وضع داكن
25-04-2024
Logo
مختلفة- لبنان - المحاضرة : 50 - بيروت في منتدى الطفل - الدعوة والدعاة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة الكرام، الأمة الإسلامية معها وحي السماء وفي هذا الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وعود كثيرة وكثيرة للمؤمنين من هذه الوعود، قال تعالى:

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

[ سورة النور: الآية 55]

 الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، نحن لسنا مستخلفين في الأرض هذه الحقيقة المرة بينما الآية الكريمة تعدنا أن نكون مستخلفين في الأرض، والحقيقة أن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، ولكن هناك مشكلة هناك مفارقة حادة بين النصوص القرآنية التي تعد المؤمنين بالنصر والتمكين والأمن وبين واقع الأمة الإسلامية، أحاول في هذه المحاضرة إن شاء الله تعالى وبتوفيق من الله أن أكشف هذا السر في هذه المفارقة الحادة بين وعود الله في القرآن الكريم وبين الواقع الإسلامي الذي لا نحسد عليه.
 الآية الأولى:

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 هم خلفاؤه في الأرض، هم الممكنون في الأرض، وهذا عند الله قانون كما استخلف الذين من قبلهم، هذا هو البند الأول الاستخلاف.

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 الحقيقة المرة أننا لسنا ممكنين في الأرض.

 

﴿مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 والحقيقة المرة أننا لسنا آمنين، كيف نوفق بين واقعنا وبين وعود الله لنا ؟ قال تعالى:

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 هذا قرآن كريم وفضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، ومرة ثانية زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين كيف نوفق بين الوعود الرائعة وبين الواقع السيئ ؟ شيء آخر لابد من أن القرآن الكريم نفسه حل هذا اللغز قال تعالى:

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

 

[ سورة مريم ]

 وقد لقي المسلمون ذلك الغي، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، في أصول الفقه قاعدة هي المعنى المخالف مادام سبب الغي الذي لحق بالمسلمين هو إضاعة الصلاة واتباع الشهوات، إذاً ما الحل ؟ أن نحكم اتصالنا بالله وأن نبتعد عن كل شهوة لا ترضي الله، الصلاة عماد الدين والعبادات بالإسلام معللة بمصالح الخلق، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

 

[ سورة العنكبوت: 45 ]

 فإذا أدى المسلم الصلاة ولم تنهه عن الفحشاء والمنكر أي أنه لم يقم هذه العبادة كما أراد الله عز وجل، لابد من حديث شريف يوضح هذه الملابسة.
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ قَالَ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))

[ مسلم، الترمذي ]

 إذاً الصلاة التي أرادها الله عز وجل يجب أن تنهانا عن الفحشاء والمنكر ولو أن الصحابة الكرام فهموا الإسلام كما نفهمه نحن لما خرج الإسلام من مكة، قال تعالى:

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ ﴾

 

[ سورة مريم: 59]

 أي فرغت من مضمونها، ليس كل مصل يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ولم يبت مصراً على معصيتي وقطع نهاره في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس أكلأه بعزتي و أستحفظه ملائكتي وأجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة حلما ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة.
 أيها الإخوة الكرام، الحل الأول ولابد من أن نبحث عن الحل سهل جداً أن نشخص الداء وما من داعية في العالم الإسلامي إلا وتفوق في تشخيص الداء ولكن ما الحل ؟ كيف السبيل للخلاص مما نحن فيه ؟ السبيل الأول أن نحكم اتصالنا بالله، الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين، والصلاة قرب قال تعالى:

 

﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) ﴾

 

[ سورة العلق ]

 والصلاة ذكر، قال تعالى:

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾

 

[ سورة طه ]

 الصلاة عقل، الآية الكريمة:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾

 

[ سورة النساء: 43]

 الآية منسوخة ولكن فيها إشارة يجب أن تعلم ما تقول في الصلاة، الصلاة نور تكشف لك ظلمات الطريق، الصلاة حبور، أرحنا بها يا بلال، الصلاة طهور، هذه الصلاة التي أرادها الله عز وجل، هذه الصلاة إن انعقدت حقاً قذف الله في قلبك نوراً أراك به الحق حقاً والباطل باطلاً، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾

 

[ سورة الأنفال: 29]

 يفرقون الحق من الباطل، الشيء الأول في حياة الصحابة أنهم أحكموا صلاتهم مع الله عز وجل، سيدنا عمر قتل وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قال هل صلى المسلمون الفجر ؟ فلذلك الصلاة الصلاة أيها المؤمنون، والصلاة تحتاج إلى استقامة، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾

 

[ سورة فصلت: 30]

 ما دام هناك مخالفات وتقصيرات وانحرافات فالحجاب بين الإنسان وربه ولو توضأ وقرأ الفاتحة وقرأ سورة وركع، إذاً قال تعالى:

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾

 

[ سورة مريم: 59]

 ومن أروع ما في كتب التفسير حول قوله تعالى:

 

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾

 

[ سورة الشعراء ]

 القلب السليم هو القلب الذي سلم من كل شهوة لا ترضي الله عز وجل، الآية واتبعوا الشهوات، القلب السليم هو القلب الذي سلم من تصديق كل خبر يتناقض مع وحي الله، والقلب السليم هو القلب الذي لا يحتكم إلا لشرع الله، والقلب السليم هو القلب الذي لا يعبد إلا الله، نحن حينما نعبد الله ونحتكم إلى شرعه وحينما نبتعد عن كل شهوة لا ترضي الله وحينما نسير في طريق الحق الأمر يختلف، قال تعالى:

﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْاً﴾

 أيها الإخوة الكرام، فرق كبير بين القهر والتسليط، القهر ينتهي باليأس واليأس ينتهي إلى القبر، ولكن التسليط يعني أن الكرة عندنا وإن تعودوا نعد، هذه الفقرة الأولى من الآية أنا أريد في هذه المحاضرة إن شاء الله أن لا أكتفي بتشخيص الداء لابد من أن تكون المحاضرة إيجابية ليست جذباً لأنفسنا كما تفضل الأستاذ زياد إنما هي تشخيص للطريق، أو تشخيص للمرض ووصف للدواء.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

[ سورة النور: الآية 55]

 القسم الثاني من الآية و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، نحن لسنا ممكنين ولكن ما نفعل بوعد الله عز وجل ؟ دققوا في الوعد، قال تعالى:

 

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 أي دين وعد بتمكينه ؟ الذي ارتضى لهم، فإن لم يمكنهم معنى ذلك أن الدين الذي هم عليه لم يرتضه الله عز وجل، إذا كان الدين دين مظاهر دين ألقاب دين مؤتمرات دين فلكلور دين ولائم وليس دين التزام ووقوف عند حدود الله، هذا الدين الشكلي، هذا الدين الذي تغلب عليه الطبعة التراثية، هذا الدين لا يُمَكن في الأرض، قال تعالى:

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى ﴾

 

[ سورة النور: الآية 55]

 قال علماء التفسير فإن لم يمكنوا في الأرض معنى ذلك أنه ما هم عليه من فهم للدين ومن تطبيق له ومن سوء عرض له لا يستحقون التمكين لذلك أيها الإخوة الكرام، عالم كبير في أمريكا هداه الله إلى الإسلام فزار بريطانيا والتقى بالجالية الإسلامية ماذا قال ؟ قال أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور لاتساع الهوة بينهما ولكنني مؤمن أشد الإيمان، ودققوا في هذا الكلام، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين لماذا ؟ لأن في الإسلام خلاص العالم، كل الأنظمة الوضعية أعلنت إفلاسها وأصبحت بالوحل، لكن بشرط متى يركع العالم أمام أقدام المسلمين متى ؟ إذا أحسنوا فهم دينهم وأحسنوا تطبيقه وأحسنوا عرضه، شروط ثلاثة أن نحسن فهم هذا الدين لا يعقل أن يصبح الدين أحكاماً فقهية ليس غير، هذا الإسلام العظيم الذي نقل الأمة العربية من رعي الغنم إلى قيادة الأمم هذا لا يمكن أن يختصر في أحكام فقهية ليس غير، أن يحسنوا فهم دينهم، أن يحسنوا تطبيقه، أن يحسنوا عرضه.
 وإذا أردت أن أبين لكم أيها الإخوة الكرام، كيف يمكن أم نحسن فهم الدين ؟ لنرجع إلى كلام سيدنا جعفر بن أبي طالب الصحابي الجليل حينما سأله النجاشي عن الإسلام بماذا أجابه؟ قال: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرحم ونسيء الجوار حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه. شيء رائع جداً إن حدثك فهو صادق وإن عاملك فهو أمين وإن استثيرت شهوته فهو عفيف. هذه أركان الأخلاق، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء.
 هذا تعريف الإسلام من صحابي جليل هو سيدنا جعفر الإسلام مجموعة قيم أخلاقية لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

((بني الإسلام على خمس ))

 

 الإسلام شيء والخمس شيء آخر، الإسلام بناء أخلاقي، وحينما فهم المسلمون الإسلام عبادات شعائرية ليس غير تؤدى أداءً شكلياً وهم يحيون حياة لا علاقة لها بالدين إطلاقاً في كسب أموالهم في إنفاق أموالهم في أفراحهم في أتراحهم في لقاءاتهم، حينما عاشوا حياة غربية بعيدة عن منهج الله عز وجل واعتزوا بالإسلام اعتزازاً شكلياً وجعلوه إطاراً تراثياً حينئذ تخلى الله عنهم.
 قال تعالى:

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

[ سورة النور: الآية 55]

 هل نحن آمنون ؟ نهدد كل يوم لماذا ؟ لأن أمر الله هان علينا فهنا على الله، ذكرت البارحة في خطبة نقلت عبر إذاعة دمشق أن امرأة عجوز بعد أن فتح النبي مكة المكرمة ودانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، جاءت امرأة عجوز تقول أريد أن أرى رسول الله قيل لها من أنت ؟ قالت أنا أخته من الرضاعة فنقل هذا لرسول الله، الشيء الذي لا يصدق أنه ترك مكانه بين علية القوم وخف إليها ليستقبلها حيث هي ورحب بها ترحيب الأخ لأخته التي غابت عنه سنين وسنين وهو لا يعرفها أبداً ولا تعرفه، اشتركت معه في الرضاع لفترة وجيزة، اشتركت معه في الرضاع من حليمة السعدية فرحب بها وأجلسها في مكانه وظللها بثوبه وقال كيف حالك يا أختاه أتحبين أن تقيمي عندنا أم أن تذهبي إلى أهلك ؟ قالت بل أذهب إلى أهلي، فأمر لها بمئة ناقة.
 قلت عقب هذا الكلام يا سيدي يا رسول الله:
 يا من كانت الرحمة مهجتك والعدل شريعتك والحب فطرتك والسمو حرفتك ومشكلات الناس عبادتك، قلت يا رسول الله نقل عنك في الحديث الصحيح أنك تقلق أشد القلق يوم القيامة على أمتك تقول أمتي أمتي فيقال لك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك ؟ فقلت يا رسول الله المسلمون من بعدك قطعوا أوصال أخواتهم وبناتهم وأمهاتهم وعماتهم وخالاتهم وقد تضطر المرأة العجوز أن تقيم دعوى على ابنها من أجل النفقة، يا سيدي يا رسول الله هان أمر الله علينا من بعدك فهنا على الله، قال تعالى:

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

[ سورة النور: الآية 55]

 قال تعالى:

 

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

 

[ سورة الأنعام: 81-82]

 أيها الإخوة الأحباب، آية ثانية يقول الله عز وجل:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 46]

 دققوا أيها الإخوة الكرام، لو أن دول الأرض اجتمعت جميعاً على إزاحة جبل لبنان إلى العراق هذا مستحيل، الله جل جلاله يصف مكر الطرف الآخر بأنه يزيل الجبال.

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 46]

 هذا المكر الشديد الذي وصفه خالق الأكوان بأنه تزول منه الجبال كيف يحل ؟ قال تعالى:

 

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

 

[ سورة آل عمران: الآية 120]

 هذا كلام خالق الأكوان، كلام القوي، كلام الخالق، كلام المسير، كلام الإله، قال تعالى:

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 120]

 هذا الكيد الذي نتوهم أنه لا قبل لنا في مواجهته عند الله يزول، فلذلك أحد الحلول أن نتقي ونصبر، الواقع نعصي ونصبر، المعصية والصبر تنتهي إلى القبر ولكن الطاعة والصبر تنتهي إلى النصر.

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 120]

 زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، والله أيها الإخوة الكرام، الكرة في ملعبنا وأسباب النصر بين أيدينا ولكن كم من إنسان يرى العبرة ولا يعتبر ؟ قال تعالى:

 

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

 

[ سورة الزخرف: 84]

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

[ سورة هود: 123]

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) ﴾

[ سورة الكهف ]

 أيها الإخوة الكرام، شيء آخر الله عز وجل يقول:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

[ سورة الرعد: 11]

 الأمة الإسلامية والعربية في الخمسين سنة الماضية استوردت حلولاً لمشكلاتها، بل استوردت مشكلات ولم تستورد حلولها، أرادوا التغيير من الخارج وأرادوا التغيير من الداخل ولكن ليس من النفس، الآية تقول:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

[ سورة الرعد: 11]

 نحن حينما نصطلح مع الله وحينما نعتمد على الله وحينما ننفذ شرع الله، من أبرز بنود شرع الله:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

 

[ سورة الأنفال: 60]

 أيها الإخوة الكرام، ما من واحد منا إلا وبإمكانه أن يطور عمله وأن يعمق خبرته وأن يتفوق في اختصاصه وأن يهب اختصاصه ولو تقاضى عليه أجراً إلى أمته، المشكلة أن واقع المسلمين اليوم نكون أو لا نكون، الحل حاسم وما لم نصحُ من غفلتنا وما لم نفكر في واقعنا وما لم نتساءل لما نحن هكذا، أيها الإخوة الكرام، الله عز وجل يقول:

 

﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً(16)﴾

 

[ سورة الإسراء ]

 المترفون ملئوا السمع والبصر، المترفون متبعون في كل حركاتهم وسكناتهم فإذا أمر الله المترفين بالطاعة والانصياع إلى أمر الله والمترفون عصوا وفجروا واستكبروا وعامة الناس تبعتهم توقيراً لهم فحق عليها القول فدمرناها تدمير.
أيها الإخوة الكرام، حينما يقول الله عز وجل:

 

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

 

[ سورة الأنفال: 33]

 ما من صيغة في اللغة العربية أشد نفياً من هذه الصيغة، سماها علماء البلاغة نفي الشأن قد تسأل أحداً من الناس هل أنت جائع ؟ يقول لك لا، أما إن سألته هل أنت سارق ؟ يقول لك كلا هو يردعك وينفي السرقة وينفي رغبته فيها وينفي تصورها له وينفي وقوعها، الله عز وجل يقول:

 

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

 

[ سورة الأنفال: 33]

 الآية قد تُفهم فهماً خاصاً في حياة رسول الله ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهراني أمته إذاً في بحبوحة ولكن ماذا نفعل بهذه الآية بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى ؟ الحقيقة قال علماء التفسير: مادامت سنة النبي قائمة في حياة المسلمين، مطبقة في بيوتهم، مطبقة في أعمالهم، مطبقة في كسب أموالهم، مطبقة في إنفاق أموالهم، مطبقة في تربية أولادهم، مطبقة في أفراحهم، مطبقة في أتراحهم، هم في مأمن من عذاب الله، نحن في بحبوحة مادمنا مطبقين للمنهج ومن رحمة الله بنا ونحن في بحبوحة أخرى إذا استغفرنا، قال تعالى:

 

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ﴾

 

[ سورة الأنفال: 33]

 ملمح من ملامح تشخيص الداء والبحث عن الدواء، أيها الإخوة الكرام، قال تعالى:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) ﴾

 

[ سورة الروم ]

 هذه الآية تصور أن الفساد، ما الفساد ؟ خروج الشيء عن أصل طبعه، الفتاة خلقها الله إنسانة طاهرة عفيفة حيية من علامات قيام الساعة أنه يرفع الحياء من وجوه النساء وترفع النخوة من رؤوس الرجال وتنزع الرحمة من قلوب الأمراء، لا حياء في وجوه النساء ولا نخوة في رؤوس الرجال ولا رحمة في قلوب الأمراء، ما الفساد كيف نفسد الماء ؟ حينما نلوثه، كيف نفسد الهواء ؟ عندما نلوثه، إذا أخرجنا الماء على طبيعته فقد فسد وإذا أخرجنا الهواء عن طبيعته فقد فسد وحينما نخرج أولادنا عن الطبيعة الفطرية التي فطروا عليها نكون قد أفسدناهم لذلك:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) ﴾

 

[ سورة الروم ]

 هذه الأزمات وتلك الاجتياحات والأمراض والفيضانات والجفاف إنما هو تأديب من الله عز وجل ولا يمكن أن يكون الجفاف نقصاً في قدرة الله تقنين الإله لا يكون تقنين عجز إنه تقنين تأديب ليس غير، قال تعالى:

 

﴿إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) ﴾

 

[ سورة الحجر ]

 إذاً حينما تفسد حياتنا حينما تفسد تربية أولادنا حينما تفسد أخلاق بناتنا حينما تفسد علاقاتنا عندئذ يأتي العقاب ويأتي التأديب والهدف واضح جداً:

 

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾

 

[ سورة السجدة]

 أيها الإخوة الكرام، قال تعالى:

 

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾

 

[ سورة النحل ]

 والنعمة الأولى والتي تليها، قال تعالى:

 

﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾

 

[ سورة قريش ]

 والعقاب الأول أذاقها لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، هناك حديث شريف أيها الإخوة الكرام إذا قرأناه عليكم تشعرون كأن النبي معنا عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا....))

 الفحشاء التي تنكرها الفطر السليمة هناك من يفتخر بها، هناك من يضع بأذنه علامة أنه شاذ، هناك مسيرات في بلاد العالم من أجل أن يكسب الشواذ مكانتهم، هناك بطاقات تعطى للمنحرفين، كلام دقيق جداً.

 

((لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ... ))

 

[ ابن ماجه ]

 هذه الأمراض الجديدة الآن في العالم في أربعين مليون إنسان مصاب بالإيدز وشيء لا يصدق بند آخر:

(( وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ))

 هذه كلمة لكن واسعة جداً كل أنواع الغش ينطوي بهذه الكلمة، غش في الصفات، غش في مصدر البضاعة، غش في قياسها، غش في تزوير نوعها.

 

(( وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ.. ))

 ماذا قال الله عز وجل عن زكاة أموالهم ؟ قال تعالى:

 

 

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) ﴾

 

[ سورة التوبة ]

 آية رائعة تطهرهم تطهر نفس الفقير من الحقد، تطهر نفس الغني من الشح، تطهر المال من تعلق حق الغير به، وتزكيهم تنمي نفس الغني يشعر أنه رسم ابتسامة على وجوه الصغار أنه منح المحرومين حاجاتهم وهذا الفقير أيضاً يشعر أن مجتمعه مهتم به وأن هناك من يبحث عن مشكلته وعن حل مشكلته والمال ينمو بالزكاة.

 

((وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))

 أسباب هلاك الأمم مقننة، العلاقة مع الله ليست مزاجية العلاقة مع الله مقننة هناك أسباب للسلامة وأسباب للسعادة وأسباب للنصر فإذا أردنا أن نحقق أهدافنا في الحياة وأن نسلم وأن نسعد فعلينا أن ندفع الثمن، في البرمجة العصبية اللغوية وقد شاعت كثيراً في هذه الأيام من هو الغبي ؟ هو الذي يتوقع نتائج دون أن يغير شيئاً في نمط حياته، والمسلمون اليوم أحياناً يتوقعون معجزة من السماء تأتي فتحل مشكلاتهم هذا موقف في منتهى التخلف ما لم نغير الله لا يغير، يعني بشكل مبسط إن غيرتم أغير فإن لم تغيروا لا أغير، فكل إنسان يتوقع التغيير من الله من دون أن يغير هو فهو إنسان ساذج.
 أيها الإخوة الكرام، مازلنا في أسباب هلاك الأمم يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

((اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ ))

 وفي حديث رائع جداً: عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((ابْغُونِي الضَّعِيفَ فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ ))

[ النسائي، الترمذي، أبو داود، أحمد ]

 أنت قوي وعندك إنسان ضعيف بإمكانك أن تسحقه، بإمكانك أن تحرمه، بإمكانك أن تهمله رعيته، وأكرمته وكرمته سيكافئك الله على هذا العمل الطيب لأنه سيكافئك من جنس عملك سينصرك على من هو أقوى منك، مادام هناك ظلم في العالم الإسلامي فالنصر بعيد عنا لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أرسل عبد الله بن رواحة ليقيّم تمر خيبر، أهل خيبر أغروه بحلي نسائهم كرشوة فقال: جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم عندي أبغض من القردة والخنازير ومع ذلك لن أحيف عليكم، استمعوا ماذا قالوا، قالوا: بهذا قامت السماوات والأرض وبهذا غلبتمونا.
 ولن نستطيع أن ننتصر على أعدائنا إلا إذا أقمنا العدل بيننا، لذلك الظلم ظلمات يوم القيامة و ظلمات في الدنيا.

((... وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ ))

 أيها الإخوة الكرام، مثل رائع جداً مثله النبي عليه الصلاة والسلام ونحن في أمس الحاجة إليه يقول عليه الصلاة والسلام: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ ))

[ البخاري ]

 نحن دائماً في المناقشات نقول نحن في قارب واحد والإنسان ما لم يهتم بالمجموع ما لم يحمل هم المسلمين ما لم يتحرك لحل مشكلة اجتماعية هذا الإنسان يعرض نفسه للهلاك، يروى أن الله عز وجل أرسل ملائكة لإهلاك قرية قالوا يا رب إن فيها رجلاً صالحاً قال به فابدؤوا، قالوا لما يا رب ؟ قال لأن وجهه لم يتمعر حينما يرى منكراً.
 معنى ذلك الإنسان الصالح يهلك ولكن المصلح ينجيه الله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾

 

[ سورة آل عمران: 110]

 كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ يعني الآن قد تأتي ابنة أخيك زائرة لك وترتدي ثياباً فاضحة تصف جسمها ترحب بها أشد الترحيب ولا تلفت نظرها إطلاقاً إلى ثيابها التي لا ترضي الله عز وجل، كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال وأشد منه سيكون، قالوا وما أشد منه ؟ قال كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، قالوا أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال وأشد منه سيكون، قالوا وما أشد منه ؟ قال كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً. تبدل القيم الآن عند الإنسان حينما يطيع الله يتهم في عقله، وحينما يتفلت من منهج الله ويعطي نفسه هواها هو الإنسان اللبق الحضاري المتفوق، النفاق أصبح لباقة والفتاة المتفلتة أصبحت سبور، والإنسان الذي يكسب المال الحرام أصبح شاطراً يسمى شاطر.
 قال كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً أيها الإخوة الكرام، نحن في أمس الحاجة إلى أن نعود إلى الله وفق منهجه والكرة في ملعبنا والله الذي لا إله إلا هو مستحيل وألف ألف مستحيل أن يسمح الله لجهة على وجه الله أن تفسد عليه هدايته لخلقه، هذا هو الإيمان الصحيح ومستحيل وألف ألف مستحيل أن يسمح الله لجهة أن تتأله وأن تخطط لجمع ثروات الأرض على حساب الشعوب وكرامة الشعوب وأمن الشعوب وفقر الشعوب، أن يسمح لهؤلاء الأقوياء أن يخططوا لمستقبل بعيد وأن تنجح خططهم هذا لا يتناقض مع عدل الله فحسب بل يتناقض مع وجوده، الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني منهما شيئاً أذقته عذابي ولا أبالي أيها الإخوة الكرام، يقول الله عز وجل:

 

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾

 

[ سورة يونس: 24]

 الكتلة الشرقية قبل عشرين عاماً عندها من القنابل النووية ما تستطيع أن تدمر الخمس قارات خمس مرات وكيف انهارت من الداخل، قال تعالى:

 

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا﴾

 

[ سورة يونس: 24]

 أمرنا لا أمرهم، قال تعالى:

 

﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾

 

[ سورة يونس: 24]

 أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية ومرة ثالثة ورابعة وخامسة الكرة في ملعبنا، وإن تعودوا نعد، إن لم يعد الناس عودة جماعية عد أنت إلى الله وحدك هذه ليست أنانية ولكن نجاة انج بنفسك، أقم أمر الله في بيتك، أقم أمر الله في عملك، ربي أولادك التربية الإسلامية ولا تعبأ بالتقاليد العامة، بدأ الدين غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء أناس صالحون في قوم سوء كثير.
 أولا أطمئنكم لا تقلقوا على هذا الدين إنه دين الله ولكن اقلقوا على أنفسكم ما إذا سمح الله لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً لهذا الدين، شيء آخر المصيبة الكبيرة أن ينفرد الباطل بالساحة أما إذا بقيت بقعة ضوء صغيرة على حق هذه البقعة سوف تتنامى كان عليه الصلاة والسلام متفائلاً، قال تعالى:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران ]

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

[ سورة الأنعام: 81-82]

 أيها الإخوة الكرام، بيننا وبين النصر أن نصطلح مع الله سأروي لكم قصة إنسان يسكن في شمال جدة عنده أرض رعي لما توسعت جدة كثيراً اقتربت جدة من أرضه فارتفع ثمنها فذهب ليبيعها لمكتب عقاري خبيث جداً اشتراها بربع قيمتها وضحك عليه فهذه الأرض بني عليها بناء ارتفاعه اثني عشر طابقاً أصحاب هذه الأرض والبناء شركاء ثلاثة هم الذين أخذوا هذه الأرض بربع قيمتها، أول شريك وقع من أعلى البناء فنزل ميتاً والثاني دهس بسيارة انتبه الثالث بحث عن هذا البدوي صاحب الأرض الذي احتال المكتب عليه واشترى الأرض بربع قيمتها حتى عثر عليه بعد ستة أشهر ونقده ثلاثة أضعاف الثمن فقال له البدوي ترى أنت لحقت حالك.
 ينبغي أن ننجو بأنفسنا والحمد لله رب العالمين.
 جزاكم الله خير الجزاء ونشكركم جزيل الشكر الدكتور محمد راتب النابلسي لهذه المحاضرة القيمة وأمامنا العديد من الأسئلة نبدأ بطرحها عليكم.
 سؤال: هل تشجعون على تعلم العلوم العالية الدقيقة مثل علوم الفيزياء النووية لأبنائنا في بلاد الغرب لبناء قوة علمية عالية؟
 الدكتور راتب: أنا أرى أنه الآن لا يمكن أن يحترم ديننا إلا إذا تفوقنا فيما هو سائد في مجتمعاتنا لذلك قال تعالى:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

 

[ سورة الأنفال: 60]

 القضية قضية نكون أو لا نكون، قضية هناك خطط لإفقار المسلمين لإضلالهم لإفسادهم لإذلالهم لتدميرهم، فما لم نتسلح بالعلم والإيمان، العلم قوة والإيمان سياج أخلاقي لهم ما لم نتسلح بالعلم والإيمان لن نستطيع أن نقف في وجه أعدائنا، الحقيقة أن هذه الآية نغفل عنها:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

 

[ سورة الأنفال: 60]

 وكل واحد منا بإمكانه أن ينمي قدراته، أن يعمق اختصاصه، أن يقدم لأمته شيئاً ثميناً والتفاصيل كثيرة جداً ما منا واحد إلا وله موقع في الحياة إذا نمى علمه ونمى خبرته وكان مخلصاً وقدم لأمته شيئاً ثميناً بعد حين تقوى هذه الأمة وبعد حين تقف هذه الأمة في وجه أعدائها.
 سؤال: نسمع من وقت طويل عن تفكك المجتمعات الغربية وقرب انتهائها ونحن ننتظر وهي ما تزال تنشط وتقوى في الغرب فهل هي حقاً تتفتت وتنهار ؟
 سبب استمرار وعلو الحضارات الأخرى رغم ازديادهم بالكفر والرذيلة، في حين ابتعادنا عن التطبيق الكامل لتعاليم ديننا.
 الدكتور راتب: القرآن أجاب عن هذا السؤال، قال تعالى:

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾

 

[ سورة الأنعام: 44]

 دققوا أبواب جمع باب، كل شيء يعني القوة والجمال والسيطرة والهيمنة وامتلاك نواصي الأمور، هذا شيء ذكره القرآن الكريم:

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾

 

[ سورة الأنعام: 44]

 الحقيقة الأسباب العلمية لقوتهم أن مناورتهم كبيرة جداً بسبب عدم تقيدهم بشيء، بسبب عدم تقيدهم بأية قيمة أو مبدأ فالنجاح لا يتجزأ، هم نجحوا في تقنية وتكنولوجيا لو كان ما نجحوا في سعادة أساسها طاعة الله عز وجل، على كل إن أردنا الدنيا فقط هم أعلام فيها تفوقوا فيها تفوقاً يفوق حد الخيال أما حينما نخلق لجنة عرضها السماوات والأرض، مرة كنت في ندوة تلفزيونية في الشام وقلت الإنسان إذا بنى مجده على أنقاض الآخرين وبنى حياته على موتهم وبنى غناه على فقرهم وبنى عزته على ذلهم فأنا أتابع هذه المرادفات فالأخ المناور أو الأخ الذي معي قال وماذا يمنع أن يكون الإنسان كذلك، الحقيقة أحرجني جداً فأجبته الإجابة التالية الإنسان حينما يكون قوياً ويبني مجده على أنقاض الآخرين ويبني حياته على موتهم ويبني أمنه على خوفهم ويبني غناه على فقرهم ويبني عزه على ذلهم قلت له هكذا هو أذكى إنسان على وجه الأرض بشرط ألا يكون هناك آخرة فإذا كان هناك آخرة فهو أغبى إنسان على وجه الأرض، أيها الإخوة الكرام، نحن نعيش ستين سبعين سنة الآخرة للأبد يعني الآخرة أو قبل الدنيا واحد وأصفار إلى الشمس وكل مليمتر صفر هذا الرقم إذا نسبته إلى اللانهاية قيمته صفر، قال تعالى:

 

﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)﴾

 

[ سورة الضحى ]

 فالنجاح الحقيقي أن نصل إلى دار السلام بسلام، قال تعالى:

 

﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)﴾

 

[ سورة آل عمران ]

((لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء))

 هم كل تفوقهم أنهم ملكوا الدنيا والدنيا محدودة وسبحان من قهر عباده بالموت والدنيا لا تليق عطاء ً لمؤمن لماذا؟ لأن عطاء الله لا ينقطع والموت ينهي كل شيء، الموت ينهي غنى الغني وفقر الفقير وقوة القوي وضعف الضعيف ووسامة الوسيم و ذمامة الذميم وصحة الصحيح ومرض المريض.
 فالموت ينهي كل شيء إذاً ليس عطاءً هذا استدراج وليس عطاء فلذلك إذا كسبوا الدنيا وخسروا الآخرة، والمؤمن الكامل ربح الآخرة فهو أذكى منهم لكن المصيبة كل المصيبة أن نخسر الدنيا والآخرة.
 سؤال: هنا أود أن أصحح بعض المفاهيم هناك فهم خاطئ لهذا الكلام علينا أن نترك الدنيا فهناك آخرة علينا إعمار الأرض بالعلم والعمل والإخلاص لله تعالى في هذا العمل، هم يعلمون في اليوم ثمانية ساعات نحن نعمل سبعة وعشرين دقيقة فقط.
 الدكتور راتب: أنا معك مئة بالمئة بهذا الكلام لأن الله عز وجل قال:

﴿َأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾

 كلام آخر المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، لا شك أن هذا الإسلام يحتاج إلى قوة يحتاج إلى منعة يحتاج إلى تفوق أنا مع الأستاذ زياد مئة بالمئة ولكن حينما أقهر وحينما لا أستطيع أن أفعل شيئاً وحينما أموت على عقيدة سليمة لي عند الله شيء، هذا الذي أردته فقط لي عند الله شيء.
 السؤال: انتصر الإسلام في الماضي لوجود خليفة أو قائد إسلامي وحد الأمة وقاد انتصاراتها هل غياب القائد الإسلامي هو أحد أسباب تفككنا وابتعادنا عن الإسلام الصحيح ؟
 الدكتور راتب: الجواب دقيق جداً كل واحد منا إذا أقام الإسلام في بيته وفي عمله تنشأ شريحة في المجتمع هذه الشريحة يمكن أن تفرز إنسان يقودها، البدء بالشريحة البدء من القاعدة.
 السؤال: هل ترون أنه من الأفضل في أيامنا أن ندع مجاهدة السلاح مهما نرى من ضعفنا وقوتهم الحالية أم الأفضل هو الهدوء وإيقاف القتال حتى إعداد العدة اللازمة ؟
 الدكتور راتب: أنا مؤمن أشد الإيمان أن الجهاد أربعة أنواع النوع الأول جهاد النفس والهوى وأنا أصر عليه لأن المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة، إنسان غارق بالزنا والانحراف والمال الحرام هذا إنسان لا يستطيع أن يواجه نملة فلا بد من جهاد النفس والهوى وهذا متاح لكل مسلم ولا يستطيع إنسان على وجه الأرض أن يمنعك أن تكون صادقاً أميناً عفيفاً متقناً لعملك مرب لأولادك، الجهاد الثاني الجهاد الدعوي قال تعالى:

 

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52)﴾

 

[ سورة الفرقان ]

 ولا يستطيع أحد في الأرض أن يمنعك أن تعلم ابنك القرآن الكريم وأن تعلم ابنتك الحجاب وأن تنصح أولاد أخيك وبنات أخيك هذا أيضاً متاح لكل مسلم حتى متاح على مستوى جماهيري هذه إذاعات إسلامية ونتكلم، الجهاد الثالث أنا معك به الجهاد البنائي أن نطور بناءنا أن نستخرج ثرواتنا أن نحسن عطاء مواطننا أن نؤمن صحة المواطن أن نؤمن زواج الشباب أن نصلح حياتنا هذا جهاد بنائي الجهاد النفسي، والدعوي، والبنائي، ممهد للجهاد الرابع القتالي، فنحن بيننا وبينه مسافة طويلة حينما نتقن جهاد أنفسنا ونتقن الجهاد الدعوي والجهاد البنائي، طالب أخذ دكتوراه وتفوق هذا إنسان ساهم ببناء الأمة، طالب طور شيئاً بالصناعة استغنينا بهذا التطوير عن استيراد البضاعة من الأجانب ودفع الثمن الكبير، مرة قلت تعمير محرك طائرة يكلف خمس ملايين دولار الأربع محركات عشرين مليون مليار ليرة سوري أنا من دمشق، كم طن قمح وكم طن قطن، فنحن حينما نبني بلادنا نبني مجتمعاتنا نحل مشكلات أبناءنا نهيئ فرص عمل نزوج الشباب نهيئ مساكن نطور حياتنا هذا الجهاد البنائي سبقونا به لذلك قالوا الدنيا تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالظلم والإيمان، وإن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة، أنا معك هذا الكلام.

 سؤال: كيف السبيل وما هو العمل الذي لا يجعلنا نضعف أمام شهوات أنفسنا ؟

 الدكتور راتب: نحن حينما نرعى أسرنا ونحصن أولادنا ونتخذ منظومة قيم، ما في إنسان أنا سافرت إلى ماليزيا وجدت أن بعض الصحون غرمتها ستمئة ألف أخلاق أولادنا يجب أن نعتني بها كثيراً كل شيء مباح كل شيء متفلت، نحن بحاجة إلى ضبط حياتنا وتربية أولادنا هذا الذي يحصننا.

 سؤال: لماذا لا ينتفض علماء الدين في وجه الفساد المنتشر في وسائل الإعلام وعلى الطرقات، لا نسمع شجبهم إلا على منابر الجمعة لماذا هم مغيبون على وسائل الإعلام ؟

 الدكتور راتب: هذه مشكلة وسائل الإعلام ليس مشكلتي.

 سؤال: خلاف عائلي بين الزوج وأهل زوجته ماذا يفعل هم يطالبوه بالطلاق وهي ترفض ويرغموها بعض الأحيان ما العمل؟

 الدكتور راتب: حينما تكون الزوجة شخصيتها قوية ومتفاهمة مع زوجها، سئل النبي عليه الصلاة والسلام من أعظم الناس حقاً على المرأة ؟ قال زوجها، فلما سئل من أعظم النساء حقاً على الرجل ؟ قال أمه، فالزوجة أعظم إنسان في حياتها زوجها فإذا قنعت بمبادئه وباتجاهه لو أرغمها زوجها لا يستطيعون، أما حينما تكون إمعة تصغي إلى صوت من يخرب بيتها لا تكون مؤهلة لتكون زوجة إنسان عظيم.

 أكفر كفار الأرض فرعون هل استطاع أن يقنع زوجته أن تعبده من دون الله عز وجل ؟ قال تعالى:

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ﴾

[  سورة التحريم: 11 ]

 هذه قصة مؤثرة جداً المرأة مستقلة في دينها عن زوجها، أن تقول بسذاجة هكذا يريد زوجي إن شاء الله برقبته هذا مرفوض.

 سؤال بماذا تنصحون كتاب خاص بالأحاديث القدسية والسيرة النبوية المطهرة ؟

 الدكتور راتب: أولاً أنا دروسي العامة كلها في قسم للنساء والصوت يصل والمرافق العامة من أعلى مستوى، فالمرأة لابد من أن تتعلم مثل الرجل ذلك لأنك إن علمت رجلاً علمت رجلاً أما إن علمت امرأة علمت أسرة، والمرأة أول مهمتها تربية أولادها.

 كتاب حول الأحاديث القدسية الصحيحة، مكتوب كلمة صحيحة في العنوان فالكتاب الذي فيه أحاديث قدسية في الصحاح أنا أنصح باقتنائه.

 شكراً لمحاضرنا الدكتور الداعية محمد راتب النابلسي لهذه المحاضرة القيمة ولنا موعد آخر مع الدكتور النابلسي في هذه الأمسيات، أشكركم جزيل الشكر و الدكتور محمد راتب النابلسي.

تحميل النص

إخفاء الصور