وضع داكن
29-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 405 - أثر الغضب على القلب .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمدٍ عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام ؛ في صحيح البخاري

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي قَالَ لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ))

 أما الشيء العلمي كصور من صور الانفعال النفسي يؤثر على قلب الرجل الذي يغضب يشبه تأثير العدو أو الجري ، انفعال الغضب يرفع ضربات القلب وانقباضاته في الدقيقة الواحدة أضعافا ، تضاعف كمية الدم الني يدفعها القلب إلى الأوعية ، القلب حينما يخفق بجهد استثنائي ويستمر هذا الخفقان الاستثنائي يضعف ، و قد يتضخم.
 أيها الإخوة ؛ هناك أمراض كثيرة ، أمراض الشريان التاجي ، وأمراض ضغط الدم وأمراض الأوعية ، وأمراض الدسامات ، أكثرها تأتي عقب انفعال شديد جدا ، كلكم يعلم أن الإنسان مجهز بآلية عجيبة ، حينما يرى شيئل مخيفا أو يرى حشرة قاتلة ، تنطبع صورتها في شبكية العين ، وهذه الصورة تنتقل إلى الدماغ إدراكا ، و الدماغ ملك الجهاز العصبي ، و هناك جهاز هرموني له ملكة ، هي الغدة النخامية ، يجري اتصال بين الدماغ و بين الغدة النخامية أن هناك خطر تصرفي ، هي ملِكة ، ترسل أمرا غلى وزيسر الداخلية عندها وهو الكظر ، ليقمع هذه الفتنة ، ماذا يفعل الكظر ؟ يرسل أمرا إلى القلب فيرفع نبضاته ، فلو فحصت قلب خائف ترى نبضه متسارعا ، يرسل أمرا آخر إلى الرئتين ليرتفع واجبهما ، فلو رأيت رئتي خائف لرأيتهما يخفقان سريعا ، يرسل أمر ثالثا إلى أوعية الدم ، تضيق لمعتها ، ليوفّر الدم من المحيط إلى العضلات ، لو نظرت إلى وجه خائف تراه مصفرا ، ثم لو فحصت دم خائف لوجدت فيه هرمون التجلط بأعلى مستوى ، ولو وجدت فيه كميات من السكر الإضافية ، كل هذا يجري في لمح البصر ، حينما ترى أعفى في الطريق ، أو حيوانا مخيفا ، أو حينما يوشك الإنسان أن يقع في مشكلة ، تتبدل هذه الأعضاء ، الغضب يشبه الخوف في إحداث هذا التأثير ، فدائما القلب بحال انقباض مرتفعة ، والضغط مرتفع ، و الويب مرتفع ، وهرمون التجلط مرتفع ، و السكر مرتفع وهذا من نتائج الغضب ، بالمناسبة آثار النيكوتين الذي في الدخان ، و آثار الخوف وآثار الغضب واحدة ، فلذلك الذي يغضب كثيرا ، والذي هو بعيد عن التوحيد ، اخترت هذا الموضوع لعلاقته بالخطبة ، أنت حينما توحِّد ترتاح أعصابك ، الأمر كله بيد الله ، الله كامل ، كان عليه الصلاة والسلام كان إذا ألمّ به مكروه يقول: " لا إله إلا الله العليم الحكيم ، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " ، فالتوحيد يريح الأعصاب ، قال تعالى:

 

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)﴾

 

(سورة الشعراء)

 الغضب و القلق و الخوف ، بل إن جهاز المناعة المكتسب الذي هو أخطر جهاز في الجسم البشري يقويه الأمن و الحب ، و يضعفه القلق و الخوف ، و حينما يشركالإنسان يلقي الله في قلبه الخوف ، قال عزوجل:

 

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾

 

(سورة آل عمران)

 أبدا ، فردا أو أمة ، حينما نشرك نقع في خوف شديد ، و الخوف عدو الإنسان الأول ، عدو جسمه ، عدو قلبه ، عدو ضغطه ، عدو دساماته ، عدو شرايينه ، عدو شريانه التاجي ، هذا هو الخوف ، الخوف يناقض الإيمان ، لا تنسوا هذه الآية:

 

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)﴾

 

(سورة الأنعام)

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليه ، وإنه لا يذل مَن واليت ، ولا يعز مَن عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تُهنا آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضى عنا ، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، أصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، اجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، مولانارب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم ، فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين ، اللهم صُن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ونبتلى بحمد مَن أعطى وذم مَن منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء ، اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك ، ومن الخوف إلا منك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء مولانا رب العالمين.

تحميل النص

إخفاء الصور