- ٠5كتاب ومضات في الإسلام
- /
- ٠02الباب الأول - موضوعات معاصرة
عبدُ اللهِ بن رواحةَ، صحابيٌّ جليل، القائدُ الثالثُ في معركةِ مؤتةَ ؛ ففيما تروي بعض السيرُ، حين قُتل زيدٌ، القائدُ الأولُ، ثم قُتل جعفرُ، القائدُ الثاني، وجاء دورُه في القيادة، وكان شاعراً، تردَّد قليلاً في حَمْلِ الراية، وقال هذين البيتين:
يا نفسُ إلاّ تُقْتَلي تَمُـوتِي هذا حِمَامُ الموتِ قدْ صَلِيتِ
وما تمنَّيتِ فقد لقِيـــتِ إنْ تفْعلِي فِعْلَهُمَا هُدِيــتِ
* * *
ثم أخَذَ الرايةَ، وقاتلَ بها حتى قُتِلَ، وكان النبيُّ عليه الصلاة والسلام مع أصحابه فقال:
(( أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيداً، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرُ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيداً، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيداً، لَقَدْ رُفِعُوا لِي فِي الْجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَأَيْتُ فِي سَرِيرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ، فَقُلْتُ: بِمَ هَذَا ؟ فَقِيلَ لِي: مَضَيَا وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَعْضَ التَّرَدُّدِ وَمَضَى))
قرأتُ البيتين، وعددتُ الزمنَ، فكان الزمنُ عشرَ ثوانٍ فقط.
أرأيتم أيها الأخوة إلى هذا التردُّدِ الذي لا يزيد عن عَشْرِ ثوانٍ، كيف أنّه هَبَطَ بمنزلةِ صاحبِه في الجنة، مع أنّه بَذَلَ حياتَه في سبيل الله، إنَّ هذه القصة إنْ صحَّتْ تؤكِّد قيمةَ الوقتِ في حياة المسلم.