وضع داكن
28-03-2024
Logo
الندوة : 14 - في الآفاق - نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَم...
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام:
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 مستمعينا الكرام نرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون" ونرحب أيضاً بالأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامية أهلاً بك أستاذ.
الدكتور راتب:
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
الأستاذ حسام:
 في حديثنا عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وردت آية في سورة النحل يقول فيها ربنا تعالى:

﴿ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ ﴾

[سورة النحل]

 ما هو وجه الإعجاز في هذه المادة؟.

 

الحليب من أدق الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل :

الدكتور راتب:
 الحقيقة، بارك الله بكم على هذا السؤال، وجه الإعجاز أن الحليب أو اللبن باسمه الأصلي هو من أدق الآيات الدالة على عظمة الله، فهذه البقرة لها غدة ثديية على شكل قبة، هذا الغدة الثديية على شكل قبة مغطاة بشبكة أوعية دموية كثيرة جداً، وكثيفة، والشيء الذي لا يصدق أن أربعمئة حجم من الدم تصنع حجماً واحداً من الحليب، أربعمئة حجم أي أربعمئة لتر من الدم تجري في هذه الشبكة من أجل أن تصنع لتراً واحداً من الحليب، ما الذي يحدث؟ أن الخلية الثديية تأخذ من الدم الذي فوقها حاجتها وتصنع منها الحليب، فتسقط قطرة من الحليب من الغشاء السفلي لهذه الغدة الثديية، هذه القطرات تتجمع في مكان هو الثدي- ثدي البقرة - وهذا الثدي له أربعة مآخذ، كل مأخذ يساوي ربع الكمية بالضبط، لأنه يوجد داخل الثدي جداران متعامدان، لو أن هذه البقرة فرضاً لأربعة أخوة كل واحد لو أخذ من حلمها يأخذ الربع بالتمام والكمال، فالغدة الثديية غدة على شكل قبة، في أعلاها شبكة دماء كثيفة جداً، وفي أسفلها ترشح قطرات الحليب، تتجمع في ثدي البقرة، ومنه يؤخذ الحليب من الفتحات الأربعة في هذا الثدي.
الأستاذ حسام:
 مصنع ضخم جداً.

 

تركيب الحليب :

الدكتور راتب:
 أبداً، الذي يلفت النظر أن هذا الحليب يحوي من الماء سبعة و ثمانين إلى واحد و تسعين بالمئة، ويحوي الحليب الدسم، والسكريات، والبروتينات، والمعادن، والفيتامينات، والغازات المنحلة، فهو كالقمح غذاء كامل، فيه غازات منحلة كغاز الفحم، والأوكسجين، والنشادر، والفيتامينات (فيتامين أ، ب، ث، د)، وفيه معادن كالكالسيوم، والفسفور، وفيه بروتينات، الكاثرين، والألبومين، وما شاكل ذلك، فيه سكريات كسكر العنب، ودسم، وماء، هذه معجزة في بنية الحليب، في مكونات الحليب، في المواد الداخلة في الحليب، لأنها في النهاية غذاء كامل للإنسان، لذلك هذا الحليب يخرج من بطون البقر ﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ ﴾، أي الحليب من أين أخذ؟ من المواد التي في الأمعاء، هذا المواد التي في الأمعاء بعضها يذهب كحمض البول كبول، وبعضها فرث الفضلات الصلبة، والحليب مأخوذ ﴿ ْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ ﴾، أحدث البحوث العلمية أن هذه الغدة الثديية لها أثر كبير في تصنيع مادة الحليب.

البقرة معمل مذهل صامت :

 الحقيقة أن الشيء الذي يدعو إلى العجب، كيف تعمل هذه الخلية؟ تأخذ الخلية الثديية من الجهة الوحشية من شعيرات الدم المواد، والفيتامينات، والمعادن، والبروتينات، والسكريات، والدسم، والماء، تخلطها وتخرج من الداخل الحليب، إذ تنتج البقرة الواحدة تقريباً من ثلاثين إلى أربعين كيلو من الحليب في اليوم الواحد، وقد بلغني أن بعض أنواع البقر الهجين صار يعطي في اليوم أكثر من ستين كيلو من الحليب.
 شيء آخر: ثلاثمئة حجم من الدم تصنع حجماً واحداً من الحليب، أي يجب أن نعلم أن لتر الحليب الذي نشربه يقابل أربعمئة لتر من الدم الذي يصنعه، فالحقيقة أن البقرة معمل، معمل مذهل صامت، يأكل الحشيش ويعطي الحليب، هل بإمكان بني البشر، في أي مكان في الأرض أن يأخذ هذا الحشيش الذي تأكله البقرة ليصنع منه حليباً نأخذ منه الجبن، والقشدة، واللبن، وكل مشتقات الحليب، الحقيقة الحليب المادة الغذائية الأولى في حياتنا، والشيء الذي يلفت النظر أننا لا نمله، أي طبخة على مرتين أو ثلاثة تكرهها، أما مشتقات الحليب فنأكلها كل يوم ولا نملها، وهذا من حكمة الله جلّ جلاله.
الأستاذ حسام:
 ومن اللافت أيضاً أن قوله عزّ من قائل:

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ﴾

[سورة يس]

تذليل البقر للإنسان من آيات الله الدالة على عظمته :

الدكتور راتب:
 الحقيقة أن هذه الكلمة في الآية الكريمة:

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾

لها معان دقيقة جداً وخطيرة، أي هذه البقرة لو لم تكن مذللة، لو كانت كالذئب، لو كانت كالضبع، كيف نأخذ حليبها؟ مستحيل! ترى الناقة على عظم جسمها، يقودها طفل صغير، بينما نحن نخاف من عقرب، العقرب غير مذلل، الأفعى غير مذللة، بينما الجمل الكبير مذلل، هذه الأنعام؛ الغنم، البقر، هذا كله مذلل، فلا تقل نعمة تذليلها عن نعمة تسخيرها، هي مسخرة لكنها مذللة مألوفة، هذه الحيوانات تعيش مع الإنسان، يألفها وتألفه، وفي الحقيقة قد ينشأ بينهم تواصل، الفرس أحياناً تعرف صاحبها، تدافع عنه، وتنبهه للخطر، قد تقوده إلى البيت إذا غفل عن الطريق، فهناك علاقات متينة جداً بين هذه المخلوقات التي خلقها الله لمنفعتنا وبين علاقتها بنا.
 الله قال:

﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾

لو لم تذلل، أنا أذكر أن في أطراف المدينة في ريف دمشق الشرقي بقرة توحشت، قتلت أول رجل، وثاني رجل، فاضطر صاحبها أن يقتلها بالرصاص، وهذا الذي جرى في بريطانيا من جنون البقر حينما أطعموا البقر مسحوق اللحم، مع أن غذاءه الذي خلقه الله له النبات فقط، فلما غيروا خلق الله وأطعموا البقر طحين اللحم جنّ البقر، فلما حنّ البقر اضطر الإنسان أن يحرق ثلاثين مليون بقرة، ثمنها ثلاثة وثلاثون مليار جنيه إسترليني فأنا أقول دائماً: جنون البقر من جنون البشر.

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام:
 جزاك الله خيراً الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نلتقي غداً مستمعينا الكرام في حلقة جديدة إن شاء الله، إلى اللقاء.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور