لأن يوم القيامة أو لأن ساعة فِراق الدنيا قد تأتي بلمح البصر ، بين التفاتة عينٍ ، تأتي بين عَشيّةٍ أو ضحاها ، ثوانٍ معدودة فإذا هو خبرٌ بعد عَيْن ، ثوانٍ معدودة فإذا هو من أهل القبور ، ثوانٍ معدودة فهو في عِداد المَوْتى ، ثوانٍ معدودة ولابدَّ من أن يدفن تحت الثرى ، هذا هو الغد ، سمَّاه الله سبحانه وتعالى غداً لأن مجيئه قَريبٌ قريبٌ ، وهل أقرب إلى هذا اليوم مِن الغَد ؟ هل أقرب إلى يوم الجمعة مِن يوم السبت ؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول : انظر ماذا قدمت لهذا اليوم العظيم ؟ هذا اليوم العسير . .

﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾

[ سورة المدثر : 8-9]

 ماذا قدَّمت لهذا اليوم العسير ؟ هل تعلَّمت العِلم ؟ هل علَّمت العِلم ؟ هل أنفقت مالك في سبيل الله ؟ هل أنفقت جاهك في سبيل الله ؟ هل عاونت الضعيف ؟ هل أطعمت الفقير ؟ هل اتقيت الله في ائتمارك بأمره ؟ ماذا قدَّمت لهذا اليوم ؟ هذا حسابٌ دقيق ، الكلام العَميق تسمعه فتبدأ متاعبك ، الكلام العميق يضعك أمام مَسْؤولياتك . .

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 ماذا قدمت لهذا اليوم ؟ كيف تَلْقى الله عزَّ وجل ؟ يقول لك : يا عبدي ماذا صنعت مِن أجلي ؟ جئت إلى الدنيا ؛ أعطيتك صحةً ، أعطيتك مالاً ، أعطيتك فراغاً ، أعطيتك قوةً ، أعطيتك زوجةً وأولاداً فماذا فعلت مِن أجلي ؟ ما الشيء الذي أعطيته مِن أجلي ؟ ما الشيء الذي منعته مِن أجلي ؟ ما الإنسان الذي وصلته مِن أجلي ؟ ما الإنسان الذي قطعته مِن أجلي؟ متى غضبت مِن أجلي ؟ متى رضيت مِن أجلي ؟ ماذا فعلت مِن أجلي ؟ أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه ؟ يقول : يا رب لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي مِن بعدي . يقول الله عزَّ وجل : ألم تعلم أني أنا الرزاق ذو القوة المتين ؟ إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم ، جعلتهم فقراء . ويقول لعبدٍ آخر : ماذا فعلت مِن أجلي ؟ أعطيتك مالاً فماذا صنعت فيه ؟ يقول : يا رب أنفقته على كل محتاجٍ ومسكين ، لثقتي بأنك خيرٌ حافظاً وأنت أرحم الرحمين ، يقول الله عزَّ وجل : أنا الحافظ لأولادك مِن بعدك .

 

التزود للآخرة و خير الزاد التقوى :

أيها الأخوة المؤمنون ؛

﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هذه النَفْس ؛ تُفَكِّر في شؤون الدنيا أربعاً وعشرين ساعة ، هذه القضية لابدَّ مِن أن تحل ، وهذا الإنسان لابدَّ مِن أن نزوره ، وهذه الأرض يجب أن نشتريها ، وهذه القضية يجب أن نعالجها ، وهذا المرض يجب أن أذهب إلى الطبيب مِن أجله ، ماذا قدَّمت لما بعد الموت ؟ هذا كلّه للدنيا ، فماذا قدمت لما بعد الموت ؟ دخل صحابيٌ جليل على سيدنا أبي عُبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، فرأى في بيته قدر ماءٍ مغطَّىً برغيف خبزٍ ، وجلداً يجلس عليه ، وسيفاً معلقاً على الحائط ، فقال : ما هذا يا أمين هذه الأمة ؟ فقال : "هو للدنيا وعلى الدنيا كثير ، ألا يبلِّغنا المقيل ؟ "

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هل رعيت يتيماً ؟ هل نصحت الناس ؟ هل أمرت بالمعروف ؟ هل نهيت عن المنكر ؟ هل أحسنت إلى جارك ؟ هل غضضت بصرك عن محارم الله ؟ هل تحرَّيت في دخلك؟ هل أنفقت المال كما يريد الله سبحانه وتعالى ؟

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هذه الساعة التي لابدَّ منها - ساعة فراق الدنيا ، وساعة نزول القبر - أحد الصالحين اشترى قبراً ، وكان يجلس فيه كل خَميس ، ويقرأ قوله تعالى :

﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾

[ سورة المؤمنين : 99-100]

 فيقول : قومي لقد أرجعناكِ . .

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 اجلس ساعةً حاسب نفسك ، دع عنك زيداً وعُبيداً ، دع عنك هذه القضية ، دع عنك قائمة الأعمال ، دع عنك جدول الأعمال ، لأن الأعمال لا تنتهي ، انظر ماذا قدَّمت للغد؟ كيف تلقى الله ؟ بأي وجهٍ تلقاه ؟ لو أنك سئلت : أين زادك للآخرة ؟ . .

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾

[ سورة البقرة : 197]

من سنَّ في الإسلام سنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صَدر النهار ، فجاءه قومٌ حفاةٌ عراةٌ ، مجتابي النمار ، متقلّدي السيوف ، عامَّتهم من مُضَر - بل كلهم مِن مُضَر - فتغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة - أي من الفقر – ثم قال :

(( والله ما آمن ، والله ما آمن ، والله ما آمن مَن بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع ))

[ من مجمع الزوائد عن أنس بن مالك ]

 هل تفقَّدت المسلمين ؟ هل تفقدت أقرباءك ؟ هل تفقَّدت حاجاتهم ؟ حاجاتهم مؤمَّنة؟ يقول الله سبحانه وتعالى :

(( استطعمتك فلم تطعمني ؟ يقول : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، ألم تعلم أنك لو أطعمته لوجدتني عنده أو لوجدت ذلك عندي؟ ))

[ من الدر المنثور عن أبي هريرة ]

 فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم مِن الفاقة ، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن ، وأقام الصلاة فصلَّى ، ثم خَطَبَ فقال :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هكذا بدأ الخطبة النبيّ عليه الصلاة والسلام :

((فرحم الله عبداً تصدق مِن ديناره ، أو من درهمه ، أو من ثوبه ، أو من صاع بُرِّه ، أو من صاح تمره ، ثم قال : ولو بشق تمرة - نصف تمرة -))

 فجاء رجلٌ من الأنصار بصرة كانت في كفه ، وكادت كفّه أن تعجز عن حملها ، بل قد عجزت ، ثم تتابع الناس حتى رأيت كَوْمَيْنِ مِن طعامٍ وثياب ، ثم نظرت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فرأيت وجهه يتهلل كأنه البدر . فرح النبي عليه الصلاة والسلام ، فرح بصحابته الكرام ، فرح بهذا التعاطف ، فرح بهذا السخاء ، فقال عليه الصلاة والسلام :

(( من سنَّ في الإسلام سنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنةً سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ))

[مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي]

الله تعالى خبير بعمل كل إنسان :

 أيها الأخوة المؤمنين ؛

﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 مرةً ثانية .
 فقال بعض العلماء : التقوى الأولى إتيان الأعمال الصالحة . .

﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾

 التقوى الأولى التوبة مِن المعاصي ، والتقوى الثانية الأعمال الصالحة . قال بعضهم : التقوى الأولى التوبة مِن الذنوب ، والتقوى الثانية العزم على ترك الذنوب المستقبلة . وقال بعضهم : التقوى الأولى أداء الواجبات ، والتقوى الثانية ترك المحرمات. على كل هناك من يقول : التقوى الثانية تأكيدٌ للتقوى الأولى ، تأكيد التكرار . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هو الخبير ؛ يعرف حجم عملك ، يعرف النوايا التي سبقته ، يعرف مقدار التضحية، يعرف ماذا تبتغي به ، يعرف ماذا سيكون مِن هذا العمل . .

﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ الكلام عن العمل لا يُجْدي لأن الله خبيرٌ بعملك ، صفه بما تشاء ، قَيِّمْهُ بما تشاء ، أسبغ عليه من الفضل ما تشاء ، ولكن الله خبيرٌ بعملك . .

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾

[ سورة فاطر : 14]

الحكمة من تسمية الله عز وجل يوم القيامة بالغد :

 أيها الأخوة الأكارم ؛

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 يقول النبي عليه الصلاة والسلام :

((من عدَّ غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت ))

[ من الجامع الصغير عن أنس]

 الغد ، ما من إنسانٍ توفي وكان يظن أنه سيموت .

((من عدَّ غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت ))

[ من الجامع الصغير عن أنس]

 وسمى الله يوم القيامة غداً لأن كل متوقعٍ آت ، وكل آتٍ قريب .

 

على الإنسان ألا يفني عمره بالحرام ليمتع غيره بالحلال :

 يا أيها الأخوة الأكارم ؛

﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 سيدنا أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه خطب الناس مرةً فقال : " أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجلٍ معلوم . . . " . هذا الذهاب وهذا الإياب ، الخروج من البيت والعودة إلى البيت ، الذهاب إلى هذا المكان ، والسفر لها المكان ، هذا الرواح وهذا الغدو هذا سوف ينتهي لأجلٍ معلوم ـ فمن استطاع أن يقضي الأجل وهو في عمل الله عزَّ وجل فليفعل ـ إذا كان في الإمكان أن تمضي هذه الفترة المحدودة ، هذا الأجل المحدود ، هذا الأمد القصير ، إذا كان بالإمكان أن تمضيه في طاعة الله فافعل ، لأن العمر ساعة فاجعله طاعة ، لأن النفس طمَّاعة عوِّدها القناعة ـ ولن تنالوا ذلك إلا بطاعة الله عزَّ وجل . إن قوماً جعلوا آجالهم لغيرهم - أيْ أن هذا الأجل يعمل به ليلاً نهاراً ليجني مالاً يأخذه الورثة - إن روح الميت ترفرف فوق النعش تقول : " يا أهلي يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حلّ وحرم ، فأنفقته في حله وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة عليّ " .
 هكذا يقول سيدنا الصديق رضي الله عنه : " إن قوماً جعلوا آجالهم لغيرهم " . هذه الأعوام التي يعيشها ، يعمل ليلاً نهاراً ، قد يترك الصلاة ، قد يقع في الحرام ، قد يأخذ ما ليس له ، مِن أجل أن يجَمِّع ثروةً ينعم بها أولاده مِن بعده ، هو جمعها مِن الحرام وهم يتنعمون بها على حسابه ، على حساب سعادته الأخروية ، على حساب مصيره الأبدي ، على حساب شقائه، إن قوماً جعلوا آجالهم لغيرهم فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم . .

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾

 - هذه الآية إن شاء الله تعالى سوف أشرحها في الجمعة القادمة - أي مَن تعرفون من إخوانكم قدموا على ما قدَّموا من أيام سلفهم ، وخلَوا بالشِقوة أو السعادة ، أين الجبّارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصَّنوها بالحوائط ؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار ، هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه ، فاستضيئوا منه ليوم ظلمة ، واستضيئوا بثنائه وبيانه ، إن الله تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته فقال :

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾

[ سورة الأنبياء : 90]

 يتسابقون فيها . .

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾

[ سورة المطففين : 26]

﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾

[ سورة الصافات : 61]

﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾

[ سورة الأعلى : 14]

﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾

[ سورة الشمس : 9]

 إن الله تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته فقال :

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾

[ سورة الأنبياء : 90]

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ يقول سيدنا الصديق ؛ وهو أفضل رجلٍ بعد الأنبياء ، يقول: " لا خير في قولٍ لا يراد به وجه الله " لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

(( لا يكمل إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))

[ من الدر المنثور عن أنس ]

 لا خير في قولٍ لا يراد به وجه الله . هل بهذه الكلمة تفرِّق أم تجمع ؟ هل تؤذي ؟ هل تجعل الإنسان ينقبض ؟ هل تفتخر عليه ؟ هل وقعت في الغيبة أو النميمة ؟ " لا خير في قولٍ لا يراد به وجه الله ، ولا خير في مالٍ لا ينفق في سبيل الله ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم " . هذا الذي يخشى الناس ولا يخشى الله لا خير فيه ، أتخشون الناس والله أحق أن تخشوه ؟ هذه خطبةٌ لسيدنا الصديق رضي الله عنه . .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 هذا أمر يقتضي الوجوب . .

﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 رُبَّ درهمٍ سبق ألف درهم ، درهم تنفقه في حياتك خيرٌ من مئة ألف درهم يُنْفَق بعد مماتك ، درهمٌ تنفقه في إخلاص ، خيرٌ مِن ألف درهمٍ ينفق في رياء .
 أيها الأخوة الأكارم ؛

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة الحشر : 18 ]

 حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني ، كل مخلوقٍ يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت ، الليل مهما طال فلابدَّ مِن طلوع الفجر ، والعمر مهما طال فلابدَّ مِن نزول القبر .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

التدخين أخطر وباءٍ عالمي :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ كتابٌ نُشِرَ حديثاً عنوانه : " التدخين أخطر وباءٍ عالمي" .
 قد يقول أحدكم : لعلَّ في هذا العنوان مبالغة . ولكن إذا رأيتم ما فيه مِن الحقائق ، لن تروا في العنوان مبالغةً أبداً . فهناك مجلّةٌ تصدر في سويسرا تقول بعد إحصاءٍ دقيق : إن شركات التَبْغ ، تُنْتِجُ بمعدَّل دخينتين - أي سيجارتين - يومياً لكلِّ إنسانٍ على وجه الأرض .
 أي أن عدد سكان الأرض خمسة آلاف مليون ، تنتج الشركات في اليوم عشرة آلاف مليون دَخينة ، صدرت هذه المجلة في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وسبعين . ويقول هذا التقرير في هذه المجلة : إن هذه الكمّية التي في هذه الدخائن - وأعني بها السجائر - من المواد السامة ، لو أُخذت دفعةً واحدة بعد استخلاصها ، لو أعطيت للإنسان في الوريد مباشرةً ، ما في هذه الدخينة من مواد سامة لو استخلصت منها ، وحقنت له في الوريد ، هذه الكمية في دخينةٍ واحدة كفيلةٌ بأن تقتل إنساناً في أوج صحَّته .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً مطوّلاً ، في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسةٍ وسبعين ، تقول في هذا التقرير : إن عدد الذين يُلاقون حتفهم ، أو يعيشون حياةً تعيسة مِن جرَّاء التدخين ، يفوق عدد الذين يلاقون حتفهم نتيجة الطاعون ، والكوليرا ، والجدري ، والسل ، والجذام ، والتيفويد ، والتيفوس مجتمعين ، والوفيّات الناجمة عن التدخين ، هي أكثر بكثير مِن جميع الوفيات للأمراض الوبائية مجتمعةً . هذه فقرةٌ من تقريرٍ نشرته منظمة الصحة العالمية .
 شيءٌ آخر ، إن مجموع الدخل الذي تحققه الدول الكُبرى ، مِن جرَّاء الضرائب الباهظة على إنتاج التدخين هو أقلُّ بكثير مِن الأموال التي تنفق لمعالجة الأمراض الناتجة عن التدخين ، مهما بلغ حجم الضرائب التي تجبيها الدول الكبرى مِن المُدَخِّنين ، إنها أقلُّ بكثير من التي تنفقها على الأمراض التي نجمت عن التدخين .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ نشرت مجلةٌ طبيةٌ بريطانية في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وسبعين الحقائق التالية : إن بين كلَّ ثلاثة مدخنين يلقى أحدهم حتفه بسبب التدخين .
 والدول العظمى تواجه الأوبئة بقلقٍ شديد ، فلو انتشرت الكوليرا في بلد ، لخفَّ المسؤولون عن الصحة لمواجهة هذا المرض ، ولكن لماذا لا يواجهون أخطار التدخين بهذا القلق الشديد ؟ الجواب : إن الآثار المدمِّرة للتدخين لا تظهر بشكلٍ واضح ، إلا بعد ربع قرن - هنا الخطر - الآثار المدمرة تظهر بعد عشرين عاماً ، يدخِّن الشاب ولا يدري ماذا يفعل ، لكن بعد أن تمضي عشرون عاماً أو زيادة ، تبدأ الآثار الضخمة للتدخين ، والإنسان جُبِلَ على رؤية الأخطار المباشرة ، والتهاون عن رؤية الأخطار المستقبلة .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ حقائق مذهلة عن التدخين . تحوي السجائر الأجنبية التي تباع في الدول النامية على ضعف الكمية من المواد السامّة ، مع أن الشركة نفسها ، والاسم التجاري نفسه ، ولكنَّ السجائر التي ترسل لتباع في الدول النامية ، تحوي ضعف المواد السامة المسموح بها في الدول المنتجة ، لشدة الرقابة في هذه الدول .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ من بعض فقرات التقرير : أن الدخينة الواحدة بحسب عمر الشرايين وتصلبها ، تنقص من عمر الإنسان ، بقدر الوقت الذي تستهلكه في تدخينه ، فلو دخَّن في الإنسان في اليوم عشرين دخينة ، لقصُر عمره - لا بحسب اعتقادنا نحن ، بل بحسب مرونة الشرايين وتصلُّبها - خمس سنوات .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ الأطفال الرُّضَع الذين يعيشون في غرفٍ ممتلئة بدخان السجائر ، أكثر تعرّضاً للالتهابات الرئوية ، والنزلات الشعبية ، مِن أمثالهم مِن الأطفال الذين يعيشون في غرفٍ نظيفة ، فالآباء الذين يدخِّنون يساهمون في إيذاء أولادهم الصغار ، وهذه حقيقةٌ طبيةٌ ثابتة .
 أيها الأخوة المؤمنون ؛ كانت الحكومات تُلْزم معامل شركات التدخين أن يكتبوا على العُلبة : إن الدخان يضرُّ بصحَّتك . ولكنَّ منظمة الصحة العالمية ألزمت كل الشركات ، على أن تكتب على العلبة ما يلي : الدخان يسبب سرطاناً في الرئة ، ونزلاتٍ شعبيةً مزمنة ، وجلطاتٍ في القلب . وأخطر ما في الأمر ، أنه لو شرب الخمر مئة إنسان ، لكان احتمال أن يصاب خمسة عشر في المئة بالإدمان ، أما لو دخَّن مئة رجل ، لكان احتمال أن يصاب خمسةٌ وثمانون من هؤلاء بالإدمان . خمسةٌ وثمانون من هؤلاء المئة لابدَّ من أن يصابوا بمرضٍ اسمه: " الإدمان على التدخين" .
 يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الله سبحانه وتعالى أحلَّ لنا الطيّبات ، وحرَّم علينا الخبائث ، أردت أن أبتعد في هذه الحقائق عن الخلاف فيما إذا كان الدخان حراماً أو مكروهاً ، أردت أن أنقل لكم بعض ما في هذه الكُتب العلمية التي تنشرها الدول إثر إحصاءاتٍ دقيقة .
 فالمؤمن الحق ، يعرف ما ينفعه وما يضرّه ، والمؤمن الحق يعرف عمره الثمين ، وكيف ينبغي أن يقضيه ، والنبي عليه الصلاة والسلام نهانا عن كلِّ ما يؤذينا ، والله سبحانه وتعالى رَغّبنا بالإيمان وزيَّنه في قلوبنا ، وكرَّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، وحينما يعصي الإنسان ربّه يقع في مَزَلاّتٍ خطيرة ، تؤذي حياته ، وتؤذي آخرته .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور