وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0067 - الصدق يهدي إلى البر - الكذب بالبيع والشراء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر .
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا ، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الصدق يهدي على البر

أيها الإخوة الكرام ؛ سيدنا جعفر بن أبي طالب حينما حدث النجاشي عن الجاهلية والإسلام ، بين الحديث عن الجاهلية والإسلام فقرة قصيرة مؤلفة من أربع كلمات ، قال :

(( أيها الملك ، كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ، ونسيء الجوار ، ونقطع الرحم ، ونخون الأمانة ويأكل القوي منا الضعيف - هذه الجاهلية - حتى بعث الله فينا رجلاً - النبي عليه الصلاة والسلام ، بماذا وصف هذا النبي ؟وصفه بأربع كلمات ، قال - نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه - لم يختر سيدنا جعفر هذه الصفات عبثاً ، اختار أربعة دعائم من دعائم شخصية النبي عليه الصلاة والسلام ، هناك آلاف مؤلفة من صفات النبي ، اختار منها أربع دعائم ، الصدق ، والأمانة ، والعفاف والنسب ، وقفت عند الصدق ، وجدت الصدق يدخل في حياتنا كلها في معتقداتنا ، في سلوكنا ، في بيعنا ، في شرائنا ، في معرفتنا بالله عز وجل ، في قبول الحقائق ، في رفضها ، في قبول الأكاذيب ، في قبول الافتراءات .

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود]

البرُّ : مطلق الخير ، لذلك خلق الله السماوات والأرض بالحق ، وأمرنا بقول الحق وأمرنا أن نعمل وفق الحق ، والحق اسم من أسماء الله تعالى ، وما تعانيه البشرية اليوم من ضلال فبسبب الكذب .
علماء ليسوا بعلماء ، جاؤوا على الناس بكلام ليس من الحقيقة في شيء ، هدفهم الأول إبطال قواعد الدين ، هؤلاء كذابون ، الذين قالوا إن الإنسان أصله قرد ، والذين قالوا إن الجنس هو كل شيء في شخصية الإنسان ، والذين قالوا إن المال هو كل شيء في حياته ، هؤلاء الذين ابتدعوا هذه النظريات ، ما ابتدعوها إلا ليصرفوا الناس عن الدين ، فضلَّت البشرية وأضلت بسبب الكذب .الكلمة الصادقة أعظم صدقة عند الله ، والكلمة الكاذبة ربما تُفسد فيها أمة بكاملها ، لذلك ما تعانيه البشرية من ضياع ، من ضلال من حيرة ، من تفسخ ، من انحلال ، من تدهور إنما هو بسبب الكذب ، لأن الإنسان سمع الكذب فظنه صدقاً لم يتحقق ، وهذا الذي روج الكذب ، له عند الله عذاب أليم .
عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :

((إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي]

لا تجعل في حياتك كلاماً بين الصدق والكذب ، هو الظن ، إما أن تقبله على علم ، وعندك الدليل عليه ، وإما أن ترفضه على علم وعندك الدليل على رفضه ، أما أن تزخر حياتك بمعتقدات ليست صحيحة ، بظنون ، بأوهام
مثلاً قال تعالى :

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾

[سورة آل عمران الآيات:23-25]

هؤلاء اليهود والنصارى ، أوتوا نصيباً من الكتاب ، تعلموا أحكامه قرؤوه ، لم يقل أوتوا الكتاب نصيباً من الكتاب .

﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾

والناس يقرؤون القرآن ، وقد أوتوا نصيباً منه ، يقول لك هذه السورة مكية ، وهذه مدنية ، وهذه السورة أنزلت في مناسبة كذا ، أوتي نصيباً من الكتاب ، تقول له يا أخي لمَ تسهر مع من لا يحل لك أن تجلس معه من النساء ، يقول له هكذا تعودنا ، هكذا كان آباؤنا ، من أنت ؟

﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾

هناك آيات واضحات ظاهرات نيرات .

﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾

يتولون عن حكم الله ، لا يرضون به ، لا يقبلونه ، لا يحتكمون إليه لماذا ؟ دققوا :

﴿ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾

هذا قول اليهود ، نحن شعب الله المختار ، نحن بنوا إسرائيل ، نحن أولاد الأنبياء ، الأنبياء كلهم منا .

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾

كيف ؟ ما الذي أشقاهم ؟ هذا الظن الكاذب .
لذلك على مستوى المؤمنين ، قد يرتكب المؤمن معصية ويظن أنها صغيرة ، والصغائر لا قيمة لها عند الله ، وغفل عن قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار ))

[أخرجه ابن عساكر عن عائشة]

يعني أسباب الشقاء في حياتنا فكرة ليست صحيحة ، اعتقاد خاطئ عقيدة فاسدة ، رواية غير صحيحة ، حديث موضوع ، قصة واهية هذا سبب الضلال ، شيء تلقفته ولم تحققه ، شيء سمعته أذناك ولم يحققه قلبك ، وقعت في الضلال ، الضلال جرَّ إلى الانحراف ، الانحراف جرَّ إلى القطيعة ، القطيعة جرت إلى الشقاء ، هذا ملخص الأمر فلذلك :
عن أبو هريرة رضي الله عنه ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :

((إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي]

لا تقبل في حياتك قصة رواية ، حديثاً ، فكرة ، رأياً ، خطبةً درساً ، إلا إن كان مدعَّماً بآيات الله ، إن قلت كذا فما دليلك ؟ وإن رفضت كذا فما دليلك ؟ .آتاك الله الفكر ، وفيه تقبل ، وترفض ، وتحاكم ، وتناقش ، ويقول عليه الصلاة والسلام :
عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْديِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِي اللَّه عَنْهمَا :

((مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَفِظْتُ مِنْهُ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ))

[أخرجه النسائي والترمذي]

لا تقع في فكرة لست متأكداً منها ، فإن الصدق طمأنينة ، والكذب ريبة ، الفكرة الكاذبة تدخل الشك في النفس ، ماذا قال الله عز وجل ؟ قال :

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾

[سورة النجم الآية:23]

الاعتقاد الخاطئ

يعني هذا الذي يعتقد أن النبي عليه الصلاة والسلام سوف يشفع لأهل الكبائر من أمته ، هذا الحديث صحيح ، له توجيه ، له تأويل أما الجهلة يأخذون هذا الحديث على ظاهره ،
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ))

[أخرجه أبو داود والترمذي]

يعني الزنا كبيرة ، والسرقة كبيرة ، وشرب الخمر كبيرة ، وقول الزور كبيرة ، وهذه الشفاعة ادُخرت لأهل الكبائر من أمتي ، والله شيء جميل ، القضية أصبحت سهلة جداً ، افعل ما تشاء ، ليس هناك من قيد ولا نظام ، لمَ هذا الدين ؟ لمَ أنزل هذا القرآن إذاً ؟ لمَ جاء الأنبياء ؟ ما معنى قوله تعالى :

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7-8]

ها هو سيفعل الكبيرة ، وسوف يُشفع له ، ما معنى قوله تعالى :

﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾

[سورة الانفطار الآية:19]

ما معنى قوله تعالى :

﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:25]

ما معنى قوله تعالى :

﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّار﴾ِ

[سورة الزمر الآية:19]

هذه الآيات ما معناها ؟ على من أنزلت ، نُسخت ، أبطلت ، هذا الذي يعتقد هذا الاعتقاد ، ويفعل من المعاصي ما شاء .
كيف قال النبي عليه الصلاة والسلام لفاطمة ، ولعمه العباس ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي]

(( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ))

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :

(( مَا سَلَكَ رَجُلٌ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ الْعِلْمَ إِلَّا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ يُبْطِئْ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ))

[أخرجه الدرامي]

والله شيء محير ، أي الحديثين نصدق ، لابد من أن يكون للحديث الأول تأويل آخر ، ولا يتسع المجال للحديث عن هذا التأويل ، ولكن القرآن الكريم في آيات كثيرة ذكر فقال :

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7-8]

إذاً

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾

[سورة يونس الآية:66]

هذه الفكرة خاطئة ، ظن موهوم ، توهموا ذلك

﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾

ما قولهم ؟ .. سوف يُصعقون ..
يعني طالب قال : الأستاذ سوف يوزع الأسئلة على الطلاب قبل الامتحان ، نقرأ صفحات سوف ننجح ، فارتاح ، ترك الدراسة ، هكذا قيل له ، قال له طالب كسول ، إن الأستاذ من عادته أن يوزع الأسئلة على الطلاب قبل ساعات من الامتحان ، تقرأ صفحتين فتنجح فارتاح فلما جاء الامتحان ، وقُرع الجرس ، ودخل الطلاب قاعة الامتحان وجاءت الأسئلة ، ولم توزع الأسئلة قبل ذلك ، جاء هذا الواقع كالصعقة على رأس هذا الطالب ، ولم توزع الأسئلة قبل ذلك ..

﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾

[سورة النجم الآية:23]

آية أخرى :

﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾

[سورة النجم الآية:28]

النبي الكريم ، مما أُثر عنه ، أنه ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ، ما أُطلع على أحد من ذلك بشيء فيخرج من قلبه ، الإنسان بالصدق له مكانة بقلب النبي عليه الصلاة والسلام ، فإذا اطلع النبي على أحد من قرابته ، أو من أهله أو من أصحابه ، أو ممن حوله قد كذب ، فقد خرج من قلبه ، لفظه النبي عليه الصلاة والسلام ، إلا خرج من قلبه حتى يعلم أنه أحدث توبةً ولا يعد له مكانته عند النبي الكريم إلا إذا علم النبي أنه أحدث توبةً .

أشد أنواع الكذب : الكذب بالدين

حديث يقطع الظهر ، يقول عليه الصلاة والسلام ،
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أخرجه الإمام أحمد]

هناك مؤمن حريص ، مؤمن سموح ، مؤمن اجتماعي ، مؤمن يحب الوحدة ، مؤمن حاد الطبع ، مؤمن لين الطبع ، كلهم مؤمنون على العين والرأس .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أخرجه الإمام أحمد]

فإذا وقع بالكذب ، أو وقع بالخيانة ، فقد إيمانه ؛ لأن الكذب والخيانة يتناقضان مع الإيمان ، مؤمن كاذب لا يجتمعان ، كاذب أو مؤمن خائن أو مؤمن ..
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا ))

[أخرجه مالك]

أجاب إجابة غريبة ، قال نعم ، يعني في حالات من الإيمان ضعيفة في حالات من الضعف تنتاب الإنسان ، يعني :

﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً﴾

[سورة الأحزاب الآية:12]

قد يحجم الإنسان ، بعض الأصحاب في معركة حنين أحجموا ..

(( أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا فَقَالَ نَعَمْ ))

[أخرجه مالك]

ببعض حالات الضعف الإنسانين دخله قليل ، ضيق ذات اليد ، فبخل بهذا الإنفاق ..

((فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا ))

[أخرجه مالك]

هذه أبداً ، لم يثن على البخيل ، البخل صفة شنيعة في الإنسان ، والجبن كذلك ، لكنه إذا أحجم المؤمن عن أن يبذل نفسه في سبيل الله لا يُنزع إيمانه منه نقول ضعف في الإيمان ، وعلم أن فيكم ضعفاً .. أصابهم ضعفاً ، وإذا كان المؤمن محجماً في الإنفاق أصابه ضعف ، والبخل أيضاً صفة شنيعة لكن الكذب لا يمكن أن يكون في المؤمن

((فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا ))

[أخرجه مالك]

وقال عليه الصلاة والسلام :

(( رأيت الليلة رجلين ، أتياني فقالا لي الذي رأيته يشق شدقيه بيديه فكذَّاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة ))

هذا الكذب العام ، يعني إذا إنسان افترى على الله فرية ، ردَّ آية قرآنية .. قال العلم استطاع يفعل كذا وكذا ، والعلم عاجز عن ذلك .. افترى ، نشر مقالة في مجلة ، طُبعت بعدة للغات ، سارت في الآفاق هذه الفكرة شككت الناس بحقائق الدين ، يعني أكثر المقالات العلمية التي يُقال إنها علمية ، إنها من نوع الدجل العلمي ، فهذا الذي يفتري فرية ، يقول العلم استطاع أن يحقق كذا وكذا ، يرسم مخبر ومقالة باسم طبيب وبروفيسور ، والمقالة تترجم وتنشر ، وتذاع في الآفاق وهذه المقالة من شانها أن تشكك بآيات قرآن كريم ، قال هذا الذي يفعل هذا يمسك بشدقيه فيشقهما منذ أن يموت وإلى يوم القيامة .
قال عليه الصلاة والسلام :

(( رأيت الليلة رجلين ، أتياني فقالا لي الذي رأيته يشق شدقيه - يعني في الإسراء والمعراج - بيديه فكذَّاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق – تطير - فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة ))

تنتقل ، تترجم ، تطبع ، تذاع ، كذب ، فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة ، لكن أخطر أنواع الكذب على الإطلاق ، الكذب في الدين ..
لو كذبت في العلم ، وقلت الإنسان استطاع أن يعرف بالضبط حدود الكون وهو لا يعرف ذلك ، هذه كذبة في العلم ..
قد تكذب في الصناعة ، قد تكذب في مجالات كثيرة ، لكنك إذا كذبت في الدين فقد ضيعت الناس ، قد أشقيتهم ، قد أضللتهم ، قد جعلتهم ينحرفون عن الطريق الصحيح ، قد جعلتهم يتجهون إلى الباطل ، قد فتنتهم ، والفتنة أشد من القتل ، لذلك كان من أخطر أنواع الكذب ، الكذب في الدين ..
عَنِ الْمُغِيرَةِ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))

[أخرج البخاري ومسلم والترمذي]

لو كذب الإنسان في محتويات صناعاته الغذائية ، وقال سكر وهو ليس بذلك ، قال مثلاً عصير البرتقال ، وهو تركيبات كيميائية تعطي نكهة البرتقال ، هذا كذب ، ويُحاسب عليه ؛ لأنه غش ، هذا كذب في الصناعة كذب ، قد تقول هذا القماش صوف مائة بالمائة ، وهو ثمانين في المائة صوف ، هذا كذب ، قد تكذب في العمل ، في المواعيد ، قد يكذب الإنسان على زوجته ، قد يكذب في بيته ، هذا كله كذب يحاسب عليه الإنسان ، أما أن يكذب في الدين فهذه جريمة كبرى ؛ لأن الكذب في الدين قد يضل الناس ..
عَنِ الْمُغِيرَةِ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))

[أخرج البخاري ومسلم والترمذي]

ألقي القبض على رجل في العصور المتأخرة كاذب على رسول الله ماذا قال ، قال والله وضعت فيكم مائة ألف حديث ، حللت فيها الحرام وحرمت فيها الحلال .

((فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار))

لو كذب على الناس بحديث واحد متعمداً .

((فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار))

عن أبي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لَا يُضِلُّونَكُمْ وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ ))

[أخرجه مسلم وأحمد]

النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم ، كان عند بعض أقربائه فقامت ربة البيت ، تخاطب ابنها الصغير ، يبدوا أن هذا الطفل لا يزيد عن سنتين ، قالت له تعال أعطك ، فقال عليه الصلاة والسلام ما أردت أن تعطيه ، قالت تمراً ، قال لها أما أنك لو لم تفعلي ذلك لكتبت عليك كذبة ..
والمحدث الشهير الذي جاء من المدينة المنورة ، إلى البصرة ليتلقى عن رجل حديثاً شريفاً ، وقد تجشم أعباء السفر على ناقته ، أو على فرسه ، من المدينة إلى البصرة ، شهر ، لما وصل إليه رآه يجمع ثوبه هكذا ، موهماً فرسه أن فيه شعيراً ليستقدمه ، فلما اقترب منه لم ير في الثوب شيئاً ، فعاد إلى المدينة ولم يسأله عن الحديث ، هذا الذي يكذب على فرسه هو كذاب ، ولا يستحق أن يروي الحديث عن رسول الله ، هكذا ..
وقال عليه الصلاة والسلام :

(( من قال لصبي تعالى هاك أعطك ، ثم لم يعطه فهي كذبة ))

وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ :

((كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِي هَيَّأَتْهَا وَأَدْخَلَتْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي نِسْوَةٌ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرًى إِلَّا قَدَحًا مِنْ لَبَنٍ قَالَتْ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ فَاسْتَحْيَتِ الْجَارِيَةُ فَقُلْنَا لَا تَرُدِّي يَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذِي مِنْهُ فَأَخَذَتْهُ عَلَى حَيَاءٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ نَاوِلِي صَوَاحِبَكِ فَقُلْنَا لَا نَشْتَهِهِ فَقَالَ لَا تَجْمَعْنَ جُوعًا وَكَذِبًا قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيهِ لَا أَشْتَهِيهِ يُعَدُّ ذَلِكَ كَذِبًا قَالَ إِنَّ الْكَذِبَ يُكْتَبُ كَذِبًا حَتَّى تُكْتَبَ الْكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ))

[أخرجه الطبراني]

هذه كذيبة ، كلي أو اسكتي ، والله لا أشتهيه وهي تشتهيه ، طعام نفيس وأنت جائعة ، والله ما لي نفس آكل ، مالي جوعانة ، الآن أكلت ، لمَ هذا الكلام ، هذا الدجل في الولائم ، إن كنت جائعاً فكل وإلا فقل لا لست بجائع

((إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَيْءٍ تَشْتَهِيهِ لَا أَشْتَهِيهِ يُعَدُّ ذَلِكَ كَذِبًا قَالَ إِنَّ الْكَذِبَ يُكْتَبُ كَذِبًا حَتَّى تُكْتَبَ الْكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً ))

[أخرجه الطبراني]

وقد يعمد المرء إلى الكذب ليضحك الناس ، عن معاوية بن حيدة قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

((وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ فَيَكْذِبُ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ ))

[أخرجه الترمذي وأبو داود ]

يحدث الناس بحديث كي يضحكهم ، والحديث غير صحيح ..
" عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ ))

[أخرجه أبو داود]

النبي عليه الصلاة والسلام كان يمزح ، ولا يمزح إلا حقاً ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا ))

[أخرجه الطبراني]

أيها الإخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

 

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم .

توضيح الكذب في البيع والشراء

أيها الإخوة الكرام ؛ أوسع مجال للكذب هو البيع والشراء ، الإنسان لا يخلو من أن يكون مشترياً أو بائعاً في اليوم مرات عديدة ، فأوسع نشاط بشري هو البيع والشراء ، ومفهوم البيع يتسع حتى يشمل مثلاً المهن الراقية فالمحامي يبيع ويشتري ، ماذا يبيع ؟ .. يبيع خبرته للناس ، فإذا قال هذه الدعوى سوف تربحها مائة في المائة ، وهو موقن تمام اليقين أنها لن تربح ، فهذا نوع من البيع الكاذب ، يبيعه وعداً بنجاح الدعوى مقابل ثمن المعجل ، والنجاح ليس مضموناً ..
والطبيب الذي يعلم طبيباً آخر أدق في اختصاصه في هذا المرض منه ، ويتابع معالجة هذا المريض فهو يكذب .
وكل إنسان يستغل علمه أو مكانته ليكسب مالاً من دون أن يعطي شيئاً مقابل هذا المال فهو يكذب ، والبيع والشراء أوسع نشاط بشري لذلك النبي الكريم حذرنا من الكذب في البيع والشراء ،
عن سفيان بن أسيد الحضرمي رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((كَبُرَتْ خِيَانَةً تُحَدِّثُ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ بِهِ كَاذِبٌ ))

[أخرجه أبو داود]

الآن بالدول المتقدمة كما يسمونها ، المريض إذا ذهب إلى الطبيب ونصحه بإجراء عملية ، لابد من أن يستشير طبيباً آخر ليتأكد أن هذه النصيحة صادقة ؛ لأن هناك أشخاصاً كثيرين ينصحون بإجراء عملية لا مبرر لها ، من أجل أن يكسبوا مالاً ، فكم من إنسان استؤصلت زائدته وهو ليس بحاجة إلى ذلك ، فُتح البطن ، الزائدة ليس بها شيء ، استؤصلت ليستحق الطبيب الأجرة ، يعني الكذب حتى بالعمليات الجراحية صار شيء مخيف ، الكذب في كل مجال ، النبي الكريم قال :
عن سفيان بن أسيد الحضرمي رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((كَبُرَتْ خِيَانَةً تُحَدِّثُ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ بِهِ كَاذِبٌ ))

[أخرجه أبو داود]

(( ولَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إِلَّا أَخْبَرَهُ ))

[أخرجه البخاري]

لا يحل وقع في الحرام ، لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبر به ، فإن لم يخبر به فالبيع حرام ، فما ظنك بإنسان يبيع دواء قد انتهى مفعوله ، فإذا أذن المؤذن بادر إلى الصلاة ، قال أذن يا أخي ، ما عندي إمكان أن أنتظر أذن الظهر ، ويبيع الدواء وقد انتهى مفعوله ، ما هذه الصلاة ؟ ! ما هذا الدجل على عباد الله ؟! الله سبحانه وتعالى قال :

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾

[سورة الإسراء الآية:17]

بعض الباعة يسقط فأر في الزيت ، فيبيع الزيت ، وهو يصلي الزيت أصبح نجساً ، كيف تبيع الزيت ؟ .. بعه لمعمل صابون ما شي الحال ، أما أن تبيعه للناس ليأكلوه وهو نجس ..
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ :

(( لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إِلَّا أَخْبَرَهُ ))

النبي عليه الصلاة والسلام مرَّ برجل يبيع سلعة ، ويحلف أنه أعطي بها ما لم يعط ، دفعوا له ثلاثين فما رضي ، وقال والله العظيم دفعوا له ثلاثين فما رضي ، فهذا الشاري خجل ، حلف بالله ، قال أنا آخذها أخذتها بثلاثين ، ليوقع في بيعه هذا رجلاً مسلماً ، فنزلت فيه آية ..
قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

[سورة آل عمران الآية:77]

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ، ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين .
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين .
اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء .
اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب .
اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين .
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

تحميل النص

إخفاء الصور