وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 269 - والسماء ذات الرجع وعودة كل عناصر الكون إلى مكانها
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 

 بما أن هذا الدين بأصليه القرآن والسنة أمر الله التكليفي، وبما أن هذا الكون بسماواته وأرضه أمر الله التكويني، وبما أن الله واحد في خلقه واحد في أمره فلا بد من أن نرى الوسطية والتوازن في خلقه كما نراها في أمره، فأين هي الوسطية في خلقه ؟
من ملامح الوسطية أو التوازن في الكون أن الكواكب والنجوم والمجرات كلها تتحرك في مسارات مغلقة حول بعضها بعضاً وقد لخص القرآن الكريم هذه الحقيقة بشكل معجز، قال تعلى:

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)﴾

[سورة الطارق]

 أي أن كل متحرك في السماء أي في الكون يرجع بعد حين إلى مكان انطلاقه النسبي ويشأ من حركة كل نجم حول نجم آخر قوة نابذة تكافئ قوة جذب النجم المركزي، فلولا هذه القوة النابذة الناشئة عن الحركة المغلقة لعملت قوى التجاذب وحدها فجمعت الكون كله في كتلة واحدة قوى التجاذب تتوازن مع قوى النبذ، فالكون على حاله الراهن بما أن مسار الأرض حول الشمس بيضوي الشكل فحينما تقترب الأرض من الشمس تزداد سرعتها لئلا تنجذب إلى الشمس لينشأ قوة نابذة جديدة تكافئ القوة الجاذبة الجديدة، وحينما تبتعد الأرض عن الشمس تتباطئ سرعتها لئلا تتفلت من تتفلت من جاذبيتها، أرأيتم إلى هذا التوازن بين قوى الجذب وقوى النبذ، ولو أن الأرض ازدادت أو تباطأت سرعتها فجأة لانهدم كل ما عليها ولكن تسارعها بطيء وكذلك تباطؤها وهذا يدل على علم الله وعلى حكمة الله وعلى رحمة الله وعلى لطف الله .
أيها الإخوة الكرام
 هذه الوسطية أو التوازن في الآفاق، فماذا عن الوسطية أو التوازن في الأنفس، من الثابت أيها الإخوة أن دم الإنسان إذا زادت ميوعته نزف كله من جرح صغير عندها يموت الإنسان، ولو زادت لزوجته عن الحد المعقول تجمد في العروق كالوحل في الطرقات، فإذا وصلت خثرة منه إلى القلب أو الدماغ قضى الإنسان نحبه، لذلك يفرز الجسم هرموناً يميع الدم وهرموناً آخر يجلطه، ومن التوازن الدقيق بين إفراز الهرمونين يحافظ الدم على مستوى من السيولة تسمح له بالحركة عبر الأوعية الدقيقة، ويحافظ الدم على مستوى من اللزوجة تمنع نزيفه من أدق الجروح .
أرأيتم إلى هذا التوازن بين هرمون التميع وهرمون التجلط .
 ومن الثابت أيضاً أن الغدة النخامية ( ملكة الغدد الصماء ) وأن من مفرزاتها ما يحث الغدة الدرقية المسؤولة عن الاستقلاب ( أي تحويل الغذاء إلى طاقة ) وأن من مفرزات الغدة الدرقية ما يثبط الغدة النخامية وأنه من خلال التأثير المتبادل بين الغدتين يستقيم التوازن بين حاجة الإنسان إلى الغذاء وحاجته إلى الطاقة، أرأيتم إلى هذا التأثير المتبادل بين الغدتين وكيف أن كل إفراز غدة يثبط أو ينشط الغدة الثانية .

تحميل النص

إخفاء الصور