- محفوظات
- /
- ٠5مقدمات الكتب
طلب مني أخ كريم ، له خدمات جلّى في مجال الكومبيوتر ، أن أقدم كتيباً في اللغة العربية ، يهتدي windows 98 به مستخدمو الكومبيوتر في التعامل مع برنامج
ســـئل أحد العلماء ماذا نأخذ وماذا ندع من حضارة الغربيين ؟ فقال نأخذ ما فــي رؤوسهم وندع ما في نفوسهم ، لأن الإنجازات الحضارية لأمة من الأمم ما هي إلا عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرّ الأجيال ، فهل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ، إن جهاز الكومبيوتر رفع الدقة ـ مطلقاً ـ من واحد إلى مليـون ، وخفض الجهد البشري من مليون إلى واحد ، وأن تطويره في صعود وأسعاره في هبوط ، وأن الأمي ـ اليوم ـ هو الذي لا يحسن استخدام هذا الجهاز . وأن إحكام قبضة الإنسان الغربي على العالم يرجع في بعض أسبابه وبشكل أو بآخر إلى هذا الجهاز ، حتى سمي هذا العصر بعصر المعلوماتية ، فأي قرار حكيم أو أي موقف قوي أساسه المعلومات الصحيحة والدقيقة ، وهذه يوفرها الكومبيوتر إذا أحسن استخدامه .
وإن الإنسان ليزداد تعظيماً لله ، حينما يرى أن هذا العقل البشري ـ وهو أثمن شيء وهبه الله للإنسان ـ استطاع أن يحشر على سبيل المثال ألف كتاب ضخم في قرص ليزري واحد وأن قراءة هذه الكتب ـ حرفاً حرفاً ـ تتم في بضع ثوان . وإذا استطاع الإنسان أن يحسب عن طريق قراءة أربعمائة وخمسين مليون حرف في ثانية واحدة ، فكيف نفهم قوله تعالى : ( وهو أسرع الحاسبين ) .
وحينما نقرأ قوله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ، ينبغي أن نفهم القوة بمدلولها الواسع ، وهي أية وسيلة تمكننا من أن نقف وجهاً لوجه أمام أعدائنا ، أعداء الحق والخير ، ويمكن أن يكون إتقان استخدام هذا الجهاز خطوة على طريق هذا الإعداد .
مرّ عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ببلدة من رعاياه ، فوجد فيها أن الفعاليات المعيشية ليست بأيدي أبناء هذه البلدة ، فوبخهم ، وعنفهم ، وقال لهم : كيف بكم وقد أصبحتم عبيداً عندهم . لقد أدرك هذا الخليفة الراشد ـ ببعد نظره ـ أن المنتج هو القوي ، وأن المستهلك هو الضعيف ، وأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف .
وما أحوجنا إلى تطوير دنيانا ، وتنويع سبل رزقنا ، وتنمية دخولنا ، واستغلال ثرواتنا ، التي أودعها الله في أرضنا ، وتصنيعها بأيدينا ، ما أحوجنا إلى أن نأكل مما نزرع ، وأن نلبس مما ننسج ، وأن نستخدم من الآلات ما كان من اختراع عقولنا ، وصنع أيدينا ، لنتحرر من تحكم الآخرين بنا..
محمد راتب النابلسي
دمشق في 22/5/1999