وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 1175 - القوانين الإلهية ( التقنين ) - دعاء الاستسقاء.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

تقنين الإله تقنين تأديب وتربية وتقنين العباد تقنين عجز وضعف:

التفكر في السموات والأرض
أيها الأخوة الكرام، إنَّ المتفكِّرَ في خلق السماوات والأرض يتبدى له من خلال جولته التأمُّلية أنّ الله ثبَّت أشياء كثيرة، و ثبَّت نواميس وقوانين خطيرة، من أجل أن تنتظم حركة الحياة، أي الذهب ذهب، الحديد حديد، النحاس نحاس، زرعت زيتون الثمرة زيتون، خصائص الأشياء، والمعادن، والفواكه، والخضراوات، ثابتة كلها على مدى التاريخ، حركة الأفلاك ثابتة، الشروق شروق والغروب غروب، مثلاً تشرق الشمس بعد مئة عام بالدقيقة والثانية نفسها قبل مئة عام، أي ثبت دورة الأفلاك، ثبت خصائص الأشياء، ثبت خصائص المواد، فثبت أشياء كثيرة من أجل أن تنتظم حياتنا، من أجل أن يتحقق تسخير هذه الأشياء لنا، كي ننتفع بها في حياتنا، وكي ترشدنا إلى ربنا، فنعرفه، ونطيعه، ونسعد بقربه في الدنيا والآخرة، ولكن حرك أشياء قليلة منها الصحة، منها الرزق، منها الأمطار، ثبت مليارات القوانين، والخصائص، والأشياء، والأفلاك، وحرك أشياء معدودة منها الصحة، منها الرزق، لذلك إذا وجدنا تقنيناً إلهياً كالتقنين الآن في موضوع الأمطار فهذا تقنين تأديب وتربية لا تقنين عجز وضعف، نحن حينما نقنن الكهرباء لأن الطاقة المنتجة لا تغطي الاستهلاك، الإنسان إذا قنن يقنن تقنين عجز وضعف، لكن الخالق إذا قنن يقنن تقنين تأديب وتربية، الدليل قال تعالى:

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾

[سورة الشورى: 27]

تقنين تربية، تقنين تأديب، تقنين لفت نظر، والآية الثانية قال تعالى:

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

[سورة الحجر: 21]

الحقيقة الأولى تقنين الإله تقنين تأديب وتربية، وتقنين العباد تقنين عجز وضعف.

الله جلّ وعلا لا يسوق لعباده شِدَّة إلا بما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير:

 

الحقيقة الثانية، الله جلّ جلاله لا يسوق لعباده شِدَّة إلا بما كسبت أيديهم:

﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

والآية الثانية:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء: 147 ]

لأن هذا الكون مسخر تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم، موقفك من التعريف أن تؤمن، وموقف من التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، أب عادي جداً، ابنه مهذب ونظيف، وجاء بجلائه فكانت علاماته تامة كلها، هل يضربه؟ مستحيل، لا يوجد أب بالأرض يفعل هذا، ما دام مجتهداً وأخلاقه عالية يكرمه، لذلك اعتقد يقيناً أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.

﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة:

أيها الأخوة الكرام:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

حديث قدسي آخر:

(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ))

[ مسلم عن أبي ذر]

اذهب إلى ساحل البحر، واركب قارباً، وأنزل هذه الإبرة في البحر، كم علق فيها من ماء؟ ذلك لأن عطائي كلام، وأخذي كلام، كن فيكون، الشاهد هنا:

(( فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ))

[سلم عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه ]

لذلك روى ابن ماجة والبزار والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

مواطن من الشرق الوسط إذا كان شاذاً جنسياً وله شريك كندي، هذا الشريك الجنسي الشاذ الكندي يمنحه الجنسية الكندية، بلاد كثيرة عدت الشذوذ زواجاً مقبولاً في هذه المجتمعات:

((... لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

دولة عظمى سفيرها في رومانيا، أقيم له حفل وداع قبل أن يغادر بلده، حضر حفل الوداع شريكه الجنسي، مقام زوجته:

((... لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

مرض الإيدز لم يكن في أسلافنا، وأول سبب له الشذوذ، وهذا من أدلة نبوة النبي عليه الصلاة والسلام:

((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

كل أنواع الغش تحت هذه العبارة:

((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

الحرب بين حقين لا تكون وبين حق وباطل لا تطول وبين باطلين لا تنتهي:

المواد المسرطنة في الأغذية
والله الذي لا إله إلا هو يصل أحياناً إلى معلوماتي المتواضعة أنواع من الغش لا تخطر على بال إنسان، توضع مواد مسرطنة في بعض الغذائيات من أجل أن يبيض لونها فيرتفع سعرها، هذا الذي يحصل، لذلك:

 

((...وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ... ))

 

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

والله مرة دراسة اطلعت عليها لو أن أصحاب الأموال في أي بلد إسلامي أعطوا زكاة أموالهم لم يكن هناك فقير واحد:

((...وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ... ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

كل حرب من حين لآخر ينتقل من بلادنا إلى الغرب مئات المليارات، ثمن أسلحة وأشياء لا يعلمها إلا الله:

((...وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))

[ ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

كم حرب بين المسلمين؟ مسلم لمسلم، لذلك قالوا: الحرب بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول، وبين باطلين لا تنتهي.

الماء العذب من النعم العظمى على بني البشر:

وجعلنا من الماء كل شيء حي
لذلك أيها الأخوة الكرام، هذه مقدمة لكن من النعم العظمى على بني البشر نعمة الماء العذب، وهناك من يتنبه ويقول: إن الحروب المستقبلية حروب ماء، فالماء العذب أفضل شراب، أعظم صدقة، رحمة الله لخلقه، وحيثما وجد الماء وجدت الحياة، قال تعالى:

﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾

[سورة الأنبياء: 30]

إنَّ الحياةَ على وجهِ الأرضِ، حياةَ الإنسانِ، وحياةَ الحيوانِ، وحياةَ النباتِ، قوامُها الماءُ، فالماءُ هو الوسيطُ الوحيدُ الذي يحملُ الأملاحَ، و المعادن، والمواد الغذائية منحلة فيه إلى الكائنِ الحيِّ، ولولا الماءُ لَمَا كانت حياةٌ على وجهِ الأرضِ.
لذلك يتفضل الله به علينا، فيهطل.

كمية الأمطار التي تهطل على وجه الأرض لا تزيد ولا تنقص:

الأمطار من نعم الله
الآن دققوا، يهطل في كلّ ثانيةٍ مِن السماءِ إلى الأرضِ على مستوَى الكرةِ الأرضيةِ ستة عشر مليونَ طن مِن الماءِ، هذا التهطال لا يزيد ولا ينقص كل عام، بعد بحث طويل ودرس عميق تبين للعلماء أن كمية الأمطار التي تهطل على وجه الأرض لا تزيد ولا تنقص، أما أن يأتي إنسان عاش في الصحراء لا يوجد جامعات، ولا مدارس، ولا أجهزة قياس للماء، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( مَا عَامٌ بِأَمْطَرَ مِن عَامٍ ))

 

[البيهقي في السنن الكبرى عن ابن مسعود]

هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، لكن توزيع هذه الأمطار يختلف من عام إلى عام، فيكون الجفاف في مكان، كالشرق الأوسط الآن، والفيضانات المدمرة كما في الباكستان، في مكان آخر، لحكمة أرادها الله علمها من علمها، وجهلها من جهلها.

صلاة الاستسقاء طَلَب لِلرَّحْمة وَالإغَاثَة بِإِنزَال الْمَطَر:

وقد تنقطع أسباب الرزق بانقطاع الأمطار، والله مرة سمعنا خطاباً من فقرات هذه الخطاب أن أمطاراً غزيرة هطلت على بلادنا في سنة سابقة فقيل لنا: هذه الأمطار تساوي بالنقد مئات المليارات، كنا نريد أن نشتري علفاً للحيوانات بهذه الأمطار وفرنا هذه النفقات، لا تستغرب أن كل مطر غزيرة تساوي مئات مليارات الدولارات، قد تنقطع أسباب الرزق بانقطاع الأمطار، فتغور الينابيع، وتجف الأنهار، وييبس الزرع، ويموت الضرع، ويهدد الإنسان بافتقاد كأس الماء، ولقمة العيش، لذلك المؤمن يقتصد في استهلاك المياه، و هذا علامة الإيمان، لذلك الإنسان أحياناً يجد نفسه مضطراً أن يغادر بلده إلى بلد آخر تتوافر فيه المياه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا صلاة الاستسقاء، طَلَباً لِلرَّحْمَةِ وَالْإِغَاثَةِ بِإِنْزَالِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ. أي في أثناء سماعك للأخبار إذا ورد في الأخبار أن هناك منخفضاً جوياً متمركزاً فوق قبرص باتجاه الشرق الأوسط يجب أن تعلم أنه رحمة الله، كلمة منخفض جوي تبعدك عن حقيقة هذه الأمطار، الأمطار رحمة من الله عز وجل.

مشروعية الاستسقاء:

لذلك صلاة الاستسقاء ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:

﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾

[ سورة نوح: الآية 10-12]

(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ، وَاحْمَرَّتْ الشَّجَرُ، وَهَلَكَتْ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا، مَرَّتَيْنِ، وَايْمُ اللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ، وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ صَاحُوا إِلَيْهِ، تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، فَكَشَطَتْ الْمَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تَمْطُرُ حَوْلَهَا، وَلَا تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةٌ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ))

[ البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ]

حولها أمطار وسيول والمدينة جافة، وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

(( شَكَا النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ , فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى...))

أي أصل صلاة الاستسقاء أن تكون خارج المساجد في المصلى:

((... وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ , قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ , متواضعاً، متبذلاً، متخشعاً، مترسلاً، متضرعاً فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ , وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ , وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوَهُ , وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ، وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ من السماء، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْت لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إلَى حِينٍ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إبِطَيْهِ , ثُمَّ حَوَّلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ, وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ، وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتْ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إلَى الْكُنِّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ, وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ))

[أبو داود عن عائشة ]

صلاة الاستسقاء تقوي الإيمان بالله:

أيها الأخوة الكرام، صلاة الاستسقاء تقوي الإيمان بالله، وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

(( صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ))

[ متفق عليه عن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ]

أتمنى عليكم أثناء سماع النشرات الجوية إذا سمعت أن هناك منخفضاً باتجاه القطر، اعلم أن رحمة الله اقتربت منك، كلمة منخفض قد تبعدك عن حقيقة المطر.

دور الماء في تغير سطح الأرض:

أيها الأخوة الكرام، من بعض الحقائق أن الماء يشكل سبعين بالمئة من مساحة اليابسة، ويشكل سبعين بالمئة من وزن الإنسان، كم وزنك؟ مئة كيلو، سبعون ماء، كما أن للماء دوراً كبيراً في سير التفاعلات الكيميائية داخل النباتات، والحيوانات، وداخل جسم الإنسان، وذلك من أجل الحصول على الطاقة.
خاصية تمدد الماء
وللماء دور في تغير سطح الأرض من القوام الصخري إلى القوام الترابي، ما الذي يحصل؟ الماء يتغلغل بالتربة، التربة صخرية يتجمد الماء و عندما يتجمد يزداد حجمه، هناك خاصة واحد للماء لولاها لما كانت حياة على وجه الأرض، هذا الماء شأنه كشأن أي عنصر في الأرض، إذا سخنته يتمدد وإذا بردته ينكمش، كل شيء في الأرض بل في الكون يتمدد بالحرارة وينكمش بالتبريد، لأن الحرارة تزيد سرعة الذرات فتتسع مجالاتها فيزداد حجم الشيء، وبالتبريد تقل سرعتها فيقل مجالها فينكمش، أي عنصر في الأرض حتى الأحجار، مرة في مسجد كنت في زيارته وجدت أن البلاط قد ارتفع، فلما سألت قيل لي: الذي أجرى هذا البلاط لم يترك فراغات بين القطع، فلما جاء الصيف تمدد البلاط فارتفع، فأي شيء على وجه الأرض يتمدد بالحرارة وينكمش بالتبريد، لذلك يتغلغل الماء بالصخر تأتي البرودة يتجمد يزداد حجمه فيتحطم الصخر، هذا الماء عندما تبرده ينكمش كأي عنصر، من أربعين لثلاثين لعشرين لعشرة لأربع، تنعكس الآية يزداد حجمه، من ازدياد حجم الماء تكون هذه الحياة، ولولا أن الماء يتمدد لدرجة زائد أربعة لما كان هذا المسجد، ولما كانت هذه الخطبة، ولما كانت دمشق، ولا أي بلد في العالم، ولما يتجمد البحر والماء ينكمش تزداد كثافته فيغوص، الطبقة الثانية تتجمد تنكمش تزداد كثافة الماء فيغوص، بعد حين تتجمد كل البحار، وينعدم التبخر، وتنعدم الأمطار، تموت النباتات، ويموت الحيوان، ويموت الإنسان، هل تصدق أن الحياة في الكون مبنية على هذه الخاصة، وأكبر دليل ضع قارورة ماء في الثلاجة واملأ القارورة إلى أعلى مستوى، صباحاً تكسر الزجاجة، والآن قلع الصخور بهذه الطريقة، يحدثون أربعة ثقوب تملأ بالماء يجمد الماء ينتزع قطعة مكعبة من الصخور بهذه الطريقة.
الماء حينما يتمدد لا يقف شيء في وجهه، كيف يتمدد؟ عن طريق ماء جمد فيه، فلذلك الماء له دور كبير.

إحياء الأرض بعد موتها دليل على وجود الله عز وجل:

أيها الأخوة، ذكر الله عز وجل منكراً ثلاثاً وثلاثين مرة في القرآن الكريم، ومعرفاً ست عشرة مرة، بل ذكر أن إنزال الماء من السماء إحياؤه الأرض بعد موتها دليل على وجود الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 164 ]

لذلك مرة ثانية:

(( أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ ))

[ متفق عليه عن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ]

ملوحة البحر من آيات الله الدالة على عظمته:

ملوحة البحار
الآن هذه الملوحة هل تصدقون أن في كل لتر واحد من ماء البحر سبعة وعشرين غراماً من الملح، وأن العالم بأسره يستهلك بالسنة ما يزيد عن خمسين مليون طن من الملح، وأن نسبة الملح في مياه البحر تعادل ثلاثة ونصف بالمئة من مجموع مياه البحر، بل إن في الكيلو متر المكعب من ماء البحر أربعة وثلاثين مليون طن من الملح، ملوحة البحر من آيات الله الدالة على عظمته، لو وضعت الأملاح التي في البحار على اليابسة في قاراتها الخمس ولم نغادر مكاناً إلا فرشنا به هذا الملح كان ارتفاع الملح المجفف على سطح اليابسة مئة وثلاثة وخمسين متراً.

 

بركة الماء و ضرورته للإنسان:

الله عز وجل وصف الماء بأنه مبارك، كثير الخير قال تعالى:

 

 

﴿ وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾

 

[ سورة ق: 9 ]

وامتن الله على المؤمنين أن أنزل عليهم الماء الذي فيه قوام حياتهم، قال تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ* يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة النحل: 10-11]

وذكر في إحدى فوائد الماء الكبرى التطهير:

﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ﴾

[ سورة الأنفال: 11]

عدم الإسراف في الوضوء:

التبذير في المياه
أيها الأخوة الكرام، الله عز وجل أمر أن نقتصد في إنفاق الماء، قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ﴾

 

[ سورة المائدة: 6]

سيدنا النبي الكريم مرّ بسعد رضي الله عنه وهو يتوضأ فقال:

(( ما هذا الإسراف يا سعد؟ فقال رضي الله عنه: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ ))

[ أحمد و ابن ماجه عن ابن عمرو ]

وعن أبي الدرداء أن:

((النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بنهر ومعه قعب فتوضأ وفضلت فضلة فردها في النهر وقال: ينفع الله بها قوماً آخرين))

[ الطبراني عن أبي الدرداء ]

والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن التصدق بسقي الماء أفضل صدقة، والله هناك منطقة غربي دمشق، فيها بضع عشرات من المزارع الفخمة جداً، هذه المزارع كلها جفت مياه آبارها إلا مزرعة واحدة كان صاحبها يسمح للرعاة أن تدخل غنمها وأن تسقي غنمها من مياه هذه المزرعة فلم تجف آبار هذه المزرعة.

النهي عن تنجيس الماء:

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلويث الماء، حيث نهى عن البول في الماء الراكد، وقد نهى عن التعذيب بالحرمان من الماء، وقد يكون تقطير الماء على الناس عقاباً، قال تعالى:

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾

[ سورة الجن: 16-17 ]

جفاف الينابيع
مرة زارني قريب في هذا المسجد، وهو عضو في لجنة حوض دمشق، أخبرني أن دمشق مقبلة على جفاف كامل، وقال: منسوب المياه الجوفية هبط إلى درجة غير معقولة إطلاقاً، والله أدخل إلى قلبي الحزن، في العام الذي يليه نزل في الشام ثلاثمئة وخمسين مليمتراً من أمطار السماء، بعض الينابيع التي جفت من ثلاثين عاماً تفجرت، مياه منين وصلت إلى الشام، الله عز وجل إذا أعطى أدهش.
شيء آخر: المرصد الأوربي يعمل بالأشعة تحت الحمراء رصد غيمة من البخار في الفضاء الخارجي، هذه الغيمة يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم الواحد من المياه العذبة، غيمة واحدة، والدليل:

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾

[ سورة الحجر: 21 ]

الماء قوام الحياة:

استهلاكنا للمياه
أيها الأخوة الكرام، ينبغي أن ننفق الماء باعتدال شديد، أو بإدارة بالغة، هذا الماء قوام الحياة، والآن نعاني ما نعاني، نحن في دمشق نستهلك سبعمئة ألف متر مكعب يومياً، الوارد أربعمئة وخمسين، أقسم لكم بالله لو ضبطنا الصنابير في بيوتنا جميعاً لوفرنا مئات الأطنان، هناك خطأ فادح حينما لا نستهلك الماء استهلاكاً مقنناً، هذه نعمة كبرى، أحياناً إنسان يغسل مركبته، يستهلك خمسين تنكة ماء، و كان من الممكن أن يغسلها بوعاء صغير، أحياناً الإنسان يفتح بالحمام الماء والماء ينزل بعيداً عنه ثم يقترب منه، هذا خطأ كبير، هذا ماء استهلك بلا فائدة، بشكل أو بآخر معلوماتي الدقيقة لو أطفأ الواحد منا باليوم مصباحاً واحداً مئة شمعة نستغني عن مولدة ثمنها خمسمئة مليون دولار، واستهلاكها من الوقود خمسمئة مليون، إذا كل مواطن أطفأ بلورة مئة شمعة، وكل مواطن استهلك الماء استهلاكاً معقولاً نوفر آلاف الأمتار المكعبة من الماء، عندنا خطأ بالسلوك، معقول النبي الكريم يشرب من إناء فضل فضلة فردها في النهر لينفع الله بها قوماً آخرين!
أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
* * *

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

دعاء النبي عليه الصلاة والسلام بعد صلاة الاستسقاء:

أيها الأخوة الكرام إني داع في هذه الخطبة بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام بعد صلاة الاستسقاء، ارفعوا أيديكم إلى السماء:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، تفعل ما تريد، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتَنَا بِدُعَائِك, وَوَعَدْتَنَا إجَابَتَك، فَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتَنَا فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، أنزل علينا الغيث من السماء، واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا، وبلاغاً إلى حين، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئاً مَرِيعاً غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّاً عَامًّاً طَبَقاً دائماً نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إنَّ بِالْبِلَادِ وَالْعِبَادِ وَالْخَلْقِ مِنْ اللْأَوَاءِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوه إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنْتَ غَفَّاراً فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَاراً، اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ والجبال وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ , وَلَا غَرَقٍ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ , وَالْجُوعَ, وَالْعُرْيَ , وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك.
اللهم وفِّق ولاة المسلمين لما تحب وترضى، واجمع بينهم على خير، وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور