وضع داكن
20-04-2024
Logo
الأخلاق - الكبائر - الدرس : 2 - الظلم
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الظلم :

 أيها الأخوة الكرام، قلت لكم قبل أن أبدأ هذه السلسلة من الدروس - سلسلة دروس الكبائر- أن الكبائر المشهورة معروفة، القتل، الزنا، شرب الخمر، شهادة الزور، عقوق الوالدين، إلا أن العلماء جمعوا في بعض الكتب ما يزيد عن سبعين كبيرة، أردت من هذه السلسلة أن أعالج الكبائر التي لا يظن أنها كبائر تنبيهاً لشأنها ولخطورتها.
 اليوم الكبيرة الظلم، أحياناً الإنسان دون أن يقصد يظلم، والمجالات التي يمكن أن يظلم الإنسان فيها كبيرة جداً، بدءاً من الأب في بيته، الأم أحياناً تفضل ابنة عن ابنة، أحياناً الإنسان يكون موظفاً بسيطاً في مستشفى يشاهد حالة صعبة جداً، حالة إسعافية يقسو قسوة بالغة مع هذا المريض، أحياناً في دوائر كثيرة جداً، وانطلاقاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالإمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 فالذي يظلم الناس، أحياناً معلم في مدرسة، موظف في دائرة، طبيب في مستشفى، أحياناً موظف في المالية، أخ من أخواننا معه جواز سفر تاجر سافر إلى بلد أجنبي، أقام سبع سنوات، وعمل موظفاً هناك، ثم جاء إلى الشام وأراد أن يذهب مرة ثانية، يوجد عليه ضريبة كبيرة جداً لأن جوازه تاجر، عدوه هناك تاجراً، يوجد عليه خمسمئة ألف لا يملك منهما شيء إطلاقاً، يوجد أخ من أخواننا في المالية أنا قابلته تفهم الموضوع وساعده، قلت: هذا الموظف الذي فرض عليه جاءه بالوثائق، بالإيصالات، أين يعمل، رواتبه الشهرية حتى الشيكات التي كان يقبضها، ولم يقنع، يوجد ظلم، الإنسان إذا كان يعمل تاجراً لا يوجد مانع بل هو عمل موظفاً، هذا الموظف يصوم، ويصلي، ويزكي، لكن إنساناً ممكن أن تأخذ من ماله الحلال، أن تبيعه بيته لتأخذ الضريبة منه، وأنت ليس مقتنعاً أنه كان تاجراً هناك، كان موظفاً وجاءك بكل الوثائق، نحن نريد الموظف البسيط الذي يجلس خلف الطاولة بالمالية، بالتأمينات، بالتموين أحياناً، يعرف ثمن السوق ويريد أن يبيع بسعر معقول، غير أن عندك في اللوائح القديمة وجدت فرقاً في السعر كتبته مخالفة، ظلم الناس مخيف جداً من الكبائر.

ظلم الناس من الكبائر :

 أردت أن أجعل من هذا الدرس لهؤلاء الذين يعملون في المستشفيات، في المدارس، في المصحات، في دوائر الدولة، في الجمرك، بالمالية، بالتأمينات، في أي قسم من أقسام الدولة، أحياناً دون أن يبالي يوقع ظلماً شديداً جداً، من دون أن يبالي يوقع حرجاً كبيراً، لذلك الأحاديث والآيات المتعلقة بالظلم شيء لا يصدق، قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

[ سورة الشورى : 42]

 لا يوجد إنسان بأي وزارة بقمة العمل يأمر موظفيه بإيذاء الناس، هذه مستحيلة، أما الموظف المنحرف فنفسه يؤذي الناس، رأس العمل لا يأمر بإيذاء الناس ولا يمنعك أن تحسن إليهم إلا أن هذا التصرف تصرف فردي، سلوك فردي طائش غير ملتزم، غير مبال، فإذا الله عز و جل كرمه بعمل وراء طاولة هذا الذي أمام الطاولة إنسان له مصالحه، وله كرامته، وله أحاسيسه، وله مشاعره، وله مصالحه، فإذا ظلمته فالله سبحانه وتعالى ربما فعل بك ما لا تحتمله.
 حدثني أخ منذ أربعين سنة، باخرة حجاج والآن لا يوجد بواخر حجاج، رجل لابس منشفة وجالس في الباخرة حوله تجار، أنا اشتريت كذا وبعت كذا، وكان موظف مالية، سجل عليهم كلهم، عاد إلى الشام أحضرهم واحداً واحداً، أنت في الحج وتركب باخرة ومحرم، كيف أحضرتهم؟
 أحياناً يكون الإنسان بعمل بسيط لكن يمكن أن تؤذي كثيراً، يجب أن تنصف، ترى قاضياً يقول لك: عندي ستة آلاف دعوى، أنت لا يوجد عندك خيار إما أن تكون قاضياً عادلاً أو اترك الوظيفة، أما لا تقرأ الدعوى ولا تدقق فيها، أربع سنوات ثلاثة ملايين وقّعنا، هذا له أسرة أربع سنوات حرمته من زوجته وأولاده، وأربعة ملايين بيعته بيته حتى لا تدقق في الدعوى، هذا الدرس موجه إلى كل إنسان له عمل ممكن أن يؤذي الناس به.

ملعون من هدم بنيان الله :

 الله عز وجل كبير وعنده أمراض وبيلة، خبيثة، أورام، أمراض بالقلب، خثرة بالدماغ، يوجد شلل، تشمع بالكبد، فشل كلوي، كلهم عباده، مرة قال لي شخص أصيب بمرض: أنا على طاولة العمليات ناجيت الله قلت: يا رب إن كنت آذيت أحد عبادك فأمتني، أما الذي أعلمه أنني لم أوذ أحداً من عبادك خلال أربعين عاماً، وإن كنت كذلك فاشفني، فالله سبحانه وتعالى شفاه.
 موظف، هذا الذي أمامك إنسان، بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله، لا تخيفه، لا تأخذ له ماله، أنا أعرف شخصاً ترك محلاً صغيراً توفي وعنده خمسة أولاد وسيارة قديمة، قيمة المجموع مليون ونصف ضريبته ستمئة وخمسين ألفاً، هذا ليس معقولاً، أموال أيتام، أنا مشكلتي مع الذي قيّم، هذا إنسان عنده أولاد وعنده أسرة، الله يحاسب حساباً شديداً، فإذا أنت استلمت عملاً بالمالية، تموين، جمارك، يجب أن ترحم الناس، كن منصفاً أقل شيء لا أحد يمنعك أن تكون منصفاً، لا تحتج بغيرك أبداً، لا يوجد إنسان أعلى منك يمنعك أن تكون منصفاً أو يؤاخذك إذا عدلت، بالعكس تعلو في نظر الناس وفي نظر رؤسائك، هذا إنسان، الأصل أن نفهم روح القانون وليس شكليات القانون، فلذلك قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

[ سورة الشورى : 42]

 أنت انظر الأعلى ترى عنده رقياً، فهماً، واقعية، أما هذا الصغير الذي لا يصدق نفسه أنه يستطيع أن يؤذي الناس حتى يؤذيهم، أنا حدثني أخ بالحجاز بموسم الحج الشديد شخص يوجد عنده زريبة حيوانات، سقفها تنك، تصور زريبة حيوانات بمكة سقفها تنك، استقبل فيها حجاجاً، الحر هناك ست وخمسون، نحن بالأربعين خرجنا من جلدنا، بستين يوماً لم نتحمل الأربعين، هناك ست وخمسون فيها حجاج، روى لي رجل من أهل مكة قال لي: بعد شهر أصابه سرطان جلد ومات به، الله كبير، كل إنسان قدرته على الأذى كبيرة، أول ولد معتوه، والثاني، والثالث، والرابع، الله عز وجل أحياناً يبطش بطشاً لا يحتمله إنسان، قال تعالى:

﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾

[سورة البروج:12]

 لو صليت وصمت وحججت وزكيت، من الكبائر أن تؤذي الناس، من الكبائر أن تسلبهم مالهم، من الكبائر أن تدخل الروع على قلوبهم، الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله، قال تعالى:

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾

[ سورة المائدة: 79 ]

كل إنسان مسؤول عن رعيته :

 سيدنا عمر لما تولى الخلافة قيل له: إن الناس هابوا شدتك فبكى وقال: والله لو يعلم الناس ما في قلبي من الرحمة لأخذوا عباءتي هذه، ولكن هذا الأمر لا يناسبه إلا كما ترى، مرةً قال: أيها الناس كنت سيف رسول الله المسلول فكان يغمدني إذا شاء حتى توفي وهو عني راض، الحمد لله على هذا كثيراً، وأنا به أسعد، ثم حدثهم عن سيدنا الصديق، إلى آخره ثم قال: "أيها الناس اعلموا أن هذه الشدة قد أضعفت، وإنما تكون على أهل البغي والعدوان، وإنما أهل التقوى والعفاف فأنا ألين لهم من أنفسهم، وسأضع خدي لهم ليطؤوه بأقدامهم، أيها الناس: لكم عليّ خمس خصال خذوني بهن، لكم علي ألا آخذ من أموالكم شيئاً إلا بحقه، وألا أنفقه إلا بحقه، ولكم علي أن أزيد عطاياكم إن شاء الله تعالى، ولكم عليّ ألا أجمركم في البعوث، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا".
 وقال لبطنه مرة: "قرقر أيها البطن أو لا تقرقر فو الله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين"، وقال مرةً وقد وضع له طعام أمامه- سنام الناقة وأطيب ما فيها- قال: "بئس الخليفة أنا إذا أكلت أطيبها وأكل الناس كراديسها"، وكان يقول: "لو تعثرت بغلة في العراق لحاسبني الله عنها لم تصلح لها الطريق يا عمر"، وقال تعالى:

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾

[ سورة المائدة: 79 ]

 والحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري:

((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالإمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 معلم بمدرسة صف أول ابتدائي، عنده ثلاثة وثلاثون طالباً، قال له طالب: أستاذ هذا ضربني، فضربه وقال له: اذهب عني، أنت ضربت المضروب ضرب من رفيقه ومنك، هذا صغير لا يعلم، لا ليس صغيراً، صار عنده عقدة نفسية، شعر بالظلم من معلمه، أحياناً يغضب المعلم يضرب الكل، هذا كاتب وظيفته، لا الكل، الآن غضب.

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

الظلم ظلمات يوم القيامة :

 دخلت إلى المحل ورأيت ثوباً سقطت تسعيرته على الأرض، هل من المعقول أن تضع هذا الإنسان في عدرا شهرين إذا التسعيرة سقطت على الأرض؟ تاجر وعنده امرأة وأولاد، يمكن أن تسقط التسعيرة وأنت تتمسك بها، الله كبير، القانون معك والتموين ضروري لأن الله يذع بالسلطان ما لا يذعه بالقرآن، أنا أقول لكم أحياناً الشدة رحمة، هناك أشخاص أعلم علم اليقين يأتون بالدواب الميتة ويبيعونها للناس طعاماً، يركب سيارته أين يوجد غنمة مدهوسة يأخذها ويعملها صفيحة ويبيعها للناس، هذا يريد تمويناً؟ والله يحتاج إلى تموين، يمكن أن تضع صباغ البلاط في السكاكر، ضبطت معامل سكاكر يضعون صباغاً صناعياً في السكاكر، هؤلاء أولادنا ممكن بضاعة منته مفعولها نهائياً تعمل لها لصاقات جديدة وتبيعها على أنها مستوردة حديثاً.
 أنا قلت مرة لأحد موظفي التموين: هيئ لكل ضبط جواباً إلى الله تعالى وليس معنى هذا أنك مكتف اليدين، لا، إذا إنسان يسيء يطعمنا مواد سامة، مواد مسرطنة، مواد منتهية المفعول، حاسبه، وحسابه نوع من الدين، قال تعالى:

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة النور : 2 ]

 أما إذا رجل مظلوم فالله يحاسبك أنت، الله كبير، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

((عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ وَقَدْ حَسَّنَهُ صَاحِبُهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا طَعَامٌ رَدِيءٌ فَقَالَ بِعْ هَذَا عَلَى حِدَةٍ وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ فَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ))

[أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ]

 لماذا الغش من الكبائر؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نفى أن يكون الذي يغش الناس من أمة محمد، هذا أحد أدلة أنها كبيرة، والظلم ظلمات يوم القيامة.

تعجيل العذاب للباغي و العاق :

 مرّ معي بالأحاديث أن هناك ذنوباً كبيرة جداً يؤخر الله حسابها إلى يوم القيامة إلا البغي والعقوق، فالله سبحانه وتعالى يعجل لصاحبهما العذاب في الدنيا قبل الآخرة:

(( أَيُّمَا رَاعٍ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَغَشَّهَا فَهُوَ فِي النَّارِ ))

[متفق عليه عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ]

 أحياناً دخل لعندك مريض، الطبيب من رعاياه المرضى، المهندس من رعايا أصحاب المشاريع، ممكن أن يوافق المهندس أن يسحب الحديد بعد الصب، قبل الصب، البناء مال، رجل دفع ثمن بيت، البناء يجب أن يخلى، من أجل أن يوفر المتعهد خمسين ألفاً هدم بناء بأكمله، ما هو السبب؟ المهندس له رعايا، المعلم له رعايا، يمكن ألا يعلم طلابه، تنشأ مشكلات في البيوت، ملّ والمعاش قليل، المعاش قليل استقيل أو علّم بضمير، لا أحد يجبرك أن تعلم على قدر المعاش هذه ما قالها أحد:

(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... ))

[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 وأقول هذا الكلام مرةً ثانية: الذين في المكان الأعلى لا يمكن أن يأمروك في إيذاء الناس، كما أنه لا يمكن أن يمنعوك أن تكون منصفاً ومخلصاً، بالعكس ترقى عندهم وتزداد مكانتك، الخطأ من الصغار، من هؤلاء الذين يظلمون الناس بغير الحق.

(( فعَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ: مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ))

[متفق عليه عَنْ الحسن]

الدين النصيحة :

 مرة أخ من أخواننا، طبيب زارنا يوم الجمعة، حدثني عن قصص مؤلمة جداً، أن إنساناً طبيباً توهم أن في الثدي يوجد سرطان فاستأصله، وبعد أن استأصله كان لا يوجد فيه شيء، الفتاة معقود قرانها على شاب جيد جداً، فلما استؤصل ثديها وأيضاً الشاب عنده وجهة نظر فسخ العقد، أي الفتاة تدمرت وثديها لا يوجد فيه شيء إطلاقاً، ذكر لي قصتين أو ثلاث، وقال لي: أنا أرجوك إذا كان أخ من أخوانك يحتاج إلى عملية تحتاج إلى استئصال لا تقبل إلا بعد مشاورة طبيبين أو ثلاث حتى يصبح تواتر، سبحان الله بعد فترة أخ من أخواننا ابنته صار معها إشكال في كليتها، ذهب إلى طبيب قال له: تحتاج إلى استئصال فوري وإلا تتوقف الثانية، جاء واستشارني، قلت له: لا، اذهب إلى الطبيب الفلاني وأنا أعلمه يخاف الله، فقال له: لا يوجد حاجة لأن نستأصلها، معنا عدة أشهر، جاءني مرة بوقت غير مناسب من شدة فرحه قال لي: بعد ثمانية عشر يوماً الكلية الأولى التي كنا سنستأصلها عملت، والآن ابنته سليمة، لو أخذنا رأي الطبيب الأول والأول جراح طبعاً، أما بالعالم كله فالذي يقرر العملية هو الطبيب الداخلي وليس الجراح، حتى لا يكون هناك مصلحة، هذا الطبيب الجراح استأصلها بربع ساعة واستراح، والبنت التي عطبت!!
 فقضية الدين، أنا لا أفهم الدين في المساجد، الدين في المستشفى، في السوق، في المكتب التجاري، في مكتب المحامي، مكتب الطبيب، هذا هو الدين، فإذا إنسان ما نصح ليس مسلماً، النبي قال:

(( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلاثَ مِرَاتٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلأئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ))

[الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 تعريف جامع مانع موجز، الدين النصيحة، سبحان الله جاءني بوقت غير مناسب من شدة فرحه وقال لي: عملت الكلية الثانية، وكان سيستأصلها.

محاسبة الإنسان على أعماله محاسبة شديدة :

 درسنا اليوم كبائر أي تصوم، تصلي، تحج، تزكي، تعمل عمرتين أو ثلاث، وتعتبر نفسك صاحب دين من الطراز الأول، وأنت في عمل أحياناً بالمالية، بالتموين، بالجمارك، بوظيفة أنت مستلمها، طبيب، مهندس، ممرض، أحياناً غلطة يذهب المريض، ممكن أن تنجح عملية قلب و يموت المريض من التضميد، من تضميد الجرح صار معه إنتان، الإنسان يحاسب على أخطائه، قال تعالى:

﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾

[ سورة يس: 12]

 صار كل عمل تحاسب عنه حساباً شديداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً...))

[متفق عليه عَنْ الحسن]

 طبعاً وضحنا رعية المعلم طلابه، رعية الطبيب مرضاه، رعية المحامي موكلوه، وضع ثقته فيك، وطلبت أتعاباً مقدمة ثلاثمئة ألف، وأنت لا عليك، اذهب ونم، والمحامي نام، ما تابع أمره، ما قرأ المذكرة، ما راجع القوانين، صدر الحكم ضده، أنت أخذت ثلاثمئة ألف مقابل ماذا؟ ما اهتممت، أما الموكل فلا يستطيع أن يكشف الحقيقة، خصمك اتفق مع الثاني، ويقول للموكل: خصمك كبير جداً دفع أكثر منك، ويتهم غيره، ممكن أن تقنع الناس كلهم لكن الله لا تخفى عليه الحقيقة، يوجد مثل فرنسي: يمكن أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، ويمكن أن تخدع بعض الناس لكل الوقت، أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت فهذا مستحيل، أما الله عز وجل فلا يمكن أن تخدعه لثانية واحدة لأنك مكشوف أمامه، الدين بعملك، الدين ببيعك وشرائك، يمكن أن تبيع دواء منتهي المفعول، عند التاريخ ترى الورقة ممزقة، والدواء قد بيع، أنا كنت أظن أن الدواء إذا كان منتهي المفعول لا ينفع، اكتشف منذ سنة أنه يؤذي أذى كبيراً جداً، لأن هذه المواد تفككت، وعندما تفككت أصبحت مواد ذات فعالية أخرى سلبية، فأنا أعرف شخصاً كاد يهلك من دواء منته مفعوله، فلما سألنا الوضع غير طبيعي، أخذ دواء مضاداً للالتهاب منته مفعوله، اشتراه وعند التاريخ محكوك، إقياءات شيء غير معقول، سألنا طبيب فقال: الدواء المنتهي المفعول مؤذي جداً، إذا كان عندك هذا الدواء وبعته إلى إنسان، صلاتك ليس لها قيمة، أنت بعت دينك لم تبع دواء، بعت دينك كله ولم تبع دواء، بعت دينك بخمسين ليرة، اتلفها بيدك والله يعوض.

(( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ))

[متفق عليه عَنْ الحسن]

 وفي رواية أخرى:

((عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ))

[متفق عليه عَنْ الحسن]

الكبائر تلغي العبادات و الجهاد :

 من الكبائر أن تظلم الناس، والكبائر تلغي العبادات، الدليل، إنسان ارتكب كبيرة في عهد الصحابة الراشدين، بلغ ذلك السيدة عائشة قالت: قولوا له: إنه أبطل جهاده مع رسول الله، الكبائر تلغي العبادات وتلغي الجهاد، والجهاد ذروة سنام الإسلام، فالعبادات من باب أولى، لا تبع دينك بمئة ليرة، بعرض من الدنيا قليل، والله المؤمن لا يبيع دينه ولا بمئة ألف مليون، يقول: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، المشكلة أخواننا الكرام أنه يوجد مهن خطيرة جداً، والمشكلة الأخرى أن هذه المهن أصحابهم موثوقون، وبإمكانهم أن يجمعوا أموالاً طائلة، وألا ينفعوا أحداً إن لم يؤذوا، وهذه مشكلة كبيرة، نحن نريد مسلماً ملتزماً، مسلماً إيمانه صارخ، استقامته صارخة، عمله بين.

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَبِي قُلْتُ لِيَحْيَى كِلاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولاً لا يَفُكُّهُ إِلا الْعَدْلُ أَوْ يُوبِقُهُ الْجَوْرُ ))

[أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 أي يأتي أي إنسان وكّل على عشرة أشخاص تؤتى يداه مغلولتين يوم القيامة، أطلقه عدله أو أوبقه جوره، يقول لي أحياناً طالب: لم أنجح أول دورة، وثاني دورة، وثالث دورة، طلب مني شيئاً لم أؤمن له إياه، صار له ست سنوات، يعلق على مادة واحدة، هذا ليس عشرة بل خمسمئة طالب، إذا الإنسان ما عرف الله عز وجل يظن أن إيذاء الناس شيء سهل، يظن أن ابتزاز أموالهم شيء سهل، يظنه ذكاء، أما هو فسوف يحاسب حساباً عسيراً.

((عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ ))

[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]

الإنسان مؤاخذ و محاسب وحده :

 هناك قصة وقعت من أخطر القصص رجل شك بابنته وخاف أن تكون حاملاً فعمل لها تحليلاً، وقعت العينة من يد الموظف وكسرت، خاف من الطبيب فكتب: التحليل إيجابي، فجاء مساءً فقال له: مبروك ابنتك حامل، فذبحها مساءً، كان من الممكن أن تقول له: انكسرت العينة أحضر عينة ثانية، وهذا أفضل و لو تأخر التحليل يوماً ثانياً:

(( اللَّهُمَّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ ))

[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]

 أحياناً يكون لابد من قانون دقيق، هذا القانون ينفذه الصغار تنفيذاً ما أراده واضع القانون.
 أحد أخواننا له ثلاثة عشر أخاً، يسكن في بيت والده اشتراه بماله عدّاً ونقداً، من عشرين سنة، اشتراه مع أخته أي مع عمته، العمة تعمل بالمحاماة، والبيت كان ثمنه خمسمئة ألف وأصبح ثمنه ثمانية عشر مليوناً، البيت كان لجمعية تعاونية، والأب لم يخطر في باله أن يطلب من أخته وصلاً، البيت باسمها وهو دافع نصف ثمنه من عشرين سنة، وعنده أربعة عشر ولداً، هذه العمة رأت أن البيت لها بالطابو، فقالت له: سوف أعطيك مليون ليرة وتخرج من هذا البيت، فقال لها: أين أذهب و عندي أربعة عشر ولداً؟ فقالت له: هذا الحاضر أنا أستطيع أن أخرجك، النتيجة لم يرض أن يأخذ مليون ليرة ويخرج، هو دفع مئتين وخمسين ألفاً الآن ثمنه ثمانية عشر مليوناً، والعمة عانس ليس لها أحد، بعد أخذ ورد بأسلوب ماكر أخرجته من البيت وهذا الأخ أحد أخواننا، وأنا مع القصة يوم بيوم، توزعوا الأولاد بين بيت الجد والبيت لجد الأب، والأثاث وضع في مستودعات، والأسرة تشردت، أي مأساة كبيرة جداً، وأنا قلت: الله عز وجل كبير جداً ولابد من أن ينتقم، الأخ الكريم أخبرني بعد شهر أن عمته مصابة بمرض السرطان في أمعائها، وأنا أعرف أن هذا المرض يمكن أن يمد سنتين، بعد شهر أخبرني أن عمته توفيت، أخوها عاد إلى البيت كاملاً، خلال شهرين انتهت فاستحقت لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
 أقول لكم درسنا اليوم عن الظلم، وكل إنسان بموقع معين يستطيع أن يظلم، ولا أحد يجبرك على الظلم، هذه دعها في ذهنك، الذي أعلى منك لن يستطيعوا أن يجبروك على الظلم بالعكس ولن يمنعوك من العدل، فأنت مؤاخذ وحدك، ومحاسب وحدك، وهذه الأمة نحن كلنا من هذه الأمة، إذا معلم أساء إلى ابنك من أين المعلم؟ منك وفيك، إذا المهندس أساء، إذا الطبيب أساء، من هم؟ نحن، الدين يردع الإنسان عن الظلم، لذلك الظلم من أكبر الكبائر.

الظلم يلغي كل عبادات الإنسان :

 الظلم يمكن أن يلغي كل عباداتك، بل إن كنت مجاهداً في سبيل الله والجهاد ذروة سنام الإسلام قولوا لفلان إنه أبطل جهاده في سبيل الله، قبل أن تظلم إنساناً، قبل أن تأخذ مالاً أكثر مما يجب، قبل أن يدلس الإنسان، قبل أن يغش، يعد الإنسان إلى المليون، لأن الله عز وجل سيحاسب حساباً عسيراً.

((اللَّهُمَّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ ))

[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]

((إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ وَإِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَشَدَّهُ عَذَابًا إِمَامٌ جَائِرٌ ))

[أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ]

 لأنه اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً فإنه ليس بينه وبين الله حجاب، ليس بين الكافر المظلوم وبين الله حجاب، وفي رواية: دعاؤه يصعد إلى السماء كالشرارة، دعاء مظلوم، قبل أن تظلم إنساناً عد إلى المليون، وراقب الله سبحانه وتعالى، أنت في قبضته وأنت في يده.
 يوجد إنسان مؤذ أذى غير معقول، والناس كلهم يشتكون منه، فجأةً لم يؤذ أحداً، انقلب مائة وثمانين درجة، الناس عجبوا أشد العجب، فتبين لهم أن أول ولد له والثاني والثالث والرابع معتوهون، فكل هذا المال الذي حصّله ما قيمته أمام أربعة أولاد معتوهين، ثم تاب إلى الله توبةً نصوحة:

((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ))

[أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ]

 معنى هذا أنه إذا لم يكن هناك استجابة لأنه ليس هناك أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر.

(( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ))

[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]

 أي مردود عليه، أي كل شيء ما فعله النبي ولا فعله أصحاب النبي وليس معه دليل من الكتاب والسنة إنما هو بدعة.

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ))

[مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

((لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ))

[متفق عليه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

من لا يرحم لا يُرحم :

 هناك مآس لا تعد، أحياناً ترى طبيباً يرحم الناس، طبيب إسعاف مع الناس دائماً، ويوجد طبيب آخر ينتظر ساعة فيموت المريض، يجلس ويقرأ جريدة ويشرب الشاي نزل فوجده ميتاً، يتحاسب أشد الحساب.

((حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الأزْدِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلانٍ وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فَقُلْتُ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ وَلاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ قَالَ فَجَعَلَ رَجُلاً عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ ))

[أبو داود عَنْ يحيى بن حمزة]

 يوجد أخ له عمل بدائرة عليها طلب شديد، زرته مرة الباب مفتوح، من كان يحضر إلى عنده يعمل ترتيباً، البدء عنده وهو يحول الموظفين، لا يستطيع موظف أن يؤخر ويماطل، يدخل إلى عنده يوقع ويأخذ تاريخ الورقة، رأيت منه إنصافاً عجيباً وخدمة للناس غير معقولة، دائرة حساسة، مئات كل يوم يدخلون لعنده، والباب مفتوح ما احتجب على أحد، يوجد موظفون لهم خدمات كثيرة، ويرحمون الناس، وينصفون الناس، ويحسنون إلى الناس، ويرأفون بهم، ويلفتون نظرهم إلى الأخطار، هذا إنسان الله عز وجل يرحمه.

((....مَنْ وَلاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ ..))

[أبو داود عَنْ يحيى بن حمزة]

 والإمام العادل يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

(( عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ))

[أبو داود عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ ]

 إذا إمام عادل، منصف، يقظ، يرعى مصالح الناس، يرعى أمرهم، يرعى مصالحهم، إذا أنت احترمته احتراماً زائداً، احترامك له من إجلال الله، شجعه.

كل إنسان راع و مسؤول عن رعيته :

 حدثني أخ كان له عمل، خمسة آلاف شخص تابع أضابيرهم، وأمورهم، المظلوم أنصفه، هذا أخرجه، عمل ليلاً نهاراً، هذا طريق الجنة، لا تخلو الدنيا من أناس صالحين، يخافون الله، يرحمون الناس، ينصفونهم، يترفعون عن أكل المال الحرام:

((إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ))

[أبو داود عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ ]

(( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ))

[مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو]

((عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رُبَّمَا قَالَ وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاذًا قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ))

[متفق عليه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ]

 أحياناً يكون رجل فقير جداً، مكلف بمهمة خارج القطر، يحضر معه كيلوان من الموز لأولاده عندما كان الموز ممنوعاً، فتؤخذ منه ويدفع غرامة، فقير منتوف اشتهى لأولاده كيلو موز دعه وشأنه، أحياناً يوجد قسوة بالغة وهذا من قسوة القلب، قال تعالى:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً ﴾

[سورة القصص:83]

 درسنا اليوم في الكبائر، والظلم من الكبائر، وكل واحد منا راع، ومسؤول عن رعيته، أنا لا أصدق أحداً من الحاضرين إلا وهو راع، في كل هذه البلاد إلا وهو راع، الزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، الخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وسع، إن كنت تاجراً فرعيتك زبائنك، وإن كنت طبيباً فمرضاك، وإن كنت محامياً فموكليك، وإن كنت مهندساً فالذين يعملون معك، وإن كنت موظفاً فمن دونك، وإن كنت موظفاً بالتموين فالتجار الذين أمامك، المسيء حاسبه، والمظلوم أنصفه، والله كبير، وكلهم عباده، والله يوجد عنده أشياء مخيفة، وهيئ لله جواباً عن كل عمل هذا الكلام الدقيق، والظلم ظلمات يوم القيامة .

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ك ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ))

[الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

المستقيم يدافع الله عنه و يحفظه :

 من الكبائر التي لا ينتبه الناس إليها الظلم، أو أن تؤذي من وكلهم الله إليك، من جعلك الله قيّماً عليهم، وكل إنسان راع، سمان صغير، هل يوجد أصغر من هذا العمل؟ إذا كان البيض فاسداً يبيعه، وقعت فأرة في تنكة الزيت، هذا خان رعيته، قال له زبون: أعطني أوقيتين من الزيت البلدي، هذا الزيت سعره مرتفع والفأرة نجسة، فهذا السمان خان الأمانة.
 بالمناسبة ودققوا في هذا الكلام، لا يوجد إنسان يخاف من الله وحده الله يخوفه من إنسان، الله يحميه، إذا الإنسان فعل شيئاً وما خاف من الله يجعله ذليلاً أمام إنسان آخر أقوى منه ويخيفه.
 قال لي رجل: ركبي تقصف عندما دخل موظف التموين، الله يعلم ماذا يفعل مع الناس، أما إذا رجل مع الله ما أذى أحداً أبداً فلن يضره الله أبداً، بلغني مرة أن إنساناً دخلوا لعنده، يوجد عنده امرأة قالت لهم: لم تجدوا سوى هذا الرجل، هذا الرجل صادق أمين يخدم الناس، استحى هذا الموظف وخرج، يمكن إذا كان الرجل مستقيماً الله يدافع عنه، ويحفظه، ويرفع له مكانته.

من خاف الله وقاه الله كل مخيف :

 النقطة الدقيقة بالدرس إذا أنت خفت من الله وحده لا يمكن أن يخيفك من أحد، ويجعلك عزيزاً، أما إذا بينك وبينه لم تخف منه، آذيت له عباده، يوقفك موقفاً ذليلاً أمام أحقر إنسان، فتتذلل له وهو لا يتحكم بك، قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾

[سورة النساء:141]

 الإنسان يتقي الله، لا يغش الناس، الله هو الرزاق، قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾

[سورة الذاريات:58]

 أخ من أخواننا قال لي: نصف غلتي من الدخان، وهذه القصة من عشرين سنة أو قبل خمس عشرة سنة، قلت له: لا تبع دخاناً ليس لك مصلحة، فقال لي: نصف غلتي منه، قلت له: لا تبعه، توقف عن بيع الدخان قال لي: ما شاء الله اشتريت أول محل والثاني، والأمور كلها مباحة وحلال، والله أكرمني وصحتي جيدة، أما عندما ضحى، نصف الغلة من الدخان تأتي، وقلت له: توقف عن بيع الدخان ولا تخف ولا تكن سبباً في إيذاء الناس فأكرمه الله.
 أنا الآن أرتاح أي إنسان يعلن عن الدخان يدفع مئة ألف غرامة، إذا إنسان كتب: عندنا دخان، خولف بخمسة وعشرين ألفاً، هذه نعمة كبيرة، هذا الدخان يؤذي الناس، توقف عن بيع الدخان، والله أعطاه وأكرمه بمحلين مقابل بعضهم، كثير من الناس كانوا يبيعون الخمر في مطاعمهم، تركوا الخمر تضاعفت غلتهم، وأناس بالعكس تركوا الخمر خلال ستة أيام الغلة نقصت، ثم أعاد الخمر وبعد اثني عشر يوماً مات، مات متلبساً بجريمة بيع الخمر في محله.

الدين استقامة و خوف من الله :

 ملخص الدرس لا تخف ولا تخش إلا الله، فإذا خشيت الله وقاك الله من كل مخيف، ولا تأخذك بالله لومة لائم، والظلم من الكبائر، وكل إنسان ولاه الله عملاً أو منصباً كل موظف يستطيع أن يؤذي الناس.
اسمعوا هذه الكلمة، كل موظف ولاه الله أمر مجموعة من الناس، يجب أن يهيئ لله جواباً عن كل شيء يفعله، لله وليس لعبد الله، لأنه يوجد قبر، وحساب، وأنكر ونكير، لماذا فعلت كذا؟ أما إذا إنسان مسيء يؤذي المسلمين، يؤذيهم في غذائهم، أنا اليوم قرأت في الجريدة شيئاً مؤلماً جداً، نهر ماؤه أسود اللون، كل الأسيقة عليه، وهذا النهر تسقى به مزارع كثيرة جداً، كلها خس، وبقدونس، هذه كلها أمراض، لا يخافون من الله، هذه مياه سوداء لابد من أن نبتعد عن سقي المزروعات بها، والآن ثبت أن المزروعات تتأثر بهذه المواد، أنت مواطن بريء تحتاج إلى بقدونس، هذه أمراض وليست بقدونس، عندنا الهرمون محرم، ممنوع استيراده، وإذا كان هناك صيدلية زراعية تبيع هرموناً تغلق فوراً، ومع ذلك يحضرونه تهريباً ويضعونه للبندورة لتكبر، هذه مهرمنة وهي مواد مسرطنة، فإذا كان الرجل لا يهمه مصالح الناس، لا يهمه كرامة الناس، هذا يجب أن يحاسب حساباً دقيقاً، القضية قضية دقيقة، الدين استقامة، خوف من الله عز وجل، يوجد أناس ينتقون الصغيرة، هذه لا يوجد فيها هرمون، أما الكبيرة ففيها هرمون، والهرمون مادة ممنوعة.
الآن صدر قرار مريح جداً: أي مادة مستوردة غير مسموح استعمالها ببلد المنشأ ممنوع استيرادها، الأجانب لا تبرؤونهم يبيعون مواد سامة، مواد مسرطنة، ولكن عندهم ممنوع استعمالها، نحن الآن من فضل الله لا يمكن استيرادها إلا بشهادة أنه مسموح استعمالها في بلد المنشأ، وإلا صحة الناس غالية جداً.

كل إنسان مؤتمن عما تحت يده :

 درسنا اليوم من الكبائر، الظلم، ولا يوجد واحد منا إلا وله رعية، فإذا نصحها أنقذه الله، وإذا غشها أتلفه الله، بدءاً من معلم ابتدائي، مدير مستشفى، طبيب، مهندس، تاجر، موظف تموين، مالية، موظف جمرك، موظف تأمينات اجتماعية، قال لي رجل: كل البضاعة وطنية، أخذوها حتى يصدر إفراجها تحتاج إلى ثمانية أشهر، هذا الموظف ما أنصفه، هو لم يتلقَ من رئيسه أن يظلم، هذا من عنده وسيحاسب، هذا البضاعة ليست مستوردة، وأبرز له الفواتير كلها، فقال له: تحل هذه في المحكمة الجمركية، الله كبير.
 الذي أتمناه عليكم إن كان لكم أعمال متعلقة بالمواطنين أنصفوهم، وارحموهم يرحمكم الله، ولا يوجد أحد على الإطلاق إلا وله علاقة مع الناس، لا يوجد أحد إلا وتحت يديه رعية، أقل راع الأب، عندك ثلاثة أولاد وزوجة هل يوجد أقل من هذا؟ أنت راع، أقل راع خادم في محل تجاري، يأتي يفتحه صباحاً بمفرده يستطيع أن يسرقه، هو مؤتمن عليه، لا يوجد إنسان مهما قلّ شأنه إلا وهو راع، وتحت يده رعية، فإن نصحها أكرمه الله، وإن غشها أتلفه الله.

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور