وضع داكن
26-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - متفرقة : 092 - غزة 11 - أسباب قوة أعدائنا
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

ثقافة كل أمة ملك البشرية جمعاء:

 أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في الموضوع المشتعل، عنوان هذا اللقاء الطيب الفروض الحضارية، أو أسباب قوة أعدائنا.
 أول حقيقة: أن ثقافة كل أمة ملك البشرية جمعاء، لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرّ الأجيال، وهل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ؟.
 الأشياء التي تقوينا ينبغي أن نقتبسها منهم، ماذا نأخذ، وماذا ندع عن الغربيين ؟ قال بعض المفكرين: نأخذ ما في رؤوسهم، وندع ما في نفوسهم، ثقافة أي أمة ملك البشرية جمعاء لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مرّ الأجيال، ولا يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل لدغة قاسية أن نقاطع عسلها.

 

على المسلم أن يأخذ من الغرب ما كان صواباً:

 منطلق هذا اللقاء الطيب ينبغي أن نقتبس من أعدائنا الخصائص التي أصبحوا بها أقوياء، لكن من المؤسف أن هذه الخصائص هي أصول في ديننا، لكننا تصورنا الدين عبادات شعائرية، ونسينا أنه منهج كامل يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، كدليل قرآني على أنه يجوز أن تتخذ من الآخرين ما كان صواباً.
 الملكة بلقيس قالت:

 

 

﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾

 

( سورة النمل الآية: 34 )

 بماذا عقب الله على كلامها ؟ قال:

 

﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)﴾

 

( سورة النمل )

 ليست مؤمنة، وليست مسلمة، لكنها قالت كلمة صحيحة، فإذا كان عند الأجانب أسباب قوة ينبغي أن نقتبسها، ينبغي أن ندع المستهلكات، السيارات، والدخان، والمطاعم، و الصرعات، هذه إذا أقبلنا عليها تقويهم، فلابد من مقاطعة كل بضاعة استهلاكية أجنبية، أما البرامج، والكومبيوترات، والذي يقوينا على أنهم أعداؤنا، ويتفننون في إفقارنا، وفي إبادتنا، وفي إذلالنا، وفي إضلالنا، وفي إفسادنا ينبغي أن نأخذ منهم ما يقوينا.

 

التعاون من الصفات التي ينبغي أن نقتبسها من الغرب:

 وهذه الأدلة أول شيء يتميز عندهم التعاون، وفي قرآننا يقول الله عز وجل:

 

 

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾

 

( سورة المائدة الآية: 2 )

 أمر إلهي:

 

﴿وَلَا تَعَاوَنُوا ﴾

 

﴿عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾

( سورة المائدة الآية: 2 )

 من مسلمات علم الأصول أن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، الوهم الكبير أن الدين خمس فرائض تعبدية، لا، الدين خمسمئة أمر في القرآن والسنة، منهج كامل، لما توهمنا أن الدين فرائض شعائرية خمس صلينا، وصمنا، وحججنا، وزكينا، وعشنا حياة الغرب، وقيم الغرب، وعادات الغرب، وتقاليد الغرب، حينما فهمنا الدين عبادات شعائرية رأيتم ماذا حلّ بنا.

 

البر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة:

 إذاً أول صفة من صفات الغرب التعاون، هل تصدقون أن ألعاب أطفالهم لا تصلح لواحد من أطفالهم إلا لجماعة ؟! يدخلون التعاون في دماء أولادهم، التعاون، فنحن نتنافس لا نتعاون، نحن يحطم بعضنا بعضاً، قال تعالى:

 

﴿ وَتَعَاوَنُوا ﴾

 قال علماء التفسير: البر صلاح الدنيا، والتقوى صلاح الآخرة.

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾

 ولأن كلمة تعاونوا فعل أمر، ولأن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب فالتعاون من علامات الإيمان، والتنافس من علامات النفاق، إن كنت تتعامل مع أخيك المؤمن من أي انتماء أساساً الانتماء إلى مجموع المؤمنين، ولن تكون مؤمناً إلا إذا كان انتماؤك لا إلى حلقة، ولا إلى جماعة، ولا إلى فقاعة، لا، ينبغي أن يكون انتماؤك إلى مجموع المؤمنين، لقوله تعالى:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

 

( سورة الحجرات الآية: 10 )

 ما قال الجماعة الفلانية قال:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

الطبع و التكليف:

 أيها الأخوة، لكن هناك حقيقة دقيقة أنت أيها الإنسان معك طبع، ومعك تكليف، أو لك طبع، ومعك تكليف، والطبع يتناقض مع التكليف، طبعك أن تأخذ المال، والتكليف أن تنفقه، إنفاق المال يتناقض مع طبعك، طبعك أن تبقى نائماً في الفراش الوثير إلى ساعة متأخرة من الضحى، والتكليف يأمرك أن تستيقظ لتؤدي الصلاة في المسجد.

 

(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))

 

[ ورد في الأثر]

 إذاً طبعك يقتضي أن تبقى نائماً، والتكليف يأمرك أن تستيقظ، طبعك يأمرك أن تملأ عينيك من محاسن النساء، والتكليف يأمرك أن تغض البصر، فالطبع متناقض مع التكليف، الآن طبعك يأمرك أن تخوض في فضائح الناس، شيء ممتنع جداً، خانته ؟ مع من خانته ؟ التكليف يقتضي أن تستر، هذه تمهيدات، وطبعك فردي، أن تعيش حدك، أن تتنعم وحدك، أن تقتني أجمل بيت وحدك، أن تقتني أجمل مركبة وحدك، أن يكون لك دخل فلكي، والناس من بعدي الطوفان، هذا الطبع، التكليف أن تتعاون.

 

الدعوة إلى الله دعوتان:

 إذاً يتعاون المؤمن مع أخوانه بقدر طاعته لله، ويتنافس معهم بقدر بعده عن الله، والتعاون بين المؤمنين من كل أطيافهم علامة إيمانهم، والتنافس بينهم علامة نفاقهم.
 لذلك هذا الكلام يسوقنا إلى حقيقة خطيرة، هي أن الدعوة إلى الله دعوتان، دعوة إلى الله صادقة، مخلصة، ودعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله، الدعوة إلى الله المخلصة أساسها الاتباع.

 

 

﴿إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى ﴾

 

( سورة الأنعام الآية: 50 )

 هذا النبي الكريم سيد الخلق، وحبيب الحق، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها الاتباع، والدعوة إلى الذات من خصائصها الابتداع، لابدّ من أن تتبع شيئاً في الدين ليس له أصل حتى تقول أنا وحدي على حق، فالاتباع من صفات المخلصين والابتداع من صفات المنتفعين، المنتفعين بالدين، مثلاً تصور ورقة مستطيلة بيضاء على مكتبك، ظننتها ورقة عادية، فاستخدمتها في بعض العمليات الحسابية ثم مزقتها، فإذا هي شك بمئة مليون، بماذا تشعر ؟ هذا الذي يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً، هذا الذي يتحدث بالدين ليكسب سمعة طيبة يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً.

 

التعاون أصل عند المسلمين لكنه ضعيف:

 إذاً الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها الاتباع، والدعوة إلى الذات من خصائصها الابتداع، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها التعاون، والدعوة إلى الذات من خصائصها التنافس، في تنافس، في نفاق، في تعاون، إذا عزّ أخوك فهن أنت.
 مرة كنت بأمريكا بجامعة مكتوب لوحات كحكم في أبهاء هذه الجامعة، أما الحكمة التي لفتت نظري: فضيلة التنازل، أنت مع أخيك بمهمة، وأخوك انطلق لسانه، اسكت أنت، انتهى، المهمة تحققت، لا، يجب أنا أنافسه، المؤمنان يتعاونان ولا يتنافسان، يتطاوعان ولا يتنافسان، التنافس من علامة النفاق، والتعاون من علامة الإيمان، وأنت بقدر طاعتك لله تتعاون، وبقدر بعدك عن الله تتنافس، ومع الأسف الشديد الشديد مع أن التعاون أصل في ديننا لكنه ضعيف عندنا، أساس علاقاتنا التنافس، أن يحطم بعضنا بعضاً.
 لذلك قالوا عن بلد نامٍ: العشرة بواحد، يحطمون بعضهم يبقى واحد، والواحد بعشرة في تفوق، نحن كمسلمين في تفوق فردي، تذهب إلى بلاد الغرب أعلى ناطحة سحاب في شيكاغو من تصميم مسلم، هناك إنجازات أكبر عالم ذرة مسلم، رئيس الطاقة الذرية، أكبر عالم فضائي مسلم، يوجد تفوق فردي كبير جداً، لكن لا يوجد تفوق جماعي، لأنه لا يوجد تعاون.
 فالتعاون عندهم يعيشونه، عندهم واقع يعيشونه، أما التعاون عندنا في النصوص أما في حياتنا اليومية لا يوجد تعاون أبداً، هذه أكبر خطأ عندنا.
 مرة ثانية: أنا حينما دعوت إلى أن نأخذ ما عندهم من أسباب القوة أكدت لكم أن كل أسباب القوة عندهم هي أصول عندنا في الدين، لكننا فهمنا الدين صلاة، وصياماً، وحجاً، وزكاة، وغفلنا عن أوامره التفصيلية، الدين خمسمئة ألف بند، من هذه البنود.

 

 

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾

 

نقل الإسلام من ظاهرة صوتية إلى واقع ملموس:

 أيها الأخوة، قلت البارحة: إن الإسلام عند المسلمين الآن ظاهرة صوتية دروس، ومحاضرات، ومؤتمرات، وبيانات، وتصريحات، وشجب، وتنديد، وتشديد على الفكرة الفلانية، وحرق علم، وحرق صور، هل يوجد عندنا غير هذا ؟ لكن هؤلاء القلة الذين نصرهم الله البارحة هؤلاء قلبوا الظاهرة الصوتية إلى بعدٍ عملي، لا يمكن أن ينتصر الإسلام كصوت، إلى متى صوت ؟ والله أتمنى أن نصمت كلياً، وأن نقدم شيئاً حضارياً، هذا القوي لا يعبأ بالمظاهرات، ولا بالتنديد.
 بدوي معه قطيع إبل، جاء اللصوص وأخذوه منه، سبهم سباباً ما سبهم أحد مثله بعدها قال: أوسعتهم سباً، وأودوا بالإبل.
 فالغرب لا يعنيه أن نسبه، يعنيه أن يأخذ ثرواتنا، يعنيه أن يفرق جمعنا، يعنيه أن يقيم الفساد في بلادنا، وسبه بقدر ما تشاء، لا يتأثر.
فلذلك أيها الأخوة، العمل أن نصمت، قدم عملاً حضارياً تقنع بالإسلام أعداءك وألقي محاضرات إلى يوم الدين من واقع سيء.
 مثلاً تجد نسب البطالة عالية بالبلاد الإسلامية، أعلى نسب مدخنين بالعالم عند المسلمين، فأنت حينما تشتري علبة دخان تقدم لإسرائيل يومياً ثمن رصاصة، يومياً.
 أيها الأخوة، نسب بطالة عالية، نسب عنوسة عالية، نسب أميّة عالية، نحن على رأس قائمة المستوردين، وفي أسفل قائمة المصدرين، العالم الإسلامي أنا أقول عن المسلمين جميعاً.
 مرة زرت ماليزيا، استقبلنا السفير بالمطار، قال: هذه دولة كان شعبها في الغابات من خمسة و عشرين عاماً، هم ثلاث و عشرون دولة، واليوم صادراتهم تفوق صادرات العالم العربي مجتمعاً بما فيها النفط.
 مرة دولة عظمى غربية أرسلت لهم نائب رئيسها ليتدخل في شؤونهم، أجابتها وزيرة هذا البلد: ضع حذاءك في فمك ولا تنطق إلا بما يعنيك، لأن صادرتها بأعلى مستوى.

 

كل عمل يحتاج إلى إتقان و تطوير:

 أيها الأخوة، الغرب لا يحترم الفصحاء، ولا الخطباء، ولا المتكلمين، يحترم مجتمعاً قوياً، القوي يحترم القوي، فلذلك هذه الدول الآسيوية الإسلامية، القوية باقتصادها، في بعض السنوات عندها 60 مليار فائض، فائض من المال لم تجد طريقاً لاستثماره، لذلك قوية.
أيها الأخوة، العمل يحتاج إلى إتقان، أحد الصحابة توفي، فالذي حفر القبر ترك فرجة فيه، فقال عليه الصلاة والسلام:

 

((إن هذه الفرجة لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي، إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه.))

 فتجد صناعاتهم متقنة جداً، لذلك أرباحهم فلكية، معقول مواطن يشتري لوحة زيتية بحجم هاتين الورقتين، سعرها ثمانية و خمسون مليون دولار، كم دخلهم كبير ؟ صناعاتهم متقنة جداً، عندهم ميزات كبيرة جداً ينبغي أن نقتبسها، هم أعداؤنا.
 لذلك إتقان العمل، تطوير العمل، تسمع عن دواء في قفزة نوعية، ثمن الحبة مئة ألف أحياناً، طوروا أعمالهم فرفعوا أسعارهم، واغتنوا.

 

الشباب مستقبل الأمة علينا الاهتمام بهم:

 أخوانا الكرام، هناك إحصاءات مؤلمة جداً في بعض البلاد الإسلامية يعمل المواطن سبعاً و عشرين دقيقة في اليوم، وفي بلد آخر إسلامي يعمل المواطن فيه سبع عشرة دقيقة، وهؤلاء الأقوياء يعملون ثمان ساعات كاملة، لا تصدق أمة يعمل أفرادها سبع عشرة دقيقة تغلب أمة يعمل أفرادها ثمان ساعات كاملة، مدة العمل مهمة جداً، في بطالة، في أمية، في عنوسنة، في بعض بلاد الإسلامية 50 % من النساء عانسات، هذه أخطر مشكلة، عندنا مشكلة الشباب، هؤلاء الشباب الطاقة المتفجرة، هؤلاء مستقبل الأمة، قادة الأمة، هؤلاء يحتاجون إلى بيوت، وإلى أعمال، وإلى زواج، ما لم يهتم المجتمع بهم سيصحبون لغماً متفجراً، إما طاقة كبيرة جداً، أو لغماً متفجراً.
 أنا أريد الظاهرة الصوتية إلقاء كلمات، إلقاء محاضرات، مناقشات، مداولات، بيانات، شجب، استنكار، مظاهرة، هذه اكتفينا بها، نحن بحاجة إلى عمل العمل يرفع من قيمتنا.
 فلذلك لما نطق هذا الدين، يبتعد عن أن يكون ظاهرة صوتية، فيصبح واقعاً عملياً.

 

 

الإسلام عمل و حركة:

 أخوانا الكرام، يعني الإسلام عمل، الإسلام حركة دقق في هذه الآية:

 

 

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾

 

﴿وَلَمْ يُهَاجِرُوا﴾

 يعني ما تحرك:

 

﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾

 

( سورة الأنفال الآية: 72 )

 ما لم تتحرك، ما لم تأخذ موقفاً، ما لم تعطِ لله، ما لم تمنع لله، ما لم تغضب لله، ما لم ترضَ لله، ما لم تصل لله، ما لم تقطع لله، ما لم تتخذ موقفاً، ما لم تتكلم، ما لم تقل لا بملء فمك، ما لم تأخذ موقفاً، فهذا الدين لا قيمة له إطلاقاً ولو كنا مليار وخمسمئة مليون بالعالم، ولا أحد يأخذ برأينا إطلاقاً.

 

نظام فريق العمل نظام حضاري إسلامي:

 أخوانا الكرام، بقي موضوع في هذا اللقاء الطيب، هو كلمة (فريق عمل)، أحد أصدقائي ذهب إلى هولندا، قال لي: أنا أطالع الصحيفة اليومية، فوجئت بإعلان بوظيفة من باب الفضول قرأت بنود هذا الإعلان، طبعاً السن، والشهادة، والإمكانيات، والخبرات، كذا، كذا، كذا، مثل أي بلاد في العالم، لفت نظري بند من شروط هذه الوظيفة، أن يصلح المتقدم لهذه الوظيفة للعمل في فريق عمل، أن يصلح أن يعمل في مجموعة اسمها فريق عمل في تعاون.
 في أي شركة، في دائرة، في وزارة، أي خطأ يرتكبه الموظف ينقل للوزير فوراً، عملية تحاسب، وعملية تراشق تهم، وعملية كتابة تقارير، فريق العمل عكس ذلك، أخوك الموظف اخطأ، آتي إليه، هذا خطأ من أجل المصلحة العامة، فبين أن يكون الموظفون متنافسون، متحاسدون، يتراشقون التهم، يدوسون على بعضهم بعضاً، وبين أن يتعاونوا ؟!
 نظام فريق العمل نظام حضاري، هو نظام إسلامي، الذي آلمني أن كل هذه الصفات التي يتمتعون بها، والتي هي سبب قوتهم هي أصول في ديننا، أصول، بدل أن تشتكي على أخيك انصحه.
 لو أن كل مدير شركة قال لموظفيه: إذا زميلك أخطأ لا تقل لي، انصحه، هو إذا ترك خطأه انتهى الأمر، عش بجو جماعي، عش بجو تضامني، جو تعاون، جو محبة، بأي دائرة، بأي شركة، بأي تجمع تجد كل إنسان قناص، ينتظر الثاني على خطأ فإذا أخطأ أشاع هذا الخبر، وحطمه، هذه مشكلتنا، كيف يحبنا الله عز وجل ونحن لا نحب بعضنا بعضاً ؟ كيف نتراشق التهم ؟ كيف كل واحد منا يتمنى دمار الآخر ؟ كيف نستحق النصر وهذه صفاتنا ؟.
 لذلك هذا مصطلح اسمه فريق عمل، أن يصلح للعمل ضمن فريق، إذا كنت بجامع أخ لك أخطأ للشيخ فوراً، طول بالك، كنت موظفاً بدائرة زميلك أخطأ للوزير فوراً، كأن الواحد ينتظر الثاني على خطأ، هذا الوضع لا نتقدم فيه.

 

 

اقتباس الإيجابيات من الغرب و العمل بها لأنها أصل عندنا:

 أنا سافرت كثيراً، أقول لكم والله من أعماقي كل إيجابيات الغرب إسلامية، لا لأنهم يعبدون الله، أبداً، بل لأنهم يعبدون الدولار من دون الله، يعبدون مصالحهم، تقتضي مصالحهم أن يعملوا ضمن فريق، أن يكونوا صادقين، أن يكونوا متقنين، هم أقوياء جداً، هذه أسباب قوتهم، أنا لا يمنعني أنهم أعداؤنا أن اقتبس منهم الإيجابيات، ثم أؤكد أن هذه الإيجابيات أصل عندنا، ولعلهم أخذوها منا.
 اليوم موضوع التعاون موضوع نقل الإسلام من ظاهرة صوتية إلى واقع ملموس، ونحن تابعنا أخبار هذه الحرب المؤلمة، ولا شك أنكم افتخرتم جميعاً بهذه القلة المؤمنة التي قلبت الإسلام من ظاهرة صوتية إلى نصر على أقوى جيش في الشرق الأوسط، جيش يملك من الأسلحة ما لا يوصف، سلاح طيران، سلاح مدرعات، سلاح بحري، أنواع القنابل كل هذه الأسلحة لم تنل من هؤلاء المؤمنين المقاتلين.
 هذا مرة ثانية جرعة منعشة من الله لنا، الفعال هو الله، والناصر هو الله، وحينما تكون مؤمناً تتبدل كل المعادلات، وتلغى كل الافتراضات.
 القصة كلها: قدّر أعداؤنا لهذه الحرب مدة تقدر بيومين أو ثلاثة، والذين أعانوهم أعطوهم هذه المدة، مضى أول جمعة و الثانية و الثالثة ولم يرفعوا الراية البيضاء، هذا المؤمن، المؤمن قدّم لك مثلاً حياً ما معنى أن تكون مؤمناً، إذا كان خالق السماوات والأرض معك لن ينالوا منك، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ لعل هذه الجرعة المنعشة تتوسع في بلاد المسلمين حتى يصبح هذا الإسلام واقعاً، وليس ظاهرة صوتية.

 

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور