وضع داكن
16-04-2024
Logo
الخطبة : 0063 - أحاديث تتحدث عن الحقوق - نداء للشباب.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر .
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا ، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

حقوق الأسرة المتكاملة

أيها الإخوة الكرام ؛ النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا في شؤون الحياة ، وكان حديثه كما قال الله سبحانه وتعالى :

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾

[سورة النجم]

والنبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة بين ما أنزل الله إليه ، وكأن الحديث الشريف بشكل أو بآخر تفسير لكتاب الله ، أي قول قاله النبي إنما هو مما فهمه من كتاب الله ، هكذا قال الإمام الشافعي : الحديث الشريف فهم النبي الدقيق لكتاب الله سبحانه وتعالى .
أيها الإخوة المؤمنون ؛ في الأحاديث الشريفة طائفة لا تزيد عن عشرين حديثاً تتحدث عن الحقوق فيما بين البشر ، قبل أن نقرأ الأحاديث هناك حق بين الزوج وزوجته ، وهناك حق للزوج على زوجته ، وهناك حق للزوجة على زوجها ، هناك حق للوالد على ولده ، وهناك حق للولد على والده ، هناك حق للجار على جاره ، هناك حق للأخ على أخيه ، هناك حق للشريك على شريكه ، هناك حق لله على عباده ، هناك حق لله على العبادة ، هناك حق للعباد على الله سبحانه وتعالى .

حق الزوج على زوجته

النبي عليه الصلاة والسلام يقول وبدأ بحق الزوجية ، قال :

(( قال حق الزوج على زوجته ألا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ، وأن لا تصوم يوم واحداً إلا بإذنه إلا الفريضة ، فإن فعلت أثمت _ إن صامت يوماً واحداً من دون إذن زوجها أثمت ، ولم يُتقبل منها_ وإن لا تعطي من بيته شيئاً إلا بإذنه ، فإن فعلت كان له الأجر وكان عليها الوزر _ له الأجر بماله الذي أنفقته زوجته وعليها الوزر لأنها أنفقت من مال زوجها من دون إذن زوجها _ وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنها الله وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع ، وإن كان ظالماً _ يعني وإن كان الزوج ظالماً في أمره ))

[ مقاطع من عدة أحاديث صحيحة ]

هذا حق الزوج على زوجته ، نطق به النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، مما فهم من كتاب الله ، لقوله تعالى :

﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

[سورة البقرة]

ولقوله تعالى :

﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾

[سورة النساء]

ما هي الترجمة الدقيقة لقوامتهم ، الله سبحانه وتعالى قال كلاماً موجزاً معجزاً ، قال :

﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾

هذه الكلمات الموجزة ، إذا أردنا أن نفصلها ، أن نترجمها ، أن نشرحها ، أن نبينها ، أن نبسطها ، جاء النبي عليه الصلاة والسلام وبين حق الزوج على زوجه ، أن لا تمنعه نفسها ، وإن كانت على ظهر قتب ، وأن لا تصوم يوماً وحداً إلا بإذنه ، إلا الفريضة ، فإن فعلت أثمت ، ولم يتقبل منها ، وأن لا تعطي من بيته شيئاً إلا بإذنه فإن فعلت كان له الأجر ، وكان عليها الوزر ، وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنها الله وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع وروعة التعقيب وإن كان ظالماً ، لأن هذا هو النظام العام ، لا نستطيع أن نقول للجندي فكر في أمر الذي فوقك ، فإن أعجبك صدقه ، وإن لم يعجبك فاعصه ، هذا كلام لا يصلح ، لا يستطيع رجل أن يقود فرقة بهذه الطريقة ، فالزوج هو قائد البيت ، لابد من أن يُطاع ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))

[أخرجه الترمذي]

حق آخر :
عن تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

((حق الزوج على المرأة أن لا تهجر فراشه ، وأن تبرَّ قسمه ))

[أخرجه الطبراني]

إذا حلف عليها يميناً ، يعني الذي أجده أن معظم النساء يحلو لهن أن يحنثن بأيمان أزواجهن ، كيداً لهم ، فالمرأة الصالحة ، المرأة المؤمنة ، المرأة التي ترجو الله ورسوله تبر قسم زوجها .
عن تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

((حق الزوج على المرأة أن لا تهجر فراشه ، وأن تبرَّ قسمه وأن تطيع أمره ، وأن لا تخرج إلا بإذنه ، وأن لا تدخل عليه من يكره ))

[أخرجه الطبراني]

إذا قال بنوا فلان لا أحب أن يدخلوا بيتي يجب أن تنصاع للأمر أن لا تستقبلهم ، أن لا ترحب بهم ، أن لا تبش في وجههم ؛ لأن دخولهم على بيتها يغضب زوجها ، هذا حق الزوج ، أو هذه بعض حقوق الزوج .

 

حق الزوجة على زوجها

فما حق المرأة على زوجها ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ قال :

((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ))

[أخرجه أبو داود والنسائي]

هذا الذي يأكل ما يشتهي في الطريق ، ولا يطعم زوجته مما يأكل فقد خان حق الزوجية ، هي حبست نفسها من أجله ، ويجب أن يكون تمتعه في الحياة مشاركة فيما بينه وبينها ، أن يأكل مما لذَّ وطاب عليه أن يطعمها مما يأكل ، ولكن روعة الحديث في نقاط دقيقة ، حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم ، فإن لم يُطعم ليس لها عليه حق ، أما أن يأكل مالاً حراماً من أجل أن يطعمها ما تشتهي فهذه حجة الشيطان ، يقول له الشيطان عندك زوجة ، عندك أولاد ، أنت مضطر ، ما ذنبك ، لا .. حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم لذلك كان الصحابيات الجليلات يقلن لأزواجهن : اتق الله فينا ، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام ..
ما الذي يحرك معظم الناس للكسب الحرام ، إرضاء أزواجهم إرضاء أولادهم ، إطعامهم مما لذ وطاب ، إلباسهم الثياب الفاخرة الجاهزة ، من أجل تأمين مستوى رفيع معاشي في البيت يأكل من الحرام ، لذلك حينما يموت الرجل ترفرف روحه فوق النعش وتخاطب المشيعين ، تقول : يا أهلي ويا ولدي ، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حل وحرم ، فأنفقته في حله وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة علي ، لأن الوارث يرث المال حلالاً ولو كان المال حرام ، يأخذه حلالاً طيباً ، ويُعذب الذي كسبه من حرام ويعذب بما أنفق من حرام .. يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حل وحرم ، فأنفقته في حله وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة علي .
فحق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى ، إن لبس تلبس ، لا يسمح له دخله أن يلبس الجديد ، لا عليه أن يعاملها كما يعامل نفسه ، يعني كأن النبي عليه الصلاة والسلام أدرك أن الأزواج أحياناً يقعون بين ضغطين كبيرين ، ضغط الحاجة ، وضغط المعصية ، إن كنت في هذا الوضع لا ترضى أن تعصي الله ..

((وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ ))

هذه شريكة حياتك ، لك عليها درجة واحدة فالضرب لا يصلح بين شريكين ، هل سمعتم في حياتكم أن شريك ضرب شريكه ، المسافة بسيطة جداً بينهما ، وهذه شريكة حياتك ، إذاً :

((وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ ، وَلَا يُقَبِّحْ ))

ولا يقبح في الكلام ، هذا الذي يسب الزوجة ويسب أباها ، ويسب الساعة التي جمعت بينهما ، هذا الزوج ليس جديراً بالاحترام ، هذا الذي يطلق لسانه ، بالكلمات القاسية الجارحة المهينة ، التي تجرح كرامة الزوجة أمام أولادها ، هذا الزوج ليس مؤمناً ، هكذا أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام .

((وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ))

يعني أن يقول الزوج لزوجته اذهبي إلى بيت أهلك ، فقد ظلم نفسه وظلمها ، وخالف سنة المصطفى ، لأن أية مشكلة إذا بقيت في البيت تنتهي بعد أيام ، أكبر مشكلة تتلاشى بعد أيام ، وأصغر مشكلة تتفاقم حتى تصل إلى الطلاق إن كانت خارج البيت ، دققوا في قول النبي المصطفى .

((وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ))

له أن لا يكلمها أسبوعاً أسبوعين وهي في البيت ، تأكل وتشرب ويؤدي لها حاجاتها ، هذا حق المرأة على الزوج .

(( أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ))

حق الولد على والده

فما حق الولد على والده : حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة ، هذا حق التعليم ، التعليم حق للأولاد على الآباء ، من هنا جاء التعليم الإلزامي ، حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة ، والرماية ، وأن يرزقه طيباً أربعة حقوق للولد على والده ، وهناك من أضاف حقاً جاء في أحاديث أخرى ، أن يحسن اختيار أمه ، يعني هناك لابنك الذي سوف يلد بعد سنتين ، هناك حق للابن قبل أن يولد ، حق عليك أن تحسن اختيار أمه لأنك إذا اخترت أمه من تربة طيبة أنبتت هذه التربة نباتاً حسناً إن اخترت امرأة من أسرة صالحة ، من أسرة دينة ، ربت أبناءها على التدين ، وعلى الصلاح ، وعلى حب الله ورسوله ، وعلى حب العلم الطيب ، وقدمت للمجتمع عناصر نافعة ، بناءة ، لذلك أعظم شهادة للمرأة لا التي تعلقها على جدار بيتها ، تقول هذه معها لسانس ، أعظم شهادة للمرأة أولادها في المجتمع ، إن ربت أولاداً صالحين أخلاقيين يحبون الخير ، فهؤلاء الأولاد شهاداتها .
حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية ، وأن يرزقه طيباً ، وحق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ، أن ينتقي له اسماً حسناً وأن يزوجه إذا أدرك .
من حق الولد على والده إذا كان الوالد مقتدراً أن يزوجه إذا أدرك فإن كان الوالد مقتدراً ولم يزوج ابنه ، ووقع الابن في الإثم والفحشاء فو الله الذي لا إله إلا هو إن هذا الإثم يلحق الأب قبل الابن ، وإن كان لكل امرئ ما اكتسب من الإثم ، ولكن الوالد المقتدر الذي لا يزوج ابنه وينفق عليه ، وربما كانت النفقة على الابن أغلى عند الله من النفقة في الحج ..
إذا كان ابن شاب مؤمن يحتاج إلى عدة ألوف ليتزوج بها ، والأب يملكها ، وقد حج حجة الفريضة ، نقول له أنت قد حججت حجة الفريضة ادفع هذا المال لابنك واحقنه عن الحرام .
حق الولد على والده أن يحس اسمه وأن يزوجه إذا أدرك ، وأن يعلمه الكتاب .
صار تعليم القرآن الكريم من حق الابن على أبيه ، فإن أهمل الوالد ، الآن يحب أن يعلمه اللغة الأجنبية ، يرسله إلى بلاد الغرب ليعيش في أسرة متفسخة ، منحلة ، شاب مراهق ، يدخل في أسرة بريطانية يعيش معها شهرين أو ثلاثة ، يأخذ من عاداتها ، وانحلالها وميوعتها واختلاطها ، واختلاط حابلها بنابلها ، وينفرد مع بعض الفتيات في البيت من أجل أن يعلمه اللغة الأجنبية .
لكن الله سبحانه وتعالى على لسان البني المصطفى عليه أتم الصلاة والتسليم ، يقول :

(( من حق الولد على والده أن يحسن اسمه ويزوجه إذا أدرك ويعلمه الكتاب))

[أبو نعيم في الحلية والديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة]

تجويداً ، وقراءة ، تلاوةً ، وفهماً ، وتطبيقاً ، كل هذه المعاني تغطيها آية :

﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾

[سورة البقرة]

وحق الولد على والده أن يحسن اسمه ، ويحسن موضعه ، يعني إذا وضعه في عمل فيه شبهات ، فيه فسق وفجور ، علاقته مع النساء قد يوقعه في الزنا وهو لا يدري ، حق الولد على والده أن يحسن اسمه ويحسن موضعه .
هناك أب يهمه الدخل فقط ، يضع ابنه في مكان موبوء ، في مكان هو مظنة الفساد ، في عمل لا يرضي الله ، يجعله 

يبيع بضاعة لا ترضي الله ، محرمة في الدين ، لكن كسبها كبير

حق الولد على والده أن يحسن اسمه ويحسن موضعه ويحسن أدبه ، عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص قال :

(( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده ))

[أخرجه ابن حبان وأبو داود في المراسيل]

لو غابت عين الأب وتوفاه الله عز وجل ، وبقي أخوة صغاراً وكباراً ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده ))

من أجل ضبط الأمور .

(( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده ))

وفي الحديث إشارة إلى أن كبير الإخوة كما ينبغي أن يُعامل كالوالد يجب أن يعاملهم كأنه والد .. بالعطف والرحمة والحنان والانتباه والضبط والمراقبة ، كما أنه ينتظر منهم أن يعاملوه كوالد ، يجب أن يعاملهم كوالد .

الحقوق التي ينبغي مراعاتها تجاه جارنا

ويقول عليه الصلاة والسلام :

(( أتدرون ما حق الجار ؟.. ))

الآن خرجنا من الأسرة ، بين الزوج وزوجته ، وبين الزوج وزوجته ، وبين الوالد وابنه ، وبين الابن ووالده ، أنت ومالك لأبيك وبين كبير الإخوة وصغيرهم ، خرجنا من البيت إلى الجيران ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( أتدرون ما حق الجار ، إذا استعان بك أعنته ، وإن استنصرك نصرته ، وإن استقرضك أقرضته ، وإن مرض عدته ، وإن مات شيعته ، وإن أصابه خير هنأته ، وإن أصابته مصيبة عزيته ، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ، وإذا اشتريت فاكهة فأهد له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سرِّاً ، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك ، إلا أن تغرف له منها ))

بقتار قدرك : رائحة الطعام ..
هذا هو حق الجار ..
يعني إذا أعطى الإنسان ابنه إلى المدرسة فاكهة نادرة ، أو غالية الثمن فقد أثم ، يأثم إن أعطى الرجل ابنه فاكهة غالية ، وأكلها أمام رفاقه ، واشتهى رفاقه أن يأكلوا مثل هذه الفاكهة ، فعادوا إلى البيت وألحوا على أبيهم كي يشتري لهم هذه الفاكهة ، والأب لا يملك ثمنها ووقع ألم شديد في قلب الأب ، وحسرة في قلب الأبناء ، من هو السبب ؟ الذي أعطى ابنه إلى المدرسة هذه الفاكهة الثمينة ، أو أعطاه مائة ليرة مثلاً ، هذه تعادلها المبلغ الكبير ، أو الفاكهة الثمينة أو الحاجات التي ليست موجودة عند عامة الناس ، هذا يسبب أزمات في بيوت المسلمين .

(( وإذا اشتريت فاكهة فأهد له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سرِّاً ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك ، إلا أن تغرف له منها ))

[رواه ابن عدي في الكامل ، والخرائطي في مكارم الأخلاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده]

بلغني أن في بعض الدول الأجنبية يضبطون الذي يطهو طعاماً له رائحة بمخالفة ، يخالفونه لأنه يؤذي الجيران بهذه الرائحة ، أما النبي عليه الصلاة والسلام لم يضبطه بمخالفة ، بل قال له ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منه ..
هذا حق الجار ، وحق المسلم على المسلم .. ليس جاراً ، خرجنا من الحي كله ، التقينا في الطريق .

 

حق المسلم على المسلم والناس أجمع

حق المسلم على المسلم :
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي]

رد السلام ، طرح السنة ، لكن رده فرض ، رد السلام وعيادة المريض .

(( أيما رجل عاد مريضا فإنما يخوض في الرحمة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة ))

[أخرجه أحمد في مسنده عن أنس]

(( ومن عاد مريضاً فلينفس له في الأجل ))

(( ومن عاد مريضاً فليذكره بالله عز وجل ))

وبرحمة الله ، وبحكمة الله ، وبأن هذا المرض بتقدير عزيز عليم حيكم خبير ودود رؤوف .
حق المسلم على المسلم رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس ، والنصح له ، يعني إذا جاءك مسلم ، إن جاءك مسلم أو غير مسلم ، إذا جاءكم إنسان إلى محلك التجاري ولم تنصح له فقد خنت الله ورسوله ، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام ينهاك عن أن تغش مسلماً فنهيه عن أن تغش غير المسلم أشد ، لماذا ؟ لأنك إذا غششت مسلماً تألم منك أما إذا غششت غير المسلم تألم من دينك ، واتهم دينك بالنقص وبأنه دين لا يقوم على أساس أخلاقي ، لذلك :

((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي]

عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ قَالَ :

(( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِ وَعَلَى فِرَاقِ الْمُشْرِكِ))

[أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود والدرامي]

في البيع والشراء في كل شيء ، لذلك هذا الذي يكون وسيطاً بين الناس في بيعهم وشرائهم يأكل ماله حلالاً ؛ لأنه سعى لهذا البيت لمن يشتريه ، إلا أنه إذا كذب يأكل ماله حراماً ، إذا على البيت مشكلة أو خلل في أساساته ، أو عليه إشارة رهن ، ولم يبلغه إياها ، وغم عليه ، وباعه البيت وقبض الأجرة ، يأكل ماله حراماً ، يعني الدلال الذي يكذب يأكل ماله حراماً ، فإن كان صادقاً يأكل ماله حلالاً ؛ لأنه سعى بذل جهداً وباع هذا البيت ، أو أي شيء آخر .
أيها الإخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني

والحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية :

حق العبد على الله وواجباته عليه وعلى نفسه

أيها الإخوة المؤمنون ؛ هل تتصورون أن للعباد حقاً على الله عز وجل ، هكذا قال النبي الكريم ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( حق على الله عون من نكح التماس العفاف عما حرم الله ))

يعني شاب في ريعان الشباب تاقت نفسه لمعصية لا ترضي الله فطلب من الله عز وجل زوجة صالحة تحصنه ، إذا كان هذا هو طلبه طلب العفاف ، والإحصان ، والكف عما حرم الله ، فصار حق على الله أن يعينه على زواجها ، وعلى شراء بيته ، وعلى تيسير حاجته ، فيا أيها الشباب اصبر عن الحرام يأتيك الحلال طيباً مباركاً ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه ))

[رواه أبو نعيم عن ابن عمر مرفوعا]

(( لكل شيء أوان فمن تعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه ))

هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام .

(( حق على الله عون من نكح التماس العفاف عما حرم الله ))

[أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة]

يعني الشاب الذي لا شيء معه ، إن كان عفيفاً معه كل شيء معه الله عز وجل .
كن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك تكن أغنى الناس ..
من اتكل على الله كفاه .

 

حق الله على كل مسلم

ما حق الله على كل مسلم ؟ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى فَسَكَتَ فَقَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي]

فاغتسالك أيها الأخ الكريم كل أسبوع ، وعنايتك بجسدك وهندامك ومظهرك هذا من حق الله عليك ؛ لأن الله كرمك ورفع شأنك ، وجعلك فوق مخلوقاته كلهم ، وأطعمك ما لذّ وطاب ، قال تعالى :

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾

[سورة الإسراء]

وقد صورك صورةً حسنة ، وأبدعك إبداعاً عالياً ، وخلقك في أحسن تقويم ، وصوركم في أحسن صورة ، فإذا كنت رثَّ الهيئة ، قذراً غير مُغتسل ، فقد أسأت إلى هذه الصنعة العالية

((حَقُّ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي]

وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(( اغتسلوا ولو كان مدُّ الماء بدينار ))

[أخرجه ابن عدي في الكامل عن أنس ابن أبي شيبة عن أبي هريرة موقوفا]

فكيف إذا كان المتر المكعب كله بنصف ليرة ، اغتسل ولو كان مد الماء بدينار ..

 

حق النفس على صاحبها

هل تتصورون أن هناك حقٌ داخلي بينك وبين نفسك ، ما حق نفسك عليك ؟ أن تعرفها بالله عز وجل ، لها حق عليك ، ما هو ظلم النفس ؟ أن تبقيها جاهلة ، هذا الحق فيما بينك وبين نفسك ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

(( حقيق بالمرء أن يكون له مجالس يخلو فيها بربه ، ويذكر ذنوبه فيستغفر الله منها ))

[البيهقي في شعب الإيمان عن مسروق مرسلا]

يعني من حق نفسك عليك ، أن تصلي الصبح في جماعة ، وأن تجلس في البيت ، أو في المسجد تسبح الله ، تكبر الله ، تهلل ، تعظم تفكر في آيات الله ، تقرأ كتابه ، حقيق بالإنسان أن يجلس مع الله تعالى ، قبل طلوع الشمس أكفك النهار كله ، طوال النهار أنت في رعاية الله ، في حفظ الله ، في توفيق الله أنت في عين الله ، قال تعالى :

﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾

[سورة الطور الآية:48]

(( حقيق بالمرء أن يكون له مجالس يخلو فيها بربه ، ويذكر ذنوبه فيستغفر الله منها ))

هذه بعض الأحاديث الشريفة التي تحدثت عن حق الزوج ، وعن حق الزوجة ، وعن حق الولد على أبيه ، وعن حق الوالد على ولده وعن حق كبير الإخوة على صغيرهم ، وعن حق الجار ، وعن حق المسلم ، وعن حق الله على المسلم ، وعن حق المسلم على الله وعن حق النفس على صاحبها .

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ، ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .
اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين .
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً ، وسائر بلاد المسلمين .
اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء .
اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب .
اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .
اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين .
اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير .

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور