وضع داكن
19-04-2024
Logo
الخطبة : 0831 - أخطاء كبيرة في تصورات المسلمين .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الصراع العربي الصهيوني :

 أيها الإخوة الكرام ؛ كلما هممت أن أختم موضوعات الخطب العامة لأنتقل إلى موضوعات خاصة أجد نفسي مشدوداً إلى هذه المحنة التي لم يسبق لأمة العرب والمسلمين أن ذاقتها .
أيها الإخوة الكرام ...
 أي مسلم لا يغلي مرجله ويفور ..
 وأي عربي لا يغلي مرجله ويفور ..
 وأي إنسان لا يغلي مرجله ويفور ليس بمسلم ، ولا بعربي ، ولا بإنسان ..
 إن هذا الذي يجري ويراه الناس جميعاً يحرك كل ساكن ، وما يجري يُنطق كل أخرس ، وما يجري يقاومه كل حر وشريف .
 أيها الإخوة الكرام ؛ آن الأوان أن نراجع حساباتنا ، وأن نراجع أوراقنا ، وآن الأوان أن نكشف الأخطاء الكبيرة في حياتنا ، وآن الأوان أن ننزع الأقنعة المزيفة عن أعدائنا .
 أيها الإخوة الكرام ؛ صراعنا مع العدو لا يخص أهل فلسطين إنما يخص المسلمين جميعاً ذلك لأن معركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية ، وأن هذا الصراع مع العدو الصهيوني يندرج تحت هذه المعركة الأزلية الأبدية ، وشاءت حكمة الله جل جلاله أن يكون حق وباطل ، وأن يصطرعا ليمتحن الله عباده المؤمنين ، وهذه آية دقيقة جداً ، يقول الله عز وجل :

﴿ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾

[ سورة محمد الآية : 4]

 أليس الله قادراً أن يخلق أعداء رسول الله في قارةً بعيدة ، في القارة الخامسة في أستراليا ، أو الرابعة ، وأن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو لله عز وجل ، وحوله كلهم مؤمنون به ، يذوبون محبة فيه ، ويكونون معه ، وهكذا لا هجرة ، ولا بدر ، ولا أحد ، ولا الخندق ، ولا صراع ، ولا أي شيء آخر ، كان من الممكن ذلك لكن مع هذا الترتيب ليس هناك جنة ، قال تعالى :

﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾

[ سورة البقرة : الآية 214]

﴿ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾

[ سورة الأحزاب : الآية 10]

 كما يظنون المسلمون اليوم .

﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ﴾

[ سورة الأحزاب : الآية 11]

 هم أصحاب رسول الله ..
 هم الذين باعوا أنفسهم في سبيل الله ..
 هم الذين كانوا مع رسول الله ..
 هم الذين ضحوا بالغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ..
 ومع ذلك لم يسلموا من امتحان الله لهم ...
 لخطأ واحد ارتكبه أصحاب رسول الله في أحد لم ينتصروا ، لم يطيعوا أمر رسول الله ..
 ولخطأ واحد اعتقادي ارتكبه المسلمون وهم صفوة الخلق ، ومعهم سيد الخلق في حنين لم ينتصروا ..
 فإذا كان في حياتنا ألف خطأ وخطأ ، وألف اعتقاد فاسد ، وألف اعتقاد ، فشيء طبيعي جداً أن نكون ممتحنين .

الخطأ والصواب :

 أيها الإخوة الكرام ؛ يجب أن نعتقد أن هناك صراعاً ومعركة أبدية أزلية أبدية بين الحق والباطل ، وأن هذه المعركة مع عدونا تندرج في هذا الصراع ، ويجب أن نعتقد أن معركةً بين حقين لا تكون ، وبين حق وباطل لا تطول ، وبين باطلين لا تنتهي .
 أيها الإخوة الكرام ؛ إذاً الصواب الأول والخطأ الأول هو أن هذه المعركة تخص جميع المسلمين ، وحينما يتنازع المسلمين يفشلون ، وتذهب ريحهم ، والخطأ الثاني هو أننا قبرنا أنفسنا في دعوى السلام ، والعدو لا يريد السلام ، الذي بني في سنوات عشر انهار في يومين ، حينما نحسن الظن بهم فنحن نكذب الله عز وجل ، لأن الله عز وجل يقول :

﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 119]

 حينما نحسن الظن بهم فكأننا نرد كلام الله عز وجل ، هذه حقيقة تنجلي الآن واضحةً تماماً ، كان في الحياة أبيض وأسود ، وألف مليون رمادي ، وألف لون رمادي ، لكن الحقيقة اليوم هي أن الألوان توحدت في لونين أبيض وأسود ، حق وباطل ، صدق وكذب ، إحسان وإساءة ، ولاء وبراء ، الأمور توضحت تماماً وهذه الأمور الواضحة أحد إيجابية الذي حدث بعد الحادي عشر من أيلول .
 أيها الإخوة الكرام ؛ ليس السلام خيارنا الوحيد يقول الله عز وجل :

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 126]

 النصر محصور قطعاً بالله عز وجل ، وما النصر إلا من عند الله ، ثم يقول الله عز وجل :

﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ﴾

[ سورة الحج : الآية 40]

 الطريق واضح ، قلت البارحة في كلمة ألقيتها في عقد قران :
 إن الإنسان إذا تلقى ضربةً بعصاة على من يحقد ؟
 على العصا يكون مجنوناً مختل العقل ينبغي أن يحقد على الضارب ، فإذا كان الطغاة في الأرض عصي بيد الله عز وجل ، والله كماله مطلق إذاً هناك خلل عندي ، أول خطوة يجب أن نفكر تفكيراً صحيحاً أن نتهم أنفسنا .
 عن أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ :

((... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ))

[ مسلم ، الترمذي ، ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي ]

 ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا يرفع إلا بتوبة .
الحقيقة الثانية :
  لما نعتقد أن السلام خيارنا الوحيد ، السلام الذي يزعمونه استسلام ، السلام الذي يزعمونه ذل وهوان ، الله عز وجل يقول :

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 126]

﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ﴾

[ سورة الحج : الآية 40]

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

[ سورة الصافات : الآية 173]

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة غافر : الآية 51]

 لماذا لا نطمع بهذه الآيات ؟ لماذا لا نطمع بهذه الآيات ، وقد رأينا بأم أعيننا شباباً زلزلوا كيان الطغاة لا يملكون أسلحةً كبيرة ولا رادعة ولا متطورةً ، ولا طائرات ، ولا مدرعات ، لا يملكون إلا رغبتهم في أن يحققوا لهذه الأمة بعض النصر .
 أيها الإخوة الكرام ؛ الخطأ الثاني اعتقادنا أن السلام هو خيارنا الوحيد مع أنه يمكن كما نرى بأعيننا كيف هؤلاء الشباب قودوا أركان العدو .
 الشيء الثالث أيها الإخوة الكرام ؛ توهمنا أن هذه قوة لا تقهر مع أنها تقهر وتخاف ، الله عز وجل يقول حينما قالت عاد من أشد منا قوةً ؟ قال الله عز وجل :

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾

[ سورة فصلت : الآية 15]

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 123]

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 151]

﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 12]

 آيات كالشمس واضحة ، كل المشكلة أن نكون مؤهلين لنصر الله عز وجل الأمر بيد الله ، الأمر بيد الله وحده ، والنصر من عند الله وحده ، كل المشكلة أن نهيئ أنفسنا لتلقي نصر الله عز وجل ، هذا لا يحتاج إلى كلام نقوله ، ولا إلى شيء نرفعه ، ولا إلى تعاطف نظهره ، هذا يحتاج إلى اتباع لمنهج الله عز وجل ، يحتاج إلى أن نقيم الإسلام في بيوتنا .
 أيها الإخوة الكرام ؛ ومن رحمة الله بنا أنه ما كلفنا أن نعد الإعداد المكافئ ، لكنه كلفنا أن نعد الإعداد المتاح ، وهذه رحمة الله بنا .
 أيها الإخوة الكرام ؛ وحينما نعتقد أن هذه الدولة القوية راعية السلام عندها الحل فهذا خطأ رابع ، إنها شريكة وحليفة ، إنها عدو آخر ، ولا يعنينا من هو الرأس ، ومن هو الذنب ، كلاهما عدو لنا ، هذه حقيقة كبرى .
 أيها الإخوة الكرام ؛ وحينما تقدم أمة العرب التنازلات ، اجتمعت في مؤتمر القمة ، وقدمت كل التنازلات من أجل السلام البديل كان أن تلغى كل الإنجازات التي مضى عليها سنوات عشر .
 فأيها الإخوة الكرام ؛ لما ضرب جبلة أنف بدوي وهشمه ، ودعاه عمر إلى أن يعتذر فلم يرضَ قال له : كنت واهماً أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني ، فقال له عمر : عنق المرتد بالسيف تحز ، عالم نبنيه ، كل صدع فيه بشبا السيف يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى ، ماذا فعل عمر رضي الله عنه ؟ عمر ضحى بملك ولم يضحِ بمبدأ .
 كلما قدمت تنازلاً ما أخذت مقابله شيئاً تقدم كل شيء ، ولا تأخذ شيئاً ، الأمور أصبحت أيها الإخوة واضحةً جداً .
 أيها الإخوة الكرام ؛ الخطأ الكبير أن نرد على الأفعال بالأقوال ، وعلى السنان باللسان ، وأن نرد على السيف بالقلم ، وأن نرد على العدوان بالاستنكار والاحتجاج ، وهذا خطأ أساسي ، نحن بحاجة إلى صمت وإلى عمل ، خدمة تقدمها إلى هؤلاء أفضل بألف تصريح ، وأفضل من ألف علم تحرقه ، مال تقدمه إلى هؤلاء الذين فقدوا بيوتهم ، وذبح أطفالهم ، ويتمت نساؤهم أفضل من ألف كلام تقوله .
 أيها الإخوة الكرام ؛ آن الأوان أن نعمل قد يقول أحدكم ماذا أعمل ؟
 والله هناك مليون عمل تعمله يكفي أن تسهم في بناء عقيدة المسلمين الصحيحة فهذا عمل عظيم .
 ويكفي في أن تكون سبباً في ترشيد سلوكهم هذا هو عمل عظيم .
 ويكفي أن تكون مساهماً في تخفيف العبء عن المسلمين فهذا عمل عظيم .
 ويكفي أن تكون مساهماً في بناء قوة المسلمين وهذا عمل عظيم .
 ويكفي أن تجهز غازياً فإنك عند الله غاز .
 ويكفي أن تخلف غازٍ في أهله بخير فأنت عند الله غاز .
 أيها الإخوة الكرام ؛ هذه حقائق دقيقة سقتها لكم من أجل أن يصحوا المسلمون من غفلتهم ، من أجل أن يصدقوا ربهم ، قال تعالى :

﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 119]

 يريدون الحرب ، يريدون انتهاك الأعراض ، واستلاب البلاد ، ونهب الثروات ، وإذلال الشباب ، وهذا كله ترونه وتسمعونه كل يوم .

 

معرفة الإيجابيات من خلال السلبيات :

 أيها الإخوة الكرام ؛ أيضاً أنا دائماً من عادتي أن أبحث عن الإيجابيات في السلبيات ، هناك إيجابيات الناس لم ينتبهوا لها ، الناس متألمون لما يجري ومعهم الحق بدافع من إيمانهم ، ومن إنسانيتهم ، ومن عروبتهم ، لكن هناك إيجابيات لا يعلمها إلا الله ، وإذا مد الله بأعماركم وأرجو الله أن يمد في أعماركم سوف ترون أن هذا الذي حدث إنما أراده الله ، لأن كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، وأنه لا يعقل أن يكون في ملكه ما لا يرضى ، لكن هناك حكم جليلة قد لا نكشفها اليوم .
 عود نفسك أيها الأخ الكريم من أجل أن تتوازن ، عود نفسك أنك إذا شارفت على اليأس أن تذكر الإيجابيات ، من هذه الإيجابيات أن جهةً قوية عاتيةً طاغيةً تخطف أبصار العالم الناس متلهفون أن يصلوا إليها ، وأن يقيموا فيها ، وأن يتجنسوا بجنسيتها ، وأن ينعموا بالحياة على أرضها ، الناس كانوا واهمين بما عند هؤلاء من قيم ، ومن خلق ، ومن حرية ، ومن ديمقراطية ، ومن رعاية لحقوق الإنسان ، لكن حينما هددت مصالحهم انقلبوا إلى وحوش كاسرين ، هذه حقيقة كبيرة جداً أن الكفر أصبح في الوحل ، وهذه الحقيقة ليست مدركة عند الخاصة من المسلمين بل عند عامتهم ، بل عند أطفالهم ، وهذه الحقيقة نطق بها القرآن فقال :

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾

[ سورة البقرة : الآية 256]

 يجب أن تعتقد أن الحل الوحيد من عند الله ، وأن الطاعة وحدها سبيلنا إلى النصر مع الإعداد المتاح ، ويجب أن تعتقد أن النصر بيد الله وحده ، وأن الله عز وجل ينصر عباده وفق موازين دقيقة جداً ، أبرز هذه الموازين إن تنصروا الله ينصركم ، يجب أن تعتقد أن هناك إنجازات كبرى تحققت ، لكنها ليست مدركةً من قبل عامة المسلمين ، الشيء الذي ندركه القتل والتهديم والإذلال ، لكن وراء هذا وراء هذا صحوة إن شاء الله ، وراء هذا تعاون وتضامن وتكافل إن شاء الله ، وراء هذا اهتمام بالدين ، وراء هذا أخطار يعاني منها الكيان الصهيوني ، مثلاً من مئتين وعشرين مستوطنة في إسرائيل ثمان وثلاثون مستوطنة فارغة تماماً من سكانها ، وقد عادوا إلى مكان جاؤوا منه ، مليون إنسان غادر أرض اليهود عائداً إلى بلاده خوفاً من القتل ، قيمة عملتهم إلى النصف ، سياحتهم إلى الثلث ، طيرانهم إلى النصف ، صناعتهم تراجعت تراجعاً ما شهدوه من أربعين عاماً ، هذا كله في إحصاءاتهم ، فهؤلاء الذين تحركوا وسط فلسطين حققوا نتائج كبيرة أقلقت العدو ، وجعلته يخرج عن طوره .
 أيها الإخوة الكرام ؛ في بعض القصص ورد أن أحد الأنبياء رأى شاةً فقال أصحابه : ما أنتن ريحها ؟ فقال : ما أشد بياض أسنانها .
 هذا درس يعلمنا أن نكشف الإيجابيات في السلبيات ، ونحن حينما نكشف الإيجابيات في السلبيات نتوازن ، نتألم أشد الألم ، نتعاطف أشد التعاطف ، يذوب قلبنا ألماً لما يحدث ، ومع ذلك ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ ﴾

[ سورة النور : الآية 11]

 والتوحيد لا يلغي المسؤولية .

﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

[ سورة النور : الآية 11]

 أخي الكريم ؛ هل من مصيبة أشد من أن تتهم السيدة الأولى عائشة التي أحبها النبي صلى الله عليه وسلم حباً أعرب عنه في حديثه أن تتهم بالزنا ؟ لكن الله يقول :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ ﴾

[ سورة النور : الآية 11]

 لأن الله سمح به ، فهناك حكمة لا نعرفها نحن ، ثم كشفت هذه الحكمة المؤمنين ظنوا بأنفسهم خيراً ، والمنافقون فرحوا بهذه التهمة ، عملية كشف ، وهذا الذي يحدث يكشف ، يكشف أوراق الناس جميعاً يكشف الخونة في فلسطين كيف أنهم يشيرون إلى الأبطال كي يقتلوا ، ولولا الخيانات التي تظهر في المجتمع الإسلامي لما كان الذي كان ، هذا الذي حدث يكشف الأوراق كلها ما من ورقة إلا وقد كشفت ، إذاً حينما يقول الله عز وجل :

﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾

[ سورة آل عمران : الآية 179]

 وهذا الذي يجري هو فرز للناس بين مؤمن صادق له ولاء لدينه وإسلامه وأمته ، وبين خائن له ولاء لأعداء المسلمين .
 أيها الإخوة الكرام ؛ ألا تحب لهذا الدين أن ينتشر في العالم ؟ بدأ ينتشر ، بدأ يلفت الأنظار ، بدأ يقفز إلى بؤرة الاهتمام ، هذا من إيجابيات الذي حدث ، حينما تعيش الإيجابيات والسلبيات تتوازن ، أما حينما تكتفي بالسلبيات تذل ، وتيأس ، وتخنع ودائماً وأبداً أقول : إن كنت موحداً رأيت هذا الذي حدث تسليطاً من الله لحكمة أرادها الله .

 

المصيبة :

 قال تعالى :

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾

[ سورة القصص : الآية 5]

 وإذا كنت بعيداً عن التوحيد قريباً من الشرك الخفي ترى هذا قهراً وإذلالاً ، ونتيجة القهر والإذلال أن تيأس ، ونتيجة التوحيد أن الكرة في ملعبك بالتعبير الحديث ، هناك خلل في حياتنا يجب أن نصلحه ، وحينما يقول الله عز وجل والآية دقيقة جداً :

﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً ﴾

[ سورة القصص : الآية 47]

 كأن الآية يشف منها المعنى التالي أن الله إذا ساق للناس مصيبة عامةً أو خاصة ، فكأنها رسالة من الله عز وجل ، والدليل :

﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة القصص : الآية 47]

 كنت أشرح هذه الآية بالمثل التالي :
 لو أن ابناً صغيراً في الصف الخامس قال لوالده مرةً : لا أحب أن أتابع دراستي ، فقال له الأب : كما تريد ، فنام إلى الظهر ، واستمتع بالرخاء والكسل دون أن يدرس ، دون أن يداوم في المدرسة ، فلما كبر رأى أصدقاءه جميعاً في مناصب مرموقة ، وفي أعمال ، ولهم بيوت ، وزوجات ، ومركبات ، وهو مشرد في الطرقات ، فنقم على والده فقال : لأبيه يا أبت لماذا يوم قلت لك : لا أحب أن أتابع دراستي لم تضربني ، لم تعنفني ، أنت الذي أوصلتني لما أنا فيه ؟ قال تعالى :

﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة القصص : الآية 47]

 والإمام القرطبي في تفسيره يقول :

﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾

[ سورة فاطر : الآية 37]

 أي نذير هذا ؟
 قيل : القرآن .
 قيل : النبي هو النذير .
 قيل : سن الأربعين هو النذير ، وسن الستين هو النذير ، والشيب هو النذير ، والمصائب نذير ، وموت الأقارب نذير ، فالمصائب نذير.
 هناك رسالات مكتوبة ، قالوا :
 قصف يوغسلافيا رسالة أمريكا إلى أوربا .
 وحرب الخليج رسالة أمريكا إلى العالم الثالث .
 وحينما جرى زلزال في تركيا ، وكل شيء أصبح قاعاً صفصفا لا ترى فيه عوجاً ولا أمتا إلا مسجداً ومئذنة عملاقة هذه رسالة من الله أيضاً ، ما كل رسالة مكتوبة ، فالمصائب رسالة من الله ، قال تعالى :

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾

[ سورة القصص الآية : 5-6 ]

الخلاصة :

 أيها الإخوة الكرام ؛ أنت حينما تعمر ، حينما تسهم في إيصال مبلغ من المال إلى هؤلاء بطريقة أو بأخرى ، حينما تجهز غازياً فقد غزوت ، وحينما تخلف غازياً في أهله بخير فقد غزوت ، وحينما تسهم أقول تسهم في بناء عقيدة المسلمين وبناء سلوكهم القويم وتخفيف همومهم الكثيرة ، وحينما تسهم في بناء اقتصادهم وبناء قوتهم فأنت بشكل أو بآخر مجاهد في سبيل الله .
 أيها الإخوة الكرام ؛ نحتاج إلى الصمت وأن يكون مكان الكلام العمل ، نحتاج إلى خدمة تؤديها إلى إنسان ، نحتاج إلى شيء تدفعه من مالك ، نحتاج إلى عمل ، نحتاج إلى فترة صمت طويلة يعقبها إنجازات كبيرة .
 أيها الإخوة الأحباب ، أشياء تعرفونها جميعاً ، جرت ملاسنة في مؤتمر الدول الصناعية بين رئيسة وزراء بريطانيا وبين رئيس أمريكي سابق بماذا هددها ؟ شيء لا يصدق ! هددها بإيقاف حرب إيران والعراق ، بقيت هذه الحرب ثمانية أعوام ، أحرقت الأخضر واليابس ، ذهب من الناس ما يزيد عن مليون ، وتأخرت الدولتان مئتي عام ، بماذا هددها؟ بإيقاف الحرب ، يعيشون على أنقاضنا ، يعيشون على موت أبنائنا ، يعيشون على مآسينا ، يعيشون على ما بيننا من خلافات ، هذه حقيقة يجب أن ندركها .
 أيها الإخوة الكرام ؛ من هذه الإنجازات أن فصائل المقاومة العلمانية أسلمت ، أحد أكبر زعمائها الذي كان علمانياً ، وكلمة علماني ألطف عبارة بديل الإلحاد ذهب إلى بيت الله الحرام ، وحج بيت الله الحرام وقال : أنا مسلم ، والإسلام طريقنا إلى النصر .
 أحد إنجازات الذي حدث أن فصائل المقاومة جميعها قد أسلمت بشكل أو بآخر ، طبعاً على كل صار هناك توحد ، وتعاون ، والله حضرت طعاماً قبل يومين ، وأخ قادم من غزة أنبأني بكلام لا يصدق ، ليس فيها امرأة سافرة ، كلهم في المساجد ، كلهم مبتهلون إلى الله عز وجل ، الحزن خلاق ، الشدة أحياناً تصنع الرجال ، الشدة أحياناً تصنع الأبطال ، الشدة أحياناً تصنع التقارب والحب ، هذه كلها إيجابيات قد لا ننتبه إليها كلها إيجابيات .
 أنا متفائل ، ولست متشائماً ، وقلت لكم مرة ثانية : إن أمد الله بأعماركم سوف ترون أن هذا الذي حدث لابد من أن يحدث ، لأن بعض العلماء يقول ، وأقولها مئات المرات ، لكن تعليقًا عليها : لو أن الذي حدث لم يحدث لكان الله ملوماً ، لو أن الذي حدث لم يحدث لكان نقصاً في حكمة الله عز وجل ، فالله عز وجل لا يسمح أن يقع إلا ما فيه حكمة مطلقة ، فلابد من أن نستسلم لله عز وجل .
 أيها الإخوة الكرام ؛ أنا أدعوكم من هذه الخطبة إلى التفاؤل ، وإلى أن تكون هذه الآية شعاراً لنا :

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة البقرة : الآية 216]

 يعني ذكرت لكم أن هؤلاء الأبطال نقلوا المعركة إلى أرض الثامن والأربعين هم حددوا أرض المعركة ، وهذا في الحرب مهم جداً ، أن تحدد أنت أرض المعركة ، وهذه الأخبار التي نسمعها بعضها غير صحيح ، وبعضها مكذوب ، وهناك إعلام مضلل لا ينبغي أن نكون نحن ضحيةً له .
 أيها الإخوة الكرام ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، و اعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، و سيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، و عمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها ، و تمنى على الله الأماني ، و الحمد لله رب العالمين .

 

***

 

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

النصر لا يتنزل إلا على من يستحقه :

 أيها الإخوة الكرام ؛ كم الأخبار يفوق حد الخيال حول الذي يجري في الأرض المحتلة ، ولكن اخترت منها خبرين أسوقهما لكم ، الخبر الأول مع أنه مفرح لكنه محزن قال : أعلنت سلسلة متاجر نرويجية عملاقة أنها ستقاطع المنتجات الإسرائيلية على خلفية التصعيد الإسرائيلي الخطير في الأيام الماضية ، إذ أعلنت إدارة هذه المتاجر اليوم الخميس أنها ستمتنع عن بيع السلع الإسرائيلية لزبائنها ، وهذه المتاجر توفر ربع الاستهلاك اليومي لعدة دول حولها ، الربع ، ومع ذلك امتنعت عن بيع المنتجات الإسرائيلية ، النرويج هذا الخبر مفرح أم محزن ؟
 يقول مدير هذه الشركة العملاقة : رأينا أن سلوك إسرائيل يجب أن يعاقب ، وذلك له مضاعفات على مشترياتنا ، وتتركز واردات السلسلة النرويجية من الدولة العبرية على البرتقال في المقام الأول .
 الخبر الثاني أن بلداً إسلامياً عربياً في الخليج لا أسميه في احتفال يضم طلاب المرحلة الثانوية والجامعية حضره ثمانية سفراء ، وفيهم السفير الأمريكي طلب هذا السفير أن يقف الناس جميعاً دقيقة صمت حداداً على ... هنا المفاجأة .. على القتلى اليهود ، طبعاً لم يستجب الطلاب قام عشرون طالباً فقط من أربعمئة وخمسين .
 ولكن هذه الأخبار كأنها خنجر يطعن بالصدر ، ألسنا أولى لأن نقاطع بضائعهم نحن ؟ ألسنا أولى أن نقاطع أي اتصال بهم ؟
 أيها الإخوة الكرام ؛ هناك أخبار سارة ، وهناك أخبار مؤلمة على كل كما قلت في مقدمة الخطبة يجب أن نصحو ، يجب أن نعيد حساباتنا ، وأن نعيد ترتيب أوراقنا ، وأن نعيد نظام حياتنا ، وأن نجرد معتقداتنا ، لا نعتقد إلا ما هو في الكتاب والسنة ، يجب أن نجرد أنماط سلوكنا ، الأمر خطير يعني شاعر في الثامنة والأربعين عام ألف و تسعمئة وثمانية وأربعين قال :
أمامك أيها العربي يوم تشيب لهوله سود النواصي
في الثامنة والأربعين نحن في الألفين واثنين .

 

أمـامك أيها العربي يـــوم  تشيب لهوله سود النواصــي
و أنت كما عهدك لا تبالــي  بغير مظاهر العـبث الرخاص
فلا رحب القصور غداً بـاق  لساكنها ولا ضيق الخـصاص

 من الخطأ الكبير أن تعتقد أن أهدافهم تنتهي عند حد ، لا تنتهي عند حد ما لم نتعاون جميعاً ، ما لم نقف وقفةً مؤمنةً ، طبعاً هناك خطب كثيرة جداً حدثتكم عن طريق الخلاص ، أن نعود إلى الله ، أن نصطلح معه ، الله عز وجل لا يرضى عنا إن أعلنا إسلامنا ، ولا إن تعاطفنا مع أشقائنا لا يرضى عنا إلا إذا اتبعنا منهجه عندئذ نستحق النصر لا نستحق النصر إلا إذا اتبعنا منهجه ، من نحن أمام أصحاب رسول الله ، وهم نخبة البشر لم ينتصروا في أحد ، من نحن أمام أصحاب رسول الله ؟ لم ينتصروا في حنين ، وارتكبوا خطأً بخطأ ، خطأ سلوكي وخطأ اعتقادي ، فإذا كان في حياتنا مليون خطأ وخطأ ، مليون خطأ اعتقادي ومليون خطأ سلوكي وخيانات ، وتقصير وإرجاء والانتماء الفردي هناك أخطاء لا تعد ولا تحصى لذلك النتائج طبيعية جداً ، أما أن تقول ماذا أفعل ؟ قل ماذا أفعل أنا وحدي ، ماذا أفعل أنا وحدي ؟ بإمكانك أن تفعل كل شيء أدِ الذي عليك واطلب من الله الذي لك بإمكانك أن تفعل كل شيء يكفي أن تربي أولادك يكفي أن تتقن عملك يكفي أن تؤدي عباداتك يكفي أن تعاون إخوانك المؤمنين ، يكفي أن تحمل همومهم يكفي أن تقدم ما تستطيع رب درهم سبق ألف درهم رب درهم سبق مئة ألف درهم ، كل شيء يمكن أن تفعله .
 أيها الأخ الكريم ، حاول أن تصمت وأن تعمل ، حاول أن تدع الكلام ، لأن هذا الكلام ما فعل معنا شيئاً ما قدم شيئاً لو استنكرت ، ولو شجبت ، ولو شددت على كذا ولو حملت الدولة الفلانية المسؤولية ، ولو أن هؤلاء خرقوا الشرعية الدولية كلام لا معنى له ، الكلمة إذا كثر استعمالها فقدت مضمونها كلام لا معنى له إطلاقاً ، ينبغي أن نعمل ، والمتاح أمامك أشياء لا تعد ولا تحصى أبدأ ، من بيتك إلى عملك ، إلى علاقاتك ، إلى أفراحك ، إلى أتراحك ، عاون ، ساهم ، ضحِ ، هذا كله بإمكانك أن تفعله وأنت في بيتك ، وأنت في بلدك ، ومع أنه لم يتح لك أن تقاتل مع من يقاتل .
 فيا أيها الإخوة الكرام ؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الكلمات بليغات في نفوس الإخوة المستمعين ، وأن تنقلهم من القناعة إلى الفعل من القناعة إلى الإرادة من التحسر إلى الحركة ، والإسلام حركي ، ليس في الإسلام سكون ، ليس في الإسلام إعجاب نظري تقديرًا لما يقال ، والفعل معدوم .
 يا أيها الإخوة الكرام ؛ نحن في خطر ، نحن في مسألة يعبر عنها الأجانب نكون أو لا نكون ، نحن في خيار صعب ، لأن العدو يستهدف كل شيء ، لأننا نتصارع مع عدو يندرج صراعنا تحت صراع الحق والباطل .
 أيها الإخوة الكرام ؛ اعتقدوا معي جازمين : مستحيل وألف ألف مستحيل أن يتنزل نصر على مقصرين ، النصر لا يتنزل إلا على من يستحقه ، فإذا تفضل الله علينا وتجاوز عن بعض أخطائنا هذا سماه العلماء نصراً تفضلياً ، وليس نصراً استحقاقياً ، أما إذا ابتعدنا عن الله نحن والطرف الآخر فالنصر للأقوى والمعركة مع الطرف الآخر بميزان القوى ليست رابحة ، لكن بميزان الإيمان رابحة .
 هذه حقائق سامحوني إن كررتها كثيراً ، سامحوني إن أعدتها كثيراً لكن ليس أمامنا غيرها.

 

 

الدعاء:

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، و تولنا فيمن توليت ، و بارك اللهم لنا فيما أعطيت ، و قنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك و رحمتك أعل كلمة الحق و الدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين و أذل الشرك و المشركين ، خذ بيد ولاتهم إلى ما تحب و ترضى ، إنك على ما تشاء قدير و بالإجابة جدير .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور