وضع داكن
28-03-2024
Logo
آيات الأحكام - الدرس : 08 - جزاء محاربة الله : أوليائه - قوانينه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من يتحرك حركة لا تتوافق مع منهج الله فهو مجازاً يحارب الله ورسوله :

 أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس الثامن من: "آيات الأحكام"، والآية اليوم:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

[سورة المائدة: 33]

 أيها الأخوة، الله جلّ جلاله لا يُحَارَب لأنه قوي، ولأنه عزيز، ولأن أمره هو النافذ.

﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾

[سورة يس: 82]

 ولكن محاربة الله عز وجل نفهمها فهماً مجازياً، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يتوب علينا، فالذي يحمل الناس على التفلت من منهج الله يفعل عكس ما أراد الله عز وجل، الله عز وجل يريد أن يتوب علينا، أن نهتدي إليه، ونسعد في الدنيا والآخرة، وهناك أناس يريدون أن يفسُد الناس، يحملونهم على المعصية والفساد، فحينما تتحرك حركة لا تتوافق مع منهج الله عز وجل فأنت مجازاً تحارب الله ورسوله، إن شجعت الناس على السرقة والله نهى عن السرقة فإنما تحارب الله ورسوله، إن شجعت الناس على الزنا والله حرم الزنا فإنما تحارب الله ورسوله، إن شجعت الناس على الفساد في الأرض والله ينهى عن الفساد في الأرض فإنك تحارب الله ورسوله، فأشقى الأشقياء إطلاقاً هو الذي يقف في خندقٍ مُعَادٍ للدين، هو الذي يتحرك حركة ليطفئ نور الله عز وجل، ويسفه الدعاة إلى الله، لتشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ويعم الفساد في الأرض، هذا يحارب الله ورسوله.

الدين أقدس شيء في الحياة :

 نحن أيها الأخوة في الأنظمة المدنية هناك مخالفة تقتضي أن تدفع خمسمئة ليرة، أو مخالفة تدفع فيها ألفاً، مخالفة تقتضي أن تدفع خمسين ألفاً، أما حينما تخون أمتك، وتعطي العدو معلومات خطيرة عن وطنك، وإمكانياته، في الأعراف كلها وفي الأنظمة كلها يسمى هذا خيانة عظمى، والخيانة العظمى جزاؤها القتل، الإعدام، لماذا نعاقب إنساناً بخمسمئة ليرة؟ ونعاقب إنساناً بالإعدام؟ لأن العقاب يتناسب مع حجم الجريمة، أقدس شيء في الحياة هو الدين، في الدعاء الشريف أيها الأخوة: "اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا-عصمة أمرك بالدين- وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا"، حينما يحارب الدين تحارب عصمة الناس، حينما يحارب الدين يحارب النظام والانضباط، وحينما يحارب الدين يحارب حفظ الأنساب، فحينما نتصور مجتمعاً بلا دين، يكون هذا المجتمع مجتمعاً متفلتاً، منهاراً، تعم فيه الجريمة، والسرقة، والموبقات، واختلاط الأنساب، وفساد الأمر، لذلك تعد أكبر جريمة في الإسلام هذا الذي يحارب الله ورسوله، إن أغرينا الناس بأعمال فنية تحط بأخلاقهم، وتبعدهم عن طريق الحق، وتخرجهم من عفتهم وقناعاتهم ببيوتهم، أو تجعلهم كالحيوانات، فهذا فساد في الأرض، وهذا نوع من محاربة الله ورسوله.

المحاربة من الحرب والحرب ضد السلم :

 بشكل أو بآخر أي شيء يقربك من منبع السعادة هذه دعوة إلى الله، وأي شيء يبعدك عن منهج الله عز وجل هذا نوع من محاربة الله ورسوله:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾

[سورة المائدة: 33]

 أيها الأخوة، المحاربة من الحرب، والحرب ضد السلم، والأصل في معنى كلمة الحرب التعدي وسلب المال، والمراد بها في الآية: محاربة أولياء الله، وأولياء رسوله، هؤلاء الذين أناط الله بهم نقل الدين، وتوضيحه، وإلقاء العلم، جعلهم الله قدوة للآخرين، هؤلاء الذين التف الناس حولهم، إن أردت أن تزعزع مكانتهم وتطعن بهم من دون سبب أو دليل إنما تحارب الله ورسوله.
 أيها الأخوة، أقدس شيء في الحياة المثل الأعلى، فإذا ضعضعته، وزعزعته، وشوهت صورته، سقطت مع المثل، ومع المبادئ، والأشخاص، ومع المتدينين سقط الدين، هناك نقطة دقيقة جداً هي أن قلة قليلة جداً من الناس تستطيع أن تفرق بين المبادئ المجردة والذين يعتنقونها، بين أصل الدين والمتدينين، بين أصل الإسلام وبين المسلمين، لكن الكفرة لا تكاد تستطيع أن تفرق بين حقيقة الدين وبين المتدينين، فهناك عوام الناس يفهمون الدين من رجال الدين، يفهمون الحق ممن يدّعون أنهم على حق.

أي إنسان آمن بالله حق الإيمان و استقام على أمره فهو ولي من أولياء الله :

 فيا أيها الأخوة، المراد هنا في محاربة الله عز وجل كما قال المفسرون: محاربة أولياء الله عز وجل، وأولياء رسوله، والجواب الدقيق جداً من هو ولي الله؟ هناك تعريف بسيط جامع مانع، من ولي الله؟

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾

[سورة يونس: 62-63]

 أي إنسان آمن بالله حق الإيمان، استقام على أمره، فهو ولي من أولياء الله، ولا يحتاج الولي إلى كرامة، ولا إلى خرق للعادات، ولا إلى أن يمشي على وجه الماء، ولا إلى أن يطير في الهواء، هذا كله الولي غني عنه.
 لأن بعض العلماء يقول: إن أعظم كرامة هي كرامة العلم، فإذا آمنت بالله حق الإيمان وانعكس إيمانك استقامة وعملاً صالحاً فأنت ولي من أولياء الله.

محاربة الله محاربة لأوليائه و رسوله :

 أخواننا الكرام، آية ذكرتها لكم كثيراً لكن نحتاجها في هذا الموضوع:

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾

[سورة التحريم: 4]

 أي يا ربي من هي هذه المرأة التي إن لم تتب فإن الله جلّ جلاله هو الولي؟ والنبي ولي، والمؤمنون، والملائكة، العبرة من هذه الآية، أنك حينما تفكر أن تحارب الله ورسوله، أنك حينما تفكر مجرد تفكير أن تقف في خندقٍ معادٍ للدين، يجب أن تعلم من الطرف الآخر؟ أنت ممكن أن تقف أمام إنسان من بني جلدتك، لكن لا يمكن أن تقف أمام خالق الأكوان، لا يمكن أن تحاول أن تنال من هذا الدين الذي هو دين الله، لذلك محاربة الله كما وردت في بعض التفاصيل وفي آيات الأحكام محاربة أولياء الله، وأولياء رسوله، والطعن بالأنبياء، وبالذين سخرهم الله عز وجل لإلقاء العلم وخدمة الخلق بلا سبب ودليل وبلا مبرر مزاجاً، تعنتاً، هذا الطعن بمن أناط الله بهم الدعوة إلى هذا الدين نوع من محاربة الله.

الإنسان حينما يختل توازنه الداخلي وتعاقبه فطرته قد يصاب بالشلل :

 الشيء الملاحظ وهذا أقوله كثيراً: الإنسان يحقق أحياناً توازناً نفسياً، متى يختل هذا التوازن؟ الإنسان له فطرة سليمة، لو أن الإنسان عمل السيئات، وارتكب الموبقات، وأكل المال الحرام، واعتدى على أعراض الناس، لو لم يستطع أحد أن يحاسبه، لو لم يصل إليه قانون، أو لم يكن مداناً أمام الخلق، الحقيقة أنه يختل توازنه الداخلي، وأن فطرته تعذبه، كأمراض الكآبة، الشعور بالنقص، وخز الضمير، الضيق النفسي والضجر، ردود الفعل القاسية هذه كلها تعبيرات داخلية عن اختلال التوازن، الإنسان أحياناً ينهار خارجياً وإذا انهار خارجياً كل الناس يعرفونه، أما هناك أشخاص فبهذه العين تراه كبيراً لكن من داخله منهار، الإنسان متى ينهار من داخله؟ حينما يخرج عن فطرته، فالذي يعتدي على أعراض الناس ينهار من داخله، درسنا في الجامعة في مادة الصحة النفسية عن مرض مشهور جداً اسمه الهستيريا، وهي عند عامة الناس هو مجنون مهستر، أما بالتعريف العلمي الهستيريا شلل عضوي من دون سبب عضوي ونفسي شلل كامل، الإنسان حينما يختل توازنه الداخلي وتعاقبه فطرته أشد العقاب قد يصاب بالشلل.
 طبعاً درسنا في الكتاب أن هناك حالات ترد في كتب علم النفس، طبيب وهو يعالج مريضاً ذا مرض مستعصٍ عُضال مد يده إلى ابنته معتدياً عليها هذه اليد شلّت، لو فحصت هذه اليد أو العضو عند كل أطباء الأعصاب ليس هناك أي خلل، لكن الشعور بالذنب والخيانة معاقبة الفطرة للإنسان، ولاسيما إن كانت نقية، هي التي سببت هذا الشلل، الذي هو شلل عضوي بغير أسباب عضوية، قال: هذا المرض لا يعالج إلا أن نقنع الإنسان أنه لم يقترف إثماً، إلا أن نخفف عليه.
 حدثني أخ: إنسان يركب مركبة في مدينة الساعة الثالثة بعد منتصف الليل دهس طفلاً أرسله والده ليأتي له بحاجة من بعض المحلات في أيام الصيف، والناس يسهرون، ويمتد بهم السهر، دهس هذا السائق الطفل، وتابع سيره، هذا السائق بقي أكثر من عشرين يوماً لم يذق طعم النوم، فذهب إلى طبيب نفسي فقال له: لن تستطيع أن تنام إلا إذا أدّيت ديّة هذا الغلام، أداء هذه الديّة تخفف عنك.

المعركة بين الحق و الباطل معركة أزلية أبدية :

 أيها الأخوة، هناك محاسبة ذاتية شئت أم أبيت، قد ترى الشخص ملء السمع والبصر، ولكن حينما يكون معتدياً آكلاً للمال الحرام، يبني مجده على أنقاض الناس، تتعلق به حقوق الناس، يسعد ويشقى من حوله، يأكل ويجوع من حوله، يكتسي ويعرى من حوله، هذا الذي يبني مجده على حساب الآخرين يختل وينهار من الداخل، الآن الذي يختل توازنه الداخلي ماذا يفعل؟ كي يستعيد هذا التوازن يبحث عن عيوب الطرف الآخر، وعن عيوب أهل الإيمان، أو عن عيوب ليست فيهم يتوهمها ويكبّرها، يبالغ فيها ليستعيد توازنه.
 أحياناً الإنسان يفوته قطار العلم إذا رأى أصدقاءه في أعلى مرتبة في الدنيا يختل توازنه، لِمَ لَمْ أكن مثلهم؟ يتألم، ما الذي يريحه؟ أن يبحث في حياتهم عن مشكلات كبيرة جداً، هذه المشكلات إذا بحث عنها ووجدها يستريح، يقول قي نفسه: أنا لا أملك هذه المشكلات، فهذه قاعدة نفسية دقيقة جداً، أنت حينما تخرج عن منهج الله هذا المنهج المتوافق مع الفطرة يحدث في الداخل انهياراً، أو اختلال توازن، هذا الاختلال لا يمكن أن تستعيده إلا إذا أقنعت نفسك أن الطرف الآخر الذي لم يسقط كما سقطت ليس جيداً، فعند كل إنسان منحرفٍ عاصٍ رغبة جامحة إلى تضخيم عيوب المؤمنين، والبحث عنها، والتنقيب فيها، وتضخيمها، وإلى المبالغة فيها، من أجل أن يرتاح.
 إنسان دخله محدود لا يعنيه من أصحاب الدخل غير المحدود إلا شقاءهم، يقول: ليسوا مرتاحين أنا مرتاح أكثر منهم.
 إنسان اشترى مركبة من نوع معين، وكان يتمنى أن يركب مركبة أخرى، فإن رأى في الأخرى بعض العيوب يرتاح، استعاد توازنه، هذه قضية دقيقة جداً.
 لذلك هناك معركة أبدية أزلية بين أهل الحق وأهل الباطل، أهل الباطل يبحثون عن عيوب المؤمنين يكبرونها يضخمونها.

أحد أسباب سعادة المؤمن أن وعد الله له بالجنة يمتص كل متاعب الحياة عنده :

 ذات مرة إنسان أراد أن يعترض وقد يكون صادقاً في اعتراضه قال: تقول لي: المؤمن سعيد، أنا أراه غير سعيد، قلت: لمَ؟ قال: لأن كل المشكلات التي يعاني منها الناس يعاني منها، قلت له: والله صحيح كأن تكون هناك موجة حر يشعر هو مثل الناس بهذه الموجة، أو أزمة مواصلات يشعر بها مع الناس، فكل أزمات الحياة يعانيها المؤمن فأين سعادته؟ قلت له: لن تراه غير سعيد؟ قال: لأنه محروم من كل شيء، وكله عنده حرام، فهو يعاني من أزمات الناس كلها، وهو فوق ذلك يشعر أنه مقيّد، غير المسلم يبدو أنه طليق.
 ألهمني الله مثلاً قلت له: لو أن إنساناً له دخل قليل جداً، ألفا ليرة في الشهر، وعنده ثمانية أولاد، وبيته مستأجر، وهناك دعوى إخلاء، وحياته تعيسة جداً، لا يجد قوت يومه ولهذا الرجل عم يملك خمسمئة مليون، وليس له أولاد، ومات بحادث فجأة، فثروته لمن؟ لهذا التعيس الفقير، لكن انتقال هذا المبلغ له يحتاج إلى وقت، ومعاملات، وبراءة ذمة، ومتابعة، وحصر إرث.. فيا ترى من ساعة موت عمه إلى ساعة قبض المبلغ قد يكون هناك عام، ‍لماذا هذا الفقير التعيس في هذا العام من أسعد الناس؟ حياته هي هي ما أكل لقمة زائدة، وما لبس معطفاً زائداً، وما جاء للبيت بشيء إطلاقاً، لكنه دخل في الوعد، كلما رأى بيتاً فخماً يقول: هذا سأشتريه، وكلما رأى مركبة فخمة هذه سأقتنيها، وكلما ذهب إلى المصيف ورأى بيتاً جميلاً قال: هذا سأشتريه، دخل في الوعد، لذلك أحد أسباب سعادة المؤمن أن وعد الله له بالجنة يمتص كل متاعب الحياة:

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

[سورة القصص: 61]

الشعور النقي الطاهر عند المؤمن يرفعه عند الله عز وجل :

 بعض أصحاب رسول الله الذين خاضوا معارك شهيرة جداً في التاريخ كان معهم أمراض كثيرة، بعضهم كان يقود المعركة وهو منبطح على بطنه من شدة الآلام التي يعاني منها، ما الذي يمتص كل هذه الآلام؟ أحياناً الإنسان يفقد أحد أعضائه أو بصره، أو يكون بيته صغيراً، أسرة كبيرة، دخل قليل، بجسمه علل كثيرة، وهو من أسعد الناس، وعد الله له بالجنة، وشعوره أنه راضٍ لله، وأن الله يحبه، وأنه نجا من فتن المال وفتن النساء وفتن الحياة الدنيا، هذا الشعور النقي الطاهر هو الذي يرفعه عند الله عز وجل.

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾

[سورة المائدة: 33]

 أيها الأخ، عدّ للمليار قبل أن تفكر أن تحارب الله ورسوله، أن تفسد إنساناً، أن تضعضع عقيدة إنسان، أن تسفه استقامة إنسان، أحياناً شاب مستقيم طاهر يسأله أحدهم: كم دخلك؟ يقول له: أربعة آلاف، يجيبه، فقط؟ ما هذه الحياة التي تعيشها؟ يسفه له حياته، إن رأيته مستقيماً أثني على استقامته، والله يا بني أنت موفق في حياتك لأن الله عز وجل سوف يكافئ المستقيمين، عليك أن ترفع معنويات المستقيم، وتعمل له مكانة، لا تقيسه بدخله بل بإيمانه، وعمله، وإنجازه.

الراحة في طاعة الله والاستقامة على أمره :

 هناك شخص يحاول دائماً أن يقلل من شأن المؤمن، ويضخم من شأن الفاسق، هذا يفعله بعض المؤمنون وهم لا يشعرون، فلان بيته أربعمئة متر، يعيش فوق الريح، مرتاح، كيف هو مرتاح ولا يصلي؟ مرتاح ويشرب الخمر، نساؤه كاسيات عاريات، ودخله حرام أين هي الراحة؟ الراحة في طاعة الله والاستقامة على أمره.

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾

[سورة المائدة: 33]

 فأكبر جريمة على الإطلاق أن تحارب الله ورسوله، فهذه المحاربة تبدأ بأن تطعن بإنسان مؤمن، تجد شخصاً أحياناً حوله عشرة أشخاص يدعوهم إلى الله، ويعلمهم القرآن، وتجويده، من أستاذك؟ فلان، مباشرة يبحثون عن بعض العيوب ويكبرها له، فأنت ماذا فعلت؟ أردت أن تقطعه عنه، هذا الذي يبحث عن إفساد العلاقات، وعن تباعد الناس، وعن تزيين الدنيا، وتقليل شأن الآخرة، وهذا الذي يجعلك تشك بأي إنسان يقول لك: لا يوجد أحد جيد من الناس، هكذا بكل بساطة، من دون تدقيق ودليل، هذا الذي يسيء الظن بالآخرين بلا دليل وسبب يحارب الله ورسوله، أو أحياناً يحيطك بجو من اليأس كأن يقول: لا أمل بالإصلاح وبالتدين، الناس كلها فاسدة، كلهم يخلفون وعودهم، يأكلون المال الحرام، لم يعد هناك مجال، يقطع أمامك كل الآمال.

الإفساد هو كل شيء يخرج عن طبيعته :

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾

[سورة المائدة: 33]

 الفساد ضد الصلاح، وكل شيء يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحاً، ماء نقي عذب فرات، الماء الفاسد له لون، أو طعم، أو رائحة كريهة، أخرجته عن صفته التي أرادها الله بها.
 شاب طاهر، إفساده أن تدله على معصية، فتاة مؤمنة طاهرة فسادها أن تحملها على معصية، بيت طاهر فساده أن تقيم مشكلة بين الزوجين، إفساد العلاقات والنفوس حتى الإفساد المادي، إفساد الأجواء ببعض الغازات، إفساد الماء ببعض الفضلات، كل شيء يخرج عن طبيعته هو الإفساد.

تناسب العقاب مع عظم الجريمة :

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا ﴾

[سورة المائدة: 33]

 التقتيل المبالغة في القتل بحيث يكون حتماً لا هوادة فيه، ولا عفو من ولي دم، التقتيل كأن تقول: قطع الشيء أو قطعه أي إلى أقسام كثيرة جداً، أي بالغ في قتله، أو يصلب والتصليب المبالغة في الصلب، أو تكرار الصلب كما قال الشافعي، ومعنى الصلب أن يربط على خشبة منتصب القامة، ممدود اليدين، وربما طعن ليعجل في قتله، هذا الصلب، الأمة حينما تقدس دينها تعاقب الذي يحارب الله ورسوله، أو يسعى في الأرض فساداً بشتى أنواع العقاب، كما أن أية أمة تعاقب الذي يخونها بالقتل والإعدام، لأنه سبب خطراً على الأمة بأكملها، فدائماً العقاب يتناسب مع عظم الجريمة.

تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد :

﴿ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ ﴾

[سورة المائدة: 33]

 تقطع يدهم اليمنى أولاً، فإذا عاد إلى السرقة تقطع رجله اليسرى، فقد قطعت يداه ورجلاه من خلاف.

 

﴿ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

 

[سورة المائدة: 33]

 عندنا قاعدة أيها الأخوة، أنه لا يمكن أن تُغلب مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة، نغلب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، مصلحة الجماعة في أن يضرب بيد من حديد على كل من يعتدي على دين الله وعلى شرعه وسلامة المجتمع.

من لطائف الآية التالية :

1 ـ ذكر المحاربة ذكر مجازي :

 أيها الأخوة، من لطائف هذه الآية أن ذكر المحاربة - محاربة الله عز وجل

﴿ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ﴾

 - ذكر مجازي، إذ أن الله سبحانه وتعالى لا يُحارب ولا يُغالب لما له من صفات الكمال، والقوة، والقدرة، وتنزهه عن الأضداد والأنداد، فالكلام على حذف المضاف:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾

[سورة المائدة: 33]

 الدين متمثل برجال الدين، متمثل بالمؤمنين، هؤلاء المؤمنون أولياء الله، إذا حاربتهم وأردت أن تقمعهم، وتطفئ نور الله من خلال تعذيبهم، والتنكيل بهم، فهذا نوع من محاربة الله عز وجل.
 إن عنت مريضاً فكأنما عنت الله عز وجل، إن أطعمت جائعاً فكأنما أطعمت الله عز وجل، إن أقرضت مؤمناً فكأنما أقرضت الله عز وجل، إن عاديت ولياً فكأنما عاديت الله عز وجل، إن حاربت داعية فكأنما حاربت الله عز وجل، إن كسوته فكأنما كسوت الله عز وجل، إن عدته فكأنما عدت الله عز وجل.
 إذا إنسان ضرب إنساناً في الطريق ما الذي يحدث؟ قد لا يحدث أي شيء، أما إذا ضرب شرطياً فاعتدى على الدولة، لأن هذا الشرطي يمثل الدولة، أليس كذلك؟ فقد تضرب أي إنسان دون أن يحدث شيء، على أساس خصومة، أما حينما تعتدي على إنسان يرتدي بذلة رسمية فكأنك اعتديت على الدولة، طبعاً هذا مثل، إذا اعتديت على مؤمن، إذا أردت أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، أنت زعزعت ثقة الناس بالدين، إن أردت أن تطعن بامرأة محجبة كلهن فاسدات –المحجبات- هل بهذه البساطة هكذا؟ معناها المحجبة فاسدة ماذا تفعل؟ أنت تطعن بأصل الدين، من أساء الظن بأخيه فكأنما أساء الظن بربه، لذلك عبّر ربنا عز وجل عن عظم أذية المؤمنين، أذية أولياء الله، لأنك إن حاربت هذا الولي فكأنما حاربت أولياء الله، بالمقابل لو أكرمت أهل العلم أن تجعلهم في مرتبة عليّة أنت ماذا فعلت؟ تدّعم هذا الدين.

2 ـ النفي من الأرض يكون بالطرد والإبعاد :

 اللطيفة الثانية في هذا التفسير قال: النفي من الأرض يكون بالطرد والإبعاد والحبس، فقد روي عن مالك أنه قال: النفي هو السجن، الإنسان ممنوع بالسجن أن يقرأ الصحف لماذا؟ إن قرأ الصحف لم يعد مسجوناً، على صلة مع أخبار الناس ومع ما يجري، لو أعطينا إنساناً مذياعاً وصحفاً وشاهد كل شيء وهو في السجن لم يعد مسجوناً، إنسان يجلس في بيته أياماً طويلة، مادام على اتصال مع العالم الخارجي يقرأ الكتب، ويسمع الأخبار، ويتابع أخبار الناس لم يعد مسجوناً، فالنفي من الأرض هو السجن، ينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، إنسان طليق يركب مركبته، ويذهب إلى الزبداني، أو إلى الساحل، أو إلى حلب، أو إلى بريطانيا، أو اليابان.. هو طليق، أما حينما تسجنه تنقله من سعة الدنيا إلى ضيقها، إلى مكان ضيق، يجلسون سنوات وسنوات، فقال: النفي من الأرض يكون بالطرد والإبعاد اسمه إبعاد وأصبح هناك مصطلحاً قبل سنوات: المبعدون الذين أبعدوا عن أرضهم.
 قال بعض العلماء: ماذا يفعل أعدائي بي؟ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي؟ المؤمن سعادته تنبع من داخله، وغير المؤمن سعادته تنبع مما حوله، إذا لم يتوفر التكييف يقول لك: لا يعاش في هذا البيت، إذا لم يتوفر الأكل الجيد، أو المركبة المريحة، أو البيت الواسع، سعادته في بيت جميل ومركبة.
 مرة أردت أن أتحدث مع رجل جاء من أوربا سألته وحدثته عن الدين قليلاً قال لي: هذا الموضوع لا يعنيني إطلاقاً، ولا أهتم له، ولا أبحث عنه، أنا يعنيني ثلاثة أشياء؛ بيت جميل، ومركبة، وامرأة جميلة فقط، أهدافه واضحة تماماً، أما هذا الذي تتحدث عنه فلا علاقة له إطلاقاً، فالنفي هو السجن، ينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، فكأنه إذا سجن نفي من الأرض لأنه لا يرى أحبابه، ولا ينتفع بشيء من لذائذ الدنيا وطيباتها، فصاروا يُنفَون من الأرض إما أن يُبعَدوا، وإما أن يسجنوا، وكلاهما يؤدي المعنى نفسه.
 الآية الكريمة التي نحن في الحديث عنها:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

[سورة المائدة: 33-34]

ارتباط أواخر الآيات بمعانيها أشد الارتباط :

 أيها الأخوة، هذه الآية محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فساداً تأتي بعدها آيات جريمة السرقة.

﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

[سورة المائدة: 38]

 الأصمعي - والأصمعي عالم كبير من علماء اللغة- قال: قرأت هذه الآية وإلى جنبي أعرابي فقلت: والله غفور رحيم سهواً بدل أن يقول: والله عزيز حكيم، فقال الأعرابي: كلامُ مَنْ هذا؟ قلت: كلام الله، قال: أعِد، فأعدت والله غفور رحيم، قال: ليس هذا كلام الله، فتنبهت فقلت: والله عزيز حكيم، فقال: أصبت هذا كلام الله، قلت: أتقرأ القرآن؟ قال: لا، أتحفظه؟ لا لم أحفظه، قال: فمن أين علمت أني أخطأت؟ قال: يا هذا عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع، لا تتناسب والله غفور رحيم مع واقطعوا أيديهما، أقول: هذا يدل على ذكاء الأعرابي، وشدة الترابط والانسجام يبن صدر الآية إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم، إذا إنسان غير حافظ القرآن فضّل أن يكملها من عنده، وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم، لا ليست هكذا.

﴿ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

[سورة المائدة: 118]

 أي إنسان إذا أراد أن يعفو قد يحاسب، لم عفوت عنه؟ إلا الله إذا أراد أن يعفو عن إنسان ليس في الكون كله جهة تحاسبه:

﴿ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

[سورة المائدة: 118]

 أواخر الآيات مرتبطة بمعانيها أشد الارتباط.

الله عز وجل بدأ بالسارق لأنه أقدر على السرقة و بالزانية لأنها أقدر على الإثارة :

 شيء آخر أيها الأخوة:

﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ﴾

[سورة المائدة: 38]

 بدأ الله بالسارق لأنه أقدر على السرقة من المرأة وأما:

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ﴾

[سورة النور: 2]

 فبدأ بالزانية لأنها أقدر على إثارة الرجل من شيء آخر، وهناك رجل ملحد اعترض على الشريعة الإسلامية قال: يد قطعت بخمس مئين عسجد وديَت، إذا قطعت يد بحادث ديتها خمسمئة دينار ذهبي، الإنسان يعمل بيده لو قطعت يد الإنسان بحادث فديتها خمسمئة دينار ذهبي قال:

 

يد بخمس مئين عسجد وديت  ما بالها قطعت في ربع دينار
***

 لو أنها سرقت ربع دينار تقطع، لو أنها قُطِعَت خطأ ديتها خمسمئة دينار، ما هذا التناقض؟ ربع دينار تقطع، وإن قطعت خطأ فديتها خمسمئة دينار!

 

 

يد بخمس مئين عسجد وديت  ما بالها قطعت في ربع دينار
***

 أجابه بعض الحكماء قال له:

 

 

عز الأمانة أغلاها وأرخصها  ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
***

 لمّا كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت، اثنان دماؤهم تعم جسمهم إذا المقتول شهيد ماذا تقول؟ مضرج بدم الشهادة، إذا كان مرتكباً جريمة تقول: ملطخ بدم الجريمة، دم الجريمة شيء، ودم الشهادة شيء آخر، طبعاً الموضوع طويل جداً حول آية محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فساداً:

 

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا ﴾

[سورة المائدة: 33]

أكبر جريمة على الإطلاق أن يزني رجل متزوج بامرأة متزوجة :

 بعض العلماء حمل جريمة الزنا للمحصن مع المحصنة بالرجم حتى الموت، هل هناك من جريمة على الإطلاق أكبر من أن يزني رجل متزوج محصن بالزواج وله أولاد بامرأة متزوجة ومحصنة بالزواج ولها أولاد؟ ثم تطلق من زوجها لأنها خانته، يشرد الأولاد، وتنهار هذه الأسرة، هل هناك أشد من هذه الجريمة؟ لذلك حكم الزاني المحصن الرجم حتى الموت، وحكم الزانية المحصنة الرجم حتى الموت، لأنهما لم يزنيا فقط بل كأنهما يزنيان أمام الناس، كيف تم ضبط هذه الجريمة؟ أربعة شهود مع أنهما لا يباليان فيما يفعلان من هنا من هذه الآية حمل حكم الرجل حتى الموت:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ﴾

[سورة المائدة: 33]

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ﴾

[سورة النور: 2]

موضوع صون المال شيء مهم جداً :

 رأفة أهل الغرب بالإنسان السارق من أن تقطع يده، ورأفة أهل الغرب بالإنسان الزاني من أن يعاقب سبب هذا الإحصاء الذي قرأته قبل عشرين عاماً، في عام خمسة وستون هناك إحصاء فيدرالي في أميركا أن كل ثلاثين ثانية ترتكب جريمة قتل، أو اغتصاب، أو سرقة، وفي علمي الآن كل عشر ثواني يموت إنسان في الإيدز في أميركا! وهناكي تحقيقات عن بعض البلاد الإسلامية التي كانت تطبق قطع اليد، والآن تساهلت كثيراً، شيء لا يصدق يمكن أن نرسل رواتب محافظة في أقصى الجنوب بمئات الملايين بشاحنة مكشوفة، بلاد فيها جهل، وعنف، ولكن لأن حدّ السرقة مطبق فالناس في أمن، لي قريب جاء من هذه البلاد قلت له: تسير وحدك في الليل الطريق موحش؟ وهو شاب قال: أنام في السيارة ثم أتابع السير! بهذه البساطة؟ نعم لأن حدّ السرقة مطبق في هذا البلد، حدثني أخ قال: أنا أركب وأهلي في السيارة عليها كل حاجاتنا في بلد لا تطبق قطع اليد كنت مضطراً إلى أن أنزل الأغراض، وأرفعها إلى الطابق الرابع، وبذلت جهداً، في بلد آخر بعد مئة كيلو متر تطبق قطع يد السارق قال: فتركت المركبة على حالها ونمت نوماً عميقاً! موضوع مصونية المال شيء مهم جداً، على كلٍّ هذه الآية لها بحث طويل إن شاء الله يتاح لنا وقت آخر لبحثها.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور