وضع داكن
23-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 229 - الصيام صحةٌ جسمية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

من خصائص الصيام :

1- إنه يقي الكثير من الأمراض :

 أيها الأخوة الأكارم, من السذاجة أن يظن الإنسان أن لأوامر الله حكمةً واحدة، إن أوامر الله عزَّ وجل لا تعدُّ حكمها، ولا تنقضي خيراتها، ولا تنقطع بركاتها, فالصيام عبادةٌ روحية، وهو فضلاً عن ذلك، صحةٌ جسمية، قال عليه الصلاة والسلام، فيما رواه الطبراني في الأوسط، عن أبي هريرة:

((اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا))

[أخرجه الطبراني في الأوسط]

 وفيما رواه أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:

((لِكُلِّ شَيْءٍ زَكَاةٌ, وَزَكَاةُ الْجَسَدِ الصَّوْمُ))

[أخرجه ابن ماجة في سننه]

 ماذا يقول الأطباء المؤمنون عن الصيام؟ يقولون: إن صيام رمضان دورةٌ وقائيةٌ سنوية، تقضي على كثيرٍ من الأمراض قبل أن تنشأ، ودورةٌ علاجيةٌ لبعض الأمراض, هناك مسلمون يصومون، ولكن يجعلون في صيامهم الليل نهاراً، والنهار ليلاً، فإذا جاء الليل أكلوا حتى اتخموا أنفسهم، أكلوا طوال الليل، وكأنهم سيفقدون شيئاً, لا تنطبق على هؤلاء حكمة الصيام، لكن المسلم إذا طبَّق الصيام، كما أمر به النبي العدنان، فإن الصيام يقيه من أمراض الشيخوخة بالذات التي ينجم معظمها عن الإفراط في إرهاق العضوية, وإن هذه الحقائق عن الصيام مصداق قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((صوموا تصحّوا))

[ورد في الأثر]

 لكن يجب ألا ننسى أن بعض الأمراض لا يناسبها الصيام، لذلك رخَّص الله عزَّ وجل للمرضى بأن يفطروا .

2- بركة السحور :

 شـيءٌ آخر: من التوجيهات النبوية التي لها علاقةٌ بحقيقة الصيام، أن النبي عليه الصلاة والسلام، قال:

((تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

 فسَّر القاضي عياض البركة؛ بأنها أخروية ودنيوية، أخروية بمعنى أنك إذا تسحَّرت وانطلقت إلى المسجد، لتصلِّي الفجر في جماعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

((مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفِ لَيْلَةٍ, وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ, كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ))

[أخرجه الترمذي في سننه]

 فإذا تلوت القرآن، قال تعالى:

﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾

[سورة الإسراء الآية: 78]

 فإذا ذكرت الله عزَّ وجل، قال تعالى:

﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾

[سورة الرعد الآية: 28]

 فهذا السحور سببٌ لهذه الخلوة مع الله في فجر كلَّ يومٍ من أيام رمضان، هذا تفسير القاضي عياض .
 والبركة الدنيوية؛ أن السحور يعينك على الصيام .
 من شكى صداعاً في رأسه، معنى ذلك أن سكر الدم قد انخفض عنده، لا بدَّ من أن يجعل في طعام السحور بعض المواد المرممة، والذي ينام عقب السحور، يصاب باضطراباتٍ هضمية، فضلاً عن بعده عن الله، وعن تركه صلاة الجماعة، وتقصيرهً في أوراد, وأذكار صلاة, لذلك نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن النوم بعد الطعام .

نصيحة وعبرة :

 أيها الأخوة, من كان ضعيف البنية نحيلاً، عليه أن يقتصد في الجهد المبذول في أثناء الصيام، حفاظاً على صحته, والشيء الذي يلفت النظر؛ هو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفطر على ماءٍ وتمرات, لماذا؟ لأن التمر أو أي غذاءٍ حلو المذاق, أسرع الأغذية امتصاصاً, فهو ينتقل إلى الدم من الفم إلى الدم، في أقل من ربع سـاعة, فإذا أكل تمراتٍ، أو شرب شراباً حلواً، وأفطر عليه، وقام إلى صلاة المغرب، وصل السكر إلى دمه، فشعر بالشِبَع، فجلس إلى الطعام، وكأنه في غير شهر الصيام, أما إذا تناول الطعام مباشرةً، فإن السـكَّر الموجود في ثنيات الطعام، لا يصل إلى الدم إلا بعد سـاعتين، في رأي أطباء التغذية, فالذي يأكل شراباً حلواً عقب الإفطار، ويصلِّي المغرب والسنة، ويجلس إلى الطعام، فقد حقق السنة النبوية التي كشف الأطباء اليوم حكمتها .
 أيها الأخوة الأكارم, هذا الشهر الكريم فرصةً سنوية للتقرُّب إلى الله عزَّ وجل, المشكلات الجانبية, الخلافات بين الشركاء، الحسابات المعقدة، هذه القضايا الشائكة التي من شأنها أن تعكِّر صفو المؤمن، عليه أن يحلُّها قبل رمضان، أو بعد رمضان، وليدع هذا الشهر لله عزَّ وجل .

 

تحميل النص

إخفاء الصور