وضع داكن
18-04-2024
Logo
فاسألوا أهل الذكر - الندوة : 26 - التغيير.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 المذيع: الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله و صحبه أجمعين.
 أيها الأخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر.
 أيها الأخوة: واقع الأمة واقع حزين ومؤلم ويدعو إلى أسف شديد ويأس مرير وما من زمان مر على الأمة وهي في فرقة وتمزق كهذا الزمان منذ فجر الإسلام الأول حين وحدها النبي صلى الله عليه وسلم تحت راية لا إله إلا الله، ما قعدت الأمة وما هانت وما استكانت في الدفاع عن دينها ووحدتها، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والأمة لا حراك، قتل وتشريد واعتقال واغتيال للبيوت والبشر والأمة لا حراك، وهي على قدر يد المتربصين بها غير قادرة على تنفيذ كبمتها وجمع صفها وما الحل ؟ يقول الله سبحانه وتعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فإذا غيرنا ما بأنفسنا فإن رحمة الله واسعة، لأنه القادر على أن يغيرنا إلى أحسن الأعمال وأصلحها، لكن هذا يتطلب منا عزيمة إيمانية طويلة للحديث عن ضرورة وأهمية التغيير يشرفنا أن نرحب بفضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين، وخطيب جامع النابلسي، السلام عليكم ورحمة الله أستاذ.
 الأستاذ: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
 المذيع: أستاذي الكريم كما ترى واقع الأمة واقع مؤلم وحزين جداً، ونحن لا نريد أن نستعرض هذا الواقع بكل تفاصيله ولا حتى بعناوينها العريضة، لكن ما نريده الآن في هذه الحلقة أن نؤكد أهمية التغيير وضرورته والتجديد في فكر وقيم الأمة.
 الأستاذ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أستاذ زهير جزاك الله خيراً، الموضوع كبير جداً ومن السهل أن تشخص الداء ولكنني في هذا اللقاء الطيب أتمنى على الله أن يوفقني في وصف الدواء.
 نحن في محنة ما بعدها محنة ‍! وأزمة ما بعدها أزمة،نحن في وضع صعب جداً،وكأن حرب عالمية ثالثة أعلنت على الإسلام والمسلمين،نحن معنا وحي السماء وكتاب الله، ومعنا خالق الأرض والسماوات ن وقالوا: فضل كلام الله على خلقه كفضل الله على خلقه، وأنا أعتقد والمسلمين كلهم أن زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾

(سورة النور)

 نحن لسنا مستخلفين !

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى﴾

 نحن لسنا ممكنين !

 

 

﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 نحن لسنا مؤمنين ! هذا واقع مؤلم يتناقض مع هذه الآية، ولت قبل قليل: زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين، الله عز وجل يقول:

 

 

﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾

 

(سورة الصافات)

 الواقع ليس كذلك ! الله عز وجل يقول:

 

﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾

 

(سورة غافر)

 الواقع ليس كذلك !

 

﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)﴾

 

(سورة النساء)

 الواقع غير ذلك، هذه المفارقة الحادة التناقض المريع بين واقع الأمة وبين وعود الله لهذه الأمة كيف تفسرها ؟
 قلت مرة: أنت تركب مركبة وتألق ضوء أحمر في لوحة العدادات رؤية الضوء يتألق ليس صعب البطولة في تفسير هذا التألق،إن فهمنا هذا الضوء الأحمر الذي تألق في لوحة العدادات على أنه ضوء تزييني احترق المحرك، هو ضوء الزيت، فإن فهمناه ضوءاً تحذيرياً أوقفنا المركبة وأضفنا الزيت وانتهى الأمر، بين أن تدفع خمسين ألف ليرة لإصلاح المحرك المحترق وبين أن تدفع مائة ليرة زيتاً يضاف إلى المحرك، الضوء تألق فإن فهمنا هذا الضوء ضوءاً تزيينياً احترق المحرك وتعطلت الرحلة ووقفت السيارة، وإن فهمناه ضوءاً تحذيرياً أوقفنا المركبة وأضفنا الزيت وتابعنا الرحلة ولا شيء يعيق، فالبطولة ليس في أخذ علم بما وقع.
 الآن العالم كان قرية صار بيتاً صار غرفة، الآن العالم كله سطح مكتب، بسبب التواصل الإعلامي المذهل !! فكل شيء يقع في أي مكان بالعالم تأخذ علماً به بعد دقائق، أي حدث يقع، فأن تستقبل المعلومات شيء لا قيمة له إطلاقاً، لكن البطولة أن تفسرها لماذا حدث الذي حدث، أين الله، لا بد من تعمق فيما حدث.
 قد ألخص أحياناً ما يجري للمسلمين بأنه هان أمر الله عليهم فهانوا على الله ! وقد ألخص أنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما يرفع إلا بتوبة، لكن القضية الدقيقة
 تحتاج لمثل دقيق: لو أن ابناً قال لأبيه أن أدع الدراسة وأتركها فأقره الأب على كلامه من أول اقتراح ترك الدراسة وسار مع رفقاء السوء، سهر لأنصاف الليالي هذا الطفل جاه، وجد نفسه مرتاح من الدراسة والوظائف ومتابعة المعلم، عندما كبر وجد نفسه إنسان تافه لا شهادة معه ولا تجارة لا بيت لديه ولا زوجة حقد على أبيه، قال لأبيه: يا أبت لما لم تضربني يوم طلبت منك أن أضع الدراسة لما لم تعالجني أو تقسو علي.
 المثل واضح ! الله عز وجل يقول:

 

﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

 

(سورة القصص)

 دقق أستاذ زهير جزاك الله خيراً القضية أن هذا الذي يساق لنا رسالة من الله، من المعروف أن ما كل رسالة تكون كلامية، معظم الرسائل تكون فعلية هذا الذي يحدث للمسلمين في شتى أقطارهم رسالة من الله أن غيروا حتى أغير، أما مسلم ليس مستعداً لا أن يغير نظام بيته ولا أن ينضبط بقواعد الشرع ولا أن يحمل هم المسلمين ولا أن يبذل شيئاً لخدمتهم ولا أن يفكر ماذا بعد الموت، إنما يعيش لحظته وشهواته وتفلته ومسترضياً لنفسه دون أن يسعى لإنجاز أو لعمل أو بطولة هذه رسالة لهذا المسلم.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(سورة الرعد)

 مهما دعونا ورفعنا أصواتنا وعبرنا عن اهتمامنا وخلفيتنا وأرضيتنا ونزعتنا واتجاهنا وألمنا لما يحدث الواقع لا يتغير إلا إذا غيرنا.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

 أنا أرى أن مناهج التغيير التي طبقت في العالم الإسلامي العامة والعالم العربي بخاصة كانت تغييراً من خارج النفس وبعضها كان مستورداً، ونحن قد لا ننتبه أن التغيير الذي يستوجب التغيير من الله عز وجل ينبغي أن يكون من داخل النفس.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 ما دامت النفس شاردة عن الله وليست مطبقة لمنهج الله وليست معتمدة على الله وترغب أن تبني مجدها على أنقاض الآخرين ترغب أن تبني حياتها على موتهم وأمنها على خوفهم، ما دام الإنسان يعيش لذاته وليس لغيره هذه الأمة لا تستحق النصر، ما دام أفرادها يعيشون لنزواتهم، المهم أن آكل وأسرتي ولا يعنني بقية الناس، المهم إن كنت قوياً يجب أن أستغل قوتي لسحق الناس، إذا كنت غنياً يجب أن أزداد غنى ولا يهم فقر الناس، ما دامت النفوس بهذه الوضعية هذا ليس يورد النصر ولا التأييد ولا التوفيق.
 المذيع: أستاذي الكريم من الناحية اللغوية في الآية الكريمة:

﴿حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 الجار والمجرور هنا دليل أن التغيير ينبغي أن يكون ليس في الشكل الخارجي أو المتعلق بأشياء داخلية لأن الجار والمجرور متعلقان بفعل جملة الصفة المحذوفة وهي تقديرها ما استقر بأنفسهم، التغيير ينبغي أن يكون تغييراً داخلياً جذرياً.
 الأستاذ: أنا متفائل، والتفاؤل إن شاء الله.... إنها رسالة من الله من أجل أن نغير، بالتعبير المعاصر الكرة في ملعبنا، كأن الله عز وجل يقول: يا عبادي غيروا حتى أغير، فإن لم تغيروا لا أغير، يوجد آية أخرى تدعمها:

 

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(سورة الأنفال)

 يوجد سؤال بكير أين الله ‍‍‍؟؟‍‍!!!! الله موجود والأمر بيده والتوحيد يقول:

 

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

 

(سورة الزخرف)

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾

(سورة الكهف)

﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾

(سورة الفتح)

 بشكل دقيق جداً لو أن الله أسلمنا إلى غيره لماذا أمرنا أن نعبده ؟ هذا مستحيل !

 

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾

 

(سورة هود)

 ما أمرنا أن نعبده إلا بعد أن طمأننا أن الأمر بيده.

 

﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾

 

(سورة آل عمران)

﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)﴾

(سورة آل عمران)

﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

(سورة الروم)

 لكن لو تتبعنا هذه الآيات التي قال الله فيها:

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

 بالفهم الدقيق البسيط الرائع: إن لم يمكنوا في الأرض معنى ذلك أن دينهم الذي هم عليه لم يرتضيه الله لهم، الدين واسع جداً قد يكون شكلاً خارجياً أو إطاراً أو تقاليد وعادات أو فلكلورياً أو مظهريا أو تجارة أو تباهياً، إذا كان الدين كذلك هذا الدين الذي هم عليه لم يرتضيه الله، لذلك لا يستحقون أن يمكنون في الأرض، أما حينما نحمل هموم بعضنا بعضاً ونتعاون ونطبق أمر الله عز وجل ونقف عند حدوده ولا نتعدى حدوده ونربي أولادنا على منهج الله عز وجل ونضبط سلوك فتياتنا، هذه الفتاة التي تظهر بمظهر فاضح صارخ أين أبوها أخوها أمها عمها خالها ؟؟ لذلك:

 

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

 

 فإن لم يمكنهم معنى ذلك: أن دينهم لم يرتضيه الله لهم، الشيء المؤسف أن المسلمين يملكون أقوى مضمون بشري، معهم وحي السماء لكنهم لا يعرفون قيمته !
 المذيع: عذراً معنا اتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخ فراس – رجل أخذ مائة ألف من عشر سنوات عربون بناء وأراد أن يعيد المبلغ نفسه دون التقدير لارتفاع العملة فما حكمها شرعاً ؟ سؤال آخر: ما حكم من لا يلفظ الشهادة قبل الموت ؟
 الأستاذ: النقطة الثانية في موضوع الآية الكريمة:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 تفضلت بآية:

 

﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾

 

(سورة الصف)

 هل يستطيع إنسان عاقل أن يتوجه للشمس وينفخ نفخة ويطفئها هذا إنسان مجنون فكيف بنور الله عز وجل !! هذا الدين باقي لأبد الآبدين إنه دين الله، ينبغي أن لا نقلق عليه أن نقلق على أنفسنا ما إذا سمح الله لنا أو لم يسمح أن نكون جنوداً له، هذا من باب التفاؤل، هذا دين الله ولن تستطيع جهة في الأرض مهما قويت وطغت وبغت وتغضرست أن تحول ين الله وهداية خلقه، لكن الله يسمح لهم أن يبددوا ليمتحن إيمان المؤمنين هذه واحدة.
 الشيء الثاني يقول الله عز وجل:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ﴾

 

(سورة إبراهيم)

 لأن الكافر لا يستطيع أن يسبق الله عز وجل.

 

﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)﴾

 

(سورة الأنفال)

 معنى سبقوا أنهم فعلوا شيئاً ما أراده الله، أو تفلتوا من عقاب الله، فالله عز وجل يقول:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 خالق السماوات والأرض يبين حجم مكرهم، هل تستطيع أمم الأرض قاطبة أن تنقل جبل قاسيون لدرعا هذا فوق طاقة البشر مجتمعين، هو جبل صغير جداً فكيف جبال هملايا مثلاً !! ؟

 

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

 لكنك إذا قرأت آية أخرى لاقشعر جلدك:

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

(سورة آل عمران)

 قلت لكم قبل قليل: الكرة في ملعبنا، ينبغي أن نتقي الله ونصبر ونعد لأعدائنا العدة المتاحة وليست المكافئة، فالمكافئة قد تكون مستحيلة في هذا الظرف الصعب، إذا صبرنا واتقينا وأعددنا العدة المتاحة فالله سبحانه وتعالى هو الذي ينصرنا على أعدائنا، لكن المشكلة أن المسلم ما لم يتحرك ويغير ويراجع حساباته ويسعى لتطبيق منهج الله وما لم يقيم الإسلام في بيته ويربي أولاده وبناته وما لم يسعى لخدمة المسلمين وما لم يتعاون مع إخوانه المؤمنين ويحمل هم المسلمين وينطلق من ذاته إلى غيره فإن الله لا يغير.

 

(( يروى فيما ورد في الأثر: أن سيدنا عبد الله بن رواحة أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لتقييم تمر خيبر فقال له اليهود: أغروه بحلي نسائهم ليقلل التقييم، فقال: والله جئتكم من عند أحب الخلق إلي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أنتم لأبغض إلي من القردة والخنازير ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقال اليهود: بهذا غلبتمونا وبهذا قامت السماوات والأرض.))

 ملمح رائع في هذا النص، إذا أقمنا العدل فيما بيننا ولم يظلم بعضنا بعضاً الزوج لم يظلم زوجته، ولا الأب أولاده، ولا صاحب العمل عماله، ولا صاحب الأرض زراعه، ولا البائع من يشتري منه حينما لا نكذب ولا ندلس ولا نحتال ولا نبني مجدنا على أنقاض الآخرين ولا نقيم أمننا على خوفهم وحينما لا يظلم بعضنا بعضاً، لعل هذا سبب من أسباب النصر.
 المذيع: إن شاء الله وهذه المسألة تحتاج لعرض وتفصيل كبير وطويل يمتد لمساحات كبيرة من الكتب والمؤلفات وليس حلقات إذاعية أو تلفزيونية للحديث عن الشفاء من أمراض المجتمع، اسمح لي أن أتلقى هذا الاتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخت فهمية– هل إرادة الإنسان تخرج عن دائرة العلم الإلهي ؟ أرجو التوضيح ؟
 المذيع: نجيب عن سؤال الأخ فراس: دفع رعبون ليحصل على بيت بعد عشر سنوات لم يحصل على بيت وأعاد صاحب البناء المبلغ نفسه للرجل، ما حكم ذلك ؟
 الأستاذ: الحقيقة أنه حتى الآن ليس هناك في القوانين الوضعية القيمة الحقيقية للنقد الذي قبض من قبل، قبل سنوات عديدة البيت ثمنه عشرين ألف اليوم ثمنه عشر ملايين، فلو واحد دفع من ثمن بيت مائة ألف اليوم صارت مليون، لذلك هناك تقوى وهناك فتوى، الفتوى الآن: ما لم يكن هناك شرط مسبق بين المتعاملين لو أنني أردت أن أقرض إنسان مبلغ من المال بالعملة السورية قلت له: ينبغي أن يرد المبلغ بتوافقه مع القيم الثابتة كالذهب أو عملة أخرى، إذا كان هناك شرط في القرض فالشرط جائز أريد أن أسترد ديني ذهباً، أعطيك ذهباً وأريده ذهباً، أعطيك عملة معينة أريده عملة معينة، إذا في شرط مسبق فهو جائز، إذا ما في شرط نحتاج للتقوى لا للفتوى، المائة ألف قبل عشر سنوات الآن هي مليون ليرة بحسب القوة الشرائية، المبلغ هذا قبل عشر سنوات كان جزء كبير من ثمن بيت، أما الآن ثمن متر مربع !! فالقضية متعلقة بالتقوى، صاحب العمارة إذا كان متقياً لله يعطيه ما يساوي المائة ألف قبل عشر سنوات، أما إذا كان متشبث بالنصوص الوضعية القانون للآن لا يجيز أن يعاد الدين بقيمته الحقيقية.
 المذيع: شكراً لك دكتور – معنا اتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخت علا – في سورة مريم قال تعالى:

 

 

﴿ أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً (18)﴾

 فكيف المعنى هنا ؟ إذا واحدة اشتكت لي خلاف مع واحدة ثانية وطلبت مني أن أتدخل بالخلاف فهل يحق لي التدخل دون موافقة الطرف الثاني ؟
 المذيع: نجيب عن السؤال الثاني: إذا لم يلفظ الإنسان الشهادة وهو يحتضر ما وضعه ؟
 الأستاذ: أرى أن قضية النطق بالشهادة ليس صدفة ولا شيء عارض، الإنسان على فراش الموت يلخص كل حياته بحالته قبل أن يموت، من شبّ على شيء شاب عليه، من عاش على شيء حشر عليه، من حشر على شيء مات عليه، فحينما نرى إنسان يتهلل وجهه ويستبشر بلقاء ربه وينطق بالشهادة ويدعو أهله ليكونوا مع الله هذا لخص كل حياته بهذه الخاتمة السعيدة، وإنسان أمضى كل حياته في المعاصي والآثام لا يستطيع أن ينطق بالشهادة، القضية ليست أنه مسكين لم ينطق بالشهادة، القضية أعمق من ذلك، حالته عند الموت تلخص حالته في الحياة الدنيا، فمن تاب لله توبة نصوحة نطق بالشهادة، أما من كان مقيماً على معصية لم ينطق بها إلا أن الأصل في هذا الموضوع أن تقييم الأشخاص من شأن الله وحده، ليس من شأن البشر أن نقيم بعضنا بعضاً.
 المذيع: سؤال الأخت هل إرادة الإنسان تخرج عن دائرة العلم الإلهي ؟
 الأستاذ: أولاً العلم الإلهي هو علم كشف لا علم جبر، وخطأ فادح جداً أن نتوهم أن علم الله يعني أنه أجبرنا أن نعصيه، لو أن الإنسان أجبر على العمل الصالح لسقطت قيمة العمل الصالح، لو أن الله أجبرنا على معصية لفقدت المسؤولية عنه، إن الله أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً وأعطى على القليل كثيراً الإنسان مخير وإذا ألغينا اختياره لحظة واحدة فقدت المسؤولية والثواب والعقاب والجنة والنار وأصبح إنزال الكتب عبثاً وبعثة الأنبياء لا داعي لها، الإنسان مخير والدليل:

 

 

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

 

(سورة البقرة)

 هو تعود على الإنسان.

 

﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾

 

(سورة الكهف)

﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3)﴾

(سورة الإنسان)

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)﴾

(سورة الأنعام)

 هذه الآيات قاطعة في نفي الإجبار والإكراه، والإنسان مخير، ويوجد دليل عقلي قوي جداً وهو طريف: لو أنني قست كتف إنسان كم عرض كتفه فإذا 67 ونصف وبنيت جدارين بعرض كتفه تماماً ومشى بينهما وقلت له خذ اليمين هذا الكلام له معناه !! أيليق بخالق الأرض والسماوات أن يقول كلاماً لا معنى له مادام في القرآن أمر ونهي أوامر ونواهي لو أن الإنسان مسير ما معنى هذه الأوامر ؟ فالإنسان مخير بنص القرآن الكريم لكن فيما كلف، أما مخير أنه ولد في مكان كذا من أب من أم بعصر كذا ذكر أو أنثى بخصائص معينة وسيم أو ذميم قوي أو ضعيف هذا لصالح الإنسان، ما كان فيه الإنسان مسيراً فهو لصالحه وقد عبر عن هذا بعض الأئمة قال: ليس في الإمكان أبدع مما كان ثم شرح ما قال: ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني، أما إذا لمحنا آية فيها رائحة الجبر كأن الله يقول مثلاً:

 

﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾

 

(سورة الإنسان)

 هذا المعنى رائع جداً، هذا الربط ليس ربطاً جبرياً بل هو ربط فضل، فأنتم مخيرون وهذا من نعم الله الكبرى، فإن اخترتم الله ورسوله والدار الآخرة فقد سعدتم إلى الأبد ولولا أن الله شاء لكم أن تختاروا لما اخترتم، لولا أن الله سمح لكم أن تكونوا مخيرين لما اخترتم، فهذه الآية لها معنى غير ما يتوهمه الناس.

 

﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾

 

﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾

 مشيئة الإنسان ربطت فضلاً بمشيئة الله ولم تربط جبراً هذه واحدة، الشيء الثاني إذا قلت: يضل من يشاء إذا عزي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري والدليل:

﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

(سورة الصف)

 إنسان في الجامعة لم يداوم ولم يؤدي امتحان ولم يدفع قسط أرسل له إنذار تلو الإنذار أصر على موقفه، الآن صدر قرار بترقيم قيده هذا القرار تجسيد لرغبته.

 

﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

 

 فإذا عزي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري الإنسان مخير لكنه مسير في أمه وأبيه وكونه ذكراً أو أثنى ومكان وزمن ولادته وفي قدراته العامة، وقد أجمع العلماء على أن هذا الأمر لصالح الإنسان ! ليس في إمكان الإنسان أبدع مما كان، أما حينما نتوهم أن الإنسان مسير التغى التكليف وحمل الأمانة والثواب والعقاب والمسؤولية والجنة والنار، إذا أجبر الله عباده على الطاعة بطل الثواب، وإذا أجبرهم على المعصية بطل العقاب !
 المذيع: توسعنا جداً في هذا الموضوع معنا اتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخت مؤمنة – ما معنى في القرآن الكريم ومعنى آيتين من سورة النحل الآية 33-34 وشكراً.
 المذيع: نجيب عن سؤال الأخت مريم قوله سبحانه إني أعوذ بالله منك إن كنت تقيا لماذا جاءت الاستعاذة بالله مع التقوى.
 الأستاذ: نتوهم كثيراً أن بعض الجمل هي قيد احترازي لبعض الجمل أوضح ذلك:

﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾

(سورة المؤمنون)

 كلمة لا برهان له به هذا ليس قيداً احترازياً بمعنى أنك إذا أتيت ببرهان فلا شيء عليك.

 

﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾

 

(سورة النور)

 ليس معنى ذلك أن الفتاة إن لم ترد التحصن أرغمها على البغاء هذا المعنى مستحيل أن يكون مقبولاً، العلماء قالوا: هذا قيد وصفي وليس قيد احترازي، فالقيد الوصفي: الفتاة من شأنها أنها تطلب التحصن الزواج، ومن شأن أن تدعو مع الله إلهاً آخر أن هذه الدعوة لا برهان لها، فبين أن يكون الكلام قيداً احترازياً وبين أن يكون قيداً وصفياً قضية بعيدة كل البعد عن القبول في الأصل.
 أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا لا تمسني بأذى ! فالقضية هنا إن كنت تقياً ليست قيداً احترازياً، هي تفاءلت أن يكون تقياً فلا يمس هذه المعنى بأذى مبنية على المحذوف.
 المذيع: معنا اتصال تفضل:
 المتصل: السلام عليكم – الأخت نور – عذاب القبر هل تعود الروح لجسد الإنسان فيعذب أم النفس هي التي تعذب ؟ هل كان أبو طالب مؤمناً أم كافراً كما يقال في بعض الكتب؟
 المذيع: سؤال الأخت علا هل يمكن أن تتدخل بخلاف دون موافقة الطرف الآخر ؟
 الأستاذ: الله عز وجل يقول:

 

﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾

 

(سورة الأنفال)

 قال العلماء: إصلاح ذات البين أن تصلح علاقتك مع الله أولاً، وعلاقتك مع من حولك ثانياً، وتصلح علاقتك بين كل شخصين، من معاني هذه الآية:

 

﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾

 

 أن تصلح علاقتك مع الله أولاً، وعلاقتك مع من حولك ثانياً كأمك أبيك إخوتك أصدقائك جيرانك زملائك وثالثاً أن تصلح أية علاقة بين شخصين ومن صفات المؤمن أنه يصلح بين الناس.

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ ))

(سنن الترمذي)

((عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ... ))

(مسند الإمام أحمد)

 نحن مكلفون بنص القرآن الكريم ونص السنة الصحيحة أن نصلح بين الناس، وقد يجوز الكذب وهو من أشد الكبائر في الإصلاح، أن تقول فلان يثني عليك، فلان لك عنده مكانة كبيرة، هو لا يتمنى أن يكون بينهم خصومات وهو ليس كذلك.

 

((عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 إذا كذب ليس مؤمناً، لكن حينما أنقل لإنسان ما قاله الأول فيه أقيم شرخاً بينهما لا يلتئم أبداً، قال عنك: إنك كذا هذا النمام وهو لا يدخل الجنة، والنميمة من أكبر الكبائر، لكن حينما أنقل لكم كلام ما قاله لكنه يلين ويخفف من حقده وألمه فلذلك الإصلاح بين الناس واجب كل مؤمن يصلحون ولا يفسدون.
 الأستاذ: لي تعليق حول استشهاد هذا الشيخ الجليل، يوجد إنسان نموذج غير مقبول أبداً لا يفعل شيئاً لا يتكلم ولا يطمح لا يغير لا يبدل يعيش على هامش الحياة وقد يكون صحيح الجسم وكامل الخلق وقوياً، ومع ذلك لا يفعل شيئاً، لعل هذا الشيخ الجليل باستشهاده وأقسم بالله أنه ما من مسلم على وجه الأرض إلا ويتمنى نهاية كهذه النهاية عقب صلاة الفجر وهو يحمل هم المسلمين وهم الأخوة الفلسطينين وهم كل المضطهدين في العالم، يحمل همهم وهو في قلوب الملايين، هذا مثل أعلى معاق من بداية حياته والأصحاء الذين لهم أجسام البغال لم يفعلوا شيئاً، الإنسان عنده طاقات لا يعلمها إلا الله، وقيمة الإنسان في طموحاته وهمومه وأهدافه الكريمة يروي التاريخ أن إنسان كان قصير القامة ناتئ الوجنتين غائر العينين أسمر اللون أحنف الرجل مائل الذقن ليس شيء من قبح المنظر إلا هو آخذ منه بنصي وكان مع ذلك سيد قومه، إذا غضب غضب لغضبته ألف شيخ لا يسألونه فيما غضب، وإذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه، الرجال مقياسهم عقيدتهم وأعمالهم، حجم الرجل عند الله بحجم علمه وعمله، تلك قيمتان اعتمدهما القرآن الكريم ولم يعتمد أية قيمة أخرى، لكن أهل الأرض يعتمدون قيمة القوة والغنى والوسامة والذكاء بينما ربنا عز وجل يعتمد قيمة العلم والعمل فقال:

 

﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

 

(سورة المجادلة)

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾

(سورة الأنعام)

 فحينما أعتقد أن حجمي عند الله بحجم عملي الصالح، والعمل الصالح ينبغي أن يكون خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة، نحن أمام مثل عليا، وهذا الذي فعله أعدائنا حماقة ما بعدها حماقة لأن الله سبحانه وتعالى يهب الحكمة لعباده المؤمنين، ماذا جنوا من اغتيال إنسان بصاروخ هل هذه بطولة ؟ البطولة أن تواجه إنسان وجهاً لوجه، لا أن تستخدم أحسن طائرة مع أضعف إنسان هذه وصمة عار بحقهم.
 المذيع: بارك الله فيكم – معنا اتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخ رامي – أرجو منك إعطاء كلمة توجيهية للمسلمات والشباب في توخي الحشم في اللباس وما حكم الناظر ؟ مداخلة على موضوع الحلقة: لن تستطيع أية دولة في الأرض أن تعطي المرأة حقوقها كالإسلام.
 المذيع: معنا آخر اتصال:
 المتصل: السلام عليكم – الأخت منى – أريد أن أسأل الشيخ عن آيات الشفاء وشكراً.
 المذيع: سؤال الأخت نور في عذاب القبر من التي تعذب النفس أم الروح ؟
 الأستاذ: الحقيقة الإنسان له جوانب ثلاثة هناك نفس الإنسان هي المكلفة المطالبة المعاتبة هي التي تسعد أو تشقى في القبر هي التي تدخل الجنة أو النار وهي التي تتصل بالله عز وجل ذات الإنسان، إذا قال الله:

 

﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)﴾

 

(سورة التغابن)

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)﴾

(سورة الفجر)

 هذا هو الأصل، الجهة المكلفة والمعاتبة والمعذبة والسعيدة والتي ترقى إلى الله هي النفس، الجيم غلاف ثوب خلعته عند الموت، الروح قوة محركة كيف أن هذا الجهاز يحتاج لكهرباء، فالكهرباء يسمع الصوت فيه، لو قطعت عنه الكهرباء انقطع عنه الصوت، الروح قوة محركة تنقطع عند الموت، والنفس هي ذات الإنسان المكلف هي التي تسعد أو تشقى في القبر.
 المذيع: سؤال عن أبو طالب هل آمن أم أخفى إيمانه ؟
 الأستاذ: هذا من شأن الله كما قلت قبل قليل، فأنا لا أتطاول على علم الله، أنا لي الظاهر، أما الله يتولى السراء، أشققت على صدره ؟

 

(( أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي قَالَتْ فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ))

 

(صحيح البخاري)

 فأجابها إجابة دقيقة لأنه نبي وإقراره تشريع وسكوته تشريع، لو أنه سكت لكان كلامها صحيحاً، هذا الأدب الراقي مع الله عز وجل.
 المذيع: بارك الله بكم – الأخ رامي يطلب منك كلمة للاحتشام بالنسبة للفتيات.
 الأستاذ: الحقيقة هذا الأمر أصبح خطير جداً ووبائي، لأن الله سبحانه وتعالى أودع فيه هذه الغريزة وهي متغلغلة في أعماق الإنسان ومن السهل إثارتها ويستطيع أي إنسان أن يثير هذه الشهوة، بل إن ما يجري في العالم اليوم من متاجرة بالرقيق الأبيض ومن عرضه في الفضائيات والإنترنت إثارة حقيرة لهذه الشهوات، كيف تقول الفتاة أنا ليس مطلوباً مني أن أصلي الجمعة، أنا أقول للأخوات الفتيات هناك عبادة خصها الله لكم عبادة بالفتيات أنا أسميها عبادة إعفاف الشباب، فحينما لا تظهر الفتاة مفاتنها في الطريق لكل من هب ودب إلا لمحارمه وزوجها وأولادها هذه تقوم بعبادة راقية جداً نسميها مجاوزة عبادة إعفاف الشباب، فكل فتاة تظهر مفاتنها في الطريق تثير الشهوات والغرائز يغضب الله عليها، إذا خرجت متعطرة لعنتها الملائكة، فكيف إذا خرجت تظهر كل مفاتنها من دون أن يحجب شيء منها، هذا من الأخطار الوبائية في مجتمعات المسلمين، فأنا أعتب على الأب والأم والعم والخال والأخ، هذا الجمال ينبغي أن يكون في نطاق محدود من المنهج الإلهي، أما أن يكون كلأ مباحاً لكل الناس ولكل الذئاب والأشخاص السيئين هذا مرفوض.
 المذيع: بارك الله فيك أستاذ – الأخت تسألك عن آيات الشفاء.
 الأستاذ:

 

﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

 

(سورة الشعراء)

 لكن هناك أحاديث ليست صحيحة، أن هذه الآية من أجل الألم الفلاني، لا أعتقد أن هذه الأحاديث التي ترد في بعض السور هي صحيحة، القرآن فيه شفاء للناس لفهمه وتطبيقه وتلاوته حق تلاوته كأن نحسن قراءته وفق قواعد اللغة والتجويد إن أمكن ونفهمه ونتدبره ونعمل به، يغدو القرآن كله شفاء للنفس أية آية أو سورة أو مقطع، أما أن نقول السورة الفلانية لوجع الرأس هذه مثلاً للأورام، والله أنا لا أصدق ذلك، والأحاديث التي تشير لذلك ليست صحيحة ومعظمها ضعيف أو موضوع، أما فيه شفاء للناس:

 

﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

 

 مرضت لم يقل إذا أمرضني – الأصل في المرض يوجد خطأ خلل بحياتنا قد يكون خلل تلوث عام ترتفع نسب أمراض السرطان، قد يكون خطأ في الضجيج العام أو العلاقات الاجتماعية أو شدة نفسية كبيرة جداً، ففي أصل التصميم الإنسان كمال مطلق، لكن:

﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

 المذيع: بارك الله بك أستاذ، وهناك من يشير لأسماء الله الحسنى بأعداد معينة.
 الأستاذ: الموضوع اطلعت عليه لكنني لست قانعاً به حتى الآن.
 المذيع: بارك الله بكم أستاذنا، وجزاك الله عنا كل خير، وباسمكم جميعاً أيها الأخوة فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق وأستاذ مادة الإعجاز العلمي وأصول الدين وخطيب جامع النابلسي، نلتقي إن شاء الله في الأسبوع المقبل في حلقة جديدة، لكم الخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إخفاء الصور