وضع داكن
25-04-2024
Logo
مختلفة- لبنان - المحاضرة : 40 - جمعية مكارم الأخلاق بطرابلس - معاني الحج .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 المذيع: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، سماحة مفتي طرابلس ولبنان الشمالي الشيخ الدكتور محمد طه الصابونجي حفظه الله تعالى، سماحة الوالد الفاضل الشيخ ناصر الصالح رئيس السابق للمحاكم الشرعية في لبنان رئيس جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية العامرة حفظكم الله تعالى، السادة العلماء والأخوة الحضور تبتهج جمعية مكارم الأخلاق السامية في الميناء وجمعية رواية الحجاج وتزهو الميناء ويزهو مسجدها في هذه الأمسية المباركة باستقبال ابن عزيز فاضل وعندما أقول لسيدي الشيخ محمد رابت النابلسي إن لكم في الميناء مشهداً وليس هذا بدعاً من القول أليس العلم رحم بين أهله والذين تخرجوا من هذا المسجد من لا ينتسب إلى النابلسي الشيخ الجد العلامة العارف بالله سيدي عبد الغني رحمه الله تعالى عرفناه كبيراً جليلاً وكنا ما نزال صبية صغارا فقرأنا له كفاية غلام وأهزوجة في غاية اختصار يسهل حفظها على الصغار، ثم لم يشتد ساعدنا قليلاً نهلنا بشرف وانتباه من مورد فقهي رقراق فكانت حلقتنا حول اللبان في شرح الكتاب، الباب الذي لا بد من جلوسه لمتفقه على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فسألت يوماً عن سر تعلق طلاب العلم الشرعي في طرابلس الشام بالعلامة العارف بالله الزاهر الصيت الشامي لما وراء الشام، فاستبانت لي دعوات للشيخ رحمه الله خص بها أهل الفيحاء، دعوات لا شك أنها أصابت هدفها كسهام الليل التي لا تخطي، ربما دعوات إبراهيم عليه السلام لمكة أم القرى أو دعوات الحبيب عليه الصلاة والسلام ليثرب المدينة المنورة والقارئ منا لما تخطاه الله تعالى في سجل محنته طرابلس الفيحاء يستشف معالم ما أقول فقد أسعد نظر الله ضريحه أجدادنا بزيارة كريمة مباركة وسجل فيها وصفاً وأثراً وعلماً رفيعاً في كتابه المحصون التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية ولولا خشية الإقامة لشرفنا مسامعنا المزيد المزيد بما يجمعنا بالعلامة الجليل العارف بالله رحمه الله تعالى وما أشبه اليوم بالأمس وها هي الرحلة الطرابلسية ترتسم من جديد ومن خطى نابلسية عزيزة أصيلة وها هو النابلسي يحي في القلوب ما زرعه النابلسي جده العفيف هدفاً وفقهاً وتربية وفضلاً وعلماً والرحم هي هي لم تنقطع والنسب هو هو لم ينصرم فأهلاً وسهلاً بكم أستاذنا الفاضل في بلدكم بين إخوتكم وإن كان مثلي لا يعرف ضيفنا الكريم وشيخنا العزيز فربما أقف وقفة واحدة لثبت قوة الرحم التي تجمعنا بأستاذنا الفاضل فأقول إنني لم أتفاجأ ولم أعجب عندما اطلعت على ما كتبه أستاذنا في سيرته الشخصية فتبينت لي هذه العبارات التي ربما تترك أثراً في قلوبنا قال حفظه الله تعالى: وقد طلبت العلم الديني والشرعي في وقت مبكر من حياتي فلزمت دروس العلم الديني والشرعي بعدد من علماء دمشق حيث درست التفسير والحديث والفقه والسيرة والفرائض ونلت إجازة في رواية الحديث الشريف ممن العلم رحم بين أهله، وما بين الميناء وما بين أسرة النابلسي الشيء الكثير الكثير من هذا الرحم العلمي وممن تخرج من هذا المسجد من له أثر وفضل وأستأذن من شيخنا الكريم فيما أقول على تكريمه الشخصي ونلت إجازة إسلامية في رواية الحديث من أستاذي في كلية الآداب الدكتور الشيخ صبحي الصالح رحمه الله تعالى أستاذ علوم القرآن وعلوم الحديث وفقه اللغة يومها في جامعة دمشق.
 أيها الأخوة الأكارم: إن كان هذا نسبنا أستاذنا الفاضل فلنعلم جميعاً أن لطلاب العلم نسباً مع المعلم الأول والنبي صلى الله عليه وسلم فالعلماء ورثة الأنبياء وإننا إذ نجتمع لنستفيد مما سوى يتحفنا به الأستاذ الكريم فإنما نسمع لنفقه ونفقه لنعمل لا بد من العمل والسلوك والاتزان والقدوة الحسنى وأن نحيي قلوبنا بما نسمع لماذا ؟ لنحيي بأعمالنا مجتمعنا اسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يجعلنا الله تعالى يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأترككم مع الأستاذ العارف العلامة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي فلنستمع بقلوبنا قبل أن نستمع بآذاننا.
 الأستاذ: جزاكم الله خيراً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد …
 أيها الأخوة الكرام: أبناء هذه المدينة العتيدة التي هي قلعة الإسلام والمسلمين أشكر لكم هذه الدعوة الكريمة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على حسن ثقتكم فيّ أسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم، وأن تكون المحاضرة في المستوى التي تطمحون إليه.
 أيها الأخوة الكرام: هناك من يشطح ويقول: إن الكون كله خلق من أجل محمد صلى الله عليه وسلم والحقيقة أن الله اصطفى محمداً من بين البشر ليكون سيد الخلق وحبيب الحق وليكون قدوة للبشر، وليكون البشر على شاكلة محمد، اصطفى إنساناً ليشيع الصفاء في كل البشر، واصطفى زماناً هو رمضان ليشيع الصفاء في كل العام، واصطفى مكاناً هو بيته الحرام ليشيع الصفاء في كل مكان، اصطفى إنساناً وزماناً ومكاناً.
 الإسلام أيها الأخوة: عقائد ومعاملات وأخلاق ومبادئ، موضوع المحاضرة في قسم العبادات، والعبادات كما قال الإمام الشافعي: معللة بمصالح الخلق، الطقوس حركات وسكنات وتمتمات وإيماءات ليس لها معنى إطلاقاً في الأديان الوضعية الأرضية، لكن العبادات في الإسلام معللة بمصالح الخلق.

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾

(سورة العنكبوت)

 قال علماء التفسير: ذكر الله أكبر ما فيها، وقال بعضهم: إن ذكر الله لعبده في الصلاة أكبر من ذكره له، إذا ذكرك الله عز وجل منحك نعمة الأمل وهي أثمن نعمة على الإطلاق.

 

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) ﴾

 

(سورة الأنعام)

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

 إذا ذكرك الله عز وجل منحك الحكمة:

 

﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾

 

(سورة البقرة)

 إذا ذكرك الله عز وجل ألقى في قلبك السكينة، تلك السكينة التي يسعد الإنسان بها ولو فقد كل شي ء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء، هذه الصلاة:

 

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾

 أما الصيام:

 

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾

 

(سورة البقرة)

 لعلكم بالاتصال المحكم في رمضان يقذف نور الله في قلب الإنسان فيرى الحق حقاً ويرى الباطل باطلاً:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

 

(سورة الحديد)

 هذا الصيام، أما الزكاة:

 

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾

 

(سورة التوبة)

 فرق كبير بين الزكاة والضريبة فالزكاة من التزكية، والضريبة من الضرب، أما الحج فقد قال الله عز وجل:

 

﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ﴾

 

(سورة المائدة)

 وإذا علمت أن الله يعلم سرت إليه.

 

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً(12)﴾

 

(سورة الطلاق)

 حينما تعلم أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك لا بد من أن تستقيم على أمره، وإن أردت للاستقامة قانوناً فهو أن تعرفه، إن عرفته خضعت له وسعدت بقربه.
 أيها الأخوة الأحباب: العبادات نوعان عبادات شعائرية وعبادات تعاملية، العبادات التعاملية هي اصل كبير في الدين بل إن العبادات الشعائرية لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية.

 

(( فإذا وضع الحاج رجله في الركاب وقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، إذا كان هذا الحاج يحج بمال حرام نودي أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك.))

 أيها الأخوة ك حقيقة خطيرة جداً هي لب هذه المحاضرة إن لم تصح العبادات التعاملية لا تقبل ولا يقطف ثمار العبادات الشعائرية، إليكم الأدلة:

 

 

((عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

 

(سنن ابن ماجة)

 وليس كل مصل يصلي.

 

(( إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي وكف شهواته عن محارمي ولم يصر على معصيتي وأطعم الجائع وكسى العريان ورحم المصاب وآوى الغريب كل ذلك لي وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور الشمس على أن أجعل الجهالة له حلماً والظلمة نوراً يدعوني فألبيه يسألني فأعطيه يقسم علي فأبره أكلأه بقربي وأستحفظه ملائكتي مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها ولا يتغير حالها ))

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))

(سنن الترمذي)

 الصلاة والصيام لا تقبل إلا بالاستقامة على أمر الله، من لم يضع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يضع طعامه وشرابه، والزكاة لا تقبل إلا بالاستقامة على أمر الله:

 

﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53)﴾

 

(سورة التوبة)

 الصيام والصلاة والحج والزكاة أما النطق بالشهادة، من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها ؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله.
 العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية لبعض العلماء كلمة: ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام.
 أيها الأخوة الكرام: صحابي جليل بن عباس كان معتكفاً في رمضان فرأى رجلاً كئيباً فقال ما لي أراك كئيباً قال: ديون ركبتني ما أطيق سدادها، فقال لمن ؟ قال لفلان: اتحب أن أكلمه لك ؟ قال: إذا شئت فقام ليخرج من معتكفه فقيل له: يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف ؟ قال: لا والله ولكنني سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب والله لأن أمشي مع أخي في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا!!
 العبادات التعاملية هي التي تجذب الناس إلى هذا الدين فيدخلون فيه أفواجاً، والاكتفاء بالعبادات الشعائرية من دون تطبيق للعبادات التعاملية هو الذي يخرج الناس أفواجاً من هذا الدين.
 أيها الأخوة الكرام: بادئ ذي بدء العبادات شعائرية وتعاملية ولا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية، إليكم هذا المثل: العبادات الشعائرية كساعات الامتحان الثلاث والعبادات التعاملية كالعام الدراسي كله، فهذا الذي لم يداوي ولم يدرس ولم يفتح كتاباً وجاء إلى الامتحان ماذا يفعل ؟ لا معنى لهذه اسلاعات إطلاقاً، هذه الساعة لها معنى كبير إذا كان أثناء العام الدراسي منكباً على الكتاب ويتابع الدروس ويحضر المحاضرات ويكتب ما عليه من وظائف.
 أيها الأخوة الأحباب: النبي عليه الصلاة والسلام بين أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما كأن الصلاة شحنة تشحن بها للصلاة الثانية، كيف أن هذا الهاتف المحمول لا بد من أن يشحن والمؤمن كذلك هذا الهاتف المحمول إن لم تشحنه يسكت لا ينطق والمؤمن يحتاج إلى شحن دوري، فالصلاة شحنة يومية تعينك على متابعة الاتصال بالله من وقت إلى وقت.
 أيها الأخوة: شيء آخر فريضة الجمعة شحنة أسبوعية من أسبوع إلى أسبوع، أما رمضان فشحنته سنوية إلا أن الحج شحنة مدى الحياة، من حج فلم يفسق ولم يرفث رجع كيوم ولدته أمه، الحج شحنة كبيرة جداً، لذلك الإنسان إذا وقف أمام الحجر الأسعد وقبله أو أشار إليه وعاهد الله على الطاعة، إذا عاد لبلده بعد الحج ينبغي أن لا ينسى هذا العهد وأن لا تنطبق عليه هذه الآية الكريمة:

 

﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)﴾

 

(سورة الأعراف)

 أيها الأخوة الكرام: حقيقة دقيقة هي أنك تصلي في البيت أو المسجد أي في بلدتك وأنك تصوم في بلدتك وتؤدي الزكاة في بلدتك وتنطق الشهادة في بلدتك، لكن هذه الفريضة تتميز عن بقية الفرائض أنها لا تؤدى إلا في مكان مخصوص وفي وقت مخصوص، تحتاج إلى تفرغ.
 الذي يذهب إلى بيت الله الحرام يؤكد لنفسه أولاً ويثبت لله عز وجل أن تلبية دعوة الله عز وجل أغلى عليه من بيته وعمله ومكانته والهالة الكبيرة التي يحيط بها في بلده لبيك اللهم لبيك ! كان الله عز وجل يقول تعال يا عبدي تعال إلي تعال كي تذوق طعم القرب مني تعال يا عبدي كي تنزاح عنك هموم كالجبال، تعال يا عبدي لتصطلح معي تعال يا عبدي لأهبك من نوري وسكينتي وتوفيقي، لبيك اللهم لبيك، قد ينسى الحاج ما معنى لبيك اللهم لبيك كان الله يقول لك: تعال يا عبدي زرني في بيتي الله في كل مكان ما معنى أن تزوره في بيت الله الحرام ؟
 الحقيقة تمشياً مع النزعة المادية للإنسان اتخذ الله له بيتاً في مكة، وقال للناس تعالوا إلي تفرغوا من أعمالكم ودعوا دنياكم وأهلكم وأولادكم ومكانتكم وغناكم والألبسة الفخمة والمركبة المريحة دعوا بيوتكم وتعالوا إلي، أنت حينما تدفع ثمن هذه العبادة باهظاً تدفع أموالاً وتركب طائرة وتذهب إلى مكان بعيد، ليس لك في هذا البلد لا أقارب ولا تجارة ولا معارف ليس لك في هذا البلد إلا أنك لبيت دعوة الله عز وجل، فحينما تدفع الثمن باهظاً تقطف الثمار الباهرة.
 أيها الأخوة الكرام: ما دمت قد فرغت نفسك لله هذه حالة يكرمك الله بحالة مشابهة أنه يفرغ قلبك مما سواه واسألوا معظم الحجاج الذين صدقوا في حجهم، يقول لك: وأنا في دار الله الحرام لا أذكر من هموم بلدي شيئاً أنت فرغت نفسك لعبادته هو فرغ قلبك له، لذلك الاتصال بالله عز وجل في بيت الله الحرام اتصال مكثف، أنت حينما تصلي في بلدك كأنك تسبح في عكس التيار، لكنك إذا ذهبت إلى بيت الله الحرام إذا صليت هناك كأنك تسبح مع التيار، الاتصال بالله سهل جداً، انهمار الدموع وخشوع القلب المناجاة الحارة مع الله كل هذا سهل جداً كان الله عز وجل يقول لك: تعال يا عبدي كي تذوق طعم القرب مني وكي أريحك من هموم كالجبال كي تذوق حلاوة القرب والسكينة والتوفيق والمناجاة.
 أيها الأخوة الكرام: أي إنسان عاش في هذه الحياة ذاق الطعام والشراب وتزوج وركب وسافر واطلع واستمتع بكل متع الحياة المباحة لكنك إذا ذهبت إلى بيت الله الحرام هناك سعادة لا توصف سعادة من نوع آخر سعادة الاتصال مع مصدر الجمال في الكون.
 لذلك الحاج الصادق حينما يغادر بيت الله الحرام دون أن يشعر يقول: يا رب لا تجعل هذه الحجة آخر عهدي بك، وفي آية كريمة دقيقة جداً يقول الله فيها:

 

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ ﴾

 

(سورة البقرة)

 معنى مثابة مصدر من ثاب رجع، من شدة ما يحصل للحاج من قرب مع الله عز وجل العلامة الأكيدة لصحة حجه أنه يتمنى أن يعود للحج مرة ثانية ولكن مع الأسف الشديد قد تلتقي بحاج يحدثك عن كل شيء إلا الحج عن مواعيد الطائرة والمطار والفندق والحاجات الميسرة إلا الحج هذا من ضعف الحج !!
 أيها الأخوة: في الحج ناحية دقيقة أن كل الأقنعة المزيفة تخلعها في الحج، قد يذهب الإنسان إلى الحج وهو ذو منصب هناك لا قيمة للمنصب أبداً، تشعر أنك واحد من المسلمين لا تملك عليهم أية ميزة، ليس هناك طواف للدوبلوماسيين في الحج أو طواف لعيلة القوم، يطوف الإنسان مهما علا شأنه، فكل مناسك الحج يتساوى بها كل الناس إذاً الحج من خصائصه أنه ينزع عن الإنسان أقنعته المزيفة قناع المنصب والثروة، الإنسان يعبر عن دخله بثيابه بأناقته بارتفاع ثمن ثيابه، هناك قناع الألبسة ينزع أيضاً، قناع النعيم الدنيوي كالعطر مثلاً الحلاقة، هذه المبالغة في تحسين الوضع المادي أيضاً ممنوع أن يكون في الحج.

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا ))

(مسند الإمام أحمد)

 يجب أن تنزع كل أقنعة الدنيا كي تصل بالله عز وجل، فلا يمكن لحاج أن يأتي من فوق لابد من أن يأتي إلى الله من باب الانكسار شيء آخر: نحن تنتظرنا رحلة أخيرة نغادر بها الدنيا وهذه الرحلة لو دققنا فيها لارتعدت مفاصلنا من كل شيء إلى لا شيء، إذا وضع الإنسان في قبره ينادى: أن عبدي قد رجعوا وتركوك وفي التراب دفنوك ولو بكوا معك ما نفعوك ولم يبق لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت، فإذا كانت رحلة الدار الآخرة رحلة أخيرة فالحج رحلة قبل الأخيرة من أجل أن تستعد للرحلة الأخيرة نزع الله عنك كل الأقنعة المزيفة التي تحول بينك وبين الله، ثم إن الله سبحانه وتعالى وضعك في وضع لا تستطيعه لا أن تزهو بلباس ولا بمكانة ولا برفاه ولا بافتخار، هذه كلها أقنعة تسقط في الحج.
 أيها الأخوة: قد يسأل سائل لماذا كانت هذه المناسك تؤدى في أرض غير ذي زرع ؟ تصور لو أن هناك شيئين يتحركان لا يمكن أن تضبط أحدهما إلا بتثبيت الآخر، لو أن بيت الله الحرام في جبال خضراء وأنسام عليلة وإطلالة على شطئان جميلة ساحرة وهو على مدار العام لئلا يكون ازدحام كيف نفرق بين السائح والحاج تتداخل الدنيا مع الآخرة، لذلك شاءت حكمة الله أن يثبت كل متع الدنيا في الحج حر لا يحتمل ليس في هذه البلاد غابات خضراء ولا نسيم عليل ولا إطلالة رائعة هذه البلاد فيها قرب من الله عز وجل، على الرغم من أكل شروط اللذة والسعادة في الدنيا معطل هناك ازدحام لا يحتمل بعد عن بلدك حر إنفاق كثير وقد تلقى معاملة فيها غلظة بعض الأحيان، فلو أردت الدنيا اذهب إلى بلاد جميلة وانزل في فنادق راقية، لكن الله عز وجل أرادك أن يبين لك أنه يمكن أن تكون في أعلى درجات السعادة وقد حرمت من كل أسباب الراحة المادية، ليبين الله عز وجل أن السعادة الحقة هي الاتصال بالله عز وجل.
 قد يتوهم الناس أحياناً أنك إذا ذهبت لبيت الله الحرام غفرت لك كل الذنوب والحقيقة ليست كذلك والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، إن الله سبحانه وتعالى يغفر في الحج كل الذنوب التي بينك وبينه حصراً، لكن الذي بينك وبين العباد لا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة وهم عند عوام المسلمين اذهب إلى الحج عليك ذمم لم تؤدى عليك واجبات وحقوق لم يؤدى هذا يمنع أن يقبل الحج، كما قلت قبل قليل:

((من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب وقال: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك.))

 أيها الأخوة ك تصور أن إنساناً مقصر في عباداته يشعر بثقل هذا التقصير وكأنه جبل جاثم على صدره، لمجرد أن يذهب لبيت الله الحرام تنزاح عنه هذه القيود وتلك الأثقال دفعة واحدة، هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:

 

(( سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ))

 

(صحيح البخاري)

 كأنك بعد الحج فتحت صفحة جديدة مع الله.
 أيها الأخوة الكرام: لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد والعقيم الوالد والظمآن الوارد.

 

﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾

 

(سورة النساء)

(( حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ ))

(صحيح البخاري)

 أنت حينما تتوب إلى الله بالحج ترجع كيوم ولدتك أمك تصبح حبيب الله، لأن الله يحب أن يتوب علينا، وإذا تاب العبد توبة نصوحاً أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه.
 يوجد حديث آخر: أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله، لذلك من ضاقت به الهموم وارتكب في علاقته مع الله كان في حجاب بينه وبين الله فإذا حج بيت الله الحرام عادت هذه الصلة وعاد هذا الصفاء ورجع بذنوبه كيوم ولدته أمه.
 مما ورد في بعض المعاني عن مفاوضة الحجر الأسود هكذا ورد أن يمين الله في أرضه فمن فاوض الحجر فقد فاوض كف الرحمن، إنك تعاهد الله وأن تشير إلى الحجر الأسود وأن تقبله على الطاعة مدى الحياة وهذا العهد يرقى بك إلى أعلى عليين.
 فلذلك حينما تحج بيت الله الحرام ينبغي ألا تنسى هذه الآية وأن تكون ابعد الناس عنها بمعناها السلبي:

 

﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)﴾

 

(سورة الأعراف)

 العبرة أنك إذا ذهبت إلى بيت الله الحرام أن تعود إنساناً آخر، أما إذا عاد الإنسان كما ذهب ولم يطور سلوكه ولم يصطلح مع ربه فقد ضيع هذه الفرصة الذهبية، لذلك ورد عند العلماء أنه من وقف في عرفات ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له.
 لذلك يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:

((إذا أصححت بعبدي جسمه ووسعت عليه في المعيشة فأتت عليه خمسة أعوام ولم يفد إلي فإنه محروم.))

 المؤمن الصادق يشتاق أن يعاود الحج إلى بيت الله الحرام إذا أصحح الله له جسمه ووسع عليه في المعيشة يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:

 

((إذا أصححت بعبدي جسمه ووسعت عليه في المعيشة فأتت عليه خمسة أعوام ولم يفد إلي فإنه محروم.))

 أيها الأخوة الكرام: ما من شيء بالحج يعدل الاتصال بالله، الحقيقة الدقيقة أن الصلاة من أجل أن تتصل بالله وان الصيام من أجل أن تتصل بالله وأن الزكاة والحج كذلك وان كل العبادات الشعائرية والتعاملية هدفها أن تثق أن الله يحبك وأن تثق أن الحجب بينك وبين الله قد زالت وتقبل عليه من أجل أن تسعد بقربه.
 الحقيقة أن قمة السعادة أن تكون مع الله فكن مع الله ترى الله معك، هذه مطلع قصيدة للشيخ العارف بالله عبد الغني النابلسي.

 

 

كن مع الله تر الله معك  واحذر الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعه  ثم من يعطي إذا ما منعك
***

 أيها الأخوة الأحباب: يقول بعض العلماء الكبار: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة القرب، يقول هذا العالم أيضاً: ماذا يفعل أعدائي بي إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي ؟
 إذا حججت بيت الله الحرام ولم تقل إنني أسعد الناس وأسعد أهل الأرض إلا أن يكون أحدهم أتقى مني لا يكون الحج الذي أراده الله عز وجل، أنت تذهب إلى من ؟ هذه رحلة إلى الله هذه رحلة إلى من بيده ملكوت السماوات والأرض هذه رحلة إلى من إليه يرجع الأمر كله وإلى من إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، إذا كان الله معك فمن عليك وإذا كان عليك فمن معك، هذه رحلة إلى قيوم السماوات والأرض هذه رحلة متميزة رحلة إلى الله عز وجل ومن صحت رحلته رجع كأسعد إنسان على وجه الأرض.
 أيها الأخوة الكرام: من الثابت أن هناك حجاجاً هداهم الله ينسون أن هناك فرائض فمن أجل سنة يجوز له أن يؤديها بشكل أو بآخر ينتهك فرائض، فحينما يتزاحم الحجاج على الحجر الأسود ويدفع بعضهم بعضاً ويؤذي بعضهم بعضاً من أجل التبرك بسنة يمكن أن تشير إليه فلذلك لا يد من الفقه في الحج.( تفقهوا قبل أن تحجوا) الإنسان إذا كان فقيهاً في الحج كان حجه كاملاً مقبولاً عند الله عز وجل، والشيء الذي يدعو إلى العجب أن بلاداً بعيدة جداً لا يسمح للحاج أن يحج إلا إذا خضع لدورة مديدة تزيد عن ستة أشهر يتعلم فيها مناسك الحج وآداب الحج وكل ما يستدعي أن يكون حجه مقبولاً.
 أيها الأخوة الكرام: ما قولك إذا كنت في مقابلة عظيم وتشاغلت عنه ؟ من منا يصدق أن يوم عرفة هي أعظم الأيام في حياة المسلم على الإطلاق ؟!! إنه يوم اللقاء مع الله يوم الحج الأكبر، ففيه تغفر الذنوب ويناجي العبد ربه، فالإنسان إن لم يخطب ود ربه كيف كون عند الله مقبولاً، أنت حينما تناجي الله عز وجل وتشعر بالقرب منه تشعر أنك حججت بيت الله الحرام.
 إخوتنا الكرام: لا يمكن أن يكون أمر العظيم إلا عظيماً كعظمته لا يمكن أن يكون الحج مجرد ذهاب إلى مكان، والطواف والسعي والعودة هذا أمر الله عز وجل وهو أكبر من هذا بكثير، لذلك تفقهوا قبل أن تحجوا.
 الإنسان كيف يستعد قبل أن يذهب للحج ؟ بتوبة نصوح وبأداء كل الحقوق والواجبات وبالتكفير عن كل ذنوبه وخطاياه يستعد للحج بزيارة من له علاقة به، يستسمحهم بذنب ارتكبه معهم، أنت حينما تذهب إلى بيت الله الحرام خالي من كل نقيصة أو ذنب أو تقصير تشعر بأنك قريب من الله عز وجل، لكن هناك قاعدة أساسية في الحج هي أن الله لا يعبد إلا وفق ما شرف، فهذا الذي يستقرض مالاً ليحج به نقول له ليس عليك حج، الحج على المستطيع أو هذا الذي يجمع مالاً على سبيل الصدقة ليحج نقول له ليس عليك حج، الحج على المستطيع وهذه التي تعقد زواجاً صورياً من أجل أن تحرم على زوجها الصوري هذا لعب بدين الله ليس على المرأة إن لم يكن معها محرم.
 فالقضية الدقيقة أن عوام المسلمين يريدون أن يعبدوا الله على أمزجتهم لكن الله لا يعبد إلا وفق ما شرع، فإذا شرع الحج لمن يستطيع لا ينبغي لمن لا يستطيع أن يتسول ليحج ولا أن يستقرض مالاً ليحج ولا أن تحج امرأة من دون محرم أو مع محرم شكلي صوري، هذا فساد في الدين ولعب فيه.
 ثم إن الحاكم عن لم يسمح لك بالحج لست مستطيعاً، أنت لست مضطراً أن تشتري فيزا على أنك قصاب أديت تصريحاً كاذباً ورشوة وذهبت لتحج بيت الله الحرام هناك من العلماء من لم يفتي بذلك، حرم ذلك، لا تبدأ هذا الحج العظيم بمعصية ولا بتصريح كاذب ولا برشوة فهذه العبادة العظيمة لا تحتمل معصية تمهيداً لها ولا تحتمل كذباً بل تحتمل صدقاً وأمانة واستقامة.
 أيها الأخوة الكرام: نحن مع هذه الفريضة وهذه الفريضة التي أكرمنا الله بها إنها فرصة سنوية كي نصطلح مع الله والتائب حينما يشعر أن الله غفر له كل ذنوبه يشعر شعوراً لا يوصف إنه شعور القبول.
 لذلك الله عز وجل يقول:

 

 

﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾

 

(سورة التوبة)

 والحقيقة الآيتان تلفتان النظر تاب عليهم ليتوبوا أحياناً يسوق لهم بعض الشدائد كي يحملهم على التوبة، أما تابوا فتاب عليهم بمعنى أنه قبل توبتهم، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان في بيت أحد أصحابه الذين توفاهم الله عز وجل هو أبو السائب سمع امرأة خلف الستار تقول: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله لو أن النبي عليه الصلاة والسلام سكت عن هذه المقولة لكانت حقاً وتشريعاً لأن النبي عليه الصلاة والسلام كلامه يعد تشريعاً ويعد فعله تشريعاً وسكوته إقراراً وتعد صفاته تشريعاً، لذلك قال لها:

 

(( عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي قَالَتْ فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ))

 

(صحيح البخاري)

 أحياناً إخوتنا الكرام الذين أرادوا الذهاب للحج هناك بعض الملاحظات من خبرات معينة الإنسان يذهب لبيت الله الحرام من شدة شوقه للكعبة المشرفة لمجرد أن يصل إلى مكة يتوجه إلى بيت الله الحرام، ما الذي يحصل أحياناً ؟ يومان لا ينام فيهما قبل السفر وتعب وإرهاق شديد في المطارات وانتظار دور يصل لمكة المكرمة منهك القوى، ينكر قلبه لا يتأثر لا يبكي وكان هذا المكان مكان عادي يصاب بنكسة نفسية أتمنى أن يستقر الإنسان في مكان إقامته ساعات طويلة كي يستعيد نشاطه وكي يهيئ نفسه للقاء الأول مع الله عز وجل.
 من تفاصيل ذلك أنك إذا رأيت الكعبة المشرفة أول مرة لك دعاء مستجاب، والدعاء في الحج هو أكبر شيء فيه، إنك في ضيافة كريم ويقول يا عبدي سلني أعطيك، لذلك إذا واجهت الكعبة المشرفة ينبغي أن تقف مديداً وتدعو الله بخيري الدنيا والآخرة وتعتقد جازماً أن الله يحبك.
 إخوتنا الكرام يقول الله عز وجل:

 

﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾

 

(سورة الفرقان)

 فالدعاء كما قال النبي الكريم:

 

(( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ قَالَ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ وَقَرَأَ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ دَاخِرِينَ ٌ ﴾ ))

 

(سنن الترمذي)

 هذا أصح حديث هو العبادة، وفي حديث آخر مخ العبادة، أنت في الدنيا متى تخاطب إنساناً ؟ أنت لا تخاطب إنساناً لا تجده أمامك، تخاطب إذا أيقنت أنه موجود ويسمعك وقادر على أن يلبيك ويحب أن يلبيك أربع خصائص للدعاء: الله موجود ويسمع ويعلم وقدير ويحبني لذلك الدعاء هو العبادة.

 

(( لذلك يقول النبي الكريم: إن الله يحب الملحيين في الدعاء.))

 

(ورد في الأثر)

 لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق، الله يغضب عن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب، فإن أردت أن يحبك الله فاسأله بالغ في السؤال اسأله حاجتك كلها، اسأله شسع نعلك إذا انقطع وملح طعامك وحاجتك كلها ومن خير الدنيا والآخرة، الحقيقة الدعاء هو الدين و سلاح المؤمن وأنت بالدعاء أقوى إنسان لأنك استعنت بالواحد الديان وبالمطلق في قدرته وفي علمه وخبرته ورحمته، لذلك أكاد أقول لكم: الحج كله دعاء دعاء منك واستجابة من الله عز وجل، فيتاح لك في الحج أن تكون في بيت الله الحرام وتدعوه وأن يستجيب لك.
 فيا أيها الأخوة الكرام: تفقهوا قبل أن تحجوا، الحج عبادة كبرى تقع في قمة العبادات لذلك تصلي في بيتك وتصوم وتؤدي الزكاة في بلدك ولكن لا يمكن أن تحج إلا بتفرغ تام من كل علائق الدنيا، فالحج عرفة.
 بالمعنى القريب أن تقف في عرفة، ويوم عرفة يوم الحج الأكبر بالمعنى الموسع الحج أن تعرف الله وتصطلح معه وتسعد بقربه.
 أيها الأخوة الكرام: أنا أنتظر منكم أية سؤال متعلق بالحج عن في حكمه أو أحكامه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 المذيع: جزى الله شيخنا الفاضل كل خير، أيها الأخوة من كان له سؤال في موضوع الحج فليتفضل بطرحه على فضيلة الشيخ:
 السؤال: هل هناك سن محددة للحج ؟
 الجواب: والله أيها الشباب حجتت مرات عديدة والله ما كنت أغبط إنسان يحج إلا الشباب لماذا ؟ لأن الحج عبادة تحتاج لبذل جهد، كيف أن الناس ألفوا أن الحج للكبار في السن، لإنسان معطوب أو على شفا الموت، الحج للشباب هي فريضة، لذلك لا مانع من أن تحج في مقتبل العمر لأنك في قوة وصحة ونشاط فينبغي أن تحج في وقت مبكر بشرط إذا كنت مستطيعاً.
 السؤال: هل يصح الحج ممن كانت عليه ديون وقد طلب منه أبنائهم بماله الخاص ؟
 الجواب: الحقيقة أن هذا الحاج ينبغي أن يستئذن الذي له عليه دين، فإن أذن فحجه صحيح، أما إن لم يأذن فالحج ينبغي أن يذهب الحاج وقد أدى ما عليه من حقوق، أما الأولاد إذا أدوا الدين فهو من أعظم الأعمال عند الله، السبب إخواننا الكرام: حقوق العباد مبنية على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة، الآن تصوروا هل هناك أعظم من أن تقدم حياتك في سبيل الله ؟

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ ))

 

(صحيح مسلم)

 شيء آخر:

 

((عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأُتِيَ بِمَيْتٍ فَسَأَلَ أَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ عَلَيْهِ دِينَارَانِ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ ))

 

(سنن النسائي)

 في رواية أخرى:

(( صحابي جليل جاهد مع رسول الله فقال صلوا على صاحبكم فقال أحد الصحابة علي دينه فصلى عليه، في اليوم الثاني سأله أأديت الدين ؟ قال: لا ؟ في اليوم الثالث سأله أأديت الدين قال: لا ؟ في اليوم الرابع سأله أأديت الدين ؟ قال: نعم، فقال: الآن ابترد جلده.))

(ورد في الأثر)

 ابترد جلده لا بالضمان بالأداء، فلذلك إنسان له مع إنسان مبلغ والمال شقيق الروح والأولاد حينما يدفعون المبلغ لأبيهم ليؤدي الدين هم أقرب إلى الله وأبوهم أقرب إلى الله من أن يحج بمال أولاده وعليه دين لأقربائه والله أعلم.
 السؤال: عندما نحدثه عن مسألة أو قضية شخصية يختلف الوضع كثير نرجو نصيحة.
 الجواب: في آخر حجة حججتها صار في تأخير للطائرة سبع ساعات قدم للحجاج بعض الفطائر والعصير يوجد حاج لم يناله شيء فسبّ الدين !
 أيها الأخوة: شيء يتفطر له القلب، الجاهل عدو نفسه ويفعل بنفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، وفي جهل مضحك بالحج: دخل لبيت الله الحرام والكعبة أمامه قال: أين القبلة، قال: أحدهم هذه الكعبة أمامك قال: وأنا أسأل أين القبلة ؟ الكعبة أراها.
 كنت عضواً في لجنة الحج العليا في بلدنا وكلفت أن أفحص رؤساء الأفواج الذين سيسيرون رحلات الحج، جاء رئيس فوج والله ما أعجبني سألته هذا السؤال قلت له لو أن امرأة كبيرة في السن تزيد عن الثمانين عاماً لم تستطع أن تهرول بين الأخضرين ما حجها ؟ قال: باطل يا أستاذ ! يوجد جهل لا يحتمل في الحج، جهل وإساءة، والله أشكر بعض الدول الآسيوية كنت في ماليزيا رأيت بناء الحج أربعين طابق أي مواطن عليه أن يدفع من دخله مبلغاً للحج من وقت مبكر هذه الأموال تستثمر في شؤون التجارة والزراعة والصناعة فإذا وصل مبلغه مع أرباحه إلى حج يليق بالإنسان يدعى إلى دورة تستمر ستة أشهر، هناك مناسك في هذه البلاد كالكعبة تماماً، وكعرفات ومينا ومزدلفة ولا يمكن أن يسمح له بالحج إلا إذا اجتاز الامتحانات النظرية والعملية، ثم في الشام قبل أيام حدثني أخ كريم أنهم أنشئوا معهداً للزواج، لا تم عقد زواج ما لم ينجح هذا الخاطب وفي دورة طويلة حقوق الزوجة وواجباتها والمعاملة ولا تقبل فتاة في زواج إلا إذا اجتازت هذه الدورة، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم.
 السؤال: ما حكم السفر إلى بلاد الغرب....وهل بسبب الوهن كما قال عليه الصلاة والسلام فما هي أفضل السبل لنزعه من قلوبنا ؟
 الجواب: يمكن أن تسافر إلى الغرب لتأتي بشهادة راقية جداً تنفع بها المسلمون لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، ولكن لا ينبغي أن تنوي الإقامة الدائمة الأبدية هناك، لأنه من أقام مع المشركين برئت منه ذمة الله، وكنت في مؤتمر في أميركا وقال عالم كبير هذه الكلمة قال: إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابنك مستسلماً لا ينبغي أن تبق في هذه البلاد.
 عقد مؤتمر للأطباء من دوترويت وكنت أزورهم كل عام وأحدهم زوج ابنته وحضرت عقد قران ابنته وكلفني أن ألقي كلمة في هذا العقد ولن معظم الحاضرين زملائه أطباء !! وقلت هذه المقولة:إن لم تضمن أن يكون ابن ابن ابن ابنك مسلماً لا ينبغي أن تبق في هذه البلاد، والله الذي لا إله إلا هو تقدم مني طبيب عقب المحاضرة وسالت دمعة على خده وقال: ابن ابن لي غير مسلم ابنه غر مسلم ! والله في مؤتمر آخر في لوس أنجلوس تقدمت مني امرأة هي أخت صديق لي أمام المصعد فإذا بها تبكي بكاء مجهشاً قلت لها: خير، قالت: ابنتي تحب الرقص والتمثيل وابني ملحد، والله ذهبت لأستراليا والله آلامهم من انحراف أبنائهم كادت تسحقهم.
 من أقام مع المشركين برئت منه ذمة الله.
 إخواننا الكرام: قلت لهم في أمريكا وقت كلينتون قلت: لو وصلت لمنصب ككلينتون وثروة كأونسيس وعلم كأنشتاين ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، والآية الدقيقة:

 

﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)﴾

 

(سورة طه)

 قال علماء التفسير: شقاء الزوج شقاء حكمي لزوجته، والقرآن موجز، يقاس على هذه القاعدة وشقاء الأولاد شقاء حكمي للأبوين، لذلك أكبر شيء تقامر به أولادك، فلذة أكبادك، أكبر شيء تضحي به أولادك.

فلذلك عد للمليون قبل أن تنوي الإقامة هناك، في إنسان أعرفه تماماً سكن في بريطانيا فلما كبرت بناته بدأن يسلكنا الطريق الذي لا يرضي الله وكانت الأم تدافع عنهن، نشب خلاف بينه وبين زوجته فطرد من البيت وسكن وحده يقول لي صديق في دمشق أحد إخوانه كنت أزوره من حين لآخر أدمن الخمر، مرة رأيت قارورة حليب أمام البيت لم يأخذها في اليوم التالي قارورتان اقتحم البيت فإذا هو ميت، أحياناً الإنسان حينما يسكن في بلد مسلم وحينما يرعى أولاده في مدارس إسلامية، الآن ممنوع الحجاب في هذه البلاد، تقريباً أروي طرفة معبرة.

 مسلم دخل لملهى فوجد امرأة شبه عارية قال: أعوذ بالله اتجه لمكان آخر رأى امرأة أخرى تشبهها قال: أعوذ بالله نقول له: لماذا جئت لهنا ؟ يجب أن تكون في بلد إسلامي ويعود خيرك على المسلمين، لكن أنا لا أمنع السفر للدراسة ولتقديم حاجات أساسية، لكن إياك أن تنوي الإقامة هناك.

 السؤال: عندما يسجد المسلم أو يركع يشعر بالخضوع لله سبحانه وتعالى فما هي المعاني التي يجب أن يستشعرها المسلم وهو يطوف في بيت الله الحرام ؟

 الجواب: الحقيقة أنت حينما تصلي وتقول الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين ثم تدعو الله اهدنا الصراط المستقيم، فحينما تتلو الآيات بعد الفاتحة هذا هو الصراط المستقيم فإذا ركعت ركعت خاضعاً لهذا الأمر وإذا سجدت طلبت العون من الله، لذلك ورد أن لكل سورة حظها من الركوع والسجود، أية آية تقرأها بعد الفاتحة لها حظ خاص بعد الركوع أو السجود، الطواف والسعي، الإنسان أحياناً يطوف حول من يحب ويسعى بشدة ساقيه إلى من يحب، ويلتقي يوم عرفة، فالطواف والسعي تمهيد ليوم عرفة، والله أعلم.

 السؤال: أجبرني زوجي على الإجهاض وأنا في الشهر الأول من الحمل ما الحكم الشرعي في ذلك ؟ وهل على زوجي كفارة ؟

 الجواب: الأصل أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والإجهاض محرم عند كل أصحاب الديانات وفي الأنظمة الوضعية، وهناك من يفتي فتوى ثم اطلعت على فتوى أخرى أنه في الأربعين يوم الأولى يمكن أن تجهض المرأة أو تسقط المولد لكن اطلعت على فتوى حديثة تقول: إن الحياة تبدأ من التلقيح، فالأولى أن لا يرفض الإنسان هدية من الله وقد يكون هذا المولود الذي يريد أن يسقطه في أعلى درجة من القرب من الله عز وجل.

 السؤال: ما نصيحتك لمن حج لبيت الله تعالى وودعه أهل بيته وهم سفور متبرجات وعاد فاستقبله أهل بيته كذلك ولم يتغير شيء من حاله معه لا قبل الحج ولا بعده ؟

 الجواب: في بعض المذاهب أنه لا تقبل حجة البدل إلا بالوصية، انطلاقاً من قوله تعالى:

﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) ﴾

[ سورة النجم ]

 لكن العجيب أنه تقبل حجة البدل من ابنه الصلبي لأنه رباه من دون وصية، رباه تربية صالحة حملته على أن يحج حجة بدل عنه هذه بالعكس، تقول الفتاة أحياناً هكذا ورد: لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي !

 السؤال: ما حكم تدخين السلع الأميركية في عرفات الآن ؟

 الجواب: قبل السلع الأميركي التدخين كله !! هل سمعتم أن في الأرض مدخناً قال: بسم الله الرحمن الرحيم قبل أن يدخن ؟ وبعد أن دخن قال: يا رب لك الحمد أدم هذه النعمة علي ؟ هذا دليل فطري.

 السؤال: ما رأيكم بسماع المدائح النبوية.

 الجواب: صوت المرأة عورة ولو أنها أذنت هذه أول حقيقة، المعاني الغزلية محرمة فإذا كانت المعاني سامية بصوت رجل لا مانع،

 السؤال: ما حكم من لم يطف إلا خمسة أشواط، أو طاف بلا وضوء ؟

 الجواب: بغير وضوء لا يجوز، لكن خمسة أشواط تجزئه.

 السؤال: هل يصح الحج نافلة مع نساء صالحات ؟

 الجواب: من هم النساء أجنبيات لا يصح السؤال غير واضح، أما زوجته لا مانع، أما أنت مثل أختي غير واردة اطلاقاً.

 السؤال: ما رأيكم بالنقاب منهم من أميل لسنته ومنهم لوجوبه ؟

 الجواب: أنا أميل للنقاب هكذا وهكذا حجت معي زوجتي.

 السؤال: عند وفاة الزوج أو الزوجة هل يفسد العقد بينهما بمعنى أنه لا يحل للزوج أن يحضر غسل زوجته ؟

 الجواب: تقول السيدة عائشة:

(( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ نِسَائِهِ  ))

[ سنن ابن ماجة ]

 هذا اجتهاد ببعض المذاهب لكنه ضعيف، البارحة سألني أخ قال: توفيت زوجتي هل لي الحق أن أرى صورتها ؟ قلت: انظر إليها لا مانع.

 السؤال: أيهما أفضل الحج النافلة أو دعم إخواننا في فلسطين علماً أن أموال شركات السفر والطيران حسب ما يقول السائل تعود لبنوك يهودية ؟

 الجواب: عندنا قاعدة مهمة جداً أنه لا مؤاثرة في الخير والخير كله في المؤاثرة، أنا ممكن آثر غيري بالدنيا فقط أما آثر غيري بطاعة وبفريضة، مستحيل.

 مثلاً: لم أحج مبدئياً وعلي حجة الفرض لا شيء يعلو على أداء الفريضة أما إذا حججت مرات عديدة وصار الحج فخراً وسمعة وعلي حقوق كثيرة وأكيدة أداء الحقوق مقدم على حجة النفل إذا كان الحج يأخذ طابعاً فخرياً لذلك لولي المسلمين أن يمنع نافلة أدت لترك فقيدة

 السؤال: نرى الحقد والتهجم على المسلمين على لسنة وأفعال بوش وأضراره كيف نواجه هؤلاء ؟

 الجواب: يروى أن سيدنا موسى بالمناجاة قال له: يا رب لا تبق لي عدواً قال: هذه ليست لي، كان من الممكن أن يكون الكفار في قارة والمؤمنون في قارة ولكن الله سبحانه وتعالى قال:

﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾

[ سورة محمد ]

 معركة الحق والباطل أزلية أبدية جزء من حياتنا، و البطولة ألا ينفرد الباطل بالساحة، إذا كان الحق له حيز، هذا الحيز ينمو، شيء آخر: لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله، ولكن اقلقوا ما إذا سمح الله لكم أو لم يسمح أن تكونوا جنوداً له (ما ضر السحاب نبح الكلاب) وما ضر البحر أن ألقى غلام فيه بحجر ولو تحول الناس لكناسيين ليثيروا الغبار على هذا الدين ما أثاروه إلا على أنفسهم، وهذا الدين كلما قاومته يزداد قوة، حينما تكافح الدين كأنك تطفئ النار بالزيت، وليس هناك من فضل على المسلمين إلا أعداء الدين لأنهم دعوهم للتمسك بدينهم.

 السؤال: كيف يستطيع الإنسان المؤمن أن يستسمح الناس الذين أساء لهم في يوم من الأيام ولا يستطيع الوصول إليهم ؟ هل توجد طريقة ؟

 الجواب: برسالة أو باتصال هاتفي أو يدعو الله أن يغفر له.

 السؤال: ما حكم من حج وقد عصى الله تعالى ؟

 الجواب: عليه أن يتوب، لا غير.

 جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحميل النص

إخفاء الصور