وضع داكن
29-03-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 47 - الباب - الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.....
 إنني أيها الأخوة: أشكر لكم هذه الدعوة من أعماقي، فإذا دلت على شيء فعلى حسن ظنكم بي، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعاً بهذا العلم، فكل علم ممتع، لكن من العلوم ما هو علم ممتع ونافع، بل من العلوم ما هو علم ممتع ونافع ومسعد في الدنيا والآخرة، وكما أن فضل كتاب الله على ما يؤلفه البشر كفضل الله على خلقه.
 أيها الأخوة الكرام: شيء كبير ثابت لا يستطيع أحد إلا أن يخضع إليه، هذا الكون الذي أمامنا شمس وقمر وجبال ووديان وأنهار وأطيار وأسماك، هذا الكون ينطق بوجود إله عظيم وبكماله وبوحدانيته، وهناك مسلمة نحتاجها الآن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، فما دام هذا الكون ينطق عن إبداع وعن عظمة وحكمة وعلم وقدرة ورحمة ولطف فلا بد من أن يكون هذا الذي خلق الكون يريد من عباده أن يسعدهم، وقد وردت آية تقول:

﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

(سورة هود)

 خلقهم ليسعدهم، وقد يقول أحدهم ماذا بهذه المصائب التي تطرأ على العالم الإسلامي؟ أرأيتم إلى المركبة ما علة سيرها ؟ السير وفيها مكابح، والمكابح في الظاهر تتناقض مع علة صنعها، ولكنها ضمان لسلامتها، الآية الدقيقة جداً: يقول الله عز وجل:

 

﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

 

(سورة القصص)

 هذا الذي يجري في العالم الإسلامي يجب أن نفهمه فهماً إيجابياً، إنها رسالة من الله من أجل التغيير.

 

﴿إن اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(سورة الرعد)

 وقد يغيب عن المسلمين أن التغيير الذي يعد سبباً لتغير الله ينبغي أن يبدأ من الداخل.

 

﴿إن اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 فحينما نوقن أن هذا الذي يجري رسالة من الله فمن أجل أن نغير، إن لم نغير الله لا يغير.
 فكمال الخلق يدل على كمال التصرف، خلق الله كمال البشر ليسعدهم، لكنه أودع فيهم الشهوات ليرقوا بها إلى رب الأرض والسماوات ليرقوا بها مرة صابرين ومرة شاكرين، ولكن الإنسان قد يغفل عن رسالته في الحياة وعن علة وجوده وعن التكليف الذي كلف به، وقد يغفل عن أن الله خلقه لجنه عرضها السماوات والأرض، لا بد لهذا الإله العظيم من أن يذكر عباده، فكانت بعثة الأنبياء والرسل، ولكن يأتي إنسان يحمل منهج الله افعل ولا تفعل، يأتي إنسان يقول أنا رسول الله.
 ما رد الفعل الطبيعي لمن تفلت من منهج الله ؟ وانساق وراء شهواته.
 رد الفعل الطبيعي أن يكذب هذا الرسول، وقال الذين كفروا لست مرسلاً !
 كيف يشهد الله لهذا الإنسان الذي أرسله ليبين للناس علة وجودهم وغاية وجودهم، كيف يشهد الله له ؟ لا بد من أن يجري على يده خرقاً للعادات والنواميس ولما ألفه الناس فهي المعجزات التي تشهد لهذا الإنسان أنه رسول الله، هي التي تشهد للبشر المعرضين التائهين الشاردين أنه هذا الذي يدعوهم إلى الله هو رسول الله، لذلك كانت معجزات الأنبياء السابقين حسية لأن الله سبحانه وتعالى أرسل لكل قوم هاد، لكل قوم نبي خاص بهم، فالمعجزة محصورة في هؤلاء القوم، وهي كعود الثقاب تتألق مرة ثم تنطفئ، فتغدو خبراً يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه، ولكن لأن الله علم بسابق علمه أن الأرض ستغدو كما هي الآن قرية أو بيتاً أو غرفة أو سطح مكتب، لذلك كانت بعثة النبي عليه الصلاة والسلام خاتمة البعثات وكان النبي خاتم الأنبياء وكان القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية.
 الأنبياء السابقون كلفوا بحفظ ما أنزل إليهم بما استحفظوا فيه، والتكليف يطاع أو لا يطاع لله أمران أمر تكليفي وأمر تكويني، والكتب السماوية السابقة حفظت بأمر تكليفي، الأنبياء أدوا هذا الأمر لكن أتباعهم لم يحفظوا هذا الأمر، لكن القرآن الكريم لأنه هو المعجزة تولى الله حفظه بأمر تكويني.

 

 

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)﴾

 

(سورة الحجر)

 ولأن القرآن الكريم لنهاية الدوران ولكل الأمم والشعوب:

 

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾

 

(سورة الأنبياء)

 كانت معجزة حفظه بأمر تكويني، معجزة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة هي العصى والكتاب هو التوراة، ومعجزة سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام هي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والكتاب الذي جاء به الإنجيل، لكن معجزة النبي عليه الصلاة والسلام ليست معجزة حسية بل هي معجزة علمية، ففي القرآن الكريم ألف وثلاثمائة آية تتحدث عن الكون، هذه الآيات ما معنى أنها آيات الإعجاز ؟ لا يمكن لعقل أن يصدق أن يستطيع البشر وقت نزول الوحي أن يعرفوا معنى هذه الآيات، هذا الذي حمل الإمام علي رضي الله عنه على أن يقول في القرآن آيات لما تفسر بعد، نحن أمام قرآن كريم فيه إشارات علمية تزيد عن ألف وثلاثمائة إشارة إلى السماوات والأرض إلى الجبال والأنهار والبحار والبحيرات والمياه والأطيار والأسماك وخلق الإنسان، وهذه الإشارات لا يمكن لعقل أن يصدق أن يستطيع الناس وقت نزول الوحي أن يعرفوها، عرفت الآن !!! لذلك قال تعالى:

 

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

 

(سورة فصلت)

 أيها الأخوة الكرام: آية تقول:

 

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا﴾

 

(سورة الطلاق)

 هذه اللام لام التعليل أي أن علة خلق السماوات والأرض أن يعلم.

 

﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) ﴾

 

(سورة الطلاق)

 قد يسأل سائل لماذا اختار الله من بين كل أسمائه الحسنى اسمين فقط العليم والقدير ؟ ذلك لأن الإنسان إذا أيقن أن علم الله يطوله وقدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه.
 مثل من واقع حياتك تقف على الإشارة الحمراء في مركبتك والشرطي واقف وضابط السير واقف، وواضع نظام السير يطولك علمه من خلال هذا الشرطي وتطولك قدرته من خلال حجز المركبة وسحب الأوراق، لا يمكن أن تعصيه، لكن تعصيه أحياناً في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل لأن علم واضع القانون لا يطولك وتعصيه أحياناً إذا كنت أقوى منه لأن قدرتك لا تطوله، أما إذا كنت إنساناً عادياً وعلمه وقدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه.

 

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) ﴾

 أيها الأخوة الكرام: انسجاماً مع الآية الكريمة:

 

 

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

 ولنبدأ بالآفاق يقول الله عز وجل:

 

 

﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)﴾

 

(سورة السجدة)

 حار علماء التفسير ما معنى هذه الآية ؟ ما معنى أن يكون اليوم كألف سنة ؟ لكن في مؤتمر الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة الخامس الذي عقد في موسكو طرح موضوع عندي أصله وسأقدم لكم ملخصه:
 القمر يدور حول الأرض دورة كل شهر، لو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر ووصلنا بينهما بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، ومعرفة طول هذا الخط سهل جداً نصف قطر الأرض مع نصف قطر القمر مع المسافة بينهما، لو ضربنا هذا الرقم باثنين لكان القطر، لو ضربنا بالبي فاصلة 14 لكان المحيط، لو ضربناه باثني عشر لكان ما يقطعه القمر في عام لو ضربناه بألف لكان ما يقطعه القمر حول الأرض في ألف عام !! نحن أمام رقم ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام.

 

﴿وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾

 

(سورة الحج)

 اليوم كم ثانية ؟ ستين ضرب ستين ضرب أربعة وعشرين، لو قسمنا المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم لكانت سرعة ضوئية التي جاء بها أنشتاين الذي يصفه بعض العلماء بأنه أعلم علماء الفيزياء في الأرض، هذه النظرية النسبية قلبت معظم المفاهيم وتقول: أن كل شيء سار بسرعة الضوء أصبح ضوءاً، وأن الشيء إذا سبق الضوء تراجع الزمن، فبإمكاننا افتراضاً إذا سبقنا الضوء أن نرى موقعة اليرموك رأي العين لأن هذه الموقعة خرجت منها موجات ضوئية إلى الفضاء الخارجي فإذا سبقنا الضوء رأينا هذه الموقعة وتراجع الزمن، وإذا قصرنا عن الضوء تراخى الزمن، وإذا سرنا مع الضوء توقف الزمن.
 أيها الأخوة: ألفنا أن سرعة الضوء ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية، هذه سرعة تقريبية، السرعة الحقيقية مائتان وتسع وتسعون ألف وتسعمائة واثنان وسبعون ! لو قسمنا ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم لكانت سرعة الضوء الدقيقة، هذه نظرية أنشتاين وردت في آية قرآنية.
 أيها الأخوة: أي أن ما يقطعه القمر حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد هذه واحدة.

 

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

 المرأة حينما تلد ينزل مع الجنين قرص لحمي يسمى عند الأطباء المشيمة وعند عامة الناس الخلاص، والله في هذا القرص من دلائل عظمة الله ما لا يصدق هذا القرص تجتمع فيه دورة دم الأم مع دورة دم الجنين، ولدورة الأم زمرة ولدورة دم الجنين زمرة ولا يختلطان، لو أن امرأة على وجه الولادة أعطيناها دماً من زمرة غير زمرتها لماتت فوراً بانحلال الدم يجتمع في هذا القرص المشيمة دم الجنين ودم الأم ولا يختلطان، بينهما غشاء سماه الأطباء الغشاء العاقل لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها أطباء الأرض مجتمعين ولو أوكلت وظيفة هذا الغشاء العاقل لأكبر طبيب في الأرض لمات الجنين في ساعة واحدة ! ماذا يفعل هذا الغشاء ؟ هذا الغشاء يأخذ من دم الأم الأوكسجين ويطرحه في دم الجنين لكن الأوكسجين لا يحرق السكر إلا بوساطة الأنسولين، لذلك يقوم الغشاء العاقل بوظيفة جهاز التنفس بنقل الأوكسجين إلى الجنين ثم يقوم الجهاز العاقل بوظيفة البنكرياس بنقل الأنسولين للجنين ليحترق السكر بدرجة سبعة وثلاثين ثم يأخذ الغشاء العاقل من دم الأم مناعتها، جميع اللقاحات التي تلقحت بها في صغرها حتى الولادة وجميع الأمراض التي أورثتها مناعة معينة يأخذ عوامل مناعة الأم من دم الأم ويأخذها ليطرحها في دم الجنين فيكتسب الجنين مناعة أمه، ثم إن هذا الغشاء العاقل لا يسمح لأية مادة سامة أن تعبر للجنين حفاظاً عليه، ثم عن هذا الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم كل العناصر الغذائية من مواد بروتينية إلى مواد دهنية إلى سكريات إلى معادن إلى أشباه معادن لكن العظمة أن هذه النسب تتبدل يومياً بحسب حاجة الجنين ولا يستطيع إنسان على وجه الأرض أن يعرف ماذا يحتاج الجنين، ولا يستطيع إنسان على سطح الأرض أن يلبي حاجة الجنين هذا الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم جميع العناصر الغذائية بنسب دقيقة جداً محسوبة بعناية فائقة ويطرحها في دم الجنين، فهو يقوم مكان جهاز الهضم.
 الآن هذه المواد البروتينية جرى عليها استقلاب وأسمرت حمض البول في دم الجنين وهذه المواد السكرية جرى عليها احتراق أسمرت ثاني أو كسيد الكربون يأتي الغشاء العاقل ويأخذ حمض البول من دم الجنين يطرحه في دم الأم كي يطرح عبر كليتيها، والغشاء العاقل يأخذ ثاني أو كسيد الكربون من دم الجنين ليطرحه في دم الأم كي يخرج عبر جهاز التنفس، هذا الغشاء يقوم بدور الكليتين وجهاز التنفس.

 

 

﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾

 

(سورة لقمان)

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) ﴾

(سورة البلد)

 أيها الأخوة: إذا قلنا إعجاز نقصد به الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، فالنبي عليه الصلاة والسلام أعطانا توجيهاً أن نذبح الدابة من أوداجها فقط دون أن نقطع رأسها، ولا يمكن أن يوجد في الأرض في كل بقاع الأرض وقت نزول الوحي وبعثة النبي مركز علمي يستطيع تفسير حكمة أن نذبح الدابة من أوداجها دون أن نقطع رأسها، الآن المسالخ بالعالم تعلق الدابة من أرجلها ويقطع رأسها كله، لكن النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نقطع أوداج الدابة دون أن نفصل رأسها ولا بعد مائة عام هناك في الأرض مركز علمي يستطيع تفسير هذا التوجيه.
 بالمناسبة أيها الأخوة: توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام ليست من خبرته ولا من بيئته ولا من معطيات عصره ولا من ثقافته ولا من اجتهاده إن هي إلى وحي يوحى.

 

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ﴾

 

(سورة النجم)

 ولا تجدوا بعد ألف عام أو أكثر أي مركز علمي يفسر هذا التوجيه، قبل سنوات عددية قبل عقدين من الزمن اكتشف أن القلب لأنه جهاز خطير جداً تتوقف عليه الحياة يتلقى أمراً بالنبض من ذاته ليس له علاقة بالشبكة الكهربائية العامة عنده مولد كهربائي ذاتي، ويوجد بعض الأشخاص يضطرب نظم قلبهم فيضعون له بطارية، القلب عنده مركز توليد كهرباء ذاتي فإذا تعطل هناك مركز آخر يحل محله وإذا تعطل هناك مركز ثالث يحلب محل الثاني ثلاث مراكز كهربائية الأول يعمل وحده والثاني يعمل والثالث احتياطيان للأول، إلا أن هذا المركز يعطي أمراً بالنبض النظامي ثمانين نبضة في الدقيقة فقط، الإنسان حينما يصعد درجاً أو يواجه عدواً أو يضطرب لو عددنا نبض قلبه لارتفع للمائة والثمانين، الآن أدعكم قليلاً لأشرح هذه الفكرة الثانية:
 الإنسان إذا مشى في بستان ورأى أفعى ماذا يحدث ؟

 

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾

 تنطبع صورة الأفعى على شبكية العين إحساساً ثم تنتقل للدماغ إدراكاً، بالدماغ يوجد مفهومات سمع من جدته قصة عن الأفعى ساهمت في مفهوم الأفعى درس في كتاب العلوم درساً عن الأفاعي والثعابين ساهمت هذه المعلومات في تكوين الأفعى رأى أفعى في قطرميز في متحف هذا كله ساهم في تشكيل ما يسمى بالأفعى، فالشبكية تحس بصورة الأفعى لكن الدماغ يدرك حقيقة هذا الشيء، إن لدغة الأفعى قاتلة ما الذي يحدث ؟ الإنسان عنده جهاز عصبي ملكه الدماغ وعنده جهاز هرموني ملكته الغدة النخامية، الغدة النخامية وزنها نصف غرام تفرز اثنا عشر هرمون، كل هرمون لو تعطل إفرازه لأصبح حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، هرمون الجنس هرمن النمو لو قصر هذا الهرمون لتقزم الإنسان لو زاد لتعملق الإنسان، لو قصر هرمون الجنس لن تظهر الصفات الجنسية لا في الذكور ولا في الإناث شيء خطير جداً وزن هذه الغدة نصف غرام !!! الغدة النخامية ملكة النظام الهرموني والدماغ ملك النظام العصبي، الملك يلتمس من الملكة أن تواجه الخطر في أفعى، ماذا تفعل هذه الغدة ؟ توجه أمراً هرمونياً إلى غدة الكظر كي تواجه الخطر، ماذا تفعل غدة الكظر ؟ ترسل أمراً استثنائياً إلى القلب برفع النبض، إذا أسرع القلب في النبض أسرع الدم في الأوعية ولبى حاجة الخائف، الكظر يرسل أمر آخر إلى الرئتين لتزيد في وجيبيهما، حتى التنفس يتناسب مع مد القلب السريع، الخائف له لون وردي ليس بحاجة له هو بحاجة للدم، فالكظر يرسل أمر ثالث إلى الأوعية المحيطية تضيق لمعتها فيصفر لونه، الخائف لو عددنا نبض قلبه فوق المائة والثمانين ووجيب رئتيه يتضاعف ويصفر لونه، الخائف قد يتلقى ضربة بسكين لئلا يسيل دمه كله يرسل الكظر أمر للكبد بإرسال هرمون التجلط، ثم الكظر يرسل أمر للكبد بطرح كمية سكر إضافية للدم رفع نبض القلب وازدياد وجيب للرئتين وأمر الأوعية بالانقباض ثم طرح كمية سكر زائدة ثم طرح هرمون التجلط هذا يتم بثواني !!!
 نعود لحكمة قطع أوداج الدابة، الدابة حينما تذبح مهمة القلب أن يفرغ الدم كله إلى خارج الدابة، لو بقي القلب على الأمر الذاتي النظامي لأخرج ربع الدم فقط، أما إذا بقي الرأس مفصولاً عمل الأمر الاستثنائي الذي ينطلق من الرأس إلى الكظر إلى القلب، فنبض قلب الذبيحة مائة وثمانين نبضة فأخرج الدم كله منها، وهذه تزكية الذبيحة، لو قطع الرأس ما خرج إلا ربع الدم، أما إذا بقي الرأس موصول بالجسد وبقي الأمر الاستثنائي الصادر عن الغدة النخامية إلى الكظر إلى القلب لخرج الدم كله، هذا ليس من ثقافة النبي ولا من بيئة النبي ولا من اجتهاده.

 

 

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ﴾

 هذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام.
 أيها الأخوة: العصب الشمي ينتهي بعشرين مليون نهاية، وكل عصب فرعي ينتهي بسبع أهداب وكل هدب مغطى بمادة لزجة تتفاعل مع الرائحة فيتكون شكل، قد يكون موشور أسطواني مكعب كرة كل رائحة لها رمز، هذا الرمز يتشكل من تفاعل المادة اللزجة على الأهداب التي تنتهي بها الأعصاب الشمية مع الرائحة هذا الرمز يشحن إلى الدماغ، يعرض على الذاكرة الشمية فيها عشرة آلاف رمز، فحينما توافق الرمزان عرفت أن هذه رائحة الياسمين ! أو نعنع وهذه الأكلة فيها كمون، كيف تعرف الروائح ؟ بهذه الطريقة.

 

 

﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

 

(سورة النمل)

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) ﴾

(سورة التين)

 أيها الأخوة: من منكم يصدق أن في نقي العظام معمل أخطر معمل في جسم الإنسان ؟ هذا المعمل يولد الكريات الحمراء هذا يصنع في كل ثانية اثنان ونصف كرية حمراء، وهذا المصنع أحياناً يتوقف عن العمل وحتى هذه الساعة لا يعلم الطب لماذا يتوقف ؟ المرض يسمى فقر دم لا مصل، يكف هذا المعمل عن صنع الكريات الحمراء.
 في أحاديث كثيرة عن النبي عليه الصلاة والسلام يأمرون بالحجامة، ما هي الحجامة ؟ إنقاص للدم عثرت على بحث علمي من إنتاج الغربيين أنه هذا المعمل الخطير جداً صيانته بنقص الدم المنتظم الحجامة، فالذي يفعل الحجامة توجيهاً لأمر النبي عليه الصلاة والسلام يسعى للحفاظ على هذا المعمل الخطير معمل كريات الدم الحمراء التي تصنع في الثانية الواحدة اثنان ونصف كرية حمراء !! وفي الثانية الواحدة يموت اثنان ونصف كرية حمراء هذه تذهب إلى مقبرة اسمها الطحال، فالطحال مقبرة الكريات الحمراء، والاقتصاد قمة، هذه الكريات لا تطرح ميتة بل تحلل إلى مكوناتها حديد الذي يذهب لنقي العظام وهيموغلوبين الذي يشكل الصفراء ليعاد تصنيعه، الاقتصاد قمة.....
 أيها الأخوة: أخطر جهاز هو الدماغ فيه كرة عظمية بينه وبينها سائل لامتصاص الصدمات، أخطر عضو في الإنسان القلب في القفص الصدري، أخطر معمل معمل صنع الكريات الحمراء في نقي العظام، أخطر حبل النخاع الشوكي في سلسلة الظهر الجنين في عظم الحوض، هذا القرار المكين العين في المحشر الدماغ في الجمجمة القلب في الصدر الرحم في الحوض، معمل كريات الدم الحمراء في معمل نقي العظام، هذا صنع الله عز وجل، ومن عظمة الله تبدو هذه الآيات.
 أيها الأخوة الكرام: الإنسان قد يذهب لبلاد في الشمال أقل درجة حرارة سجلت هناك سبعين تحت الصفر في اسكندنافية وفي الدائرة القطبية وهناك أناس يعيشون أنت في جو سبعين درجة تحت الصفر ترتدي قبعة وقفازات وجوارب صوفية وحذاء مغلف بالفرو وألبسة داخلية صوفية وكنزات ومعطف، ماذا تفعل بعينيك ؟ إنها تلامس جو سبعين تحت الصفر هل تغمض عينيك كيف تمشي في الطريق وفي العين ماء والماء يتجمد درجة الصفر الماء يلامس بعين تحت الصفر أودع الله في ماء العين مادة مضادة للتجمد.

 

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) ﴾

 

(سورة الطلاق)

 هل تصدقون أن الرجل يفرز في اللقاء الزوجي من ثلاثمائة مليون إلى خمسمائة مليون حوين ! والبويضة تحتاج إلى واحدة.
 من الذي أخبر النبي فقال:

((ما من كل الماء يكون الولد.))

 الآن أيها الأخوة: بعد أن وضعنا في بقاع الأرض جهاز قياس الأمطار أنتم تستمعون عقب الأخبار إلى نسب الأمطار في الأرض، فكل مركز ثلاثة وثلاثية ميلي فرضاً في مركز قياس المطر، الشيء الذي لا يصدق أن حجم الهطل المطر في كل بلد وكل قارة وفي الأرض كلها لا يزيد ولا ينقص على مدى الأعوام والقرون والعقب !! ولكن هذه الكمية تتوزع كثافتها من مكان إلى آخر، هذا متى عرفناه ؟ بعد أن اكتشفنا مقاييس المطر وتواصلنا وصار هناك جمعيات جغرافية، الآن ثبت علمياً أن كمية التهطال المطري في الأرض لا تزيد ولا تنقص أبداً من أخبر النبي الكريم قبل ألف وأربعمائة عام أنه ما عام بأمطر من عام ؟ هذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام.
 أيها الأخوة: هذه السمكة لماذا لا نذبحها نذبح الخروف فقط وقد يعترض معترض هل دينكم مبني على العلم أم على الخرافة، إن كان لا بد من ذبح الخروف لما لا تذبح السمكة ؟ الحقيقة المذهلة أن السمكة إذا اصطيدت انتقل دمها كله لغلاصمها وكأنها ذبحت ! هذه السمكة قد تجدون خطاً منحنياً في ثلثها الأعلى ما هذا الخط ؟ هذا الخط مقياس الضغط، كلما هبطت في أعماق البحر ازداد الضغط على هذا الأنبوب فعلمت أين هي من سطح البحر !
 بالمناسبة قبل عشر أعوام أكبر غواصة فرنسية تحطمت بسبب تعطل جهاز الارتفاع، فغاصت أكثر من مائتين متر فتحطمت، وقبل سنتين أو ثلاثة غواصة روسية أيضاً تحطمت لتعطل هذا الجهاز ؟ أما السمكة معها أنبوب مفرغ من الهواء يشعرها في أية لحظة أين هي من سطح البحر، في جهاز أدق من ذلك: هل تعلم السمكة أن ظهرها نحو سطح البحر أم نحو قاع البحر كيف تعلم ؟ الماء محيط بها من كل جانب أودع الله فيها جراب في أسفله أعصاب حساسة جداً وفي حبات من الكالسيوم في أسفل هذا الجراب فما دامت هذه الحبات تتحسسها هذه الأعصاب فظهرها نحو الأعلى، فإذا قبضت هكذا وحبات الكالسيوم انتقلت إلى عكس الجهة ليس هناك أعصاب، بهذا الجهاز تشعر أين هي وكيف وضعها ظهرها نحو السطح أم نحو القاع ؟

 

﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

 أيها الأخوة: يقول الله عز وجل:

 

 

﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾

 

(سورة الأنبياء)

 والله أيها الأخوة: يوجد بالماء حقيقة العقل لا يصدقها الأشياء جميعها عناصر الأرض جميعها إذا سخنت تمددت، نحن نفهم أن المعادن إذا سخنت تتمدد بالحرارة، لكن الحقيقة أن كل شيء في الأرض يتمدد بالحرارة حتى الصخر، أحياناً لا تبقى فواصل أبداً بين البلاط فإذا جاءت موجة حر تشقق البلاط، كل شيء يتمدد بالحرارة ماذا تفعل الحرارة في الجسم ؟ تزيد سرعة الذرات فإذا زادت تباعدت، فإذا تباعدت تمددت،وإذا تمددت تحولت من حالة صلبة إلى مائعة إلى غازية، بالعكس ماذا تفعل البرودة تقلل سرعة الذرات تقارب بين الذرات تنتقل المادة من حالة غازية إلى مائعة إلى صلبة، هذا التسخين والتبريد الآن الضغط يشبه التبريد ورفع الضغط يشبه التسخين تماماً، الماء شأنه شأن أي عنصر، إذا سخناه تمدد وإذا بردناه انكمش، كأي عنصر إلا أنه ينفرد وحده أنك إذا بردت الماء فهبطت درجة حرارته عشرة تسعة ثمانية سبعة ستة خمسة أربعة تنعكس الآية يتمدد، هل تصدقون لولا هذه الخاصة في الماء ما كانت هذه المحاضرة ولما كانت الباب ولا حلب ولا دمشق ولا سورية ولا العالم العربي ولا الإسلامي ولا حياة على سطح الأرض لماذا ؟ لأن الماء إذا بردته انكمش وتابع الانكماش كلما تجمدت طبقة من ماء البحر وقل حجمها وزادت كثافتها غاصت في الأعماق فجمدت الطبقة التي فوقها وزادت كثافتها وغاصت في الأعماق، بعد حقب معينة تتجمد البحار كلها، وينعدم التبخر وتنقطع الأمطار ويموت النبات ويموت الحيوان والإنسان، هل تصدقون أن أصل الحياة على وجه الأرض أساسها هذا القانون ؟

 

﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾

 

﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾

 هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا يستقام على أمره ؟ ألا ترجى رحمته ؟ ألا يخاف الناس عذابه ؟

 

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي خيري إلى العباد نازل وشرهم إلى صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلى بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي من أقبل علي منهم تلقيته من بعيد ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب أهل ذكري أهل مودتي أهل شكري أهل زيادتي أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب و المعايب، الحسنة عندي بعشر أمثالها وأزيد والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

 أيها الأخوة الكرام: يقول الله عز وجل:

 

 

﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾

 

(سورة الرحمن)

 هذه الآية حيرت علماء التفسير: أين هو البرزخ بين البحرين ؟ بعد أن كانت رحلات الفضاء وبعد أن صورت الأرض من الفضاء وجدوا أن بين كل بحرين خطاً هو خط تباين لونين فقط ثم اكتشفوا بعد بحث طويل أن لكل بحر مكوناته وملوحته وخصائصه ولا يمكن لماء بحر أن تختلط بماء البحر الآخر بل عن بعض علماء البحار جاءوا بقصاصات ورق بالأطنان ووضعوها عند التقاء البحرين فلم تنتقل إلى البحر الثاني أبداً !!

 

﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾

 أيها الأخوة: شيء دقيق جداً في الآفاق، الآية الكريمة:

 

 

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾

 أسأل الله جل جلاله أن يعينني على توضيحها لأنها دقيقة جداً: الأرض تدور في مسار إهليلجي في مسار حول الشمس، كلمة إهليلجي شكل بيضوي والشكل البيضوي له قطر أكبر وقطر أصغر.
 بالمناسبة سرعة الأرض حول الشمس ثلاثين كيلو متر بالثانية نحن الآن مر على المحاضرة فرضاً أربعين دقيقة كم قطعنا ؟ بكل ثانية ثلاثين كيلو متر بالعشر ثواني ثلاثمائة كيلو متر بالدقيقة ستة بثلاثة ثمانية عشر ألف وثمانمائة كيلو متر بالعشر دقائق ثمانية عشر ألف كيلو متر، بالعشرين دقيقة ست وثلاثين ألف بالأربعين دقيقة اثنان وسبعين ألف نحن قطعنا بالفضاء الخارجي اثنان وسبعين ألف كيلو متر منذ أن قلت بسم الله الرحمن الرحيم حتى الآن، الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي في قانون هو قانون الجاذبية هذا القانون أحد عوامله المسافة بين الكتلتين وحجمهما، فالشمس تجذب الأرض فكلما كبر جذم الشمس زاد الجذب وكلما قلت المسافة بينهما زاد الجذب، الكتلتان ثابتتان، الشمس تجذب الأرض، لكن الأرض تسير حول الشمس كانت في القطر الأطول الأكبر فلما تابعت سيرها واقتربت إلى القطر الأصغر المسافة قلت، احتمال انجذاب الأرض للشمس قائم فإذا انجذبت تبخرت الأرض في ثانية واحدة !! لأن حرارة الشمس في مركزها عشرين مليون درجة، فكيف تتلافى الأرض هذا الانجذاب وهذا التلاشي ؟ ترفع سرعتها لينشأ من ازدياد السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة الجديدة، حينما ترفع الأرض سرعتها ينشأ من رفع السرعة قوة نابذة إضافية تكافئ القوة الجاذبة الإضافية فتبقى في مسارها.

 

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 

(سورة فاطر)

 أن تزول أن تنحرف، من هو الإله العظيم الذي يبقي الأرض في مسارها ؟ تابعت سيرها فوصلت للقطر الأكبر، في احتمال أن تتفلت الأرض من جاذبية الشمس سرعتها عالية، لذلك تبطئ من سرعتها لينشأ من بطء السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل.
 من الذي يأمر الأرض والمادة غير عاقلة أن ترفع سرعتها إذا اقتربت من القطر الأصغر وتخفض سرعتها إذا اقتربت من القطر الأكبر، أما الشيء المذهل أن الأرض إذا رفعت سرعتها فجأة انهدم كل ما عليها لا في واشنطن ولا نيويورك ولا دبي ولا أبو ظبي كل ما على الأرض ينهدم إذا رفعت سرعتها فجأة، لذلك التسارع بطيء والتباطؤ بطيء، هذا اسم اللطيف.
 إذا سائق أرعن يقلع بسرعة ويقف بسرعة والركاب يصطدمون ببعضهم بعضاً، السائق اللطيف يقلع بتسارع بطيء ويقف بتباطؤ بطيء.
 أيها الأخوة في هذه الآية إعجاز:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 إذا زالت أي انحرفت زالت أي تلاشت، إذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت فزالت، وإذا تفلتت من جاذبية الشمس دخلت في متاهات الفضاء فأصبحت حرارتها مائتان وسبعين تحت الصفر فتلاشت الحياة من عليها !!
 يوجد عندنا افتراض لعالم ملحد قال: لو أن الأرض تفلتت من جاذبية الشمس لسارت في الفضاء الكوني وأردنا أن نرجعها للشمس قال: نحتاج لمليون مليون كبل فولاذي، وكل كبل قطره خمسة أمتار ومعنى كبل فولاذي قطره خمسة أمتار أي يحمل مليونين طن قوة جذبه مليونا طن بشكل مختصر الأرض منجذبة إلى الشمس بمليون مليون ضرب مليوني طن كل هذه القوة الكبيرة في الجذب من أجل أن تحرفها ثلاثة ميلي كل ثانية ليكون هذا الانحراف مؤدياً لمسار مغلق حول الشمس، لئلا تسير بخط مستقيم، حتى يكون سيرها بخط إهليلجي مغلق بمليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تنحرف الأرض في مسارها حول الشمس ثلاثة ميلي كل ثانية.

 

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 لو أردنا أن نزرع هذه الحبال على سطح الأرض المواجهة للشمس لنعيدها إلى أمها قال المليون مليون كبل لو زرعناها لكان بين الحبلين مسافة حبل واحد نحن أمام غابة من الفولاذ لا يوجد ملاحة ولا بناء ولا طيران ولا زراعة لا شيء، اسمعوا الآية:

 

 

﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

 

(سورة الرعد)

 أي بأعمدة لا تروها يوجد أعمدة ! لكن الناس لا يرونها بل يتحركون عبرها يوجد قوى جذب.
 أيها الأخوة: هذه الإشارات التي نجدها في القرآن الكريم إشارات في الفلك والمجرات والشمس والقمر والنجوم إشارات في خلق الإنسان وطعامه وشرابه وفي كل شيء هذه تدل على عظمة الله، وهذا الكتاب معجز إلى نهاية الدوران والله تولى حفظه بأمر تكويني.
 أيها الأخوة: هذا كله من أجل أن نعرف الله، ماذا يعني أن نعصيه ؟ أن نطيعه، أن نحبه، أن نخضع له، أن نصطلح معه، الأمر بيد الله.
 أيها الأخوة: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 دققوا في هذه الآية الثانية:

 

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(سورة الأنفال)

 بالتعبير البسيط واللغة الدارجة يا عبدي مرتاح لا تغير ما بغير مزعوج غير لغير، هذا ملخص الملخص.
 مرة واحداً أراد أن يداعبني قال: ما ملخص الثلاثين سنة ؟ قلته له كلمتين، قال: ما هذا الكلام ؟! قلت: والله كلمتين يا تأتي ركض يا أحضرك ركض.

 

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾

 

(سورة السجدة)

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾

(سورة الروم)

 يجب أن نحسن الظن بالله لأنه ثمن الجنة، أحياناً تشتد المصائب يقول ضعيف الإيمان أين الله ؟

 

﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً(12)﴾

 

(سورة الأحزاب)

 قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته ؟ هذا وقع، هناك أناس تركوا الصلاة أين الله ؟ ثم يظهر آياته حتى يقول الكافر لا إله إلا الله، نحن في أصعب امتحان.
 أيها الأخوة: أخشى ما أخشاه أن يكون هذا المسلم المعاصر إنساناً هذه قصته: إنسان عادي ولد عام 1900 بعد أن كبر تزوج امرأة عادية وأنجب ولداً عادياً وأنجب بنتاً عادياً وله عمل عادي وعمل أعمال عادية ولم يفكر بحياته أن يعمل شيء ولم يفكر بخالقه ولا يعمل شيء للمسلمين ولم يطور نفسه ولم يطرح سؤال على نفسه هذا الإنسان ولد عام 1900 مات عام 1920 دفن عام 1960 عاش ميتاً أربعين سنة ! هذا الإنسان السلبي يتابع الأخبار بالمسلسلات ويوزع تهم على الناس وهم جالس لا يفعل شيء وهذا حال المسلم الآن، لا يقدم شيء يوجد سذاجة وبلاهة المسلم ينتظر معجزة من السماء، صاعقة على شارون لن تأتي، يجب أن نعمل:

 

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾

 

(سورة التوبة)

 أما هذا المعاق التي كانت معاقاته في مقتبل حياته بعين واحدة ولسان فقط ولما اغتيل قامت الدنيا ولم تقعد ما من شعب مشى إلا واستنكر اغتياله أليس كذلك ؟ وكم إنسان له جسم البغال ولم يفعل شيء !! معاق من بداية حياته..
 أيها الأخوة: حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، ومئات الترجيحات بين الخلق سقيمة الوسامة والذكاء والجمال والغنى والقوة.... لم يعترف بها القرآن إطلاقاً، القرآن اعترف بقيمتين قيمة العلم وقيمة العمل.

 

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

 

(سورة الزمر)

 بالله عليكم إذا قال طفل: أنا معي مبلغ عظيم كم يقدر هذا المبلغ ؟ مائة ليرة، يأخذ من والده عشر ليرات مائة ليرة، إذا قال موظف في البنتاغون ردنا لحرب العراق مبلغاً عظيماً كم يقدر ؟ مائتين مليار ! الكلمة واحدة قالها طفل فقدرناها بمائتي ليرة وقالها إنسان آخر فقدرناها بمائتي مليار، فإذا قال خالق الأرض والسماوات:

 

﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً(113)﴾

 

(سورة النساء)

 هل من عطاء يسود عطاء العلم ؟ أما الدنيا:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

 

(سورة النساء)

 الدنيا أحقر من أن تكون عقاباً أو عطاء، لأنها وشيكة الزوال سريعة الانتقال، لو أن واحداً في الأرض وأصفار إلى الشمس كل ميليمتر صفر وبين الأرض والشمس مائة وست وخمسين مليون كيلو متر، كل ميليمتر صفر كم هذا الرقم ؟ إذا نسب إلى الما لا نهاية كان صفراً، فالحياة الدنيا متاع الغرور.

((لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء))

 أيها الأخوة الكرام: لعلي أطلت عليكم أستميحكم عذراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

تحميل النص

إخفاء الصور