وضع داكن
20-04-2024
Logo
محفوظات - مقدمات الكتب : 10 - مقدمة لكتاب الطب الوقائي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الإسلام دين الفطرة ، يحرص في تعاليمه على صحة الجسد ، وطهر النفس ، ويوازن بين المادة والروح ، والحاجات والقيم ، ويهدف إلى إصلاح الدنيا ، وإصلاح الآخرة.
 والإسلام يجعل من المسلم إنساناً متميزاً ، ويرى ما لا يراه الآخرون ، ويشعر بما لا يشعرون ، ويتمتع بوعي عميق ، وإدراك دقيق، له قلب كبير ، وعزم متين ، وإرادة صلبة ، هدفه أكبر من حاجاته ، ورسالاته أسمى من رغباته ، يملك نفسه ولا تملكه ، ويقود هواه ولا ينقاد له ، تحكمه القيم ، ويتحكم إليها ، من دون أن يسخرها ، أو يسخر منها ، سما حتى اشرأبت إليه الأعناق ، وصفا حتى مالت إليه القلوب.
 وما أروع الإسلام... ‍‍‍‍‍‍!!! حينما ينطلق في الطب الوقائي ـ وهو موضوع هذا الكتاب الذي أقدمه ـ من أن إزالة أسباب المرض أجدى وأهون من إزالة أعراضه ، ويقول الأطباء: إن الأمراض وإن زالت أعراضها بالدواء ، فإن لها آثاراً جانبية ، تظهر في وقت لاحق من دون سبب مباشر ، لذلك يُعَدُّ الطب الوقائي سيِّد الطب البشري كلَّه ، لأن قوة الأمة تتجلى في قوة أفرادها ، وأن دخلها يقاس بدخلهم ، وأن الأمة التي تنزل بساحاتها الأمراض ، أو تستوطنها الأوبئة ، تتعرض لخسران كبير، سواءٌ في هذه القوى البشرية المعطلة التي كان من الممكن أن تسهم جهودها في زيادة دخلها ، أو في هذه الأموال الطائلة التي تنفق في معالجة هذه الأمراض التي كان من الممكن أن تسهم في بناء صرح الأمة الاقتصادية.
 وقد ثبت بالإحصائيات الدقيقة أن مجموع الضرائب الباهظة التي تحصل عليها بعض الدول من شركات التبغ أقل بكثير مما تنفقه تلك الدول في معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين ، وأن بعض الدول الصناعية تفقد خمسين مليون يوم عمل كل عام نتيجة الأمراض التي تصيب العمال والموظفين بسبب التدخين.
وأن ما لا يقل عن خمسين ألف شخصٍ يلاقون حتفهم قبل الأوان في كل عامٍ بسبب التدخين.
* * *
 لقد اطلعت على مضامين الكتاب " الطب الوقائي " لمؤلفه الدكتور نضال سميح عيسى... فوجدت موضوعاته تتناول حياة المسلم جسماً وروحاً ونفساً وعقلاً ، وقد أخذ المؤلف ـ جزاه الله خيراً ـ من الكتاب والسنة التوجيهات المتعلقة بالطب الوقائي ، وربط بينهما وبين الأمراض التي نعاني منها في شتى مناحي حياتنا.
والمتتبع لمضامين الكتاب يَجِدُ أن هذه المضامين أكبر من عنوانه فقد امتدت الموضوعات في فصول عدة إلى الطب العلاجي.
 ولا يخفى أن كلمة " الطبّ " تشمل الطب النفسي والطبيعي والوقائي والعلاجي... فقد أشار بعض العلماء إلى أن الطب النفسي أساس علاجه " التوحيد " وأن الطب الطبيعي أساس علاجه " بذل الجهد" وأن الطب الوقائي أساس علاجه " الاعتدال والنظافة " وأن الطب العلاجي أساس معالجته " تناول الدواء والمداخلة الجراحية ".

إن الطبيـب له علم يُـدلّ به إن  كان للناس في الآجال تأخير
حتى إذا ما انتهت أيام رحلته  حـار الطبـيب وخانته العقاقير


 ويتضح ـ أيضاً ـ من خلال معالجة المؤلف لموضوعات الكتاب أن العلم والدين يتطابقان ، لأن حقائق الدين جاءتنا عن طريق الوحي ؛ بينما الحقائق العلمية ، توصلنا إليها من خلال البحث والتجربة فالوحي كلامه ، والكون خلقه ، والذي أوحى إلى نبيه ما أوحى هو نفسه الذي قنن قوانين الكون... فصريح المعقول لا يتناقض مع صحيح المنقول.
 وحينما يكون النقل غير صحيح أو يكون تأويله غير مصيب يتناقض مع حقائق العلم ؛ وحينما نتوهم النظريات التي لم تثبت علماً نجدها تتناقض مع حقائق الدين.
 أرجو الله ـ جل وعلا ـ أن يسهم الكتاب في إقناع القارئ أن ما جاء في الكتاب والسنة، الوحيين المتلو وغير المتلو ، من توجيهات وتكاليف... إن هي إلا تعليمات الصانع ، وما من جهة أجدر أن تُتَّبَعَ تعليماتها من الجهة الصانعة لأن خبرة الله قديمة وليست حادثة وقد قال الله تعالى:

 

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

 

( سورة فاطر: من آية " 14 " )

 روي عن سيدنا سعد بن أبي وقاص أنه قال: " ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس ، ما صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى انصرف عنها ، ولا سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حقّ من الله تعالى ".
* * * * *

إخفاء الصور