وضع داكن
25-04-2024
Logo
الصلاة - الدرس : 09 - مكروهات الصلاة - الأذكار والدعوات
  • الفقه الإسلامي / ٠5العبادات الشعائرية
  • /
  • ٠3الصلاة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

مكروهات الصلاة :

1 ـ ترك واجب أو سنة عمداً كعبثه بثوبه وبدنه وهذا يخل بالخشوع :

 أيها الأخوة المؤمنون، يكره للمصلي سبعة وسبعون شيئاً أولها ترك واجب أو سنة عمداً كعبثه بثوبه وبدنه هذا يخل بالخشوع، قال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

[ سورة المؤمنون الآيات: 1-2 ]

2 ـ سبق الإمام :

 سبق الإمام، ترك الواجب يوجب سجود السهو، ترك السنة لا يوجب شيئاً، أما أن تترك الواجب عمداً وتسجد له أو أن تترك سنة عمداً فهذا من مكروهات الصلاة.

3 ـ قلب الحصى :

 قلب الحصى أي إذا أراد أن يسجد الرجل وكان في موضع سجوده حصى مؤذية فأزاحها أو قلبها أو عدلها فهذا مكروه ولكن لمرة واحدة مقبول، أما أن يجعل من قلب الحصى طريقةً لـه في الصلاة دائمة كلما همّ في السجود مهد مكان سجوده، فهذه من مكروهات الصلاة.
 و النبي عليه الصلاة والسلام كما قلنا قبل قليل عن العبث بالثوب والبدن رأى رجلاً يعبث بثوبه ولحيته فقال: "لو خشع قلبه لخشعت جوارحه".
 والنبي عليه الصلاة والسلام في موضوع الحصى قال:

((عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ: وَاحِدَةٌ وَلَئِنْ تُمْسِكْ عَنْهَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ مِائَةِ بَدَنَةٍ كُلِّهَا سُودُ الْحَدَقَةِ ))

[أحمد عن جابر]

 فإذا وجدت ضرورة بالغة تزيح الحصى وتقلبها وتعدلها فمرة واحدة ولأن تمسك عنها خير لك.

4 ـ قرقعة الأصابع في الصلاة :

 قرقعة الأصابع في الصلاة، أحياناً لمجرد أن يقوم إلى الوقوف يضغط على أصابعه على الأرض فيفرقعها هذا من مكروهات الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام:

((لا تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلاةِ))

[ابن ماجة عَنْ عَلِيٍّ]

5 ـ تشبيك الأصابع :

 وتشبيك الأصابع أيضاً نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام وقال:

((عَنْ إسماعيل بْنِ أُمَيَّةَ سَأَلْتُ نَافِعًا عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَهُوَ مُشَبِّكٌ يَدَيْهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تِلْكَ صَلاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ))

[ أبي داود عَنْ إسماعيل بْنِ أُمَيَّةَ]

6 ـ التخصر :

 أن يضع يديه على خصره وهذا أيضاً من مكروهات الصلاة أيضاً فيها تشبه بالجبابرة.

7 ـ الالتفات بالعنق :

 والالتفات بالعنق من مكروهات الصلاة.

8 ـ الالتفات بالجسم :

 طبعاً استقبال القبلة شرط من شرائط الصلاة فإذا اختل الشرط فالصلاة باطلة، أما الالتفات بالعنق فمن مكروهـات الصلاة.

((عن عَائِشَةُ رَضِي اللَّهم عَنْهَا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلاةِ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ أَحَدِكُمْ ))

[الترمذي عَنْ عَائِشَةُ رَضِي اللَّهم عَنْهَا ]

((لا يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ ))

[النسائي عن أَبي ذَرٍّ ]

 والله سبحانه وتعالى مقبل على عبده فإذا التفت انصرف عنه.

9 ـ البصاق في أثناء الصلاة :

 وإذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه، أي هذا في المسجد مستحيل، أما إذا صلى في فلاة، فالبصاق في أثناء الصلاة مما يكره للمصلي.

10 ـ كره الإقعاء :

 وكره الإقعاء، والإقعاء أن يجلس على أليتيه فهذا مكروه في الصلاة لقول أبي هريرة رضي الله عنه:

(( نهاني صلى الله عليه وسلم عن نقر كنقر الديك، وإقعاء كإقعـاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب))

[ أحمد عن أبي هريرة]

 فالإقعاء مكروه في الصلاة.

11 ـ افتراش الذراعين :

 وافتراش ذراعيه وضع كفه وذراعه على الأرض هذا أيضاً منهي عنه، لقول السيدة عائشة رضي الله عنها:

((كان النبي صلى الله عليه ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع))

[البخاري عن عائشة]

12 ـ تشمير الكمين :

 التشمير فيه سلوك ليس فيه أدب، قميص لـه زر وهو يفتح الثاني.

13 ـ الصلاة في السراويل :

 والصلاة في السراويل- في البنطال - وهذه مكروهة لأن البنطال يصف حجم العورة وقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( الفخذ عورة ))

[ الترمذي عن ابن عباس]

 فالبنطال ولاسيما الضيق قد يصف حجم العورة، سألني أخ يوم الجمعة قال لي: وأنا أصلي ساجداً الذي أمامي ظهره مكشوف.
 هذا البنطال صنع خصيصاً لرجل يلبسه وهو واقف، أما إذا سجد وكان ضيقاً وخصره واسع طبعاً فسوف ينكشف ظهره، فالناظر ملعون، والذي كشف عن ظهره ملعون، فالصلاة في البنطال مكروهة طبعاً، فإذا خاط الإنسان بنطالاً فليكن عريضاً، أما متابعة صرعات الأزياء دقيقة بدقيقة فهذا لا يرضي الله عز وجل، والصلاة فيه مكروهة، وإذا الإنسان أحب في بيته أن يصلي بالثوب، فالثوب أكمل، وإن أحب أن يأتي إلى المسجد يوم الجمعة به فهذا أكمل، والصلاة بالثوب أكمل كما أن الثوب يحتاج إلى بنطال أيضاً، إذا جلس وأحب أن يغير جلسته فتبدو عورته كلها.

14 ـ التربع بلا عذر :

 والتربع بلا عذر وهي أن يدخل ساقيه في فخذيه تشابكاً.

15 ـ رد السلام بالإشارة :

 رد السلام بالإشارة هذا مكروه ولكن أحياناً يكون هناك أمراً هاماً جداً، قال: لو أن المصلي رد عن سؤال مهم في رأسه هكذا يجوز، أي خرجوا من البيت وهم على عجلة من أمرهم، وقالوا: هل معك مفتاح البيت؟ فأشار برأسه نعم قال الفقهاء: هذا جائز لحل مشكلة، ولا بأس أن يسلم الرجل المصلي كيف؟ استنبطوا من قوله تعالى:

﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ﴾

[ سورة آل عمران:39]

 طبعاً لأمر قاهر جداً، سؤال مهم، فكان الجواب، هذا الفقهاء تجاوزوا عنه، أما الرد بالإشارة فلا يجوز.

16 ـ عقص الشعر :

 عقص شعره أي رفع شعره كله إلى خلف رأسه، لقول عائشة رضي الله عنها:

(( مرّ النبي صلى الله عليه و سلم برجل يصلي وهو معقوص الشعر فقال: دع شعرك يسجد معك))

[ابن أبي شيبة عن عائشة]

17 ـ الاعتجار :

 ويكره الاعتجار وهو شد الرأس بالمنديل - قمطــة - فهذه مكروهة، أي تكوير عمامته وترك وسطها مكشوفاً، فالعمامة من دون طاقية عمامة كاملة.

18 ـ كف الثوب :

 وكف ثوبه: أي رفع ثوبه ومسكه بيده فهذا مكروه أيضاً في الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام:

((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلا شَعْرًا ))

[البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ]

19 ـ إسدال الثوب :

 ويكره سدله، ومعنى سدل الثوب من دون أكمام أن يضعه على كتفه وهو نوع من الكبر، وهذا أيضاً مكروه في الصلاة، فهو تكبرٌ وتهاونٌ بالعذر.

20 ـ تغطية الأنف و الفم في الصلاة :

 ويكره أن يغطي الرجل أنفه وفمه في الصلاة متبسماً أيضاً هذا من مكروهات الصلاة.

21 ـ الاندراج بالثوب :

 الاندراج بالثوب، فإذا كان الثوب مغلقاً من الأمام والإنسان اندرج به ويداه لم تظهرا أبداً، ومظهره صار عبارة عن أسطوانة، فهذا مكروه في الصلاة.

22 ـ أن تكون حركة اليدين داخلية لا خارجية :

 وألا تكون حركة اليدين داخلية بل خارجية.

23 ـ القراءة في غير حال القيام :

 والقراءة في غير حال القيام أن يقرأ: قل هو الله أحد لم يلد وأصبح راكعاً، وتابع لم يلد ولم يولد وهو راكع، فمعنى هذا أنه قرأ في غير قيام، فيجب أن يقرأ في حال القيام لا في حال الركوع.

24 ـ إطالة الركعة الأولى في التطوع :

 إطالة الركعة الأولى في التطوع، صلاة التطوع الركعتان متساويتان أما في صلاة الفرض فيستحب أن يطيل الأولى عن الثانية، فإذا أطلت الثانية عن الأولى فهذا من مكروهات الصلاة.

25 ـ تكرار السورة في ركعة واحدة :

 أي قرأ الإخلاص ثم أعادها مرةً ثانية فهذا مكروه.

26 ـ قراءة سورة فوق التي قرأها :

 قرأ الإخلاص ثم تبت يدا أبي لهب، لا، تبت يدا أبي لهب أولاً ثم الإخلاص ثانياً.

27 ـ فصله بسورة بين سورتين قرأهما في ركعتين :

 وفصله بسورة بين سورتين قرأهما في ركعتين، فإذا قرأ آيات مختارة فبحث آخر، أما إذا قرأ سورتين قصيرتين فيجب أن يقرأ السورتين متتابعتين فأن يفصل بينهما بسورة فمكروه.

28 ـ شم الطيب :

 إذا كان الوقت حراً فوضع أحد له عطراً على كتفه أثناء الصلاة وشم العطر فهذا مكروه.

29 ـ ترويح الثوب :

 وترويح الثوب أيضاً مكروه.

30 ـ تحويل أصابع اليدين أو الرجلين عن القبلة :

 وتحويل أصابع يديه أو رجليه عن القبلة أي يجب أن تكون أصابع اليدين وأصابع الرجلين متجهتين نحو القبلة، فإذا انحازتا فهذا مكروه أيضاً في الصلاة.

31 ـ ترك وضع اليدين على الركبتين في الركوع :

 ركع وترك يديه سائبتين فهذا أيضاً من مكروهات الصلاة.

32 ـ تغميض العينين :

 هناك حالات نادرة فالإنسان إذا دخل إلى مسجد ضخم، وأراد أن يصلي على هذه الزخارف والثريات سينشغل عن الصلاة، فهناك حالات نادرة إذا الإنسان أغمض عينيه فمقبول، أما الأصل فأن تنظر إلى موضع سجودك، فتغميض العينين أيضاً من المكروهات قال عليه الصلاة والسلام:

((إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه))

[ الطبراني عن ابن عباس]

33 ـ رفع العينين إلى السماء :

 ولا يرفع طرفه إلى السماء أثناء الصلاة.

 

34 ـ التمطي :

 أي شدّ عضلاته كي يستريح، وتطاول في وقوفه.

35 ـ العمل الكثير :

 زرزر قميصه، حل الساعة درجة، أو نقطة ماء تضايق منها فإذا أزاحها لا يوجد مانع، أما من دون مبرر فلا يوجد داعٍ.

36 ـ وضع شيء في الفم يمنع القراءة المسنونة :

 أي يوجد شيء في فمه حمصة تركها، إذا قرأ تحركت فاختلت قراءته فهذا مكروه.

37 ـ السجود على كور العمامة :

 طبعاً إذا جبهته لم تمس الأرض فهناك ترك لواجب، ولكن لو أن جزءاً من عمامته لامست الأرض صار هناك نوعاً من الكراهة والأفضل أن يرفعها كي تسجد جبهته بكاملها على الأرض.

38 ـ السجود على صورة :

 طبعاً الفقهاء صورة مقطوعة الرأس لا بأس، صغيرة جداً لا بأس، أما صورة أمامك لإنسان كامل أو حيوان كامل وكبيرة، فهذا مكروه أن تسجد على قماش فيه مثل هذه الصورة.

39 ـ الاقتصار على الجبهة بلا عذر :

 وضع يده على الأرض ورفع أنفه فهذا من مكروهات الصلاة.

40 ـ الصلاة في الطريق :

 والصلاة في الطريق مكروهة.

41 ـ الصلاة في الحمام :

 وفي الحمام، أحياناً تجد في المسجد مؤضئاً ومراحيض ومباول وحصيرة يصلي هنا، بل توضأ وصلِّ في المسجد أنظف وأريح وأكمل.

42 ـ الصلاة في المخرج :

 الصلاة في المخرج أيضاً مكروهة.

43 ـ الصلاة في المقبرة :

 والصلاة في المقبرة مكروهة.

44 ـ الصلاة في أرض الغير بلا رضاه :

 الصلاة في أرض الغير بلا رضاه مكروهة أيضاً.

45 ـ الصلاة بالقرب من نجاسة و مدافعة أحد الأخبثين :

 الصلاة قريباً من نجاسة، ومدافعة أحد الأخبثين، أو مدافعة الريح مكروهة.

46 ـ الصلاة في ثياب مبتذلة :

 والصلاة في ثياب مبتذلة، لبس لباساً كله شحم وزيوت ويداه سود، هذا شيء منهي عنه.
 يروى أن سيدنا عمر رضي الله عنه رأى رجلاً فعل ذلك فقال لهذا الرجل: أرأيت لو كنت أرسلتك إلى بعض الناس أكنت تمر في ثيابك هذه؟ قال: لا، فقال عمر: الله تعالى أحق أن تتزين له.
 لكن إنساناً سألني ومعه حق عمله حداد مثلاً يلبس ثياب العمل، وهو لوحده يصلي لا يوجد مانع، أما أن يأتي بهذه الثياب إلى مسجد ففي هذا أذى للمؤمنين، أما أن نقول له: كل وقت صلاة ادخل واغتسل بماء ساخن، وأنه عملك، والبس ثياباً نظيفة، ثم عد إلى العمل، صار مشقة، وفوق طاقته، لا أعتقد أنه يوجد تكليف إلى هذه الدرجة، لكن بعد أن ينهي عمله إذا اغتسل ولبس ثياباً نظيفة وصلى بها أكمل.

47 ـ الصــلاة والرأس مكشوف :

 الصــلاة والرأس مكشوف أيضاً مكروهة، أي إذا وضع على رأسه طاقية.

48 ـ الصلاة بحضرة طعام تميل النفس إليه :

 يوجد طعام يحبه ونادراً ما يصنعونه، وأذن العشاء، والطعام موضوع لا يعرف أن يصلي دعه يأكل أولاً.

49 ـ ما يشغل البال :

 جاءت رسالة افتحها وصلِّ، اشتريت آلة افتحها شغلها ثم صلِّ، أحياناً يوجد أشياء تشغل البال، جاءت مكالمة هاتفية يا ترى ماذا قالوا؟ افهم ثم صلِّ، هل أحد مات؟ ما الذي حدث؟ كل ما يشغل البال يخل بالصلاة.

50 ـ عد الآيات والتسبيح باليد :

 بعض التسابيح تحتاج إلى عد إحدى عشرة مرة، يوجد أشخاص يقولون: سبحان الله والحمد لله يعدهم بأصابعه، عد الآيات في الصلاة مكروه.

51 ـ قيام الإمام في المحراب :

 يجب أن يقف خارج المحراب، المحراب للسجود فقط أما أن يدخل الإمام كله في المحراب فهذا أيضاً مكروه.

52 ـ القيــام خلف صف فيه فرجة :

 تصلي في صف ثانٍ وفي الأول يوجد فرجة، يجب أن تتقصى أن أول صف ملئ.

53 ـ لبس ثوب فيه تصاوير :

 يوجد أثواب صينية عليها طاووس.

54 ـ أن يكون فوق الرأس أو خلفه أو بين اليدين أو بحذائه صورة :

 أن يكون فوق الرأس أو خلفه أو بين اليدين أو بحذائه صورةٌ إلا أن تكون صغيرةً أو مقطوعة الرأس أو لغير ذي روح.

55 ـ أن يكون بين يدي تنور :

 الآن يفعلونها يضع بين يديه مدفأة هذه مظنة أن تعبد النار، أنت لا يجوز أن تضع أمامك مدفأة متوهجة وتصلي، فالنبي الكريم نهى عن الصلاة بين يدي تنور، أو كانون فيه جمر.

56 ـ الصلاة بين يدي قوم نيام :

 أو أن تصلي بين يدي قوم نيام لا يجوز، هذا النائم مثل الميت يمكن أن تنكشف عورته أثناء النوم، فإذا كانت ابنته نائمة في غرفة الجلوس يجب ألا يصلي خلفها فقد تنكشف البنت، النائم لا يجوز أن يكون أمامك وأنت في الصلاة يمكن أن يخرج منه صوت، ريح، تنكشف عورته، يتكلم شيئاً يضحك أحياناً، هذا كله منهي عنه، لا تصلِّ وأمامك قوم نيام لا إناث ولا ذكور ولو من محارمك.

57 ـ مسح الجبهة من التراب :

 ومكروه مسح الجبهة من التراب.

58 ـ تعيين سورة لا يقرأ غيرها :

 تعيين سورة لا يقرأ غيرها إلا في حالتين؛ إذا كان لا يحفظ غيرها، أو النبي الكريم كان يقرأ في الجمعة السجدة "وهل أتى على الإنسان"، يقرأ الجمعة "سبح اسم ربك الأعلى"، إذا قرأ سورة بالذات اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام فمقبول، أما أن تقرأ سورة وأنت تحفظ أكثر القرآن فهذا مكروه في الصلاة.

59 ـ عدم اتخاذ سترةٍ في محل يظن المرور فيه :

 إذا توقف في محل يظن أنه ممكن أن يمر أحد أمامه فلابد من سترة يضعها أمامه.
 هذه مكروهات الصلاة، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعلها علماً نافعاً نقتدي بها في صلواتنا المفروضة وغير المفروضة.
* * *

الأذكار و الدعوات :

 والآن إلى فصل من فصول إحياء علوم الدين عنوانه: "الأذكار والدعوات" قال تعالى:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِي ﴾

[ سورة البقرة: 152 ]

 وقال ثابت البناني رحمه الله: "إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل ففزعوا منه، وقالوا: وكيف تعلم ذلك؟ قال: إذا ذكرته يذكرني". وقال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 41 ]

 من عرفات، واذكروه كما هداكم، والفصل ما من عبادة قولية بعد تلاوة كتاب الله أفضل من ذكر الله، فالعبادة الأولى بعد القرآن الكريم أن تذكر الله، لكن كلمة ذكر الله واسعة جداً إذا دعوت إلى الله فأنت ذاكر، إذا وضحت لأخيك المؤمن آية كونية فأنت ذاكر، حدثته عن المجرات هذا ذكر لله، وإذا حدثته عن العين، وعن المعدة، وعن الشعر، و عن الكبد، إذا حدثته عن حيوان نأكله من نعمة الله علينا، وإذا حدثته عن ظاهرة في النبات، و في الحيوان، والبحار، و اليوم قلت لرجل: نهر الأمازون كثافته في الثانية ثلاثمئة ألف متر مكعب، هو ماذا قال لي؟ يوجد دراسات حديثة جداً وجدوا أن نبع الفيجة- وأنا كنت أظن أن هذا النبع حوضه الجيولوجي يمتد من عين الفيجة إلى قارة، ومن طريق دمشق حمص إلى منتصف لبنان، هذا هو الحوض الجيولوجي لنبع الفيجة- يتصل بممرات تحت الأرض تصل إلى حدود إيران والاتحاد السوفيتي سابقاً، ولو أن هذا الحوض كما كنت أظنه سابقاً من دمشق إلى قارة ومن طريق دمشق حمص إلى نصف لبنان لجف من سنوات، هناك طرقات تحت الماء لا يعرفها إلا الله، وكشف بمصر الآن نهر يفوق نهر النيل كثافةً وطولاً تحت الأرض على يسار نهر النيل هذه العام الماضي، في بعض أماكن في الحجاز حفروا متراً واحداً فخرج الماء الكثيف في القصيم، فقلت له: هذا عطاؤنا هكذا قال تعالى، فقلت له: نهر الأمازون كثافته ثلاثمئة ألف متر مكعب بالثانية، هذا الماء العذب يمشي في البحر مئة وثمانية وخمسين كيلو متراً ولا يختلط بمياه البحر هذا من ذكر الله، إذا قلت لإنسان: إن في العين يوجد مئة وثلاثين ألف عصية، والعصب البصري فيه أربعمئة ألف عصب، وبرأس الإنسان يوجد ربع مليون شعرة ولكل شعرة وريد وشريان وعصب حسي وعضلة محركة وغدة دهنية وغدة صبغية، شيء لا يعقل هذا من ذكر الله.
 وإذا بينت حكماً فقهياً هذا من ذكر الله، وبينت إذا الإنسان أكل في الطريق تجرح عدالته فهذا ذكر لله عز وجل، وإذا مشى حافياً، وإذا أكل لقمة من حرام، وإذا تنزه في الطرقات، إذا صحب الأراذل، وإذا كان حديثه عن النساء، و إذا علا صياحه في البيت، وإذا طفف بتمرة، إذا أطلق لفرسه العنان، و إذا قاد برزوناً، وإذا بال في الطريق، وإذا كانت هيئته رثة، وإذا لعب الشطرنج تجرح عدالته وهذا أيضاً من ذكر الله، وكل شيء يمت إلى القرآن وإلى الله عز وجل بصلة من ذكر لآياته الكونية، ومن ذكر لكتابه الكريم، و لأحاديث رسول الله، لبيان حكم فقهي، لآية دقيقة، كله من ذكر الله لذلك قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 41 ]

الأمر في كتاب الله يقتضي الوجوب :

 

﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ ﴾

[ سورة البقرة: 198 ]

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

[ سورة آل عمران: 191 ]

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾

[ سورة النساء : 103 ]

 هذه كلها أوامر، والأمر في كتاب الله يقتضي الوجوب، والعامة توهموا أن الأوامر صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، لا يا أخي، أية آية في كتاب الله صيغت صياغة أمر فهي أمر إلهي يقتضي الوجوب، قال لك:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾

[ سورة الأحزاب: 41 ]

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِي ﴾

[ سورة البقرة: 152 ]

 قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي في الليل والنهار، وفي البر والبحر، والسفر والحضر، وفي الغنى والفقر، وفي المرض والصحة، وفي السر والعلانية.

صفات المؤمنين و المنافقين :

 وذم الله تعالى المنافقين فقال:

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

[ سورة النساء: 142]

 ومن صفات المنافقين أنهم لا يذكرون الله إلا قليلاً، ومن صفات المؤمنين أنهم يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وقال عز وجل:

﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ ﴾

[ سورة الأعراف: 205]

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت: 45]

الإكثار من ذكر الله أعظم عمل في الأرض :

 و أعظم عمل في الأرض أن تكثر من ذكر الله، وقال عليه الصلاة والسلام:

(( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق ))

[ أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة ]

(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))

[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله ]

(( وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده ))

[ورد في الأثر]

 فعندنا قواعد مادام قد أدى زكاة ماله فلا يسمى بخيلاً، ما دام قد حمل حاجته بيده فلا يسمى متكبراً، مادام ذكر الله كثيراً فلا يسمى غافلاً.
 وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "له وجهان أحدهما أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إياه هذا معنى، والمعنى الآخر أن ذكر الله أعظم من كل عبادة سواه، وأعظم عبادة أن تذكر الله سبحانه وتعالى لنفسك وللناس لأنك إذا ذكرت الله للناس وأحييت واحداً فكأنك أحييت الناس جميعاً"، والآن إنسان يؤمن ويستقيم ويتوب تجد أن زوجته لحقت به وأولاده، وجيرانه، وأصحابه، وأقرباءه، وأخته، وصهره، كان واحداً فأصبح خمسة عشر، قال تعالى:

﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾

[ سورة المائدة: 32]

 وسيدنا النبي صلى الله عليه قال:

((ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الهشيم))

[ أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب من حديث ابن عمر]

العمل الطيب ينهى الإنسان عن أعمال كثيرة لا ترضي الله عز وجل :

 الإنسان المؤمن جلس في مجلس، وسمع حديثاً يجده حديث أموات، وكله شرك بالله، وكله حسد، وهذا الحديث كله باطل، والموضوع سخيف دنيء، قذر، ومزاح منحط، وهو عندئذٍ يشعر بطهارته، وبسمو نفسه، كشجرة خضراء نضرة وسط هشيم محترق.

(( وذاكر الله في الغافلين كالمقاتل بين الفارين))

[ شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر]

((أنا مع عبدي ما ذكرني))

[ تفسير ابن كثير عن أبي هريرة]

 هنا ما مصدرية ظرفية أي أنا مع عبدي مدة ذكره لي، وتحركت شفتاه بي، وقال عليه الصلاة والسلام:

((ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل -هذا اللسان صباحاً ومساءً وظهراً في البيت والعمل، وفي الراحة، و النزهة، يجب أن يكون رطباً بذكر الله- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله))

[ مالك عن معاذ بن جبل]

(( من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله عز وجل))

[ الطبراني عن معاذ بن جبل]

((سئل رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل))

[ الطبراني عن الحسن]

((من أصبح وأمسى ولسانه رطب من ذكر الله يمسي ويصبح وليس عليه خطيئة))

[أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب من حديث أنس]

 هذه لها معنى، أقول الله الله واعمل خطيئة تذهب، لا، إذا ذكرت الله لا تفعل خطيئة بعدها لأنك دخلت في حصن، وإذا ذكرت الله خشيته، وإذا ذكرت الله أحببت طاعته، وتمنيت قربه، وإذا ذكرت الله تباعدت عن المعاصي، و إذا ذكرت الله فليس عليك خطيئة، فإذا الإنسان ذكر الله وفعل خطيئة لا تؤثر، لا، إذا ذكر الله لا يفعل خطيئة، ويوجد أحاديث دقيقة سيدنا رسول الله يقول - لما سيدنا عثمان رضي الله عنه جهز جيش العسرة وحده، هناك إنسان عمل حساباً دقيقاً عن عملة اليوم حوالي ستة ملايين ليرة دفع وحده – "اللهم إني راض عن عثمان فارض عنه"، وقال أيضاً: "ما ضر عثمان ما فعله بعد اليوم"، يوجد أناس أفقهم ضيق أن سيدنا عثمان بعد هذا اليوم لو فعل المعاصي فإنها لن تضره، لا، ليس هذا هو المعنى، بعدما فعل هذا العمل العظيم، وأقبل على الله ذلك الإقبال الكبير، واصطبغت نفسه بكمال الله عز وجل، لم يفعل شيئاً بعد اليوم، جرب اعمل عملاً طيباً فهذا العمل الطيب نهاك عن أعمال كثيرة لا ترضي الله عز وجل:

((لَذِكْرُ اللهِ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ أَفْضَلُ مِنْ حَطْمِ السُّيُوف فِي سَبيل اللهِ ، ومِنْ إعْطَاءِ المَال سحا))

[ابن شاهين في الترغيب عن ابن عمرو ]

 و:

((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي ملأ ذَكَرْتُهُ فِي ملأ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))

[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

أخلاق الله عز وجل :

 أنت تكلم عن الله عز وجل وتجاهل نفسك من أنت؟ كلما عرفت الله عز وجل تضاءلت نفسك، وكلما تعرفت إلى الله شعرت بصغرك، و النبي الكريم كان يقول: "اللهم أرني بعين نفسي صغيراً" الأنا كما يسميها علماء النفس عند الكافر متضخمة تضخماً سرطانياً، الأنا عند المؤمن متضائلة، ذاب في معرفة الله، فلذلك الإنسان إذا ذكر الله عز وجل في نفسه ذكره الله في نفسه، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه، إذا ذكرني بين عشرة من الطبقة الوسطى في المجتمع أنا أذكره بين مئة من الطبقة العليا من المجتمع، وإذا ذكرني بين أناس لا شأن لهم أذكره بين أناس لهم شأن، وإذا ذكرني بين المؤمنين ذكرته عند النبي صلى الله عليه، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترفع له أعمالنا، والله عز وجل يبلغه إياها.

((يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي ملأ ذَكَرْتُهُ فِي ملأ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))

[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

 هذه أخلاق الله عز وجل، وقال عليه الصلاة والسلام:

((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ الإمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً :

 والله الذي لا إله إلا هو لأن تسقط من عينيك مثل رأس ذبابة من دمع خير لك من الدنيا وما فيها، لوحدك في البيت فتحت المصحف وقرأت، ونزلت دمعة على خدك، فهذه الدمعة خير لك من الدنيا وما فيها، وهي تعني أشياء كثيرة، تعني أنك تحب الله، وتعني أنك تخافه، و ترجو رحمته وتخشى عذابه، وأنك مؤمن.

((ألا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِي اللَّه عَنْه مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ))

[ابن ماجة عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِي اللَّه عَنْه]

 خير اسم تفضيل هي أخير لكثرة استعمالها عدلوا عنها إلى خير، كلمة خير تعني أخير، وكلمة شر تعني أشر. هذا الحديث لو ذكرته آلاف المرات لا أرتوي منه:

((يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِه))

[الدارمي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ]

 التفت إلى الله بكليتك، البيت سوف يتأمن و الله كريم، والزوجة صالحة سوف تتأمن، والعمل المريح سوف يتأمن، والدخل الكافي سوف يتأمن، فمن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها، أنت تلتفت إليه فهل يجعلك قلقاً على الدنيا؟ أيكون هذا؟
 "أوحى ربك إلى الدنيا أنه من خدمكِ فاستخدميه وأما من خدمني فاخدميه"، تلتفت إلى الله عز وجل، وتحضر مجلس علم، وتقرأ كل يوم جزءاً، وتصلي في المسجد الصبح حاضراً، وتسعى إلى الخير، وتدعو إلى الله، وتنفق من مالك، وتبقى في الدنيا وراء الناس؟ حاشا لله أن يجعلك قلقاً على الدنيا.
 "كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، أنت تريد وأنا أريد فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك فيما تريد، وإذا لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد، وإن لم ترضَ بما قسمته لك لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، اطلبني تجدني فإذا وجدتني تجد كل شيء، وإذا فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء". ابن آدم أطع ربك تكون عاقلاً، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً:

((... مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِه))

[الدارمي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ]

بعض الآثار المتعلقة بالذكر :

 وأما الآثار المتعلقة بالذكر فقول الفضيل: "بلغنا أن الله عز وجل قال: عبدي لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر أكفك النهار كله".
 فإذا افتتحت نهارك بركعتين ذكرت الله فيهما أكفك النهار كله، وقال بعض العلماء "إن الله عز وجل يقول: أيما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكري إلا توليت سياسته، وكنت جليسه ومحادثه وآنسه"، وقال سيدنا الحسن: " الذكر ذكران، ذكر الله بين نفسك وبين الله، ما أعظمه أعظم أجره! وأفضل من ذلك من ذكر الله عندما حرم الله تعالى ".
 فإذا واجهتك معصية قلت: إني أخاف الله رب العالمين، وإن كنت جالساً مع أناس فخاضوا في غيبة فذكرت الله فسكتوا، أو قمت من مجلسك، فشاهدت أناس ضالين مضلين فابتعدت عنهم، فأعظم أنواع الذكر أن تذكره عند المعصية، حتى إن جنيداً رضي الله عنه سئل من هو الولي؟ أهو الذي يطير في السماء؟ قال: لا ذلك الطير، قالوا: أهو الذي يمشي على وجه الماء؟ قال: لا، الولي الذي تجده عند الحلال والحرام.
 والآن تبين معنا أن أعظم أنواع الذكر أن تذكر الله عز وجل أمام معصية وتقول: إني أخاف الله رب العالمين، وسيدنا يوسف هكذا فعل هم بدفعها، وذكر الله عز وجل وقال إني أخاف الله، فجعله الله عزيز مصر، و رفعه الله في الدنيا والآخرة.
 ويروى أن كل نفس تخرج من الدنيا عطشى إلا ذاكر الله سبحانه وتعالى، وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "لا يتحسر أهل الجنة على شيء إلا شيئاً واحداً- هو في الجنة جالس في مقام عظيم في مقعد صدق، وفي قصور، وعلى ضفاف الأنهار أمام الحوريات - إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها، هذا ما سيكون فاتعظوا بما يكون قبل أن يأتي ما سيكون".

تحميل النص

إخفاء الصور