وضع داكن
28-03-2024
Logo
محفوظات - مقدمات الكتب : 28 - مقدمة لكتاب المرأة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 طلب مني أخ كريم هو الأستاذ حامد افنيخر أن أقدم له كتاباً من تأليفه حول هموم المرأة المسلمة، وقد تصفحت الكتاب، وقرأت أهم فصوله فوجدت في الكتاب وصفاً واقعياً لما هي عليه المرأة المسلمة اليوم، وأرجو الله أن ينفع القراء بهذا الكتاب، وأن يكون لبنة في صرح العودة إلى منهج السماء، والبعد عن وحل الأرض
 فالمرأة المسلمة: تقيـة، نقيـة، صيـنة، عابـدة، حـرة، أبيـة، أصيـلة، كريـمة . قويـة، ذكيـة، واعيـة، عاقـلة . صادقـة، صابـرة، سخيـة، رحيـمة، مطيعـة، ودود، ولـود، بـارة، رفيقـة، معينـة .. .
قـال رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم:

(( الدنيـا متـاع وخيـر متاعـها المـرأة الصالحـة ))

 المرأة المسلمـة: صالحـة بنتـا، وزوجـا، وأمـا، متمثلـة معنـى العبوديـة للـه، واعيـة هـدي دينـها تؤمـن إيمانا عميقـا بأنـها خلـقت في هـذه الحيـاة الدنيـا لـهدف كبيـر، حـدده رب العـزة بقولـه:

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

(سورة الذاريات)

 فالحيـاة في نظـر المـرأة المسلمـة الراشـدة ليـست في قضـاء الوقـت بالأعمـال اليوميـة المألوفـة، والاستمتـاع بطيبـات الحيـاة وزينتـها، و إنـما الحيـاة رسـالة، عـلى كـل مؤمـن أن ينـهض بـها عـلى الوجـه الـذي تتحقـق فيـه عبادتـه للـه .
 وهـذا الوجـه هـو أن يستحـضر النيـة في أعمالـه كلـها أنـه يبتـغي بـها وجـه اللـه، ويتحـرى مرضاتـه، ذلـك أن الأعمـال في الإسلام محصـورة موقوفـة عـلى النيـات، كـما أكـد رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم بقولـه:

(( إنما الأعمـال بالنيـات، و إنما لـكل امـرئ ما نـوى، فمـن كانـت هجرتـه إلى اللـه ورسـوله فهجرتـه إلى اللـه ورسـوله، ومـن كانـت هجرتـه لدنيـا يصيبـها، أو امـرأة ينكحـها، فهجرتـه إلى ما هاجـر إليه ))

 وهكـذا تستطيـع المـرأة المسلمـة أن تكـون في عبـادة دائمـة، وهـي تقـوم بأعمالـها كلـها، كأنـها في معبـد متحـرك دائـم، مادامـت تستحـضر في نيتـها أنـها تقـوم بـأداء رسالتـها في الحيـاة، كـما أراد اللـه لـها أن تكـون . أنها لـفي عبـادة وهـي تبـر والديـها، وتحسـن تبعـل زوجـها، وتعتـني بتربيـة أولادهـا، وتقـوم بأعبائـها المنزليـة، وتصـل أرحامـها .. الخ، مادامـت تفعـل ذلـك كلـه امتثـالا لأمـر اللـه، وبنيـة عبادتـها إيـاه .
 ولا يفـوت المـرأة المسلمـة الواعيـة هـدي دينـها أن تصقـل روحـها بالعبـادة والذكـر وتـلاوة القـران، في أوقـات محـددة دائمـة لا تتخـلف، فكـما عنيـت بجسـمها وعقلـها تعنـى أيضـا بروحـه، وتـدرك أن الإنسان مكـون مـن جسـم وعقـل وروح، وأن كـلا مـن هـذه المكـونات الثـلاثة لـه حقـه علـى المـرء
 وبراعـة الإنسان تبـدو في أحكام التـوازن بيـن الجسـم والعقـل والـروح، بحيـث لا يطغـى جانـب علـى جانـب، ففـي أحكام التـوازن بيـن هـذه الجوانـب ضـمان لنشـوء الشخصيـة السويـة المعتدلـة الناضجـة المتفتحـة .
 فتلـزم العبـادة وتزكيـة النفـس، وتعطـي نفسـها حقـها مـن صقـل الـروح بالعبـادة، فتقبـل علـى عبادتـها بنفـس صافيـة هادئـة مطمئنـة مهيـأة لتغلـغل المعانـي الروحيـة في أعماقـها، بعيـدا عـن الضجـة والضوضـاء والشواغـل، ما استطاعت إلى ذلـك سبيـلا . فإذا صلـت أدت صلاتـها في هـدأة مـن النفـس، وفي صفـاء مـن الفكـر، بحيـث تتشـرب نفسـها معانـي ما تلفظـت بـه في صلاتـها مـن قـران وذكـر وتسبيحـات، ثـم تخلـو إلى نفسـها قليـلا، فتسبـح ربـها، وتتلـو آيات مـن كتابـه، وتتأمـل وتتدبـر معانـي ما يجـري علـى لسانـها مـن ذكـر، وما يـدور في جنانـها مـن فكـر، وتستعـرض بيـن حيـن وآخـر حالـها، وما يصـدر عنـها مـن تصرفـات وأفعـال وأقـوال، محاسبـة نفسـها أن نـدت عنـها مخالـفة، أو بـدا منـها في حـق اللـه تقصيـر، فبذلـك تؤتـي العبـادة ثمرتـها المرجـوة في تزكيـة النفـس وتصفيـة الوجـدان مـن أدران المخالـفة والمعصيـة، وتحبـط حبائـل الشيطـان في وسوستـه المستمـرة المرديـة للإنسان، فالمـرأة المسلمـة التقيـة الصادقـة، قـد تخطـئ وقـد تقصـر، وقـد تـزل بـها القـدم، ولكنـها سرعـان ما تنخلـع مـن زلتـها، وتستغفـر اللـه مـن خطئـها، وتتبـرأ مـن تقصيرهـا، وتتـوب مـن ذنبـها، وهـذا شـأن المسلمـات التقيـات الصالحـات:

 

﴿ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)﴾

 

( سورة الأعراف)

 ولـهذا كـان الرسـول صلى الله عليه وسلم يقـول لأصحابـه:(جـددوا إيمانكم ) . قيـل: ( يا رسـول اللـه، وكيـف نجـدد ايماننـا ؟ قـال: ( أكثـروا مـن قـول لا الـه الا اللـه )
 والمـرأة المسلمـة التقيـة تستعيـن دومـا علـى تقويـة روحـها وتزكيـة نفسـها بـدوام العبـادة والذكـر والمحاسبـة واستحضـار خشيـة اللـه ومراقبتـه في أعمالـها كلـها، فـما أرضـاه فعلتـه، وما أسخطـه أقلعـت عنـه .
وبذلـك تبقـى مستقيمـة علـى الجـادة، لا تجـور، ولا تنحـرف، ولا تظلـم، ولا تبتعـد عـن سـواء السبيـل .

إخفاء الصور