وضع داكن
25-04-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 45 - إدلب - قراءة المؤمن وقراءة الكافر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 نرحب بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المدرس في جامعة دمشق و بكلية أصول الدين و المدرس الديني في مساجد دمشق، نسأل الله عز وجل أن يمن عليه بالعافية و أن يزيده علماً و تقى و أن يعينه على أن يحضر إلينا ما بين كل حين و آخر.
 السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين و على آله و صحبه أجمعين و بعد:
إنني أشكركم من أعماق قلبي على دعوتكم الطيبة الكريمة، و على حضوركم، و على جلوسكم و اجتماعكم وأسأل الله جل جلاله أن أكون عند حسن ظنكم ولكن لكم بشارة هي أن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ﴾

[ سورة الأنفال: الآية 23]

 أي أن الله سبحانه وتعالى إذا تفضل علينا جميعاً وأسمعنا الحق فهذه بشارة أننا على شيء من الخير جميعاً.
 أيها الإخوة الكرام: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ويظل المرء عالماً ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
 وطالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً والجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً، الجاهل عدو نفسه والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
 أيها الإخوة الكرام: أضع بين أيديكم مثلين صارخين لو أن طفلاً في الحضانة قال معي مبلغاً عظيماً كم تقدرون هذا المبلغ ؟ لعله مئة ليرة وإذا قال مسؤول كبير في البنتاغون رصدنا لحرب العراق مبلغاً عظيماً كم يقدر هذا المبلغ ؟ بمئة مليار دولار، دققوا كلمة عظيم قالها طفل فقدرناها مئة ليرة وقالها مسؤول كبير في دولة غنية عملاقة فقدرناها مئة مليار دولار فإذا قال الله خالق السماوات والأرض:

 

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

 

[ سورة النساء: الآية 113]

 العظيم أعظم العظماء خالق الأرض والسماء ملك الملوك إذا قال:

 

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

 

[ سورة النساء: الآية 113]

 وبالمقابل:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 77]

 في شباب في بلاد غربية ثروتهم تسعون مليار دولار بل كيت عمره اثنين وأربعين سنة ثروته تسعين مليار يصفها الله عز وجل:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 77]

 لأن عطاء الله لا يمكن أن ينقطع بينما الدنيا منقطعة، عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارق واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وازنوا بين هاتين الآيتين:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 77]

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

[ سورة النساء: الآية 113]

 أيها الإخوة الكرام: الأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم والأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم وشتان بين أن تملك الرقاب وبين أن تملك القلوب وشتان بين أن تكون الوسيلة قوتك أو كمالك الأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم والأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم والناس جميعاً أتباع نبي أو قوي فإذا كانت وسيلتك الكمال البشري أنت من أتباع الأنبياء وإذا كانت وسيلتك ما تتمتع به من سلطة فأنت من أتباع الأقوياء.
 أيها الإخوة الكرام: أعطى الله الملك لمن لا يحب وأعطاه لمن يحب أعطاه لسيدنا سليمان وهو يحبه نبي كريم وأعطاه لفرعون وهو لا يحبه فإذا أعطى الله شيئاً لمن يحب ولمن لا يحب فهل يعد هذا الشيء مقياساً ؟ أبداً أعطى المال لمن يحب لسيدنا عبد الرحمن بن عوف ولسيدنا عثمان بن عفان وأعطاه لمن لا يحب لقارون هل يعد المال مقياساً لمحبة الله ؟ لذلك:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))

 

[ مسلم ]

 آية دقيقة جداً بسورة الفجر قال تعالى:

 

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16)﴾

 

[ سورة الفجر ]

 يقول هو بماذا أجاب الله عز وجل ؟ قال تعالى:

 

﴿كَلَّا﴾

 

[ سورة الفجر: الآية 17]

 حرف نفي وردع يعني كلا يا عبادي ليس عطائي في الدنيا إكراماً وليس منعي في الدنيا حرماناً عطائي ابتلاء وحرماني دواء، وليس منعي في الدنيا حرماناً عطائي ابتلاء وحرماني دواء، من هنا يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))

 

[ مسلم ]

 ابتغوا الرفعة عند الله.
 أيها الإخوة الكرام: مجتمع الدنيا فيه مقاييس وفيه قيم منتزعة من النظرة المادية للحياة فالغني محترم والقوي محترم والذكي محترم والوسيم محترم لأن طبيعة النفس تحب الجمال والكمال والنوال ولكن القرآن الكريم ما الذي اعتمد من القيم ؟ لم يعتمد إلا قيمتين وبهما يتفاضل الناس في القرآن الكريم يتفاضل الناس في الدنيا بأموالهم أو بقوتهم أو بذكائهم أو بوسامتهم أو بنسبهم بينما الخلق عند الله يتفاضلون بقيم القرآن بقيمتين القيمة الأولى قيمة العلم قال تعالى:

 

﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

 

[ سورة الزمر: الآية 9]

 والقيمة الثانية قيمة العمل قال تعالى:

 

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

 

[ سورة الأنعام: الآية 132]

 يعني حجمك عند الله لا بحجم مالك ولا نسبك ولا ذكائك ولا منصبك ولا قدرتك ولا قوتك ولا وسامتك ولا صحتك حجمك عند الله بحجم علمك وعملك الصالح قيمتان اثنتان لم يعتمد القرآن غيرهما قيمة العلم وقيمة العمل أما في الدنيا فمن أصبح آمناً في سربه بعض شراح الحديث قالوا أمن الإيمان تعرف إلى الواحد الديان و خضع له وأحبه وأقبل عليه وتوكل عليه وجعل همه رضوانه وجعل خوفه من سخطه قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)﴾

 

[ سورة الأنعام: الآية 71]

 هذا الذي تعرف إلى الله وأقبل عليه وتوكل عليه يهبه الله حالة أمن لا تقدر بثمن.
 والله أيها الإخوة الكرام: ما مر على المسلمين في تاريخهم المعاصر وقت هددوا وخوفوا كهذا الوقت فالأخطار من كل جانب أخطار خارجية جداً أخطار المرض وأخطار الرزق لذلك إذا أقبل الإنسان على الله عز وجل ميزه على كل الناس بنعمة لا تقدر بثمن إنها نعمة الأمن الآية قال تعالى:

 

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)﴾

 

[ سورة الأنعام: الآية 81]

 أي الذين:

 

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

 

[ سورة الأنعام: الآية 82]

 إذاً أكبر نعمة من نعم الله أن يهبك نعمة الأمن.
 أيها الإخوة الكرام:

(( عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

[ الترمذي، ابن ماجه ]

 أكبر نعمة من نعم الله أن يهبك الأمن.
 أيها الإخوة الكرام:

((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ))

 وأقصد بآمناً أمن الإيمان.

 

((مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.))

 ملك سأل وزيره من الملك ؟ ما هذا السؤال قال له أنت وهل من ملك إلا أنت قال لا الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا له رزق يكفيه وبيت يأويه وزوجة ترضيه إنه إذ عرفنا جهد في استرضائنا وإن عرفناه جهدنا في إحراجه.
 أقول لكم أيها الإخوة الكرام: في ظل الحرب العالمية الثالثة المعلنة على الإسلام في القارات الخمس إن لم تكن طرفاً في مؤامرة قذرة هدفها إفقار المسلمين أو إضلال المسلمين أو إفساد المسلمين أو إذلال المسلمين كما تسمعون وترون فيما يجري حولنا، إن لم تكن طرفاً في مؤامرة قذرة هدفها إضلالهم وإفسادهم وإفقارهم وإذلالهم فأنت من الفائزين الناجحين لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ))

[ البخاري، النسائي، أبو داود، ابن ماجه، أحمد ]

 وفي آخر الزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر وفي الحديث الصحيح:

(( عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قال قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))

[ مسلم، الترمذي، ابن ماجه، أحمد ]

 وإذا رأيت شحاً مطاعاً مادية مقيتة يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، إذا رأيت شحاً مطاعاً وهواً متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه، الشح المطاع المادية والهوى المتبع الجنس وإعجاب كل ذي رأي برأيه الكبر والشرك قال فالزم بيتك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.
 أيها الإخوة الكرام: إذا رجع المسلمون جميعاً إلى الله عز وجل لا بد من أن يتولاهم الله بالنصر والتأييد لأن زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين قال تعالى:

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 فإذا رجع الناس جميعاً إلى الله استخلفهم الله في الأرض وأقول لكم مرة ثانية زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمسلمين وهذه وعود خالق الكون، قال تعالى:

 

﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 فإن لم يرجع الناس إلى الله عندئذ لا يستخلفنهم الله، عندئذ لا يمكنهم في الأرض عندئذ لا يطمئنهم، ماذا تفعل أنت أيها المؤمن ؟ عد إلى الله وحدك فإذا عدت إلى الله وحدك أقول لك كلاماً دقيقاً لك معاملة خاصة فإن استطعت أن تعيد من حولك إلى الله فهذه بطولة ما بعدها بطولة وإن لم تستطع:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾

 

[ سورة الروم: الآية 41]

 وأصم الناس آذانهم عن سماع الحق عندئذ عد إلى الله وحدك، عندئذ تأتي آية كريمة من بعض معانيها قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾

 

[ سورة المائدة: الآية 105]

 عندئذ يأتي الحديث الشريف:

((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ))

[مسلم، أحمد، ابن ماجه ]

 إن أحسست بغربة فأنت على حق، لأن:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾

 

[ سورة الروم: الآية 41]

 أيها الإخوة الكرام: جزاكم الله خيراً على حضوركم، و على اهتمامكم، و أسأل الله جل جلاله أن يمكنني أن أنقل إليكم شيئاً ثميناً.
 أول آية على الإطلاق نزلت في القرآن الكريم:

 

﴿اقْرَأْ﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

 اقرأ أي اطلب العلم، اقرأ أي ابحث، اقرأ أي تعلم، اقرأ أي تأمل، اقرأ أي فكر، اقرأ أي تدبر، الإنسان أيها الأخوة أودع الله فيه قوة إدراكية، تميز بها عن بقية الحيوانات، و ما لم تلب هذه القوة الإدراكية هبط الإنسان من مستواه الإنساني الرفيع إلى مستوى لا يليق به، أي ما لم تطلب العلم فلست إنساناً، ما لم تبحث عن الحقيقة فلست إنساناً، لأن الله ميزك بهذه القوة الإدراكية، و الآيات التي تتحدث عن العلم و عن التفكر و عن التذكر في القرآن الكريم تقترب من ألف آية:

 

﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)﴾

 

[ سورة يس: الآية 68]

﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)﴾

[ سورة الأنعام: الآية 50]

﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)﴾

[ سورة يونس: الآية 3]

 لذلك أيها الإخوة: أول آية نزلت في القرآن الكريم اقرأ أي تعلم، لكن اقرأ واسعة، قد تقرأ في الكون، فالكون قرآن صامت، و قد تقرأ في القرآن، فالقرآن كون ناطق، وقد تقرأ في سنة النبي العدنان و سنة النبي عليه الصلاة والسلام بيان للقرآن.
 اقرأ واسعة جداً، اقرأ تشمل التفكر، اقرأ تشمل التدبر، اقرأ تشمل البحث و التأمل و الدرس، ما لم ينشأ رغبة عند الإنسان لمعرفة الحقيقة و لمعرفة الله و لمعرفة سر وجوده و غاية وجوده فليس من بني البشر، و ما من صفة تحطم الإنسان كالجهل، و أقول مرة ثانية و الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله فيه، و لكن لأنك قد تقرأ ما في الكون قراءة نفعية، قد تقرأ ما في الكون قراءة من أجل أن تغتني فقط، قد تقرأ ما في الكون قراءة من أجل أن تسيطر، قد تقرأ ما في الكون قراءة من أجل أن تبني مجدك على أنقاض الشعوب، قد تقرأ ما في الكون قراءة من أجل أن تبني غناك على فقرهم، معك أسلحة فتاكة، أسلحة كيماوية، و أسلحة جرثومية، و أسلحة دمار شامل، و قنابل عنقودية، و قنابل انشطارية، و قنابل ذكية، و طائرات الشبح، و أقمار صناعية و أشعة ليزرية، هذه كلها علم، هذا علم أيها الأخوة، لكن أصحابه قرؤوا ما في الكون و تعلموا هذا العلم ليبنوا مجدهم على أنقاض الآخرين، و ليبنوا حياتهم على موت الآخرين كما تشاهدون كل يوم، و ليبنوا غناهم على إفقار الآخرين، و ليبنوا أمنهم على خوف الآخرين، و ليبنوا عزهم على إذلال الآخرين، لأنه يمكن أن تقرأ قراءة شيطانية، لأنه يمكن أن تقرأ قراءة طغيانية، لأنه يمكن أن تقرأ قراءة عدوانية، حدد الله لك الهدف من القراءة قال:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

 جميع النشاطات العلمية من بحث و درس و تفكر و تأمل و تدبر و مطالعة و حضور درس و قراءة قرآن و قراءة حديث و مطالعة كتاب عقيدة، جميع النشاطات التعلمية ينبغي أن تكون في هدف واحد أن تؤمن بالله موجوداً و واحداً و كاملاً، صاحب الأسماء الحسنى و الصفات الفضلى، أن تؤمن بالله و اليوم الآخر و ملائكته و كتبه و القدر خيره و شره من الله تعالى، إذاً أول قراءة ينبغي أن تقرأها هي قراءة البحث و الإيمان:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

 إياك أن تتوهم أنه من أجل أن تؤمن يجب أن تركب مركبة فضائية، و تطير بها إلى الأجواء العليا ؟ لا، ذكرك الله بآية هي أقرب شيء إليك قال:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)﴾

 

[ سورة العلق ]

 الشبكية حجمها كحبة العدس فيها مئة و ثلاثون مليون عصية و مخروط، الآلات آلات التسجيل، آلات التصوير، أرقى آلة الآن بالسوق يقول لك ست ملايين نقطة في البوصة المربعة، الشبكية حجمها حجم حبة العدس أي ميلي و نصف مربع فيه مئة و ثلاثين مليون عصية و مخروط.
 العصب الشمي فيه عشرين مليون نهاية عصبية، و كل نهاية لها خمسة أهداب و كل هدب مغمس بمادة تتفاعل مع الرائحة و تشكل شكلاً هندسياً، هذا الشكل هو رمز الرائحة تشحن إلى الدماغ و تعرض على الذاكرة الشمية عشرة آلاف بند، فحيثما توافق الشكلان عرفت أن هذه رائحة الياسمين.

 

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾

 

[ سورة التين: الآية 4]

 برأس الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة تقريباً، لكل شعرة عضلة و عصب و وريد و شريان و غدة دهنية و غدة صبغية:

 

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾

 

[ سورة التين: الآية 4]

 أيها الأخوة: قلب الإنسان يضخ في عمر متوسط ما يملأ أكبر ناطحة سحاب في العالم، من دون كلل و لا ملل:

 

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾

 

[ سورة التين: الآية 4]

 ذاكرة الإنسان في دماغه أيضاً حجمها بحجم حبة العدس، فيها ستين مليار صورة تتسع ذاكرة الإنسان لستين مليار صورة في عمر متوسط، فالله عز وجل ذكرك بأن آية كبرى دالة على الله هي بين يديك، جسمك:

 

﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾

 

[ سورة الذاريات: الآية 21]

 دقق في الآية:

 

﴿اقْرَأْ﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

 أي تعلم، هدف التعليم اقرأ باسم ربك الذي خلق، أقرب آية إليك:

 

﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 2]

 هذه أول قراءة، قراءة البحث و الإيمان، العلم يجب أن ينتهي بك إلى الإيمان بالله موجوداً و واحداً و كاملاً، و إلى الإيمان باليوم الآخر، و إلى الإيمان بالقدر خيره و شره من الله تعالى،و إلى الإيمان بالملائكة، و إلى الإيمان بالكتب السماوية.
 إخوتنا الكرام: يوجد قراءة ثانية، القراءة الأولى قراءة البحث و الإيمان أما القراءة الثانية قراءة الشكر و العرفان من أين ؟ قال:

 

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 3]

 منحك نعمة الإيجاد:

 

﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1)﴾

 

[ سورة الإنسان: الآية 1]

 منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهدى و الرشاد، سخر لك ما في السماوات و الأرض، تسخير تعريف و تكريم.
إخوتنا الكرام: أي شيء خلقه الله عز وجل له وظيفتان وظيفة تعريفية و وظيفة نفعية، تقريباً الغرب حقق الوظيفة النفعية للكون، و المؤمنون و هم قلة ينبغي أن يحققوا الوظيفة التعلمية من الكون، مأخوذ هذا من قول النبي الكريم حينما رأى هلالاً قال:

 

(( عن قَتَادَةُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ......))

 

[ أبو داود ]

 القراءة الثانية قراءة الشكر و العرفان، دققوا في هذه الآية:

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)﴾

 

[ سورة النساء: الآية 147]

 أي حينما سخر الله لك الكون بنص القرآن الكريم و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً منه، حينما سخر الله لك الكون تسخير تعريف و تكريم، واجب التعريف أن تؤمن، و اجب التكريم أن تشكر، فإذا آمنت و شكرت حققت الهدف من وجودك، و إذا حققت الهدف من وجودك تتوقف المعالجة، الآية:

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 147]

 إن آمنتم و إن شكرتم حققتم الهدف من وجودكم، القراءة الثانية قراءة شكر و عرفان، القراءة الأولى قراءة بحث و إيمان، القراءة الثالثة لو أنك في جامعة تتأمل المباني، الحدائق، بيوت الطلبة، المدرجات، المكتبات، المطبخ، المدخل، جناح الإداريين، جناح الأساتذة، الحدائق الغناء، يمكن أن تستنبط آلاف الحقائق أن لهذه الجامعة إدارة راقية جداً، لهذه الجامعة إدارة خبيرة جداً، لهذه الجامعة إدارة على مستوى جمالي رفيع، مالية عالية جداً، هذا كله تستنبطه من التفكر، أنت إنسان دخلت إلى الجامعة تتفكر في الأبنية، في المختبرات، في المدرجات، في قاعات التدريس، في بيوت الطلبة، في الحدائق، في غرف المدرسين، في بناء الإدارة العامة، لكن مهما كنت ذكياً هل يمكنك من التفكر في أبنية الجامعة و في حدائقها و مدرجاتها أن تستنبط من هو مدير الجامعة ؟ مستحيل، و من هم عمداء الكليات ؟ و من هم أسماء الأساتذة ؟ و ما النظام الداخلي ؟ و ما شروط القبول ؟ و ما شروط النجاح ؟ هذا كله لا يمكن أن يأتي بالتفكر، لابد من أن تقرأ كتاب الجامعة، التقويم الجامعي، متى أسست ؟ من أتى على إدارته سابقاً ؟ كلياتها ؟ مجلس أمنائها ؟ نظامها الداخلي ؟ نظام النجاح و الرسوب ؟ نظام الانتقال ؟ شروط القبول ؟ هذه لا تأتي إلا بقراءة الكتاب، لذلك أنت بعقلك يمكن أن تؤمن بالله من خلال هذا الكون قطعاً، فالعقل مناط التكليف، و بعقلك يمكن أن تؤمن بهذا القرآن من خلال إعجازه، و بعقلك يمكن أن تؤمن برسول الله من خلال قرآنه، فعن طريق العقل تؤمن بالله و برسوله و بكتابه، و ينتهي دور العقل يأتي دور النقل، يأتي دور التقويم الجامعي الآن، الماضي السحيق ما كنت وقتها، ما كنت وقتها قبل خلق آدم، المستقبل البعيد، حقيقة الدار الآخرة، حقيقة الجنة، حقيقة النار، حقيقة الكون، حقيقة الحياة الدنيا، حقيقة الإنسان، مخلوقات لا نراها كالجن و الملائكة، هذه الموضوعات الغيبية لا يمكن أن نصل إليها بالتفكر، لا نصل إليها إلا بالإعلام، بالإخبار، لذلك القراءة الثالثة قراءة الوحي و الإذعان، الدليل:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)﴾

 

[ سورة العلق ]

 القراءة الثالثة:

 

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 5]

 الذي علمه الوحي مستحيل أن يصل إليه العقل:

 

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 5]

 صار أي بحث و أي درس و أي طلب علم، و أية قراءة كتاب، و أي حضور محاضرة، و أي سماع خطبة، يجب أن تنتهي بك هذه النشاطات جميعاً إلى الإيمان بالله، ثم إلى شكره، ثم إلى معرفة المغيبات عنك.
 كم قراءة ؟ قراءات ثلاث، أما القراءة الرابعة: قراءة الطغيان و العدوان، بعدها:

 

﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 6]

 السياق هنا سياق العلم، يطغى بالعلم، معنى السياق لو قلنا لشخص على طرف المسبح رش فلان، ما معنى رشه ؟ صبّ عليه الماء، و إذا قلنا لشخص في ساحة معركة رش فلان هذه الرشة غير هذه، الثانية قتل، الكلمة لها معنى سياقي و لها معنى سباحي و لها معنى لحاقي، الطغيان هنا طغيان العلم:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

 قراءة البحث و الإيمان.

 

﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)﴾

 

[ سورة العلق ]

 قراءة الشكر و العرفان.

 

﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 

[ سورة العلق ]

 قراءة الوحي و الإذعان هذه لا يوجد مناقشة، لا يوجد حوار، لا يوجد أدلة، دليل واحد هو صدق المخبر و الله عز وجل أصدق القائلين أخبرك عن الماضي السحيق و عن المستقبل البعيد و عن حقيقة الجنة و عن حقيقة النار و عن مخلوقات لا تراها كالملائكة و الجن و أخبرك عن حقيقة النبوة و الرسالة و عن تاريخ الشعوب و عن مصير الإنسان و عن سر وجوده و غاية وجوده و أخبرك عن ذاته العلية و أخبرك عن أنبياء الله السابقين، كل هذه المعلومات و الحقائق لا يمكن أن يأتي بها العقل إلا أن تأتيه خبراً صادقاً، لذلك ابحث في محاور ثلاثة:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 

[ سورة العلق: الآية 1]

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)﴾

[ سورة العلق: الآية 3]

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

[ سورة العلق: الآية 5]

 و إياك ثم إياك ثم إياك أن تقرأ قراءة الطغيان و العدوان:

 

﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾

 

[ سورة العلق ]

 من هذا الذي طغى و بغى و نسي المبتدى و المنتهى ؟ من هذا الذي نسي الجبار الأعلى ؟ من هذا الذي وصف بأنه أعور الدجال لا يرى إلا الدنيا و لا يرى إلا مصالحه فقط ؟ من هذا الذي عظم وجوده و ألغى الطرف الآخر ؟ قال هذه قراءة العدوان و الطغيان.
 تقريباً بمفهوم هذه القراءة قربها الله لنا بقصة عاد، عاد قبيلة أول شيء بالموضوع أن عاداً لها مثيلات، الدليل:

 

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى (50)﴾

 

[ سورة النجم: الآية 50]

 معنى ذلك أن هناك عاداً ثانية، إن قلت لك خذ الدفعة الأولى، كلامي يقيني أن هناك دفعة ثانية، قال تعالى:

 

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى (50)﴾

 

[ سورة النجم: الآية 50]

 إذاً هناك عاد ثانية، إذاً عاد ليست قبيلة وجدت و أهلكت، لا، نموذج من الطغيان، نموذج متكرر، يأتي في كل زمان، نموذج من تعلم الطغيان و العدوان، نموذج من قراءة الكون من أجل الطغيان و العدوان، و الدليل نموذج:

 

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى (50)﴾

 

[ سورة النجم: الآية 50]

 هذه عاد ماذا فعلت ؟ قال: عاد تفوقت في شتى الميادين لم يخلق مثلها في البلاد، متميزة:

 

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)﴾

 

[ سورة الفجر ]

 تفوقت في شتى الميادين أول صفة.
 الصفة الثانية: تفوقت في العمران، في المنشآت، في الأبنية الشاهقة، في الجسور، في الطرقات، في المطارات، في المصانع، في الترعات، في السدود، قال تعالى:

 

﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)﴾

 

[ سورة الشعراء ]

 تفوق شمولي، التفوق الثاني تفوق عمراني، حضاري، بنائي، تفوق منشآت.
 التفوق الثالث تفوق عسكري:

 

﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130)﴾

 

[ سورة الشعراء: الآية 130]

 التفوق الرابع تفوق علمي:

 

﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)﴾

 

[ سورة العنكبوت: الآية 38]

 من تفوق عام إلى تفوق بنائي عمراني إلى تفوق عسكري إلى تفوق علمي، ماذا فعلت عاد؟ قال:

 

﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)﴾

 

[ سورة الفجر ]

 طغوا، اعتدوا و أفسدوا، و لو تأملت أفعال الطغاة في الأرض لا تزيد أفعالهم عن قتل و تدمير و عن إفساد الأخلاق، فجهات في بلاد قوية مهمتها أن تقصف، و جهات أخرى مهمتها أن تفسد الأخلاق في العالم كله عن طريق الأفلام:

 

﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)﴾

 

[ سورة الفجر ]

 كيف أدبهم الله عز وجل ؟ شيء عجيب، أدبهم بالأعاصير قال:

 

﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)﴾

 

[ سورة الحاقة ]

 ماذا كان مصيرهم ؟ كان مصيرهم:

 

﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)﴾

 

[ سورة الفجر ]

 أيها الأخوة: الشيء الذي يلفت النظر أن عاداً في القرآن وقتها لم يكن فوقها إلا الله، الدليل:
 ما أهلك الله قوماً إلا و ذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكه قال:

 

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾

 

[ سورة فصلت: الآية 15]

 لذلك أيها الأخوة:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 139]

 و الله الذي لا إله إلا هو زوال الكون أهون على الله من أن يتخلى عن عباده المؤمنين:

 

﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)﴾

 

[ سورة الشعراء: الآية 61]

 بالعقل، بالعين لا يوجد أمل، فرعون بقوته المذهلة، بأسلحته الفتاكة، بحقده، بجبروته، بطغيانه، وراء سيدنا موسى و قلة من بني إسرائيل و البحر من أمامهم هل يوجد أمل ؟ الأمل صفر:

 

﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)﴾

 

[ سورة الشعراء ]

 إذاً النبي عليه الصلاة والسلام حينما هاجر و تبعه سراقة و قد وضع مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، تبعه سراقة ـ الآن دقق ـ دقق في ثقة رسول الله بنصر الله قال: يا سراقة كيف بك إذا لبست سوار كسرى ؟ ماذا يستنبط من هذا الكلام ؟ كلام سيد الخلق لا ينطق عن الهوى، أي أنا سأصل للمدينة و سأنشئ كياناً و سأحارب أكبر دولتين في العالم و سأنتصر عليهما و ستأتيني الغنائم إلى المدينة و يا سراقة لك سوار كسرى، و في عهد عمر جاءت غنائم كسرى و قال عمر أين سراقة ؟ فجاء سراقة و ألبسه سوار كسرى و قال بخ بخ أعيرابي من بني مدلج يلبس سوار كسرى ؟
 زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين:

 

﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 126]

﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾

[ سورة محمد: الآية 7]

 حقيقة ثانية أيها الأخوة تأكدوا منها، إن الله عز وجل إذا وجد قوة باغية ظالمة تريد أن تبني مجدها على أنقاض الشعوب و على حساب ثقافاتهم و دياناتهم و على حساب كرامتهم و على حساب أمنهم الله عز وجل يرخي لها الحبل إلى حين ثم يأخذها أخذ عزيز مقتدر، أي استمرار الطغيان في العالم مستحيل، لكن الله يرخي الحبل، لكن كيده متين، إخوانا الذين درسوا الفيزياء المتانة كمصطلح علمي مقاومة قوى الشد، و القساوة مقاومة قوى الضغط، فالفولاذ المضفور أمتن العناصر، و الألماس أقسى العناصر، الألماس يتحمل قوى الضغط، الإسمنت السنتمتر مكعب يحمل خمسمائة و خمسين كيلو و لا يتفتت، لكنك إذا شددته يكسر على خمسة كيلو، الإسمنت يحتاج إلى حديد يقول لك إسمنت مسلح، لأن الإسمنت قوى تحمل الضغط عالية جداً، أما تحمل الشد ضعيف جداً، أمتن عنصر في الأرض الفولاذ المضفور، المصاعد فولاذ مضفور، الجسور العملاقة المعلقة باستنبول، بسان فرانسيسكو فولاذ مضفور، التلفريك فولاذ مضفو، الآن أقصى أنواع حفارات البترول ألماس، قوى الضغط ألماس، قوى الشد فولاذ، الله عز وجل قال:

 

﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)﴾

 

[ سورة الأعراف: الآية 183]

 أي هذا القول مربوط بحبل لا يقطع إطلاقاً، في أية لحظة هو في قبضة الله، بصراحة إذا كان أمامك وحش مخيف مربوط بحبل متين بيد إنسان حكيم و قوي و عادل و رحيم أنت علاقتك مع الوحش أم مع الذي يملك زمام الوحش ؟ مع الذي يملك زمام الوحش، إن أرضيته أبعده عنك، و إن عصيته أرخى له الحبل فنهش لحمك.
 الدليل: الآية:

 

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾

 

[ سورة هود ]

 و حيثما وردت كلمة على في القرآن الكريم مع لفظ الجلالة أي أن الله ألزم نفسه بالاستقامة، إلزام ذاتي، إذاً:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 139]

 معنى آخر أيها الإخوة: المعية في القرآن معيتان معية عامة و معية خاصة، فالمعية العامة معية العلم فقط:

 

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

 

[ سورة الحديد: الآية 4]

 مع الكافر، مع الملحد، مع الفاسق، مع المجرم، معه بعلمه، أما المعية الخاصة فهي معية التوفيق و معية الحفظ و معية النصر و معية التأييد:

 

﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)﴾

 

[ سورة الأنفال: 19]

 إن الله مع الصادقين، إن الله مع التائبين.
 هذه المعية الخاصة، أنا أريد كلمة يمكن للإنسان المسلم أن يهزم من خارجه لكن الخطورة أن يهزم من داخله، قال تعالى:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 139]

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا﴾

[ سورة آل عمران: الآية 146]

 إخوانا الكرام: أقول لكم كلمة دققوا فيها: إذا أوكل الله عباده إلى غيره لا يستحق أن نعبده، متى أمرك أن تعبده ؟ حينما طمأنك قال لك:

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾

 

[ سورة هود: الآية 123]

 ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك، أن الأمر كله عائد إليه:

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾

 

[ سورة هود: الآية 123]

 فيا أيها الإخوة الكرام: المسلمون يمرون بظرف صعب، يمرون بشدة و الله لم يسبق لها مثيل، قد تقول نحن في هذا البلد الطيب ما أصابنا شيء هذا كلام صحيح، و لكنك أنت مسلم من علامات إسلامك أنك تحمل هم المسلمين، فيما حولك كل يوم ترى القتل و الدمار و هدم البيوت و قتل الصغار و قتل الأبرياء و قد ذكر في بعض الأحاديث أنه من علامات آخر الزمان موت كعقاص الغنم، كوباء يصيب الغنم، لا يدري القاتل لما يقتل و لا المقتول فيما قتل، و مما ورد في بعض هذه الأحاديث أنه: يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى و لا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه و إن سكت استباحوه.
 مرّ على المسلمين شدة و الله لم يسبق لها مثيل، لكن الرجاء الأكبر أن تكون شَدَة إلى الله، نستحق بعدها التمكين في الأرض و نستحق الاستخلاف و نستحق التطمين.
 و مرّ بالأمة الإسلامية محنة ما بعدها محنة أسأل الله أن تكون منحة من الله وحده لا شرقية و لا غريبة، و لكنها علوية سماوية.
 أيها الإخوة: الذي أتمنى عليكم أن يكون واضحاً لكم أن هناك قراءة إيمانية، قراءة بحث و إيمان، و أن هناك قراءة شكر و عرفان، و أن هناك قراءة وحي و إذعان، هذه قراءات المؤمن، و أنه هناك قراءة طغيان و عدوان، هذه قراءة الكافر، لكن قد يقول أحدكم هل ندع قراءة التقوي ؟ هل ندع قراءة القوة التي برع بها أعداؤنا ؟ أقول لك اقرأ قوله تعالى:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾

 

[ سورة الأنفال: الآية 60]

 أنت كمؤمن إضافة إلى قراءة الإيمان و إلى قراءة الشكر و العرفان و إلى قراءة الوحي و الإذعان أنت مطالب أن تقرأ قراءة كسب للقوة، و لكن لا من أجل العدوان بل من أجل الدفاع عن الدين.
 المؤمن القوي خير و أحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف لذلك أيها الأخوة هناك جهاد بنائي، هناك جهاد قتالي معروف يتاح أحياناً و لا يتاح أحياناً، هناك جهاد النفس و الهوى، أنا أعتقد و معي دليل أن أعظم جهاد هو جهاد النفس و الهوى لأن المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يقابل نملة، و يأتي بعده جهاد البناء، كل منا في موقعه ينبغي أن يتقن عمله و أن يطوره كي يقوي به المسلمين، فإن لم يستطع أن يقويه باختصاصه فليخفف عنهم مما أصابهم، أي ماذا قالت امرأة عمران ؟

 

﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 35]

 أليس عندك شيء تقدمه لله ؟ تتقن اللغة الإنكليزية، ترجم أشياء إسلامية راقية جداً إلى هذه اللغة، أنت وضعت لبنة في بناء الدعوة إلى الله، معك المال و الموضوع الدقيق الذي أذكره كثيراً عبادة الهوية، أنت غني أول عبادة لك إنفاق المال، أنت قوي أول عبادة هي إنصاف الضعيف، أنت عالم أول عبادة تعليم العلم، أنت عندك أخ مريض أول عبادة مداواة المريض، هذا عبادة الظرف، عندك ضيف أول عبادة إكرام الضيف، عندك ولد في الامتحان أول عبادة تهيئة الجو لهذا الطفل لينجح في امتحانه.
 العبادة الثالثة عبادة الوقت: وقت الفجر وقت صلاة و ذكر و قرآن، النهار وقت عمل و كسب مشروع، هناك عبادة العصر: إذا كان أعداء المسلمين هدفهم إفقار المسلمين فالعبادة الأولى كسب المال الحلال و إنفاقه في مصالح المسلمين، و إذا كان أعداء المسلمين هدفهم إذلال المسلمين فالرد على افتراءات أعداء الإسلام و توضيح الحق و تعزيزه أول عبادة، و إذا كان الهدف إفساد المسلمين فتحصين الشباب و إبعادهم عن مذلات الهوى و الانحراف أول عبادة.
 فلذلك أيها الأخوة: كلمة أخيرة أقولها لكم و الله دقيقة جداً: إن صح التعبير إذا وجد ساحة ساحة القيم و المبادئ، يوجد ساحات القوى، يوجد ساحات الغنى، يوجد ساحات الاقتصاد، أنا أسمي هذه الساحة ساحة المبادئ و القيم.
 قبل خمسين سنة أو أربعين سنة كان هناك كتل ثلاث، كتلة شرقية و كتلة غربية و الإسلام، أي يوجد قيم و مبادئ أساسها من رفع شعار لا إله الشرق، أي نظام الجماعة على حساب الفرد و يوجد كتلة قيم غربية، نظام الفرد على حساب الجماعة، الذين قالوا ثقتنا بالله على دولارهم هاتان هم الكتلتان، و يوجد الإسلام، ما الذي حصل ؟ الكتلة الأولى تداعت من الداخل:

 

﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾

 

[ سورة الأحزاب: الآية 25]

 الفئة الأولى التي رفعت شعار لا إله تداعت من الداخل، ماذا بقي، قبل ثلاث سنوات قيم الغرب و قيم الإسلام، مبادئ الغرب و مبادئ الإسلام، بعد الحادي عشر من أيلول الغرب كحضارة سقط، بقي قوة واحدة أليس كذلك ؟ أي طرح الحرية، طرح العدالة، طرح المساواة، طرح تكافؤ الفرص، طرح العلمانية، احترام جميع الأديان، هكذا معناها عندهم، طرح حقوق الإنسان، الغرب غني و قوي و ذكي، بلاده كالجنة، و طرح قيم رائعة فخطف أبصار أهل الأرض، و صار كل شخص في الأرض طموحه أن يأخذ هذه البطاقة الخضراء، بعد الحادي عشر من أيلول الغرب كحضارة و كقيم سقط في الوحل و بقي قوة غاشمة أليس كذلك ؟ ماذا بقي على ساحة القيم و المبادئ ؟ قيم الإسلام وحده.
 و الله أيها الأخوة فرصة ما بعدها فرصة، لم يعد هناك منافس أبداً، كان الغرب أكبر منافس للدين، الإنسان محترم جداً هناك، الإسلام مكرم، الإسلام مرفه، له حقوق يقاضي من يشاء، الآن لا يوجد شيء من هذا، الآن القوم سقطوا في وحل سفك الدماء و وحل مداهمة البيوت، و وحل الاعتقال العشوائي كما تسمعون في العراق و في فلسطين.
<

تحميل النص

إخفاء الصور