- ندوات إذاعية
- /
- ٠12برنامج منهج التائبين - دار الفتوى
مقدمة :
الأستاذ زياد :
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أيها الأخوة المستمعون ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نحييكم في مستهل حلقة جديدة من برنامج : "منهج التائبين" ، أرحب بفضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي معنا ، أهلاً ومرحباً بكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الدكتور راتب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ زياد :
فضيلة الشيخ ، كما تحدثنا عن صلاح البيئة كعامل مساعد على التوبة ، وعلى الثبات عليها ، وأن تكون توبةً نصوحًا وصادقة ، ماذا عن مصاحبة الأخيار ؟
أحد أكبر أسباب التوبة أن تكون مع الصالحين :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
كمنطلق لهذا الموضوع ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ :
(( لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، نَسِينَا كَثِيرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ ، وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً ، وَسَاعَةً ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ))
هذه حقيقة ، ذلك أن النفس تتأثر بما حولها ، عش مع التجار تتمنَّ أن تكون تاجراً ، عش مع مدرسي الجامعات تتمنَّ أن تكون مثلهم ، عش - لا سمح الله ولا قدر - مع فاسق ، إذا أدمنت العلاقة معه قد تشتهي أن تكون مثله ، هنا مشكلة الإنسان ، البيئة خطيرة جداً ، لذلك كأن الله يقول :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾
ثم يبين طريقة التقوى :﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
فما لم تُحِط نفسك بالمؤمنين الصادقين ، بالمستقيمين بالأتقياء فلن تستطيع أن تطيع الله عز وجل ، لذلك تعد صحبة الأخيار في حدّ ذاتها عملاً صالحاً ، وهذا يؤكده قول الله عز وجل بعيداً عن أسباب نزول هذه الآية لو أخذنا نصها :﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
أنا لا أبالغ أن أحد أكبر أسباب التوبة أن تكون مع الصالحين ، تتمنى أن تكون مثلهم، تتمنى طهرهم ، تتمنى عفافهم ، تتمنى استقامتهم ، تتمنى أن تكون محباً لله مثلهم ، تتمنى أن تكون عارفاً لله مثلهم ، فلذلك صحبة الأخيار في حد ذاتها عمل صالح ، وإذا قرأت القرآن تجد شيئاً لا يكاد يصدق :﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾
﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾
كأنك تنسلخ من كل الإيمان لو أنك صحبت الأراذل ، واستمرأت العلاقة معهم ، وألفت مجالسهم ، فلذلك أنا لا أقبل من مؤمن أن تكون مجاملته للناس على حساب دينه ، أنا مؤمن بطريقة اسمها طريقة شد الحبل ، إذا كنت مع قوم ، وبإمكانك أن تشدهم إلى الحق وإليك فاجلس معهم ، أما إذا أمكنهم أن يشدوك إلى باطلهم فابتعد عنهم ، وهذا المثل هو ضابط دقيق في العلاقة بالناس .أحد الأئمة الكبار عقد باباً في أشهر كتبه ، وهو إحياء علوم الدين ، عقد باباً في الموازنة بين الاختلاط والعزلة ، فتبين أنه إذا كنت في قوم ، وبإمكانك أن تؤثر فيهم ، وأن تأخذهم إلى الحق فكن معهم ، أما إذا كان بإمكانهم أن يأخذوك إلى الباطل ففر بدينك ، هذا هو الضابط ، ولكن أن يكون على يقين من نفسه وثقة بأنه إذا كان معهم سيسوقهم إلى درب الخير والصلاح ، لو لم يكن على يقين ، وفي أول لقاء جروه إلى باطلهم يجب ألا يعود إليهم مرةً ثانية، إذا ما كان على يقين ، هناك مؤشرات ، أشياء تدل على أنه ضعيف فانساق إليهم ، لو شاركهم في لعب النرد فهو كما قال عليه الصلاة والسلام عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ))
فلمجرد أن تلعب معهم النرد ، وأن تستمع إلى الغيبة والنميمة منهم ، وأن تشاهد ما لا يرضي الله عز وجل على الشاشة الصغيرة في حضرتهم فقد انسقت إليهم ، واقتنصوك ، وأخذوك إلى جادتهم .إذاً عليه أن يختار من الصحبة الأخيار ليساعد ذلك على ثبات توبته ، وعلى توبته من الأصل ، فإذا صاحب الأشرار ساقوه إلى درب الشر ، والعياذ بالله .
الولاء و البراء :
هناك أحاديث واضحة وضوح الشمس في هذا الموضوع ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ :(( كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ ؟ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ ؟ قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا ؟ قَالَ : مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ عَمَلٍ لَا صَلَاةٍ : وَلَا صِيَامٍ : إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ، قَالَ أَنَسٌ : فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ مَا فَرِحُوا بِهِ ))
لمجرد أن تحب الله ورسوله ، وأن توالي المؤمنين ، وأن تعادي الكافرين ، لمجرد أن يكون ولاؤك للمؤمنين ، ولو كانوا ضعافاً وفقراء ، وأن يكون تبرؤك من المنحرفين ، ولو كانوا أقوياء وأغنياء ، هذا بحد ذاته عمل عظيم .لذلك في الإسلام شيء خطير جداً اسمه : الولاء والبراء ، كأن النبي عليه الصلاة والسلام يبين هذا في بعض الأحاديث الصحيحة ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))
فأنا حينما أوالي المؤمنين ، وأكون معهم ، وأحبهم ، وأدافع عنهم ، فأنا أعيش معهم ، الشيء الثابت أن البيئة تشد الإنسان إليها ، ولا أجد إنساناً مستقيماً محصناً من المعصية إلا بفضل بيئة تحيطه ، هذا مع اعتقادي أن عظماء الناس يؤثرون في البيئة ، وأوسطهم لا يتأثرون بها ، لكن عامة الناس يتأثرون بها ، أنت بين أن تتأثر بها ، وهذا شأن دهماء الناس وسوقتهم ، وألا تتأثر بها ، وهذا شأن من كان على شيء من الإيمان ، ولكن البطولة ما فعل الأنبياء والمرسلون ، تركوا بصمات واضحة في البيئة ، أنت بين أن تؤثر ، وبين ألا تتأثر ، وبين أن تنساق وراء البيئة ، فهذه الصرعات التي تأتينا من الغرب من يتأثر بها ؟ دهماء الناس وسوقتهم ، أما الذين لهم مبادئ كبيرة ، والذين لهم رؤى صحيحة فلا يتأثرون ، أما الدعاة الكبار فيؤثرون ، وقد تجد داعيةً ترك أثراً كبيراً في الحياة ، علاقة الإنسان مع البيئة علاقة دقيقة جداً .الأستاذ زياد :
هل تنصحون بأن يتخذ كل إنسان شيخاً له أو رفيقاً من الدعاة لكي يكون محصناً بالعلم والتقوى ؟
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
الدكتور راتب :
والله أنا أنصح أن تصاحب الصالحين سواء أكانوا شيوخاً ، أو كانوا مؤمنين صادقين، العبرة أن يكون الذي تصاحبه أعلى منك علماً ، وخلقاً ، وصلةً بالله عز وجل ، قال بعض علماء القلوب : " لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله ، و لا يدلك على الله مقاله " ، أي لا تصاحب إلا من تنتفع بصحبته ، الإنسان لا ينبغي أن يهدر مستواه إلى مستوى لا يليق به ، قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ، أنا أتمنى أن أصحاب الحرف أحياناً لهم أصدقاء من حرفتهم، ومن مهنهم يجلسون ، ويتكلمون في هموم الحرفة ، وكأن سمرهم امتداد لعملهم ، هؤلاء لا يرتقون، أنا أنصح أصحاب الحرف الأطباء مثلاً ، والمهندسين ، والمحامين ، والمدرسين ، والتجار أن يخالطوا المؤمنين ، أن يرتادوا المساجد ، يجب أن ينتقلوا من جوّهم من جو التجارة ، من جو الطب ، من جو المحاماة ، إلى أجواء دينية ، لاشك أن كل واحد من الأخوة المستمعين حينما يحضر درس علم في المسجد يشعر براحة كبيرة ، ما هي هذه الراحة ؟ هذه الراحة ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكر عن ربه عز وجل :
(( إن بيوتي في الأرض المساجد ، وإن زوارها هم عمارها ، فطوبى لعبد تطهر في بيته ، ثم زارني ، وحق على المزور أن يكرم الزائر))
أنت حينما تصحب الصالحين ينعقد عندك عزم أكيد على أن تنهج نهجهم ، وأن تمشي في طريقتهم ، وأن تقلدهم ، إذاً هي خطوة نحو التوبة .ما الذي يغريك بالصالحين ؟ أن تصحبهم ، لو أن شاباً صحب الأراذل من الناس لا يخطر في باله ولا لدقيقة في السنة أن يتوب إلى الله أبداً ، كلما صحب الإنسان من مستوى دون مستواه لا يفكر أن يرتقي بمستواه ، أما حينما تخالط من هو أرقى منك علماً ، من هو أعلى منك قدراً عند الله ، من هو أقرب إلى الله منك ، تشتهي سمته الحسن ، تشتهي علمه ، تشتهي تواضعه ، تشتهي حكمته ، تشتهي ما ينطوي عليه من علم غزير ، أنت لا يمكن أن تندفع إلى شيء إلا إذا أغراك هذا الشيء ، من هنا تأتي صحبة الصالحين كباب من باب التوبة ، أنت إن لم تصاحب الصالحين فلا تفكر أن تتوب لرب العالمين .
صحبة الأخيار هي سبب منهج التوبة والاستقامة :
إذاً صحبة الأخيار هي سبب هذا المنهج ، منهج التوبة والاستقامة ، العكس لو فترت هذه الصحبة ، وقلّت في تكرارها ، وفي المكوث مع الصالحين ، وارتياد المساجد ، وحضور مجالس العلم .
لا أدري لمَ خطرت لي هذه الفكرة ؟ كنت أقولها قديماً ، إما أن تكون عبداً لله ، وإما أن تكون عبداً لعبد لئيم ، لابد من العبودية ، فإن لم تكن لله فأنت عبد لعبيده اللؤماء ، الآن لابد من صحبة ، الإنسان في أصل تكوينه اجتماعي هو إنسان ، لأنه مفتقر إلى من يجلس معه ، لذلك لو أننا أفردنا إنساناً في مكان ، حجزناه عن الصوت ، وعن الضوء ، وعن الوقت ، وعن الأخبار عشرين يوماً يختل توازنه العقلي ، فالإنسان أصله اجتماعي شئت أم أبيت ، فقياساً عن المقولة الأولى : إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم ، وإن لم تكن تصحب الصالحين فأنت حتماً تصحب غير الصالحين ، لا يوجد حالة ثالثة ، إما أن تصحب الصالحين ، وإما أن تصحب غير الصالحين ، الفرق صارخ ، لا أقول الفرق واضح بل إنه صارخ ، أنت إن صحبت الصالحين أغروك بالطاعة ، أغروك بالقرب من الله ، أغروك بطلب العلم ، أغروك بطلب الآخرة، أما إن صحبت غير الصالحين تتمنى معاصيهم ، تستمرئها ، تراها هينةً ، هذا لاحظته واضحاً جداً حينما سافرت إلى أمريكا ، تجد هذا الذي أقام بينهم ردحاً من الزمن ألِف أخلاقهم ، وألِف تفلتهم ، وألِف استهانته بمعصية الله تعالى ، كلمة واضحة جداً ، الصاحب ساحب ، قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ، البديل خطير جداً ، أنا حينما لا أصحب الصالحين ، وأصحب المنحرفين ، مع مداومة صحبتي لهم أشتهي ما هم فيه ، أو في الحد الأدنى لا أكبر معاصيهم ، لا أستعظمها ، أراها هينة ، والإنسان حينما يألف قوماً يتخلق بأخلاقهم ، ويتعلق بمبادئهم ، إن صح التعبير ، هم ليس لهم مبادئ ، بتفكيرهم أو بفلسفتهم للحياة ، فلذلك أنا لا أظن أن شاباً يمكن أن يلتزم منهج الله عز وجل ، أو أن يكون قريباً من الله إلا بصحبة شباب مؤمن مثله ، أما إذا أراد أن تزل قدمه ، والشيء الذي أحب أن أؤكده أن طريق القمة وعر جداً ، وصعب جداً ، ولكن طريق الانزلاق منها سهل جداً ، ما يبنيه إنسان بصحبة الصالحين في شهر يهدمه صديق سوء في يوم، ما يبنيه إنسان من خلال صحبة الصالحين في شهر يهدمه من صحبة الطالحين في يوم ، فالعمل التخريبي سهل جداً .
إذاً عليه المثابرة كي لا تفتر عزيمته ، ولا تفتر ثقته بنفسه ، وهذه العلاقة تبقى مع رب العالمين .
بشكل واقعي ، هذا الهاتف الخلوي إن لم تشحنه لا ينطق ، وهذا المؤمن إن لم تشحنه بصحبة الصالحين ينتهي إيمانه .
خاتمة وتوديع :
الأستاذ زياد :
أشكركم جزيل الشكر فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي ، أشكر المستمعين على حسن إصغائهم ، وحسن متابعتهم لبرنامجنا هذا منهج التائبين ، غداً نتابع بإذن الله الحديث عن التوبة ومسبباتها وموجباتها ، أشكركم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته