وضع داكن
23-04-2024
Logo
الندوة : 29 - في الإنسان – رمضان شهر عبادة و انضباط و صلح مع الله عز وجل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام :
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله و أصحابه أجمعين.
 مستمعي الكرام أرحب بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون"، وأرحب أيضاً بضيفي الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نرحب بك أستاذ راتب.
 اليوم ربما تكون الحلقة الأخيرة من هذا البرنامج ويكون غداً أول أيام عيد الفطر السعيد، إن شاء الله تقبل الله طاعتنا وطاعتكم، وتقبل الله من جميع المسلمين، وجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم، في ختام عرضنا الذي قمنا به خلال الشهر الكريم عن آيات الله في الآفاق، وآياته في الإنسان، برأيك بماذا يمكن أن نختم إجمال هذه الدروس؟

 

المؤمن من جاءت حركته موافقة لمنهج الله :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
 الإنسان حينما يسأل نفسه هذا السؤال الكبير لماذا أنا في الدنيا؟ الحقيقة أن الإنسان كائن متحرك وليس كائناً ثابتاً سكونياً، ما الذي يحركه؟ حاجته إلى الطعام والشراب، وإلى الزواج، وإلى تأكيد الذات، هذه الحاجات الأساسية؛ واحدة من أجل بقائه الطعام والشراب، والحاجة الثانية من أجل بقاء النوع، والحاجة الثالثة من أجل بقاء الذكر.
 هذه الحاجات تجعله يتحرك، فإن جاءت حركته وفق منهج الله كان مؤمناً، وسعد في الدنيا والآخرة، فالصيام دورة تدريبية، أمضى فيها الإنسان ثلاثين يوماً في طاعة الله، في صلاة الفجر في المسجد، في صلاة التراويح، في أداء الصلوات بإتقان، في غض البصر عن محارم الله، في ضبط اللسان، والدعاء الشهير: "اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان"، فإذا طبق منهج الله في ثلاثين يوماً تطبيقاً دقيقاً، واعياً، هادفاً، هذا التطبيق يجعله في حالة في العيد من الإنجاز، لذلك يقول: الله أكبر في العيد، ما معنى كلمة الله أكبر؟ أي على هذا الهدى الذي تحقق في هذا الشهر، كما يقول الإمام الشافعي: العبادات معللة بمصالح الخلق، أنا لا أصدق أن مسلماً يصوم ويفطر ولا يدري لمَ صام؟ ولا لمَ أفطر؟ هذا مثله كمثل الناقة حبسها أهلها فلا تدري لا لمَ حبست؟ ولا لمَ أطلقت؟ أنت حينما تصوم ينبغي أن تعلم حكمة الصيام، أراد الله من هذا الشهر أن يكون دورة مكثفة تدريبية، أرادها أن تكون قفزة نوعية في علاقتك بالله، في ثلاثين يوماً صلاة فجر في المسجد، في ثلاثين يوماً صلاة تراويح، في ثلاثين يوماً غض بصر، في ثلاثين يوماً ضبط لسان، في ثلاثين يوماً الصلاة بأوقاتها بإتقان، في ثلاثين يوماً إنفاق، في ثلاثين يوماً قرآن، فهذا القرآن الذي يتلى في رمضان، وهذا الإنفاق في رمضان، وهذا الانضباط الذي يأخذ وضعاً حاسماً في رمضان، هذا كله تدريب على طاعة الواحد الديان، فأنا أقول: الإنجاز الذي تحقق في رمضان ينبغي أن يحافظ عليه طوال العام وأن يفطر فقط فمه، أما أن يغير ما ألفه في رمضان من ضبط للسان، وضبط للجوارح، ومن أداء للصلوات، ومن الاستقامة على أمر الله فهذا ينبغي أن يكون مستمراً طوال العام، فأي مسلم يتوهم أنه يعود ما بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان هذا إنسان لم يعرف حكمة الصيام أصلاً.

رمضان شهر عبادة و انضباط لا عادات و تقاليد :

 الصيام حكمته أستاذ أنك ترقى به درجة، هذه الدرجة ينبغي أن تستمر طوال العام، يأتي رمضان آخر ترقى درجة، يستمر هذا الرقي طوال العام، كأن رمضان صار درجاً، لكن معظم الناس ما يفعله في رمضان يعود عنه بعد رمضان، يتركه إذاً عاد إلى ما كان عليه، صار الصيام نوعاً من الفلكلور الاجتماعي، أنا الذي أخاف منه أن ينقلب هذا الشهر العظيم إلى فلكلور، إلى عادات، وتقاليد، وولائم، وسهرات حتى الفجر، هذا الصوم الذي يفعله بعض الناس ليس الصوم الذي أراده الله عز وجل، شهر عبادة، شهر انضباط، شهر إنفاق، شهر مناجاة لله عز وجل، شهر صلح مع الله، شهر قفزة نوعية، فينبغي أن يعلم الإنسان أن هذا الشهر الذي صامه بالتمام والكمال ينبغي أن يستثمر طوال العام.
الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً خلال حديثنا في حلقات برنامجنا: "أفلا تبصرون" الذي اقتبسنا عنوانه من الآية الكريمة:

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات: 21 ]

 مررنا على عدة آيات من الإعجاز في الآفاق وفي الإنسان، لكن الشيء المميز أسلوب الحوار الذي طرحه القرآن الكريم للإنسان، يقول الله عز وجل:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴾

[ سورة القيامة: 36-37]

 وفي آية أخرى قال رب العزة:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾

[ سورة الطارق:5]

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾

[ سورة عبس: 24 ]

 هذه الحوارية التي يخاطبنا بها الله عز وجل ماذا توحي؟

 

مخاطبة القرآن الكريم القلب و العقل معاً :

الدكتور راتب :
 توحي أن هذا الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، فالقرآن خاطب عقله كثيراً:

﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 1-2]

﴿ وَالْفَجْرِ * ولَيَالٍ عَشْرٍ ﴾

[ سورة الفج: 1-2]

 وخاطب قلبه:

﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الحديد: 16 ]

 وخاطب عقله وقلبه معاً، وهناك آيات كثيرة، القرآن أعظم ما فيه أنه يخاطب قلب الإنسان ويخاطب عقله، فالعقل يتخذ القرار، والقلب ينفذ هذا القرار، والإنسان عقل يدرك وقلب يحب، فإذا خاطب عقله وقلبه معاً استطاع أن يحقق الهدف الذي خلق من أجله، إذاً أنت حينما تخاطب العقل وحده دعوة عرجاء، وإذا خاطبت القلب وحده دعوة عرجاء، لكن القرآن الكريم خاطب العقل، خاطب العقل حواراً، وخاطب العقل استفهاماً.
الأستاذ حسام :
 أكثرها بالأمور التي تتعلق بالإعجاز أليس كذلك؟

 

الإعجاز هو الطريق الوحيد لمعرفة الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 الإعجاز أنا أراه طريقاً وحيداً لمعرفة الله، والدليل:

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[سورة الجاثية: 6]

 لا يوجد طريق للإيمان بالله إلا من خلال آياته الكونية، والتكوينية، والقرآنية، الكونية خلقه قال تعالى:

﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة يونس: 101 ]

 والتكوينية أفعاله:

﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

[ سورة الأنعام: 11 ]

 والقرآنية كلامه، فآياته الكونية والتكوينية والقرآنية طرق معرفته، وإذا عرف الإنسان ربه عرف كل شيء.

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام :
 جزاك الله خيراً الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، الداعية الإسلامي، إذا كانت هذه الحلقة الأخيرة أقول لك: كل عام وأنت بألف خير، وتقبل الله طاعتك وطاعة المستمعين إن لم يكن هذا اليوم الأخير من رمضان غداً إن شاء الله نلتقي.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور