وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0377 - أحاديث نبوية تبدأ بكلمة - عليك ..... - كثرة السجود.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر . اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

النبيُّ عليه الصلاة و السلام هو المشرِّع في أقواله وأفعاله وإقراره وصفاته :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ في خُطب سابقة بيَّنت لكم أن النبيَّ عليه الصلاة و السلام هو المعصومُ الذي لا ينطقُ عن الهوى ، النبيُّ عليه الصلاة و السلام هو المشرِّع في أقواله و في أفعاله و في إقراره وفي صفاته ، فكلامُ النبيِّ عليه الصلاة و السلام شيءٌ ، و كلامُ البشر قاطبةً شيءٌ آخر ، كلامُ البشر يعتريه الخطأ و يعتريه الصوابُ ، كلامُ البشر فيه الحقُّ و فيه الباطل ، البشر ينطقون عن الهوى ، و ينطقون عن حقيقة موضوعية ، فإذا أردتَ الحقَّ الصِّرف ، إذا أردتَ كلاماً لا خطأ فيه ، إذا أردت كلاماً لا علاقةَ له بمصلحةٍ ، و لا بمأربٍ ، و لا بحظٍّ شخصي ، فعليك بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، بل عليك ما صحَّ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن في أحاديث رسول الهس ما هو ضعيفٌ و ما هو موضوع .
 فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ في خطبة سابقة تحدَّثتُ عن طائفة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم تبدأ بكلمة " إياك " أي احذر ، و في هذه الخطبة محورُ هذه الخطبة طائفةٌ من أحاديث رسول الله صلى عليه و سلم تبدأ بكلمة " عليك" إياك أي احذر ، " عليك " أي الزَم .

 

العلم النافع هو الطريق الوحيد إلى الله عز وجل :

 أيها الأخوة المؤمنون ؛ النبيُّ عليه الصلاة و السلام جعله اللهُ عز وجل بأقواله وأفعاله وإقراره وصفاته المخلوقَ الأول الذي ينبغي أن نأخذ عنه ، إنَّ في كلامِه تعليماتِ خالقِ الكون ، يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قِيَمُهُ ، وَالرِّفْقُ أَبُوهُ ، وَالِّلينُ أَخُوهُ ، وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 لأن العلم هو الطريق الوحيد إلى الله عز وجل ، أيّة حركةٍ تتحركها من دون علمٍ فلابدّ من أن تقعَ في إشكال ، أو في مبالغة ، أو في تقصير ، أو في خطأ ، لكنَّكَ إذا تحرَّكْتَ في ضَوء العلم الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام فإنَّكَ حركتك سوف تكون ناجحةً ، ومُجْدِيَةً ، ومُنَجِّيَةً ، ومُسْعِدَة ، ولكنّ العلم الذي ذكرهُ النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الشريف هو العلم النافع ، فالنبي الكريم استعاذ بالله من علمٍ لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن عينٍ لا تدمع ، ومن أُذنٍ لا تسمع ، ومن نفس ٍلا تشبع ، وقد دخلَ عليه الصلاة والسلام إلى المسجد فرأى رجلاً تحلَّق الناس حوله ، قال عليه الصلاة والسلام : " من هذا ؟ قالوا : نسّابة ......... قال : ذاك علم لا ينفع من تعلّمه ولا يضرّ من جهل به . ." هناك علمٌ ضارّ ، وهناك علمٌ لا ينفع ولا يضرّ ، وهناك علمٌ نافع ، فالنبي عليه الصلاة والسلام إذا تحدَّث عن العلم ، وإذا وردَت كلمةُ العلم في القرآن الكريم فإنَّما تعني العلم النافع ، أيْ العلم الذي يُقوِّمُ سُلوكك ، أيْ العلم الذي يُسْهم في سُموّ نفْسكَ ، أيْ العلم الذي يكون سلاحًا لك ، العلم الذي يكون حِصْنًا لك ، العلم الذي يُنير لك الطريق ، العلم الذي يدلّك على الخَيْر ، العلم الذي يدلّك على سِرّ وُجودك ، على حقيقة وُجودك ، وعلى هدفك الكبير ، هذا هو العلم النافع .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ أيُّ عِلْمٍ مُمْتِع ، أيّ علْمٍ من دون اسْتثناء ، طبيعة المعرفة ممْتِعَة ، أيُّ علمٍ ممْتِع ، وهناك علمٌ نافعٌ ممْتِع ، ولكنَّ العلم بالله عز وجل ، والعلم بِشَرْعِهِ إنَّه علْمٌ نافعٌ ممْتِعٌ مُسْعِد ، فعليك بالعلم ، وما خطبة الجمعة التي هي فريضة في الدّين الإسلامي إلا عبادة تعلّم ، كلّ مسلمٍ مفْروض عليه أن يحضرَ خطبة الجمعة لِيَتَعَلّم ، لأنّ العلم أساس العمل ، وإذا أردْتَ الدنيا فعليك بالعِلْم ، وإذا أردْت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم ، ورُتبةُ العلم أعلى الرُّتَب ، وأنت بالعلم إنسانٌ آخر ، بالعِلْم تتأكَّدُ فيك إنسانيّتك ، ولكنّ المال إذا كثُرَ بين يديك ، وأنْفقْتهُ كما تشتهي ، فقد تأكَّدت فيك شهوانيّتك ، وفرْقٌ كبير بين شيءٍ يؤكِّدُ إنسانيّتَك وشيء يؤكّد شهوانِيّتك .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس:

((عَلَيْــكَ بِالْعِـــلْمِ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 والعلم له مَقرّ ، وله مكان ، وإنّ بيوتي في الأرض المساجد ، وإنّ زوّارها هم عُمَّارها ، العلم النافع ، والعلم الذي يعرّفك بنفسِكَ ، وبِحقيقة وُجودك ، يُعَرِّفُك بِفَلسفة الكون ، وبِحَقيقة الكون ، بِسِرّ وُجود الإنسان في الحياة ، وبِحَقيقة الحياة ، وبِما قبل الحياة ، وبما بعد الحياة ، بالمنهج التفصيلي الذي إذا سِرْتَ عليه سَعِدْت في الدنيا والآخرة ، إنّ هذا العِلْم لا تجِدُه في أماكن العلم الذي تبْحث عنه لِيَرْتَفِع اسم العالِمِ ، أو لِيَكْثُر مالهُ ، بل تجِدُ هذا العلم في بيوت الله التي مِحْورُ العلم فيها كلامُ الله عز وجل ، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم .

 

العلم خليل المؤمن :

 يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 الخليل أقْربُ شيءٍ للإنسان ، فلان خليلي ، هناك صديق ، وهناك قريب ، وهناك جار ، وهناك صاحِب ، وهناك زميل ، وهناك رفيق ، ولكنّ أمْتَنُ علاقةٍ بين اثْنَين ، أمْتَنُ اتِّصالٍ بين شَخصَيْن ، أمْتَن مشاعر بين رجلين ، علاقة الخُلّة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " لو كنت مُتَّخِذًا من العباد خليلاً لكان أبو بكر خليلي . . . . . . ." حسْبُ المؤمن أنَّ العِلْم خليلهُ ، ينامُ على العِلْم ، ويستيْقظُ على العلم ، وأمام كُلّ موقفٍ يسأَلُ نفسهُ ؛ ما حُكْمُ الهَ في هذا ؟ وما حكم الشرع في هذا ؟ وهل هذا صواب ؟ وهل هذا خطأ ؟ وهل هذا صحيح ؟ وهل هذا حقّ أم هو باطل ؟ وهل هذا خير أم شرّ ؟ دائمًا وأبدًا يتحرَّى الحقيقة ، دائمًا وأبدًا يتحرّى أمْر الله عز وجل ، دائمًا وأبدًا يتحرّى شرْع الله عز وجل ، لذلك هو في نشاطٍ مسْتمرّ ، الإنسان أيّها الأخوة لهُ جانبٌ عقليّ ، وجانبٌ نفسي ، وجانبٌ جسمي ، وجانبٌ ماديّ ، العَقلُ غِذاؤُه العلم، والنشاط العلمي في المؤمن نشاطٌ مسْتمرّ ، لذلك من بركَة الإيمان على المؤمن أنَّ المؤمن لا يخْرفُ ، ولماذا لا يخْرف ؟ لأنّ عقلهُ في نشاطٍ مسْتمرّ ، والعضْوُ الذي يعملُ لا يضْمُر ، هذه حقيقةٌ أقرّ بها علماء الطبّ ، من تُكْسَرُ يدهُ ويوضَعُ عليها الجبس أشْهرًا طويلة ترى أنّ العضلات ضمُرتْ ، وقد نَحُلَتْ ، هذه قاعدة ، فالذي يُصلّي كلّ يومٍ خمْس مرّات ، ويقرأُ الفاتحة وسورة ، ويركع ويسجد ، ويُحاسب نفسهُ كمْ ركْعةً صلَّيْت ، والذي يقرأ القرآن ، والذي يستمعُ إلى خطبة الجمعة ، أو إلى درس علمٍ هو في نشاطٍ علمي مسْتمرّ ، ومن تعلَّم القرآن متَّعَهُ الله بِعَقلهِ حتى يموت ، فالذي يطلبُ العلم ، طلبُ العلم زكاة عقْل الإنسان ، وما دامَ طالبًا للعلم ، فإنّ الله سبحانه وتعالى تكفّل له أن يمتِّعَهُ بِعَقله حتى يموت ، من تعلَّم القرآن متَّعَهُ الله بِعَقلهِ حتى يموت ، العلم خليل المؤمن ، أي أمْتَعُ شيءٍ في حياته أن يفْهم كلام الله ، أن يقف على أسرار القرآن ، أن يقفَ على دِقّة كلام الرحمن ، أن يفْهمَ سنّة النبي العدنان ، أن يعرفَ في هذا الموقف ماذا ينبغي ؟ وماذا يجبُ ؟ وما الذي يُرضي الله عز وجل ؟ وما الذي يُرضي رسولهُ ؟ وهل هذا الموقف كاملٌ أم ناقص ؟ حقّ أم باطل ؟ خير أم شرّ ؟ هذا النشاط الفكري ، وهذا الطَّلَب الحثيث للعلم هو الذي يرفعُ قيمة الإنسان ، فإذا تركَ العِلْم ، وإذا تركَ العمَل به ، وإذا عاشَ لِشَهواتِهِ وحُظوظ نفسه فقد هبطَ إلى مستوى البهيميّة ، وفي الإنسان نوازِعُ غريزيّة فإذا لبّاها من دون علْمٍ ، أيْ اتَّبَعَ هواهُ بِغَير هُدًى من الله ، أيْ اسْتجابَ لِنِداء غريزته من دون أن يُقَيِّمَ هذه الغريزة في أمر الله عز وجل ، أو في شرْعِهِ ، فالعِلْمُ خليل المؤمن ، وعلاقة الخُلّة هي أمْتَنُ علاقةٍ بين شخصيْن ، العلم خليلهُ .
 هذا العِلْم لا شكّ أنَّه ينْعكسُ حِلْمًا ، وتُؤَدَةً ، وتوازُنًا ، واعتِدالاً ، وسكينةً ، ووقارًا، هذا منْعكسُ العلم ، العلم ليس هدفًا بذاته ، وهذه حقيقة كُبرى ؛ العلم ليس هدفًا بذاته ، تعلَّمُوا ما شئْتُم فوالله لن تُؤجروا حتى تعملوا بما علمتم ، العلم من أجل أن تعملَ به ، بل إنّ بعضهم يقول: العِلْم ما عُمِلَ به ، فإن لم يُعْمَل به كان الجهل أفْضَل منه ، لأنّ الجاهل يبْحث عن الحقيقة ، فيه صِفَة طلب العلم ، أما الذي تعلّم ولمْ يعْمَل ، فقد هَبطَ عن مُستوى الجاهل ، بل إنّ إثمهُ عند الله كبير ، العلم ما عُمِلَ به ، فإن لم يُعْمل به كان الجهل أفضل منه ، قال :

وعالمٌ بعِلْمِه لمْ يعْملَنْ  مُعذّب من قبل عُبّاد الوَثَن
***

 تعلَّمُوا ما شئْتُم فوالله لن تُؤجروا حتى تعملوا بما علمتم ، العلم شيءٌ كامِن إن رأيْتَ عالمًا ، لا ترى علمهُ بِعَيْنِكَ ، ولكن ترى سمْتَهُ الحسَن ، ترى حِلْمهُ ، ترى موقفهُ المتوازن ، ترى هُدوءَهُ ، ترى رحمتهُ ، ترى ورعَهُ ، ترى خشْيتَهُ ، ترى حبّه ، ترى دمْعَتَهُ ، هذا الذي تراه من أثر العِلْم .

 

الحلم وزير المؤمن و العقل أداة معرفته :

 يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 الحِلْم وزير المؤمن ، مرافقٌ له دائمًا ، كاد الحليمُ أن يكون نبِيًّا ، الحِلْمُ سيّد الأخلاق ، يمكن أن تُجْمَعَ أخلاقٌ كثيرة بِصِفَة الحِلْم ، مثلاً المروءة تجمع صفات كثيرة ؛ مِن كرمٍ ، إلى شجاعةٍ ، إلى رحْمةٍ ، إلى إنصافٍ ، إلى إقدامٍ ، إلى إغاثة ملْهوفٍ ، كلّ هذه الصّفات يمكن أن تُجْمَعَ في كلمة مروءة ، والخِفّة ، والدناءة ، والشّحّ ، والجُبْن ، والأنانيّة ، كلّها يمكن أن تُجْمَعَ في كلمة اللُّؤْم . فلذلك قال عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 العقل أداة المعرفة ، قال تعالى : " والسماء رفعها ووضعَ الميزان . ." أوْدَعَ الله فيك ميزانًا دقيقًا ، لم لا تسْتعملُه ؟ إنّ أيَّة مشكلةٍ تقعُ فيها ، إنّ السؤال الوحيد الذي يُسْألُه الإنسان يوم القيامة : أيْنَ عقلُكَ ؟ لمَ لمْ تسْتعمل هذه الجوْهرة ؟ العقل أيّها الأخوة أصْلٌ في النّقل، وبالعَقْل تعرف صحّة النّقل ، وبالعَقل تفْهم حقيقة النّقل ، والعقل والنقل متكاملان .
 ما رأيتُ شيئًا أمرَ به النبي عليه الصلاة والسلام ورأيتُ العقل ينهى عنه ، وما رأيتُ شيئًا نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ورأيتُ العقل يأْمرُ به ، قال تعالى : " والسماء رفعها ووضعَ الميزان . ." وعقْلُك ميزان ، والشريعة ميزان ، بل إنّ الشريعة ميزانٌ على ميزان عقلك ، فأيْنما تحرَّك عقلُك ووصَلَ إلى حكمٍ مُطابقٍ للشريعة ، فأنْعِم به من عقلٍ ، وحيثما جاء عقلك بحُكمٍ يُخالف الشريعة ، فبئسَ هذا العقل ، قال تعالى : إنّه فكّر . . . .سحر يؤثر . . . .صقر" .

 

فائدة العلم تكون بالممارسة و التطبيق :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس:

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قِيَمُهُ ))

[ أخرجه السيوطي، والحكيم عن ابن عباس ]

 أي أن العلْم لا يأخذُ قيمةً إلا بالتطبيق والعمل ، لا يأخذُ العلم بعْدَهُ الحقيقيّ إلا إذا تُرْجِمَ إلى عمل ، إلا إذا تُرْجِمَ إلى سُلوك ، إلا إذا تُرْجِمَ إلى واقع ، إلا إذا تُرْجِمَ إلى أخلاق ، إلا إذا تُرْجِمَ إلى مظاهر مادّية ، لا يأخذ العِلْم أبعادهُ الحقيقيّة ، ولا صفته المِثاليّة ، ولا حجمه الحقيقيّ ، ولا فائدته العميمة في المجتمع إلا إذا مارْسناهُ ، وعِشناهُ ، وطبَّقْناهُ ، وتعاملْنا به .

 

الدين عِلْمٌ وحِلْمٌ وعَقْلٌ وعملٌ ورِفْقٌ ولينٌ وصبْرٌ :

 يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قِيَمُهُ ، وَالرِّفْقُ أَبُوهُ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 لا يكون الرِّفْق في شيءٍ إلا زانهُ ، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلا شانَهُ ، علِّموا ولا تعنِّفوا فإنّ المعلّم خير من المعنِّف ، يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قِيَمُهُ ، وَالرِّفْقُ أَبُوهُ ، وَالِّلينُ أَخُوهُ ، وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 أيها الأخوة الأكارم ؛ الإمام الغزالي يقول : من ثمَرات العِلْم خَشْيَة الله تعالى ، ما لمْ تكن هناك خَشْيةٌ ففي العِلم خللٌ خطير ، ما لمْ يكن هناك طاعةٌ لله عز وجل ففي العلم نقصٌ كبير ، ما لم يكن هناك حبّ له عز وجل ففي العِلْم انْحِرافٌ بيِّن .
 أيها الأخوة المؤمنون ، ، يقول عليه الصلاة و السلام فيما رواه الحكيم عن ابن عباس :

((عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قِيَمُهُ ، وَالرِّفْقُ أَبُوهُ ، وَالِّلينُ أَخُوهُ ، وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ ))

[ أخرجه السيوطي ، والحكيم عن ابن عباس ]

 هذا الحديث الشريف رواه الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال : كُنْتُ رفيقًا يومًا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فقال عليه الصلاة والسلام : ألا أعلّمك كلماتٍ ينفعك الله بهنّ؟ قلتُ : بلى ، فذكر هذا الحديث ؛ عِلْمٌ ، وحِلْمٌ ، وعَقْلٌ ، وعملٌ ، ورِفْقٌ ، ولينٌ ، وصبْرٌ ، هذا هو الدِّين ، وهذه حقيقة المؤمن .

 

طاعة الله هي المقياس الوحيد لكلّ سعادة و خير :

 ويقول عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي سعيد :

((عليك بتقوى الله ! فإنها جماع كل خير ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين ، وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله تعالى فإنه نور لك في الأرض ، وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير ، فإنك بذلك تغلب الشيطان))

[ أخرجه ابن الضريس عن أبي سعيد ]

 أي الخير كلّه ، والسعادة كلّها ، والفوز كلّه ، والفلاح كلّه ، والنجاح كلّه في طاعة الله تعالى ، وهي المِقياس الوحيد ، وأيّ شيءٍ كان من دون تَقْوى فهو لا قيمة له ، لذلك حينما قال الله عز وجل :" إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم . ." أيْ لا تحْتلّ عند الله مكانةً عَلِيَّةً ، ولا ترتقي إلى درجةٍ عاليَة ، ولن تكون في مَقْعَدِ صِدْقٍ عند مليك مقتدر ، ولن تكون في المكان الصحيح إلا إذا كنتَ على الطاعة ، لذلك لمّا الإمام الجُنَيد سُئِلَ : من هو وليّ الله ؟ أهُوَ الذي يمشي على وَجْه الماء ؟! قال : لا ، قيل : أهُوَ الذي يطير في الهواء ؟! قال : لا ، وأجابَ إجابةً مُفْحِمَةً ، قال : الوليّ كلّ الوليّ هو الذي تجِدُه عند الحلال أو الحرام ، دَعْكَ من كلّ شيءٍ في الدِّين ، دَعْكَ مِن كلّ مظاهره ، دَعْكَ مِن كلّ مظاهره التي يزْهى بها الناس ، واعْلَم أنّ جوْهر الدِّين طاعة الله عز وجل ، وقد كنتُ أذْكر لكم دائمًا قصَّة هذا البدويّ ، هذا الراعي الذي أراد عمر بن الخطّاب أن يمْتحِنَهُ ، فقال : بِعني هذه الشاة ؟ قال : ليْسَت لي ، قال : خُذْ ثمنها، قال : ليْسَت لي ، قال : قلْ لِصاحبها ماتَتْ أو أكلها الذّئبُ ! عندئذٍ قال هذا الراعي : والله إنَّني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلتُ لصاحبها ماتَتْ أو أكلها الذّئْبُ لصدَّقني فإنِّي عندهُ صادقٌ أمين ، ولكن أيْنَ الله ؟! هذا الراعي وضَعَ يدَهُ على جوْهر الدِّين كلّهُ ، الدين كله طاعةٌ لله ، الدِّين كلّه استقامةٌ على أمر الله ، الدِّين كلّه ورعٌ ، وخوفٌ من الحرام ، هذا هو الدِّين ، وما سوى الطاعة أشياء كثيرة يزْهى بها الناس أحيانًا ، ولكنّها لا تُقدّم ولا تؤخّر .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي سعيد :

((عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين، وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله تعالى فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير ، فإنك بذلك تغلب الشيطان))

[ أخرجه ابن الضريس عن أبي سعيد ]

 لا تستطيعُ ان تتَّقِيَ الله وأنت تتحرَّكُ مع شهواتك ، لن تستطيع أن تتَّقيَ الله وأنت تُعطي نفسكَ ما تشتهي ، لن تستطيعَ أن تتَّقِيَ الله عز وجل وأنت تؤْثِرُ مصالحك على كلّ شيء، هذا الذي يؤثِرُ مصالحهُ ، وحظوظ نفسه ، وشهواته ، ورغباته ، لن يستطيعَ أن يتَّقِيَ الله عز وجل ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

((عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين، وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله تعالى فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير ، فإنك بذلك تغلب الشيطان))

[ أخرجه ابن الضريس عن أبي سعيد ]

ضبط اللسان شرط أساسي للاتصال بالله عز وجل :

 إذا كنْتَ في نَدْوةٍ ، أو في سهْرةٍ ، أو في لقاءٍ ، أو في رحلةٍ ، إذا كنتَ مع أهلك، مع أقربائك ، مع جيرانك ، مع أصدقائك ، مع شركاء عملك ، وأطْلقْت اللّسان فيما ينبغي وما لا ينبغي ، تحدَّثْتَ عن زيدٍ أو عُبَيْد ، هَجَوْتَ فلانًا أو علاّنًا ، أطْلقْتَ اللِّسان كما تحبّ ، وكما تشتهي ، ما الذي يحصُل ؟ الذي يحصُل أنَّك بهذا الكلام غير المسؤول ، غير المنضبط ، تبتعِدُ عن الله عز وجل ، وتُحْجبُ عن الله عز وجل ، ويأتي الشيطان فيتغلّبُ عليك ، من هذا الذي يتمكّن أن يحافِظَ على الصلة بالله عز وجل ؟ هو ذاك الذي يخْزنُ لِسانَهُ ، واخْزِن لسانك إلا من خير ، أمْرٌ بِمَعروف ، ونهيٌ عن منكر ، دعْوةٌ إلى الله ، بيانٌ لآيةٍ محْكمة ، بيانٌ لحَديث صحيح شريف ، قصّة عن صحابيّ جليل ، موعظة ، عِبْرةٌ ، هكذا أما الغيبة والنميمة ، والإفْك والبُهتان ، والسُّخْريَة والتجريح والتقريع ، والفُحْش والبذاءةُ ، والسُّباب والغمْزُ واللّمْزُ ، هذا كلّه من عمل الشيطان ، حينما تطلق اللّسان فيما لا يرضي الله عز وجل تغلَّبَ عليك الشيطان ، وأوْقعَكَ في شِباكِهِ ، وجَعَلَك بعيدًا عن الله عز وجل ، بعيدًا بُعْد الأرض عن السماء ، لأنّ المعصِيَة حِجاب .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ لن تستطيع المحافظة على تألّقِكَ ، لن تستطيع المحافظة على اتِّصالك بالله ، لن تستطيعَ أن تحافظ على الإقبال عليه ، لن تستطيعَ أن تشعر أنّ الله راضٍ عنك إلا إذا ضبطْتَ لسانك ، وإلا إذا عرفْت ما ينبغي أن يُقال ، وما ينبغي ألا يُقال ، إلا إذا عرفتَ ماذا يُرضي الله من كلامك ؟ وماذا يغضِبُه من كلامك ؟ وكما ورد في بعض الأحاديث الشريفة ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرْويه عن ربّه أنّ سيّدنا داود قال : " يا ربّ أيّ عبادك أحبّ إليك حتى أحبَّهُ بِحُبِّك ؟ قال : يا داود أحبّ العباد إليّ تقيّ اليدين ، نقي القلب لا يمشي إلى أحدٍ بِسُوء ، أحبّني وأحبّ من أحبّني ، وحبَّبني إلى خلقي" بلِسانك لو ذكرْت بعض المصائب ، وبالغْت بها ، وغفلْت عن حكمة الله ، غفلْتَ عن عدالته ، أنت بهذا نفَّرْت الناس من الله عز وجل ، لو ذكرْت قصَّة لا أصل لها مفادها أنّ هناك ظلمًا كبيرًا ، إنّ هذه القصص غير المسؤولة ، غير الصحيحة ، غير الواقعيّة ، ربّما نفَّرَت الناس من الله عز وجل ، قال : أحبّ العباد إليّ تقيّ اليدين ، نقيّ القلب لا يمشي إلى أحدٍ بِسُوء ، أحبّني وأحبّ من أحبّني ، وحبَّبني إلى خلقي ، بيَّنْت لهم بعض الحِكَم ، بيَّنْتَ لهم بعض الأشياء التي ترضي العبد عن ربّه عز وجل ، ألَمْ أقُلْ لكم من قبل أنّ رجلاً كان يطوفُ حوْل الكعبة وكان خلفهُ الإمام الشافعي ، وهو يقول : يا رب هل رضيتَ عنّي فأبشّر نفسي ؟ فقال الإمام الشافعي : وهل رضيت أنت عنه ؟ قال : من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا محمّد بن إدريس ، قال : وكيف أرضى عنه وأنا أتمنّى رِضاه ؟ فقال الإمام الشافعي : إذا كان سُرورك بالنِّقْمة كَسُرورك بالنِّعمة فقد رضيت عن الله .
 أيها الأخوة الكرام ، عليك بتقوى الله ! فإنها جماع كل خير ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين ، وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله تعالى قال تعالى : " واذكر اسم ربّك وتبتّل إليه تبتيلا "

(( فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير ، فإنك بذلك تغلب الشيطان ))

[ أخرجه ابن الضريس عن أبي سعيد ]

 حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كثرة السجود :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ روى مسلم عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَال َ:

(( كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ - أي الماء الذي يتوضَّأ منه - وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي : سَلْ ؟ - أي النبي عليه الصلاة والسلام رأى هذه الخِدْمة دَينًا عليه فأراد أن يُكافئهُ ، وقد قال في حديثٍ آخر : من أسدى إليكم معروفًا فكافئوه - فقلتُ : أمْهلني يا رسول الله ؟ فأمْهلهُ النبي عليه الصلاة والسلام أيّاماً ، قال : يا ربيعة سلني حاجتك؟ فقال ربيعة رضي الله عنه فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قال : من علّمَكَ هذا ؟ قال : والله ما علّمنيه أحد ولكن رأيْتُ كلّ شيءٍ يفنى وأنت في أعلى عِلِيِّين فرأيتُ أن أُرافقك في الجنّة ، قَالَ : أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ - أتُريدُ شيئًا غير ذلك ؟ - قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ - أيْ لا أريد غيره- قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ))

[مسلم عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ]

 لن تكون في أعلى عِلِيّين ، ولن تُرافق النبيِّين إلا إذا كنتَ قريبًا من الله ، إذا كنتَ قريبًا من الله كنت مع النّبيِّين والصدِّيقين والشّهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا .
 والسُّجود هنا الصلاة ، وأقربُ ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد

(( قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ))

 مثلاً لو أنّ رجلاً غنيًّا قال لابنه : اُطلب يا بنيّ وتمنّى ، فقال هذا الابن : أريد مركبةً ، القضيّة سهلة ، وأريد بيتًا ، وأريد كذا وكذا ، ولكن إذا قال هذا الابن لأبيه الغنيّ : أُريدُ أن أكون أستاذًا في الجامعة !! يقول له : هذه ليْسَت لي ، هذه بِجُهْدِكَ ، لا تنالها إلا بِجُهدك ، لو طلبَ هذا الطَّلَب لأحالهُ أبوه إلى نفسه ، هذه لن تكون إلا بِجُهْدِكَ .
 ضربْت هذا المَثَل لأُبيّن لكم أنّك إذا أردْتَ مكانًا عليًّا عند الله عز وجل هذا لا بدّ له من ثمَن ، وثمنهُ طاعة الله عز وجل ، وثمنهُ مجاهدة النّفْس والهوى ، وثمنهُ أن تكون في المستوى الذي يرضي الله عز وجل ، وهذا يحتاجُ إلى جهْدٍ ، لذلك قالوا : أقربُ ما يكون العبد من ربّه وهو ساجِد ، فقال النبي الكريم لِسَيِّدنا ربيعة :

((أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ))

 أيْ لن تكون مرافقًا لي في الجنّة إلا إذا كانتْ نفْسُك في المستوى المطلوب ، وطريق القربى والزّلفى إلى الله عز وجل هو كثرة السّجود .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور