وضع داكن
28-03-2024
Logo
حقائق الإيمان والإعجاز - الدرس : 25 - خرق النواميس ـ المعجرة والإعجاز ـ الإسراء والمعراج
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الإسراء والمعراج خرق لنواميس الكون:

أيها الأخوة الكرام، الليلة ليلة الإسراء والمعراج، ويمكن أن نتحدث من خلال حقائق الإيمان عن خرق النواميس، فالإسراء والمعراج خرق لنواميس الكون بحسب قوانين الحركة، والسرعة، وخصائص الإنسان، أن يغادر النبي عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وأن يعرج إلى السماوات العلا حتى يبلغ سدرة المنتهى، ويعود وفراشه لا يزال ساخناً، هذا بخلاف نواميس الكون، لذلك قال تعالى:

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾

( سورة الإسراء )

فحينما قال الله عز وجل: سبحان أي أن هذا الذي ذكره القرآن الكريم خارج عن أنظمة الكون، والشيء الواضح أن الذي قنن القانون يلغي القانون، الله عز وجل هو المقنن، قانون الحركة قننه الله، فالذي قنن يلغي القانون، فانتقل النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس إسراءً، ومن بيت المقدس إلى سدرة المنتهى عروجاً، فالإسراء والمعراج خرق لنواميس الكون، هذه واحدة، لكن هذه المعجزة غير مألوفة عادة لكنها مقبولة عقلاً، العقل يقبلها لأنها من صنع خالق الكون، الله عز وجل يقول: كن فيكون، فاختار للنبي الكريم أن ينتقل على البراق من مكة إلى بيت المقدس، واختار له أن ينتقل كأي إنسان من مكة إلى المدينة، فاضطر أن يغادر ليلاً، وأن يتجه نحو البحر، وأن يقبع في غار ثور أياماً ثلاثة، وأن يختار خبيراً في الطريق رجح فيه الخبرة على الولاء، وبقي أياماً طويلة دمه مهدور، ومئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، الله عز وجل لحكمة أرادها نقله نقلة بخلاف قوانين الكون من مكة إلى بيت المقدس، وعرج منها إلى السماء، واختار له أن يكون كأي إنسان ينتقل من مكة إلى المدينة المنورة مهاجراً.

 

الفرق بين القوانين وبين خرق القوانين:

أول شيء: يجب أن نفرق بين القوانين وبين خرق القوانين، معجزات الأنبياء أساسها خرق القوانين، ذلك لأن الله عز وجل حينما يرسل رسولاً ومعه منهج يقول للناس: أنا رسول الله، المنهج الذي معه فيه افعل ولا تفعل.
هناك تعليق دقيق جداً ؛ الشرائع الأرضية لا يوجد فيها منهج، ليس فيها حرام إنما يوجد بها ولاء فقط، الولاء سهل، يقول لك: الدين الفلاني في الهند تسعمئة مليون، الدين الفلاني مئتي مليون، هذا الانتماء لدين أرضي ببساطة لا يوجد عبادات، فيه تمتمات، وحركات، وسكنات ليس لها معنى، و العلماء يسمونها طقوساً، الطقس ليس له معنى أما العبادة لها معنى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾

( سورة التوبة الآية: 103 )

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾

(سورة البقرة)

الصيام معلل بالتقوى، والزكاة معللة بالتطهير والتزكية، والحج: 

﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ (97) ﴾

(سورة المائدة)

والشهادة من أجل أن تكف عن محارم الله، والصلاة من أجل الصلة: 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ (45) ﴾

( سورة العنكبوت)

نحن عندنا عبادات، العبادات معللة بمصالح الخلق، الشريعة عدل كلها، رحمة كلها، مصلحة كلها، حكمة كلها، أي قضية خرجت من العدل إلى الجور، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن الحكمة إلى خلافها، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل.

 

المعجزة التي يأتي بها الأنبياء هي شهادة من الله لقوم النبي أنه رسوله:

النقطة الدقيقة أيها الأخوة الكرام، الله عز وجل حينما أرسل نبياً أو رسولاً معه منهج، فيه ممنوعات، و فيه محرمات، هذا المنهج لا يروق للناس، إنسان أَلِفَ الزنا، الزنا محرم، فلما تعارض منهج الله مع شهوات الناس، الموقف الطبيعي السهل تكذيب النبي:

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾

( سورة الرعد الآية: 43 )

كيف يشهد الله لهذا النبي أنه رسوله أو أنه نبيه ؟ الطريقة الوحيدة يجري على يديه خرقاً للنواميس، سيدنا إبراهيم الله عز وجل سمح للكفار أن يقبضوا عليه، كان من الممكن ألا يسمح بذلك، وسمح لهم أن يضرموا ناراً عظيمة، كان من الممكن أن يأتي بأمطار غزيرة تطفئ هذه النار، و لكنه سمح لهم أن يقبضوا عليه، وسمح لهم أن يضرموا ناراً عظيمة، ويلقوه فيها: 

﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )

عدم احتراق هذا النبي الكريم شهادة الله لهؤلاء البشر أنه رسوله، المعجزة التي يأتي بها الأنبياء هي في الحقيقة شهادة من الله لقوم النبي أنه رسوله، لذلك الله عز وجل كلف الأنبياء أن يتحدوا الآخرين بالمعجزات، لأن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم، فالمعجزة خرق للنواميس، و هناك فرق كبير جداً بين المعجزة وبين الإعجاز، المعجزة لا تخضع لقوانين الأرض، هي خرق لنواميس الكون.

﴿ سُبْحَانَ ﴾

كلمة سبحان أي هذا الذي ستقرأه غير خاضع لقوانين الكون:

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾

معجزة النبي هي القرآن و هي معجزة مستمرة لأنه رسول للعالمين:

الآن بعد أن تقدمت البشرية، الكون بوضعه الراهن من دون خرق لنواميسه هو أكبر معجزة، مع التقدم العلمي صار الكون من دون أن تخرق نواميسه هو معجزة، مع الضعف العلمي السابق الشيء الذي يلفت النظر خرق نواميسه، سيدنا موسى:

﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ( 107)وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ (108)﴾

(سورة الأعراف )

سيدنا صالح أخرج من الجبل ناقة، المعجزات الحسية التي جاء بها الأنبياء هي شهادة الله لخلقه أن هذا الإنسان نبي، ورسول، وصادق، هذه فلسفة المعجزة، لكن الإسراء والمعراج هي معجزة للنبي الكريم، لم يره الناس لكنهم تحققوا من صدقها، فالنبي وصف بيت المقدس، وصف من في الطريق، فلما وصلت القوافل إلى مكة، وحدثوا أهل مكة، فجاء وصف النبي لهم مطابقاً تطابقاً تاماً.
النقطة الدقيقة الدقيقة أن هؤلاء الأنبياء والمرسلين جاؤوا بالمعجزات الحسية، وقد رآها أقوامهم، وصدقوها، لكن هذه المعجزة الحسية هي بالحقيقة كتألق عود الثقاب، تتألق هذه العود وتنطفئ، تصبح خبراً، يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه، إلا أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، لأن بعثته لكل البشر أجمعين، لأن كتابه خاتم الكتب، يوم كان النبي لقومه فقط المعجزة الحسية كافية، أما حينما أصبح هذا النبي الكريم لكل الأمم والشعوب، وأصبح كتابه الكتاب الخاتم، فلا بدّ من معجزة مستمرة، أن يلقي عصاه فإذا هي ثعبان مبين، هذه حادثة وقعت، وانتهت، وأصبحت خبراً، المؤمن يصدقها، وغير المؤمن لا يصدقها، أما حينما جاء النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ للبشر أجمعين رسالته هي الخاتمة، وكتابه هو الخاتم، لا بدّ من معجزة مستمرة، هي الإعجاز العلمي.

 

المعجزة والإعجاز:


القرآن الكريم أشار إلى قضايا لم تكتشف إلا بعد ألف عام، أعتقد بالتسعينات أو بأقل من التسعينات عندما أرسل الإنسان مركبة إلى القمر، هذه المركبة التي أرسلت إلى القمر رائد المركبة في أثناء حركة المركبة إلى القمر صاح بأعلى صوته: ـ وسمع هذا الكلام أحد كبار علماء الفلك المسلمين ـ قال: لقد أصبحنا عمياناً، كان يرى فإذا هو لا يرى، ما الذي حصل ؟ كان يرى من الأرض حتى تجاوز طبقة الهواء، فلما تجاوز طبقة الهواء ما الذي حصل ؟ توقف انكسار الضوء، لأن أشعة الشمس حينما تسلط على ذرات الهواء، ذرات الهواء تعكسها على ذرات أخرى، فأنت في الأرض هناك مكان فيه أشعة الشمس، وهناك مكان فيه ضوء الشمس، بيت ترى فيه كل شيء لكن لا يوجد أشعة الشمس، من أين جاء هذا الضوء ؟ هذا الضوء هو منعكس ذرات أصابتها أشعة الشمس، فعكستها على ذرات أخرى، هذه الحادثة اسمها انتثار الضوء، فلما تجاوز رائد الفضاء طبقة الهواء رأى ظلاماً دامساً فقال بأعلى صوته: لقد أصبحنا عمياناً لا نرى شيئاً، تفتح القرآن الكريم الذي نزل قبل ألف وأربعمئة عام قال تعالى:

﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) ﴾

(سورة الحجر)

أن تأتي آية تشير إلى حقيقة علمية كشفت بعد ألف عام هذا اسمه إعجاز علمي، الإعجاز العلمي وفق نواميس الكون، أما المعجزة بخلاف نواميس الكون، المعجزة خرق لنواميس الكون، أما الإعجاز سبق، إشارة سابقة لاكتشاف هذا القانون، هذه واحدة.

 

الكون معجزة من معجزات الله تعالى:

أنا أضعكم بموضوع دقيق ؛ ما جاء به الأنبياء من خرق لنواميس الكون، ومنه الإسراء والمعراج هذا خرق لنواميس الكون، ولا يخضع أبداً لقوانين الكون، لكن الآن بعد أن اكتشف الإنسان هذه القوانين صار نضجه العقلي يؤهله أن يرى هذا الكون بوضعه الراهن هو المعجزة، أحياناً هناك بطاقة ـ صدق ولا أبالغ ـ لا تتجاوز ثلاثة ميليمتر توضع في الكومبيوتر، فيها معلومات بمئات الألوف، كتب بأكملها، كيف استوعبت هذه البطاقة هذه الكتب ؟ الآن هناك تطور، الآن الكون بوضعه الراهن معجزة.
لكل شعرة وريد، وشريان، وعصب، وعضلة، وغدة صبغية، وغدة دهنية. بالدماغ جهاز يحسب تفاضل وصول الصوتين إلى الأذنين، من أجل أن تعرف جهة الصوت، التفاضل واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية، مثلاً تركب طائرة حديثة جداً كأنها مدينة في الجو، مقاعد وثيرة، أحياناً تنام نوماً كاملاً، المقعد يصبح سريراً كاملاً مستوياً، طعام، وشراب، وترفيه، ومحطات، وانترنيت، تقرأ القرآن الكريم:

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا (8) ﴾

( سورة النحل)

لكن هو الآن يركب طائرة، فرق كبير جداً، 

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً (8) ﴾

لكن لأن هذا القرآن كلام الله، ولأن الله علم ما كان، وما يكون، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، يقول تعالى:

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) ﴾

( سورة النحل)

دخل فيها الطائرة، والحوامة، واليخت، والقطار، والسيارة، كلام خالق الكون، هذا اسمه إعجاز علمي، أي سبق علمي، لو أن الآية تنتهي بكلمة، 

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً (8) ﴾

هذا ليس كلام الله عز وجل، لأنه كلام الله جاء التعقيب:

﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) ﴾

( سورة النحل)

المعجزة الأولى للنبي عليه الصلاة والسلام هي الإعجاز العلمي:

أيها الأخوة الكرام، محطة فضائية كبيرة جداً، وكالة فضاء، أول وكالة في العالم عرضت صورة لوردة جورية، وردة جورية بكل ما لهذا الكلام من معنى، وردة حمراء داكنة، ووريقات خضراء زاهية، كأس أزرق في الوسط، هذه الوردة في الحقيقة ليست وردة جورية إنها انفجار نجم اسمه عين القط، يبعد عنا ثلاثة آلاف سنة ضوئية، تفتح القرآن الكريم:

﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) ﴾

( سورة الرحمن)

شيء عجيب أحدث كشف يقابله آية قبل ألف وأربعمئة عام، هذا اسمه إعجاز علمي، لذلك المعجزة الأولى للنبي عليه الصلاة والسلام هي الإعجاز العلمي، إشارات كثيرة إلى حقائق علمية كشفت الآن، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك قبل ألف وأربعمئة عام.

 

من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم:

 

1 ـ توجيه أصحابه بعدم قطع رأس الدابة عند ذبحها:

أول فكرة: لعلي استطعت أن أبين لكم الفرق بين المعجزة التي هي خرق لنواميس الكون، وبين الإعجاز الذي هو سبق علمي، أي القرآن الكريم سبق اكتشاف هذه القوانين بألف عام تقريباً، أو ألف ومئتي عام، أوضح مثل أن النبي عليه الصلاة والسلام نهانا أن نقطع رأس الدابة أثناء ذبحها، لماذا ؟ طبعاً يقينكم جميعاً وأنا معكم أن كلام النبي عليه الصلاة والسلام ليس من اجتهاده، ولا من ثقافته، ولا من معطيات عصره، ولا من معطيات البيئة، وحي يوحى، يقول لك النبي عليه الصلاة والسلام: إذا ذبحت الدابة لا تقطع رأسها أبقِ رأسها موصولاً، الآن اكتشف أن القلب لأنه عضو نبيل جداً، ولأن حياة الجسم متوقفة عليه، القلب له مركز كهربائي خاص، يتلقى التنبيه الكهربائي من ذاته، لأنه عضو خطير لو توقف القلب لانتهت حياة الإنسان تماماً، كما لو أن هناك مستشفى لإجراء عمليات قلب مفتوح، ليس من المعقول أن تعتمد هذه المستشفى على كهرباء الشبكة العامة، مريض مفتوح قلبه موصول دمه على قلب صناعي، الكهرباء انقطعت مات المريض، لا يوجد في الأرض مستشفى إلا وعندها مولدة خاصة، أخطر شيء عمليات القلب، القلب مفتوح، ويغيّر الدسام، والعملية ست ساعات، والقلب موصول بقلب صناعي، فلو تعطلت الكهرباء يموت الإنسان.
إذاً أي مستشفى تجري عمليات قلب مفتوح تحتاج إلى مولدة، ولأن القلب أخطر عضو في الإنسان لو توقف لانتهت حياة الإنسان، فعنده مولدة خاصة، يتلقى الأمر الكهربائي من ذاته، الأغرب من هذا هناك مركز ثان كاحتياط لو تعطل الأول لعمل الثاني، و هناك مركز ثالث لو تعطل الثاني عمل الثالث، هذا المركز يعطي النبض النظامي المقدر بثمانين نبضة، أحياناً الإنسان يقيس نبضه فيجده مئة وثلاثين، مئة وأربعين، إذا كان راكضاً يقدر نبضه بمئة وستين، إذا في جهد عند الطبيب مئة وثمانين، فالنبض الطبيعي للقلب يقدر بثمانين نبضة، من أين جاءت هذه النبضات العالية ؟ هناك آلية معقدة جداً حتى أوضحها سأورد لكم هذا المثال: إنسان يمشي في الطريق، رأى ثعباناً، هذه الصورة طبعت على الشبكية إحساساً، الشبكية لا تقرأ الصورة تنقل هذه الصورة إلى الدماغ إلى مركز الرؤية، تقرأ في ضوء ملفات الثعبان، سمع كم قصة من جدته، رأى ثعابين محنطة، وقرأ في كتاب العلوم عن لدغة الثعبان القاتلة، ملف الثعبان بالدماغ، هذه الصورة تقرأ في الدماغ بمعاونة ملف الثعبان، الدماغ رأس الجهاز العصبي يدرك أن هناك خطر الموت، وهناك ملكة زميلته اسمها الغدَّة النخاميَّة، وزنها نصف غرام و الغدد تحت تصرفها، غدة الكظر تحت تصرفها، الغدة التي في الرقبة تحت تصرفها، أكثر الغدد تحت سيطرتها، الغدَّة النخاميَّة ترسل رسالة هرمونية إلى الكظر أن هناك خطر عليك مواجهته ، هذا الكظر كوزير الداخلية يرسل خمسة أوامر فورية، أول أمر يرفع نبض القلب إلى مئة وثمانين، هناك مشكلة، هناك خوف يحتاج إلى جهد، عند الخطر يرتفع النبض، أي رياضة إذا النبض لم يرتفع إلى مئة وأربعين لا يوجد جدوى من هذه الرياضة، تحتاج إلى جهد، ففي الجهد كصعود الدرج، أو الجري، أو الخوف يرتفع النبض، أول أمر برفع النبض إلى مئة وثمانين، أمر للرئتين بازدياد وجيبهما فالخائف يلهث، يعطي أمراً ثالثاً للأوعية المحيطة بالجسم فتضيُّق لمعتها، والخائف يصفر لونه، يعطي أمراً رابعاً للكبد بإطلاق كمية سكر إضافية احتياطية، فإذا فحصنا دم إنسان خائف نجد أن هناك ثلاثمئة ميليغرام سكر زيادة بدمه، الأمر الخامس يفرز هرمون التجلط، هرمون التجلط يجعل الدم لزجاً، للدم صفتان بين أن يكون مائعاً كالماء، وبين أن يكون جامداً كالقطر، عند الأزمات هرمون التجلط يفرز مادة يجمد الدم، هذا كله حصل بثوان.
الآن لماذا أمر النبي أصحابه ألا يقطعوا رأس الدابة، لأن القلب في الدابة له مهمة خطيرة هي: بعد الذبح إفراغ الدم كله، فلو قطع رأس الدابة لتعطل الأمر الاستثنائي الذي يرفع النبض إلى مئة وثمانين، و يبقى القلب على ثمانين نبضة، والثمانين نبضة لا تخرج الدم كله، فلو قطعنا رأس خروف نجد لونه أزرقاً لأن نصف الدم لا يزال بجسمه، فليخرج الدم كله لا بدّ من نبض مئة وثمانين، والنبض مئة وثمانين لا بد من تشغيل الجهاز الاستثنائي، هو العين، والدماغ، والغدة النخامية، والكظر، والأوامر، هذا من الإعجاز.

2 ـ ثبات كمية الأمطار في العالم:

 هناك إعجاز من السنة، النبي عليه الصلاة والسلام له أحاديث مذهلة، مثلاً الآن بالعالم كله الأمطار تقاس

  يمكن أن تفتح نشرة ببلدنا الطيب، تجد كل مدينة، كل قرية، كم ميليمتر نزل فيها 

لو جمعنا هذه المليمترات على مدى العام في القطر كله لوجدنا أن كمية الأمطار الهاطلة من السماء على مدى التاريخ ثابتة لا تزيد ولا تنقص

  ولكن توزع، مرة يكون هناك جفافاً بأوربا، مرة بآسيا، مرة بإفريقيا، مرة بالشرق الأوسط، الجفاف والفيضانات تتوزع

  أما مجموع التهطال العام لا ينقص ولا يزيد، كيف قال النبي الكريم:

(( ما عام بأمطر من عام ))

[ الجامع عن ابن مسعود]

 بعد وجود الأجهزة، والمقاييس، والتقنية العالية جداً، الآن اكتشفنا من خلال أجهزة قياس المطر أن الأمطار ثابتة 

 النبي قال:

(( ما عام بأمطر من عام ))

[ الجامع عن ابن مسعود]

 الآن الربع الخالي صحراء 

 أثناء الحفريات في الربع الخالي وجدنا مدناً و بساتين، الربع الخالي كان مروجاً وأنهاراً، هذا شيء عُرف بالمستحاثات

  تدمر مدينة كلها أشجار وأنهار، الآن صحراء

  ماذا قال النبي الكريم ؟

(( لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ))

[ حديث صحيح أخرجه مسلم ]

شهادة الله للنبي الكريم هي هذه الآيات التي تتحدث عن الكون:

الإعجاز العلمي غير المعجزة، المعجزة خرق لنواميس الكون، والإعجاز سبق علمي فقط.
أيها الأخوة، الإسراء والمعراج معجزة، هي خرق لنواميس الكون، ولكن الإشارات التي تقترب من ألف إشارة في القرآن الكريم إشارات سبق وقوعها بألف سنة، أو أكثر، هذا اسمه إعجاز علمي.
على كلٍّ: شهادة الله لهذا النبي الكريم، لسيد الأنبياء والمرسلين، هي هذه الآيات التي تزيد عن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون.

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:

 

1 ـ لكل بحر خصائص يتميز بها و لا يمكن أن تنتقل مياه بحر إلى بحر آخر:

أيها الأخوة لو تابعنا الموضوع العلمي:

 

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾

( سورة الرحمن)

حينما صعد الإنسان إلى الفضاء الخارجي، وصور الأرض، وجد خطاً بين كل بحرين، هو ليس خطاً، الحقيقة تباين لونين، بين الأبيض والأطلسي خط عند جبل طارق، وبين البحر الأسود والبحر المتوسط خطٌّ عند البوسفور، الأسود والبيض والأحمر والعربي والأطلسي والمحيط الهادي، بين كل بحرين هناك خط هذا الخط تباين لونين، أحد كبار علماء البحار ـ ألماني الجنسية ـ درس الظاهرة عشر سنوات، مرة جاء بكميات كبيرة من قصاصات الورق ووضعها في باب المندب، لم تنتقل إلى البحر العربي إطلاقاً، كأن هناك جداراً، هذا الجدار عندي له صور دقيقة جداً، ما هذا الجدار ؟ هذا الجدار يؤكد أن مياه البحر الأحمر لا يمكن أن تختلط بمياه البحر العربي، ومياه البحر الأحمر لا يمكن أن تختلط بمياه المتوسط، والمتوسط لا يختلط بالأطلسي، وهكذا، الآية:

 

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) ﴾

( سورة الرحمن)

هذه الآية حيرت عقول العلماء سابقاً، الآن كشفت أن كل بحر له مكونات، له ملوحة، له كثافة، له درجة حرارة، كل خصائص البحار تتميز بها، ولا يمكن أن تنتقل مياه بحر إلى بحر آخر.

2 ـ النبع كأنه جدار بين المياه المالحة والمياه العذبة وهذا من إعجاز القرآن الكريم:

عندنا شيء آخر:

﴿ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)﴾

( سورة الفرقان)

الآن يوجد ينابيع مياه عذبة في البحار، في الخليج، تذهب القوارب إلى تعبئة المياه العذبة من البحر، هذا النبع يخرج من قاع البحر، النبع كأنه جدار بين المياه المالحة والمياه العذبة، عندنا في الساحل عدة ينابيع في البحر، فهذا من إعجاز القرآن الكريم:

 

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) ﴾

( سورة الرحمن)

3 ـ العمق يؤكد كروية الأرض:

هذه الكرة، الأرض كرة قال تعالى:

 

﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

( سورة الحج )

هو المعنى بعيد، أما على الكرة جاء عميق، لماذا ؟ لأن الكرة البعد فيها يمثل عمقاً، وليس خطاً مستقيماً، الخطوط على الكرة فيها أعماق، فقال تعالى:

 

﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾

( سورة الحج )

لم يقل: بعيد، بعيد الخط مستقيم، أما عميق الخط منحن، هذه إشارة.

4 ـ دوران الأرض:

مثلاً: 

﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40) ﴾

( سورة يس)

هذه الذرة أي شيء تقع عينك عليه يدور بدءاًً من الذرة وانتهاءً بالمجرة، قال تعالى:

﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40) ﴾ 

 

5 ـ علم الأجنة:

علم الأجنة الآن متطور تطوراً مذهلاً اكتشف أن الذي يحدد جنس الجنين ذكراً كان أو أنثى ليس البويضة لكن الحوين المنوي، قال تعالى: 

﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى(45)مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46) ﴾

( سورة النجم )

ما قال من بويضة، تجد بعلم الأجنة إشارات دقيقة جداً، القرآن سبق.

6 ـ تشكل العظام أولاً ثم اللحم:

 هناك عالم كبير بريطاني مختص بعلم الأجنة، دخل مرة إلى قاعة التدريس، وقال كلمة فيها كبر كبير، قال: أنا اكتشفت حقيقة البارحة لم أسبق إليها، اكتشفت أن العظام تتشكل أولاً

  ثم اللحم ثانياً، بخلاف ما هم عليه العلماء في العالم، العلماء يتوهمون أن اللحم أولاً ثم العظم ثانياً،

  أحد طلابه باكستاني الأصل رفع يده و قال له: هذا الذي تقوله مذكور بكتابنا المقدس، فغضب، وزمجر، وتوعد، قال: ائتني به، و في اليوم الثاني جاء بالتفسير باللغة الإنكليزية:

 

﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14) ﴾

 

(سورة المؤمنون)


  هذا الدكتور اخذ هذه الحقيقة التي اكتشفتها الآن فوجد أن القرآن ذكرها قبل ألف وأربعمئة عام. 

والله هناك أشياء يا أخوان بالقرآن الكريم إشارات مذهلة بكل المعاني تقريباً، فلذلك نحن في مناسبة الإسراء والمعراج نفرق بين المعجزة التي هي في الأصل خرق لنواميس الكون 

 وبين الإعجاز العلمي الذي هو سبق علمي، يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، 

 تطابق الكون مع القرآن عجيب.

7 ـ تداخل الليل و النهار:

مثلاً: 

﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ (3) ﴾

(سورة الرعد)

لا يوجد غير شكل هندسي واحد الخطوط تستمر عليه هو الكرة، أما المكعب فيه حرف، المثلث، الموشور، الأسطوانة فيها حرف، أي شكل هندسي على الإطلاق فيه حروف إلا الكرة:

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ (3)

(سورة الرعد)

الآن متى يتداخل الليل والنهار أو متى يتداخل الظلام والنور ؟ آتي بمنبع ضوئي بلورة، ائت بأي شكل هندسي إذا كان مكعباً ودوره يأتي النور فجأةً فيه حرف، إلا الكرة يتداخل النور مع الظلام:

 

﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾

( سورة لقمان الآية: 29 )

تجد بين المغرب والعشاء يوجد تداخل، المغرب النور غالب كلما الساعة تقدمت يصبح الظلام غالباً، بالعشاء شفق أحمر غابت الشمس كلياً، بين الفجر والشمس أيضاً يوجد تداخل، فتداخل الليل والنهار دليل أن الأرض كروية.
إذاً نجد إشارات دقيقة جداً في القرآن، هذا كله سبق علمي، والذي حصل للنبي الكريم هو معجزة فيها خرق لنواميس الكون.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور