وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0356 - قيمة الحب2 ، من هم الذين لا يحبهم الله ؟ - الأخذ بالأسباب.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر ، اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الإنسان عقل يدرك و قلب يحب :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ للخُطبة السابقة علاقة بهذه الخُطبة ، لأنَّنا بدأنا في الأسبوع الماضي الحديث عن بعض الآيات التي تُبيِّنُ الأشخاص الذين لا يحبّهم الله عز وجل ، ومهَّدتُ لهذا الموضوع أنّ الإنسان في حقيقتهِ فَمٌ يأكل ، وعقلٌ يُدرك ، وقلبٌ يحبّ ، فإذا نحّينا موضوع الفم لأنّ الإنسان يستوي فيه مع الحيوان ، بقيَ في الإنسان عقلٌ يُدرك ، وقلب يُحبّ ، وأيّةُ دَعوةٍ تُخاطبُ جانبًا دون جانبٍ ، وأيّ منْهَجٍ يُلبّي حاجة منهجٍ دون جانب لا يُكْتَبُ له النّجاح ، لذلك جاء القرآن الكريم ليُلبِّيَ في الإنسان حاجة العقل عن طريق العِلْم ، وحاجة القلب عن طريق الحبّ ، فالإنسان شاء أمْ أبى عقلٌ وقلب ، فإذا نما عقلهُ على حِساب قلبهِ ، أو نما قلبهُ على حِساب عقله اخْتلّ توازنُه .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ يقول عليه الصلاة والسلام :

((أرجحكم عقلاً أشدّكم حبّا لله عز وجل ))

[ ورد في الأثر]

 وبيَّنْتُ لكم أنّ الإنسان مغمورٌ بِنِعَم الله عز وجل ، فإذا أحبّ الله فهذا شيءٌ طبيعيّ واقعيّ ، مُنْسجِمٌ مع قواعِدِ فِطْرته ، ورد في بعض الأحاديث القدسيّة :

((يا داود ذكِّر عبادي بإحساني إليهـــم ، فإذا النّفوس جُبِلَت على حُبّ من أحْسنَ إليها ، وبُغْض من أساء إليها))

[حديث قدسي رواه البيهقي عن عمير بن وهب]

 فأن يُحبّ الإنسان ربّه لأنَّه غارقٌ في نِعَمِهِ ، ولا سيَما نِعمةَ الوُجود ، ونِعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، هذا شيءٌ بديهي ، ولا فضْلَ له به ، ولكنّ البُطولة أن تعْملَ عملاً يحبّك الله عز وجل ، إذا أحبّــك الله سَعِدْت في الدنيا والآخرة ، إذا أحبّك الله ألقى حُبَّك في كلّ مخلوق ، إذا أحبَّك الله حقّقْت الهدف الذي من أجله خُلقْت ، وتساءلْنا في خُطَبٍ سابقة من همُ الأشخاص الذين يحبّهم الله عز وجل ؟ وردَ في بعض الآيات أنّ الله يحبُّ المحسنين ، وأنَّ الله يحبّ التوابين ، وأنّ الله يحبّ المتطهّرين ، وأنّ الله يحبّ الصادقين ، وأنّ الله يحبّ هؤلاء جميعًا ، وفي آياتٍ أخرى مجموعها أربع عشرة آيةٍ مع حَذْف التَّكرار ، هناك أربعة عشر صِنْفًا من الناس لا يحبّهم الله عز وجل ، فإذا فعَلَ الإنسان ، أو تلبّس الإنسان بِحالةٍ من هذه الحالات ضيَّع عِباداته لأنَّه ما عرفَ سِرّ وُجوده ، ولا سرّ العبادات .
 الخطبة السابقة بيّنْتُ فيها أنّ الله لا يحبّ المعتدين ، فأيُّ عُدْوانٍ على أيّ مخلوق يجعلك في حالةٍ لا يحبّك الله عز وجل ، عندئذٍ لا قيمة لهذه العبادات التي تُؤدِّيها أداءً شَكليًّا ، لأنّ الطريق إلى الله أصْبحَ مسدودًا ، لأنّ الطريق إلى الله إذا اعْتَدَيْتَ على خلقِهِ صار مغلقًا ، فلا تُجدي عندئذٍ صلاةٌ ، ولا حجّ ، ولا صَومٌ ، ولا زكاة ، وأقول لك : صلّ وأزِلْ هذا العُدْوان كي تكون صلاتُكَ مجْدِيَةً ونافعة .

 

الحالات التي لا يحبّها الله عز وجل :

1 ـ الفساد :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ من هذه الآيات التي تبيّن الحالات التي لا يحبّها الله عز وجل هي قوله تعالى :

﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة : 205]

 وقوله تعالى :

﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

[ سورة المائدة : 64]

 الله سبحانه وتعالى لا يحبّ طبيعة الفساد ، ولا يحبّ المفْسِد إذا تلبَّسَ الفساد في شَخْصِهِ .
 ما الإفساد أيّها الأخوة ؟ بالتعريف الدقيق ، إخراجُ الشيءِ عن صلاحِهِ هو الإفساد ، وبِمَثلٍ قريبٍ منكم ، الماء طاهرٌ مطهِّر ، ما معنى إفساد الماء ؟ أن تجْعَلَهُ نجسًا ، أن تجعلهُ ملوَّثًا ، أن تجعلهُ غير صالحٍ للاستعمال ، فإفساد الماء يدخل في هذه الآية ، ضربْتُ هذا المَثَل لأُبيِّن لكم أنّ أيّ إفسادٍ بدءًا من إفساد الهواء ، إلى إفساد الماء ، إلى إفساد النبات ، إلى إفساد التربة ، إلى إفساد الصِّغار ، إلى إفساد الزوجة ، إلى إفساد العلاقات ، ربّنا سبحانه وتعالى خلق كلّ شيءٍ في أحْسن تَقويم ، وخلقه صالحًا ، وكاملاً كمالاً مطلقًا ، ولا تفْسُد الأشياء إلا إذا تحرَّك الإنسان فيها بغير منهج الله عز وجل ، كلُّ شيءٍ صُمِّمَ ، ورُتِّبَ لِيَكون صالحًا ، ما من شيءٍ فيه فسادٌ في أصلِهِ ، قال تعالى :

﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

[ سورة الروم : 30]

 وقال تعالى :

﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾

[ سورة الملك : 1-3]

 كلُّ شيءٍ على أكْمَل حال ، وعلى أكْمَل نِظام ، وعلى أتَمِّ اسْتِعداد لِيَهَبَكَ السعادة النظيفة ، فإذا تحرَّك الإنسان في غير منهج الله تعالى ، إذا عَدَل الإنسان عن الزّواج الذي شرعَهُ الله عز وجل تلْبِيــَةً لِحاجة أوْدَعها فيه ، وأقام علاقات خارج النّطاق الزوجيّة ، فقد فسدَ وأفْسَدَ ، فسَدَتْ نفسُهُ فصار عند الله تعالى فاسدًا مقطوعًا ملعونًا بعيدًا ، وأفْسَدَ هذه الفتاة التي كان من الممْكِن أن تكون زوْجةً صالحةً ، وأُمًّا رؤومًا ، وإنسانًا يسْعدُ بِطاعة الله عز وجل .
 فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ المُطلق في القرآن على إطلاقه ، ومن إعجاز القرآن إطلاقه ، قال تعالى :

﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة : 205]

 من بال في الطريق ، من أساء إلى المرافق العامة هذا فساد ، من ساهَمَ بتلْويث الماء ، هذا فساد ، مَن ساهَمَ في تلويث الهواء ، هذا فساد ، وربّما كان هذا الفساد عامًّا .
 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ دقّق في أنّ كلّ شيءٍ خلقهُ الله صالحًا ، الطِّفْلُ الصغير إذا عوَّدْتَهُ على الكذب فقد أفْسدتهُ ، إذا كذَبْتَ أمامه ولم تقْصِد أنْ تلقِّنَهُ الكذب فقد أفْسَدْتهُ ، والمرأة التي تتساهل معها في طاعة الله عز وجل ، وترضى معها ، وهي مُقيمةٌ على معصِيَة فقد أفْسَدتها ، وابنُكَ إذا أردْت له الدنيا العريضة على حِساب دينه فقد أفْسَدتهُ ، وإنّ الله لا يحبّ الفساد ، وإنّ الله لا يحبّ المفسدين ، لا يحبّ عمل الفساد ، ولا يحبّ المفْسِدَ إذا تلبّس بالفساد .
 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ كلّ شيءٍ تُخرجُه عن طبيعته الصالحة ، وتجعلُه فاسدًا، لا يصْلُحُ كي يُنتفعَ منه ، هذا العمل في أصلِهِ فساد ، ولا أدري ، ولا أعتقِد أنّ في القرآن آيةً واسعةَ المَدلول كهذه الآية ، كلُّ أنواع الفساد ؛ إفساد البيئة ، إفساد الحيوانات ، إفْساد الأشخاص، إفساد الصّغار ، إفساد الكِبار ، الإنسان بُنيان الله ، وملعونٌ من هدمَ بُنيان الله تعالى ، أنت إذا صنَعْتَ شيئًا وأتْقنْتَهُ ، وجاء إنسانٌ آخر فحطَّمَهُ أمامك ، أو جعلهُ فاسدًا لا يصلحُ ، ألا تتألَّمُ منه ؟ وأنت مخلوق ولمْ تصْنَع إلا شكلهُ الخارجي ؟ بينما مواده الأوّليّة ليْسَت من صُنعِكَ ، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ، خلقهُ كي يكون سعيدًا ، فإذا أشْقيْتَهُ فقد أفْسدتهُ خلقهُ كي يكون مكتفيًا ، فإذا أفْقرْتَهُ أفْسَدتهُ ، خلقهُ كي يكون عزيزًا فإذا أهنْتَهُ فقد أفسدْتهُ ، خلقهُ لِيَكون طائعًا فإذا حملْتهُ على معصيَةٍ فقد أفسدْتهُ ، وإنّ الله لا يحبّ الفساد .

 

الدّين نظام متكامل :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الدِّينُ نِظامٌ متكامِل ، ومن السّذاجة ، وضيق الأُفق أن نظنّ أنَّك إذا صلَّيْتَ ركْعَتَين ، وحججْتَ بيت الله الحرام ، وأدَّيْتَ زكاة مالك ، وصُمْت رمضان ، فقد انتهى كلّ شيءٍ ، وأقول لك : لمْ تبدأ في طريق الإيمان ما لم تكن صالحًا ، ما لمْ تكن مستقيمًا على أمر الله ، دقِّقوا في قول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سئلَ عن الإسلام ، عرّف الإسلام فقال : " كنّا أيها الملِك - يخاطب النجاشي - في جاهليّة ، نعبدُ الأصنام ، ونأكل الميتَةَ ، ونأتي الفواحش ، ونُسيء الجِوار ، حتى بعثَ الله فينا رجلاً نعرفُ أمانته وصدقهُ وعفافهُ ، فدعانا إلى الله لِنَعبُدهُ ونوحِّدَهُ ، ونخْلعَ ما كان يعبدُ آباؤُنا من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة، وصِلة الرّحم ، والكفّ عن المحارم والدّماء " بماذا عرّف سيِّدُنا جعفر الإسلام ؟ بالاستقامة ، بالالتِزام ، بِمَكارم الأخلاق ، هذه هي طبيعة الدِّين ، وما العبادات إلا مناسباتٌ يتَّصِلُ فيها الإنسان المستقيم المحسِن بِرَبِّهِ ، فإن لم يكن مستقيمًا ، ولا محسنًا ، أنَّى له أن يتَّصل بِربّه ؟ جُعِلَتْ ساعات الامتحان وقتًا كي يعبِّرَ فيه الطالب عن عِلْمِهِ ، وعن تَحْصيلِهِ ، وعن استيعابِهِ ، وعن فهمِهِ ، وعن قُدراته ، فإن لم يسْتوعِب ولم يُحصّل ولم يدرس ، ما قيمة هذه الساعات الثلاث ؟ لا قيمة لها ، لذلك العلماء قالوا : هناك عبادات شعائريّة كالصلاة والصّوم والحجّ ، وهناك عبادات تعامليّة كأداء الأمانة ، والاستقامة ، والصِّدْق ، وصِلَة الرّحِم ، والإحسان ، فإن لمْ تكن العبادات التعامليّة صحيحةً لا جَدْوى من العبادات الشعائريّة ، هذه آية .

2 ـ الإسراف :

 آيةٌ ثانيَة ، قال تعالى :

﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الأعراف : 31]

 أوّلها أمرُ إباحة ، ولا تسرفوا في كلّ شيءٍ .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ النبي عليه الصلاة والسلام من قَعْبٍ ، أي إناء فيه ماء ، فضَلَتْ فيه فَضْلة ، فقال : رُدُّوها في النّهْر لعلّ الله ينفعُ بها قومًا آخرين ، طبيعة الإسراف نقيصة ، الإسراف رذيلة ، ربّنا سبحانه وتعالى في أجهزتنا ، في كلّ ثانيَةٍ تتْلفُ وتموتُ مليونان ونصف كريّة حمراء ، طبعًا في الميليمتر المكعّب ، في الدّم خمسة ملايين كريّة حمراء ، في كلّ ثانيَةٍ تتْلفُ مليونان ونصف مليــون كريّة حمراء ، هذه الكريّات التالفة إلى أيْن تذْهبُ ؟ تذهبُ إلى الطُّحال ، في الطُّحال تُحَلـَّلُ إلى مكوِّناتها الأساسيّة ، إلى حديد ، وإلى هيموغلوبين ، فالحديد يُرسَلُ إلى نقي العِظام لِيُعادَ تصنيعهُ من جديد ، والهيموغلوبين يُرسلُ إلى الصَّفراء ، إلى الكبِد ليُكَوِّنَ الصَّفراء ، ربّنا على كلّ شيءٍ قدير ، قال تعالى :

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾

[ سورة الحِجر : 21]

 ومع ذلك هذه الكريات الميّتة لا تُطْرحُ خارج الجِسم هكذا ، بل تُحَلَّلُ إلى عواملها الأساسيّة ، ويُعادُ تصنيعها ، فالاقتِصادُ كمال ، والاقتِصاد فضيلة ، ولا علاقة له بالغِنَى أو الفقْر ، الاقتصاد كمال ، والإسرافُ رذيلة ، الإسرافُ معصِيَة ، أنا إذا أسرفْتَ أتْلفْتَ مادَّةً يمكن أن ينتفِعَ بها الآخرون ، وأنت إذا أسْرفْتَ في طعامٍ لا يأكلُه الضُّيوف ، ثمّ أُلْقِيَ هذا الطّعام في سلّة المهملات فقد وقعْتَ في معْصِيَة كبيرة ، وهي الإسراف ، لأنّ هذا الطّعام أُعِدَّ لِيَكون طعامًا لِبَني البشَر ، وقد ألْقيْتَهُ في القمامة ، وسوف يُحاسبُ الإنسان على هذه الفِعْلة حِسابًا عسيرًا لأنّه أهانَ نِعمة الله عز وجل والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :

((يا عائشة أكرمي جوار نعم الله ، فإنّ النِّعَمة إذا نفَرَتْ قلّما تعود))

 إذا أردْتَ أن تكتبَ على ورقةٍ رقْمَ هاتفٍ ، لا ينبغي أن تأخذ ورقةً كبيرةً ، وتكتبُ عليها رقم الهاتف ، ثمّ تلقيها في سلّة المهملات ، هذا ورقٌ له ثمَن ، ويمكن أن ينتفِعَ به الآخرون ، ويمكن أن توفِّرَ ثمَنَهُ المستهلك في حاجةٍ أخرى ، فطَبيعة الإسراف أيّها الأخوة رذيلة، الإسراف نقيصة ، الإسرافُ عُدوان ، إنَّك تعتدي بالإسراف على حُقوق الآخرين ، حقّ الآخرين في الماء ، إذا أسْرفْتَ في استعماله ، ولو أنّك تملِكُ ثمنهُ إذا أسْرفتَ في استعماله حرمْتَ منه الآخرين ، أيُّ شيءٍ ، وأيَّةَ مادّة إذا أسْرفت في استعمالها فأنت مُسْرف ، والله سبحانه وتعالى ميَّزَ بين المسرفين والمبذّرين ، فالمبذِّرون هم الذين يسرفون في المعاصي والموبقات والآثام ، بينما المسرفون هم الذين يبالغون في المباحات ، وفي شيءٍ أحلّه الله لك ، أحلّ لك أن تلبِس ثيابًا ، أما إذا اقْتَنَيْتَ أكثَر من الحدّ المعقول فقد حرمْت الآخرين ، أباح لك أن تأكل ، وأباح لك أن تشرب ، وأباح لك أن تفْعَلَ ما سمَحَ الله لك به .
 فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ قال تعالى :

﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الأعراف : 31]

3 ـ التّكبر :

 شيءٌ آخر ، من الحالات التي لا يحبّها الله عز وجل ، والتي تُحْبِطُ عمل الإنسان أن يكون متكبِّرًا ، لأنّ الله عز وجل يقول : " الكِبْرياء رِدائي ، والعظمة إزاري ، فمَن نازعني إزاري قصمْتُهُ ولا أُبالي " الكِبرياءُ أيُّها الأخوة تتناقضُ مع العبوديّة ، فإذا كان في قلب العبْد مثقال ذرّة من كِبرٍ لا يدخُل الجنّة :

((لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فقال رجلٌ : إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً ، قال : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس))

[ مسلم عن ابن مسعود]

 لأنّك عبْدٌ ، لأنَّك مفتقرٌ إلى الله عز وجل ، فإذا تكبَّرْت فهذا تكبُّرٌ بِغَير الحقّ ، تكبُّرٌ باطل لا معنى له ، ولا وُجود له ، ولا يرتبِطُ بالواقِع ، والاستكبار كلّه يكون بغير الحقّ .
 فيا أيها الأخوة الأكارم ؛ الكِبْرُ أن تستعلي على الناس ، أن تغْمِطَهم حقّهم كما عرّفه عليه الصلاة والسلام :

((الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس))

[مسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود ]

 بطْرُ الحقّ أنْ ترُدَّ الحقّ ، يأتيكَ تَوْجيهٌ إلهي تقول : ليس لهذا الزّمان ، ولا يصلحُ لهذا الزّمان ، إذا اسْتنْكفْت أن تُطيع الله عز وجل ، إذا رأيْتَ مصالِحَكَ فوق أوامر الله عز وجل، إذا رأيْت في هذا الدِّين الحنيف نِظامًا لا يصْلُحُ لهذا العصر ، إذا اسْتنكفْتَ أن تخضَعَ لأمر الله عز وجل فأنت متكبِّرٌ ، والتكبُّر كما قال عنه النبي :

((الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس))

[مسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود ]

 إذا دُعيتَ إلى أداء الحقّ فأبيْتَ أن تُؤدِّيَهُ وقلتَ : أقيموا عليّ دَعوى ، إذا دُعيتَ إلى أداء حقّ ثابتٍ عليك ، ورفضْتَ أن تؤدِّيَ الحقّ ، وألْجَأتَ خصْمَكَ إلى القانون ، وإلى المحاكم فهذا مِن الكِبْر ، وأيُّ إنسانٍ يرفُضُ حكْم الله عز وجل ، يرفضُ أمْر الله عز وجل ، ويرى أنّ هذا الأمْر لا يصْلُح فهو متكبِّر :

((ولا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))

[‏مسلم عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏]

 والكبر أيضًا أن تغْمصَ الناس ، غمصُ الناس أي أن تُهْمِلَ ما عندهم ، ألا تنصفَهُم ، أن تبالغ في قُدراتِكَ على حِساب قدرات الآخرين ، أن تتجاهَلَ ما عند الناس من فضيلة ، أن تركِّزَ الأضواء على ذاتك .

 

4 ـ الاختيال :

 يا أيها الأخوة المؤمنون ، يقول الله عز وجل :

﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾

[ سورة النحل : 23]

 وقال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾

[ سورة لقمان : 18]

 قد لا تستعلي على الآخرين ولكن تُبالِغُ في قُدراتك ، وتثني على ذاتك ، وتُشيد بِفضائلك ، وأنت مِحْورُ الحديث في كلّ مجلس ، هذا اسمهُ فخر واسمهُ اختيال ، قال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾

[ سورة لقمان : 18]

5 ـ الخيانة :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ آيةٌ أخرى من الآيات التي تبيّن من هؤلاء الأشخاص الذين لا يحبّهم الله عز وجل ، قال تعالى :

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾

[ سورة الأنفال : 58]

 أيَّةُ خيانةٍ على وَجْه الأرض مع أيّة جهةٍ لا يحبّها الله تعالى ، ليس من طبيعة المؤمن الخِيانة ، يطبعُ المؤمن على الخِلال كلها إلا الكذب والخيانة ، فإذا خُنْتَ إنسانًا اتَّفَقْتَ معه على شيءٍ ثمَّ خُنْتَهُ بلا سبب ، من دون أن تعلمهُ ، خُنْتَهُ والحقّ معه ، وليس معك الحقّ، لو أنَّك مُسلمٌ وهو كافر ، إنّ الله لا يحبّك ، وسوف يُحاسبُك حِسابًا عسيرًا .

 

6 ـ الفرِح بالدنيا :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ إنّ الله سبحانه وتعالى لا يحبّ الفرحين ، من هم الفرحون؟ الذين يفرحون بالدنيا ، حينما تأتي الدنيا عليهم ، حينما ترفعهم ، حينما تغرقهم بالمال ، حينما يتألّقُ نجمهم يفرحون بالدنيا ، ولا يفرحون بطاعة الله عز وجل .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ فرحُ الإنسان بِما سِوى الله عز وجل ، فرحُه بالدنيا علامةُ ضيقِ أُفقهِ ، وعلامة انْحِسار نظره ، إنّ هذه الدنيا دارُ الْتِواءٍ لا دارُ اسْتِواء ، ومنزلُ ترحٍ لا منزلُ فرحٍ ، فمَنْ عرفها لمْ يفْرَح لِرَخاء ، من عرفَ حقيقتها أنّها دار عمل ، وأنّها دارُ انْقِطاع ، وأنَّها دار ابْتِلاء ، وأنّ الإنسان فيها كَمُسافرٍ اسْتَظلَّ في ظلّ شجرة عمّا قليلٍ سَيُغادرها ، إذا عرفْتها أنَّها دارُ مغادرة ، دار رحيلٍ لا دارُ استقرار ، إذا عرفْتَ طبيعتها لمْ تفْرَح لِرَخاء ، لأنّ هذا الرّخاء مؤقّت ، ولمْ تحْزن لِشَقاء لأنّ هذا الشّقاء مؤقّت ، معرفة طبيعة الحياة يجعلك لا تفرَحُ بِمَالها ، ولا بِمَناصبها ، ولا بِمَباهِجِها ، لأنّ هذا كلّه سُرْعان ما يزول ، ويبقى الواحد القيّوم الذي يُحاسبُك على كلِّ عملٍ عملتهُ .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ إنّ الله لا يحبّ الفساد ، ولا يحبّ المسرفين ، ولا يحبّ كلّ مختالٍ فخور ، ولا يحبّ المستكبرين ، ولا يحبّ الخائنين ، ولا يحبّ الفرحين ، هذه الصّفات إذا ابْتَعَدنا عنها ، عندئذٍ إذا صلَّينا شعرنا أنّ الطريق إلى الله سالِكٌ ، عندئذٍ إذا صلَّيْنا شعرنا أنّ الله عز وجل أقْبل علينا ، إذا تركنا هذه الصِّفات وصلَّيْنا عندئذٍ نشعرُ أنّ الله يتجلّى على قلوبنا ، أما إذا كان هناك فرحٌ بالدنيا ، أما إذا كان هناك استكبار ، أما إذا كانت هناك خيانة ، أما إذا كان هناك اختيال وفخْر ، أما إذا كان هناك إسراف أو فساد ، فكلّ هذه الصّفات أو بعضها حِجابٌ بينك وبين الله عز وجل .

تدبر القرآن الكريم :

 أيها الأخوة الأكارم ؛ هذا من تدبُّر القرآن ، قال تعالى :

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

[ سورة محمد : 24]

 مِنْ تَدَبُّر القرآن أنْ تقرأ الآية ، وأن تسأل نفسك هذا السؤال ؛ أين أنا منها ؟ هل أنا من المطبِّقين ؟ هل أنا من المستكبرين ؟ أما أن تقرأ القرآن من دون أن تفقَهَ مرامِيَهُ وأبعادَهُ ، ومن دون أن تطبّقهُ على حياتك اليوميّة ، ومن دون أن تسأل هذا السؤال الخطير : أين أنا من آيات المؤمنين ؟ هل تنطبقُ عليّ ؟ فهذا مما لا جدوى منه .
 يا أيها الأخوة ، من تدبّر القرآن الكريم قوله تعالى :

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

[ سورة محمد : 24]

 حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأخذ بالأسباب :

 يا أيها الأخوة الأكارم ؛ فقرةٌ أخيرة من حديث شريف ، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( ولا يوقى من لم يتوق . . ))

[ أنساب الأشراف عن عمر]

 فالتوقِّي مِن تَوَقَّى ، وتوقّى من وقى ، وقى ثلاثي ، وتوقّى خماسي ، على وزْن تفعّل ، راجعْتُ أبحاث الصّرف في معاني تفعَّل ، فكان من أبْرز معانيها الاتِّخاذ ، تقول : اسْتتَر أيْ اتَّخَذَ سِتارًا ، وتوقّى اِتَّخَذَ أسباب الوقاية ، إذًا ربّنا سبحانه وتعالى لا يقي الإنسان إلا إذا اتَّخذَ أسباب الوقاية ، وهذا فهْمٌ عميقٌ جدًّا للأخْذ بالأسباب ، قضاءُ الله عز وجل وقدرُه متعلّق بالأخذ بالأسباب ، فلا يوقى من لم يتوق ، أي إنْ لم تأخذ بأسباب الوقاية لا تستحقّ الوقايَة ، إن لم تأخذ بأسباب الرّزق لا تستحقّ الرّزق ، إن لم تأخذ بأسباب الصّحة لا تستحقّ الصّحة ، إن لم تأخذ بأسباب العلم لا تكون عالمًا ، حديثٌ على إيجازه يأخذ بالألباب :

(( ولا يوقى من لم يتوق . . ))

 أي يجبُ أن تأخذ بالأسباب ، فإذا أردْت لابنك صِحَّةً تامّة فخُذْ بأسباب الصِّحة، لقِّحْهُ أحيانًا ، حاوِل أن تطبّق النصائح الدقيقة التي يُلقيها عليك الطبيب ، أما هذا التوكُّل الساذَج ، هذا التوكُّل الأبْلَه ، أنْ تُهْمِلَ الأسباب ، وأن تفرِّط ، وأن تجْعَلَ الأمور تجري هكذا، من دون علْمٍ ، ومن دون حِكمةٍ ، ومن دون توقٍّ ، وتدعو الله عز وجل أن يقيَكَ ، وأن يحفظَكَ، وأن يمُنَّ عليك ، وأنت كسولٌ قاعِدٌ عن الأخذ بالأسباب ، فهذا توكل ساذج ، الحديث : " لا يوقى - أيَّ شيء - من لم يتوق " توقّى على وزْن تفعَّل ، أي اِتَّخَذَ أسباب الوِقاية طريقًا إلى الوقاية .
 أيها الأخوة الأكارم ؛ لا ينهضُ المسلمون إلا إذا أخذوا بهذا الحديث ، إلا إذا أخذوا بالأسباب، ودرسوا كلّ شيء ، وعرفوا كلّ شيء ، وعرفوا خواصّ كلّ شيء ، والمقدِّمات والنتائِج ، وعرفوا الحِكَم والعِبَر حتى يستحقّوا عطاء الله عز وجل ؛ لأنّ عطاء الله عز وجل لا ينالهُ من عصاهُ ومن قعَدَ عن الأخذ بالأسباب .

 

الحفاظ على النبات لأنه خلق الله التام :

 شيءٌ آخر في هذه الخطبة ، لفتَ نظري في هذه الأسبوع مقالةٌ قرأتها عن بعض النباتات ، وهذا شيءٌ يدْهش ، وهو أنّ بعض النباتات في الصّحراء مهمّتها الأساسيّة تخزينُ الماء ، المسافر في الصّحراء ماذا يحتاج ؟ إلى الماء بالدرجة الأولى ، بعض النباتات في الأراضي القاحلة ، وفي الأراضي الجافّة تستطيعُ أن تختزِنَ في جَوْفِها ما يزيدُ عن ثلاثة آلاف لتْر من الماء ، وأنّ الإنسان أو الحيوان يستطيعُ أن يأخذ حاجتهُ من الماء حينما يقْطَعُ بعض أطراف أغصانها ، عندئذٍ ينسابُ إليه الماءُ العذبُ الزلال من هذا النبات الذي خُلِقَ خِصِّيصًا لِيَكون مُستوْدعًا لك في طريقك ، هذا نباتٌ يدْرسُهُ طلاّب الجامعة في الجامعة ، ولهُ اسمٌ غريبٌ، على كلٍّ لا يَعْنينا الاسم ولكن يعنينا المُسَمّى ، هذه النباتات تختزنُ كمِّياتٍ كبيرة من الماء في نُسجٍ خاصّة تُدعى هذه النّسج النسيج المُدَّخِر للماء ، في قلب أعضاء النبات هذا النسيج كالإسفنج يختزنُ الماء في قلب أعضاء النبات ، ويصلُ هذا المخزون في بعض الأحيان إلى ثلاثة آلاف لتر في فصْل الجفاف ، هذا خلقُ الله ، خلقٌ تامّ ، وخلقٌ كامِلٌ ، كلُّ حاجات الإنسان مَوْفورة ، أما الفساد ؛ فحينما نقطعُ الغابات ، ونفسد الصحراء ، وحينما نلوّث المياه ، وحينما نلوّث الجوّ تظهر الأمراض ، وتظهر الحالات غير الصحيحة ، إنّ موضوع التلوُّث موضوع خطير ينطبقُ تحت قوله تعالى :

﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة : 205]

الدعاء :

 اللهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيْت ، وتولَّنا فيمن تولّيْت ، وبارك اللّهم لنا فيما أعْطيت ، وقنا واصْرف عنَّا شرّ ما قضَيْت ، فإنَّك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنَّه لا يذلّ من واليْت ، ولا يعزّ من عادَيْت ، تباركْت ربّنا وتعاليْت ، ولك الحمد على ما قضيْت ، نستغفرك اللهمّ ونتوب إليك ، اللهمّ أعنا على الصيام والقيام وغضّ البصر وحفظ اللّسان ، اللهمّ هب لنا عملاً صالحًا يقرّبنا إليك ، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنّا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنَّا ، أصْلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ ، مولانا ربّ العالمين ، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين ، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء ، ومن شماتة العداء ، ومن السَّلْب بعد العطاء ، يا أكرم الأكرمين ، نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الذلّ إلا لك ، ومن الفقر إلا إليك ، اللهمّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحقّ والدِّين ، وانصر الإسلام ، وأعزّ المسلمين ، وخُذ بيَدِ وُلاتهم إلى ما تحبّ وترضى ، إنَّك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور