وضع داكن
19-04-2024
Logo
الندوة : 24 - في الإنسان - يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ...
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله و أصحابه أجمعين، مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج:" أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي.
الدكتور راتب :
 بكم أستاذ حسام جزاك الله خيراً.
الأستاذ حسام :
 نتابع الحديث الذي بدأناه في الحلقة السابقة عن الجنين داخل بطن الأم، يقول الله عز وجل:

﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾

[سورة الزمر: 6]

تفسير العلماء الظلمات الثلاث بتفسيرات متباينة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
 أستاذ حسام، لقد فسر العلماء قوله تعالى:

﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾

[سورة الزمر: 6]

 العلماء فسروا هذه الظلمات تفسيرات متباينة منهم من قال: إنها ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين، وقال بعضهم: إن الجنين محاط بأغشية ثلاث، ربما كان هذا من إعجاز القرآن الكريم، أول غشاء والثاني والثالث،

﴿ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾

الغشاء الأمنيوسي :

 لو وقفنا وقفة متأنية عند غشاء واحد هو الغشاء الأمنيوسي، هذا الغشاء هو الغشاء الباطن من جهة الجنين، أي أول غشاء يحيط بالجنين اسمه الغشاء الأمنيوسي، بعده غشاء ثان وغشاء ثالث، هذا الغشاء يحيط بالجنين من كل جانب إحاطة كاملة، بل هو كيس غشائي رقيق ومقفل، وفي هذا الغشاء المقفل سائل يزداد مع نمو الجنين، اسمه السائل الأمنيوسي يصل إلى لتر ونصف في الشهر السابع، ثم يعود إلى لتر قبيل الولادة، أستاذ حسام قد لا نصدق أنه لولا هذا السائل لما عاش إنسان على وجه الأرض، ولما كانت هذه الندوة، ولما كانت دمشق أصلاً، لولا هذا السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين من كل الجوانب لما كان هذا الجنين يحيا حياة إطلاقاً.
 أولاً: لولا هذا السائل كما قلت قبل قليل لما نجا جنين من موت محقق، هذا السائل يغذي الجنين، سائل مغذي فيه مواد زلالية، مواد سكرية، أملاح غير عضوية، هذا السائل يحمي الجنين من الصدمات، وقد طبق هذا المبدأ في مركبات الفضاء حيث أن كبسولة الرواد كان بينها وبين جسم المركبة سائل من أجل امتصاص الصدمات، بالمناسبة هذا السائل موجود بالدماغ أيضاً فالطفل عندما يقع على الأرض، ويرتطم بالبلاط ارتطاماً قوياً جداً السائل المحيط بالدماغ يمتص هذه الصدمة ويوزعها على كامل سطح الدماغ، فإذا كان حجمها عشرة سنتمتر تصبح مليمتراً واحداً، لولا هذا السائل ما نجا إنسان من الموت، السائل مهمته امتصاص الصدمات، فحينما تأتي الجنين صدمة من هذه الجهة قوتها أربعة كيلو غرامات على السنتمتر المربع مثلاً فإن السائل يوزع هذه القوة على كل السطح، فيصبح هذا الضغط نصف مليمتر، وإن أحدث طريقة لامتصاص الصدمات أن يكون بين الشيء الذي تخاف عليه والمحيط الخارجي سائل، هذه مطبقة بالمركبات الفضائية والدماغ أيضاً.

وظائف السائل الأمنيوسي :

 مثل هذا السائل موجود في الدماغ أيضاً كما قلت قبل قليل، حيث أن المخ محاط بسائل يمنع تأذي المخ بالصدمات، بل إن هذا السائل يمتص كل صدمة مهما تكن كبيرة، وهذا السائل الأمنيوسي هو الذي يحمي الجنين من الصدمات، والسقطات، والحركات العنيفة، مثلاً أم تمشي سريعاً في البيت، ارتطمت بطرف طاولة، وهذا الطرف الحاد دخل في بطنها، هذا الدخول ماذا ينتج عنه؟ مكان الدخول لو فرضنا عشرة سنتمتر، هذه توزع على كامل السطح تصبح مليمتراً واحداً، فهذا فيه حكمة بالغة بالغة، هذا السائل يسمح للجنين بحركة حرة خفيفة، فإن الأجسام وهي في السوائل تبدو حركتها أسهل بكثير مما لو لم تكن في هذا السائل، المحرك البستونات تتحرك بسائل هو الزيت، دائماً الحركة مع السائل سهلة جداً، هذا السائل جهاز تكييف، له حرارة ثابتة لا تزيد، ولا تقل، مهما كان هناك برد السائل له حرارة ثابتة، فالجنين يتمتع بتكييف وتبريد دائم، في الصيف هناك تبريد، وفي الشتاء هناك تسخين، عن طريق هذا السائل، مهما كان الجو الخارجي بارداً أو حاراً، فإن هذا السائل يحقق للجنين حرارة ثابتة تعينه على النمو.
 خامساً: هذا السائل يمنع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، هذا السائل له مهمة كبيرة أنه يمنع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، ولو أن هذا الالتصاق حصل لكان هناك تشوهات في خلق الجنين.
 سادساً: هذا السائل نفسه يسهل الولادة، وهو الذي يعين على الانزلاق وتوسيع الأماكن التي سوف يمر بها الجنين، العوام يقولون: ماء الخلاص، هذا الماء هو السائل الأمنيوسي، هو ينطلق قبل نزول الجنين فيصبح الطريق رطباً، يسهل خروج الجنين من بطن أمه بهذه الطريقة، هذا السائل حينما يسبق الجنين إلى الخارج يطرح، ويعقم المجرى لئلا يصاب الجنين بالتسمم، فمن تطهير المجرى، ومن تسهيل الولادة، ومن منع التصاق الجنين بالغشاء الأمنيوسي، ومن تحقيق الحرارة الثابتة، ومن تحقيق الحركة الحرة الخفيفة، ومن حماية الجنين من الضربات واللكمات، ومن تغذية الجنين، هذه كلها وظائف هذا السائل، ولولا هذا السائل لما كانت حياة على وجه الأرض.

السائل الأمنيوسي آية من آيات الله الدالة على عظمته :

 إن هذا السائل الأمنيوسي الذي جعله الله عز وجل داخل الرحم، وداخل الغشاء الأول، هذا يسبح به الجنين، وهو آية من آيات الله الدالة على عظمته تعالى:

﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾

[سورة الزمر: 6]

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾

[ سورة لقمان: 11 ]

 لذلك ذلك عالم الغيب والشهادة، ذلك هو الخلاق العليم، ذلك هو الرب الرحيم:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى*أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى *ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى*فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى*أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾

[ سورة القيامة: 36-40 ]

 وقال تعالى:

﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ*مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ *مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ *ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ* ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾

[ سورة عبس : 17-21]

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي على هذه المعلومات، وشكراً جزيلاً لك، شكراً لكل المستمعين الكرام، غداً لنا لقاء في حلقة قادمة إن شاء الله.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور